এহইয়া উলুম আদ-দিন

ربع العادات

كتاب آداب الألفة والأخوة والصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق

পৃষ্ঠা - ৫১৭
كِتَابُ آدَابِ الْأُلْفَةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالصُّحْبَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ مَعَ أصناف الخلق وهو الكتاب الخامس من ربع العادات الثاني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي غمر صفوة عباده بلطائف التخصيص طولاً وامتناناً وألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخواناً ونزع الغل من صدورهم فظلوا في الدنيا أصدقاء وأخداناً وفي الآخرة رفقاء وخلاناً والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه واقتدوا به قولاً وفعلاً وعدلاً وإحساناً أما بعد فإن التحاب في الله تعالى والأخوة في دينه من أفضل القربات وألطف ما يستفاد من الطاعات في مجاري العادات ولها شروط بها يلتحق المتصاحبون بالمتحابين في الله تعالى وفيها حقوق بمراعاتها تصفو الأخوة عن شوائب الكدورات ونزغات الشيطان فبالقيام بحقوقها يتقرب إلى الله زلفى وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلى ونحن نبين مقاصد هذا الكتاب في ثلاثة أبواب الباب الأول في فضيلة الألفة والأخوة في الله تعالى وشروطها ودرجاتها وفوائدها الباب الثاني في حقوق الصحبة وآدابها وحقيقتها ولوازمها الباب الثالث في حق المسلم والرحم والجوار والملك وكيفية المعاشرة مع من قد بلي بهذه الأسباب الباب الأول في فضيلة الألفة والأخوة وفي شروطها ودرجاتها وفوائدها فَضِيلَةُ الْأُلْفَةِ وَالْأُخُوَّةِ اعْلَمْ أَنَّ الْأُلْفَةَ ثَمَرَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ وَالتَّفَرُّقَ ثَمَرَةُ سُوءِ الْخُلُقِ فَحُسْنُ الْخُلُقِ يُوجِبُ التَّحَابَّ وَالتَّآلُفَ وَالتَّوَافُقَ وَسُوءُ الْخُلُقِ يثمر التباغض والتحاسد والتدابر ومهما كان المثمر محموداً كانت الثمرة محمودة وحسن الخلق لا تخفى فِي الدِّينِ فَضِيلَتُهُ وَهُوَ الَّذِي مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ {وإنك لعلى خلق عظيم} وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ (¬1) وَقَالَ أسامة بن شريك قلنا يا رسول الله ما خير ما أعطى الإنسان فقال خلق حسن (¬2) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ محاسن الأخلاق (¬3) وقال صلى الله عليه وسلم أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم ما حسن الله خلق امريء وخلقه فيطعمه النار (¬5) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هريرة عليك بحسن الخلق ¬_________ (¬1) حديث أول ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق أخرجه الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد وقد تقدم (¬2) حديث أسامة بن شريك يا رسول الله ما خير ما أعطي الإنسان قال خلق حسن أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح (¬3) حديث بعثت لأتمم مكارم الأخلاق رواه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة (¬4) حديث أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء وقال حسن صحيح (¬5) حديث ما حسن الله خلق امريء وخلقه فتطعمه النار أخرجه ابن عدي والطبراني في مكارم الأخلاق وفي الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة قال ابن عدي في إسناده بعض النكرة
পৃষ্ঠা - ৫১৮
قال أبو هريرة رضي الله عنه وما حسن الخلق يا رسول الله قال تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك (¬1) وَلَا يَخْفَى أَنَّ ثَمَرَةَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ الْأُلْفَةُ وانقطاع الوحشة ومهما طاب المثمر طابت الثمرة وكيف وَقَدْ وَرَدَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى نَفْسِ الْأُلْفَةِ سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الرَّابِطَةُ هِيَ التَّقْوَى وَالدِّينَ وَحُبَّ اللَّهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُظْهِرًا عظيم منته على الخلق بنعمة الألفة {لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} وقال {فأصبحتم بنعمته إخواناً} أي بالألفة ثم ذم التفرقة وزجر عنها فقال عز من قائل واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا إلى لعلكم تهتدون وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مني مجلساً أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ (¬2) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ آلِفٌ مَأْلُوفٌ وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يؤلف حديث والمؤمن آلِفٌ مَأْلُوفٌ وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ ولا يؤلف رواه أحمد والطبراني من حديث سهل بن سعد والحاكم من حديث أبي هريرة وصححه (¬3) حديث من أراد الله به خيرا رزقه أخا صَالِحًا إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ غريب بهذا اللفظ والمعروف أن ذلك في الأمير ورواه أبو داود من حديث عائشة إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه الحديث ضعفه ابن عدي ولأبي عبد الرحمن السلمى في آداب الصحبة من حديث على من سعادة المرء أن يكون إخوانه صالحين (¬4) حديث مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحدهما الأخرى الحديث رواه السلمى في آداب الصحبة وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث انس وفيه احمد بن محمد بن غالب الباهلي كذاب وهو من قول سلمان الفارسي في الأول من الحزبيات (¬5) حديث من آخى أخا في الله عز وجل رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس ما أحدث عبد أخاً في الله إلا أحدث الله له درجة في الجنة وإسناده ضعيف (¬6) حديث قال أبو إدريس الخولاني لمعاذ إني أحبك في الله فقال أبشر ثم أبشر فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول تنصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة الحديث أخرجه أحمد والحاكم في حديث طويل أن أبا إدريس قال قلت والله إني لأحبك في الله قال فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول أن المتحابين بجلال الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وهو عند الترمذي من رواية أبي مسلم الخولاني عن معاذ بلفظ المتحابون في جلالى لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء قال حديث حسن صحيح ولأحمد من حديث أبي مالك ألاشعري أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على منازلهم وقربهم من الله الحديث {وفيه} تحابوا في الله وتصافوا به يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فتجعل وجوههم نورا وثيابهم نورا يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وفيه شهر بن حوشب مختلف فيه // ورواه أبو هريرة رضي الله عنه وقال فيه إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نورا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء فقالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال هم المتحابون في الله والمتجالسون في الله ¬_________ (¬1) حيث يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق قال وما حسن الخلق قال تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك رواه البيهقي في الشعب من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه (¬2) حديث إن أقربكم مني مجلساً أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ رواه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث جابر بسند ضعيف (¬3) وقال صلى الله عليه وسلم في الثناء على الأخوة في الدين مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا رَزَقَهُ خَلِيلًا صَالِحًا إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم مثل الأخوين إذ التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى وما التقى مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيراً (¬5) وقال عليه السلام في الترغيب في الأخوة في الله من آخي أخاً في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله (¬6) وقال أبو إدريس الخولاني لمعاذ إني أحبك في الله فقال له أبشر ثم أبشر فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون فقيل من هؤلاء يا رسول الله فقال هم المتحابون في الله تعالى
পৃষ্ঠা - ৫১৯
والمتزاورون في الله (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم مَا تَحَابَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ إِلَّا كَانَ أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه (¬2) ويقال إن الأخوين في الله إذا كان أحدهما أعلى مقاماً من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه وإنه يلتحق به كما تلتحق الذرية بالأبوين والأهل بعضهم ببعض لأن الأخوة إذا اكتسبت في الله لم تكن دون أخوة الولادة قال عز وجل ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي وَحَقَّتْ محبتي للذين يتناصرون من أجلي (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله تعالى ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (¬5) وقال صلى الله عليه وسلم ما زار رجل رجلاً في الله شوقاً إليه ورغبة في لقائه إلا ناداه ملك من خلقه طبت وطاب ممشاك وطابت لك الجنة (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم إن رجلاً زار أخاً له في الله فأرصد الله له ملكاً فقال أين تريد قال أريد أن أزور أخي فلاناً فقال لحاجة لك عنده قال لا قال لقرابة بينك وبينه قال لا قال فبنعمة له عندك قال لا قال فبم قال أحبه في الله قال فإن الله أرسلني إليك يخبرك بأنه يحبك لحبك إياه وقد أوجب لك الجنة (¬7) وقال صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله (¬8) فلهذا يجب أن يكون للرجل أعداء يبغضهم في الله كما يكون له أصدقاء وإخوان يحبهم في الله ويروى أن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة وأما انقطاعك إلي فقد تعززت بي ولكن هل عاديت في عدواً أو هل واليت في ولياً وقال صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل لفاجر علي منة فترزقه مني محبة (¬9) ويروى أن الله تعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام لو أنك عبدتني بعبادة أهل السموات والأرض وحب في الله ليس وبغض في الله ليس ما أغنى عنك ذلك شيئاً وقال عيسى عليه السلام تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إلى الله بالتباعد منهم والتمسوا رضا الله بسخطهم قالوا يا روح الله فمن نجالس قال جالسوا من تذكركم الله رؤيته ومن يزيد في عملكم كلامه ومن يرعبكم في الآخرة عمله وروي في الأخبار السالفة إن الله عز وجل أوحى إلى موسى ¬_________ (¬1) حديث أبي هريرة إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نورا ليسوا بأنبياء ولا شهداء الحديث أخرجه النسائي في سننه الكبرى ورجاله ثقات (¬2) حديث مَا تَحَابَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ إِلَّا كَانَ أحبهم إلى الله أشدهما حباً لصاحبه أخرجه ابن حبان والحاكم من حديث أنس وقال صحيح الإسناد (¬3) حديث إن الله يَقُولُ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي الحديث أخرجه احمد من حديث عمرو بن عبسة وحديث عبادة بن الصامت ورواه الحاكم وصححه (¬4) حديث أن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي أخرجه مسلم (¬5) حديث أبي هريرة سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدم (¬6) حديث ما زار رجل رجلاً في الله شوقاً إليه ورغبة في لقائه إلا ناداه ملك من خلفه طبت وطابت لك الجنة أخرجه ابن عدي من حديث أنس دون قوله شوقاً إليه ورغبة في لقائه وللترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة من عاد مريضا أو زار أخا في الله ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا قال الترمذي غريب (¬7) حديث إن رجلاً زار أخاً له في الله فأرصد الله له ملكاً فقال أين تريد الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬8) حديث أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله رواه أحمد من حديث البراء بن عازب وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود بسند ضعيف (¬9) حديث اللهم لا تجعل لفاجر علي منة الحديث تقدم في الكتاب الذي قبله
পৃষ্ঠা - ৫২০
عليه السلام يا ابن عمران كن يقظاناً وارتد لنفسك إخواناً وكل خدن وصاحب لا يوازرك على مسرتي فهو لك عدو وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام فقال يا داود مالي أراك منتبذاً وحيداً قال إلهي قليت الخلق من أجلك فقال يا داود كن يقظاناً وارتد لنفسك أخداناً وكل خدن لا يوافقك على مسرتي فلا تصاحبه فإنه لك عدو يقسي قلبك ويباعدك مني وفي أخبار داود عليه السلام أنه قال يا رب كيف لي أن يحبني الناس كلهم وأسلم فيما بيني وبينك قال خالق الناس بأخلاقهم وأحسن فيما بيني وبينك وفي بعضها خالق أهل الدنيا بأخلاق الدنيا وخالق أهل الآخرة بأخلاق الآخرة وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أحبكم إلى الله الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ المشاءون بالنميمة المفرقون بين الإخوان (¬1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ ملكاً نصفه من النار ونصفه من الثلج يقول اللهم كما ألفت بين الثلج والنار كذلك ألف بين قلوب عبادك الصالحين (¬2) وقال أيضاً ما أحدث عبد أخاً في الله إلا أحدث له درجة فِي الْجَنَّةِ (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة يشرفون على أهل الجنة يضيء حسنهم لأهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا فيقول أهل الجنة انطلقوا بنا ننظر إلى المتحابين في الله فيضيء حسنهم لأهل الجنة كما تضيء الشمس عليهم ثياب سندس خضر مكتوب على جباههم المتحابون في الله (¬4) الآثار قال علي رضي الله عنه عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع إلى قول أهل النار فمالنا من شافعين ولا صديق حميم وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما والله لو صمت النهار لا أفطره وقمت الليل لا أنامه وأنفقت مالي غلقاً غلقاً في سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني ذلك شيئاً وقال ابن السماك عند موته اللهم إنك تعلم أني إذا كنت أعصيك كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة لي إليك وقال الحسن على ضده يا ابن آدم لا يغرنك قول من يقول المرء مع من أحب فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم فإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم وهذه إشارة إلى أن مجرد ذلك من غير موافقة في بعض الأعمال أو كلها لا ينفع وقال الفضيل في بعض كلامه هَاهْ تُرِيدُ أَنْ تَسْكُنَ الْفِرْدَوْسَ وَتُجَاوِرَ الرَّحْمَنَ فِي دَارِهِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ بِأَيِّ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ بِأَيِّ شَهْوَةٍ تَرَكْتَهَا بِأَيِّ غيظ كظمته بأي رحم قاطع وَصَلْتَهَا بِأَيِّ زَلَّةٍ لِأَخِيكَ غَفَرْتَهَا بِأَيِّ قَرِيبٍ بَاعَدْتَهُ فِي اللَّهِ بِأَيِّ بَعِيدٍ قَارَبْتَهُ فِي الله ويروى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام هل عملت لي عملاً قط فقال إلهي إني صليت لك وصمت وتصدقت وزكيت فقال إن الصلاة لك برهان والصوم جنة والصدقة ظل والزكاة نور فأي عمل عملت لي قال يا موسى إلهي دلني على عمل هو لك قال موسى هل واليت لي ولياً قط وهل عاديت في عدواً قط فعلم موسى أن أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله وقال ابن مسعود رضي الله عنه لو أن رجلاً قام بين الركن والمقام يبعد الله سبعين سنة لبعثه الله يوم القيامة مع من يحب وقال الحسن رضي الله عنه مصارمة الفاسق قربان إلى الله وقال رجل لمحمد بن واسع إني لأحبك في الله فقال أحبك ما الذي أحببتني له ثم حول وجهه وقال اللهم أني ¬_________ (¬1) حديث إن أحبكم إلى الله الذين يألفون الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير من حديث أبي هريرة بسند ضعيف (¬2) حديث إن لله ملكاً نصفه من النار ونصفه من الثلج يقول اللهم كما ألفت بين الثلج والنار كذلك ألف بين قلوب عبادك الصالحين رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب العظمة من حديث معاذ بن جبل والعرباض بن سارية بسند ضعيف (¬3) حديث ما أحدث عبد أخاً في الله تعالى إلا أحدث الله له درجة في الجنة أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس وقد تقدم (¬4) حديث المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة الحديث رواه الحكيم الترمذي في النوادر من حديث ابن مسعود بسند ضعيف
পৃষ্ঠা - ৫২১
أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض ودخل رجل على داود الطائي فقال له ما حاجتك فقال زيارتك فقال أما أنت فقد عملت خيراً حين زرت ولكن انظر ماذا ينزل بي أنا إذا قيل لي من أنت فتزار أمن الزهاد أنت لا والله أمن العباد أنت لا والله أمن الصالحين أنت لا والله ثم أقبل يوبخ نفسه ويقول كنت في الشبيبة فاسقاً فلما شخت صرت مرائياً والله للمرائي شر من الفاسق وقال عمر رضي الله عنه إذا أصاب أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك وقال مجاهد المتحابون في الله إذا التقوا فكشر بعضهم إلى بعض تتحات عنهم الخطايا كما يتحات ورق الشجر في الشتاء إذا يبس وقال الفضيل نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى وَجْهِ أَخِيهِ عَلَى الْمَوَدَّةِ والرحمة عبادة بيان معنى الأخوة في الله وتمييزها من الأخوة في الدنيا اعلم أن الحب في الله والبغض في الله غامض وينكشف الغطاء عنه نما نذكره وهو أن الصحبة تنقسم إلى ما يقع بالاتفاق كالصحبة بسبب الجوار أو بسبب الاجتماع في المكتب أو في المدرسة أو في السوق أو على باب السلطان أو في الأسفار وإلى ما ينشأ اختياراً ويقصد وهو الذي نريد بيانه إذ الأخوة في الدين واقعة في هذا القسم لا محالة إذ لا ثواب إلا على الأفعال الاختيارية ولا ترغيب إلا فيها والصحبة عبارة عن المجالسة والمجاورة وهذه الأمور لا يقصد الإنسان بها غيره إلا إذا أحبه فإن غير المحبوب يجتنب ويباعد ولا تقصد مخالطته والذي يحب فإما أن يحب لذاته لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه وإما أن يحب للتوصل به إلى مقصود وذلك المقصود إما أن يكون مقصوراً على الدنيا وحظوظها وإما أن يكون متعلقاً بالآخرة وإما أن يكون متعلقاً بالله تعالى فهذه أربعة أقسام أما القسم الأول وهو حبك الإنسان لذاته فذلك ممكن وهو أن يكون في ذاته محبوباً عندك على معنى أنك تلتذ برؤيته ومعرفته ومشاهدة أخلاقه لاستحسانك له فإن كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله وكل لذيذ محبوب واللذة تتبع الاستحسان والاستحسان يتبع المناسبة والملاءمة والموافقة بين الطباع ثم ذلك المستحسن إما أن يكون هو الصورة الظاهرة أعني حسن الخلقة وإما أن يكون هو الصورة الباطنة أعني كمال العقل وحسن الأخلاق ويتبع حسن الأخلاق حسن الأفعال لا محالة ويتبع كمال العقل غزارة العلم وكل ذلك مستحسن عند الطبع السليم والعقل المستقيم وكل مستحسن فمستلذ به ومحبوب بل في ائتلاف القلوب أمر أغمض من هذا فإنه قد تستحكم المودة بين شخصين من غير ملاحة في صورة ولا حسن في خلق وخلق ولكن لمناسبة توجب الألفة والموافقة فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع والأشياء الباطنة خفية ولها أسباب دقيقة ليس في قوة البشر الاطلاع عليها عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف (¬1) فالتناكر نتيجة التباين والائتلاف نتيجة التناسب الذي عبر عنه بالتعارف وفي بعض الألفاظ الأرواح جنود مجندة تلتقي فتتشام في الهواء (¬2) وقد كنى بعض العلماء عن هذا بأن قال أن الله تعالى خلق الأرواح ففلق بعضها فلقاً وأطافها حول العرش فأي روحين من فلقتين تعارفا هناك فالتقيا تواصلا في الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط (¬3) وروي أن امرأة بمكة كانت تضحك ¬_________ (¬1) حديث الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة والبخاري تعليقا من حديث عائشة (¬2) حديث الأرواح تلتقي فتتشام في الهواء أخرجه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث علي إن الأرواح في الهواء جند مجندة تلتقي فتتشام الحديث (¬3) حديث إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط أخرجه احمد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ نلتقي وقال أحدهم وفيه ابن لهيعة عن دراج
পৃষ্ঠা - ৫২২
أحياء علوم الدين تم تدقيق من قبل لبنى حسونه النساء وكانت بالمدينة أخرى فنزلت المكية على المدنية فدخلت على عائشة رضي الله عنها فأضحكتها فقالت أين نزلت فذكرت لها صاحبتها فقالت صدق الله ورسوله (¬1) سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول الأرواح جنود مجندة الحديث والحق في هذا أن المشاهدة والتجربة تشهد للائتلاف عند التناسب والتناسب في الطباع والأخلاق باطناً وظاهر أمر مفهوم وأما الأسباب التي أوجبت تلك المناسبة فليس في قوة البشر الاطلاع عليها وغاية هذيان المنجم أن يقول إذا كان طالعه على تسديس طالع غيره أو تثليلثه فهذا نظر الموافقة والمودة فتقضي التناسب والتواد وإذا كان على مقابلته أو تربيعه اقتضى التباغض والعداوة فهذا لو صدق بكونه كذلك في مجاري سنة الله في خلق السموات والأرض لكن الإشكال فيه أكثر من الإشكال في أصل التناسب فلا معنى للخوض فيما لم يكشف سره للبشر فما أوتينا من العلم إلا قليلاً ويكفينا في التصديق بذلك التجربة والمشاهدة فقد ورد الخبر به قال صلى الله عليه وسلم لو أن مؤمناً دخل إلى مجلس فيه مائة منافق واحد لجاء حتى يجلس إليه ولو أم منافقا دخل إلى مجلس فيه مائة ومؤمن ومنافق واحد لجاه حتى يجلس إليه وهذا يدل على أن شبه الشيء منجذب إليه بالطبع وإن كان هو لا يشعر به وكان مالك بن دينار يقول لا يتفق اثنان في عشرة إلا وفي أحدهما وصف من الآخر وإن أجناس الناس كأجناس الطير ولا يتفق نوعان من الطير في الطيران إلا وبينهما مناسبة قال فرأى يوماً غراباً مع حمامة فعجب من ذلك فقال اتفقا وليسا من شكل واحد ثم طارا فإذا هما أعرجان فقال من ههنا اتفقا ولذلك قال بعض الحكماء كل إنسان يأنس إلى شكله كما أن كل طير يطير مع جنسه وإذا اصطحب اثنان برهة من زمان ولم يتشاكلا في الحال فلا بد أن يتفرقا وهذا معنى خفي تفطن له الشعراء حتى قال قائلهم وقائل كيف تفارقتما ... فقلت قولاً فيه إنصاف لم يك من شكلي ففارقته ... والناس أشكال وألاف فقد ظهر من هذا أن الإنسان قد يحب لذاته لا لفائدة تنال منه في حال أو مآل بل لمجرد المجانسة والمناسبة في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية ويدخل في هذا القسم الحب للجمال إذا لم يكن المقصود قضاء الشهوة فإن الصور الجميلة مستلذة في عينها وإن قدر فقد أصل الشهوة حتى يستلذ النظر إلى الفواكه والأنوار والأزهار والتفاح المشرب بالحمرة وإلى الماء الجاري والخضرة من غير غرض سوى عينها وهذا الحب لا يدخل فيه الحب لله بل هو حب بالطبع وشهوة النفس ويتصور ذلك ممن لا يؤمن بالله إلا أنه إن اتصل به غرض مذموم صار مذموم كحب الصورة الجميلة لقضاء الشهوة حيث لا يحل قضاؤها وإن لم يتصل به غرض مذموم فهو مباح لا يوصف بحمد ولا ذم إذا الحب إما محمود وإما مذموم وإما مباح لا يحمد ولا يذم القسم الثاني أن يحبه لينال من ذاته غير ذاته فيكون وسيلة إلى محبوب غيره والوسيلة إلى المحبوب محبوب وما يجب لغيره كان ذلك الغير هو المحبوب بالحقيقة ولكن الطريق إلى المحبوب محبوب ولذلك أحب الناس الذهب ¬_________ (¬1) حديث أن امرأة بمكة كانت تضحك النساء وكانت بالمدينة أخرى فنزلت المكية على المدنية فدخلت على عائشة فذكرت حديث الأرواح جنود مجندة أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده بالقصة بسند حسن وحديث عائشة عند البخاري تعليقا مختصرا أخرجه البيهقي في شعب الإيمان موقوفا على ابن مسعود وذكره صاحب الفردوس من حديث معاذ بن جبل ولم يخرجه ولده في المسند
পৃষ্ঠা - ৫২৩
والفضة ولا غرض فيهما إذ لا يطعم ولا يلبس ولكنهما وسيلة إلى المحبوبات فمن الناس من يحب كما يحب الذهب والفضة من حيث إنه وسيلة إلى المقصود إذ يتوصل به إلى نيل جاه أو مال أو علم كما يحب الرجل سلطاناً لانتفاعه بماله أو جاهه ويحب خواصه لتحسينهم حاله عنده وتمهيدهم أمره في قلبه فالمتوسل إليه إن كان مقصور الفائدة على الدنيا لم يكن حبه من جملة الحب في الله وإن لم يكن مقصور الفائدة على الدنيا ولكنه ليس يقصد به إلا الدنيا كحب التلميذ لأستاذه فهو أيضاً خارج عن الحب لله فإنه إنما يحبه ليحصل منه العلم لنفسه فمحبوبه العلم فإذا كان لا يقصد العلم للتقرب إلى الله بل لينال به الجاه والمال والقبول عند الخلق فمحبوبه الجاه والقبول والعلم وسيلة إليه والأستاذ وسيلة إلى العلم فليس في شيء من ذلك حب لله إذ لا يتصور كل ذلك ممن لا يؤمن بالله تعالى أصلاً ثم ينقسم هذا أيضاً إلى مذموم ومباح فإن كان يقصد به التوصل إلى مقاصد مذمومة من قهر الأقران وحيازة أموال اليتامى وظلم الرعاة بولاية القضاء أو غيره كان كالحب مذموما وإن كان يقصد به التوصل إلى مباح وإنما تكتسب الوسيلة الحكم والصفة من المقصد المتوصل إليه فإنها تابعة له غير قائمة بنفسها القسم الثالث أن يحبه لا لذاته بل لغيره وذلك الغير ليس راجعاً إلى حظوظه في الدنيا بل يرجع إلى حظوظه في الآخرة فهذا أيضاً ظاهر لا غموض فيه وذلك كمن يحب أستاذه وشيخه لأنه يتوصل به إلى تحصيل العلم وَتَحْسِينِ الْعَمَلِ وَمَقْصُودُهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْفَوْزُ فِي الْآخِرَةِ فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُحِبِّينَ فِي اللَّهِ وَكَذَلِكَ مَنْ يُحِبُّ تِلْمِيذَهُ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّفُ منه العلم وينال بواسطته رتبة التعليم ويرقى به إلى درجة التعظيم في ملكوت السماء إذ قال عيسى صلى الله عليه وسلم من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيماً في ملكوت السماء ولا يتم التعلم إلا بمتعلم فهو إذن آلة في تحصيل هذا الكمال فإن أحبه لأنه آلة له إذ جعل صدره مزرعة لحرثه الذي هو سبب ترقية إلى رتبة التعظيم في ملكوت السماء فَهُوَ مُحِبٌّ فِي اللَّهِ بَلِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بأمواله لله ويجمع الضيفان ويهي لَهُمُ الْأَطْعِمَةَ اللَّذِيذَةَ الْغَرِيبَةَ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ فأجد طَبَّاخًا لِحُسْنِ صَنْعَتِهِ فِي الطَّبْخِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحِبِّينَ فِي اللَّهِ وَكَذَا لَوْ أَحَبَّ مَنْ يَتَوَلَّى لَهُ إِيصَالَ الصَّدَقَةِ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فقد أحبه في الله بل تزيد على هذا ونقول إذا أَحَبَّ مَنْ يَخْدُمُهُ بِنَفْسِهِ فِي غَسْلِ ثِيَابِهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ وَطَبْخِ طَعَامِهِ وَيُفَرِّغُهُ بِذَلِكَ لِلْعِلْمِ أَوِ الْعَمَلِ وَمَقْصُودُهُ مِنِ اسْتِخْدَامِهِ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْفَرَاغُ لِلْعِبَادَةِ فَهُوَ مُحِبٌّ فِي اللَّهِ بل نزيد عليه ونقول إذا أَحَبَّ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَيُوَاسِيهِ بِكُسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ وَمَسْكَنِهِ وَجَمِيعِ أَغْرَاضِهِ الَّتِي يَقْصِدُهَا فِي دُنْيَاهُ وَمَقْصُودُهُ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْفَرَاغُ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْمُقَرِّبِ إِلَى اللَّهِ فَهُوَ مُحِبٌّ فِي اللَّهِ فَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ تَكَفَّلَ بِكِفَايَتِهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ أُولِي الثَّرْوَةِ وَكَانَ الْمُوَاسِي وَالْمُوَاسَى جَمِيعًا مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ بل نزيد عليه ونقول مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً صَالِحَةً لِيَتَحَصَّنَ بِهَا عَنْ وسواس الشيطان يصون بها دينه أو ليولد منها له ولد صالح يدعو له وأحب زَوْجَتَهُ لِأَنَّهَا آلَةٌ إِلَى هَذِهِ الْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ فهو محب في الله ولذلك وردت الأخبار بوفور الأجر والثواب على الإنفاق على العيال حتى اللقمة يضعها الرجل في في امرأته (¬1) بل نقول كل من استهتر بحب الله وحب رضاه وحب لقائه في الدار الآخرة فإذا أحب غيره كان محباً في الله لأنه لا يتصور أن يحب شيئاً إلا لمناسبته لما هو محبوب عنده وهو رضا الله عز وجل بل أزيد على هذا وأقول إذا اجتمع في قبله محبتان محبة الله ومحبة الدنيا واجتمع في شخص واحد لمعنيان جميعاً حتى صلح لأن يت وسل به إلى الله وإلى الدنيا فإذا أحبه لصلاحه للأمرين فهو من المحيين في الله كمن يحب أستاذه الذي يُعَلِّمُهُ الدِّينَ وَيَكْفِيهِ مُهِمَّاتِ الدُّنْيَا بِالْمُوَاسَاةِ فِي المال فأحبه من حيث إن في طبعه طلب الراحة في الدنيا ¬_________ (¬1) حديث الأجر في الإنفاق على العيال حتى القمة يضعها الرجل في في امرأته تقدم
পৃষ্ঠা - ৫২৪
والسعادة في الآخرة فهو وسيلة إليهما فَهُوَ مُحِبٌّ فِي اللَّهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ حُبِّ اللَّهِ أَنْ لَا يُحَبَّ فِي الْعَاجِلِ حظاً الْبَتَّةَ إِذِ الدُّعَاءُ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الدنيا والآخرة ومن ذلك قولهم رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حسنة وقال عيسى عليه السلام في دعائه اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسؤ بي صديقي ولا تجعل مصيبتي لديني ولا تجعل الدنيا أكبر همي فدفع شماتة الأعداء من حظوظ الدنيا ولم يقل ولا تجعل الدنيا أصلاً من همي بل قال لا تجعلها أكبر همي وقال نبينا صلى الله عليه وسلم في دعائه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كرامتك في الدنيا والآخرة (¬1) وقال اللهم عافني من بلاء الدنيا وبلاء الآخرة (¬2) وعلى الجملة فإذا لم يكن حب السعادة في الآخرة مناقضاً لحب الله تعالى فحب السلامة والصحة والكفاية والكرامة في الدنيا كيف يكون مناقضاً لحب الله والدنيا والآخرة عبارة عن حالتين إحداهما أقرب من الأخرى فكيف يتصور أن يحب الإنسان حظوظ نفسه غداً ولا يحبها اليوم وإنما يحبها غداً لأن الغد سيصير حالاً راهنة فالحالة الراهنة لا بد إلا أن تكون مطلوبة أيضاً إلا أن الحظوظ العاجلة منقسمة إلى ما يضاد حظوظ الآخرة ويمنع منها وهي التي احترز عنها الأنبياء والأولياء وأمروا بالاحتراز عنها وإلى ما لا يضاد وهي التي لم يمتنعوا منها كالنكاح الصحيح وأكل الحلال وغير ذلك فما يضاد حظوظ الآخرة فحق العاقل أن يكرهه ولا يحبه أعني أن يكرهه بعقله لا بطبعه كما يكره التناول من طعام لذيذ لملك من الملوك يعلم أنه لو أقدم عليه لقطعت يده أو حزت رقبته لا بمعنى أن الطعام اللذيذ يصير بحيث لا يشتهيه بطبعه ولا يستلذه لو أكله فإن ذلك محال ولكن على معنى أنه يزجره عقله عن الإقدام عليه وتحصل فيه كراهة الضرر المتعلق به والمقصود من هذا أنه لو أحب أستاذه لأنه يواسيه ويعلمه أو تلميذه لأنه يتعلم منه ويخدمه وأحدهما حظ عاجل والآخر آجل لكان في زمرة المتحابين في الله ولكن بشرط واحد وهو أن يكون بحيث لو منعه العلم مثلاً أو تعذر عليه تحصيله منه لنقص حبه بسببه فالقدر الذي ينقص بسبب فقده هو لله تعالى وله على ذلك القدر ثواب الحب في الله وليس بمستنكر أن يشتد حبك لإنسان لجملة أغراض ترتبط لك به فإن امتنع بعضها نقص حبك وإن زاد زاد الحب فليس حبك الذهب كحبك للفضة إذا تساوى مقدارهما لأن الذهب يوصل إلى أغراض هي أكثر مما توصل إليه الفضة فإذن يزيد الحب بزيادة الغرض ولا يستحيل اجتماع الأغراض الدنيوية والأخروية فهو داخل في جملة الحب لله وحده هو أن كل حب لولا الإيمان بالله واليوم الآخر لم يتصور وجوده فهو حب في الله وكذلك كل زيادة في الحب لولا الإيمان بالله لم تكن تلك الزيادة فتلك الزيادة من الحب في الله فذلك وإن دق فهو عزيز قال الجريري تعامل الناس في القرن الأول بالدين حتى رق الدين وتعاملوا في القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء وفي الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة ولم يبق إلا الرهبة والرغبة القسم الرابع أن يحب لله وفي الله لا لينال منه علماً أو عملاً أو يتوسل به إلى أمر وراء ذاته وهذا أعلى الدرجات وهو أدقها وأغمضها وهذا القسم أيضاً ممكن فإن من آثار غلبة الحب أن يتعدى من المحبوب إلى كل من يتعلق بالمحبوب ويناسبه ولو من بعد فمن أحب إنساناً حباً شديداً أحب محب ذلك الإنسان وأحب محبوبه وأحب من يخدم من يخدمه وأحب من يثني عليه محبوبه وأحب من يتسارع إلى رضا محبوبه حتى قال بقية بن الوليد إن المؤمن إذا أحب المؤمن أحب كلبه وهو كما قال ويشهد له التجربة في أحوال العشاق ويدل عليه أشعار الشعراء ولذلك يحفظ ¬_________ (¬1) حديث اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كرامتك في الدنيا والآخرة أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس في الحديث الطويل في دعائه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الليل وقد تقدم (¬2) حديث اللهم عافني من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة أخرجه أحمد من حديث بشر بن أبي أرطاة نحوه بسند جيد
পৃষ্ঠা - ৫২৫
ثوب المحبوب ويخفيه تذكرة من جهته ويحب منزله ومحلته وجيرانه حتى قال مجنون بني عامر أمر على الديار ديار للى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا فإذن المشاهدة والتجربة تدل على أن الحب يتعدى من ذات المحبوب إلى ما يحيط به ويتعلق بأسبابه ويناسبه ولو من بعد ولكن ذلك من خاصية فرط المحبة فأصل المحبة لا يكفي فيه ويكون اتساع الحب في تعديه من المحبوب إلى ما يكتنفه ويحيط به ويتعلق بأسبابه بحسب إفراط المحبة وقوتها وكذلك حب الله سبحانه وتعالى إذا قوي وغلب على القلب واستولى عليه حتى انتهى إلى حد الاستهتار فيتعدى إلى كل موجود سواه فإن كل موجود سواه أثر من آثار قدرته ومن أحب إنساناً أحب صنعته وخطه وجميع أفعاله ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا حمل إليه باكورة من الفواكه مسح بها عينيه وأكرمها وقال إنه قريب العهد بربنا (¬1) وحب الله تعالى تارة يكون لصدق الرجاء في مواعيده وما يتوقع في الآخرة من نعيمه وتارة لما سلف من أياديه وصنوف نعمته وتارة لذاته لا لأمر آخر وهو أدق ضرب المحبة وأعلاها وسيأتي تحقيقها في كتاب المحبة من ربع المنجيات إن شاء الله تعالى وكيفما اتفق حب الله فإذا قوي تعدى إلى كل متعلق به ضرباً من التعلق حتى يتعدى إلى ما هو في نفسه مؤلم مكروه ولكن فرط الحب يضعف الإحساس بالألم والفرح بفعل المحبوب وقصده إياه بالإيلام يغمر إدراك الألم وذلك كالفرح بضربة من المحبوب أو قرصة فيها نوع معاتبة فإن قوة المحبة تثير فرحاً يغمر إدراك الألم فيه وقد انتهت محبة الله بقوم إلى أن قالوا لا نفرق بين البلاء والنعمة فإن الكل من الله ولا نفرح إلا بما فيه رضاه حتى قال بعضهم لا أريد أن أنال مغفرة الله بمعصية الله وقال سمنون وليس لي في سواك حظ ... فكيفما شئت فاختبرني وسيأتي تحقيق ذلك في كتاب المحبة والمقصود أن أحب الله إذ قوي أثمر حب كل من يقوم بحق عبادة الله في علم أو عمل وأثمر حب كل من فيه صفة مرضية عند الله من خلق حسن أو تأدب بآداب الشرع وما من محب للآخرة ومحب لله إلا إذا أخبر عن حال رجلين أحدهما عالم عابد والآخرة جاهل فاسق إلا وجد في نفسه ميلاً إلى العالم العابد ثم يضعف ذلك الميل ويقوى بحسب ضعف إيمانه وقوته وبحسب ضعف حبه لله وقوته وهذا الميل حاصل وإن كانا غائبين عنه بحيث يعلم إنه لا يصيبه منهما خير ولا شر في الدنيا ولا في الآخرة فذلك الميل هو حب في الله ولله من غير حظ فإنه إنما يحبه لأن الله يحبه ولأنه مرضي عند الله تعالى ولأنه يحب الله تعالى ولأنه مشغول بعبادة الله تعالى إلا أنه إذا ضعف لم يظهر أثر ولا يظهر به ثواب ولا أجر فإذا قوي حُمِلَ عَلَى الْمُوَالَاةِ وَالنُّصْرَةِ وَالذَّبِّ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَاللِّسَانِ وَتَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِيهِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي حب الله عز وجل ولو كان الحب مقصوراً على حظ ينال من المحبوب في الحال أو المآل لما تصور حب الموتى من العلماء والعباد ومن الصحابة والتابعين بل من الأنبياء المنقرضين صلوات الله عليهم وسلامه وحب جميعهم مكنون في قلب كل مسلم متدين ويتبين ذلك بغضبه عند طعن أعدائهم في واحد منهم ويفرحه عند الثناء عليهم وذكر محاسنهم وكل ذلك حب لله لأنهم خواص عباد الله ¬_________ (¬1) حديث كان إذا حمل إليه باكورة من الفواكه مسح بها عينيه وأكرمها وقال إنها قريب عهد بربها أخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن عباس وأبو داود في المراسيل والبيهقي في الدعوات من حديث أبي هريرة دون قوله وأكرمها الخ وقال انه غير محظوظ وحديث أبي هريرة في الباكورة عند بقية أصحاب السنن دون مسح عينيه بها وما بعده وقال الترمذي حسن صحيح
পৃষ্ঠা - ৫২৬
ومن أحب ملكاً أو شخصاً جميلاً أحب خواصه وخدمه وأحب من أحبه إِلَّا أَنَّهُ يُمْتَحَنُ الْحُبُّ بِالْمُقَابَلَةِ بِحُظُوظِ النَّفْسِ وقد يغلب بحيث لا يبقى لنفس حظ إلا فيما هو حظ المحبوب وعنه عبر قول من قال أريد وصاله ويريد هجري ... فأترك ما أريد لما يريد وقول من قال وما لجرح إذا أرضاكم ألم وَقَدْ يَكُونُ الْحُبُّ بِحَيْثُ يُتْرَكُ بِهِ بَعْضُ الحظوظ دون بعض كمن تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِأَنْ يُشَاطِرَ مَحْبُوبَهُ فِي نِصْفِ مَالِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ أَوْ فِي عُشْرِهِ فمقادير الأموال موازين المحبة إذ لا تعرف دَرَجَةُ الْمَحْبُوبِ إِلَّا بِمَحْبُوبٍ يُتْرَكُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَمَنِ اسْتَغْرَقَ الْحُبُّ جَمِيعَ قَلْبِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَحْبُوبٌ سِوَاهُ فَلَا يُمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فإنه لم يترك لنفسه أهلاً ولا مالاً فسلم ابْنَتَهُ الَّتِي هِيَ قُرَّةُ عَيْنِهِ وَبَذَلَ جَمِيعَ ماله قال ابن عمر رضي الله عنهما بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال إذ نزل جبريل عليه السلام فأقرأه عن الله السلام وقال له يا رسول الله مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فقال أنفق ماله علي قبل الفتح قال فأقره من الله السلام وقل له يقول لك ربك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك السلام من الله ويقول أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال أعلى ربي أسخط أنا عن ربي راض (¬1) فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ عَالِمًا أَوْ عَابِدًا أَوْ أَحَبَّ شَخْصًا رَاغِبًا في علم أَوْ فِي خَيْرٍ فَإِنَّمَا أَحَبَّهُ فِي اللَّهِ ولله وله فيه من الأجر والثواب بقدر قوة حبه فهذا شرح الحب في الله ودرجاته وبهذا يتضح البغض في الله أيضاً ولكن نزيده بياناً بَيَانُ الْبُغْضِ فِي اللَّهِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحِبُّ فِي اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ فَإِنَّكَ إِنْ أَحْبَبْتَ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَمَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ عَصَاهُ فَلَا بُدَّ أَنْ تُبْغِضَهُ لِأَنَّهُ عَاصٍ لله وممقوت عند الله ومن أحب بسبب فبالضرورة يبغض لضده وهذان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر وهو مطرد في الحب والبغض في العادات ولكن كل واحد من الحب والبغض داء دفين في القلب وإنما يترشح عند الغلبة ويترشح بظهور أفعال المحبين والمبغضين في المقاربة والمباعدة وفي المخالفة والموافقة فإذا ظهر في الفعل سمي موالاة ومعاداة ولذلك قال الله تعالى هل واليت في ولياً وهل عاديت في عدواً كما نقلناه وهذا واضح في حق من لم يظهر لك إلا طاعاته تقدر على أن تحبه أو لم يظهر لك إلا فسقه وفجوره وأخلاقه المسيئة فتقدر على أن تبغضه وإنما المشكل إذا اختلطت الطاعات بالمعاصي فإنك تقول كيف أجمع بين البغض والمحبة وهما متناقضان وكذلك تتناقض ثمرتهما من الموافقة والمخالفة والموالاة والمعاداة وأقول ذلك غير متناقض في حق الله تعالى كما لا يتناقض في الحظوظ البشرية فإنه مهما اجتمع في شخص واحد خصال يحب بعضها ويكره بعضها فإنك تحبه من وجه وتبغضه من وجه فمن زوجة حسناء فاجرة أو ولد ذكي خدوم ولكنه فاسق فإنه يحبه من وجه ويبغضه من وجه ويكون معه على حالة بين حالتين إذ لو فرض له ثلاثة أولاد أحدهم ذكي بار والآخر بليد عاق والآخر بليد بار أو ذكي عاق فإنه يصادف نفسه معهم على ثلاثة أحوال متفاوتة بحسب تفاوت خصالهم فكذلك ينبغي أن تكون حالك بالإضافة إلى من غلب عليه الفجور ومن غلبت ¬_________ (¬1) حديث ابن عمر بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فنزل جبريل فأقرأه من ربه السلام الحديث أخرجه ابن حبان والعقيلي في الضعفاء قال الذهبي في الميزان هو كذب
পৃষ্ঠা - ৫২৭
عليه الطاعة ومن اجتمع فيه كلاهما متفاوتة على ثلاث مراتب وذلك بأن تعطى كل صفة حظها من البغض والحب والإعراض والإقبال والصحبة والقطيعة وسائر الأفعال الصادرة منه فإن قلت كل مسلم فإسلامه طاعة منه فكيف أبغضه مع الإسلام فأقول تحبه لإسلامه وتبغضه لمعصيته وتكون معه على حالة لو قستها بحال كافر أو فاجر أدركت تفرقة بينهما وتلك التفرقة حب للإسلام وقضاء لحقه وقدر الجناية على حق الله والطاعة له كالجناية على حقك والطاعة لك فمن وافقك على غرض وخالفك في آخر فكن معه على حالة متوسطة بين الانقباض والاسترسال وبين الإقبال والإعراض وبين التودد إليه والتوحش عنه ولا تبالغ في إكرامه مبالغتك في إكرام من يوافقك على جميع أغراضك ولا تبالغ في إهانته مبالغتك في إهانة من خالفك في جميع أغراضك ثم ذلك التوسط تارة يكون ميله إلى طرف الإهانة عند غلبة الجناية وتارة إلى طرف المجاملة والإكرام عند غلبة الموافقة فهكذا ينبغي أن يكون فيمن يطيع الله تعالى ويعصيه ويتعرض لرضاه مرة ولسخطه أخرى فإن قلت فيماذا يمكن إظهار البغض فأقول أما في القول فبكف اللسان عن مكالمته ومحادثته مرة وبالاستخفاف والتغليظ في القول أخرى وأما في الفعل فبقطع السعي في إعانته مرة وبالسعي في إساءته وإفساده مآربه أخرى وبعض هذا أشد من بعض وهي بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ أَمَّا مَا يَجْرِي مَجْرَى الْهَفْوَةِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُتَنَدِّمٌ عَلَيْهَا وَلَا يُصِرُّ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى فِيهِ الستر والإغماض أما ما أصر عليه من صغيرة أو كبيرة فإن كان ممن تأكدت بينك وبينه مودة وصحبة وأخوة فله حكم آخر وسيأتي وفيه خلاف بين العلماء وأما إذا لم تتأكد أخوة وصحبة فلا بد من إظهار أثر البغض إما في الإعراض والتباعد عنه وقلة الالتفات إليه وإما في الاستخفاف وتغليظ القول عليه وهذا أشد من الإعراض وهو بحسب غلظ المعصية وخفتها وكذلك في الفعل أيضاً رتبتان إحداهما قطع المعونة والرفق والنصرة عنه وهو أقل الدرجات والأخرى السعي في إفساد أغراضه عليه كفعل الأعداء المبغضين وهذا لا بد منه ولكن فيما يفسد عليه طريق المعصية أما ما لا يؤثر فيه فلا مثاله رجل عصى الله بشرب الخمر وقد خطب امرأة لو تيسر له نكاحها لكان مغبوطاً بها بالمال والجمال والجاه إلا أن ذلك لا يؤثر في منعه من شرب الخمر ولا في بعث وتحريض عليه فإذا قدرت على إعانته ليتم له غرضه ومقصوده وقدرت على تشويشه ليفوته غرضه فليس لك السعي في تشويشه أما الإعانة فلو تركتها إظهاراً للغضب عليه في فسقه فلا بأس وليس يجب تركها إذ ربما يكون لك نية في أن تتلطف بإعانته وإظهار الشفقة عليه ليعتقد مودتك ويقبل نصحك فهذا حسن وإن لم يظهر لك ولكن رأيت أن تعينه على غرضه قضاء لحق إسلامه فذلك ليس بممنوع بل هو الأحسن إن كانت معصيته بالجناية على حقك أو حق من يتعلق بك وفيه نزل قوله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة إلى قوله تعالى {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} إذ تكلم مسطح بن أثاثة في واقعة الإفك (¬1) فحلف أبو بكر أن يقطع عنه رفقه وقد كان يواسيه بالمال فنزلت الآية مع عظم معصية مسطح وأية معصية تزيد على التعرض لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإطالة اللسان في مثل عائشة رضي الله عنها إلا أن الصديق رضي الله عنه كان كالمجني عليه في نفسه بتلك الواقعة والعفو عمن ظلم والإحسان إلى من أساء من أخلاق الصديقين وإنما يحسن الإحسان إلى من ظلمك فأما من ظلم غيرك وعصى الله به فلا يحسن إحسانك إليه لأن في الإحسان إلى الظالم إساءة إلى المظلوم ¬_________ (¬1) حديث كلام مسطح في الإفك وهجر أبي بكر له حتى نزلت {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} الآية متفق عليه من حديث عائشة
পৃষ্ঠা - ৫২৮
وحق المظلوم أولى بالمراعاة وتقوية قلبه بالإعراض عن الظالم أحب إلى الله من تقوية قلب الظالم فأما إذا كنت أنت المظلوم فالأحسن في حقك العفو والصفح وطرق السلف قد اختلفت في إظهار البغض مع أهل المعاصي وكلهم اتفقوا على إظهار البغض للظلمة والمبتدعة وكل من عصى الله بمعصية متعدية منه إلى غيره فأما من عصى الله في نفسه فمنهم من نظر بعين الرحمة إلى العصاة كلهم ومنهم من شدد الإنكار واختار المهاجرة فقد كان أحمد بن حنبل يهجر الأكابر في أدنى كلمة حتى هجر يحيى بن معين لقوله إني لا أسأل أحداً شيئاً ولو حمل السلطان إلي شيئاً لأخذته وهجر الحارث المحاسبي في تصنيفه في الرد على المعتزلة وقال إنك لا بد تورد أولاً شبهتهم وتحمل الناس على التفكر فيها ثم ترد عليهم وهجر أبا ثور في تأويله قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ خلق آدم على صورته (¬1) وهذا أمر يختلف باختلاف النية وتختلف النية باختلاف الحال فإن كان الغالب على القلب النظر إلى اضطرار الخلق وعجزهم وأنهم مسخرون لما قدروا له أورث هذا تساهلاً في المعاداة والبغض وله وجه ولكن قد تلتبس به المداهنة فأكثر البواعث على الإغضاء عن المعاصي المداهنة ومراعاة القلوب والخوف من وحشتها ونفارها وقد يلبس الشيطان ذلك على الغبي الأحمق بأنه ينظر بعين الرحمة ومحك ذلك أن ينظر إليه بعين الرحمة إن جنى على خاص حقه ويقول إنه قد سخر له والقدر لا ينفع منه الحذر وكيف لا يفعله وقد كتب عليه فمثل هذا قد تصح له نية في الإغماض عن الجناية على حق الله وإن كان يغتاظ عند الجناية على حقه ويترحم عند الجناية على حق الله فهذا مداهن مغرور بمكيدة من مكايد الشيطان فليتنبه له فإن قلت فأقل الدرجات في إظهار البغض الهجر والإعراض وقطع الرفق والإعانة فهل يجب ذلك حتى يعصي العبد بتركه فأقول لا يدخل ذلك في ظاهر العلم تحت التكليف والإيجاب فإنا نعلم أن الذين شربوا الخمر وتعاطوا الفواحش فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم والصحابة ما كانوا يهجرون بالكلية بل كانوا منقسمين فيهم إلى من يغلظ القول عليه ويظهر البعض له وإلى من يعرض عنه ولا يتعرض له وإلى من ينظر إليه بعين الرحمة ولا يؤثر المقاطعة والتباعد فهذه دقائق دينية تختلف فيها طرق السالكين لطريق الآخرة ويكون عمل كل واحد على ما يقتضيه حاله ووقته ومقتضى الأحوال في هذه الأمور إما مكروهة أو مندوبة فتكون في رتبة الفضائل ولا تنتهي إلى التحريم والإيجاب فإن الداخل تحت التكليف أصل المعرفة لله تعالى وأصل الحب وذلك قد لا يتعدى من المحبوب إلى غيره وإنما المتعدي إفراط الحب واستيلاؤه وذلك لا يدخل في الفتوى وتحت ظاهر التكليف في حق عوام الخلق أصلاً بيان مراتب الذين يبغضون في الله وكيفية معاملتهم فإن قلت إظهار البغض والعداوة بالفعل إن لم يكن واجباً فلا شك أنه مندوب إليه والعصاة والفساق على مراتب مختلفة فكيف ينال الفضل بمعاملتهم وهل يسلك بجميعهم مسلكاً واحداً أم لا فاعلم أن المخالف لأمر الله سبحانه لا يخلو إما أن يكون مخالفاً في عقده أو في عمله والمخالف في العقد إما مبتدع أو كافر والمبتدع إما داع إلى بدعته أو ساكت والساكت إما بعجزه أو باختياره فأقسام الفساد في الاعتقاد ثلاثة الأول الكفر فالكافر إن كان محارباً فهو يستحق القتل والإرقاق وليس بعد هذين إهانة وأما الذمي فإنه لا يجوز إيذاؤه إلا بالإعراض عنه والتحقير له بالاضرار إلى أضيق الطريق وبترك المفاتحة بالسلام فإذا قال ¬_________ (¬1) حديث إن الله خلق آدم على صورته أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة
পৃষ্ঠা - ৫২৯
السلام عليك قلت وعليك والأولى الكف عن مخالطته ومعاملته ومواكلته وأما الانبساط معه والاسترسال إليه كما يسترسل إلى الأصدقاء فهو مكروه كراهة شديدة يكاد ينتهي ما يقوى منها إلى حد التحريم قال تعالى {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم} الآية وقال صلى الله عليه وسلم المسلم والمشرك لا تتراءى ناراهما (¬1) وقال عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} الآية الثاني المبتدع الذي يدعو إلى بدعته فإن كانت البدعة بحيث يكفر بها فأمره أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة وإن كان ممن لا يكفر به فأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله إذ لا يدعي لنفسه الإسلام واعتقاد الحق أما المبتدع الذي يدعوا إلا البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد وإن سلم في خلوة فلا بأس برد جوابه وإن علمت أن الإعراض عنه والسكوت عن جوابه يقبح في نفسه بدعته ويؤثر في زجره فترك الجواب أولى لأن جواب الإسلام وإن كان واجباً فيسقط بأذني غرض فيه مصلحة حتى يسقط بكون الإنسان في الحمام أو في قضاء حاجته وغرض الزجر أهم من هذه الأغراض وإن كان في ملأ فترك الجواب أول تنفيراً للناس عنه وتقبيحاً لبدعته في أعينهم وكذلك الأولى كف الإحسان إليه والإعانة له لا سيما فيما يظهر للخلق قال عليه السلام من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً ومن أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر من ألان له وأكرمه أو لقيه ببشر فقد استخف بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم (¬2) الثالث المبتدع العامي الذي لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون فالأولى أن لا يقابح بالتغليظ والإهانة بل يتلطف به في النصح فإن قلوب العوام سريعة التقلب فإن لم ينفع النصح وكان في الإعراض عنه تقبيح لبدعته في عينه تأكد الاستحباب في الإعراض وإن علم أن ذلك لا يؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده في قلبه فالإعراض أولى لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فسادها وأما العاصي بفعله وعمله لا باعتقاده فلا يخلو إما أن يكون بحيث يتأذى به غيره كالظلم والغضب وشهادة الزور والغيبة والتضريب بين الناس والمشي بالنميمة وأمثالها أو كان مما لا يقتصر عليه ويؤذي غيره وذلك ينقسم إلى ما يدعو غيره إلى الفساد كصاحب الماخور الذي يجمع بين الرجال والنساء ويهيء أسباب الشرب والفساد لأهل الفساد أو لا يدعو غيره إلى فعله كالذي يشرب ويزني وهذا الذي لا يدعو غيره إما أن يكون عصيانه بكبيرة أو بصغيرة وكل واحد فإما أن يكون مصراً عليه أو غير مصر فهذه التقسيمات يتحصل منها ثلاثة أقسام ولكل قسم منها رتبة وبعضها أشد من بعض ولا نسلك بالكل مسلكاً واحداً القسم الأول وهو أشدها ما يتضرر به الناس كالظلم والغصب وشهادة الزور والغيبة والنميمة فهؤلاء الأولى الإعراض عنهم وترك مخالطتهم والانقباض عن معاملتهم لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق ثم هؤلاء ¬_________ (¬1) حديث المؤمن والمشرك لا تتراءى ناراهما رواه أبو داود والترمذي من حديث جرير أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم قال لا تراءى ناراهما رواه النسائي مرسلا وقال البخاري الصحيح أنه مرسل (¬2) حديث من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيمانا الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية والهروي في ذم الكلام من حديث ابن عمر بسند ضعيف
পৃষ্ঠা - ৫৩০
ينقسمون إلى من يظلم في الدماء وإلى من يظلم في الأموال وإلى من يظلم في الأعراض وبعضها أشد من بعض فالاستحباب في إهانتهم والإعراض عنهم مؤكد جداً ومهما كان يتوقع من الإهانة زجراً لهم أو لغيرهم كان الأمر فيه آكد وأشد الثاني صاحب الماخور الذي يهيء أسباب الفساد ويسهل طرقه على الخلق فهذا لا يؤذي الخلق في دنياهم ولكن يختلس بفعله دينهم وإن كان وفق رضاهم فهو قريب من الأول ولكنه أخف منه فإن المعصية بين العبد وبين الله تعالى إلى العفو أقرب ولكن من حيث إنه متعد على الجملة إلى غيره فهو شديد وهذا أيضاً يقتضي الإهانة والإعراض والمقاطعة وترك جواب السلام إذا ظن أن فيه نوعاً من الزجر له أو لغيره الثالث الذي يفسق في نفسه بشرب خمر أو ترك واجب أو مقارفة محظور يخصه فالأمر فيه أخف ولكنه في وقت مباشرته إن صودف يجب منعه بما يمتنع به منه ولو بالضرب والاستخفاف فإن النهي عن المنكر واجب وإذا فرغ منه وعلم أن ذلك من عادته وهو مصر عليه فإن تحقق أن نصحه يمنعه عن العود إليه وجب النصح وإن لم يتحقق ولكنه كان يرجو فالأفضل النصح والزجر بالتلطف أو بالتغليظ إن كان هو الأنفع فأما الإعراض عن جواب سلامه والكف عن مخالطته حيث يعلم أنه يصر وأن النصح ليس ينفعه فهذا فيه نظر وسير العلماء فيه مختلفة والصحيح أن ذلك يختلف باختلاف نية الرجل فعند هذا يقال الأعمال بالنيات إذ في الرفق والنظر بعين الرحمة إلى الخلق نوع من التواضع وفي العنف والإعراض نوع من الزجر والمستفتى فيه القلب فما يراه أميل إلى هواه ومقتضى طبعه فالأولى ضده إذ قد يكون استخفافه وعنفه عن كبر وعجب والتذاذ بإظهار العلو والإدلال بالصلاح وقد يكون رفقه عن مداهنة واستمالة قلب للوصول به إلى غرض أو الخوف من تأثير وحشته ونفرته في جاه أو مال بظن قريب أو بعيد وكل ذلك مردد على إشارات الشيطان وبعيد عن أعمال أهل الآخرة وكل راغب في أعمال الدين مجتهد مع نفسه في التفتيش عن هذه الدقائق ومراقبة هذه الأحوال والقلب هو المفتى فيه وقد يصيب الحق في اجتهاده وقد يخطيء وقد يقدم على اتباع هواه وهو عالم به وقد يقدم وهو بحكم الغرور ظان أنه عامل لله وسالك طريق الآخرة وسيأتي بيان هذه الدقائق في كتاب الغرور من ربع المهلكات ويدل على تخفيف الأمر في الفسق القاصر الذي هو بين العبد وبين الله ما روي أن شارب خمر ضرب بين يدي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يعود فقال واحد من الصحابة لعنه الله ما أكثر ما يشرب فقال صلى الله عليه وسلم لا تكن عوناً للشيطان على أخيك (¬1) أو لفظاً هذا معناه وكأن هذا إشارة إلى أن الرفق أولى من العنف والتغليظ بيان الصِّفَاتُ الْمَشْرُوطَةُ فِيمَنْ تَخْتَارُ صُحْبَتَهُ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلصُّحْبَةِ كُلُّ إِنْسَانٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ (¬2) وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ بِخِصَالٍ وَصِفَاتٍ يَرْغَبُ بِسَبَبِهَا فِي صُحْبَتِهِ وتشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة إذ معنى الشرط مالا بد منه للوصول إلى المقصود فبالإضافة إلى المقصود تظهر الشروط ويطلب من الصحبة فوائد دينية ودنيوية أما الدنيوية فكالانتفاع بالمال أو الجاه أو مجرد الاستئناس بالمشاهدة والمجاورة وليس ذلك من أغراضنا وأما الدينية فيجتمع فيها أيضاً أغراض مختلفة إذ منها الاستفادة من العلم والعمل ومنها الاستفادة من الجاه تحصناً به عن إيذاء من يشوش القلب ويصد عن العبادة ومنها استفادة المال للاكتفاء به عن تضييع الأوقات ¬_________ (¬1) حديث أن شارب خمر ضرب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه لا تكن عوناً للشيطان على أخيك أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (¬2) حديث المرء على دين خليله الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح أن شاء الله
পৃষ্ঠা - ৫৩১
في طلب القوت ومنها الاستعانة في المهمات فيكون عدة في المصائب وقوة في الأحوال ومنها التبرك بمجرد الدعاء ومنها انتظار الشفاعة في الآخرة فقد قال السلف استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة أخيك وروي في غريب التفسير في قوله تعالى {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله} قال يشفعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم ويقال إذا غفر الله للعبد شفع في إخوانه ولذلك حث جماعة من السلف على الصحبة والألفة والمخالطة وكرهوا العزلة والانفراد فهذه فوائد تستدعي كل فائدة شروطاً لا تحصل إلا بها ونحن نفصلها أما على الجملة فينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَسَنَ الْخُلُقِ غَيْرَ فَاسِقٍ ولا مبتدع وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ فَإِلَى الْوَحْشَةِ وَالْقَطِيعَةِ تَرْجِعُ عَاقِبَتُهَا وإن طالت قال علي رضي الله عنه فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه ... فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه ... وللشيء من الشيء مقاييس وأشباه وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه كيف والأحمق قد يضرك وهو يريد نفعك وإعانتك من حيث لا يدري ولذلك قال الشاعر إني لآمن من عدو عاقل ... وأخاف خلاً يعتريه جنون فالعقل فن واحد وطريقه ... أدرى فأرصد والجنون فنون ولذلك قيل مقاطعة الأحمق قربان إلى الله وقال الثوري النظر إلى وجه الأحمق خطيئة مكتوبة ونعني بالعاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه إما بنفسه وإما إذا فهم وأما حسن الخلق فلا بد منه إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه ولكن إذا غَلَبَهُ غَضَبٌ أَوْ شَهْوَةٌ أَوْ بُخْلٌ أَوْ جبن أطاع هواه وخالف ما هو المعلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَتِهِ وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُصِرُّ على الفسق فلا فائدة في صحبته لأن من يخاف الله لا يصر على كبيرة ومن لَا يَخَافُ اللَّهَ لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا يوثق بصداقته بل يتغير بتغير الأغراض وقال تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذكرنا واتبع هواه} وقال تعالى {فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه} وقال تعالى فأعرض عمن تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدنيا وقال {واتبع سبيل من أناب إلي} وفي مفهوم ذلك زجر عن الفاسق وأما المبتدع ففي صحبته خطر سراية البدعة وتعدي شؤمها إليه فالمبتدع مستحق للهجر والمقاطعة فكيف تؤثر صحبته وقد قال عمر رضي الله عنه في الحث على طلب التدين في الصديق فيما رواه سعيد بن المسيب قال عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يغلبك منه واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين من القوم ولا أمين إلا من خشي الله فلا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره ولا تطعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى وأما حسن الخلق فقد جمعه علقمة العطاردي في وصيته لابنه حين حضرته الوفاة قال يَا بُنَيَّ إِذَا عَرَضَتْ لَكَ إِلَى صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤنة مانك اصحب مَنْ إِذَا مَدَدْتَ يَدَكَ بِخَيْرٍ مَدَّهَا وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً سَدَّهَا اصْحَبْ مَنْ إِذَا سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ وَإِنْ سَكَتَّ ابْتَدَاكَ وَإِنْ نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ وَاسَاكَ اصْحَبْ مَنْ إِذَا قُلْتَ صَدَّقَ قَوْلَكَ وَإِنْ حاولتما أمراً أمرك وإن تنازعتما آثرك فكأنه جمع بهذا جميع حقوق الصحبة وشرط أن يكون قائماً بجميعها قال ابن أكثم قال المأمون فأبن هذا فقيل له أتدري لم أوصاه بذلك قال
পৃষ্ঠা - ৫৩২
لا قال لأنه أراد أن لا يصحب أحداً وقال بعض الأدباء لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر عيبك فيكون معك في النوائب ويؤثرك بالرغائب وينشر حسنتك ويطوي سيئتك فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ أَخَاكَ الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ ... وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكَ وَمَنْ إِذَا رَيْبُ زَمَانٍ صَدَّعَكَ ... شَتَّتَ فِيهِ شمله ليجمعك وقال بعض العلماء لا تصحب إلا أحد رجلين رجل تتعلم منه شيئاً في أمر دينك فينفعك أو رجل تعلمه شيئاً في أمر دينه فيقبل منك والثالث فاهرب منه وقال بعضهم الناس أربعة فواحد حلو كله فلا يشبع منه وآخر مر كله فلا يؤكل منه وآخر فيه حموضة فخذ من هذا قبل أن يأخذ منك وآخر فيه ملوحة فخذ منه وقت الحاجة فقط وقال جعفر الصادق رضي الله عنه لا تصحب خمسة الكذاب فإنك منه على غرور وهو مثل السراب يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب والأحمق فإنك لست منه على شيء يريد أن ينفعك فيضرك والبخيل فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه والجبان فإنه يسلمك ويفر عند الشدة والفاسق فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها فقيل وما أقل منها قال الطمع فيها ثم لا ينالها وقال الجنيد لأن يصحبني فاسق حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني قاريء سيء الخلق وقال ابن أبي الحواري قال لي أستاذي أبو سليمان يا أحمد لَا تَصْحَبْ إِلَّا أَحَدَ رَجُلَيْنِ رَجُلًا تَرْتَفِقُ بِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ أَوْ رَجُلًا تَزِيدُ مَعَهُ وَتَنْتَفِعُ بِهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِكَ وَالِاشْتِغَالُ بغير هذين حمق كبير وقال سهل بن عبد الله اجتنب صحبة ثلاثة من أصناف الناس الجبابرة الغافلين والقراء المداهنين والمتصوفة الجاهلين واعلم أن هذه الكلمات أكثرها غير محيط بجميع أغراض الصحبة والمحيط ما ذكرناه من ملاحظة المقاصد ومراعاة الشروط بالإضافة إليها فليس ما يشترط للصحبة في مقاصد الدنيا مشروطا للصحبته في الآخرة والأخوة كما قال بشر الإخوان ثلاثة أخ لآخرتك وأخ لدنياك وأخ لتأنس به وقلما تجتمع هذه المقاصد في واحد بل تتفرق على جمع فتتفرق الشروط فيهم لا محالة وقد قال المأمون الإخوان ثلاثة أحدهم مثله مثل الغذاء لا يستغنى عنه والآخر مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت والثالث مثله مثل الداء لا يحتاج إليه قط ولكن العبد قد يبتلي به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع وقد قيل مثل جملة الناس كمثل الشجر والنبات فمنها ما له ظل وليس له ثمر وهو مثل الذي ينتفع به في الدنيا دون الآخرة فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال ومنها ما له ثمر وليس له ظل وهو مثل الذي يصلح للآخرة دون الدنيا ومنها ما له ثمر وظل جميعا ومنها ما ليس له واحد منهما كأم غيلان تمزق الثياب ولا طعم فيهما ولا شراب ومثله من الحيوانات الفأرة والعقرب كما قال تعالى {يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير} وقال الشاعر الناس شتى إذا ما أنت ذقتهم ... لا يستوون كما لا يستوي الشجر هذا له ثمر حلو مذاقته ... وذاك ليس له طعم ولا ثمر فإذا لم يجد رفيقاً يؤاخيه ويستفيد به أحد هذه المقاصد فالوحدة أولى به قال أبو ذر رضي الله عنه الوحدة خير من الجليس السوء والجليس الصالح خير من الوحدة ويروى مرفوعاً وأما الديانة وعدم الفسق فقد قال الله تعالى {واتبع سبيل من أناب إلي} ولأن مشاهدة الفسق والفساق تهون أمر المعصية على القلب وتبطل نفرة القلب عنها قال سعيد بن المسيب لا تنظروا إلى الظلمة فتحبط أعمالكم الصالحة بل هؤلاء لا سلامة في مخالطتهم وإنما
পৃষ্ঠা - ৫৩৩
السلامة في الانقطاع عنهم قال الله تعالى {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} أي سلامة والألف بدل من الهاء ومعناه إنا سلمنا من إثمكم وأنتم سلمتم من شرنا فهذا ما أردنا أن نذكره من معاني الأخوة وشروطها وفوائدها فلنرجع في ذكر حقوقها ولوازمها وطرق القيام بحقها وَأَمَّا الْحَرِيصُ عَلَى الدُّنْيَا فَصُحْبَتُهُ سُمٌّ قَاتِلٌ لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالِاقْتِدَاءِ بَلِ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنَ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ فَمُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ عَلَى الدُّنْيَا تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ تكره صحبة طلاب الدنيا ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة قال علي عليه السلام أحيوا الطاعات بمجالسة من يستحيا منه وقال أحمد بن حنبل رحمه الله ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه وقال لقمان يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ فَإِنَّ الْقُلُوبَ لَتَحْيَا بِالْحِكْمَةِ كَمَا تَحْيَا الْأَرْضُ الْمَيِّتَةُ بوابل القطر الباب الثاني في حقوق الأخوة والصحبة اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين الزوجين وكما يقتضي النكاح حقوقاً يجب الوفاء بها قياماً بحق النكاح كما سبق ذكره في كتاب آداب النكاح فكذا عقد الأخوة فلأخيك عليك حق في المال والنفس وفي اللسان والقلب بالعفو والدعاء وبالإخلاص والوفاء وبالتخفيف وترك التكلف والتكليف وذلك يجمعه ثمانية حقوق الحق الأول في المال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلَ الْأَخَوَيْنِ مَثَلُ الْيَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى (¬1) وإنما شبههما باليدين لا باليد والرجل لأنهما يتعاونان على غرض واحد فكذا الْأَخَوَانِ إِنَّمَا تَتِمُّ أُخُوَّتُهُمَا إِذَا تَرَافَقَا فِي مَقْصِدٍ وَاحِدٍ فَهُمَا مِنْ وَجْهٍ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُسَاهَمَةَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْمُشَارَكَةَ فِي الْمَآلِ وَالْحَالِ وَارْتِفَاعَ الِاخْتِصَاصِ وَالِاسْتِئْثَارِ وَالْمُوَاسَاةُ بِالْمَالِ مَعَ الْأُخُوَّةِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ أَدْنَاهَا أن تنزله منزلة عبدك أو خَادِمِكَ فَتَقُومَ بِحَاجَتِهِ مِنْ فَضْلَةِ مَالِكَ فَإِذَا سَنَحَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَكَانَتْ عِنْدَكَ فَضْلَةٌ عَنْ حَاجَتِكَ أَعْطَيْتَهُ ابْتِدَاءً وَلَمْ تُحْوِجْهُ إِلَى السُّؤَالِ فَإِنْ أَحْوَجْتَهُ إِلَى السُّؤَالِ فَهُوَ غَايَةُ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الْأُخُوَّةِ الثَّانِيَةُ أَنْ تُنْزِلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِكَ وَتَرْضَى بِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاكَ فِي مَالِكَ وَنُزُولِهِ منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال قال الحسن كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه الثالثة وهي الْعُلْيَا أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَتُقَدِّمَ حَاجَتَهُ على حاجتك وهذه مرتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين ومن ثمار هذه الرتبة الإيثار بالنفس أيضاً كما روي أنه سعى بجماعة من الصوفية إلى بعض الخلفاء فأمر بضرب رقابهم وفيهم أبو الحسين النوري فبادر السياف ليكون هو أول مقتول فقيل له في ذلك فقال أحببت أن أوثر إخواني بالحياة في هذه اللحظة فكان ذلك سبب نجاة جميعهم في حكاية طويلة فَإِنْ لَمْ تُصَادِفْ نَفْسَكَ فِي رُتْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الرُّتَبِ مَعَ أَخِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْأُخُوَّةِ لَمْ يَنْعَقِدْ بَعْدُ فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا الْجَارِي بَيْنَكُمَا مُخَالَطَةٌ رَسْمِيَّةٌ لَا وَقْعَ لَهَا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ فَقَدْ قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ مَنْ رَضِيَ مِنَ الْإِخْوَانِ بِتَرْكِ الْإِفْضَالِ فليؤاخ أهل القبور وأما الدرجة الدنيا فَلَيْسَتْ أَيْضًا مَرْضِيَّةً عِنْدَ ذَوِي الدِّينِ رُوِيَ أن عتبة الغلام جاء إلى منزل رجل ¬_________ (¬1) حديث مثل الأخوين مثل اليدين الحديث تقدم في الباب قبله
পৃষ্ঠা - ৫৩৪
كَانَ قَدْ آخَاهُ فَقَالَ أَحْتَاجُ مِنْ مَالِكَ إِلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ خُذْ أَلْفَيْنِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَقَالَ آثَرْتَ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَمَا اسْتَحْيَيْتَ أَنْ تَدَّعِيَ الْأُخُوَّةَ فِي اللَّهِ وَتَقُولَ هذا ومن كان في الدرجة الدنيا من الأخوة ينبغي أن لا تعامله في الدنيا قال أبو حازم إذا كان لك أخ في الله فلا تعامله في أمور دنياك وإنما أراد به من كان في هذه الرتبة وَأَمَّا الرُّتْبَةُ الْعُلْيَا فَهِيَ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فِي قَوْلِهِ {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} أَيْ كَانُوا خُلَطَاءَ فِي الْأَمْوَالِ لَا يُمَيِّزُ بَعْضُهُمْ رَحْلَهُ عَنْ بَعْضٍ وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْحَبُ مَنْ قَالَ نَعْلِي لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلى نفسه وجاء فتح الموصلي إلى منزل لأخ له وكان غائباً فأمر أهله فأخرجت صندوقه ففتحه وأخذ حاجته فأخبرت الجارية مولاها فقال إن صدقت فأنت حرة لوجه الله سروراً بما فعل وجاء رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه وقال إني أريد أن أواخيك في الله فقال أتدري ما حق الإخاء قال عرفني قال أن لا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني قال لم أبلغ هذه المنزلة بعد قال فاذهب عني وقال عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِرَجُلٍ هَلْ يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ وكيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه قال لا قال فلستم بإخوان ودخل قوم على الحسن رضي الله عنه فقالوا يا أبا سعيد أصليت قال نعم قالوا فإن أهل السوق لم يصلوا بعد قال ومن يأخذ دينه من أهل السوق بلغني أن أحدهم يمنع أخاه الدرهم قاله كالمتعجب منه وجاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم رحمه الله وهو يريد بيت المقدس فقال إني أريد أن أرافقك فقال له إبراهيم على أن أكون أملك لشيئك منك قال لا قال أعجبني صدقك قال فكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله إذا رافقه رجل لم يخالفه وكان لا يصحب إلا من يوافقه وصحبه رجل شراك فأهدى رجل إلى إبراهيم في بعض المنازل قصعة من ثريد ففتح جراب رفيقه وأخذ حزمة من شراك وجعلها في القصعة وردها إلى صاحب الهدية فلما جاء رفيقه قال أين الشراك قال ذلك الثريد الذي أكلته إيش كان قال كنت تعطيه شراكين أو ثلاثة قال اسمح يسمح لك وأعطى مرة حماراً كان لرفيقه بغير إذنه رجلاً رآه راجلا فلما جاء رفيقه سكت ولم يكره ذلك قال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أُهْدِيَ لِرَجُلٍ دمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رَأْسُ شَاةٍ فَقَالَ أَخِي فُلَانٌ أَحْوَجُ مِنِّي إِلَيْهِ فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَبَعَثَهُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ إِلَى آخَرَ فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ وَاحِدٌ إِلَى آخَرَ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ أن تداوله سبعة وروي أن مسروقاً أدان ديناً ثقيلاً وكان على أخيه خيثمة دين قال فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم ولما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والنفس فقال عبد الرحمن بارك الله لك فيهما (¬1) فآثره بما آثره به وكأنه قبله ثم آثره به وذلك مساواة والبداية إيثار والإيثار أفضل من المساواة وقال أبو سليمان الدارني لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا لِي فَجَعَلْتُهَا فِي فم أخ من إخواني لاستقللتها له وقال أيضاً إني لألقم اللقمة أخاً من إخواني فأجد طعمها في حلقي كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْإِخْوَانِ أَفْضَلَ مِنَ الصَّدَقَاتِ على الفقراء قال علي رضي الله تعالى عَنْهُ لَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أُعْطِيهَا أَخِي فِي اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ على المساكين وقال أيضاً لأن أصنع صاعاً من طعام وأجمع عليه إخواني في الله أحب إلي من أن أعتق رقبة واقتداء الكل في الإيثار برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم إلى صاحبه فقال له يا رسول الله كنت والله أحق بالمستقيم مني فقال ما من صاحب يصحب صاحباً ولو ساعة من النهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه (¬2) فأشار بهذا إلى أن الإيثار ¬_________ (¬1) حديث لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والنفس فقال عبد الرحمن بارك الله فيهما رواه البخاري من حديث أنس (¬2) حديث انه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم إلى صاحبه الحديث لم أقف له على أصل
পৃষ্ঠা - ৫৩৫
هو القيام بحق الله في الصحبة وخرج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بئر يغتسل عندها فأمسك حذيفة بن اليمان الثوب وقام يستر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اغتسل ثم جلس حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوب وقام يستر حذيفة عن الناس فأبى حذيفة وقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تفعل فأبى عليه السلام إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه (¬2) وروي أن مالك بن دينار ومحمد بن واسع دخلا منزل الحسن وكان غائباً فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن فجعل يأكل فقال له مالك كف يدك حتى يجيء صاحب البيت فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل وكان مالك أبسط منه وأحسن خلقاً فدخل الحسن وقال يا مويلك هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضاً حتى ظهرت أنت وأصحابك وأشار بهذا إلى أن الانبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في الأخوة كيف وقد قال الله تعالى {أو صديقكم} وقال {أو ما ملكتم مفاتحه} إِذْ كَانَ الْأَخُ يَدْفَعُ مَفَاتِيحَ بَيْتِهِ إِلَى أخيه ويفوض له التصرف كما يريد وكان أخوه يَتَحَرَّجُ عَنِ الْأَكْلِ بِحُكْمِ التَّقْوَى حَتَّى أَنْزَلَ الله تعالى هَذِهِ الْآيَةَ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الِانْبِسَاطِ فِي طَعَامِ الْإِخْوَانِ وَالْأَصْدِقَاءِ الْحَقُّ الثَّانِي فِي الْإِعَانَةِ بالنفس فِي قَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَالْقِيَامِ بِهَا قَبْلَ السُّؤَالِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةِ وَهَذِهِ أَيْضًا لَهَا درجات كما للمواساة بالمال فَأَدْنَاهَا الْقِيَامُ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ مَعَ الْبَشَاشَةِ وَالِاسْتِبْشَارِ وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَقَبُولِ الْمِنَّةِ قال بعضهم إذا اسْتَقْضَيْتَ أَخَاكَ حَاجَةً فَلَمْ يَقْضِهَا فَذَكِّرْهُ ثَانِيَةً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ فَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا فَكَبِّرْ عَلَيْهِ وَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ وَالْمَوْتَى يبعثهم الله وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى قال جعفر بن محمد إني لأتسارع إلى قضاء حوائج أعدائي مخافة أن أردهم فيستغنوا عني هذا في الأعداء فكيف في الأصدقاء وَكَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَتَفَقَّدُ عِيَالَ أَخِيهِ وَأَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَقُومُ بِحَاجَتِهِمْ ويتردد كُلَّ يَوْمٍ إِلَيْهِمْ وَيَمُونُهُمْ مِنْ مَالِهِ فَكَانُوا لَا يَفْقِدُونَ مِنْ أَبِيهِمْ إِلَّا عَيْنَهُ بَلْ كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه ويسأل ويقول هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة وكان يقوم بها حَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَخُوهُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ الشَّفَقَةُ والأخوة فإذا لَمْ تُثْمِرِ الشَّفَقَةَ حَتَّى يُشْفِقَ عَلَى أَخِيهِ كَمَا يُشْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهَا قال ميمون ابن مِهْرَانَ مَنْ لَمْ تَنْتَفِعْ بِصَدَاقَتِهِ لَمْ تَضُرَّكَ عداوته وقال صلى الله عليه وسلم ألا وإن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في الدين وأرقها على الإخوان (¬3) وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَاجَةُ أَخِيكَ مِثْلَ حَاجَتِكَ أَوْ أَهَمَّ مِنْ حَاجَتِكَ وَأَنْ تَكُونَ مُتَفَقِّدًا لِأَوْقَاتِ الْحَاجَةِ غَيْرَ غَافِلٍ عَنْ أَحْوَالِهِ كَمَا لَا تَغْفُلُ عَنْ أَحْوَالِ نَفْسِكَ وَتُغْنِيهِ عن السؤال وإظهار الحاجة إلى الاستعانة بل ¬_________ (¬1) حديث ستر حذيفة للنبي صلى الله عليه وسلم بثوب حتى اغتسل ثم ستره صلى الله عليه وسلم لحذيفة حتى اغتسل لم أجده أيضا (¬2) حديث ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه تقدم في الباب قبله بلفظ أحدهما حبا لصاحبه (¬3) حديث إن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله أصفاها وأصلبها أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني إلا انه قال ألينها وأرقها وإسناده جيد
পৃষ্ঠা - ৫৩৬
تقوم بحاجته كأنك لا تدري أنك قمت بها وَلَا تَرَى لِنَفْسِكَ حَقًّا بِسَبَبِ قِيَامِكَ بِهَا بل تتقلد منة بقبوله سعيك في حقه وقيامك بأمره ولا ينبغي أن تقتصر على قضاء الحاجة بل تجتهد في البداية بالإكرام في الزيادة والإيثار والتقديم على الأقارب والولد كان الحسن يقول إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة وقال الحسن من شيع أخاه في الله بعث الله ملائكة من تحت عرشه يوم القيامة يشيعونه إلى الجنة وفي الأثر ما زار رجل أخاً في الله شوقاً إلى لقائه إلا ناداه ملك من خلفه طبت وطابت لك الجنة (¬1) وَقَالَ عطاء تَفَقَّدُوا إِخْوَانَكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَإِنْ كَانُوا مَرْضَى فَعُودُوهُمْ أَوْ مَشَاغِيلَ فَأَعِينُوهُمْ أَوْ كانوا نسوا فذكروهم وروي أن ابن عمر كان يلتفت يميناً وشمالاً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال أحببت رجلاً فأنا أطلبه ولا أراه فقال إذا أحببت أحداً فسله عن اسمه واسم أبيه وعن منزله فإن كان مريضاً عدته وإن كان مشغولاً أعنته (¬2) وفي رواية وعن اسم جده وعشيرته وقال الشعبي في الرجل يجالس الرجل فيقول أعرف وجهه ولا أعرف اسمه تلك معرفة النوكي وقيل لابن عباس من أحب الناس إليك قال جليسي وقال ما اختلف رجل إلى مجلسي ثلاثاً من غير حاجة له إلي فعلمت ما مكافأته من الدنيا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِجَلِيسِي عَلَيَّ ثَلَاثٌ إِذَا دَنَا رَحَّبْتُ بِهِ وَإِذَا حَدَّثَ أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَإِذَا جَلَسَ أَوْسَعْتُ لَهُ وَقَدْ قَالَ تعالى {رحماء بينهم} إِشَارَةً إِلَى الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ وَمِنْ تَمَامِ الشَّفَقَةِ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ بِطَعَامٍ لَذِيذٍ أَوْ بِحُضُورٍ في مسرة دونه بل يتنغض لِفِرَاقِهِ وَيَسْتَوْحِشُ بِانْفِرَادِهِ عَنْ أَخِيهِ الْحَقُّ الثَّالِثُ في اللسان بِالسُّكُوتِ مَرَّةً وَبِالنُّطْقِ أُخْرَى أَمَّا السُّكُوتُ فَهُوَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِ عُيُوبِهِ فِي غَيْبَتِهِ وَحَضْرَتِهِ بَلْ يَتَجَاهَلُ عَنْهُ وَيَسْكُتُ عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ وَلَا يُمَارِيهِ وَلَا يُنَاقِشُهُ وَأَنْ يَسْكُتَ عَنِ التَّجَسُّسِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِهِ وَإِذَا رَآهُ فِي طَرِيقٍ أَوْ حَاجَةٍ لَمْ يُفَاتِحْهُ بِذِكْرِ غَرَضِهِ مِنْ مَصْدَرِهِ وَمَوْرِدِهِ ولا يسأله عنه فَرُبَّمَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكْذِبَ فِيهِ وَلْيَسْكُتْ عَنْ أَسْرَارِهِ الَّتِي بثها إليه وَلَا يَبُثُّهَا إِلَى غَيْرِهِ الْبَتَّةَ وَلَا إِلَى أَخَصِّ أَصْدِقَائِهِ وَلَا يَكْشِفُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ بَعْدَ الْقَطِيعَةِ وَالْوَحْشَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ لُؤْمِ الطَّبْعِ وَخُبْثِ الْبَاطِنِ وَأَنْ يَسْكُتَ عَنِ الْقَدْحِ فِي أَحْبَابِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَأَنْ يَسْكُتَ عَنْ حِكَايَةِ قَدْحِ غَيْرِهِ فِيهِ فَإِنَّ الَّذِي سَبَّكَ من بلغك وقال أنس كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحداً بشيء يكرهه // حديث أنس كان لا يواجه احد بشىء يكرهه أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في اليوم والليلة بسند ضعيف والتأذي يحصل أولاً من المبلغ ثم من القائل نعم لا يَنْبَغِي أَنْ يُخْفِيَ مَا يَسْمَعُ مِنَ الثَّنَاءِ عليه فإن السرور به أولاً يَحْصُلُ مِنَ الْمُبَلِّغِ لِلْمَدْحِ ثُمَّ مِنَ الْقَائِلِ وَإِخْفَاءُ ذَلِكَ مِنَ الْحَسَدِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلْيَسْكُتْ عَنْ كُلِّ كَلَامٍ يَكْرُهُهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا إِلَّا إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ النُّطْقُ فِي أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَلَمْ يَجِدْ رُخْصَةً فِي السُّكُوتِ فَإِذْ ذَاكَ لَا يُبَالِي بِكَرَاهَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِحْسَانٌ إِلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ كَانَ يُظَنُّ أَنَّهَا إِسَاءَةٌ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا ذِكْرُ مساوية وعيوبه ومساوي أَهْلِهِ فَهُوَ مِنَ الْغِيبَةِ وَذَلِكَ حَرَامٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُسْلِمٍ وَيَزْجُرُكَ عَنْهُ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تُطَالِعَ أَحْوَالَ نَفْسِكَ فَإِنْ وَجَدْتَ فِيهَا شَيْئًا وَاحِدًا مَذْمُومًا فَهَوِّنْ عَلَى نَفْسِكَ مَا تراه من أخيك ¬_________ (¬1) حديث ما زار أخا في الحديث تقدمفي الباب قبله (¬2) حديث ابن عمر إذا أحببت أحدا فاسأله عن اسمه واسم أبيه ومنزلة وعشيرته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه الترمذي من حديث يزيد بن نعامة وقال غريب ولا يعرف ليزيد بن نعامة سماع من النبي صلى الله عليه وسلم
পৃষ্ঠা - ৫৩৭
وَقَدِّرْ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ قَهْرِ نَفْسِهِ فِي تِلْكَ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا أَنَّكَ عَاجِزٌ عَمَّا أَنْتَ مُبْتَلًى بِهِ وَلَا تَسْتَثْقِلْهُ بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ مذمومة فأي الرجال المهذب وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله فلا تنتظره من أخيك في حق نفسك فليس حقك عليه بأكثر من حق الله عليك والأمر الثاني أنك تَعْلَمَ أَنَّكَ لَوْ طَلَبْتَ مُنَزَّهًا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ اعْتَزَلْتَ عَنِ الْخَلْقِ كَافَّةً وَلَنْ تَجِدَ مَنْ تُصَاحِبُهُ أَصْلًا فَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الناس إلا وله محاسن ومساو فإذا غلبت المحاسن المساوي فَهُوَ الْغَايَةُ وَالْمُنْتَهَى فَالْمُؤْمِنُ الْكَرِيمُ أَبَدًا يُحْضِرُ فِي نَفْسِهِ مَحَاسِنَ أَخِيهِ لِيَنْبَعِثَ مِنْ قَلْبِهِ التَّوْقِيرُ وَالْوُدُّ وَالِاحْتِرَامُ وَأَمَّا الْمُنَافِقُ اللَّئِيمُ فَإِنَّهُ أبدا يلاحظ المساوي وَالْعُيُوبَ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْمُؤْمِنُ يَطْلُبُ الْمَعَاذِيرَ وَالْمُنَافِقُ يَطْلُبُ الْعَثَرَاتِ وَقَالَ الفضيل الْفُتُوَّةُ الْعَفْوُ عَنْ زَلَّاتِ الْإِخْوَانِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السُّوءِ الَّذِي إِنْ رَأَى خَيْرًا سَتَرَهُ وَإِنْ رَأَى شَرًّا أَظْهَرَهُ (¬1) وما من شخص إلا ويمكن تحسين حاله بخصال فيه ويمكن تقبيحه أيضاً روي أن رجلاً أثنى على رجل عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان من الغد ذمه فقال عليه السلام أنت بالأمس تثني عليه واليوم تذمه فقال والله لقد صدقت عليه بالأمس وما كذبت عليه اليوم إنه أرضاني بالأمس فقلت أحسن ما علمت فيه وأغضبني اليوم فقلت أقبح ما علمت فيه فقال عليه السلام إن من البيان لسحراً (¬2) وكأنه كره ذلك فشبهه بالسحر ولذلك قال في خبر آخر البذاء والبيان شعبتان من النفاق (¬3) وفي الحديث الآخر إن الله يكره لكم البيان كل البيان وكذلك قال الشافعي رحمه الله ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ولا أحد يعصي الله ولا يطيعه فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل وإذا جعل مثل هذا عدلاً في حق الله فبأن تراه عدلاً في حق نفسك ومقتضى أخوتك أولى وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساويه يَجِبُ عَلَيْكَ السُّكُوتُ بِقَلْبِكَ وَذَلِكَ بِتَرْكِ إِسَاءَةِ الظَّنِّ فَسُوءُ الظَّنِّ غِيبَةٌ بِالْقَلْبِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَيْضًا وَحَدُّهُ أَنْ لَا تَحْمِلَ فِعْلَهُ على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة فلا يمكنك أن لا تعلمه وعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرساً وهو الذي يستند إلى علامة فإن ذلك يحرك الظن تحريكاً ضرورياً لا يقدر على دفعه والى ما منشؤه سوء اعتقادك فيه حتى يصدر منه فعل له وجهان فيحملك سوء الاعتقاد فيه على أن تنزله على الوجه الأدرإ من غير علامة تخصه به وذلك جناية عليه بالباطن وذلك حرام في حق كل مؤمن إذ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قد حرم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث (¬5) وسوء الظن ¬_________ (¬1) حديث اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السُّوءِ الَّذِي إِنْ رَأَى خَيْرًا سَتَرَهُ وَإِنْ رَأَى شَرًّا أَظْهَرَهُ أخرجه البخاري في التاريخ من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وللنسائي من حديث أبي هريرة وأبي سعيد بسند صحيح تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام (¬2) حديث أن رجلاً أثنى على رجل عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان من الغد ذمه الحديث {وفيه} فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَنْ البيان لسحرا أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك من حديث أبي بكرة إلا انه ذكر المدح والذم في مجلس واحد لا يومين ورواه الحاكم من حديث ابن عباس أطول منه بسند ضعيف أيضا (¬3) حديث البذاء والبيان شعبتان من النفاق أخرجه الترمذي وقال حسن غريب والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي أمامة بسند ضعيف (¬4) حديث إن الله حرم من المؤمن دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء أخرجه الحاكم في التاريخ من حديث ابن عباس دون قوله وعرضه ورجاله ثقات إلا أن أبا على النيسابوري قال ليس هذا عندي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عندي من كلام ابن عباس ولابن ماجه نحوه من حديث ابن عمر ولمسلم من حديث أبي هريرة كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وعرضه (¬5) حديث إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة
পৃষ্ঠা - ৫৩৮
يدعو إلى التحسس والتحسن وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولاتدابروا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا (¬1) وَالتَّجَسُّسُ فِي تَطَلُّعِ الْأَخْبَارِ وَالتَّحَسُّسُ بِالْمُرَاقَبَةِ بِالْعَيْنِ فَسَتْرُ الْعُيُوبِ وَالتَّجَاهُلُ والتغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيهاً على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح والمرضي عند الله من تخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب وغفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك وما هو بكل حال عبدك ولا مخلوقك وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائماً وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوا نستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إِيمَانُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْأُخُوَّةِ أَنْ يُعَامِلَ أَخَاهُ بِمَا يُحِبُّ أن يعامله به ولا شك أنه ينتظر منه ستر العورة والسكوت على المساوي والعيوب ولو ظهر له منه نقيض ما ينتظره اشتد عليه غيظه وغضبه فما أبعده إذا كان ينتظر منه ما لا يضمره له ولا يعزم عليه لأجله وويل له في نص كتاب الله تعالى حيث قال وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وكل من يلتمس من الإنصاف أكثر مما تسمح به نفسه فهو داخل تحت مقتضى هذه الآية وَمَنْشَأُ التَّقْصِيرِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوِ السَّعْيِ في كشفها الداء الدفين في الباطن وهو الحقد والحسن فإن الحقود الحسود يملأ باطنه بالخبث ولكن يحبسه في باطنه ويخفيه ولا يبديه مهما لم يجد له مجالا وإذا وجد فرصة انحلت الرابطة وارتفع الحياء ويترشح الباطن بخبثه الدفين ومهما انطوى الباطن على حقد وحسد فالانقطاع أولى قال بعض الحكماء ظاهر العتاب خير من مكنون الحقد ولا يزيد لطف الحقود إلا وحشة منه وَمَنْ فِي قَلْبِهِ سَخِيمَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِيمَانُهُ ضعيف وأمره مُخْطِرٌ وَقَلْبُهُ خَبِيثٌ لَا يَصْلُحُ لِلِقَاءِ اللَّهِ وقد روى عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه أنه قال كنت باليمن ولي جار يهودي يخبرني عن التوراة فقدم علي اليهودي من سفر فقلت إن الله قد بعث فينا نبياً فدعانا إلى الإسلام فأسلمنا وقد أنزل علينا كتاباً مصدقاً للتوراة فقال اليهودي صدقت ولكنكم لا تستطيعون أن تقوموا بما جاءكم به إنا نجد نعته ونعت أمته في التوراة إنه لا يحل لامريء أن يخرج من عتبة بابه وفي قلبه سخيمة على أخيه المسلم وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ إِفْشَاءِ سِرِّهِ الَّذِي اسْتَوْدَعَهُ وَلَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَيْسَ الصِّدْقُ وَاجِبًا فِي كُلِّ مَقَامٍ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْفِيَ عُيُوبَ نَفْسِهِ وَأَسْرَارَهُ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى الْكَذِبِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّ أَخَاهُ نَازِلٌ مَنْزِلَتَهُ وَهُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يختلفان إلا بالبدن هذه حقيقة الأخوة وكذلك لا يكون بالعمل بين يديه مرائياً وخارجاً عن أعمال السر إلى أعمال العلانية فإن معرفة أخيه بعمله كمعرفته بنفسه من غير فرق وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ 4 أخيه ستره الله تعالى في الدنيا الآخرة (¬2) وفي خبر آخر فكأنما أحيا موءودة (¬3) وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهُوَ أَمَانَةٌ (¬4) وَقَالَ الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ ¬_________ (¬1) حديث لَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو بعض الحديث الذي قبله (¬2) حديث من ستر عورة أخيه ستره الله في الدنيا الآخرة أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس وقال يوم القيامة ولم يقل في الدنيا ولمسلم من حديث أبي هريرة من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (¬3) حديث فكأنما أحيا موءودة من قبرها أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم من حديث عقبة بن عامر من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة زاد الحاكم من قبرها وقال صحيح الإسناد (¬4) حديث إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهُوَ أمانة أخرجه أبو داود والترمذي من حديث جابر وقال حسن
পৃষ্ঠা - ৫৩৯
إلا ثلاثة مجالس مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حلة (¬1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَتَجَالَسُ الْمُتَجَالِسَانِ بِالْأَمَانَةِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفْشِيَ على صاحبه ما يكره (¬2) قيل لبعض الأدباء كيف حفظك للسر قال أنا قبره وقد قيل صدور الأحرار قبور الأسرار وقيل إن قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه أي لا يستطيع الأحمق إخفاء ما في نفسه فيبديه من حيث لا يدري به فمن هذا يجب مقاطعة الحمقى والتوقي عن صحبتهم بل عن مشاهدتهم وقد قيل لآخر كيف تحفظ السر قال أجحد المخبر وأحلف للمستخبر وقال آخر وأستر أني أستره وعبر عنه ابن المعتز فقال ومستودعي سراً تبوأت كتمه ... فأودعته صدري فصار له قبرا وقال آخر وأراد الزيادة عليه وما السر في صدري كثاو بقبره ... لأني أرى المقبور ينتظر النشرا ولكنني أنساه حتى كأنني ... بما كان منه لم أحط ساعة خبرا ولو جاز كتم السر بيني وبينه ... عن السر والأحشاء لم تعلم السرا وَأَفْشَى بَعْضُهُمْ سِرًّا لَهُ إِلَى أَخِيهِ ثُمَّ قال له حفظت فقال بل نسيت وكان أبو سعيد الثوري يقول إذا أردت أن تواخي رجلاً فأغضبه ثم دس عليه من يسأله عنك وعن أسرارك فإن قال خيراً وكتم سرك فاصحبه وقيل لأبي يزيد من تصحب من الناس قال من يعلم منك ما يعلم الله ثم يستر عليك كما يستره الله وقال ذو النون لا خير في صحبة من لا يحب أن يراك إلا معصوماً ومن أفشى السر عند الغضب فهو اللئيم لأن إخفاءه عند الرضا تقتضيه الطباع السليمة كلها وقد قال بعض الحكماء لا تصحب من يتغير عليك عند أربع عند غضبه ورضاه وعند طمعه وهواه بل ينبغي أن يكون صدق الأخوة ثابتاً على اختلاف هذه الأحوال ولذلك قيل وترى الكريم إذا تصرم وصله ... يخفي القبيح ويظهر الإحسانا وترى اللئيم إذا تقضى وصله ... يخفي الجميل ويظهر البهتانا وَقَالَ العباس لِابْنِهِ عبد الله إِنِّي أَرَى هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقدمك على الأشياخ فاحفظ عني خَمْسًا لَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا وَلَا تَغْتَابَنَّ عنده أحداً ولا تجرين عليه كَذِبًا وَلَا تَعْصِيَنَّ لَهُ أَمْرًا وَلَا يَطَّلِعَنَّ مِنْكَ عَلَى خِيَانَةٍ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ وَمِنْ ذلك السكوت عن الْمُمَارَاةِ وَالْمُدَافَعَةِ فِي كُلِّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَخُوكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تُمَارِ سَفِيهًا فَيُؤْذِيكَ وَلَا حَلِيمًا فَيَقْلِيكَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ بيت في أعلى الجنة // حديث مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بيت في ربض الجنة الحديث تقدم في العلم هَذَا مَعَ أَنَّ تَرْكَهُ مُبْطِلًا وَاجِبٌ وَقَدْ جَعَلَ ثَوَابَ النَّفْلِ أَعْظَمَ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْحَقِّ أَشَدُّ عَلَى النَّفْسِ مِنَ السُّكُوتِ عَلَى الْبَاطِلِ وَإِنَّمَا الْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ وَأَشَدُّ الْأَسْبَابِ لِإِثَارَةِ نَارِ الْحِقْدِ بَيْنَ الْإِخْوَانِ الْمُمَارَاةُ والمنافسة فإنها عين التدابر والتقاطع فإن التقاطع ¬_________ (¬1) حديث المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس الحديث أخرجه أبو داود من حديث جابر من رواية ابن أخيه غير مسمى عنه (¬2) حديث إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة لا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفْشِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا يكره أخرجه أبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف ورواه ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن حزم مرسلا والحاكم وصححه من حديث ابن عباس إنكم تجالسون بينكم بالأمانة
পৃষ্ঠা - ৫৪০
يَقَعُ أَوَّلًا بِالْآرَاءِ ثُمَّ بِالْأَقْوَالِ ثُمَّ بِالْأَبْدَانِ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخواناً الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَحْرِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ (¬1) وَأَشَدُّ الِاحْتِقَارِ الْمُمَارَاةُ فَإِنَّ من رد على غيره كلامه فقد نسبة إلى الجهل والحمق أو إلى الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ عَنْ فَهْمِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِحْقَارٌ وَإِيغَارٌ لِلصَّدْرِ وإيحاش وفي حديث أبي أمامة الباهلي قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَمَارَى فَغَضِبَ وَقَالَ ذَرُوا المراء ذَرُوا الْمِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ وَذَرُوا الْمِرَاءَ فَإِنَّ نفعه قليل وإنه يهي 4 ج العداوة بين الإخوان حديث أبي أمامة خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَمَارَى فَغَضِبَ وَقَالَ ذَرُوا الْمِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ وَذَرُوا الْمِرَاءَ فَإِنَّ نَفْعَهُ قَلِيلٌ وإنه يهيج العداوة بين الإخوان (¬2) حديث ابن عباس لَا تُمَارِ أَخَاكَ وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ موعداً فتخلفه أخرجه الترمذي وقال غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه يعنى من حديث ليث بن أبى سليم وضعفه الجمهور (¬3) حديث إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق أخرجه أبو يعلى الموصلى والطبراني في مكارم الأخلاق وابن عدى في الكامل وضعفه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة // والمماراة مضادة لحسن الخلق وقد انتهى السلف في الحذر عن المماراة والحض على المساعدة إلى حد لم يروا السؤال أصلاً وقالوا إذا قلت لأخيك قم فقال إلى أين فلا تصحبه بل قالوا ينبغي أن يقوم ولا يسأل وقال أبو سليمان الداراني كان لي أخ بالعراق فكنت أجيئه في النوائب فأقول أعطني من مالك شيئاً فكان يلقي إلي كيسه فآخذ منه ما أريد فجئته ذات يوم فقلت أحتاج إلى شيء فقال كم تريد فخرجت حلاوة إخائه من قلبي وقال آخر إذا طلبت من أخيك مالاً فقال ماذا تصنع به فقد ترك حق الإخاء واعلم أن قوام الأخوة في الكلام والفعل والشفقة قال أبو عثمان الحيري موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم وهو كما قال الحق الرابع على اللسان بالنطق فإن الْأُخُوَّةُ كَمَا تَقْتَضِي السُّكُوتَ عَنِ الْمَكَارِهِ تَقْتَضِي أَيْضًا النُّطْقَ بِالْمَحَابِّ بَلْ هُوَ أَخَصُّ بِالْأُخُوَّةِ لِأَنَّ مَنْ قَنَعَ بِالسُّكُوتِ صَحِبَ أَهْلَ الْقُبُورِ وإنما تراد الإخوان لِيُسْتَفَادَ مِنْهُمْ لَا لِيُتَخَلَّصَ عَنْ أَذَاهُمْ وَالسُّكُوتُ مَعْنَاهُ كَفُّ الْأَذَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَدَّدَ إِلَيْهِ بلسانه ويتفقده في أحواله التي يجب أَنْ يُتَفَقَّدَ فِيهَا كَالسُّؤَالِ عَنْ عَارِضٍ إِنْ عَرَضَ وَإِظْهَارِ شُغْلِ الْقَلْبِ بِسَبَبِهِ وَاسْتِبْطَاءِ الْعَافِيَةِ عَنْهُ وَكَذَا جُمْلَةُ أَحْوَالِهِ الَّتِي يَكْرَهُهَا يَنْبَغِي أَنْ يُظْهِرَ بِلِسَانِهِ وَأَفْعَالِهِ كَرَاهَتَهَا وَجُمْلَةُ أَحْوَالِهِ الَّتِي يُسَرُّ بِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُظْهِرَ بِلِسَانِهِ مُشَارَكَتَهُ لَهُ فِي السُّرُورِ بِهَا فَمَعْنَى الْأُخُوَّةِ المساهمة في السراء والضراء وقد ¬_________ (¬1) حديث لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم المسلم الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأوله متفق عليه من حديثه وحديث أنس وقد تقدم بعضه قبل هذا بسبعة أحاديث (¬2) أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة وأنس دون ما بعد قوله لقلة خيره ومن هنا إلى آخر الحديث رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة فقط واسنادهما ضعيف وقال بعض السلف من لاحى الإخوان وما رآهم قلت مروءته وذهبت كرامته وقال عبد الله ابن الحسن إِيَّاكَ وَمُمَارَاةَ الرِّجَالِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْدِمَ مَكْرَ حليم أو مفاجأة لئيم وقال بعض السلف أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وكثرة المماراة توجب التصنييع والقطيعة وتورث العداوة وقد قال الحسن لا تشتر عَدَاوَةُ رَجُلٍ بِمَوَدَّةِ أَلْفِ رَجُلٍ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فلا باعث على المماراة إلا إظهار التمييز بِمَزِيدِ الْعَقْلِ وَالْفَضْلِ وَاحْتِقَارُ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِإِظْهَارِ جَهْلِهِ وَهَذَا يَشْتَمِلُ عَلَى التَّكَبُّرِ وَالِاحْتِقَارِ وَالْإِيذَاءِ والشتم بالحمق والجهل ولا معنى للمعادة إلا هذا فكيف تضامنه الْأُخُوَّةُ وَالْمُصَافَاةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُمَارِ أَخَاكَ وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ (¬3) وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق
পৃষ্ঠা - ৫৪১
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ (¬1) وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْإِخْبَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ زِيَادَةَ حُبٍّ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّكَ تُحِبُّهُ أَحَبَّكَ بالطبع لا محالة فإذا عرفت أنه أيضاً يحبك زاد حبك لَا مَحَالَةَ فَلَا يَزَالُ الْحُبُّ يَتَزَايَدُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَيَتَضَاعَفُ وَالتَّحَابُّ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ مَطْلُوبٌ فِي الشرع ومحبوب في الذين ولذلك علم فِيهِ الطَّرِيقَ فَقَالَ تَهَادُوا تَحَابُّوا (¬2) وَمِنْ ذَلِكَ أن يدعوه بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ أَوَّلًا وَتُوَسِّعَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَتَدْعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تُثْنِيَ عَلَيْهِ بِمَا تَعْرِفُ مِنْ مَحَاسِنِ أَحْوَالِهِ عِنْدَ مَنْ يُؤْثِرُ هُوَ الثَّنَاءَ عِنْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي جَلْبِ الْمَحَبَّةِ وَكَذَلِكَ الثَّنَاءُ على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وخطه وشعره وَتَصْنِيفُهُ وَجَمِيعُ مَا يَفْرَحُ بِهِ وَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَذِبٍ وَإِفْرَاطٍ وَلَكِنْ تَحْسِينُ مَا يَقْبَلُ التَّحْسِينَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَآكَدُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تُبَلِّغَهُ ثَنَاءَ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَعَ إِظْهَارِ الْفَرَحِ فَإِنَّ إِخْفَاءَ ذَلِكَ مَحْضُ الْحَسَدِ ومن ذلك تَشْكُرَهُ عَلَى صَنِيعِهِ فِي حَقِّكَ بَلْ عَلَى نيته وإن لم يتم ذلك قال علي رضي الله عنه من لم يحمد أخاه على حسن النية لم يحمده على حسن الصنيعة وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ تَأْثِيرًا فِي جَلْبِ الْمَحَبَّةِ الذَّبُّ عَنْهُ فِي غَيْبَتِهِ مَهْمَا قُصِدَ بِسُوءٍ أَوْ تَعَرُّضٍ لِعِرْضِهِ بِكَلَامٍ صَرِيحٍ أَوْ تَعْرِيضٍ فَحَقُّ الْأُخُوَّةِ التَّشْمِيرُ فِي الْحِمَايَةِ وَالنُّصْرَةُ وَتَبْكِيتُ الْمُتَعَنِّتِ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ عَلَيْهِ وَالسُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ مُوغِرٌ لِلصَّدْرِ وَمُنَفِّرٌ لِلْقَلْبِ وَتَقْصِيرٌ فِي حَقِّ الأخوة وإنما شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخوين باليدين تغسل إحداهما الأخرى لينضر أحدهما الآخر وينوب عنه (¬3) وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخدله ولا يثلمه (¬4) وهذا من الانثلام والخذلان فإن إهماله لِتَمْزِيقِ عِرْضِهِ كَإِهْمَالِهِ لِتَمْزِيقِ لَحْمِهِ فَأَخْسِسْ بِأَخٍ يَرَاكَ وَالْكِلَابُ تَفْتَرِسُكَ وَتُمَزِّقُ لُحُومَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ لَا تُحَرِّكُهُ الشَّفَقَةُ وَالْحَمِيَّةُ لِلدَّفْعِ عَنْكَ وَتَمْزِيقُ الْأَعْرَاضِ أَشَدُّ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ تَمْزِيقِ اللُّحُومِ وَلِذَلِكَ شَبَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَكْلِ لُحُومِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ ميتاً} والملك الذي يمثله في المنام ما تطالعه الروح من اللوح المحفوظ بالأمثلة المحسوسة يمثل الغيبة بأكل لحوم الميتة حتى أن من يرى أنه يأكل لحم ميتة فإنه يغتاب الناس لأن ذلك الملك في تمثيله يراعي المشاركة والمناسبة بين الشيء وبين مثاله في المعنى الذي يجري من المثال مجرى الروح لا في ظاهر الصور فَإِذَنْ حِمَايَةُ الْأُخُوَّةِ بِدَفْعِ ذَمِّ الْأَعْدَاءِ وَتَعَنُّتِ المتعنتين واجب في عقد الأخوة وقد قال مجاهد لا تذكر أخاك في غيبته إلا كما تحب أن يذكرك في غيبتك فإذن لك فيه معياران أحدهما أن تقدر أن الذي قيل فيه لو قيل فيك وكان أخوك حاضراً ما الذي كنت تحب أن يقوله أخوك فيك فينبغي أن تعامل المتعرض لعرضه به والثاني أن تقدر أنه حاضر من وراء جدار يسمع قولك ويظن أنك لا تعرف حضوره فما كان يتحرك في قلبك من النصرة له بمسمع منه ومرأى فينبغي أن يكون في مغيبه كذلك فقد قال بَعْضُهُمْ مَا ذُكِرَ أَخٌ لِي بِغَيْبٍ إِلَّا تَصَوَّرْتُهُ جَالِسًا فَقُلْتُ فِيهِ مَا يُحِبُّ أَنْ يسمعه لو حضر وقال آخر ما ذكر أخ لي إلا تصورت نفسي في صورته فقلت فيه مثل ما أحب أن يقال في وهذا من صدق الإسلام وهو أن لا يرى لأخيه إلا ما يراه لنفسه وقد نظر أبو الدرداء إلى ثورين يحرثان في فدان فوقف أحدهما يحك جسمه فوقف الآخر فبكى وقال هكذا الإخوان في الله يعملان لله فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر وبالموافقة يتم الإخلاص ومن لم يكن مخلصاً في إخائه فهو منافق والإخلاص استواء الغيب والشهادة ¬_________ (¬1) حديث إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أخرجه أبو داود والترمذي قال حسن صحيح والحاكم من حديث المقدام بن معد يكرب (¬2) حديث تهادوا تحابوا أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقد تقدم غير مرة (¬3) حديث تشبيه الأخوين باليدين تقدم في الباب قبله (¬4) حديث المسلم أخو المسلم تقدم في أثناء حديث قبله بسبعة أحاديث
পৃষ্ঠা - ৫৪২
واللسان والقلب والسر والعلانية والجماعة والخلوة والاختلاف والتفاوت في شيء من ذلك مماذقة في المودة وهو دخل في الدين ووليجة في طريق المؤمنين ومن لا يقدر من نفسه على هذا فالانقطاع والعزلة أولى به من المؤاخاة والمصاحبة فإن حق الصحبة ثقيل لا يطيقه إلا محقق فلا جرم أجره جزيل لا يناله إلا موفق ولذلك قال عليه السلام أبا هر أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً وأحسن مصاحبة صاحبك تكن مؤمناً (¬1) فانظر كيف جعل الإيمان جزاء الصحبة والإسلام جزاء الجوار فالفرق بين فضل الإسلام على حد الفرق بين المشقة في القيام بحق الجوار والقيام بحق الصحبة فإن الصحبة تقتضي حقوقاً كثيرة في أحوال متقاربة مترادفة على الدوام والجوار لا يقتضي إلا حقوقاً قريبة في أوقات متباعدة لا تدوم ومن ذلك التعليم والنصيحة فليس حاجة أخيك إِلَى الْعِلْمِ بِأَقَلَّ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْمَالِ فَإِنْ كُنْتَ غَنِيًّا بِالْعِلْمِ فَعَلَيْكَ مُوَاسَاتُهُ مِنْ فَضْلِكَ وَإِرْشَادُهُ إِلَى كُلِّ مَا يَنْفَعُهُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَإِنْ عَلَّمْتَهُ وَأَرْشَدْتَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَى الْعِلْمِ فَعَلَيْكَ النَّصِيحَةُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَذْكُرَ آفَاتِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَفَوَائِدَ تَرْكِهِ وَتُخَوِّفَهُ بِمَا يَكْرَهُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ وَتُنَبِّهَهُ على عيوبه وتقبح القبيح في عينه وتحسن الحسن وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سِرٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَمَا كَانَ عَلَى الملأ فهو توبيخ وفضيحة وَمَا كَانَ فِي السِّرِّ فَهُوَ شَفَقَةٌ وَنَصِيحَةٌ إذ قال صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن (¬2) أي يرى منه ما لا يرى من نفسه فيستفيد المرء بأخيه معرفة عيوب نفسه ولو انفرد لم يستفد كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة وقال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه وقيل لمسعر أتحب من يخبرك بعيوبك فقال إن نصحني فيما بيني وبينه فنعم وإن قرعني بين الملأ فلا وقد صدق فإن النصح على الملأ فضيحة والله تعالى يعاتب المؤمن يوم القيامة تحت كنفه في ظل ستره فيوقفه على ذنوبه سراً وقد يدفع كتاب عمله مختوماً إلى الملائكة الذين يحفون به إلى الجنة فإذا قاربوا باب الجنة أعطوه الكتاب مختوماً ليقرأه وأما أهل المقت فينادون على رءوس الأشهاد وتستنطق جوارحهم بفضائحهم فيزدادون بذلك خزياً وافتضاحاً ونعوذ بالله من الخزي يوم العرض الأكبر فالفرق بين التوبيخ والنصيحة بالإسرار والإعلان كما أن الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن وقال ذو النون لَا تَصْحَبْ مَعَ اللَّهِ إِلَّا بِالْمُوَافَقَةِ وَلَا مَعَ الْخَلْقِ إِلَّا بِالْمُنَاصَحَةِ وَلَا مع النفس إلا بالمخالفة ولا مع الشيطان إلا بالعداوة فإن قلت فإذا كان في النصح ذكر العيوب ففيه إيحاش القلب فكيف يكون ذلك من حق الأخوة فاعلم أن الإيحاش إنما يحصل بذكر عيب يعلمه أخوك من نفسه فأما تنبيهه على ما لا يعمله فهو عَيْنَ الشَّفَقَةِ وَهُوَ اسْتِمَالَةُ الْقُلُوبِ أَعْنِي قُلُوبَ الْعُقَلَاءِ وَأَمَّا الْحَمْقَى فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ مَنْ يُنَبِّهُكَ عَلَى فِعْلٍ مَذْمُومٍ تَعَاطَيْتَهُ أَوْ صِفَةٍ مَذْمُومَةٍ اتَّصَفْتَ بِهَا لِتُزَكِّيَ نَفْسَكَ عَنْهَا كَانَ كَمَنْ يُنَبِّهُكَ عَلَى حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ تَحْتَ ذَيْلِكَ وَقَدْ هَمَّتْ بِإِهْلَاكِكَ فَإِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ ذَلِكَ فَمَا أَشَدَّ حُمْقَكَ وَالصِّفَاتُ الذَّمِيمَةُ عَقَارِبُ وَحَيَّاتٌ وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ مُهْلِكَاتٌ فَإِنَّهَا تلذغ الْقُلُوبَ وَالْأَرْوَاحَ وَأَلَمُهَا أَشَدُّ مِمَّا يَلْدَغُ الظَّوَاهِرَ وَالْأَجْسَادَ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ مِنْ نَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ ولذلك كان عمر رضي الله عنه ¬_________ (¬1) حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مؤمنا أخرجه الترمذي وابن ماجه واللفظ له من حديث أبي هريرة بالشطر الأول فقط وقال الترمذي {مؤمنا} قال وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وقال ابن ماجه {مؤمنا} قال الدارقطني والحديث ثابت ورواه القضاعي في مسند الشهاب بلفظ المصنف (¬2) حديث المؤمن مرآة المؤمن أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بإسناد حسن
পৃষ্ঠা - ৫৪৩
يَسْتَهْدِي ذَلِكَ مِنْ إِخْوَانِهِ وَيَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ امرأً أهدى إلى أخيه عيوبه ولذلك قال عمر لسلمان وقد قدم عليه ما الذي بلغك عني مما تكره فاستعفى فألح عليه فقال بلغني أن لك حلتين تلبس إحداهما بالنهار والأخرى بالليل وبلغني أنك تجمع بين إدامين على مائدة واحدة فقال عمر رضي الله عنه أما هذان فقد كفيتهما فهل بلغك غيرهما فقال لا وكتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط بلغني أنك بعت دينك بحبتين وقفت على صاحب لبن فقلت بكم هذا فقال بسدس فقلت له لا بثمن فقال هو لك وكان يعرفك اكشف عن رأسك قناع الغافلين وانتبه عن رقدة الموتى واعلم أن من قرأ القرآن ولم يستغن وَآثَرَ الدُّنْيَا لَمْ آمَنْ أَنْ يَكُونَ بِآيَاتِ الله من المستهزئين وقد وصف الله تعالى الكاذبين ببعضهم لِلنَّاصِحِينَ إِذْ قَالَ {وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} وَهَذَا فِي عَيْبٍ هُوَ غَافِلٌ عَنْهُ فَأَمَّا ما علمت أنه يعلمه من نفسه فإنما هو مقهور عليه من طبعه فلا ينبغي أن يكشف فيه ستره إن كان يخفيه وإن كان يظهره فلا بد من التلطف في النصح بالتعريض مرة وبالتصريح أُخْرَى إِلَى حَدٍّ لَا يُؤَدِّي إِلَى الْإِيحَاشِ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّ النُّصْحَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِ وَأَنَّهُ مُضْطَرٌّ مِنْ طَبْعِهِ إِلَى الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ أَخِيكَ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَقْصِيرِهِ فِي حَقِّكَ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الِاحْتِمَالُ وَالْعَفْوُ وَالصَّفْحُ وَالتَّعَامِي عَنْهُ وَالتَّعَرُّضُ لِذَلِكَ لَيْسَ مِنَ النُّصْحِ فِي شَيْءٍ نَعَمْ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُؤَدِّي اسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ إِلَى الْقَطِيعَةِ فَالْعِتَابُ فِي السِّرِّ خَيْرٌ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالتَّعْرِيضُ بِهِ خَيْرٌ مِنَ التَّصْرِيحِ وَالْمُكَاتَبَةُ خَيْرٌ مِنَ المشافهة والاحتمال خير من الكل إذ ينبغي أن يكون قصدك من أخيك إصلاح نفسك بمراعاتك إياه وقيامك بحقه واحتمالك تقصيره لا الاستعانة به والاسترفاق منه قال أبو بكر الكتاني صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلاً فوهبت له يوماً شيئاً على أن يزول ما في قلبي فلم يزل فأخذت بيده يوماً إلى البيت وقلت له ضع رجلك على خدي فأبى فقلت لا بد ففعل فزال ذلك من قلبي وقال أبو علي الرباطي صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال على أن تكون أنت الأمير أو أنا فقلت بل أنت فقال وعليك الطاعة فقلت نعم فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها على ظهره فإذا قلت له أعطني قال ألست قلت أنت الأمير فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر فكنت أقول مع نفسي ليتني مت ولم أقل أنت الأمير الحق الخامس العفو عن الزلات والهفوات وهفوة الصديق لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية أو في حقك بتقصيره في الأخوة أما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية والإصرار عليها فعليك التلطف في نصحه بما يقوم أوده ويجمع شمله ويعيد إلى الصلاح والورع حاله فإن لم تقدر وبقي مصراً فقد اختلفت طرق الصحابة والتابعين في إدامة حق مودته أو مقاطعته فذهب أبو ذر رضي الله عنه إلى الانقطاع وقال إذا انقلب أخوك عما كان عليه فأبغضه من حيث أحببته ورأى ذلك من مقتضى الحب في الله والبغض في الله وأما أبو الدرداء وجماعة من الصحابة فذهبوا إلى خلافه فقال أبو الدرداء إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى وقال إبراهيم النخعي لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب بذنبه فإنه يرتكبه اليوم ويتركه غداً وقال أيضاً لا تحدثوا الناس بزلة العالم فإن العالم يزل الزلة ثم يتركها وفي الخبر اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته (¬1) وفي حديث عمر وقد سأل عن أخ كان آخاه فخرج إلى الشام فسأل عنه بعض من قدم عليه وقال ¬_________ (¬1) حديث اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته رواه البغوي في المعجم وابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن عوف المزني وضعفاه
পৃষ্ঠা - ৫৪৪
ما فعل أخي قال ذلك أخو الشيطان قال مه قال إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر قال إذا أردت الخروج فآذني فكتب عند خروجه إليه بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} الآية ثم عاتبه تحت ذلك وعذله فلما قرأ الكتاب بكى وقال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع وحكي أن أخوين ابتلى أحدهما بهوى فأظهر عليه أخاه وقال إني قد اعتللت فإن شئت أن لا تعقد على صحبتي لله فافعل فقال ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبداً ثم عقد أخوه بينه وبين الله بأن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافى الله أخاه من هواه فطوى أربعين يوما في كلها يسأله عن هواه فكان يقول القلب مقيم على حاله وما زال هو ينحل من الغم والجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين فأخبره بذلك فأكل وشرب بعد أن كاد يتلفت هزالاً وضراً وكذلك حكي عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة فقيل لأخيه ألا تقطعه وتهجره فقال أحوج ما كان إلي في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذبيده وأتلطف له في المعاتبة وأدعو له بالعود إلى ما كان عليه وروي في الإسرائيليات أن أخوين عابدين كانا في جبل نزل أحدهما ليشتري من المصر لحماً بدرهم فرأى بغياً عند اللحام فرمقها وعشقها واجتذبها إلى خلوة وواقعها ثم أقام عندها ثلاثاً واستحيا أن يرجع إلى أخيه حياء من جنايته قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه فنزل إلى المدينة فلم يزل يسأل عنه حتى دل عليه فدخل إليه وهو جالس معها فاعتنقه وجعل يقبله ويلتزمه وأنكر الآخر أنه يعرفه قط لفرط استحيائه منه فقال قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت قد أحب إلي ولا أعز من ساعتك هذه فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام فانصرف معه فهذه طريقة قوم وهي ألطف وأفقه من طريقة أبي ذر رضي الله عنه وطريقته أحسن وأسلم فإن قلت ولم قلت هذا ألطف وأفقه ومقارف هذه المعصية لا تجوز مؤاخاته ابتداء فتجب مقاطعته انتهاء لأن الحكم إذا ثبت بعلة فالقياس أن يزول بزوالها وعلة عقد الأخوة التعاون في الدين ولا يستمر ذلك مم مقارفة المعصية فأقول أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق والاستمالة والتعطف المفضي إلى الرجوع والتوبة لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة ومهما قوطع وانقطع طمعه عن الصحبة أصر واستمر وأما كونه أفقه فمن حيث إن الأخوة عقد ينزل منزلة القرابة فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ومن الوفاء به أن لا يهمل أيام حاجته وفقره وفقر الدين أشد من فقر المال وقد أصابته جائحة وألمت به آفة افتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراقب ويراعي ولا يهمل بل لا يزال يتلطف به ليعان على الخلاص من تلك الوقعة التي ألمت به فالأخوة عدة للنائبات وحوادث الزمان وهذا من أشد النوائب والفاجر إذا صحب تقياً وهو ينظر إلى خوفه ومداومته فسيرجع على قرب ويستحي من الإصرار بل الكسلان يصحب الحريص في العمل فيحرص حياء منه قال جعفر بن سليمان مهما فترت في العمل نظرت إلى محمد بن واسع وإقباله على الطاعة فيرجع إلي نشاطي في العبادة وفارقني الكسل وعملت عليه أسبوعاً وهذا التحقيق وهو أن الصداقة لحمة كلحمة النسب والقريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} ولم يقل إني بريء منكم مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب وإلى هذا أشار أبو الدرداء لما قيل له ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي وأخوة الدين أوكد من أخوة القرابة ولذلك قيل لحكيم أيما احب إليك أخوك أو صديقك فقال إنما أحب أخي إذا كان صديقاً لي وكان الحسن يقول كم من أخ لم تلده أمك ولذلك قيل
পৃষ্ঠা - ৫৪৫
القرابة تحتاج إلى مودة والمودة لا تحتاج إلى قرابة وقال جعفر الصادق رضي الله عنه مودة يوم صلة ومودة شهر قرابة ومودة سنة رحم مائية من قطعها قطعه الله فإذن الوفاء بعقد الأخوة إذا سبق انعقادها واجب وهذا جوابنا عن ابتداء المؤاخاة مع الفاسق فإنه لم يتقدم له حق فإن تقدمت له قرابة فلا جرم لا ينبغي أن يقاطع بل يجامل والدليل عليه أن ترك المؤاخاة والصحبة ابتداء ليس مذموماً ولا مكروهاً بل قال قائلون الانفراد أولى فأما قطع الأخوة عن دوامها فمنهي عنه ومذموم في نفسه ونسبته إلى تركها ابتداء كنسبة الطلاق إلى ترك النكاح والطلاق أبغض إلى الله تعالى من ترك النكاح قال صلى الله عليه وسلم شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة (¬1) وقال بعض السلف في ستر زلات الإخوان ود الشيطان أن يلقى على أخيكم مثل هذا حتى تهجروه وتقطعوه فماذا اتقيتم من محبة عدوكم وهذا لأن التفريق بين الأحباب من محاب الشيطان كما أن مقارفة العصيان من محابه فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني وإلى هذا أشار عليه السلام في الذي شتم الرجل الذي أتى فاحشة إذ قال مه وزبره وقال لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم (¬2) فبهذا كله يتبين الفرق بين الدوام والابتداء لأن مخالطة الفساق محذورة ومفارقة الأحباب والإخوان أيضاً محذورة وليس من سلم عن معارضة غيره كالذي لم يسلم وفي الابتداء قد سلم فرأينا أن المهاجرة والتباعد هو الأولى وفي الدوام تعارضاً فكان الوفاء بحق الأخوة أولى هذا كله في زلته في دينه أما زَلَّتُهُ فِي حَقِّهِ بِمَا يُوجِبُ إِيحَاشَهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْأَوْلَى الْعَفْوُ وَالِاحْتِمَالُ بَلْ كل مَا يَحْتَمِلُ تَنْزِيلُهُ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ وَيُتَصَوَّرُ تَمْهِيدُ عُذْرٍ فِيهِ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَهُوَ وَاجِبٌ بِحَقِّ الْأُخُوَّةِ فَقَدْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْتَنْبِطَ لِزَلَّةِ أَخِيكَ سَبْعِينَ عُذْرًا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ قَلْبُكَ فَرُدَّ اللَّوْمَ عَلَى نَفْسِكَ فَتَقُولُ لِقَلْبِكَ مَا أَقْسَاكَ يَعْتَذِرُ إِلَيْكَ أَخُوكَ سَبْعِينَ عُذْرًا فَلَا تَقْبَلُهُ فَأَنْتَ الْمَعِيبُ لَا أَخُوكَ فإن ظهر بحيث لم يقبل التحسين فينبغي أن لا تغضب إن قدرت ولكن ذلك لا يمكن وقد قال الشافعي رحمه الله من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استرضى فلم يرضى فهو شيطان فلا تكن حماراً ولا شيطاناً واسترض قلبك بنفسك نيابة عن أخيك واحترز أن تكون شيطاناً إن لم تقبل قال الْأَحْنَفُ حَقُّ الصَّدِيقِ أَنْ تَحْتَمِلَ مِنْهُ ثَلَاثًا ظلم الغضب وظلم الدالة وظلم الهفوة وقال آخر ما شتمت أحداً قط لأنه إن شتمني كريم فأنا أحق من غفرها له أو لئيم فلا أجعل عرضي له غرضاً ثم تمثل وقال وأغفر عوراء الكريم ادخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرما وقد قيل خذ من خليلك ما صفا ... ودع الذي فيه الكدر فالعمر أقصر من معا ... تبة الخليل على الغير وَمَهْمَا اعْتَذَرَ إِلَيْكَ أَخُوكَ كَاذِبًا كَانَ أَوْ صادقاً فاقبل عذره قال عليه السلام من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس (¬3) وقال عليه السلام المؤمن سريع الغضب سريع الرضا (¬4) فلم يصفه بأنه ¬_________ (¬1) حديث شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة رواه احمد من حديث أسماء بنت يزيد بسند ضعيف (¬2) حديث لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم رواه البخاري من حديث أبي هريرة وتقدم في الباب قبله (¬3) حديث من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس أخرجه ابن ماجه وأبو دواد في المراسيل من حديث جودان واختلف في صحبته وجهله أبو حاتم وباقي رجاله ثقات ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر بسند ضعيف (¬4) حديث المؤمن سريع الغضب سريع الرضا لم أجده هكذا وللترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد الخدري ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى الحديث وفيه ومنهم سريع الفيء فتلك بتلك
পৃষ্ঠা - ৫৪৬
لا يغضب وكذلك قال الله تعالى والكاظمين الغيظ ولم يقل والفاقدين الغيظ وهذا لأن العادة لا تنتهي إلى أن يجرح الإنسان فلا يتألم بل تنتهي إلى أن يصبر عليه ويحتمل وكما أن التألم بالجرح مقتضى طبع البدن فالتألم بأسباب الغضب طبع القلب ولا يمكن قلعه ولكن ضبطه وكظمه والعمل بخلاف مقتضاه فإنه يقتضي التشفي والانتقام والمكافأة وترك العمل بمقتضاه ممكن وقد قال الشاعر ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحواري إذا واخيت أحداً في هذا الزمان فلا تعاتبه على ما تكرهه فإنك لا تأمن من أن ترى في جوابك ما هو شر من الأول قال فجربته فوجدته كذلك وقال بعضهم الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته والمعاتبة خير من القطيعة والقطيعة خير من الوقيعة وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الْبَغْضَةِ عِنْدَ الوقيعة قال الله تَعَالَى {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عاديتم منهم مودة} وقال عليه السلام أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما (¬1) وَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا وَلَا بُغْضُكَ تَلَفًا وَهُوَ أَنْ تحب تلف صاحبك مع هلاكك الحق السادس الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِهِ وَكُلِّ مُتَعَلِّقٍ به فتدعو له كما تدعو لنفسك ولا تفرق بين نفسك وبينه فإن دعاءك له دعاء لنفسك على التحقيق فقد قال صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لِأَخِيهِ فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ قال الملك ولك مثل ذلك (¬2) وفي لفظ آخر يقول الله تعالى بك أبداً يا عبدي (¬3) وفي الحديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه (¬4) وفي الحديث دعوة الرجل لأخته فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ لَا تُرَدُّ (¬5) وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ إِنِّي لَأَدْعُو لِسَبْعِينَ مِنْ إِخْوَانِي فِي سُجُودِي أُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَكَانَ محمد بن يوسف الأصفهاني يَقُولُ وَأَيْنَ مِثْلُ الْأَخِ الصَّالِحِ أَهْلُكَ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَكَ وَيَتَنَعَّمُونَ بِمَا خَلَّفْتَ وَهُوَ منفرد بحزنك مهتم مما قَدَّمْتَ وَمَا صِرْتَ إِلَيْهِ يَدْعُو لَكَ فِي ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى وكان الأخ الصالح يقتدي بالملائكة إذ جاء في الخبر إذا مات العبد قال الناس ما خلفت وقال الملائكة ما قدم (¬6) يفرحون له بما قدم ويسألون عنه ويشفقون عليه ويقال من بلغه موت أخيه فترحم عليه وأستغفر له كتب له كأنه شهد جنازته وصلى عليه وروي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب (¬7) وأنه ليدخل على قبور الأموات من دعاء الأحياء من الأنوار مثل الجبال وقال بَعْضِ السَّلَفِ الدُّعَاءُ لِلْأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدَايَا لِلْأَحْيَاءِ فيدخل الملك على الميت ومعه طبق من نور عليه منديل من نور فيقول هذه ¬_________ (¬1) حديث أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال غريب قلت رجاله ثقات رجال مسلم لكن الراوي تردد في رفعه (¬2) حديث إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قال الملك ولك بمثل ذلك أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء (¬3) حديث الدعاء للأخ بظهر الغيب وفيه يقول الله بك أبداً يا عبدي لم أجد هذا اللفظ (¬4) حديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه لم أجده بهذا اللفظ ولأبي داود والترمذي وضعفه من حديث عبد الله بن عمرو إن أسرع الدعاء إجابة دعوه غائب لغائب (¬5) حديث دعوة الأخ لأخيه في الغيب لا ترد أخرجه الدارقطني في الظل من حديث أبي الدرداء وهو عند مسلم إلا انه قال مستجابة مكان لا ترد (¬6) حديث إذا مات العبد قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف (¬7) حديث مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد الحديث أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة قال الذهبي في الميزان إنه خبر منكر جدا
পৃষ্ঠা - ৫৪৭
هدية لك من عند أخيك فلان من عند قريبك فلان قال فيفرح بذلك كما يفرح الحي بالهدية الْحَقُّ السَّابِعُ الْوَفَاءُ وَالْإِخْلَاصُ وَمَعْنَى الْوَفَاءِ الثَّبَاتُ عَلَى الْحُبِّ وَإِدَامَتُهُ إِلَى الْمَوْتِ مَعَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَوْلَادِهِ وَأَصْدِقَائِهِ فَإِنَّ الْحُبَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِلْآخِرَةِ فَإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ حَبِطَ العمل وضاع السعي ولذلك قال عليه السلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه (¬1) وقال بعضهم قليل الوفاء بعد الوفاء خير من كثيره في حال الحياة ولذلك روي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَ عَجُوزًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خديجة وَإِنَّ كَرَمَ العهد من الدين (¬2) فمن الوفاة لِلْأَخِ مُرَاعَاةُ جَمِيعِ أَصْدِقَائِهِ وَأَقَارِبِهِ وَالْمُتَعَلِّقِينَ بِهِ وَمُرَاعَاتُهُمْ أَوْقَعُ فِي قَلْبِ الصَّدِيقِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَخِ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ فَرَحَهُ بِتَفَقُّدِ مَنْ يتعلق به أكثر إذ لا يدل على قوة الشفقة والحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان فإنه لا يحسد متعاونين على بركما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما قال الله تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم وقال مخبراً عن يوسف من بعد إن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ويقال ما تواخى اثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما وكان بشر يقول إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه وذلك لأن الإخوان مسلاة للهموم وعون على الدين ولذلك قال ابن المبارك ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية والمودة الدائمة هي التي تكون في الله وما يكون لغرض يزول بزوال ذلك الغرض وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْمَوَدَّةِ فِي اللَّهِ أَنْ لَا تَكُونَ مَعَ حَسَدٍ فِي دِينٍ وَدُنْيَا وَكَيْفَ يَحْسُدُهُ وَكُلُّ مَا هُوَ لِأَخِيهِ فَإِلَيْهِ تَرْجِعُ فَائِدَتُهُ وَبِهِ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحِبِّينَ فِي الله تعالى فقال وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم وَوُجُودُ الْحَاجَةِ هُوَ الْحَسَدُ وَمِنَ الْوَفَاءِ أَنْ لا يتغير حاله في التواضع مَعَ أَخِيهِ وَإِنِ ارْتَفَعَ شَأْنُهُ وَاتَّسَعَتْ وِلَايَتُهُ وعظم جاهه فالترفع عَلَى الْإِخْوَانِ بِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الْأَحْوَالِ لُؤْمٌ قَالَ الشَّاعِرُ إِنَّ الْكِرَامَ إِذَا مَا أَيْسَرُوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن وأوصى بعض السلف ابنه فقال يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك وقال بعض الحكماء إذا ولي أخوك ولاية فثبت على نصف مودته لك فهو كثير وحكى الربيع أن الشافعي رحمه الله آخى رجلاً ببغداد ثم إن أخاه ولى السيبين فتغير له عما كان عليه فكتب إليه الشافعي بهذه الأبيات اذهب فودك من فؤادي طالق ... أبداً وليس طلاق ذات البين فإن ارعويت فإنها تطليقة ... ويدوم ودك لي على ثنتين وإن امتنعت شفعتها بمثالها ... فتكون تطليقين في حيضين وإذا الثلاث أتتك مني بتة ... لم تغن عنك ولاية السيبين ¬_________ (¬1) حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث تقدم غير مرة (¬2) حديث إكرامه صلى الله عليه وسلم لعجوز دخلت عليه وقوله إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان أخرجه الحاكم من حديث عائشة وقال صحيح على شرط الشيخين وليس له علة
পৃষ্ঠা - ৫৪৮
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْوَفَاءِ مُوَافَقَةُ الْأَخِ فِيمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ بل الوفاء له المخالفة فقد كان الشافعي رضي الله عنه آخى محمد بن عبد الحكم وكان يقربه ويقبل عليه ويقول ما يقيمني بمصر غيره فاعتل محمد فعاده الشافعي رحمه الله تعالى فقال مرض الحبيب فعدته ... فمرضت من حذري عليه وأتى الحبيب يعودني ... فبرئت من نظري إليه وظن الناس لصدق مودتهما أنه يفوض أمر حلقته إليه بعد وفاته فقيل للشافعي في علته التي مات فيها رضي الله تعالى عنه إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله فاستشرف له محمد بن عبد الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه فقال الشافعي سبحان الله أيشك في هذا أبو يعقوب البويطي فانكسر لها محمد ومال أصحابه إلى البويطي مع أن محمداً كان قد حمل عنه مذهبه كله لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهد والورع فنصح الشافعي لله وللمسلمين وترك المداهنة ولم يؤثر رضا الخلق على رضا الله تعالى فلما توفي انقلب محمد بن عبد الحكم عن مذهبه ورجع إلى مذهب أبيه ودرس كتب مالك رحمه الله وهو من كبار أصحاب مالك رحمه الله وآثر البويطي الزهد والخمول ولم يعجبه الجمع والجلوس في الحلقة واشتغل بالعبادة وصنف كتاب الأم الذي ينسب الآن إلى الربيع بن سليمان ويعرف به وإنما صنفه البويطي ولكن لم يذكر نفسه فيه ولم ينسبه إلى نفسه فزاد الربيع فيه وتصرف وأظهره والمقصود أن الوفاء بالمحبة من تمامها النصح لله قال الأحنف الإخاء جوهرة رقيقة إن لم تحرسها كانت معرضة للآفات فاحرسها بالكظم حتى تعتذر إلى من ظلمك وبالرضا حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير وَمِنْ آثَارِ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ وَتَمَامِ الْوَفَاءِ أَنْ تَكُونَ شَدِيدَ الْجَزَعِ مِنَ الْمُفَارَقَةِ نَفُورَ الطَّبْعِ عَنْ أَسْبَابِهَا كَمَا قِيلَ وَجَدْتُ مُصِيبَاتِ الزَّمَانِ جَمِيعَهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الْأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ وَأَنْشَدَ ابْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ لَقَدْ عَهِدْتُ أَقْوَامًا فَارَقْتُهُمْ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَا يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ حَسْرَتَهُمْ ذَهَبَتْ مِنْ قَلْبِي وَمِنَ الْوَفَاءِ أَنْ لَا يَسْمَعَ بَلَاغَاتِ النَّاسِ عَلَى صديقه لاسيما من يظهر أولاً أنه محب لصديقه كيلا يتهم ثم يلقي الكلام عرضاً وينقل عن الصديق ما يوغر القلب فذلك من دقائق الجيل في التضريب ومن لم يحترز منه لم تدم مودته أصلاً قال واحد لحكيم قد جئت خاطباً لمودتك قال إن جعلت مهرها ثلاثاً فعلت قال وما هي قال لا تسمع علي بلاغة ولا تخالفني في أمر ولا توطئني عشوة وَمِنَ الْوَفَاءِ أَنْ لَا يُصَادِقَ عَدُوَّ صَدِيقِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا أَطَاعَ صَدِيقُكَ عدوك فقد اشتركا في عدواتك الْحَقُّ الثَّامِنُ التَّخْفِيفُ وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ وَالتَّكْلِيفِ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يُكَلِّفَ أَخَاهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ بَلْ يُرَوِّحُ سِرَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِهِ وَحَاجَاتِهِ وَيُرَفِّهُهُ عن أن يحمله شيئاً من أعبائه فلا يستمد منه من جاه ومال ولا يكلف التواضع له والتفقد لأحواله والقيام بِحُقُوقِهِ بَلْ لَا يَقْصِدُ بِمَحَبَّتِهِ إِلَّا اللَّهَ تعالى تبركاً بدعائه واستئناساً بلقائه واستعانة به على دينه وَتَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِيَامِ بِحُقُوقِهِ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ مَنِ اقْتَضَى مِنْ إِخْوَانِهِ ما لا يقضونه فَقَدْ ظَلَمَهُمْ وَمَنِ اقْتَضَى مِنْهُمْ مِثْلَ مَا يقتضونه فقد أتعبهم ومن لم يقتض فهو المتفضل عليهم وقال بعض الحكماء من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدره أثم وأثموا ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم ومن جعلها دون قدره سلم وسلموا تمام التخفيف بطي بساط التكليف
পৃষ্ঠা - ৫৪৯
حتى لا يستحي منه فيما لا يستحي من نفسه وقال الجنيد ما تواخى اثنان في الله فاستوحش أحدهما من صاحبه أو احتشم إلا لعلة في أحدهما وقال علي عليه السلام شر الأصدقاء من تَكَلَّفَ لَكَ وَمَنْ أَحْوَجَكَ إِلَى مُدَارَاةٍ وَأَلْجَأَكَ إلى اعتذار وقال الفضيل إِنَّمَا تَقَاطَعَ النَّاسُ بِالتَّكَلُّفِ يَزُورُ أَحَدُهُمْ أَخَاهُ فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه وقالت عائشة رضي الله عنها المؤمن أخو المؤمن لا يغتنمه ولا يحتشمه وقال الجنيد صبحت أربع طبقات من هذه الطائفة كل طبقة ثلاثون رجلاً حارثاً المحاسبي وطبقته وحسناً المسوحي وطبقته وسرياً السقطي وطبقته وابن الكريبي وطبقته فما تواخى اثنان في الله واحتشم أحدهما من صاحبه أو استوحش إلا لعلة في أحدهما وقيل لبعضهم من نصحب قال من يرفع عنك ثقل التكلف وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ أَثْقَلُ إِخْوَانِي عَلَيَّ مَنْ يَتَكَلَّفُ لي وَأَتَحَفَّظُ مِنْهُ وَأَخَفُّهُمْ عَلَى قَلْبِي مَنْ أَكُونَ معه كما أكون وحدي وقال بعض الصوفية لا تعاشر من الناس إلا من لا تزيد عنده ببر ولا تنقص عنده بإثم يكون ذلك لك وعليك وأنت عنده سواء وإنما قال هذا لأن به يتخلص عن التكلف والتحفظ وإلا فالطبع يحمله على أن يتحفظ منه إذا علم أن ذلك ينقصه عنده وقال بعضهم كن مع أبناء الدنيا بالأدب ومع أبناء الآخرة بالعلم ومع العارفين كيف شئت وقال آخر لا تصحب إلا من يتوب عنك إذا أذنبت يعتذر إليك إذا أسأت ويحمل مؤنة نفسك ويكفيك مؤنة نفسه وقائل هذا قد ضيق طريق الأخوة على الناس وليس الأمر كذلك بل ينبغي أن يواخى كل متدين عاقل ويعزم على أن يقوم بهذه الشرائط ولا يكلف غيره هذه الشروط حتى تكثر إخوانه إذ به يكون مواخيا في الله وإلا كانت مواخاته لحظوظ نفسه فقط ولذلك قال رجل للجنيد قد عز الإخوان في هذا الزمان أين أخ لي في الله فأعرض الجنيد حتى أعاده ثلاثاً فلما أكثر قال له الجنيد إن أردت أخاً يكفيك مؤنتك ويحتمل أذاك فهذا لعمري قليل وإن أردت أخاً في الله تحمل أنت مؤنته وتصبر على أذاه فعندي جماعة أعرفهم لك فسكت الرجل واعلم أن الناس ثلاثة رجل تنتفع بصحبته ورجل تقدر على أن تنفعه ولا تضرر به ولكن لا تنتفع به ورجل لا تقدر أيضاً على أن تنفعه وتضرر به وهو الأحمق أو السيء الخلق فهذا الثالث ينبغي أن تتجنبه فأما الثاني فلا تجتنبه لأنك تنتفع في الآخرة بشفاعته وبدعائه وبثوابك على القيام به وقد أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن أطعتني فما أكثر إخوانك أي إن واسيتهم واحتملت منهم ولم تحسدهم وقد قال بعضهم صحبت الناس خمسين سنة فما وقع بيني وبينهم خلاف فإني كنت معهم على نفسي ومن كانت هذه شيمته كثر إخوانه وَمِنَ التَّخْفِيفِ وَتَرْكِ التَّكَلُّفِ أَنْ لَا يَعْتَرِضَ فِي نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ يصطحبون على شرط المساواة بين أربع معان إن أكل أحدهم النَّهَارَ كُلَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ صَاحِبُهُ صُمْ وَإِنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَفْطِرْ وَإِنْ نَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ قُمْ وَإِنْ صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ نَمْ وَتَسْتَوِي حَالَاتُهُ عِنْدَهُ بِلَا مزيد ولا نقصان لأن ذلك إن تفاوت حرك الطبع إلى الرياء والتحفظ لا محالة وَقَدْ قِيلَ مَنْ سَقَطَتْ كُلْفَتُهُ دَامَتْ أُلْفَتُهُ من خفت مؤنته دامت مودته وقال بعض الصحابة إن الله لعن المتكلفين وقال صلى الله عليه وسلم أنا والأتقياء من أمتي براء من التكلف (¬1) وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا عَمِلَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِ أَخِيهِ أَرْبَعَ خِصَالٍ فَقَدْ تَمَّ أُنْسُهُ بِهِ (¬2) إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ وَدَخَلَ الْخَلَاءَ وَصَلَّى وَنَامَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ فَقَالَ بَقِيَتْ خَامِسَةٌ وَهُوَ أَنْ يَحْضُرَ مَعَ الْأَهْلِ فِي بَيْتِ أخيه ويجامعها لأن البيت يتخذ للاستخفاء في الأمور الخمس ¬_________ (¬1) حديث أنا وأمتي برآء من التكلف أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث الزبير بن العوام ألا إني بريء من التكلف وصالحو أمتي وإسناده ضعيف (¬2) حديث إذا صنع الرَّجُلُ فِي بَيْتِ أَخِيهِ أَرْبَعَ خِصَالٍ فَقَدْ تم أنسه الحديث لم أجد له أصلا
পৃষ্ঠা - ৫৫০
وإلا فالمساجد أروح لقلوب الْمُتَعَبِّدِينَ فَإِذَا فَعَلَ هَذِهِ الْخَمْسَ فَقَدْ تَمَّ الْإِخَاءُ وَارْتَفَعَتِ الْحِشْمَةُ وَتَأَكَّدَ الِانْبِسَاطُ وَقَوْلُ الْعَرَبِ فِي تَسْلِيمِهِمْ يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ إِذْ يَقُولُ أحدهم لصاحبه مرحباً وأهلاً وَسَهْلًا أَيْ لَكَ عِنْدَنَا مَرْحَبٌ وَهُوَ السَّعَةُ فِي الْقَلْبِ وَالْمَكَانِ وَلَكَ عِنْدَنَا أَهْلٌ تَأْنَسُ بِهِمْ بِلَا وَحْشَةٍ لَكَ مِنَّا وَلَكَ عِنْدَنَا سُهُولَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَيْ لَا يَشْتَدُّ علينا مِمَّا تُرِيدُ وَلَا يَتِمُّ التَّخْفِيفُ وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ إِلَّا بِأَنْ يَرَى نَفْسَهُ دُونَ إِخْوَانِهِ وَيُحْسِنَ الظن بهم ويسيء الظن بنفسه فإذا رآهم خيرا من نفسه فعند ذلك يكون هو خيراً منهم وقال أبو معاوية الأسود إخواني كلهم خير مني قيل وكيف ذلك قال كلهم يرى لي الفضل عليه ومن فضلني على نفسه فهو خير مني وقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْءُ عَلَى دين خليله وَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يَرَى لَكَ مِثْلَ مَا تَرَى لَهُ (¬1) فَهَذِهِ أَقَلُّ الدَّرَجَاتِ وَهُوَ النَّظَرُ بِعَيْنِ الْمُسَاوَاةِ وَالْكَمَالِ فِي رؤية الفضل للأخ ولذلك قال سفيان إذا قيل لك ياشر الناس فغضبت فأنت شر الناس أي ينبغي أن تكون معتقداً ذلك في نفسك أبداً وسيأتي وجه ذلك في كتاب الكبر والعجب وقد قيل في معنى التواضع ورؤية الفضل للإخوان أبيات تذلل لمن إن تذللت له ... يرى ذاك للفضل لا للبله وجانب صداقة من لا يزا ... ل على الأصدقاء يرى الفضل له وقال آخر كم صديق عرفته بصديق ... صار أحظى من الصديق العتيق ورفيق رأيته في طريق ... صار عندي هو الصديق الحقيقي وَمَهْمَا رَأَى الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ فَقَدِ احْتَقَرَ أَخَاهُ وَهَذَا فِي عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ مَذْمُومٌ قَالَ صَلَّى الله عليه وسلم بحسب المؤمن مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ (¬2) وَمِنْ تَتِمَّةِ الِانْبِسَاطِ وَتَرْكِ التَّكَلُّفِ أَنْ يُشَاوِرَ إِخْوَانَهُ في كل ما يقصده ويقبل إشاراتهم فقد قال تعالى وشاورهم في الأمر وينبغي أن لا يخفي عنهم شيئاً من أسراره كما روي أن يعقوب ابن أخي معروف قال جاء أسود بن سالم إلى عمي معروف وكان مواخيا له فقال إن بشر بن الحرث يحب مؤاخاتك وهو يستحي أن يشافهك بذلك وقد أرسلني إليك يسألك أن تعقد له فيما بينك وبينه أخوة يحتسبها ويعتد بها إلا أنه يشترط فيها شروطاً لا يحب أن يشتهر بذلك ولا يكون بينك وبينه مزاورة ولا ملاقاة فإنه يكره كثرة الالتقاء فقال معروف أما أنا لو آخيت أحداً لم أحب مفارقته ليلاً ولا نهاراً ولزرته في كل وقت وآثرته على نفسي في كل حال ثم ذكر من فضل الأخوة والحب في الله أحاديث كثيرة ثم قال فيها وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فشاركه في العلم (¬3) وقاسمه في البدن (¬4) وأنكحه أفضل بناته وأحبهن إليه وخصه بذلك لمؤاخاته (¬5) وأنا ¬_________ (¬1) حديث المرء على دين خليله وَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يَرَى لك مثل ما ترى له تقدم الشطر الأول منه في الباب قبله واما الشطر الثاني فرواه ابن عدي في الكامل من حديث أنس بسند ضعيف (¬2) حديث بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وتقدم في أثناء حديث لا تدابروا في هذا الباب (¬3) حديث آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وشاركه في العلم أخرجه النسائي في الخصائص من سننه الكبرى من حديث علي قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب الحديث {وفيه} فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم إليه أحد فقمت إليه {وفيه} حتى إذا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي وله وللحاكم من حديث ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إني لأخوه ووليه ووارث علمه الحديث وكل ما ورد في أخوته فضعيف لا يصح منه شيء وللترمذي من حديث ابن عمر وأنت أخي في الدنيا والآخرة وللحاكم من حديث ابن عباس أنا مدينة العلم وعلي بابها وقال صحيح الإسناد وقال ابن حبان لا اصل له وقال ابن طاهر انه موضوع وللترمذي من حديث علي أنا دار الحكمة وعلي بابها وقال غريب (¬4) حديث مقاسمته عليا للبدن أخرجه مسلم في حديث جابر الطويل ثم أعطى عليا فنحر ما عبر وأشركه في هديه (¬5) حديث انه أنكح عليا أفضل بناته وأحبهم إليه هذا معلوم مشهور ففي الصحيحين من حديث علي لما أردت أن أبتنى بفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا الحديث وللحاكم من حديث أم أيمن زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا الحديث وقال صحيح الإسناد وفي الصحيحين من حديث عائشة عن فاطمة يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين الحديث
পৃষ্ঠা - ৫৫১
أشهدك أني قد عقدت له أخوة بيني وبينه وعقدت إخاءه في الله لرسالتك ولمسألته على أن لا يزورني إن كره ذلك ولكني أزوره متى أحببت ومره أن يلقاني في مواضع نلتقي بها ومره أن لا يخفي علي شيئاً من شأنه وأن يطلعني على جميع أحواله فأخبر ابن سالم بشرا بذلك فرضى وسلا به فهذا جامع حقوق الصحبة وقد أجملناه مرة وفصلناه أخرى ولا يتم ذلك إلا بأن تكون على نفسك للإخوان ولا تكون لنفسك عليهم وأن تُنْزِلَ نَفْسَكَ مَنْزِلَةَ الْخَادِمِ لَهُمْ فَتُقَيِّدَ بِحُقُوقِهِمْ جميع جوارك أَمَّا الْبَصَرُ فَبِأَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ نَظَرَ مَوَدَّةٍ يَعْرِفُونَهَا مِنْكَ وَتَنْظُرَ إِلَى مَحَاسِنِهِمْ وَتَتَعَامَى عَنْ عُيُوبِهِمْ وَلَا تَصْرِفَ بَصَرَكَ عَنْهُمْ فِي وَقْتِ إقبالهم عليك وكلامهم معك روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي كُلَّ من جلس إليه نصيباً من وجهه وما استصغاه أحد إلا ظن أنه أكرم الناس عليه حتى كان مجلسه وسمعه وحديثه ولطيف مسألته وتوجهه للجالس إليه (¬1) وكان مجلسه مجلس حياء وتواضع وأمانة وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكْثَرَ النَّاسِ تَبَسُّمًا وَضَحِكًا في وجوه أصحابه وتعجباً مما يحدثونه به وكان ضحك أصحابه عنده التبسم اقتداء منهم بفعله وتوقيراً له عليه السلام وأما السمع فبأن تسمع كلامه مُتَلَذِّذًا بِسَمَاعِهِ وَمُصَدِّقًا بِهِ وَمُظْهِرًا لِلِاسْتِبْشَارِ بِهِ وَلَا تَقْطَعَ حَدِيثَهُمْ عَلَيْهِمْ بِمُرَادَّةٍ وَلَا مُنَازَعَةٍ وَمُدَاخَلَةٍ وَاعْتِرَاضٍ فَإِنْ أَرْهَقَكَ عَارِضٌ اعْتَذَرْتَ إِلَيْهِمْ وتحرس سمعك عن سماع ما يكرهون وأما اللسان فقد ذكرنا حقوقه فإن القول فيه يطول وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُخَاطِبَهُمْ إِلَّا بِمَا يَفْقَهُونَ وَأَمَّا الْيَدَانِ فَأَنْ لَا يَقْبِضَهُمَا عَنْ مُعَاوَنَتِهِمْ فِي كُلِّ ما يتعاطى باليد وأما الرجلان فأن يمشي بهما وراءهم مشي الأتباع لا مشي المتبوعين ولا يَتَقَدَّمَهُمْ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُقَدِّمُونَهُ وَلَا يَقْرَبَ مِنْهُمْ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُقَرِّبُونَهُ وَيَقُومَ لَهُمْ إِذَا أَقْبَلُوا وَلَا يَقْعُدَ إِلَّا بِقُعُودِهِمْ وَيَقْعُدَ متواضعاً حيث يقعد ومهما تم الاتحاد خف حمله من هذه الحقوق مثل القيام والاعتذار والثناء فإنها من حقوق الصحبة وفي ضمنها نوع من الأجنبية والتكلف فإذا تم الاتحاد انطوى بساط التكلف بالكلية فلا يسلك به إلا مسلك نفسه لأن هذه الآداب الظاهرة عنوان آداب الباطن وصفاء القلب ومهما صفت القلوب استغنى عن تكلف إظهار ما فيها ومن كان نظره إلى صحبة الخلق فتارة يعوج وتارة يستقيم ومن كان نظره إلى الخالق لزم الاستقامة ظاهراً وباطناً وزين باطنه بالحب لله ولخلقه وزين ظاهره بالعبادة لله والخدمة لعباده فإنها أعلى أنواع الخدمة لله إذ لا وصول إليه إلا بحسن الخلق ويدرك العبد بحسن خلقه درجة القائم الصائم وزيادة ¬_________ (¬1) حديث كان يُعْطِي كُلَّ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ وجهه الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل من حديث علي في أثناء حديث فيه يعطي كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه ممن جالسه ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول {ثم قال} مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة {وفيه} يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه وللترمذي من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء ما رأيت أحدا اكثر تبسما من رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غريب
পৃষ্ঠা - ৫৫২
خاتمة لهذا الباب نذكر فيها جملة آداب العشرة والمجالسة مع أصناف الخلق ملتقطة من كلام بعض الحكماء إن أردت حسن العشرة فالق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وتوقير من غير كبر وتواضع مي غَيْرِ مَذَلَّةٍ وَكُنْ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فِي أَوْسَطِهَا فَكِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمٌ وَلَا تَنْظُرْ فِي عِطْفَيْكَ وَلَا تُكْثِرِ الِالْتِفَاتَ وَلَا تَقِفْ عَلَى الْجَمَاعَاتِ وَإِذَا جَلَسْتَ فَلَا تَسْتَوْفِزْ وَتَحَفَّظْ مِنْ تَشْبِيكِ أَصَابِعِكَ وَالْعَبَثِ بِلِحْيَتِكَ وَخَاتَمِكَ وَتَخْلِيلِ أَسْنَانِكَ وَإِدْخَالِ أُصْبُعِكَ فِي أَنْفِكَ وَكَثْرَةِ بصاقك وتنخمك وطرد الذباب من وجهك وكثر التَّمَطِّي وَالتَّثَاؤُبِ فِي وُجُوهِ النَّاسِ وَفِي الصَّلَاةِ وغيرهما وليكن مجلسك هاديا وَحَدِيثُكَ مَنْظُومًا مُرَتَّبًا وَأَصْغِ إِلَى الْكَلَامِ الْحَسَنِ مِمَّنْ حَدَّثَكَ مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ تَعَجُّبٍ مُفْرِطٍ ولا تسأله إعادته واسكت عن المضاحك والحكايات ولا تحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك وَلَا شِعْرِكَ وَلَا تَصْنِيفِكَ وَسَائِرِ مَا يَخُصُّكَ وَلَا تَتَصَنَّعْ تَصَنُّعَ الْمَرْأَةِ فِي التَّزَيُّنِ وَلَا تتبذل تبذل العبد وتوق كثرة الكحل والإسراف في الدهن وَلَا تُلِحَّ فِي الْحَاجَاتِ وَلَا تُشَجِّعْ أَحَدًا عَلَى الظُّلْمِ وَلَا تُعْلِمْ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ مِقْدَارَ مَالِكَ فَإِنَّهُمْ إِنْ رَأَوْهُ قَلِيلًا هُنْتَ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ تَبْلُغْ قَطُّ رِضَاهُمْ وَخَوِّفْهُمْ مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ ولن لهم من غير ضعف ولا تهازل أمتك ولا عبدك فيسقط وقارك وَإِذَا خَاصَمْتَ فَتَوَقَّرْ وَتَحَفَّظْ مِنْ جَهْلِكَ وَتَجَنَّبْ عَجَلَتَكَ وَتَفَكَّرْ فِي حُجَّتِكَ وَلَا تُكْثِرِ الْإِشَارَةَ بيديك ولا تكثر الالتفات إلى من وراءك ولا تجث على ركبتيك وإذا هدأ غيظك فتكلم وإن قربك سلطان فكن منه على مثل حد السنان فإن استرسل عليك فلا تأمن انقلابه علبك وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهيه ما لم يكن معصية ولا يحملنك لطفه بك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه وإن كنت لذلك مستحقاً عنده فإن سقطة الداخل بين الملك وبين أهله سقطة لا تنعش وزلة لا تقال وإياك وصديق العافية فإنه أعدى الأعداء ولا تجعل مالك أكرم من عرضك وإذا دَخَلْتَ مَجْلِسًا فَالْأَدَبُ فِيهِ الْبِدَايَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَتَرْكُ التَّخَطِّي لِمَنْ سَبَقَ وَالْجُلُوسُ حَيْثُ اتَّسَعَ وَحَيْثُ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى التَّوَاضُعِ وَأَنْ تُحَيِّيَ بِالسَّلَامِ مَنْ قَرُبَ مِنْكَ عِنْدَ الْجُلُوسِ وَلَا تَجْلِسْ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنْ جَلَسْتَ فَأَدَبُهُ غَضُّ الْبَصَرِ وَنُصْرَةُ الْمَظْلُومِ وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَعَوْنُ الضَّعِيفِ وَإِرْشَادُ الضَّالِّ وَرَدُّ السَّلَامِ وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالِارْتِيَادُ لِمَوْضِعِ الْبُصَاقِ وَلَا تبصق في جهة القبلة ولا عن يمينك ولكن عن يسارك وتحت قدمك اليسرى ولا تجالس الملوك فإن فعلت فأدبه ترك الغيبة ومجانبة الكذب وصيانة السر وقلة الحوائج وتهذيب الألفاظ والإعراب في الخطاب والمذاكرة بأخلاق الملوك وقلة المداعبة وكثرة الحذر منهم وإن ظهرت لك المودة وإن لا تتجشأ بحضرتهم ولا تخلل بعد الأكل عنده وعلى الملك أن يحتمل كل شي إلا إفشاء السر والقدح في الملك والتعرض للحرم ولا تجالس العامة فإن فعلت فأدبه ترك الخوض في حديثهم وقلة الإصغاء إلى أراجيفهم والتغافل عما يجري من سوء ألفاظهم وقلة اللقاء لهم مع الحاجة إليهم وَإِيَّاكَ أَنْ تُمَازِحَ لَبِيبًا أَوْ غَيْرَ لَبِيبٍ فإن اللبيب يحقد عليك والسفيه يجتريء عليك لأن المزاح يخرق الهيبة ويسقط ماء الوجه ويعقب الحقد ويذهب بحلاوة الود ويشين فقه الفقيه ويجريء
পৃষ্ঠা - ৫৫৩
السفيه ويسقط المنزلة عند الحكيم ويمقته المتقون وهو يميت القلب ويباعد عن الرب تعالى ويكسب الغفلة ويورث الذلة وبه تظلم السرائر وتموت الخواطر وبه تكثر العيوب وتبين الذنوب وقد قيل لا يكون المزاح إلا من سخف أو بطر وَمَنْ بُلِيَ فِي مَجْلِسٍ بِمِزَاحٍ أَوْ لَغَطٍ فليذكر الله عند قِيَامِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جلس في مجلس فكثر به لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلَّا غفر له ما كان في مجلسه ذلك (¬1) الباب الثالث في حق المسلم والرحم والجوار والملك وكيفية المعاشرة مع من يدلي بهذه الأسباب اعلم أن الإنسان إما أن يكون وحده أو مع غيره وإذا تعذر عيش الإنسان إلا بمخالطة مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ تَعَلُّمِ آدَابِ الْمُخَالَطَةِ وَكُلُّ مُخَالِطٍ فَفِي مُخَالَطَتِهِ أَدَبٌ وَالْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ وحقه على قدر رابطته التي بها وقعت المخالطة والرابطة إِمَّا الْقَرَابَةُ وَهِيَ أَخَصُّهَا أَوْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَعَمُّهَا وَيَنْطَوِي فِي مَعْنَى الْأُخُوَّةِ الصَّدَاقَةُ وَالصُّحْبَةُ وَإِمَّا الْجِوَارُ وَإِمَّا صُحْبَةُ السَّفَرِ وَالْمَكْتَبِ والدرس وإما الصداقة أَوِ الْأُخُوَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوَابِطِ دَرَجَاتٌ فَالْقَرَابَةُ لَهَا حَقٌّ وَلَكِنَّ حَقَّ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ آكَدُ وَلِلْمَحْرَمِ حَقٌّ وَلَكِنَّ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ آكَدُ وَكَذَلِكَ حَقُّ الْجَارِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنَ الدَّارِ وَبُعْدِهِ وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ عِنْدَ النِّسْبَةِ حَتَّى إِنَّ الْبَلَدِيَّ فِي بِلَادِ الْغُرْبَةِ يَجْرِي مَجْرَى الْقَرِيبِ فِي الْوَطَنِ لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقِّ الْجِوَارِ فِي الْبَلَدِ وَكَذَلِكَ حَقُّ الْمُسْلِمِ يَتَأَكَّدُ بتأكد المعرفة وللمعارف درجات فليس حق الذي عرف بالمشاهدة كحق الذي عرف بالسماع بل آكد منه والمعرفة بعد وقوعها تتأكد بالاختلاط وكذلك الصحبة تتفاوت درجاتها فحق الصحبة في الدرس والمكتب آكد من حق صحبة السفر وكذلك الصداقة تتفاوت فإنها إذا قويت صارت أخوة فإن ازدادت صارت محبة فإن ازدادت صارت خلة والخليل أقرب من الحبيب فالمحبة ما تتمكن من حبة القلب والخلة ما تتخلل سر القلب فكل خليل حبيب وليس كل حبيب خليلاً وتفاوت درجات الصداقة لا يخفى بحكم المشاهدة والتجربة فأما كون الخلة فوق الأخوة فمعناه أن لفظ الخلة عبارة عن حالة هي أتم من الأخوة وتعرفه من قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الله (¬2) إذا الخليل هو الذي يتخلل الحب جميع أجزاء قلبه ظاهراً وباطناً ويستوعبه ولم يستوعب قلبه عليه السلام سوى حب الله وقد منعته الخلة عن الاشتراك فيه مع أنه اتخذ علياً رضي الله عنه أخاً فقال علي مني بمنزلة هرون من موسى إلا النبوة (¬3) فعدل بعلي عن النبوة كما عدل بأبي بكر عن الخلة فشارك أبو بكر علياً رضي الله عنهما في الأخوة وزاد عليه بمقاربة الخلة وأهليته لها لو كان للشركة في الخلة مجال فإنه نبه عليه بقوله لاتخذت أبا بكر خليلاً وكان صلى الله عليه وسلم حبيب الله وخليله وقد روي أنه صعد المنبر يوماً مستبشراً فرحاً فقال إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً فأنا حبيب الله وأنا خليل الله تعالى (¬4) فإذن ليس قبل ¬_________ (¬1) حديث مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سبحانك اللهم وبحمدك الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه (¬2) حديث لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً الحديث متفق عليه من حديث أبي سعيد أبي سعيد الخدري (¬3) حديث علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص (¬4) حديث أن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلا الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف دون قوله فأنا حبيب الله وأنا خليل الله
পৃষ্ঠা - ৫৫৪
المعرفة رابطة ولا بعد الخلة درجة وما سواهما من الدرجات بينهما وقد ذكرنا حق الصحبة والأخوة ويدخل فيهما ما وراءهما من المحبة والخلة وإنما تتفاوت الرتب في تلك الحقوق كما سبق بحسب تفاوت المحبة والأخوة حتى ينتهي أقصاها إلى أن يوجب الإيثار بالنفس والمال كما آثر أبو بكر رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم وكما آثره طلحة ببدنه إذ جعل نفسه وقاية لشخصه العزيز صلى الله عليه وسلم فنحر الآن نريد أن نذكر حق أخوة الإسلام وحق الرحم وحق الوالدين وحق الجوار وحق الملك أعني ملك اليمين فإن ملك النكاح قد ذكرنا حقوقه في كتاب آداب النكاح حُقُوقُ الْمُسْلِمِ هِيَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ وَتُجِيبَهُ إِذَا دَعَاكَ وَتُشَمِّتَهُ إِذَا عَطَسَ وَتَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ وَتَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ وَتَبَرَّ قَسَمَهُ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكَ وَتَنْصَحَ لَهُ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ وَتَحْفَظَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِذَا غَابَ عنك وتحب لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تكره لنفسك (¬1) ورد جميع ذلك في أخبار وآثار وقد روى أنس رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال أربع من حق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وأن تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وأن تحب تائبهم (¬2) وقال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى رحماء بينهم قال يدعو صالحهم لطالحهم وطالحهم لصالحهم فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وانفعنا به إذا نظر الصالح إلى الطالح قال اللهم اهده وتب عليه واغفر له عثرته ومنها أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه قال النعمان بن بشير سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ بِالْحُمَّى والسهر (¬3) وروى أبو موسى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا (¬4) وَمِنْهَا أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِفِعْلٍ وَلَا قَوْلٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (¬5) وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك (¬6) وقال أيضاً أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده (¬7) وقال صلى الله عليه وسلم أتدرون من المسلم فقالوا الله ورسوله أعلم قال الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ قالوا فمن المؤمن قال من أمنه المؤمنين على أنفسهم وأموالهم قالوا فمن المهاجر قال من هجر السوء واجتنبه (¬8) وقال رجل يا رسول الله ما الإسلام ¬_________ (¬1) هو أن يسلم عليه إذا لقيه فذكر عشر خصال أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته تسلم عليه وزاد وإذا استنصحك فانصح له وللترمذي وابن ماجه من حديث علي للمسلم على المسلم ست فذكر منها ويحب له ما يحب لنفسه وقال وينصح له إذا غاب أو شهد ولأحمد من حديث معاذ وان تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وفي الصحيحين من حديث والبراء أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع فذكر منها وابرار القسم ونصر الظلوم (¬2) حديث انس أربع من حقوق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وأن تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وأن تحب تائبهم ذكره صاحب الفردوس ولم أجد له إسنادا (¬3) حديث النعمان بن بشير مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الحديث متفق عليه (¬4) حديث أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً متفق عليه (¬5) حديث الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو (¬6) حديث فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك متفق عليه من حديث أبي ذر (¬7) حديث أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث أبي موسى (¬8) حديث اتدرون من المسلم قالوا الله ورسوله أعلم قال المسلم من سلم من لسانه ويده أخرجه الطبراني والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد إلا أخبركم بالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وانفسهم والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ورواه ابن ماجه مقتصرا على المؤمن والمهاجر وللحاكم من حديث انس قال على شرط مسلم والمهاجر من هجر السوء ولأحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن عبسة قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك
পৃষ্ঠা - ৫৫৫
قال أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك وقال مجاهد يسلط على أهل النار الجرب فيحتكون حتى يبدو عظم أحدهم من جلده فينادي يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقول هذا بما كنت تؤذي المؤمنين وقال صلى الله عليه وسلم لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين (¬1) وقال أبو هريرة رضي الله عنه يا رسول الله علمني شيئاً أنتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم من زحرج عن طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله له به حسنة ومن كتب الله له حسنة أوجب له بها الجنة (¬3) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَخِيهِ بِنَظْرَةٍ تُؤْذِيهِ وَقَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا (¬4) وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إن الله يكره أذى المؤمنين (¬5) وقال الربيع ابن خيثم الناس رجلان مؤمن فلا تؤذه وجاهل فلا تجاهله وَمِنْهَا أَنْ يَتَوَاضَعَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا يَتَكَبَّرَ عليه فإن الله لا يحب كل مختال فخور قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الله تعالى أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أحد على أحد (¬6) ثم إن تفاخر عليه غيره فليحتمل قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وعن ابن أبي أوفى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتواضع لكل مسلم ولا يأنف ولا يتكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي حاجته (¬7) وَمِنْهَا أَنْ لَا يَسْمَعَ بَلَاغَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يُبَلِّغَ بَعْضَهُمْ مَا يَسْمَعُ من بعض قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الجنة قتات (¬8) وقال الخليل بن أحمد من نم لك نم عليك ومن أخبرك بخير غيرك أخبر غيرك بخبرك وَمِنْهَا أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْهَجْرِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَهْمَا غَضِبَ عَلَيْهِ قال أبو أيوب الأنصاري قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسلام (¬9) وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أقال مسلماً عثرته أقاله الله يوم القيامة (¬10) قال عكرمة قال الله تعالى ليوسف بن يعقوب بعفوك عن إخوانك رفعت ذكرك في الدارين قالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ (¬11) وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزاً وقال ¬_________ (¬1) حديث لقد رأيت رجلا في الجنة يتقلب في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬2) حديث أبي هريرة يا رسول الله علمني شيئاً أنتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي برزة قال قلت يا بني الله فذكره (¬3) حديث من زحزح عن طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله له بها حسنة ومن كتب له بها حسنة أوجب له بها الجنة رواه احمد من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف (¬4) حديث لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظر يؤذيه أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية حمزة بن عبيد مرسلا بسند ضعيف وفي البر والصلة له من زيادات الحسين المروزى حمزة بن عبد الله بن أبي سمى وهو الصواب (¬5) حديث أن الله تعالى يكره أذى المؤمنين أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية عكرمة بن خالد مرسلا بإسناد جيد (¬6) حديث إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يفجر أحد على أحد أخرجه أبو داود وابن ماجه واللفظ له من حديث عياض بن جماز ورجاله رجال الصحيح (¬7) حديث ابن أبي أوفى كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والسكين فيقضي حاجته أخرجه النسائي بإسناد صحيح والحاكم وقال على شرط الشيخين (¬8) حديث لا يدخل الجنة قتات متفق عليه من حديث أبي أيوب (¬9) لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثلاث الحديث متفق عليه (¬10) حديث من أقال مسلماً عثرته أقاله الله يوم القيامة أخرجه أبو داود والحاكم وقد تقدم (¬11) حديث عائشة مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لنفسه قط إلا أن تصاب حرمة الله فينتقم لله متفق عليه بلفظ إلا أن تنتهك
পৃষ্ঠা - ৫৫৬
صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة وما زاد الله رجلاً بعفو إلا عزاً وما من أحد تواضع لله إلا رفعه الله (¬1) وَمِنْهَا أَنْ يُحْسِنَ إِلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مَا اسْتَطَاعَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الأهل وغير الأهل روى علي بن الحسين على أبيه عن جده رضي الله عنهم قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله فإن أصبت أهله فَهُوَ أَهْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُصِبْ أَهْلَهُ فَأَنْتَ من أهله (¬2) وعنه بإسناده قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الدِّينِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر (¬3) قال أبو هريرة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها ولم تكن ترى ركبته خارجة عن ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إِلَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ كَلَامِهِ (¬4) وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِإِذْنِهِ بل يَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ انْصَرَفَ قال أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون والثانية يستصلحون والثالثة يأذنون أو يردون (¬5) ومنها أن يخالق الجميع بخلق حسن ويعاملهم بحسب طريقته فإنه إن أراد لقاء الجاهل بالعلم والأمي بالفقه والعيي بالبيان آذى وتأذى ومنها أن يوقر المشايخ ويرحم الصبيان قال جابر رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَلَمْ يرحم صغيرنا (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم (¬7) ومن تمام توقير المشايخ أن لا يتكلم بين أيديهم إلا بالإذن وقال جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير (¬8) وفي الخبر وما وقر شاب شيخاً إلا قيض الله له في سنه من يوقره (¬9) وهذه بشارة بدوام الحياة فليتنبه لها فلا يوفق لتوقير المشايخ إلا من قضى الله له بطول العمر وقال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظاً والمطر قيظاً وتفيض اللئام فيضاً وتغيض الكرام غيضا ويجتريء الصغير على الكبير واللئيم على الكريم (¬10) وَالتَّلَطُّفُ بِالصِّبْيَانِ مِنْ عَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم (¬11) كان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمْ فَيُرْفَعُونَ إِلَيْهِ فَيُرْفَعُ مِنْهُمْ بين يديه ومن خلفه ¬_________ (¬1) حديث ما نقص مال من صدقة وما زاد الله بعفو رجلا إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رفعه الله أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬2) حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده اصنع المعروف إلى أهله فإن لم تصب أهله فأنت أهله ذكره الدارقطني في العلل وهو ضعيف ورواه القضاعي في مسند الشهاب من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرسلا بسند ضعيف (¬3) حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده رأس العقل بعد الإيمان التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ وَاصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ إِلَى كُلِّ بر وفاجر أخرجه الطبراني في الأوسط والخطابي في تاريخ الطالبين وعند أبو نعيم في الحلية دون قوله واصطناع إلى آخره وقال الطبراني التحبب (¬4) حديث أبي هريرة كان لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن ولأبي داود والترمذي وابن ماجه نحوه من حديث انس بسند ضعيف (¬5) حديث أبي هريرة الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون والثانية يستصلحون والثالثة يأذنون أو يردون أخرجه الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع (¬6) حديث جابر ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف وهو عند أبي داود والبخاري في الأدب من حديث عبد الله بن عمرو بسند حسن (¬7) حديث من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم أخرجه أبو داود من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد حسن (¬8) حديث جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير أخرجه الحاكم وصححه (¬9) حديث ما وقر شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له في سنه من يوقره أخرجه الترمذي من حديث انس بلفظ ما اكرم ومن يكرمه وقال حديث غريب وفي بعض النسخ حسن وفيه أبو الرجال وهو ضعيف (¬10) حديث لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا والمطر قيظا الحديث رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة والطبراني من حديث ابن مسعود وإسنادهما ضعيف (¬11) حديث التلطف بالصبيان أخرجه البزار من حديث انس كان من أفكه الناس مع صبي وقد تقدم في النكاح وفي الصحيحين يا أبا عمير ما فعل النعير وغير ذلك
পৃষ্ঠা - ৫৫৭
ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم (¬1) فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم لبعض حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وحملك أنت وراءه ويقول بعضهم أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم وَكَانَ يُؤْتَى بِالصَّبِيِّ الصَّغِيرِ لِيَدْعُوَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَلِيُسَمِّيَهُ فَيَأْخُذَهُ فَيَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ فَرُبَّمَا بَالَ الصبي فيصيح به بعض من يراه فيقول لا تزرموا الصبي بوله فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه له وتسميته ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا أنه تأذى ببوله فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده (¬2) وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَعَ كَافَّةِ الْخَلْقِ مُسْتَبْشِرًا طلق الوجه رفيقاً قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرُونَ عَلَى مَنْ حُرِّمْتِ النَّارُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ عَلَى اللَّيِّنِ الْهَيِّنِ السَّهْلِ الْقَرِيبِ (¬3) وَقَالَ أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الله يحب السهل الطلق الوجه (¬4) وقال بعضهم يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فقال إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام (¬5) وقال عبد الله بن عمر إن الْبِرُّ شَيْءٌ هَيِّنٌ وَجْهٌ طَلِيقٌ وَكَلَامٌ لَيِّنٌ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طيبة (¬6) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الجنة لغرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام (¬7) وقال معاذ بن جبل قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث ووفاء العهد وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ وَحِفْظِ الْجَارِ وَرَحْمَةِ اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وخفض الجناح (¬8) وقال أنس رضي الله عنه عرضت لنبي الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقالت لي معك حاجة وكان معه ناس من أصحابه فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك ففعلت فجلس إليها حتى قضت حاجتها (¬9) وقال وهب بن منبه أن رجلاً من بني إسرائيل صام سبعين سنة يفطر في كل سبعة أيام فسأل الله تعالى انه يريه كيف يغوي الشيطان الناس فلما طال عليه ذلك ولم يجب قال لو اطلعت على خطيئتي وذنبي ¬_________ (¬1) حديث كان يقدم من السفر فتتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه الحديث رواه مسلم من حديث عبد الله بن جعفر كان إذا قدم من سفر تلقى بنا قال فيلقى بي وبالحسن وقال فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه وفي رواية تلقى بصبيان أهل بيته وانه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردف خلفه وفي الصحيحين أن عبد الله بن جعفر قال لابن الزبير أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس قال نعم فحملنا وتركك لفظ مسلم وقال البخاري أن ابن الزبير قال لابن جعفر فالله اعلم (¬2) حديث كان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة ويسميه فيأخذه ويضعه في حجره فربما بال الصبي فيصبح به بعض من رآه الحديث رواه مسلم من حديث عائشة كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بعصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله واصله متفق عليه وفي رواية لأحمد فيدعو لهم وفيه صبوا عليه الماء صبا وللدارقطني بال ابن الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ به أخذا عنيفا الحديث وفيه الحجاج بن أرطاة ضعيف ولأحمد بن منبع من حديث حسن بن علي عن امرأة منهم بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا على ظهره يلاعب صبيا إذ بال فقامت لتأخذه وتضربه فقال دعيه ائتوني بكوز من ماء الحديث وإسناده صحيح (¬3) حديث أَتَدْرُونَ عَلَى مَنْ حُرِّمْتِ النَّارُ قَالُوا اللَّهُ ورسوله أعلم قال على الهين اللين السهل القريب أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود ولم يقل اللين وذكرها الخرائطي من رواية محمد بن أبي معيقيب عن أمه قال الترمذي حسن غريب (¬4) حديث أبي هريرة إن الله يحب السهل الطلق أخرجه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه من رواية مورق العجلي مرسلا (¬5) حديث أن من واجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في شعب الإيمان من حديث هانيء بن يزيد بإسناد جيد (¬6) حديث اتقوا النار ولو بشق تمرة الحديث متفق عليه من حديث عدي بن حاتم وتقدم في الزكاة (¬7) حديث أن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها الحديث أخرجه الترمذي من حديث علي وقال حديث غريب قلت وهو ضعيف (¬8) حديث معاذ أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في كتاب الزهد وأبو نعيم في الحلية ولم يقل البيهقي وخفض الجناح وإسناد ضعيف (¬9) حديث انس عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقلت لي معك حاجة فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك الحديث رواه مسلم
পৃষ্ঠা - ৫৫৮
بيني وبين ربي لكان خيراً لي من هذا الأمر الذي طلبته فأرسل الله إليه ملكاً فقال له إن الله أرسلني إليك وهو يقول لك إن كلامك هذا الذي تكلمت به أحب إلي مما مضى من عبادتك وقد فتح الله بصرك فانظر فنظر فإذا جنود إبليس قد أحاطت بالأرض وإذا ليس أحد من الناس إلا والشياطين حوله كالذئاب فقال أي رب من ينجو من هذا قال الورع اللين وَمِنْهَا أَنْ لَا يَعِدَ مُسْلِمًا بِوَعْدٍ إِلَّا ويفي به قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ (¬1) وَقَالَ العدة دين (¬2) وقال ثلاث في المنافق إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائتمن خان (¬3) وَقَالَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وإن صام وصلى (¬4) وذكر ذلك وَمِنْهَا أَنْ يُنْصِفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَأْتِيَ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إليه قال صلى الله عليه وسلم لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسه وبذل السلام (¬5) وقال عليه السلام من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه (¬6) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا (¬7) قال الحسن أوحى الله تعالى إلى آدم صلى الله عليه وسلم بأربع خصال وقال فيهن جماع الأمر لك ولولدك واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين الخلق فأما التي لي تعبدني ولا تشرك بي شيئاً وأما التي لك فعملك أجزيك به أفقر ما تكون إليه وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بنيك وبين الناس فتصحبهم بالذي تحب أن يصحبوك به وسأل موسى عليه السلام الله تعالى فقال أي رب أي عبادك أعدل قال من أنصف من نفسه وَمِنْهَا أَنْ يَزِيدَ فِي تَوْقِيرِ مَنْ تَدُلُّ هَيْئَتُهُ وَثِيَابُهُ عَلَى عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ فَيُنْزِلَ النَّاسَ منازلهم روي أن عائشة رضي الله عنها كانت في سفر فنزلت منزلاً فوضعت طعامها فجاء سائل فقالت عائشة ناولوا هذا المسكين قرصاً ثم مر رجل على دابة فقالت ادعوه إلى الطعام فقيل لها تعطين المسكين وتدعين هذا الغني فقالت إن الله تعالى أنزل الناس منازل لا بد لنا من أن ننزلهم تلك المنازل هذا المسكين يرضى بقرص وقبيح بنا أن نعطي هذا الغني على هذه الهيئة قرصاً وروي أنه صلى الله عليه وسلم دخل بعض بيوته فدخل عليه أصحابه حتى غص المجلس وامتلأ فجاء جرير بن عبد الله البجلي فلم يجد مكاناً فقعد على الباب فلف رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فألقاه إليه وقال له اجلس على هذا فأخذه جرير ووضعه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ثم لفه ورمى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال ما كنت لأجلس على ثوبك أكرمك الله كما أكرمتني فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً ثم قال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (¬8) وكذلك كل من له عليه حق قديم ¬_________ (¬1) حديث العدة عطية أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث فباث بن أشيم بسند ضعيف (¬2) حديث العدة دين رواه الطبراني في معجميه الأوسط والأصفر من حديث علي وابن مسعود بسند فيه جهالة ورواه أبو داود في المراسيل (¬3) حديث ثلاث في المنافق إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائتمن خان متفق عليه من حديث أبي هريرة ونحوه (¬4) حديث ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صام وصلى رواه البخاري من حديث أبي هريرة وأصله متفق عليه ولفظ مسلم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم وهذا ليس في البخاري (¬5) حديث لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسه وبذل السلام أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمار بن ياسر ووقفه البخاري عليه (¬6) حديث من سره أن يزحزح عن النار فلتأته منيته وهو يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه والخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظه (¬7) حديث يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تكن مسلماً أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف والمعروف أنه قاله لأبي هريرة وقد تقدم (¬8) حديث إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وفي أوله قصته في قدوم جرير بن عبد الله أخرجه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح الإسناد وتقدم في الزكاة مختصرا
পৃষ্ঠা - ৫৫৯
فليكرمه روي أن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه ثم قال لها مرحبا بأمي ثم أجلسها على الرداء ثم قال لها اشفعي تشفعي وسلي تعطي فقالت قومي فقال أما حقي وحق بني هاشم فهو ذلك فقام الناس من كل ناحية وقالوا وحقنا يا رسول الله ثم وصلها بعد وأخدمها ووهب لها سهمانه بحنين (¬1) فبيع ذلك من عثمان بن عفان رضي الله عنه بمائة ألف درهم ولربما أتاه من يأتيه وهو على وسادة جالس ولا يكون فيها سعة يجلس معه فينزعها ويضعها تحت الذي يجلس إليه فإن ابي عزم عليه حتى يفعل (¬2) وَمِنْهَا أَنْ يُصْلِحَ ذَاتَ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَهْمَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة (¬3) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذات البين (¬4) وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء فقال الله تعالى للطالب كيف تصنع بأخيك ولم يبق له من حسناته شيء فقال يا رب فليحمل عني من أوزاري ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم قال فيقول الله تعالى أي للمتظلم ارفع بصرك فانظر في الجنان فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى هذا لمن أعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال أنت تملكه قال بماذا يا رب قال بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه فيقول الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال صلى الله عليه وسلم اتقوا وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة (¬5) وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خَيْرًا (¬6) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ لِأَنَّ تَرْكَ الْكَذِبِ وَاجِبٌ وَلَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ إِلَّا بِوَاجِبٍ آكد منه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ الْكَذِبِ مَكْتُوبٌ إِلَّا أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ فِي الْحَرْبِ (¬7) فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ أَوْ يَكْذِبَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَكْذِبَ لِامْرَأَتِهِ لِيُرْضِيَهَا وَمِنْهَا أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ الله ¬_________ (¬1) حديث أن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث أبي الطفيل مختصرا في بسط ردائه لها دون ما بعده (¬2) حديث نزعه صلى الله عليه وسلم وسادته ووضعها تحت الذي يجلس إليه أخرجه احمد من حديث ابن عمرو انه دخل عليه صلى الله عليه وسلم فألقى إليه وسادة من أدم حشوها ليف الحديث وإسناده صحيح وللطبراني من حديث سلمان دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو متكئ على وسادة فألقاه إلى الحديث وسنده ضعيف قال صاحب الميزان هذا خبر ساقط (¬3) حديث ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة رواه أبو داود والترمذي وصححه من حديث أبي الدرداء (¬4) حديث أفضل الصدقة إصلاح ذات البين أخرجه الطبراني في الكبير والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عبد الله بن عمرو وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ضعفه الجمهور (¬5) حديث انس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وامي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جيثا بين يدي الله عز وجل فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والحاكم وقال صحيح الإسناد وكذا أبو يعلى الموصلي خرجه بطول وضعفه البخاري وابن حبان (¬6) حديث لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خيراً أو نمى خيرا متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط (¬7) حديث كُلُّ الْكَذِبِ مَكْتُوبٌ إِلَّا أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ في الحرب الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث النواس بن سمعان وفيه انقطاع وضعف ولمسلم نحوه من حديث أم كلثوم بنت عقبة
পৃষ্ঠা - ৫৬০
تعالى في الدنيا والآخرة (¬1) حديث لا يستر عبد عبداً إلا ستره الله يوم القيامة رواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا (¬2) حديث أبي سعيد الخدري لا يرى امرؤ مِنْ أَخِيهِ عَوْرَةً فَيَسْتُرُهَا عَلَيْهِ إِلَّا دَخَلَ الجنة رواه الطبراني في الأوسط والصغير والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له بسند ضعيف (¬3) حديث لو سترته بثوبك كان خيرا لك رواه أبو داود والنسائي من حديث نعيم بن هزال والحاكم من حديث هزال نفسه وقال صحيح الإسناد ونعيم مختلف في صحبته فإذن على المسلم أن يستر عورة نفسه فحق إسلامه واجب عليه كحق إسلام غيره قال أبو بكر رضي الله عنه لو وجدت شارباً لأحببت أن يستره الله ولو وجدت سارقاً لأحببت أن يستره الله وروى أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة ذات ليلة فرأى رجلاً وامرأة على فاحشة فلما أصبح قال للناس أرأيتم لو أن إماماً رأى رجلاً وامرأة على فاحشة فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين قالوا إنما أنت إمام فقال علي رضي الله عنه ليس ذلك لك إذاً يقام عليك الحد إن الله لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهود ثم تركهم ما شاء الله أن يتركهم ثم سألهم فقال القوم مقالتهم الأولى فقال علي رضي الله عنه مثل مقالته الأولى وهذا يشير إلى أن عمر رضي الله عنه كان متردداً في أن الوالي هل له أن يقضي بعلمه في حدود الله فلذلك راجعهم في معرض التقدير لا في معرض الإخبار خيفة من أن لا يكون له ذلك فيكون قاذفاَ بإخباره ومال رأي علي إلى أنه ليس له ذلك وهذا من أعظم الأدلة على طلب الشرع لستر الفواحش فإن أفحشها الزنا وقد نيط بأربعة من العدول يشاهدون ذلك منه في ذلك منها كالمرود في المكحلة وهذا قط لا يتفق وإن علمه القاضي تحقيقاً لم يكن له أن يكشف عنه فانظر إلى الحكمة في حسم باب الفاحشة بإيجاب الرجم الذي هو أعظم العقوبات ثم انظر إلى كثيف ستر الله كيف أسبله على العصاة من خلقه بتضييق الطريق في كشفه فنرجو أن لا نحرم هذا الكرم يوم تبلى السرائر ففي الحديث إن الله إذا ستر على عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها في الآخرة وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها مرة أخرى (¬4) وعن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه قال خرجت مع عمر رضي الله عنه ليلة في المدينة فبينما نحن نمشي إذ ظهر لنا سراج فانطلقنا نؤمه فلما دنونا منه إذا باب مغلق على قوم لهم أصوات ولغط فأخذ عمر بيدي وقال أتدري بيت من هذا قلت لا فقال هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى قلت أرى أنا قد أتينا ما نهانا الله عنه قال الله تعالى {ولا تجسسوا} فرجع عمر رضي الله عنه وتركهم وهذا يدل على وجوب الستر وترك التتبع وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاوية إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم (¬5) حديث يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم الحديث أخرجه أبو داود من حديث أبي برزة بإسناد جيد وللترمذي من حديث ابن عمر وحسنه وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لو رأيت أحداً على حد من حدود الله تعالى ¬_________ (¬1) حديث من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وقال لا يستر عبد عبداً إلا ستره الله يوم القيامة (¬2) وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عَنْهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَى الْمُؤْمِنُ مِنْ أَخِيهِ عَوْرَةً فَيَسْتُرُهَا عَلَيْهِ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لماعز لما أخبره لو سترته بثوبك كان خيرا لك (¬4) حديث إن الله إذا ستر على عبده عورة في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفه في الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث علي من أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يرجع في شيء قد عفا عنه ومن أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب عليه فالله أعدل من أن يثني العقوبة على عبده لفظ الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولمسلم من حديث أبي هريرة لا ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة (¬5) حديث إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم قاله لمعاوية أخرجه أبو داود بإسناد صحيح من حديث معاوية وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قلبه لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ كان في جوف بيته
পৃষ্ঠা - ৫৬১
ما أخذته ولا دعوت له أحداً حتى يكون معي غيري وقال بعضهم كنت قاعداً مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ جاءه رجل بآخر فقال هذا نشوان فقال عبد الله بن مسعود استنكهوه فاستنكهوه فوجده نشواناً فحبسه حتى ذهب سكره ثم دعا بسوط فكسر ثمره ثم قال للجلاد اجلد وارفع يدك وأعط كل عضو حقه فجلده وعليه قباء أو مرط فلما فرغ قال للذي جاء به ما أنت منه قال عمه قال عبد الله ما أدبت فأحسنت الأدب ولا سترت الحرمة إنه ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه وإن الله عفو يحب العفو ثم قرأ {وليعفوا وليصفحوا} ثم قال إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقطعه فكأنما أسف وجهه فقالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه فقال وما يمنعني لا تكونوا عوناً للشياطين على أخيكم فقالوا ألا عفوت عنه فقال إنه ينبغي للسلطان إذا انتهى إليه حد أن يقيمه إن الله عفو يجب العفو وقرأ {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لكم والله غفور رحيم} (¬1) وفي رواية فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد لشدة تغيره وروى أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة مِنَ اللَّيْلِ فَسَمِعَ صَوْتَ رَجُلٍ فِي بَيْتٍ يتغنى فتسور عليه فوجده عِنْدَهُ امْرَأَةً وَعِنْدَهُ خَمْرٌ فَقَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَظْنَنْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْتُرُكَ وَأَنْتَ عَلَى معصيته فقال وأنت يا أمير المؤمنين فلا تعجل فإن كنت قد عَصَيْتُ اللَّهَ وَاحِدَةً فَقَدْ عَصَيْتَ اللَّهَ فِيَّ ثلاثا قال الله تعالى {ولا تجسسوا} وَقَدْ تَجَسَّسْتَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَيْسَ الْبِرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها} وَقَدْ تَسَوَّرْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم} الْآيَةَ وَقَدْ دَخَلْتَ بَيْتِي بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا سلام فقال عمر رضي الله عنه هَلْ عِنْدَكَ مِنْ خَيْرٍ إِنْ عَفَوْتُ عَنْكَ قال نعم والله يا أمير المؤمنين لَئِنْ عَفَوْتَ عَنِّي لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أبداً فعفا عنه وخرج وتركه وقال رجل لعبد الله بن عمر يا أبا عبد الرحمن كيف سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في النجوى يوم القيامة قال سمعته يقول إن الله ليدني منه المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم يارب حتى إذا قرره بذنوبه فرأى في نفسه أنه قد هلك قال له يا عبدي إني لم أسترها عليك في الدنيا إلا وأنا أريد أن أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافرون والمنافقون فتقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين (¬2) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ (¬3) وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ السُّوءَ سِرًّا ثُمَّ يُخْبِرُ بِهِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم من استمع خَبَرَ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (¬4) وَمِنْهَا أَنْ يَتَّقِيَ مَوَاضِعَ التُّهَمِ صِيَانَةً لِقُلُوبِ النَّاسِ عَنْ سُوءِ الظن ولألسنتهم عن العيبة فَإِنَّهُمْ إِذَا عَصَوُا اللَّهَ بِذِكْرِهِ وَكَانَ هُوَ السَّبَبَ فِيهِ كَانَ شَرِيكًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ولا تسبوا الذي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بغير علم وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَرَوْنَ من يسب أَبَوَيْهِ فَقَالُوا وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ يَسُبُّ أَبَوَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ يَسُبُّ أَبَوَيْ غَيْرِهِ فَيَسُبُّونَ أَبَوَيْهِ (¬5) وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يا فلان هذه زوجتي صفية {فقال} ¬_________ (¬1) حديث ابن مسعود إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقطعه فكأنما أسف وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وللخرائطي في مكارم الأخلاق فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد الحديث (¬2) حديث ابن عمر إن الله عز وجل ليدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا الحديث متفق عليه (¬3) حديث كل أمتي معافى إلا المجاهرين الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة (¬4) حديث من استمع من قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة رواه البخاري من حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا عليه وعلى أبي هريرة أيضا (¬5) حديث كَيْفَ تَرَوْنَ مَنْ سَبَّ أَبَوَيْهِ فَقَالُوا وَهَلْ من أحد يسب أبويه الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو ونحوه
পৃষ্ঠা - ৫৬২
يا رسول الله من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك فقال إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم (¬1) وزاد في رواية إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً وكانا رجلين فقال على رسلكما إنها صفية الحديث (¬2) وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان وَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ مَقَامَ التُّهَمِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ به الظن ومر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة فقال يا أمير المؤمنين إنها امرأتي فقال هلا حيث لا يراك أحد من الناس وَمِنْهَا أَنْ يَشْفَعَ لِكُلِّ مِنْ لَهُ حَاجَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةٌ ويسعى في قضاء حاجته بما يقدر عليه قال صلى الله عليه وسلم إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا ويقضى الله على يدي نبيه ما أحب (¬3) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشفعوا إلي لتؤجروا إني أريد الأمر وأؤخره كي تشفعوا إلي فتؤجروا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ صدقة أفضل من صدقة اللسان قيل وكيف ذلك قال الشفاعة يحقن بها الدم وتجر بها المنفعة إلى آخر ويدفع بها المكروه عن آخر (¬4) وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها وهو يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال صلى الله عليه وسلم للعباس ألا تعجب من شدة حب مغيث لبريرة وشدة بغضها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته فإنه أبو ولدك فقالت يا رسول الله أتأمرني فأفعل فقال لا إنما أنا شافع (¬5) ومنها أن يبدأ كل مسلم منهم بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ وَيُصَافِحَهُ عِنْدَ السَّلَامِ قَالَ صلى الله عليه وسلم من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه حتى يبدأ بالسلام (¬6) وقال بعضهم دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم أسلم ولم أستأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل (¬7) وروى جابر رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته (¬8) حديث أنس خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثماني حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد من عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وإسناده ضعيف وللترمذي وصححه إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك وقال أنس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسع وستون لأحسنهما بشراً وقال تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أو ردوها} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أَدُلُّكُمْ عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ قَالُوا بلى يا رسول الله ¬_________ (¬1) حديث أنس إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة الحديث {وفيه} إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم رواه مسلم (¬2) حديث إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا وقال على رسلكما إنها صفية متفق عليه من حديث صفية (¬3) حديث إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا الحديث متفق عليه من حديث أبي موسى نحوه (¬4) حديث ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له في الكبير من حديث سمرة بن جندب ضعيف (¬5) حديث عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها يبكي الحديث رواه البخاري (¬6) حديث من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في اليوم والليلة واللفظ له من حديث ابن عمر بسند فيه لين (¬7) حديث دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم أسلم ولم أستأذن فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث كلدة بن الحنبل وهو صاحب القصة (¬8) حديث جابر إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وفيه ضعف وقال أنس رضي الله عنه خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثمان حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد في عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت منزلك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك
পৃষ্ঠা - ৫৬৩
قال أفشوا السلام بينكم (¬1) وقال أيضاً إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم إن الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم ولا يسلم عليه (¬3) حديث يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم أحد أجزأ عنهم رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا ولأبي داود من حديث علي يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يسلم الراكب على الماشي الحديث وسيأتي في بقية الباب (¬4) حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال سلام عليك فقال صلى الله عليه وسلم عشر حسنات الحديث أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عمران ابن حصين قال الترمذي حسن غريب وقال البيهقي في الشعب إسناده حسن (¬5) حديث أنس كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم ورفعه متفق عليه وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه فعل ذلك وروى عبد الحميد ابن بهرام أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَعُصْبَةٌ مِنَ النَّاسِ قُعُودٌ فَأَوْمَأَ بيده بالسلام وأشار عبد الحميد بيده إلى الحكاية (¬6) فقال صلى الله عليه وسلم لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه (¬7) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تصافحوا أهل الذمة ولا تبدءوهم بالسلام فإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطرق قالت عائشة رضي الله عنها إن رهطاً من اليهود دخلوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا السام عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم {عليكم} قالت عائشة رضي الله عنها فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال عليه السلام يا عائشة إن الله يحب الرفق في كل شيء قالت عائشة ألم تسمع ما قالوا قال فقد قلت عليكم (¬8) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير (¬9) حديث لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال إسناده ضعيف // قال أبو عيسى إسناده ضعيف وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فليست ¬_________ (¬1) حديث والذي نفسي بيده لا تدخلو الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬2) حديث إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة ذكره صاحب الفردوس من حديث أبي هريرة ولم يسنده ولده في المسند (¬3) حديث الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم فلا يسلم عليه لم أقف له على أصل وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الماشي وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم (¬4) وقال قتادة كانت تحية من كان قبلكم السجود فأعطى الله تعالى هذه الأمة السلام وهي تحية أهل الجنة وكان أبو مسلم الخولاني يمر على قوم فلا يسلم عليهم ويقول ما يمنعني إلا أني أخشى أن لا يردوا فتلعنهم الملائكة والمصافحة أيضاً سنة مع السلام وجاء رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال السلام عليكم فقال عليه السلام عشر حسنات فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال {ثلاثون} (¬5) وَكَانَ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَمُرُّ عَلَى الصبيان فيسلم عليهم (¬6) حديث عبد الحميد بن بهرام أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ فِي المسجد يوماً وعصبة من الناس قعود فألوى بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده أخرجه الترمذي من رواية عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد وقال حسن وابن ماجه من رواية ابن أبي حسين عن شهر ورواه أبو داود وقال أحمد لا بأس به (¬7) حديث لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة (¬8) حديث عائشة إن رهطاً من اليهود دخلوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا السام عليك الحديث متفق عليه (¬9) حديث يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير متفق عليه من حديث أبي هريرة ولم يقل مسلم والصغير على الكبير وقال صلى الله عليه وسلم لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود بالإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالإشارة بالأكف
পৃষ্ঠা - ৫৬৪
الأولى بأحق من الأخيرة (¬1) وقال أنس رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسعة وستون لأحسنهما بشراً (¬2) وقال عمر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان وسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة للبادئ تسعون وللمصافح عشرة (¬3) وقال الحسن المصافحة تزيد في الود وقال أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمام تحياتكم المصافحة (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم قبلة المسلم أخاه المصافحة (¬5) وَلَا بَأْسَ بِقُبْلَةِ يَدِ الْمُعَظَّمِ فِي الدِّينِ تبركاً به وتوقيراً له وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قبلنا يد النبي صلى الله عليه وسلم (¬6) وعن كعب بن مالك قال لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده (¬7) وروي أن أعرابياً قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك قال فأذن له ففعل (¬8) ولقي أبو عبيدة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فصافحه وقبل يده وتنحيا يبكيان وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سلم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه ومد يده إليه فصافحه فقال يا رسول الله ما كنت أرى هذا إلا من أخلاق الأعاجم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما (¬9) وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أو قال وأفضل (¬10) والانحناء عند السلام منهي عنه قال أنس رضي الله عنه قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال {لا} قال فيقبل بعضنا بعضاً قال {لا} قال فيصافح بعضنا بعضاً قال {نعم} (¬11) والالتزام والتقبيل قد ورد به الخبر عند القدوم من السفر (¬12) وقال أبو ذر رضي الله عنه ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني وطلبني يوماً فلم أكن في البيت فلما أخبرت جئت وهو على سرير فالتزمني فكانت أجود وأجود (¬13) ¬_________ (¬1) حديث إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْأَخِيرَةِ أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة (¬2) حديث أنس إذا التقى المسلمان فتصافحا قسمت بينهما سبعون رحمة الحديث أخرجه الخرائطي بسند ضعيف وللطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مائة رحمة تسعة وتسعون لأبشهما وأطلقهما وأبرهما وأحسنهما مسالمة لأخيه وفيه الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير مجهول (¬3) حديث عمر بن الخطاب إذا التقى المسلمان فسلم كل واحد على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة الحديث أخرجه البزار في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وفي إسناده نظر (¬4) حديث أبي هريرة تمام تحياتكم بينكم المصافحة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الترمذي من حديث أبي أمامة وضعفه (¬5) حديث قبلة المسلم أخاه المصافحة أخرجه الخرائطي وابن عدي من حديث أنس وقال غير محفوظ (¬6) حديث ابن عمر قبلنا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود بسند حسن (¬7) حديث كعب بن مالك لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده أخرجه أبو بكر بن المقري في كتاب الرخصة في تقبيل اليد بسند ضعيف (¬8) حديث أن أعرابياً قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك فأذن له ففعل أخرجه الحاكم من حديث بريدة إلا أنه قال رجليك موضع يدك وقال صحيح الإسناد (¬9) حديث البراء بن عازب أنه سلم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه ومد يده إليه فصافحه الحديث رواه الخرائطي بسند ضعيف وهو عند أبي داود والترمذي وابن ماجه مختصرا ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا قال الترمذي حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء (¬10) حديث إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أخرجه الخرائطي والبيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود مرفوعا وضعف البيهقي المرفوع ورواه موقوفا عليه بسند صحيح (¬11) حديث أنس قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال {لا} الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه وضعفه أحمد والبيهقي (¬12) حديث الالتزام والتقبيل عند القدوم من السفر أخرجه الترمذي من حديث عائشة قالت قدم زيد بن حارثة الحديث وفيه فاعتنقه وقبله وقال حسن غريب (¬13) حديث أبي ذر ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني الحديث أخرجه أبو داود وفيه رجل من عزة لم يسم وسماه البيهقي في الشعب عبد الله
পৃষ্ঠা - ৫৬৫
وَالْأَخْذُ بِالرِّكَابِ فِي تَوْقِيرِ الْعُلَمَاءِ وَرَدَ بِهِ الأثر فعل ابن عباس ذلك بركاب زيد بن ثابت (¬1) وأخذ عمر يغرز زيد حتى رفعه وقال هكذا فافعلوا بزيد وأصحاب زيد والقيام مكروه على سبيل الإعظام لا على سبيل الإكرام قال أنس ما كان شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك (¬2) وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مرة إذا رأيتموني فلا تقوموا كما تصنع الأعاجم (¬3) وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار (¬4) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ ولكن توسعوا وتفسحوا (¬5) وكانوا يحترزون عن ذلك لهذا النهي وقال صلى الله عليه وسلم إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا أحد أخاه فأوسع له فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه فإن لم يوسع له فلينظر إلى أوسع مكان يجده فيجلس فيه (¬6) وروي أنه سلم رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو يبول فلم يجب (¬7) فيكره السلام على من يقضي حاجته ويكره أن يقول ابتداء عليك السلام فإنه قاله رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم إن عليك السلام تحية الموتى قالها ثلاثاً ثم قال إذا لقي أحدكم أخاه فليقل السلام عليكم ورحمة الله (¬8) وَيُسْتَحَبُّ لِلدَّاخِلِ إِذَا سَلَّمَ وَلَمْ يَجِدْ مَجْلِسًا أَنْ لَا يَنْصَرِفَ بَلْ يَقْعُدُ وَرَاءَ الصَّفِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَوَجَدَ فُرْجَةً فَجَلَسَ فيها وأما الثاني فجلس خلفهم وأما الثالث فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَعْرَضَ فأعرض الله عنه (¬9) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا (¬10) وَسَلَّمَتْ أم هانئ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ {مَنْ هَذِهِ} فَقِيلَ لَهُ أم هانئ فقال صلى الله عليه وسلم مرحبا بأم هانئ (¬11) ومنها أن يصون عرض أخيه المسلم وَنَفْسِهِ وَمَالِهِ عَنْ ظُلْمِ غَيْرِهِ مَهْمَا قَدَرَ وَيَرُدَّ عَنْهُ وَيُنَاضِلَ دُونَهُ وَيَنْصُرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يجب عليه بمقتضى أخوة الإسلام روى أبو الدرداء أن رجلاً نال من رجل عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬_________ (¬1) حديث أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت تقدم في العلم (¬2) حديث أنس ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح (¬3) حديث إذا رأيتموني فلا تقوموا كما يصنع الأعاجم أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة وقال كما يقوم الأعاجم وفيه أبو العديس مجهول (¬4) حديث من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار أخرجه أبو داود والترمذي من حديث معاوية وقال حسن (¬5) حديث لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا متفق عليه من حديث ابن عمر (¬6) حديث إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه فأوسع يعني له فليجلس فإنه كرامة من الله عز وجل الحديث أخرجه البغوي في معجم الصحابة من حديث ابن شيبة ورجاله ثقات وابن شيبة هذا ذكره أبو موسى المديني في ذيله في الصحابة وقد رواه الطبراني في الكبير من رواية مصعب بن شيبة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخصر منه وشيبة بن جبير والد منصور ليست له صحبة (¬7) حديث أن رجلا سلم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول فلم يجب أخرجه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ فلم يرد عليه (¬8) حديث قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السلام فقال إن عليك السلام تحية الميت الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن جري الهجيمي وهو صاحب القصة قال الترمذي حسن صحيح (¬9) حديث كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أحدهما فوجد فرجة فجلس فيها الحديث متفق عليه من حديث أبي واقد الليثي (¬10) حديث ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث البراء بن عازب (¬11) حديث سلمت أم هانئ عليه قال مرحبا بأم هانئ أخرجه مسلم من حديث أم هانئ
পৃষ্ঠা - ৫৬৬
فرد عنه رجل فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار (¬1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة (¬2) وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره أذله الله بها في الدنيا والآخرة ومن ذكر عنده أخوه المسلم فنصره نصره اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (¬3) وَقَالَ صَلَّى الله عليه وسلم من حمى عن عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله تعالى له ملكاً يحميه يوم القيامة من النار (¬4) وقال جابر وأبو طلحة سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي موضع ينتهك فيه عرضه ويستحل حُرْمَتُهُ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نَصْرَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ خَذَلَ مُسْلِمًا في موطن ينتهك فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ (¬5) وَمِنْهَا تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَاطِسِ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَقُولُ الَّذِي يُشَمِّتُهُ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَاطِسُ فَيَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ (¬6) وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا يقول إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين فإذا قال ذلك فليقل من عنده يرحمك الله فإذا قالوا ذلك فليقل يغفر الله لي ولكم (¬7) وشمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطساً ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت (¬8) وقال صلى الله عليه وسلم يشمت العاطس المسلم إذا عطس ثلاثاً فإن زاد فهو زكام (¬9) وروي أنه شمت عاطساً ثلاثاً فعطس أخرى فقال إنك مزكوم (¬10) وقال أبو هريرة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عطس غض صوته واستتر بثوبه أو يده (¬11) وروي خمر وجهه وقال أبو موسى الأشعري كان اليهود يتعاطسون عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله (¬12) وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن رجلاً عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يرضى ربنا ويرضى والحمد لله على كل حال ¬_________ (¬1) حديث أبي الدرداء من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار أخرجه الترمذي وحسنه (¬2) حديث ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة أخرجه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بنحوه والخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الطبراني بهذا اللفظ من حديث أبي الدرداء وفيهما شهر بن حوشب (¬3) حديث أنس من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره ولو بكلمة أذله الله عز وجل بها في الدنيا والآخرة الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت مقتصرا على ما ذكر منه وإسناده ضعيف (¬4) حديث من حمى عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله له ملكاً يحميه يوم القيامة من النار أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن أنس نحوه بسند ضعيف (¬5) حديث جابر وأبي طلحة ما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتهك فيه من عرضه ويستحل حرمته الحديث أخرجه أبو داود مع تقديم وتأخير واختلف في إسناده (¬6) حديث يقول العاطس الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَقُولُ الَّذِي يشمته يرحمك الله ويقول هو يهديكم الله ويصلح بالكم أخرجه البخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة ولم يقل البخاري على كل حال (¬7) حديث أبي مسعود إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين الحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة وقال حديث منكر ورواه أيضا أبو داود والترمذي من حديث سالم بن عبد الله واختلف في إسناده (¬8) حديث شمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطساً ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت متفق عليه من حديث أنس (¬9) حديث شمتوا المسلم إذا عطس ثلاثاً فإن زاد فهو زكام أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة شمت أخاك ثلاثا الحديث وإسناده جيد (¬10) حديث أنه شمت عاطسا فعطس أخرى فقال إنك مزكوم أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع (¬11) حديث أبي هريرة كان إذا عطس غض صوته وستر بثوبه أو يده أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وفي رواية لأبي نعيم في اليوم والليلة خمر وجهه وفاه (¬12) حديث أبي موسى كان اليهود يتعاطسون عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح
পৃষ্ঠা - ৫৬৭
فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال من صاحب الكلمات فقال أنا يا رسول الله ما أردت بهن إلا خيراً فقال لقد رأيت اثنى عشر ملكا كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإذا قال ها ها فإن الشيطان يضحك من جوفه (¬3) وقال إبراهيم النخعي إذا عطس في قضاء الحاجة فلا بأس بأن يذكر الله وقال الحسن يحمد الله في نفسه وقال كعب قال موسى عليه السلام يا رب أقريب أنت فأناجيك إم بعيد فأناديك فقال أنا جليس من ذكرني فقال فإنا نكون على حال نجلك أن نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرني على كل حال وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا بُلِيَ بِذِي شَرٍّ فَيَنْبَغِي أن يتحمله وَيَتَّقِيَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ خَالِصِ الْمُؤْمِنَ مُخَالَصَةً وَخَالِقِ الفاجر مخالفة فَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرْضَى بِالْخُلُقِ الْحَسَنِ فِي الظَّاهِرِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ وَهَذَا مَعْنَى الْمُدَارَاةِ وهي مَعَ مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال ابن عباس في معنى قوله {ويدرؤون بالحسنة السيئة} أي الفحش والأذى بالسلام والمداراة وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ الناس بعضهم ببعض} قَالَ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالْحَيَاءِ وَالْمُدَارَاةِ وَقَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قال ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ هُوَ فَلَمَّا دخل ألان له القول حتى أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ لَهُ لَمَّا دَخَلَ قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ فَقَالَ يَا عائشة إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ (¬4) وَفِي الْخَبَرِ مَا وَقَى الرَّجُلُ بِهِ عِرْضَهُ فَهُوَ لَهُ صدقة (¬5) وفي الأثر خالطوا الناس بأعمالكم وزايلوهم بالقلوب وقال محمد بن الحنفية رضي الله عنه ليس بحكيم من لم يُعَاشِرُ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ لَا يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بداً حتى يجعل الله له منه فرجاً ومنها أن يجتنب مخالطة الأغنياء ويختلط بِالْمَسَاكِينِ وَيُحْسِنَ إِلَى الْأَيْتَامِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين (¬6) وقال كعب الأحبار كان سليمان عليه السلام في ملكه إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى مِسْكِينًا جَلَسَ إِلَيْهِ وقال مسكين جالس مسكيناً وقيل ما كان من كلمة تقال لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال له يا مسكين وقال كعب الأحبار ما في القرآن من {يا أيها الذين آمنوا} فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال عبادة بن الصامت إن للنار سبعة أبواب ثلاثة للأغنياء وثلاثة للنساء وواحد للفقراء والمساكين وقال الفضيل بلغني أن نبياً من الأنبياء قال يا رب كيف لي أن أعلم رضاك عني قال انظر كيف رضا المساكين عنك وقال صلى الله عليه وسلم إياكم ومجالسة الموتى قيل ومن الموتى يا رسول الله قال الأغنياء (¬7) وقال موسى إلهي أين أبغيك قال عند المكسرة قلوبهم وقال صلى الله عليه وسلم لا تغبطن فاجرا ¬_________ (¬1) حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أن رجلاً عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه الحديث أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه وإسناده جيد (¬2) حديث من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته أخرجه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء من حديث علي بسند ضعيف (¬3) حديث العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة دون قوله العطاس من الله فرواه الترمذي وحسنه والنسائي في اليوم والليلة وقال البخاري إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب الحديث (¬4) حديث عائشة اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ رجل العشيرة الحديث متفق عليه (¬5) حديث ما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة أخرجه أبو يعلى وابن عدي من حديث جابر وضعفه (¬6) حديث اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زمرة المساكين أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد والترمذي من حديث عائشة وقال غريب (¬7) حديث إياكم ومجالسة الموتى قيل وما الموتى قال الأغنياء أخرجه الترمذي وضعفه والحاكم وصحح إسناده من حديث عائشة إياك ومجالسة الأغنياء
পৃষ্ঠা - ৫৬৮
بنعمة فإنك لا تدري إلى ما يَصِيرُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ طَالِبًا حَثِيثًا (¬1) وَأَمَّا الْيَتِيمُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من ضم يتيماً من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة (¬2) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَكَافِلُ اليتيم في الجنة كَهَاتَيْنِ وَهُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّمًا كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَةٌ (¬4) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ (¬5) وَمِنْهَا النَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَالْجُهْدُ فِي إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قلبه قال صلى الله عليه وسلم المؤمن يحب للمؤمن كما يحب لنفسه (¬6) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وقال صلى الله عليه وسلم إن أحدكم مرآة أخيه فإذا رأى فيه شيئاً فليمطه عنه (¬7) وقال صلى الله عليه وسلم من قضى حاجة لأخيه فكأنما خدم الله عمره (¬8) وقال صلى الله عليه وسلم مَنْ أَقَرَّ عَيْنَ مُؤْمِنٍ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من اعتكاف شهرين (¬9) وقال صلى الله عليه وسلم مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ مَغْمُومٍ أَوْ أَعَانَ مظلوماً غفر الله له ثلاثاً وسبعين مغفرة (¬10) وقال صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فقيل كيف ينصره ظالماً قال يمنعه من الظلم (¬11) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى قلب المؤمن أو أن يُفَرِّجَ عَنْهُ غَمًّا أَوْ يَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا أو يطعمه من جوع (¬12) وقال صلى الله عليه وسلم من حمى مؤمناً من منافق يعنته بعث الله إليه ملكاً يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم وقال صلى الله عليه وسلم خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر لعباد الله وخصلتان ليس فوقهما شيء من البر الإيمان بالله والنفع لعباد الله (¬13) وقال صلى الله عليه وسلم من لم يهتم للمسلمين فليس منهم (¬14) وقال معروف الكرخي من قال كل يوم اللهم ارحم أمة محمد كتبه الله من الأبدال وفي رواية ¬_________ (¬1) حديث لا تغبطن فاجرا بنعمة الحديث رواه البخاري في التاريخ والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف (¬2) حديث من ضم يتيماً من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة أخرجه أحمد والطبراني من حديث مالك بن عمر وفيه علي بن زيد بن جدعان متكلم فيه (¬3) حديث أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة أخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد ومسلم من حديث أبي هريرة (¬4) حديث مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّمًا كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا يَدُهُ حسنة أخرجه أحمد والطبراني بإسناد ضعيف من حديث أبي أمامة دون قوله ترحما ولابن حبان في الضعفاء من حديث ابن أبي أوفى من مسح يده على رأس يتيم رحمه له الحديث (¬5) حديث خَيْرُ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فيه يتيم يساء إليه أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة وفيه ضعف (¬6) حديث المؤمن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه تقدم بلفظ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يحب لنفسه ولم أره بهذا اللفظ (¬7) حديث إن أحدكم مرآة أخيه الحديث رواه أبو داود والترمذي وقد تقدم (¬8) حديث من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره أخرجه البخاري في التاريخ والطبراني والخرائطي كلاهما في مكارم الأخلاق من حديث أنس بسند ضعيف مرسلا (¬9) حديث من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من اعتكاف شهرين أخرجه الحاكم وصححه من حديث ابن عباس لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته وأشار بأصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين وللطبراني في الأوسط من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكافه عشر سنين وكلاهما ضعيف (¬10) حديث من فرج عن مغموم أو أعان مظلوماً غفر الله له ثلاثاً وسبعين مغفرة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن حبان في الضعفاء وابن عدي من حديث أنس بلفظ من أغاث ملهوفا (¬11) حديث انصر أخاك ظالماً أو مظلوما الحديث متفق عليه من حديث أنس وقد تقدم (¬12) حديث إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِدْخَالُ السرور على المؤمن الحديث أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث ابن عمر بسند ضعيف (¬13) حديث خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر بعباد الله الحديث ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ولم يسنده ولده في مسنده (¬14) حديث من لم يهتم للمسلمين فليس منهم أخرجه الحاكم من حديث حذيفة والطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر وكلاهما ضعيف
পৃষ্ঠা - ৫৬৯
أخرى اللهم أصلح أمة محمد اللهم فرج عن أمة محمد كل يوم ثلاث مرات كتبه الله من الأبدال وبكى علي بن الفضيل يوماً فقيل له ما يبكيك قال أبكي على من ظلمني إذا وقف غداً بين يدي الله تعالى وسئل عن ظلمه ولم تكن له حجة ومنها أن يعود مرضاهم فالمعرفة والإسلام كافيان في إثبات هذا الحق ونيل فضله وَأَدَبُ الْعَائِدِ خِفَّةُ الْجِلْسَةِ وَقِلَّةُ السُّؤَالِ وَإِظْهَارُ الرِّقَّةِ وَالدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ وَغَضُّ الْبَصَرِ عَنْ عَوْرَاتِ الْمَوْضِعِ وَعِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يُقَابِلُ الْبَابَ وَيَدُقُّ بِرِفْقٍ وَلَا يَقُولُ أَنَا إِذَا قِيلَ لَهُ من ولا يقول يا غلام ولكن يحمد ويسبح وقال صلى الله عليه وسلم تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأله كيف هو وتمام تحياتكم المصافحة وقال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضاً قعد في مخارف الجنة حتى إذا قام وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى الليل (¬1) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه (¬2) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أخاه أوزاره قَالَ اللَّهُ تَعَالَى طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ منزلاً فِي الْجَنَّةِ (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مرض العبد بعث الله تبارك وتعالى إليه ملكين فقال انظرا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدل له لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وأن أكفر عنه سيئاته (¬4) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يرد الله به خيراً يصب منه (¬5) وقال عثمان رضي الله عنه مَرِضْتُ فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ مِنْ شر ما تجد قالها مراراً (¬6) ودخل صلى الله عليه وسلم على عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهو مريض فقال له قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك أو صبراً على بليتك أو خروجاً من الدنيا إلى رحمتك فإنك ستعطي إحداهن (¬7) وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَلِيلِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِعِزَّةِ الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر وقال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا شكا أحدكم بطنه فليسأل امرأته شيئاً من صداقها ويشتري به عسلاً ويشربه بماء السماء فيجتمع له الهنيء والمريء والشفاء ¬_________ (¬1) حديث من عاد مريضاً قعد في مخارف الجنة الحديث أخرجه أصحاب السنن والحاكم من حديث علي من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء الحديث لفظ ابن ماجه وصححه الحاكم وحسنه الترمذي ولمسلم من حديث ثوبان من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة (¬2) حديث إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث جابر وقال انغمس فيها قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وكذا صححه ابن عبد البر وذكره مالك في الموطأ بلاغا بلفظ قرت فيه ورواه الواقدي بلفظ استقر فيها وللطبراني في الصغير من حديث أنس فإذا قعد عنده غمرته الرحمة وله في الأوسط من حديث كعب بن مالك وعمرو بن حزم استنقع فيها (¬3) حديث إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ أَوْ زَارَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مَنْزِلًا في الجنة أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة إلا أنه قال ناداه مناد قال الترمذي غريب قلت فيه عيسى بن سنان القسملي ضعفه الجمهور (¬4) حديث إذا مر ض العبد بعث الله تعالى ملكين فقال انظرا ما يقوله لعواده الحديث أخرجه مالك في الموطأ مرسلا من حديث عطاء بن يسار ووصله ابن عبد البر في التمهيد من روايته عن أبي سعيد الخدري وفيه عباد بن كثير الثقفي ضعيف الحديث وللبيهقي من حديث أبي هريرة قال الله تعالى إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من أساري ثم أبدله لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه ثم يستأنف العمل وإسناده جيد (¬5) حديث من يرد الله به خيرا يصب منه أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (¬6) حديث عثمان مَرِضْتُ فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أُعِيذُكَ بالله الأحد الصمد الحديث أخرجه ابن السني في اليوم والليلة والطبراني والبيهقي في الأدعية من حديث عثمان بن عفان بإسناد حسن (¬7) حديث دخل على علي وهو مريض فقال قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بسند ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يشتكي ولم يسم عليا وروى البيهقي في الدعوات من حديث عائشة أن جبريل علمها للنبي صلى الله عليه وسلم وقال إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات
পৃষ্ঠা - ৫৭০
والمبارك وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار قلت بلى يا رسول الله قال يقول لا إله إلا الله يحيي ويميت وهو حي لا يموت سبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على كل حال الله أكبر كبيراً إن كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى (¬1) وروي أنه قال صلى الله عليه وسلم عيادة المريض بعد ثلاث فواق ناقة (¬2) وقال طاوس أفضل العيادة أخفها وقال ابن عباس رضي الله عنهما عيادة المريض مرة سنة فما ازدادت فنافلة وقال بعضهم عيادة المريض بعد ثلاث وقال صلى الله عليه وسلم أغبوا في العيادة وأربعوا فيها (¬3) وَجُمْلَةُ أَدَبِ الْمَرِيضِ حُسْنُ الصَّبْرِ وَقِلَّةُ الشَّكْوَى وَالضَّجَرِ وَالْفَزَعُ إِلَى الدُّعَاءِ وَالتَّوَكُّلُ بَعْدَ الدَّوَاءِ عَلَى خَالِقِ الدَّوَاءِ وَمِنْهَا أَنْ يُشَيِّعَ جَنَائِزَهُمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَفَ حتى تدفن فله قيراطان (¬4) وفي الخبر القيراط مثل أحد (¬5) ولما روى أبو هريرة هذا الحديث وسمعه ابن عمر قال لقد فرطنا إلى الآن في قراريط كثيرة وَالْقَصْدُ مِنَ التَّشْيِيعِ قَضَاءُ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَالِاعْتِبَارُ وكان مكحول الدمشقي إذا رأى جنازة قال اغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول والآخر لا عقل له وخرج مالك بن دينار خلف جنازة أخيه وهو يبكي ويقول والله لا تقر عيني حتى أعلم إلى ما صرت ولا والله لا أعلم ما دمت حياً وقال الأعمش كنا نشهد الجنائز فلا ندري لمن نعزي لحزن القوم كلهم ونظر إبراهيم الزيات إلى قوم يترحمون على ميت فقال لو ترحمون أنفسكم لكان أولى إنه نجا من أهوال ثلاث وجه ملك الموت قد رأى ومرارة الموت قد ذاق وخوف الخاتمة قد أمن وقال صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله (¬6) وَمِنْهَا أَنْ يَزُورَ قُبُورَهُمْ وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالِاعْتِبَارُ وَتَرْقِيقُ الْقَلْبِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا إِلَّا وَالْقَبْرُ أفظع منه (¬7) وقال عمر رضي الله عنه خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى المقابر فجلس إلى قبر وكنت أدنى القوم منه فبكى وبكينا فقال ما يبكيكم قلنا بكينا لبكائك قال هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فأبى علي فأدركني ما يدرك الولد من الرقة (¬8) وكان عمر رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته ويقول سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعده أشد (¬9) وقال مجاهد أول ¬_________ (¬1) حديث أبي هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار أخرجه ابن أبي الدنيا في الدعاء وفي المرض والكفارات (¬2) حديث عيادة المريض فواق ناقة أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بإسناد فيه جهالة (¬3) حديث أغبوا في العيادة وأربعوا رواه ابن أبي الدنيا وفيه أبو يعلى من حديث جابر وزاد إلا أن يكون مغلوبا وإسناده ضعيف (¬4) حديث من تبع جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَفَ حتى تدفن فله قيراطان أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة (¬5) حديث القيراط مثل جبل أحد أخرجه مسلم من حديث ثوبان وأبي هريرة وأصله متفق عليه (¬6) حديث يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد أخرجه مسلم من حديث أنس (¬7) حديث ما أريت منظراً إلا والقبر أفظع منه أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث عثمان وقال صحيح الإسناد وقال الترمذي حسن غريب (¬8) حديث عمر خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى المقابر فجلس إلى قبر الحديث في زيارته قبر أمه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مختصرا وأحمد من حديث بريدة وفيه فقام إليه عمر ففداه بالأب والأم يقول يا رسول الله مالك الحديث (¬9) حديث عثمان بن عفان إن القبر أول منازل الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصحح إسناده
পৃষ্ঠা - ৫৭১
ما يكلم ابن آدم حفرته فتقول أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الظلمة فهذا ما أعددت لك فما أعددت لي وقال أبو ذر ألا أخبركم بيوم فقري يوم أوضع في قبري كان أبو الدرداء يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال أجلس إلى قوم يذكرونني معادي وإن قمت عنهم لم يغتابوني وقال حَاتِمٍ الْأَصَمِّ مَنْ مَرَّ بِالْمَقَابِرِ فَلَمْ يَتَفَكَّرْ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ وخانهم وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ ليلة إلا وينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون قالوا نغبط أهل المساجد لأنهم يصومون ولا نصوم ويصلون ولا نصلي ويذكرون الله ولا نذكره (¬1) وقال سفيان من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار وكان الربيع بين خيثم قد حفر في داره قبرا فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه ومكث ساعة ثم قال {رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت} ثم يقول يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ بَكَى وَقَالَ يَا ميمون هَذِهِ قبور آبائي بني أمية كَأَنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي لَذَّاتِهِمْ أما تراهم صرعى قد خلت بِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَأَصَابَ الْهَوَامُ مِنْ أَبْدَانِهِمْ ثُمَّ بَكَى وَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَنْعَمَ مِمَّنْ صَارَ إِلَى هَذِهِ الْقُبُورِ وَقَدْ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَآدَابُ الْمُعَزِّي خَفْضُ الْجَنَاحِ وَإِظْهَارُ الْحُزْنِ وَقِلَّةُ الْحَدِيثِ وَتَرْكُ التَّبَسُّمِ وَآدَابُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ لُزُومُ الْخُشُوعِ وَتَرْكُ الْحَدِيثِ وَمُلَاحَظَةُ الميت والتفكر في الموت والاستعداد له وأن يمشي أمام الجنازة بقربها وَالْإِسْرَاعُ بِالْجِنَازَةِ سُنَّةٌ (¬2) فَهَذِهِ جُمَلُ آدَابٍ تُنَبِّهُ عَلَى آدَابِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ عُمُومِ الْخَلْقِ وَالْجُمْلَةُ الْجَامِعَةُ فِيهِ أَنْ لَا تَسْتَصْغِرَ مِنْهُمْ أَحَدًا حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَتَهْلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّهُ خَيْرٌ مِنْكَ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا فَلَعَلَّهُ يُخْتَمُ لَكَ بِمِثْلِ حَالِهِ وَيُخْتَمُ له بالصلاح ولا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم فَإِنَّ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ عِنْدَ اللَّهِ صَغِيرٌ مَا فيها ومهما عظم أهل الدنيا في نفسك فقد عظمت الدنيا فتسقط من عين الله وَلَا تَبْذُلْ لَهُمْ دِينَكَ لِتَنَالَ مِنْ دُنْيَاهُمْ فتصغر في أعينهم ثم تحرم دنياهم فإن لم تحرم كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير ولا تعادهم بحيث تظهر العداوة فيطول الأمر عليك في المعاداة ويذهب دينك ودنياك فيهم ويذهب دينهم فيك إِلَّا إِذَا رَأَيْتَ مُنْكَرًا فِي الدِّينِ فَتُعَادِي أفعالهم القبيحة وتنظر إليهم بعين الرحمة لهم لتعرضهم لمقت الله وعقوبته بعصيانهم فحسبهم جهنم يصلونها فمالك تحقد عليهم ولا تسكن إليهم في مودتهم لك وثنائهم عليك في وجهك وحسن بشرهم لك فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحداً وربما لا تجده وَلَا تَشْكُ إِلَيْهِمْ أَحْوَالَكَ فَيَكِلَكَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَلَا تَطْمَعْ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْغَيْبِ وَالسِّرِّ كَمَا فِي الْعَلَانِيَةِ فَذَلِكَ طَمَعٌ كَاذِبٌ وأنى تظفر به وَلَا تَطْمَعْ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ فَتَسْتَعْجِلَ الذُّلَّ ولا تنال الغرض ولا تعل عليهم تكبراً لاستغنائك عنهم فإن الله يلجئك إليهم عقوبة على التكبر بإظهار الاستغناء وإذا سألت أخاً منهم حاجة فقضاها فَهُوَ أَخٌ مُسْتَفَادٌ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَلَا تُعَاتِبْهُ فَيَصِيرَ عَدُوًّا تَطُولُ عَلَيْكَ مُقَاسَاتُهُ وَلَا تَشْتَغِلْ بِوَعْظِ مَنْ لَا تَرَى فِيهِ مَخَايِلَ القبول فلا يسمع منك ويعاديك وليكن وعظك عَرَضًا وَاسْتِرْسَالًا مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى الشَّخْصِ ومهما رأيت منهم كرامة وخيراً فاشكر الله الذي سخرهم لك واستعذ بالله أن يكلك إليهم وإذا بلغك عنهم غيبة أو رأيت منهم شراً أو أصابك منهم ما يسوءك فَكِلْ أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِمْ وَلَا تَشْغَلْ نَفْسَكَ بِالْمُكَافَأَةِ فَيَزِيدَ الضَّرَرُ ويضيع العمر بشغله ولا تقل لهم لم تعرفوا موضعي ¬_________ (¬1) حديث ما من ليلة إلا ينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون فيقولون نغبط أهل المساجد الحديث لم أجد له أصلا (¬2) حديث الإسراع بالجنازة متفق عليه من حديث أبي هريرة أسرعوا بالجنازة الحديث
পৃষ্ঠা - ৫৭২
وأعتقد أنك لو استحقيت ذلك لجعل الله لك موضعاً في قلوبهم فالله المحبب والمبغض إلى القلوب وَكُنْ فِيهِمْ سَمِيعًا لِحَقِّهِمْ أَصَمَّ عَنْ بَاطِلِهِمْ نطوقاً بحقهم صموتاً عن باطلهم وَاحْذَرْ صُحْبَةَ أَكْثَرِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقِيلُونَ عَثْرَةً وَلَا يَغْفِرُونَ زَلَّةً وَلَا يَسْتُرُونَ عَوْرَةً وَيُحَاسِبُونَ عَلَى النَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ وَيَحْسُدُونَ عَلَى الْقَلِيلِ والكثير ينتصفون ولا ينصفون ويؤاخذون على الخطأ والنسيان ولا يعفون يغرون الإخوان على الإخوان بالنميمة والبهتان فصحبة أكثرهم خسران وقطيعتهم رجحان إن رضوا فظاهرهم الملق وإن سخطوا فباطنهم الحنق لا يؤمنون في حنقهم ولا يرجون في ملقهم ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب يقطعون بالظنون ويتغامزون وراءك بالعيون ويتربصون بصديقهم من الحسد ريب المنون يحصون عليك العثرات في صحبتهم ليواجهوك بها في غضبهم ووحشتهم وَلَا تُعَوِّلْ عَلَى مَوَدَّةِ مَنْ لَمْ تَخْبَرْهُ حق الخبرة بأن تصحبه مدة في دار أو موضع واحد فتجربه في عزله وولايته وغناه وفقره أو تسافر معه أو تعامله في الدينار وَالدِّرْهَمِ أَوْ تَقَعَ فِي شِدَّةٍ فَتَحْتَاجَ إِلَيْهِ فإن رضيته في الْأَحْوَالِ فَاتَّخِذْهُ أَبًا لَكَ إِنْ كَانَ كَبِيرًا أو ابناً لك إن كان صغيراً أو أخاك إن كان مثلك فَهَذِهِ جُمْلَةُ آدَابِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ أَصْنَافِ الْخَلْقِ حقوق الجوار اعلم أن الجوار يقضي حَقًّا وَرَاءَ مَا تَقْتَضِيهِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ فَيَسْتَحِقُّ الجار المسلم ما يستحقه كُلُّ مُسْلِمٍ وَزِيَادَةٌ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ جَارٌ لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ وَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ فَالْجَارُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ الْجَارُ الْمُسْلِمُ ذُو الرَّحِمِ فَلَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الرَّحِمِ وَأَمَّا الَّذِي لَهُ حَقَّانِ فَالْجَارُ الْمُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الَّذِي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ فَالْجَارُ الْمُشْرِكُ (¬1) فَانْظُرْ كَيْفَ أَثْبَتَ لِلْمُشْرِكِ حَقًّا بِمُجَرَّدِ الجوار وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جاورك تكن مسلماً (¬2) وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ (¬4) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنْ عَبْدٌ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ (¬5) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أول خصمين يوم القيامة جاران (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته (¬7) ويروى أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له إن لي جاراً يؤذيني ويشتمني ويضيق علي فقال اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فُلَانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ في النار (¬8) وجاء رجل إليه صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم {اصبر} ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك في الطريق قال فجعل الناس يمرون به ويقولون مالك فيقال آذاه جاره قال فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال له رد متاعك فوالله لا أعود (¬9) ¬_________ (¬1) حديث الجيران ثلاثة جار له حق وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ وَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ الحديث أخرجه الحسن بن سفيان والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في كتاب الثواب وأبو نعيم في الحلية من حديث جابر وابن عدي من حديث عبد الله بن عمر وكلاهما ضعيف (¬2) حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما تقدم (¬3) حديث مازال جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ متفق عليه من حديث عائشة وابن عمر (¬4) حديث مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جاره متفق عليه من حديث أبي شريح (¬5) حديث لَا يُؤْمِنْ عَبْدٌ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ أخرجه البخاري من حديث أبي شريح أيضا (¬6) حديث أول خصمين يوم القيامة جاران أخرجه أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر بسند ضعيف (¬7) حديث إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته لم أجد له أصلا (¬8) حديث إِنَّ فُلَانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جيرانها فقال هي في النار أخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد (¬9) حديث جاء رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشكو جاره فقال {اصبر} ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك على الطريق الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح على شرط مسلم
পৃষ্ঠা - ৫৭৩
وروى الزهري أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يشكو جاره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي على باب المسجد ألا إن أربعين داراً جار (¬1) قال الزهري أربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأومأ إلى أربع جهات وقال صلى الله عليه وسلم اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها ويمن المسكن سعته وحسن جوار أهله وشؤمه ضيقه وسوء جوار أهله ويمن الفرس ذله وحسن خلقه وشؤمه صعوبته وسوء خلقه (¬2) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ حَقُّ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضاً قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف إذ يقال إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة فيقول يارب سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني وبلغ ابن المقفع أَنَّ جَارًا لَهُ يَبِيعُ دَارَهُ فِي دَيْنٍ رَكِبَهُ وَكَانَ يَجْلِسُ فِي ظِلِّ دَارِهِ فَقَالَ مَا قُمْتُ إِذًا بِحُرْمَةِ ظِلِّ دَارِهِ إِنْ بَاعَهَا مُعْدَمًا فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَ الدَّارِ وَقَالَ لا تبعها وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره فقيل له لو اقتنيت هراً فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام وَلَا يُكْثَرَ عَنْ حَالِهِ السُّؤَالُ وَيَعُودَهُ فِي الْمَرَضِ وَيُعَزِّيَهُ فِي الْمُصِيبَةِ وَيَقُومَ مَعَهُ فِي الْعَزَاءِ وَيُهَنِّئَهُ فِي الْفَرَحِ وَيُظْهِرَ الشَّرِكَةَ فِي السرور معه ويصفح عن زلاته ولا يتطلع مِنَ السَّطْحِ إِلَى عَوْرَاتِهِ وَلَا يُضَايِقُهُ فِي وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إِلَى الدَّارِ وَلَا يُتْبِعُهُ النَّظَرَ فِيمَا يَحْمِلُهُ إِلَى دَارِهِ وَيَسْتُرُ مَا يَنْكَشِفُ لَهُ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَيُنْعِشُهُ مِنْ صَرْعَتِهِ إِذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ وَلَا يَغْفُلُ عَنْ مُلَاحَظَةِ دَارِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ وَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلَامًا وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ حُرْمَتِهِ وَلَا يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى خَادِمَتِهِ وَيَتَلَطَّفُ بولده فِي كَلِمَتِهِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ هَذَا إِلَى جُمْلَةِ الْحُقُوقِ التي ذكرناها لعامة المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فاهد له فإن لم تفعل فأدخلها سراً ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ثم قال أتدرون ما حق الجار والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من ¬_________ (¬1) حديث الزهري ألا إن أربعين داراً جار أخرجه أبو داود في المراسيل ووصله الطبراني من رواية الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه ورواه أبو يعلى من حديث أبي هريرة وقال أربعون ذراعا وكلاهما ضعيف (¬2) حديث اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها الحديث أخرجه مسلم من حديث ابن عمر الشؤم في الدار والمرأة والفرس وفي رواية له إن يك من الشؤم شيء حقا وله من حديث سهل بن سعد إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن وللترمذي من حديث حكيم بن معاوية لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس ورواه ابن ماجه فسماه محمد بن معاوية وللطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله ما سوء الدار قال ضيق ساحتها وخبث جيرانها قيل فما سوء الدابة قال منعها ظهرها وسوء خلقها قيل فما سوء المرأة قال عقم رحمها وسوء خلقها وكلاهما ضعيف ورويناه في كتاب الخيل للدمياطي من رواية سالم بن عبد الله مر سلا إذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجا قبل زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشئومة وإذا كانت الدار بعيدة من المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشئومة وإسناده ضعيف ووصله صاحبمسند الفردوس بذكر ابن عمر فيه
পৃষ্ঠা - ৫৭৪
رحمه الله (¬1) هكذا رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مجاهد كنت عند عبد الله بن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي حتى قال ذلك مرارا فقال له كم تقول هذا فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه (¬2) وقال هشام كان الحسن لا يرى بأساً أن تطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيتك وقال أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم وقال إذا طبخت قدراً فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها (¬3) وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله إن لي جارين أحدهما مقبل على بابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقاً فقال المقبل عليك ببابه (¬4) ورأى الصديق ولده عبد الرحمن وهو يناصي جاراً له فقال لا تناص جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون وقال الحسن بن عيسى النيسابوري سألت عبد الله بن المبارك فقلت الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمراً والغلام ينكره فأكره أن أضربه ولعله بريء وأكره أن أدعه فيجد علي جاري فكيف أصنع قال إن غلامك لعله أن يحدث حدثاً يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فتكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث وهذا تلطف في الجمع بين الحقين وقالت عائشة رضي الله عنها خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله تعالى لمن أحب صدق الحديث وصدق الناس وإعطاء السائل والمكافأة بالصنائع وصلة الرحم وحفظ الأمانة والتذمم للجار والتذمم للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء وقال أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا معشر المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة (¬5) قال صلى الله عليه وسلم إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني (¬6) وقال عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت (¬7) وقال جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه (¬8) وقال أبو هريرة رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى // حديث أبي هريرة قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق هكذا وهو متفق عليه بلفظ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في حائطه رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف واتفق عليه الشيخان من حديث أبي هريرة وقال ¬_________ (¬1) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استقرضك أقرضته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدي في الكامل وهو ضعيف (¬2) حديث مجاهد كنت عند عبد الله ابن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب (¬3) حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق ثم انظر بعض أهل بيت من جيرانك فاغرف لهم منها رواه مسلم (¬4) حديث عائشة قلت يا رسول الله إن لي جارين الحديث رواه البخاري (¬5) حديث أبي هريرة يا نساء المسلمين لا تحقرن جارة لجرتها ولو فرسن شاة رواه البخاري (¬6) حديث إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء رواه أحمد من حديث نافع بن عبد الحارث وسعد بن أبي وقاص وحديث نافع أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد (¬7) حديث عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت رواه أحمد والطبراني وعبد الله هو ابن مسعود وإسناده جيد (¬8) حديث جابر من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه أخرجه ابن ماجه والحاكم دون ذكر الجار وقال صحيح الإسناد وهو عند الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظ المصنف ولابن ماجه من حديث ابن عباس من كانت له أرض فأراد أن يبيعها فليعرضها على جاره ورجاله رجال الصحيح
পৃষ্ঠা - ৫৭৫
ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه يقول مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمينها بين أكنافكم وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ الله به خيراً عسله قيل وما عسله قال يحببه إلى جيرانه (¬1) حُقُوقُ الْأَقَارِبِ وَالرَّحِمِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ وَهَذِهِ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع عليه في رزقه فليصل رحمه (¬3) وفي رواية أخرى من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَأَوْصَلُهُمْ لِرَحِمِهِ وَآمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ (¬4) وَقَالَ أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي عليه السلام بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مراً (¬5) وقال صلى الله عليه وسلم إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجاراً فتنموا أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامهم (¬7) وقال زيد بن أسلم لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم (¬8) وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة أفأصلها قال {نعم} (¬9) وفي رواية أفأعطيها قال نعم صليها وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّدَقَةُ عَلَى المساكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان (¬10) وَلَمَّا أَرَادَ أبو طلحة أَنْ يَتَصَدَّقَ بِحَائِطٍ كَانَ لَهُ يُعْجِبُهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} (¬11) قال ¬_________ (¬1) حديث من أراد الله به خيرا عسله رواه أحمد من حديث أبي عتبة الخولاني ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الزهد من حديث عمرو بن الحمق زاد الخرائطي قيل وما عسله قال حببه إلى جيرانه وقال البيهقي يفتح له عملا صالحا قبل موته حتى يرضى عنه من حوله وإسناده جيد (¬2) حديث يقول الله أنا الرحمن وهذه الرحم الحديث متفق عليه من حديث عائشة (¬3) حديث من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه متفق عليه من حديث أنس دون قوله فليتق الله وهو بهذه الزيادة عند أحمد والحاكم من حديث علي بإسناد جيد (¬4) حديث أي الناس أفضل فقال أتقاهم لله وأوصلهم للرحم رواه أحمد والطبراني من حديث درة بنت أبي لهب بإسناد حسن (¬5) حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا رواه أحمد وابن حبان وصححه (¬6) حديث إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو وهو عند البخاري دون قوله الرحم معلقة بالعرش فرواها مسلم من حديث عائشة (¬7) حديث أعجل الطاعات ثوابا صلة الرحم الحديث أخرجه ابن حبان من حديث أبي بكرة والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند ضعيف (¬8) حديث زيد بن أسلم لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال إن الله منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وزاد وطعنهم في لبات الإبل وهو مرسل صحيح الإسناد (¬9) حديث أسماء بنت أبي بكر قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة أفأصلها قال نعم صليها متفق عليه (¬10) حديث الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه من حديث سلمان ابن عامر الضبي (¬11) حديث لما أراد أبو طلحة أن يتصدق بحائط له كان يعجبه عملا بقوله تعالى {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} الحديث أخرجه البخاري وقد تقدم
পৃষ্ঠা - ৫৭৬
يا رسول الله هو في سبيل الله وللفقراء والمساكين فقال صلى الله عليه وسلم وجب أجرك على الله قسمه في أقاربك وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح (¬1) وهو في معنى قوله أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن ظلمك (¬2) وروى أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا وإنما قال ذلك لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم حُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إِذَا تأكد حق الْقَرَابَةُ وَالرَّحِمُ فَأَخَصُّ الْأَرْحَامِ وَأَمَسُّهَا الْوِلَادَةُ فَيَتَضَاعَفُ تأكد الحق فيها وقد قال صلى الله عليه وسلم لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه (¬3) وقد قال صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله (¬4) وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة ومن أمسى فمثل ذلك وإن كان واحداً فواحداً وإن ظلماً وإن ظلماً وإن ظلماً ومن أصبح مسخطاً لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار ومن أمسى مثل ذلك وإن كان واحداً فواحداً وإن ظلماً وإن ظلماً وإن ظلماً (¬5) وقال صلى الله عليه وسلم إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (¬6) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَّ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك (¬7) ويروى أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام يا موسى إنه من بر والديه وعقني كتبته باراً ومن برني وعق والديه كتبته عاقاً وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم يقم له فأوحى الله إليه أتتعاظم أن تقوم لأبيك وعزتي وجلالي لا أخرجت من صلبك نبياً وقال صلى الله عليه وسلم ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شيء (¬8) وقال مالك بن ربيعة بينما نحن ¬_________ (¬1) حديث أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح أخرجه أحمد والطبراني من حديث أبي أيوب وفيه الحجاج بن أرطأة ورواه البيهقي من حديث أم كثلوم بنت عقبة (¬2) حديث أفضل الفضائل أن تصل من قطعك الحديث أخرجه أحمد من حديث معاذ بن أنس بسند ضعيف وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة وقد تقدم (¬3) حديث لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬4) حديث بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد لم أجده هكذا وروى أبو يعلى والطبراني في الصغير والأوسط من حديث أنس أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال أمي قال قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد وإسناده حسن (¬5) حديث من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس ولا يصح (¬6) حديث إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم أخرجه الطبراني في الصغير من حديث أبي هريرة دون ذكر القاطع وهي في الأوسط من حديث جابر إلا أنه قال من مسيرة ألف عام وإسنادهما ضعيف (¬7) حديث بِرَّ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أدناك أخرجه النسائي من حديث طارق المحاربي وأخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي رمثة ولأبي داود نحوه من حديث كليب بن منفعة عن جده وله وللترمذي والحاكم وصححه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده من أثر قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال رجل من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك لفظ مسلم (¬8) حديث ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند ضعيف دون قوله إذا كانا مسلمين
পৃষ্ঠা - ৫৭৭
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِمَا قَالَ نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا (¬1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ الأب (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم بر الوالدة على الولد ضعفان (¬3) وقال صلى الله عليه وسلم دعوة الوالدة أسرع إجابة قيل يا رسول الله ولم ذاك قال هي أرحم من الأب ودعوة الرحم لا تسقط (¬4) وسأله رجل فقال يا رسول الله من أبر فقال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال بر ولدك كما أن لوالديك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق (¬5) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ (¬6) أَيْ لَمْ يَحْمِلْهُ على العقوق بسوء عمله وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاوُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ في العطية وقد قيل ولدك ريحانتك تشمها سبعاً وخادمك سبعاً ثم هو عدوك أو شريكك وقال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة ضرب على الصلاة فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة (¬7) وقال صلى الله عليه وسلم من حق الوالد على الولد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه (¬8) وقال صلى الله عليه وسلم كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه (¬9) وقال قتادة إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل عنه مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعد وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده فقال هل دعوت عليه قال نعم قال أنت أفسدته وَيُسْتَحَبُّ الرِّفْقُ بِالْوَلَدِ رَأَى الأقرع بن حابس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدَهُ الحسن فقال إن لي ¬_________ (¬1) حديث مالك بن ربيعة بينا نحن عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جاءه رجل من بني سلمة فقال هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد (¬2) حديث إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهل ود أبيه أخرجه مسلم من حديث ابن عمر (¬3) حديث بر الوالدة على الولد ضعفان غريب بهذا اللفظ وقد تقدم قبل هذا بثلاثة أحاديث من حديث بهز بن حكيم وحديث أبي هريرة وهو معنى هذا الحديث (¬4) حديث دعوة الوالدة أسرع إجابة الحديث لم أقف له على أصل (¬5) حديث قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال ولدك فكما أن لوالديك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق أخرجه أبو عمر النوقاتي في كتاب معاشرة الأهلين من حديث عثمان بن عفان دون قوله فكما أن لوالديك إلخ وهذه القطعة رواها الطبراني من حديث ابن عمر قال الدارقطني في العلل أن الأصح وقفه على ابن عمر (¬6) حديث رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف ورواه النوقاتي من رواية الشعبي مرسلا (¬7) حديث أنس الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة والصوم فإذا بلغ ستة عشر زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة إلا أنه قال وأدبوه لسبع وزوجوه لسبع عشرة ولم يذكر الصوم وفي إسناده من لم يسم (¬8) حديث مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحْسِنَ أدبه ويحسن اسمه أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس وحديث عائشة وضعفهما (¬9) حديث كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه أخرجه أصحاب السنن من حديث سمرة قال الترمذي حسن صحيح
পৃষ্ঠা - ৫৭৮
عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَنْ لا يرحم لا يرحم (¬1) وقالت عائشة رضي الله عنها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب يدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية (¬2) وتعثر الحسن والنبي صلى الله عليه وسلم على منبره فنزل فحمله وقرأ قوله {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} (¬3) وقال عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته (¬4) وفي ذلك فوائد إحداها القرب من الله تعالى فإن العبد أقرب ما يكون من الله تعالى إذا كان ساجداً وفيه الرفق بالولد والبر وتعليم لأمته وقال صلى الله عليه وسلم ريح الولد من ريح الجنة (¬5) وقال يزيد بن معاوية أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس فلما وصل إليه قال له يا أبا بحر مَا تَقُولُ فِي الْوَلَدِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا وَنَحْنُ لَهُمْ أَرْضٌ ذَلِيلَةٌ وَسَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَبِهِمْ نَصُولُ عَلَى كُلِّ جَلِيلَةٍ فَإِنْ طَلَبُوا فَأَعْطِهِمْ وَإِنْ غَضِبُوا فَأَرْضِهِمْ يَمْنَحُوكَ وُدَّهُمْ وَيُحِبُّوكَ جُهْدَهُمْ وَلَا تَكُنْ عليهم ثقلاً ثَقِيلًا فَيَمَلُّوا حَيَاتَكَ وَيَوَدُّوا وَفَاتَكَ وَيَكْرَهُوا قُرْبَكَ فقال له معاوية لله أنت يا أحنف لقد دخلت علي وأنا مملوء غضباً وغيظاً على يزيد فلما خرج الأحنف من عنده رضي عن يزيد وبعث إليه بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب فأرسل يزيد إلى الأحنف بمائة ألف درهم ومائة ثوب فقاسمه إياها على الشطر فهذه هي الأخبار الدالة على تأكد حق الوالدين وكيفية القيام بحقهما تعرف مما ذكرناه في حق الأخوة فإن هذه الرابطة آكد من الأخوة بل يزيد ههنا أمران أحدهما أن أكثر العلماء على أن طاعة الأبوين وَاجِبَةٌ فِي الشُّبُهَاتِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي الحرام المحض حتى إذا كانا يتنغصان بانفرادك عنهما بالطعام فعليك أن تأكل معهما لأن ترك الشبهة ورع ورضا الوالدين حتم وكذلك ليس لك أن تسافر في مباح أو نافلة إلا بإذنهما والمبادرة إلى الحج الذي هو فرض الإسلام نفل لأنه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل إلا إذا كنت تطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن في بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء في بلد ليس فيها من يعلمه شرع الإسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين قال أبو سعيد الخدري هاجر رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم هل باليمن أبواك قال نعم قال هل أذنا لك قال لا فقال صلى الله عليه وسلم فارجع إلى أبويك ¬_________ (¬1) حديث رأى الأقرع بن حابس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدَهُ الحسن فَقَالَ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ ما قبلت واحداً منهم فقال من لا يرحم لا يرحم أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (¬2) حديث عائشة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب بيدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية لم أجده هكذا ولأحمد من حديث عائشة أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمصه ويقول لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى أنفقها وإسناده صحيح (¬3) حديث عثر الحسن وهو على منبره صلى الله عليه وسلم فنزل فحمله وقرأ قوله تعالى {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} أخرجه أصحاب السنن من حديث بريدة في الحسن والحسين معا يمشيان ويعثران قال الترمذي حسن غريب (¬4) حديث عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاء الحسن فركب عنقه رواه النسائي من رواية عبد الله بن شداد عن أبيه وقال فيه الحسن أو الحسين على الشك ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين (¬5) حديث ريح الولد من ريح الجنة أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عباس وفيه مندل بن علي ضعيف
পৃষ্ঠা - ৫৭৯
فاستأذنهما فإن فعلا فجاهد وإلا فبرهما ما استطعت فإن ذلك خير ما تلقى الله به بعد التوحيد (¬1) وجاء آخر إليه صلى الله عليه وسلم ليستشيره في الغزو فقال ألك والدة قال نعم قال فألزمها فإن الجنة عند رجليها (¬2) وجاء آخر يطلب البيعة على الهجرة وقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما (¬3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُقُّ كَبِيرِ الإخوة على صغيرهم كحق الوالد عن ولده (¬4) وقال صلى الله عليه وسلم إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه (¬5) حقوق المملوك اعلم أن ملك النكاح قد سبقت حقوقه في آداب النكاح فأما ملك اليمين فهو أيضاً يقتضي حقوقاً في المعاشرة لا بد من مراعاتها فقد كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون فما أحببتم فأمسكوا وما كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق (¬7) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة (¬8) وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جاء رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬_________ (¬1) حديث أبي سعيد الخدري هاجر رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم باليمن أبواك قال نعم الحديث أخرجه أحمد وابن حبان دون قوله {ما استطعت} إلخ (¬2) حديث جاء آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في الغزو فقال ألك والدة فقال نعم قال فألزمها فإن الجنة تحت قدمها أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من حديث معاوية بن جاهمة أن جاهمة أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاكم صحيح الإسناد (¬3) حديث جاء آخر فقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وقال صحيح الإسناد (¬4) حديث حُقُّ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الْوَالِدِ على ولده أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث أبي هريرة ورواه أبو داود في المراسيل من رواية سعيد بن عمرو ابن العاص مرسلا ووصله صاحب مسند الفردوس فقال عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص وإسناده ضعيف (¬5) حديث إذا استصعب على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه (¬6) حديث كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون الحديث إلخ وهو مفرق في عدة أحاديث فروى أبو داود من حديث علي كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم وفي الصحيحين من حديث أنس كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ولهما من حديث أبي ذر أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتوهم فأعينوهم لفظ رواية مسلم وفي رواية لأبي داود من يلايمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ومن لا يلايمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله تعالى وإسناده صحيح (¬7) حديث للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬8) حديث لا يدخل الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة أخرجه أحمد مجموعا والترمذي مفرقا وابن ماجه مقتصرا على سيئ الملكة من حديث أبي بكر وليس عند أحد منهم متكبر وزاد أحمد والترمذي البخيل والمنان وهو ضعيف وحسن الترمذي أحد طريقيه
পৃষ্ঠা - ৫৮০
{ثم قال} اعف عنه في كل يوم سبعين مرة (¬1) وكان عمر رضي الله عنه يذهب إلى العوالي في كل يوم سبت فإذا وجد عبداً في عمل لا يطيقه وضع عنه منه ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رأى رجلاً على دابته وغلامه يسعى خلفه فقال له يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله ثم قال لا يزال العبد يزداد من الله بعداً ما مشى خلفه وقالت جارية لأبي الدرداء إني سممتك منذ سنة فما عمل فيك شيئاً فقال لم فعلت ذلك فقالت أردت الراحة منك فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله وقال الزهري متى قلت للمملوك أخزاك الله فهو حر وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم قيل فما بلغ من حِلْمُهُ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي دَارِهِ إذا أتته خادمة له بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدها على ابن له فعقره فمات فدهشت الجارية فقال ليس يسكن روع هذه الجارية إلا العتق فقال لها أنت حرة لا بأس عليك وكان عون ابن عبد الله إذا عصاه غلامه قال ما أشبهك بمولاك مولاك يعصي مولاه وأنت تعصي مولاك فأغضبه يوماً فقال إنما تريد أن أضربك اذهب فأنت حر وكان عند ميمون بن مهران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون فقال يا جارية أحرقتني قالت يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال الله تعالى قال وما قال الله تعالى قالت قال والكاظمين الغيظ قال قد كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال قد عفوت عنك قالت زد فإن الله تعالى يقول والله يحب المحسنين قال أنت حرة لوجه الله تعالى وقال ابن المنكدر أن رجلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ضرب عبداً له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فلم يعفه فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد فانطلق إليه فلما رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمسك يده فقال رسول الله سألك بوجه الله فلم تعفه فلما رأيتني أمسكت يدك قال فإنه حر لوجه الله يا رسول الله فقال لو لم تفعل لسفعت وجهك النار (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين (¬3) ولما أعتق أبو رافع بكى وقال كان لي أجران فذهب أحدهما وقال صلى الله عليه وسلم عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال وأول ثلاثة يدخلون النار أمير مسلط وذو ثروة لا يعطي حق الله وفقير فخور (¬4) وعن أبي مسعود الأنصاري قال بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتاً من خلفي اعلم يا أبا مسعود مرتين فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيت السوط من يدي فقال والله لله أقدر عليك منك على هذا (¬5) وقال صلى الله عليه وسلم إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه (¬6) رواه معاذ ¬_________ (¬1) حديث ابن عمر جاء رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت ثم قال اعف عنه كل يوم سبعين مرة أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح غريب (¬2) حديث ابن المنكدر أن رجلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ضرب عبداً له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد الحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد مرسلا وفي رواية لمسلم في حديث أبي مسعود الآتي ذكره فجعل يقول أعوذ بالله قال فجعل يضربه فقال أعوذ برسول الله فتركه وفي رواية له فقلت هو حر لوجه الله فقال أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار {أو} لمستك النار (¬3) حديث إذا نصح العبد لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين متفق عليه من حديث ابن عمر (¬4) حديث عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن وابن حبان من حديث أبي هريرة (¬5) حديث أبي مسعود الأنصاري بينا أنا أضرب غلاماً لي سمعت صوتاً من خلفي اعلم أبا مسعود مرتين الحديث رواه مسلم (¬6) حديث معاذ إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه أخرجه الطبراني في الأوسط والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف