ربع العادات
كتاب آداب الأكل
পৃষ্ঠা - ৩৬২
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب آداب الأكل وهو الكتاب الأول من ربع العادات من كتاب إحياء
العلوم
الحمد لله الذي أَحْسَنَ تَدْبِيرَ الْكَائِنَاتِ فَخَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ
وَأَنْزَلَ الْمَاءَ الْفُرَاتَ مِنَ الْمُعْصِرَاتِ فَأَخْرَجَ بِهِ الْحَبَّ والنبات
وقدر الأرزاق والأفوات
وَحَفِظَ بِالْمَأْكُولَاتِ قُوَى الْحَيَوَانَاتِ وَأَعَانَ عَلَى الطَّاعَاتِ والأعمال الصالحات بأكل الطيبات والصلاة على محمد ذي المعجزات الباهرات وعلى آله وأصحابه صلاة تتوالى على ممر الأوقات وتتضاعف بتعاقب الساعات وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد فإن مَقْصِدُ ذَوِي الْأَلْبَابِ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فِي دار الثواب ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلى بالعلم والعمل ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن ولا تصفو سَلَامَةُ الْبَدَنِ إِلَّا بِالْأَطْعِمَةِ وَالْأَقْوَاتِ وَالتَّنَاوُلِ مِنْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ عَلَى تَكَرُّرِ الْأَوْقَاتِ فَمِنْ هَذَا الوجه قال بعض السلف الصالحين إن الأكل من الدين وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين كلوا من الطيبات واعملوا صالحا فمن يقدم على الأكل ليستعين به على العلم والعمل ويقوي به على التقوى فلا ينبغي أن يترك نفسه مهملاً سدى يسترسل في الأكل استرسال البهائم في المرعى فإن ما هو ذريعة إلى الدين ووسيلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدين عليه
وإنما أنوار الدين آدابه وسننه التي يزم العبد بزمامها ويلجم المتقي بلجامها حتى يتزن بميزان الشرع شهوة الطعام في إقدامها وإحجامها فيصير بسببها مدفعة للوزر ومجلبة للأجر وإن كان فيها أوفى حظ للنفس
قال صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليؤجر حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه والى في امعليه السلام رأته (¬1)
وإنما ذلك إذا رفعها بالدين وللدين مراعياً فيه آدابه ووظائفه
وَهَا نَحْنُ نُرْشِدُ إِلَى وَظَائِفِ الدِّينِ فِي الأكل فرائضها وسننها وآدابها ومروءاتها وهيئاتها في أربعة أبواب وفصل في آخرها
الباب الأول فيما لا بد للآكل من مراعاته وإن انفرد بالأكل
الباب الثاني فيما يزيد من الآداب بسبب الاجتماع على الأكل
الباب الثالث فيما يخص تقديم الطعام إلى الإخوان الزائرين
الباب الرابع فيما يخص الدعوة والضيافة وأشباهها
¬_________
(¬1) حديث إن الرجل ليؤجر في اللقمة يرفعها إلى فيه وإلى في امرأته أخرجه البخاري من حديث لسعد بن أبي وقاص وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك
পৃষ্ঠা - ৩৬৩
الباب الأول فيما لابد للمنفرد منه
وهو ثلاثة أقسام قسم قبل الأكل وقسم مع الأكل وقسم بعد الفراغ منه القسم الأول في الآداب التي تتقدم على الأكل وهي
الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ بَعْدَ كَوْنِهِ حَلَالًا فِي نَفْسِهِ طَيِّبًا فِي جِهَةِ مَكْسَبِهِ مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ وَالْوَرَعِ لَمْ يُكْتَسَبْ بِسَبَبٍ مَكْرُوهٍ فِي الشَّرْعِ وَلَا بِحُكْمِ هَوًى وَمُدَاهَنَةٍ فِي دِينٍ على ما سيأتي في معنى الطيب المطلق في كتاب الحلال والحرام وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَهُوَ الْحَلَالُ وَقَدَّمَ النَّهْيَ عَنِ الْأَكْلِ بِالْبَاطِلِ عَلَى الْقَتْلِ تَفْخِيمًا لِأَمْرِ الْحَرَامِ وَتَعْظِيمًا لِبَرَكَةِ الْحَلَالِ فَقَالَ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا تقتلوا أنفسكم الآية فالأصل في الطعام كونه طيباً وهو من الفرائض وأصول الدين
الثاني غسل اليد قال صلى الله عليه وسلم الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم (¬1)
وفي رواية ينفي الفقر قبل الطعام وبعده ولأن اليد لَا تَخْلُو عَنْ لَوْثٍ فِي تَعَاطِي الْأَعْمَالِ فغسلها أقرب إلى النظافة والنزاهة
ولأن الأكل لقصد الاستعانة على الدين عبادة فهو جدير بأن يقدم عليه ما يجري منه مجرى الطهارة من الصلاة
الثالث أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض فهو أقرب إلى فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رفعه على المائدة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتى بطعام وضعه على الأرض (¬2) حديث أنس ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرجة الحديث رواه البخاري //
قيل فعلى ماذا كنتم تأكلون قال على السفرة وقيل أربع أحدثت بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموائد والمناخل والأشنان والشبع واعلم أنا وإن قلنا الأكل على السفرة أولى فلسنا نقول الأكل على المائدة منهي عنه نهي كراهة أو تحريم إذا لم يثبت فيه نهي
وما يقال إنه أبدع بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليس كُلُّ مَا أُبْدِعَ مَنْهِيًّا بَلِ الْمَنْهِيُّ بِدْعَةٌ تُضَادُّ سُنَّةً ثَابِتَةً وَتَرْفَعُ أَمْرًا مِنَ الشَّرْعِ مع بقاء علته بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب وَلَيْسَ فِي الْمَائِدَةِ إِلَّا رَفْعُ الطَّعَامِ عَنِ الأرض لتيسير الأكل وأمثال ذلك مما لا كراهة فيه
والأربع التي جمعت في أنها مبدعة ليست متساوية بل الأشنان حسن لما فيه من النظافة فإن الغسل مستحب للنظافة والأشنان أتم في التنظيف وكانوا لا يستعملونه لأنه ربما كان لا يعتاد عندهم أو لا يتيسر أو كانوا مشغولين بأمور أهم من المبالغة في النظافة فقد كانوا لا يغسلون اليد أيضاً وكانت مناديلهم أخمص أقدامهم وذلك لا يمنع كون الغسل
¬_________
(¬1) حديث الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم وفي رواية ينفي الفقر قبل الطعام وبعده أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من رواية موسى الرضا عن آبائه متصلا باللفظ الأول وللطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفى الفقر ولأبي داود والترمذي من حديث سلمان بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده وكلها ضعيفة
(¬2) حديث كان إذا أتى بطعام وضعه على الأرض أخرجه أحمد في كتاب الزهد من رواية الحسن مرسلا ورواه البزار من حديث أبي هريرة نحوه وفيه جماعة وثقة أحمد وضعفه الدارقطني
فهذا أقرب إلى التواضع فإن لم يكن فعلى السفرة فإنها تذكر السفر ويتذكر من السفر سفر الآخرة وحاجته إلى زاد التقوى
وقال أنس بن مالك رحمه الله ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرجة
পৃষ্ঠা - ৩৬৪
مستحباً
وأما المنخل فالمقصود منه تطييب الطعام وذلك مباح ما لم ينته إلى التنعم المفرط
وأما المائدة فتيسير للأكل وهو أيضاً مُبَاحٌ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْكِبْرِ وَالتَّعَاظُمِ
وأما الشبع فهو أشد هذه الأربعة فإنه يدعو إلى تهييج الشهوات وتحريك الأدواء في البدن فلتدرك التفرقة بين هذه المبدعات
الرابع أن يحسن الجلسة على السفرة في أول جلوسه ويستديمها كذلك كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربما جثا للأكل على ركبتيه وجلس على ظهر قدميه وربما نصب رجله اليمنى وجلس على اليسرى (¬1)
وكان يقول لا آكل متكئا
حديث كان يقول لا آكل متكئاً أخرجه البخاري من حديث أبي جحيفة
إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد
حديث إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد تقدم قبله من حديث أنس بلفظ وأفعل بدل وأجلس ورواه البزار من حديث ابن عمر دون قوله وأجلس (¬2) حديث ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن والنسائي وابن ماجه من حديث المقداد بن معد يكرب
وَمِنْ ضَرُورَةِ هَذِهِ النِّيَّةِ أَنْ لَا يَمُدَّ الْيَدَ إِلَى الطَّعَامِ إِلَّا وَهُوَ جَائِعٌ فَيَكُونُ الْجُوعُ أَحَدَ مَا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَكْلِ
ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَ قَبْلَ الشِّبَعِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنِ الطبيب وسيأتي فائدة قلة الأكل وكيفية التدريج في التقليل منه في كتاب كسر شهوة الطعام من ربع المهلكات
السادس أَنْ يَرْضَى بِالْمَوْجُودِ مِنَ الرِّزْقِ وَالْحَاضِرِ مِنَ الطعام ولا يجتهد في التنعم وطلب الزيادة وانتظار الأدم بل من كرامة الخبز أن لا ينتظر به الأدم وقد ورد الأمر بإكرام الخبز (¬3)
فكل ما يديم الرمق ويقوي على العبادة فهو خير كثير لا ينبغي أن يستحقر بل لا ينتظر بالخبز الصلاة إن حضر وقتها إذا كان في الوقت متسع
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ والعشاء فابدءوا بِالْعَشَاءِ (¬4)
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُبَّمَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَلَا يَقُومُ مِنْ عشائه
ومهما كَانَتِ النَّفْسُ لَا تَتُوقُ إِلَى الطَّعَامِ وَلَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ الطَّعَامِ ضَرَرٌ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الصلاة
فأما إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة وكان في التأخير ما يبرد الطعام أو يشوش أمره فتقديمه أحب عند اتساع الوقت تاقت النفس أو لم تتق لعموم الخبر ولأن القلب لا يخلو عن الإلتفات إلى الطعام الموضوع وإن لم يكن الجوع غالبا
¬_________
(¬1) حديث ربما جثا للأكل على ركبتيه وجلس على ظهر قدميه وربما نصب رجله اليمنى وجلس على اليسرى أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن بشير في أثناء حديث أتوا القصعة فالتفوا عليها فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وله وللنسائي من حديث أنس رأيته يأكل وهو مقنع من الجوع وروى أبو الحسن بن المقري في الشمائل من حديثه كان إذا قعد على الطعام استوفز على ركبته اليسرى وأقام اليمنى ثم قال إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأفعل كما يفعل العبد وإسناده ضعيف
(¬2) والشرب متكئاً مكروه للمعدة أيضاً ويكره الأكل نائماً ومتكئاً إلا ما يتنقل به من الحبوب
روي عن علي كرم الله وجهه أنه أكل كعكا على ترس وهو مضطجع ويقال منبطح على بطنه والعرب قد تفعله
الخامس أَنْ يَنْوِيَ بِأَكْلِهِ أَنْ يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى طاعة الله تعالى ليكون مطيعاً بالأكل ولا يقصد التلذذ والتنعم بالأكل
قال إبراهيم بن شيبان منذ ثمانين سنة ما أكلت شيئاً لشهوتي
ويعزم مع ذلك على تقليل الأكل فإنه إذا أكل لأجل قوة العبادة لم تصدق نيته إلا بأكل ما دون الشبع فإن الشبع يمنع من العبادة ولا يقوى عليها فمن ضرورة هذه النية كسر الشهوة وإيثار القناعة على الإتساع
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس
(¬3) حديث أكرموا الخبز أخرجه البزار والطبراني وابن قانع من حديث عبد الله بن أم حرام بإسناد ضعيف جدا وذكره ابن الجوزي في الموضوعات
(¬4) حديث إذا حضر العشا والعشاء فابدءوا بالعشاء تقدم في الصلاة والمعروف وأقيمت الصلاة
পৃষ্ঠা - ৩৬৫
السابع أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَكْثِيرِ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ ولو من أهله وولده
قال صلى الله عليه وسلم اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه (¬1)
وقال أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لا يأكل وحده (¬2)
وقال صلى الله عليه وسلم خير الطعام ما كثرت عليه الأيدي القسم الثاني في آداب حَالَةُ الْأَكْلِ
وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَبِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي أخره
ولو قال مع كل لقمة بسم الله فهو حسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله تعالى ويقول مع اللقمة الأولى بسم الله ومع الثانية بسم الله الرحمن ومع الثالثة بسم الله الرحمن الرحيم ويجهر به ليذكر غيره
ويأكل باليمنى ويبدأ بالملح ويختم به وَيُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُجَوِّدَ مَضْغَهَا وَمَا لَمْ يَبْتَلِعْهَا لم يَمُدُّ الْيَدَ إِلَى الْأُخْرَى فَإِنَّ ذَلِكَ عَجَلَةٌ فِي الْأَكْلِ وَأَنْ لَا يَذُمَّ مَأْكُولًا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعِيبُ مَأْكُولًا كَانَ إِذَا أَعْجَبَهُ أَكْلُهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ (¬3)
وَأَنْ يأكل مما يليه إلا الفاكهة فإن له أن يجيل يده فيها قال صلى الله عليه وسلم كل مما يليك (¬4) حديث كان يدور على الفاكهة وقال ليس هو نوعاً واحداً أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عكراش بن دويب وفيه وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق فقال يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد قال الترمذي غريب ورواه ابن حبان في الضعفاء (¬5) حديث النهي عن قطع الخبز بالسكين رواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي هريرة وفيه نوح ابن أبي مريم وهو كذاب ورواه البيهقي في الشعب من حديث أم سلمة بسند ضعيف (¬6)
ولا يوضع عَلَى الْخُبْزِ قَصْعَةً وَلَا غَيْرَهَا إِلَّا مَا يأكل به قال صلى الله عليه وسلم أكرموا الخبز فإن الله تعالى أنزله من بركات السماء ولا يمسح يده بالخبز
وقال صلى الله عليه وسلم إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها وليمط ما كان بها من أذى ولا يدعها للشيطان ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة (¬7)
ولا ينفخ في الطعام الحار (¬8)
فهو منهي عنه بل يصبر إلى إن يسهل أكله ويأكل من التمر وتراً سبعاً أو إحدى عشرة أو إحدى وعشرين أو ما اتفق وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالنَّوَى فِي طَبَقٍ وَلَا يَجْمَعَ فِي كَفِّهِ بَلْ يَضَعَ النَّوَاةَ مِنْ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ ثُمَّ يُلْقِيهَا وكذا كل ماله عَجَمٌ وَثُفْلٌ
وَأَنْ لَا يَتْرُكَ مَا اسْتَرْذَلَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَيَطْرَحَهُ فِي الْقَصْعَةِ بَلْ يَتْرُكَهُ مَعَ الثُّفْلِ حَتَّى لَا يَلْتَبِسَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَأْكُلَهُ
وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الشُّرْبَ فِي أَثْنَاءِ الطَّعَامِ إِلَّا إِذَا غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَوْ صَدَقَ عطشه فقد قيل إن ذلك مستحب في الطب وإنه دباغ المعدة
وَأَمَّا الشُّرْبُ فَأَدَبُهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكُوزَ بِيَمِينِهِ وَيَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَيَشْرَبَهُ مَصًّا لَا عَبًّا قال صلى الله عليه وسلم
¬_________
(¬1) حديث اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث وحشي بن حرب بإسناد حسن
(¬2) حديث أنس كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأكل وحده رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف
(¬3) حديث أنس كان لا يعيب مأكولا إن أعجبه أكله وإلا تركه متفق عليه من حديث أبي هريرة
(¬4) حديث كل مما يليك متفق عليه من حديث عمر بن أبي سلمة
ثم كان صلى الله عليه وسلم يدور على الفاكهة فقيل له في ذلك فقال ليس هو نوعاً واحداً
(¬5) وأن لا يأكل من دورة القصعة ولا من وسط الطعام بل يأكل من استدارة الرغيف إلا إذا قل الخبز فيكسر الخبز ولا يقطع بالسكين
(¬6) ولا يقطع اللحم أيضاً فقد نهى عنه وقال انهشوه نهشاً
حديث النهي عن قطع اللحم بالسكين أخرجه أبو داود من حديث عائشة وقال فانهشوه نهشا قال النسائي منكر وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث صفوان بن أمية وانهشوا اللحم نهشا وسنده ضعيف
(¬7) حديث إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ولا يدعها للشيطان ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة أخرجه مسلم من حديث أنس وجابر
(¬8) حديث النهي عن النفخ في الطعام والشراب أخرجه أحمد في مسنده من حديث ابن عباس وهو عند أبي داود والترمذي وصححه ابن ماجه إلا أنهم قالوا في الإناء وأخرجه الترمذي وصححه من حديث أبي سعيد نهي عن النفخ في الشراب
পৃষ্ঠা - ৩৬৬
مصوا الماء مصاً ولا تعبوه عبا فإنه الكباد من العب (¬1)
ولا يشرب قائماً ولا مضطجعاً فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائماً (¬2)
وروي أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما (¬3)
ولعله كان لعذر
ويراعي أسفل الكوز حتى لا يقطر عليه وَيَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ الشُّرْبِ وَلَا يَتَجَشَّأَ وَلَا يَتَنَفَّسَ فِي الْكُوزِ بَلْ يُنَحِّيَهُ عَنْ فمه بالحمد ويرده بالتسمية
وقد قال صلى الله عليه وسلم بعد الشرب الحمد لله الذي جعله عذباً فراتاً برحمته ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا (¬4)
وَالْكُوزُ وَكُلُّ مَا يُدَارُ عَلَى الْقَوْمِ يُدَارُ يَمْنَةً وَقَدْ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَنًا وأبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عنه عن شماله وأعرابي عن يمينه وعمر ناحيته فقال عمر رضي الله عنه أعط أبا بكر فَنَاوَلَ الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ وَيَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ يَحْمَدُ اللَّهَ فِي أَوَاخِرِهَا وَيُسَمِّي الله في أوائلها ويقول في آخر النفس الأول الحمد لله وفي الثاني رب العالمين وفي الثالث يزيد الرحمن الرحيم فهذا قريب من عشرين أدباً في حالة الأكل والشرب دلت عليها الأخبار والآثار الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يُسْتَحَبُّ بَعْدَ الطَّعَامِ
وَهُوَ أن يمسك قبل الشبع ويلعق أصابعه ثم يمسح بالمنديل ثم يغسلها ويلتقط فتات الطعام قال صلى الله عليه وسلم من أكل ما يسقط من المائدة عاش في سعة وعوفي في ولده (¬5)
ويتخلل ولا يبتلع كل ما يخرج من بين أسنانه بالخلال إلا ما يجمع من أصول أسنانه بلسانه أما المخرج بالخلال فيرميه وليتمضمض بعد الخلال ففيه أثر عن أهل البيت عليهم السلام
وأن يلعق القصعة ويشرب ماءها
ويقال من لعق القصعة وغسلها وشرب ماءها كان له عتق رقبة
وأن التقاط الفتات مهور الحور العين وَأَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ عَلَى مَا أَطْعَمَهُ فَيَرَى الطَّعَامَ نِعْمَةً مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله ومهما أكل حلالاً قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات اللهم أطعمنا طيباً واستعملنا صالحاً
وإن أكل شبهة فليقل الحمد لله على كل حال اللهم لا تجعله قوة لنا على معصيتك ويقرأ بعد الطعام قل هو الله أحد ولإيلاف قريش
ولا يقوم عن المائدة حتى ترفع أولاً فَإِنْ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ فَلْيَدْعُ لَهُ وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ خَيْرَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا رَزَقْتَهُ ويسر له أن يفعل فيه خيراً وقنعه بما أعطيته وَاجْعَلْنَا وَإِيَّاهُ مِنَ الشَّاكِرِينَ
وَإِنْ أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ فَلْيَقُلْ أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ
وَلْيُكْثِرِ الِاسْتِغْفَارَ وَالْحُزْنَ على ما أكل من شبهة ليطفيء بدموعه وحزنه حر النار التي تعرض لها لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ من حرام فالنار أولى به (¬6) حديث القوم عند أكل اللبن اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه من حديث ابن عباس إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه //
فإن أكل غيره قال اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيرا
¬_________
(¬1) حديث مصوا الماء مصاً ولا تعبوه عبا أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس بالشطر الأول ولأبي داود في المراسيل من رواية عطاء بن أبي رباح إذا شربتم فاشربوا مصا
(¬2) حديث النهي عن الشراب قائما أخرجه مسلم من حديث أنس وأبي سعيد وأبي هريرة
(¬3) حديث أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما متفق عليه من حديث ابن عباس وذلك من زمزم
(¬4) حديث كان يقول بعد الشرب الحمد لله الذي جعل الماء عذباً فراتاً برحمته ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا أخرجه الطبراني في الدعاء مرسلا من رواية أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين
(¬5) حديث من أكل ما سقط من المائدة عاش في سعة وعوفي في ولده أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث جابر بلفظ أمن من الفقر والبرص والجذام وصرف عن ولده الحمق وله من حديث الحجاج بن علاط أعطى سعة من الرزق ووقى في ولده وكلاهما منكر جدا
(¬6) حديث كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى به هو في شعب الإيمان من حديث كعب بن عجرة بلفظ سحت وهو عند الترمذي وحسنه بلفظ لا يربوا لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به
وليس من يأكل ويبكي كمن يأكل ويلهو
وليقل إذا أكل لبناً اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه
পৃষ্ঠা - ৩৬৭
منه فذلك الدعاء مما خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن لعموم نفعه
وَيُسْتَحَبُّ عَقِيبَ الطَّعَامِ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا سيدنا ومولانا يا كافي من كل شيء ولا يكفى منه شيء أطعمت من جوع وآمنت من خوف فلك الحمد آويت من يتم وهديت من ضلالة وأغنيت من عيلة فلك الحمد حمداً كثيراً دائماً طيباً نافعاً مباركاً فيه كما أنت أهله ومستحقه اللهم أطعمتنا طيباً فاستعملنا صالحاً واجعله عوناً لنا عن طاعتك ونعوذ بك أن نستعين به على معصيتك وأما غسل اليدين بالأشنان فكيفيته أن يجعل الأشنان في كفه اليسرى ويغسل الأصابع الثلاث من اليد اليمنى أولا ويضرب أصابعه على الأشنان اليابس فيمسح به شفتيه ثم ينعم غسل الفم بإصبعه ويدلك ظاهر أسنانه وباطنها والحنك واللسان ثم يغسل أصابعه من ذلك بالماء ثم يدلك ببقية الأشنان اليابس أصابعه ظهراً وبطناً ويستغني بذلك عن إعادة الأشنان إلى الفم وإعادة غسله
الباب الثاني فيما يزيد بسبب الاجتماع والمشاركة في الْأَكْلِ وَهِيَ سَبْعَةٌ
الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَبْتَدِئَ بِالطَّعَامِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ بِكِبَرِ سَنٍّ أَوْ زِيَادَةِ فَضْلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَتْبُوعَ وَالْمُقْتَدَى بِهِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِمُ الِانْتِظَارَ إِذَا اشْرَأَبُّوا لِلْأَكْلِ وَاجْتَمَعُوا لَهُ
الثَّانِي أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ فإن ذلك من سيرة العجم ولكن يتكلمون بالمعروف ويتحدثون بحكايات الصالحين في الأطعمة وغيرها
الثَّالِثُ أَنْ يَرْفُقَ بِرَفِيقِهِ فِي الْقَصْعَةِ فَلَا يقصد أن يأكل زيادة على ما يَأْكُلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِرِضَا رَفِيقِهِ مَهْمَا كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا
بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ الْإِيثَارَ وَلَا يَأْكُلَ تَمْرَتَيْنِ فِي دُفْعَةٍ إِلَّا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَوِ اسْتَأْذَنَهُمْ
فَإِنْ قَلَّلَ رَفِيقُهُ نَشَّطَهُ وَرَغَّبَهُ فِي الْأَكْلِ وَقَالَ لَهُ كُلْ وَلَا يَزِيدُ في قوله كل على ثلاث مرات فإن ذلك إلحاح وإفراط
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خوطب في شيء ثلاثاً لم يراجع بعد ثلاث
حديث كان إذا خوطب في شيء ثلاثاً لم يراجع بعد ثلاث أخرجه أحمد من حديث جابر في حديث طويل ومن حديث أبي حدرد أيضا وإسنادهما حسن (¬1) حديث كان يكرر الكلمة ثلاثا أخرجه البخاري من حديث أنس كان يعيد الكلمة ثلاثاً //
فليس من الأدب الزيادة عليه
فَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَيْهِ بِالْأَكْلِ فَمَمْنُوعٌ قَالَ الحسن بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الطَّعَامُ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُحْلَفَ عَلَيْهِ
الرَّابِعُ أَنْ لَا يُحْوِجَ رَفِيقَهُ إِلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُلْ
قال بعض الأدباء أحسن الآكلين أكلاً من لا يحوج صاحبه إلى أن يتفقده في الأكل وحمل عن أخيه مؤنة القول
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَهِيهِ لِأَجْلِ نَظَرِ الْغَيْرِ إِلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَصَنُّعٌ بَلْ يَجْرِي عَلَى الْمُعْتَادِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ عَادَتِهِ شَيْئًا فِي الْوَحْدَةِ وَلَكِنْ يُعَوِّدُ نَفْسَهُ حُسْنَ الْأَدَبِ فِي الْوَحْدَةِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى التَّصَنُّعِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ
نَعَمْ لَوْ قَلَّلَ مِنْ أَكْلِهِ إِيثَارًا لِإِخْوَانِهِ وَنَظَرًا لَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ زَادَ فِي الْأَكْلِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسَاعَدَةِ وَتَحْرِيكِ نَشَاطِ القوم في الأكل فلا بأس به بل هو حسن وكان ابن المبارك يقدم فاخر الرطب إلى إخوانه ويقول من أكل أكثر أعطيته بكل نواة درهماً
وكان يعد النوى ويعطي كل من له فضل نوى بعدده دراهم وذلك لدفع الحياء وزيادة النشاط في الإنبساط وقال جعفر بن محمد رضي الله عنهما
أحب إخواني إلي أكثرهم أكلاً وأعظمهم لقمةً وأثقلهم على من يحوجني إلى تعهده في الأكل
وكل هذا إشارة إلى الجري على المعتاد وترك التصنع
وقال جعفر رحمه الله أيضاً تتبين جودة محبة الرجل لأخيه بجودة أكله في منزله
الْخَامِسُ أَنَّ غَسْلَ الْيَدِ فِي الطَّسْتِ لَا بأس به وله أن يتنخم فيه
¬_________
(¬1) وكان صلى الله عليه وسلم يكرر الكلام ثلاثاً
পৃষ্ঠা - ৩৬৮
إن أكل وحده وإن أكل مع غيره فلا ينبغي أن يفعل ذلك
فإذا قدم الطست إليه غيره إكراماً له فليقبله
اجتمع أنس بن مالك وثابت البناني رضي الله عنهما على طعام فقدم أنس الطست إليه فامتنع ثابت فقال أنس إِذَا أَكْرَمَكَ أَخُوكَ فَاقْبَلْ كَرَامَتَهُ وَلَا تردها فإنما يكرم الله عز وجل وروي أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ دَعَا أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرَ فَصَبَّ الرشيد عَلَى يَدِهِ فِي الطَّسْتِ فَلَمَّا فرغ قال يا أبا معاوية تدري مَنْ صَبَّ عَلَى يَدِكَ فَقَالَ لَا قَالَ صَبَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا أَكْرَمْتَ الْعِلْمَ وَأَجْلَلْتَهُ فَأَجَلَّكَ اللَّهُ وَأَكْرَمَكَ كما أجللت العلم وأهله
ولا بأس أن يجتمعوا على غسل اليد في الطست في حالة واحدة فهو أقرب إلى التواضع وأبعد عن طول الإنتظار
فإن لم يفعلوه فلا ينبغي أن يصب ماء كل واحد بل يجمع الماء في الطست قال صلى الله عليه وسلم أجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم (¬1)
قيل إن المراد هذا
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار لا يرفع الطست من بين يدي قوم إلا مملوءة ولا تشبهوا بالعجم
وقال ابن مسعود اجتمعوا على غسل اليد في طست واحد ولا تستنوا بسنة الأعاجم
والخادم الذي يصب الماء على اليد كره بعضهم أن يكون قائماً وأحب أن يكون جالساً لأنه أقرب إلى التواضع وكره بعضهم جلوسه فروي أنه صب الماء على يد واحد خادم جالساً فقام المصبوب عليه فقيل له لم قمت فقال أحدنا لا بد وأن يكون قائماً
وهذا أولى لأنه أيسر للصب وللغسل وأقرب إلى تواضع الذي يصب وإذا كان له نية فيه فتمكينه من الخدمة ليس فيه تكبر فإن العادة جارية بذلك ففي الطست إذاً سبعة آداب أن لا يبزق فيه وأن يقدم به المتبوع وأن يقبل الإكرام بالتقديم وأن يدار يمنة وأن يجتمع فيه جماعة وأن يجمع الماء فيه وأن يكون الخادم قائماً وأن يمج الماء من فيه ويرسله من يده برفق حتى لا يرش على الفراش وعلى أصحابه وَلْيَصُبَّ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ عَلَى يَدِ ضَيْفِهِ هَكَذَا فَعَلَ مالك بالشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَوَّلِ نُزُولِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يَرُوعُكَ مَا رَأَيْتَ مِنِّي فَخِدْمَةُ الضَّيْفِ فَرْضٌ
السَّادِسُ أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَلَا يُرَاقِبَ أَكْلَهُمْ فَيَسْتَحْيُونَ بَلْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْهُمْ وَيَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ وَلَا يُمْسِكَ قَبْلَ إِخْوَانِهِ إِذَا كَانُوا يَحْتَشِمُونَ الْأَكْلَ بَعْدَهُ بَلْ يَمُدَّ الْيَدَ وَيَقْبِضَهَا وَيَتَنَاوَلَ قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى أَنْ يَسْتَوْفُوا فإن كان قليل الأكل توقف في الابتداء وقلل الأكل حتى إذا توسعوا في الطعام أكل معهم أخيراً فقد فعل ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم فَإِنِ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ فَلْيَعْتَذِرْ إِلَيْهِمْ دَفْعًا لِلْخَجْلَةِ عَنْهُمْ
السَّابِعُ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا يَسْتَقْذِرُهُ غيره فلا ينفض يده في القصعة وَلَا يُقَدِّمَ إِلَيْهَا رَأْسَهُ عِنْدَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ في فيه وإن أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ فِيهِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الطعام وأخذه بِيَسَارِهِ وَلَا يَغْمِسَ اللُّقْمَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْخَلِّ ولا الخل في الدسومة فَقَدْ يَكْرَهُهُ غَيْرُهُ وَاللُّقْمَةُ الَّتِي قَطَعَهَا بِسِنِّهِ لا يغمس بقيتها فِي الْمَرَقَةِ وَالْخَلِّ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا يُذْكَرُ المستقذرات
الباب الثالث في آداب تقديم الطعام إلى الإخوان الزائرين
تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إِلَى الْإِخْوَانِ فِيهِ فَضْلٌ كَثِيرٌ
قال جعفر بن محمد رضي الله عنهما إذا قعدتم مع الإخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس فإنها ساعة لا تحسب عليكم من أعماركم
وقال الحسن رحمه الله كل نفقة ينفقها الرجل على نفسه وأبويه فمن دونهم يحاسب عليها البتة إلا نفقة الرجل على إخوانه في الطعام فإن الله يستحي أن يسأل عن ذلك
هذا مع ما ورد من الأخبار في الإطعام قال صلى الله عليه وسلم لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة
¬_________
(¬1) حديث أجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم رواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة بإسناد لا بأس به وجعل ابن طاهر مكان أبي هريرة إبراهيم وقال إنه معضل وفيه نظر
পৃষ্ঠা - ৩৬৯
بين يديه حتى ترفع (¬1)
وروي عن بعض علماء خراسان أنه كان يقدم إلى إخوانه طعاماً كثيراً لا يقدرون على أكل جميعه وكان يقول بلغنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال إن الإخوان إذا رفعوا أيديهم عن الطعام لم يحاسب من أكل فضل ذلك (¬2)
فأنا أحب أن أستكثر مما أقدمه إليكم لنأكل فضل ذلك
وفي الخبر لا يحاسب العبد على ما يأكله مع إخوانه (¬3)
وكان بعضهم يكثر الأكل مع الجماعة لذلك ويقلل إذا أكل وحده وفي الخبر ثلاثة لا يحاسب عليها العبد أكلة السحور وما أفطر عليه وما أكل مع الإخوان (¬4)
وَقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَأَنْ أَجْمَعَ إِخْوَانِي عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَةً
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ مِنْ كَرَمِ الْمَرْءِ طيب زاده في سفره وبذله لأصحابه وكان الصحابة رضي الله عنهم يقولون الاجتماع على الطعام من مكارم الأخلاق وَكَانُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى قِرَاءَةِ القرآن ولا يتفرقون إلا عن ذواق
وقيل اجتماع الإخوان على الكفاية مع الأنس والألفة ليس هو من الدنيا
وفي الخبر يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة يا ابن آدم جعت فلم تطعمني فيقول كيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول جاع أخوك المسلم فلم تطعمه ولو أطعمته كنت أطعمتني (¬5)
وقال صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم الزائر فأكرموه (¬6)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها هي لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام (¬7)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ مَنْ أطعم الطعام (¬8)
وقال صلى الله عليه وسلم من أطعم أخاه حتى يشبعه وسقاه حتى يرويه بعده الله من النار بسبع خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمسمائة عام (¬9)
وَأَمَّا آدَابُهُ فَبَعْضُهَا فِي الدُّخُولِ وَبَعْضُهَا فِي تَقْدِيمِ الطَّعَامِ
أَمَّا الدُّخُولُ فَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقْصِدَ قَوْمًا مُتَرَبِّصًا لِوَقْتِ طَعَامِهِمْ فَيَدْخُلَ عَلَيْهِمْ وَقْتَ الْأَكْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُفَاجَأَةِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طعام غير ناظرين إناه} يعني منتظرين حينه ونضجه
وفي الخبر من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقاً وأكل حراما (¬10)
ولكن حق الداخل إذا لم يتربص وأتفق أن صادفهم على طعام أن لا يأكل ما لم يؤذن له فإذا قيل له كل
نظر فإن علم أنهم يقولونه على محبة لمساعدته فليساعد وإن
¬_________
(¬1) حديث لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة بين يديه حتى يرفع أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة بسند ضعيف
(¬2) حديث إن الإخوان إذا رفعوا أيديهم عن الطعام لا يحاسب من أكل من فضل ذلك الطعام لم أقف له على أصل
(¬3) حديث لا يحاسب العبد بما يأكله مع إخوانه هو في الحديث الذي بعده بمعناه
(¬4) حديث ثلاثة لا يحاسب عليها العبد أكلة السحور وما أفطر عليه وما أكل مع الإخوان أخرجه الأزدي في الضعفاء من حديث جابر ثلاثة لا يسألون عن النعيم الصائم والمتسحر والرجل يأكل مع ضيفه أورده في ترجمة سليمان بن داود الجزري وقال فيه منكر الحديث ولأبي منصور الديلمي في مسند الفردوس نحوه من حديث أبي هريرة
(¬5) حديث يقول الله للعبد يوم القيامة يا ابن آدم جعت فلم تطعمني: الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ استطعمتك فلم تطعمني
(¬6) حديث إذا جاءكم الزائر فأكرموه أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أنس وهو حديث منكر قاله ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه
(¬7) حديث إن في الجنة غرفاً يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها هي لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام أخرجه الترمذي من حديث علي وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن ابن إسحاق وقد تكلم فيه من قبل حفظه
(¬8) حديث خيركم من أطعم الطعام أخرجه أحمد والحاكم من حديث صهيب وقال صحيح الإسناد
(¬9) حديث من أطعم أخاه حتى يشبعه وسقاه حتى يرويه بعده الله من النار سبع خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمسمائة عام أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمر وقال ابن حبان ليس من حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الذهبي غريب منكر
(¬10) حديث من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا وأكل حراما أخرجه البيهقي من حديث عائشة نحوه وضعفه ولأبي داود من حديث ابن عمر من دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا إسناده ضعيف
পৃষ্ঠা - ৩৭০
كانوا يقولونه حياء منه فلا ينبغي أن يأكل بل ينبغي أن يتعلل أَمَّا إِذَا كَانَ جَائِعًا فَقَصَدَ بَعْضَ إِخْوَانِهِ لِيُطْعِمَهُ وَلَمْ يَتَرَبَّصْ بِهِ وَقْتَ أَكْلِهِ فَلَا بأس به
قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما منزل أبي الهيثم بن التيهان وأبي أيوب الأنصاري لأجل طعام يأكلونه وكانوا جياعاً (¬1)
والدخول على مثل هذه الحالة إعانة لذلك المسلم عَلَى حِيَازَةِ ثَوَابِ الْإِطْعَامِ وَهِيَ عَادَةُ السَّلَفِ
وكان عون بن عبد الله المسعودي له ثلاثمائة وستون صديقاً يدور عليهم في السنة
ولآخر ثلاثون يدور عليهم في الشهر
ولآخرة سبعة يدور عليهم في الجمعة
فكان إخوانهم معلومهم بدلاً عن كسبهم وكان قيام أولئك بهم على قصد التبرك عبادة لهم فَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَ الدَّارِ وَكَانَ وَاثِقًا بِصَدَاقَتِهِ عَالِمًا بِفَرَحِهِ إِذَا أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِذِ المراد من الإذن الرضا لَا سِيَّمَا فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَمْرُهَا عَلَى السَّعَةِ
فَرُبَّ رَجُلٍ يُصَرِّحُ بِالْإِذْنِ وَيَحْلِفُ وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ فَأَكْلُ طَعَامِهِ مَكْرُوهٌ
وَرُبَّ غَائِبٍ لَمْ يَأْذَنْ وَأَكْلُ طَعَامِهِ مَحْبُوبٌ
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أو صديقكم} ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار بريرة وأكل طعامها وهي غائبة وكان الطعام من الصدقة فقال بلغت الصدقة محلها (¬2)
وذلك لعلمه بسرورها بذلك
لذلك يجوز أن يدخل الدار بغير استئذان اكتفاء بعلمه بالإذن فإن لم يعلم فلا بد من الاستئذان أولاً ثم الدخول
وكان مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَأَصْحَابُهُ يَدْخُلُونَ مَنْزِلَ الحسن فيأكلون ما يجدون بغير إذن
وكان الحسن يَدْخُلُ وَيَرَى ذَلِكَ فَيُسَرُّ بِهِ وَيَقُولُ هكذا كنا
وروي عن الحسن رضي الله عنه أنه كان قائماً يأكل من متاع بقالٍ في السوق يأخذ من هذه الجونة تينةً ومن هذه قسبةً فقال له هشام ما بدا لك يا أبا سعيدٍ في الورع تأكل متاع الرجل بغير إذنه فقال
يا لكع اتل علي آية الأكل فتلا إلى قوله تعالى {أو صديقكم} فقال
فمن الصديق يا أبا سعيد قال مَنِ اسْتَرْوَحَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ
وَمَشَى قَوْمٌ إِلَى مَنْزِلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَفَتَحُوا الْبَابَ وَأَنْزَلُوا السُّفْرَةَ وَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ فَدَخَلَ الثَّوْرِيُّ وَجَعَلَ يَقُولُ ذَكَّرْتُمُونِي أَخْلَاقَ السَّلَفِ هكذا كانوا
وزار قوم بعض التابعين ولم يكن عنده ما يقدمه إليهم فذهب إلى منزل بعض إخوانه فلم يصادفه في المنزل فدخل فنظر إلى قدر قد طبخها وإلى خبز قد خبزه وغير ذلك فحمله كله فقدمه إلى أصحابه وقال
كلوا فجاء رب المنزل فلم ير شيئاً فقيل له
قد أخذ فلان فقال قد أحسن فلما لقيه قال يا أخي إن عادوا فعد
فهذه آداب الدخول
وَأَمَّا آدَابُ التَّقْدِيمِ فَتَرْكُ التَّكَلُّفِ أَوَّلًا وَتَقْدِيمُ ما حضر فإن لم يحضره شيء ولم يملك فلا يستقرض لأجل ذلك فيشوش على نفسه
وإن حضره ما هو محتاج إليه لقوته ولم تسمح نفسه بالتقديم فلا ينبغي أن يقدم
دخل بعضهم على زاهد وهو يأكل فقال لولا أني أخذته بدين لأطعمتك منه وقال بعض السلف في تفسير التكلف
أن تطعم أخاك مالا تأكله أنت بل تقصد زيادة عليه في الجودة والقيمة
وكان الفضيل يَقُولُ إِنَّمَا تَقَاطَعَ النَّاسُ بِالتَّكَلُّفِ يَدْعُو أَحَدُهُمْ أَخَاهُ فَيَتَكَلَّفُ لَهُ فَيَقْطَعُهُ عَنِ الرُّجُوعِ إليه
وقال بعضهم
ما أبالي بمن أتاني من إخواني فإني لا أتكلف له إنما أقرب ما عندي ولو تكلفت له لكرهت مجيئه ومللته وقال بعضهم كنت أدخل على أخ لي فيتكلف لي فقلت له إنك لا تأكل وحدك هذا ولا أنا فما بالنا إذا اجتمعنا أكلناه فإما أن تقطع هذا التكلف أو أقطع المجيء فقطع
¬_________
(¬1) حديث قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما منزل أبو الهيثم بن التيهان وأبي أيوب الأنصاري لأجل طعام يأكلونه أما قصة أبي الهيثم فرواها الترمذي من حديث أبي هريرة وقال حسن غريب صحيح والقصة عند مسلم لكن ليس فيها ذكر لأبي الهيثم وإنما قال رجل من الأنصار وأما حديث قصدهم منزل أبي أيوب فرواها الطبراني في المعجم الصغير من حديث ابن عباس بسند ضعيف
(¬2) حديث دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار بريرة وأكل طعامها وهي غائبة وكان من الصدقة فقال بلغت الصدقة مكانها متفق عليه من حديث عائشة أهدى لبريرة لحم فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو لها صدقة ولنا هدية وأما قوله بلغت محلها فقاله في الشاة التي أعطيتها نسيبة من الصدقة وهو متفق عليه أيضا من حديث أم عطية
পৃষ্ঠা - ৩৭১
التكلف ودام اجتماعنا بسببه وَمِنَ التَّكَلُّفِ أَنْ يُقَدِّمَ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ فيجحف بعياله ويؤذي قلوبهم
روي أن رجلاً دعا علياً رضي الله عنه فقال علي أجيبك على ثلاث شرائط لا تدخل من السوق شيئا ولا تدخر ما في البيت ولا تجحف بعيالك
وكان بعضهم يقدم من كل ما في البيت فلا يترك نوعا إلا ويحضر شيئا منه
وقال بعضهم دخلنا على جابر بن عبد الله فقدم إلينا خُبْزًا وَخَلًّا وَقَالَ لَوْلَا أَنَّا نُهِينَا عَنِ التكلف لتكلفت لكم (¬1)
وقال بعضهم إذا قصدت للزيارة فقدم ما حضر وإن استزرت فلا تبق ولا تذر
وقال سلمان أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم إليه ما حضرنا (¬2)
وفي حديث يونس النبي صلى الله عليه وسلم أنه زاره إخوانه فقدم إليهم كسرا وجز لهم بقلاً كان يزرعه ثم قال لهم كلوا لولا أن الله لعن المتكلفين لتكلفت لكم
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره من الصحابة أنهم كانوا يقدمون ما حضر من الكسر اليابسة وحشف التمر ويقولون لا ندري أيهما أعظم وزراً الذي يحتقر ما يقدم إليه أو الذي يحتقر ما عنده أن يقدمه
الْأَدَبُ الثَّانِي وَهُوَ لِلزَّائِرِ أَنْ لَا يَقْتَرِحَ وَلَا يَتَحَكَّمَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَرُبَّمَا يَشُقُّ عَلَى الْمَزُورِ إِحْضَارُهُ فَإِنْ خَيَّرَهُ أَخُوهُ بَيْنَ طَعَامَيْنِ فليتخير أيسرهما عليه كذلك السنة ففيالخبر أنه ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أيسرهما (¬3)
وروى الأعمش عن أبي وائلٍ أنه قال مضيت مع صاحبٍ لي نزور سلمان فقدم إلينا خبز شعيرٍ وملحاً جريشاً فقال صاحبي لو كان في هذا الملح سعتراً كان أطيب فخرج سلمان فرهن مطهرته وأخذ سعتراً فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال سلمان لو قنعت بما رزقت لم تكن مطهرتي مرهونة
هذا إذا توهم تعذر ذلك على أخيه أو كراهته له فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُسَرُّ بِاقْتِرَاحِهِ وَيَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ ذلك فلا يكره له الاقتراح فعل الشافعي رضي الله عنه ذلك مع الزعفراني إذ كان نازلاً عنده ببغداد وكان الزعفراني يكتب كل يوم رقعة بما يطبخ من الألوان ويسلمها إلى الجارية فأخذ الشافعي الرقعة في بعض الأيام وألحق بها لوناً آخر بخطه فلما رأى الزعفراني ذلك اللون أنكر وقال ما أمرت بهذا فعرضت عليه الرقعة ملحقاً فيها خط الشافعي فلما وقعت عينه على خطه فرح بذلك وأعتق الجارية سروراً باقتراح الشافعي عليه
وقال أبو بكر الكتاني دخلت على السري فجاء بفتيت وأخذ يجعل نصفه في القدح فقلت له أي شيءٍ تعمل وأنا أشربه كله في مرةٍ واحدةٍ فضحك وقال هذا أفضل لك من حجة
وقال بَعْضُهُمْ الْأَكْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مَعَ الْفُقَرَاءِ بِالْإِيثَارِ وَمَعَ الْإِخْوَانِ بِالِانْبِسَاطِ وَمَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَدَبِ
الْأَدَبُ الثَّالِثُ أَنْ يُشَهِّيَ الْمَزُورُ أَخَاهُ الزَّائِرَ وَيَلْتَمِسَ مِنْهُ الِاقْتِرَاحَ مَهْمَا كَانَتْ نَفْسُهُ طَيِّبَةً بِفِعْلِ مَا يَقْتَرِحُ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَفِيهِ أجر وفضلٌ جزيلٌ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صادف من أخيه شهوة غفر له ومن سر أخاه المؤمن فقد سر اللَّهُ تَعَالَى (¬4)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه جابر من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنةٍ ومحى عنه ألف ألف سيئة
¬_________
(¬1) حديث دخلنا على جابر بن عبد الله فقدم إلينا خُبْزًا وَخَلًّا وَقَالَ لَوْلَا أَنَّا نُهِينَا عَنِ التكلف لتكلفت لكم رواه أحمد دون قوله لولا أنا نهينا وهو من حديث سلمان الفارسي وسيأتي بعده وكلاهما ضعيف وللبخاري عن عمر بن الخطاب نهينا عن التكلف
(¬2) حديث سلمان أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم إليه ما حضرنا أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق ولأحمد لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أو لولا أنا نهينا أن يتكلف أحدنا لصاحبه لتكلفنا لك وللطبراني نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف ما ليس عندنا
(¬3) حديث ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أيسرهما متفق عليه من حديث عائشة وزاد ما لم يكن إثماً ولم يذكرها مسلم في بعض طرقه
(¬4) حديث من صادف من أخيه شهوة غفر الله له ومن سر أخاه المؤمن فقد سر الله عز وجل أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء من وافق من أخيه شهوة غفر له قال ابن الجوزي حديث موضوع وروى ابن حبان والعقيلي في الضعفاء من حديث أبي بكر الصديق من سر مؤمنا فإنما سر الله الحديث قال العقيلي باطل لا أصل له
পৃষ্ঠা - ৩৭২
ورفع له ألف ألف درجةٍ وأطعمه الله من ثلاث جناتٍ جنة الفردوس وجنة عدنٍ وجنة الخلد (¬1)
الْأَدَبُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَقُولَ لَهُ هَلْ أُقَدِّمُ لَكَ طَعَامًا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ إن كان
قال الثوري إذا زارك أخوك فلا تقل له أتأكل أو أقدم إليك ولكن قدم فإن أكل وإلا فارفع
وإن كان يريد أن يطعمهم طعاماً فلا ينبغي أن يظهرهم عليه أو يصفه لهم
قال الثوري إذا أردت أن لا تطعم عيالك مما تأكله فلا تحدثهم به ولا يرونه معك
وقال بعض الصوفية إذا دخل عليكم الفقراء فقدموا إليهم طعاماً وإذا دخل الفقهاء فسلوهم عن مسألةٍ فإذا دخل القراء فدلوهم على المحراب
الباب الرابع في آداب الضيافة
ومظان الآداب فيها ستةٌ الدعوة أولاً ثم الإجابة ثم الحضور ثم تقديم الطعام ثم الأكل ثم الانصراف ولنقدم على شرحها إن شاء الله تعالى
فَضِيلَةُ الضِّيَافَةِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تكلفوا للضيف فتبغضوه فإنه من أبغض الضيف فقد أبغض الله ومن أبغض الله أبغضه الله (¬2)
وقال صلى الله عليه وسلم لا خير فيمن لا يضيف (¬3)
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل له إبل وبقر كثيرة فلم يضيفه ومر بامرأة لها شويهات فذبحت له
فقال صلى الله عليه وسلم انظروا إليهما إنما هذه الأخلاق بيد الله فمن شاء أن يمنحه خلقاً حسناً فعل (¬4)
وقال أبو رافع مولى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نزل به صلى الله عليه وسلم ضيف فقال
قل لفلان اليهودي نزل بي ضيف فأسلفني شيئاً من الدقيق إلى رجب فقال اليهودي والله ما أسلفه إلا برهن فأخبرته فقال والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني لأديته فاذهب بدرعي وارهنه عنده (¬5)
وكان إبراهيم الخليل صلوات الله عليه وسلامه إذا أراد ان يأكل خرج ميلاً أو ميلين يلتمس من يتغدى معه وكان يكنى أبا الضيفان ولصدق نيته فيه دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا فلا تنقضي ليلة إلا ويأكل عنده جماعة من بين ثلاثة إلى عشرة إلى مائة
وقال قوام الموضع إنه لن يخل إلى الآن ليلة عن ضيف وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما الإيمان فقال إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ (¬6)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ والصلاة بالليل والناس نيام (¬7)
¬_________
(¬1) حديث جابر من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من رواية محمد بن نعيم عن ابن الزبير عن جابر وقال أحمد بن حنبل هذا باطل كذب
(¬2) حديث لا تتكلفوا للضيف فتبغضوه فإنه من أبغض الضيف فقد أبغض الله ومن أبغض الله أبغضه الله أخرجه أبو بكر ابن لال في مكارم الأخلاق من حديث سلمان لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر عليه وفيه محمد بن الفرج الأزرق متكلم فيه
(¬3) حديث لا خير فيمن لا يضيف أخرجه أحمد من حديث عقبة بن عامر وفيه ابن لهيعة
(¬4) حديث مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل له إبل وبقر كثيرة فلم يضفه ومر بامرأة لها شويهات فذبحت لهالحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من رواية أبي المنهال مرسلا
(¬5) حديث أبي رافع أَنَّهُ نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ضيف فقال قل لفلان اليهودي نزل بي ضيف فأسلفني شيئاً من الدقيق إلى رجبالحديث رواه إسحاق بن راهويه في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن مردويه في النفير بإسناد ضعيف
(¬6) حديث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان قال إطعام الطعام وبذل السلام متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقري السلام على من عرفت ومن لم تعرف
(¬7) حديث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ إطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام أخرجه الترمذي وصححه والحاكم من حديث معاذ وقد تقدم بعضه في الباب الرابع من الأذكار وهو حديث اللهم إني أسألك فعل الخيرات
পৃষ্ঠা - ৩৭৩
وسئل عن الحج المبرور فقال إطعام الطعام وطيب الكلام (¬1)
وقال أنس رضي الله عنه كل بيت لا يدخله ضيف لا تدخله الملائكة
والأخبار الواردة في فضل الضيافة والإطعام لا تحصى فلنذكر آدابها
أَمَّا الدَّعْوَةُ فَيَنْبَغِي لِلدَّاعِي أَنْ يَعْمِدَ بِدَعْوَتِهِ الْأَتْقِيَاءَ دُونَ الْفُسَّاقِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أكل طعامك الأبرار (¬2)
في دعائه لبعض من دعا له وقال صلى الله عليه وسلم لَا تَأْكُلْ إِلَّا طَعَامَ تَقِيٍّ وَلَا يَأْكُلْ طعامك إلا تقي (¬3)
ويقصد الفقراء دون الأغنياء على الخصوص
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء دون الْفُقَرَاءُ (¬4)
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمِلَ أَقَارِبَهُ فِي ضِيَافَتِهِ فَإِنَّ إِهْمَالَهُمْ إِيحَاشٌ وَقَطْعُ رَحِمٍ وَكَذَلِكَ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ فِي أَصْدِقَائِهِ وَمَعَارِفِهِ فَإِنَّ فِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إِيحَاشًا لِقُلُوبِ الْبَاقِينَ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِدَعْوَتِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالتَّفَاخُرَ بَلِ اسْتِمَالَةَ قلوب الإخوان والتسنن بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إطعام الطعام وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَإِذَا حَضَرَ تَأَذَّى بِالْحَاضِرِينَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ إِلَّا مَنْ يحب إجابته قال سفيان من دعا أحدا إلى طعام وهو يكره الإجابة فعليه خطيئة فإن أجاب المدعو فعليه خطيئتان
لأنه حمله على الأكل مع كراهة ولو علم ذلك لما كان يأكله
وإطعام التقي إعانة على الطاعة وإطعام الفاسق تقوية على الفسق
قال رجل خياط لابن المبارك أنا أخيط ثياب السلاطين فهل تخاف أن أكون من أعوان الظلمة قال لا إنما أعوان الظلمة من يبيع منك الخيط والإبرة أما أنت فمن الظلمة نفسهم
وَأَمَّا الْإِجَابَةُ فَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ قِيلَ بوجوبها في بعض المواضع
قال صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت (¬5)
وللإجابة خَمْسَةُ آدَابٍ
الْأَوَّلُ أَنْ لَا يُمَيِّزَ الْغَنِيَّ بِالْإِجَابَةِ عَنِ الْفَقِيرِ فَذَلِكَ هُوَ التَّكَبُّرُ الْمَنْهِيُّ عنه ولأجل ذلك امتنع بعضهم عن أصل الإجابة وقال انْتِظَارُ الْمَرَقَةِ ذُلٌّ وَقَالَ آخَرُ إِذَا وُضِعَتْ يَدِي فِي قَصْعَةِ غَيْرِي فَقَدْ ذَلَّتْ لَهُ رقبتي ومن المتكبرين من يجيب الأغنياء دون الفقراء وهو خلاف السنة
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجيب دعوة العبد ودعوة المسكين (¬6)
ومر الحسن بن علي رضي الله عنهما بقوم من المساكين الذين يسألون الناس على الطريق وقد نشروا كسراً على الأرض في الرمل وهم يأكلون وهو على بغلته فسلم عليهم فقالوا له هلم إلى الغداء يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم إن الله لا يحب المستكبرين فنزل وقعد معهم على الأرض وأكل ثم سلم عليهم وركب وقال قد أجبتكم فأجيبوني قالوا نعم فوعدهم وقتاً معلوماً فحضروا فقدم إليهم فاخر الطعام وجلس يأكل معهم
وأما قول القائل إن من وضعت يدي في قصعته فقد ذلت له رقبتي فقد قال بعضهم هذا خلاف السنة وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ ذُلٌّ إِذَا كَانَ الدَّاعِي لا يفرح بالإجابة ولا يتقلد مِنَّةً وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ يَدًا لَهُ عَلَى الْمَدْعُوِّ
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُ لِعِلْمِهِ أَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ يَتَقَلَّدُ مِنَّةً وَيَرَى ذَلِكَ شَرَفًا وَذُخْرًا لِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ فَمَنْ ظن به أنه يستثقل الإطعام وإنما يَفْعَلُ ذَلِكَ مُبَاهَاةً أَوْ تَكَلُّفًا فَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ إِجَابَتُهُ (¬7)
بَلِ الْأَوْلَى التَّعَلُّلُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ
لَا تُجِبْ إِلَّا دَعْوَةَ مَنْ يرى أنك أكلت رزقك وأنه
¬_________
(¬1) حديث سئل عن الحج المبرور فقال إطعام الطعام وطيب الكلام تقدم في الحج
(¬2) حديث أكل طعامكم الأبرار أخرجه أبو داود من حديث أنس بإسناد صحيح
(¬3) حديث لَا تَأْكُلْ إِلَّا طَعَامَ تَقِيٍّ وَلَا يَأْكُلْ طعامك إلا تقي تقدم في الزكاة
(¬4) حديث شر الطعام طعام الوليمة الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة
(¬5) حديث لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة
(¬6) حديث كان يجيب دعوة العبد ودعوة المسكين أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث أنس دون ذكر المسكين ضعفه الترمذي وصححه الحاكم
(¬7) حديث ليس من السنة إجابة من يطعم مباهاة أو تكلفا أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتبارين قال أبو داود من رواه عن جرير لم يذكر فيه ابن عباس وللعقيلي في الضعفاء نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام المتباهيين والمتباريان المتعارضان بفعلهما للمباهاة والرياء قاله أبو موسى المديني
পৃষ্ঠা - ৩৭৪
سَلَّمَ إِلَيْكَ وَدِيعَةً كَانَتْ لَكَ عِنْدَهُ وَيَرَى لَكَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ فِي قَبُولِ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ منه
وقال سري السقطي رحمه الله آه على لقمة ليس على الله فيها تبعة ولا لمخلوق فيها مِنْهُ
فَإِذَا عَلِمَ الْمَدْعُوُّ أَنَّهُ لَا مِنَّةَ في ذلك فلا ينبغي أن يرد
وقال أبو تراب النخشي رحمة الله عليه عرض علي طعام فامتنعت فابتليت بالجوع أربعة عشر يوماً فعلمت أنه عقوبته
وقيل لمعروف الكرخي رضي الله عنه كل من دعاك تمر إليه فقال أنا ضيف أنزل حيث أنزلوني
الثاني أنه لا ينبغي أن يَمْتَنِعَ عَنِ الْإِجَابَةِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ لِفَقْرِ الدَّاعِي وَعَدَمِ جَاهِهِ بَلْ كُلُّ مَسَافَةٍ يُمْكِنُ احْتِمَالُهَا فِي الْعَادَةِ لَا يَنْبَغِي أن يمتنع لأجل ذلك
يقال في التوراة أو بعض الكتب سر ميلاً عد مريضاً سر ميلين شيع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة سر أربعة أميال زر أخاً في الله
ولإنما قدم إجابة الدعوة والزيارة لأن فيه قضاء حق الحي فهو أولى من الميت وقال صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى كراع بالغميم لأجبت (¬1)
وهو موضع على أميال من المدينة أفطر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان (¬2)
لما بلغه وقصر عنده في سفره (¬3)
الثَّالِثُ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ لِكَوْنِهِ صَائِمًا بَلْ يَحْضُرُ فَإِنْ كَانَ يَسُرُّ أَخَاهُ إِفْطَارُهُ فَلْيُفْطِرْ وَلْيَحْتَسِبْ فِي إِفْطَارِهِ بِنِيَّةِ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ أَخِيهِ مَا يَحْتَسِبُ فِي الصَّوْمِ وَأَفْضَلَ وذلك في صوم التطوع وإن لم يتحقق سرور قلبه فليصدقه بالظاهر وليفطر وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مُتَكَلِّفٌ فَلْيَتَعَلَّلْ
وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم لمن امتنع بعذر الصوم تكلف لك أخوك وتقول إني صائم (¬4)
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ أَفْضَلِ الْحَسَنَاتِ إِكْرَامُ الْجُلَسَاءِ بِالْإِفْطَارِ فَالْإِفْطَارُ عِبَادَةٌ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَحُسْنُ خُلُقٍ فَثَوَابُهُ فَوْقَ ثَوَابِ الصَّوْمِ
وَمَهْمَا لَمْ يُفْطِرْ فَضِيَافَتُهُ الطِّيبُ والمجمرة والحديث الطيب
وقد قيل الكحل والدهن أحد القراءين
الرابع أن يمتنع من الْإِجَابَةِ إِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ شُبْهَةٍ أَوْ الموضع أو البساط المفروش من غير حلال أو كان يقام في الموضع منكر من فرش ديباج أو إناء فضة أو تصوير حيوان على سقف أو حائط أو سماع شيء من المزامير والملاهي أو التشاغل بنوع من اللهو والعزف والهزل واللعب واستماع الغيبة والنميمة والزور والبهتان والكذب وشبه ذلك مما يمنع الإجابة واستحبابها ويوجب تحريمها أو كراهيتها وكذلك إذا كان الداعي ظالماً أو مبتدعاً أو فاسقاً أو شريراً أَوْ مُتَكَلِّفًا طَلَبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ
الْخَامِسُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْإِجَابَةِ قَضَاءَ شَهْوَةِ الْبَطْنِ فَيَكُونَ عَامِلًا فِي أَبْوَابِ الدُّنْيَا بَلْ يُحَسِّنُ نِيَّتَهُ ليصير بالإجابة عاملاً للآخرة وذلك بأن تكون نيته الِاقْتِدَاءَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في قوله لو دعيت إلى كراع لأجبت وينوي الحذر من معصية الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم من لم يجب الداعي فقد عصى الله ورسوله (¬5)
وينوي إكرام أخيه المؤمن اتباعاً لقوله صلى الله عليه وسلم من أكرم أخاه المؤمن فكأنما أكرم الله (¬6)
وينوي إدخال السرور على قلبه امتثالاً لقوله
¬_________
(¬1) حديث لو دعيت إلى كراع بالغميم لأجبت ذكر الغميم فيه ليعرف والمعروف لو دعيت إلى كراع كما تقدم قبله بثلاثة أحاديث ويرد هذه الزيادة ما رواه الترمذي من حديث أنس لو أهدي إلي كراع لقبلت
(¬2) حديث إفطاره صلى الله عليه وسلم في رمضان لما بلغ كراع الغميم رواه مسلم من حديث جابر في عام الفتح
(¬3) حديث قصره صلى الله عليه وسلم في سفره عند كراع الغميم لم أقف له على أصل وللطبراني في الصغير من حديث ابن عمر كان يقصر الصلاة بالعقيق يريد إذا بلغه وهذا يرد الأول لأن بين العقيق وبين المدينة ثلاثة أميال أو أكثر وكراع الغميم بين مكة وعسفان والله أعلم
(¬4) حديث وقال لمن امتنع بعذر الصوم تكلف لك أخوك وتقول إني صائم أخرجه البيهقي من حديث أبي سعيد الخدري صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما وأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم إني صائم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاكم أخوكم وتكلف لكمالحديث وللدارقطني نحوه من حديث جابر
(¬5) حديث من لم يجب الداعي فقد عصى الله ورسوله متفق عليه من حديث أبي هريرة
(¬6) حديث من أكرم أخاه المؤمن فإنما يكرم الله تعالى ذكره الأصفهاني في الترغيب والترهيب من حديث جابر والعقيلي في الضعفاء من حديث أبي بكر وإسنادهما ضعيف
পৃষ্ঠা - ৩৭৫
صلى الله عليه وسلم من سر مؤمناً فقد سر الله (¬1)
وينوي مع ذلك زيارته ليكون من المتاحبين في الله إذ شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه التزاور والتباذل لله (¬2)
وقد حصل البذل من أحد الجانبين فتحصل الزيارة من جانبه أيضاوينوي صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يُسَاءَ بِهِ الظَّنُّ فِي امْتِنَاعِهِ وَيُطْلَقَ اللِّسَانُ فِيهِ بِأَنْ يُحْمَلَ على تكبر أو سوء خلق أو اسحتقار أخ مسلم أو ما يجري مجراه
فهذه ست نيات تلحق إجابته بالقربات آحادها فكيف مجموعها وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفُ يَقُولُ أَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لِي فِي كُلِّ عَمَلٍ نِيَّةٌ حَتَّى في الطعام والشراب وفي مثل هذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وإنما لكل امريء مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه (¬3)
والنية إنما تؤثر في المباحات والطاعات أما المنهيات فلا
فإنه لو نوى أن يسر إخوانه بمساعدتهم على شرب الخمر أو حرام آخر لم تنفع النية ولم يجز أن يقال الأعمال بالنيات
بل لو قصد بالغزو الذي هو طاعة المباهاة وطلب المال انصرف عن جهة الطاعة
وكذلك المباح المردد بين وجوه الخيرات وغيرها يلتحق بوجوه الخيرات بالنية فتؤثر النية في هذين القسمين لا في القسم الثالث
وَأَمَّا الْحُضُورُ فَأَدَبُهُ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ وَلَا يَتَصَدَّرَ فَيَأْخُذَ أَحْسَنَ الْأَمَاكِنِ بَلْ يَتَوَاضَعَ وَلَا يُطَوِّلَ الِانْتِظَارَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُعَجِّلَ بِحَيْثُ يُفَاجِئُهُمْ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِعْدَادِ وَلَا يُضَيِّقَ الْمَكَانَ عَلَى الْحَاضِرِينَ بِالزَّحْمَةِ بَلْ إِنْ أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَكَانِ بِمَوْضِعٍ لَا يُخَالِفُهُ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَتَّبَ فِي نَفْسِهِ مَوْضِعَ كُلِّ وَاحِدٍ فمخالفته تشوش عليه وإن أشار إليه بعض الضيفان بالارتفاع إكراماً فليتواضع قال صلى الله عليه وسلم إن من التواضع لله الرضا بالدون من المجلس (¬4)
ولا ينبغي أن يجلس في مقابلة باب الحجرة التي لِلنِّسَاءِ وَسِتْرِهِمْ
وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الشَّرَهِ
وَيَخُصَّ بِالتَّحِيَّةِ وَالسُّؤَالِ مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ إِذَا جَلَسَ
وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفٌ لِلْمَبِيتِ فَلْيُعَرِّفْهُ صاحب المنزل عند الدخول القبلة وبيت الماء وموضع الوضوء كذلك فعل مالك بالشافعي رضي الله عنهما
وغسل مالك يده قبل الطعام قبل القوم وقال الغسل قبل الطعام لرب البيت أول لأنه يدعو الناس إلى كرمه فحكمه أن يتقدم بالغسل وفي آخر الطعام يتأخر بالغسل لينتظر أن يدخل من يأكل فيأكل معه
وإذا دخل فرأى منكراً غيره إن قدر وإلا أنكر بلسانه وانصرف
والمنكر فرش الديباج واستعمال أواني الفضة والذهب والتصوير على الحيطان وسماع الملاهي والمزامير وحضور النسوة المتكشفات الوجوه وغير ذلك من المحرمات حتى قال أحمد رحمه الله إذا رأى مكحلةً رأسها مفضض ينبغي أن يخرج ولم يأذن في الجلوس إلا في ضبة وقال إذا رأى كلةً فينبغي أن يخرج فإن ذلك تكلف لا فائدة فيه ولا تدفع حراً ولا برداً ولا تستر شيئاً وكذلك قال يخرج إذا رأى حيطان البيت مستورة بالديباج كما تستر الكعبة
وقال إذا اكترى بيتاً فيه صورة أو دخل الحمام ورأى صورة فينبغي أن يحكها فإن لم يقدر خرج
وكل ما ذكره صحيح وإنما النظر في الكلة وتزيين الحيطان بالديباج فإن ذلك لا ينتهي إلى التحريم إذ الحرير يحرم على الرجال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها (¬5)
وما على
¬_________
(¬1) حديث من سر مؤمناً فقد سر الله تقدم في الباب قبله
(¬2) حديث وجبت محبتي للمتزاورين في والمتباذلين في أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ولم يذكر المصنف هذاالحديث وإنما أشار إليه
(¬3) حديث الأعمال بالنيات متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب
(¬4) حديث إن من التواضع لله الرضا بالدون من المجلس أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث طلحة بن عبيد بسند جيد
(¬5) حديث هذان حرامان على ذكور أمتي أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث علي وفيه أبو أفلح الهمداني جهله ابن القطان والنسائي والترمذي وصححه من حديث أبي موسى بنحوه قلت الظاهر انقطاعه بين سعيد بن أبي هند وأبي موسى فأدخل أحمد بينهما رجلا لم يسم
পৃষ্ঠা - ৩৭৬
الحائط ليس منسوباً إلى الذكور ولو حرم هذا لحرم تزيين الكعبة بل الأولى إباحته لموجب قوله {قل من حرم زينة الله} لا سيما في وقت الزينة إذا لم يتخذ عادة للتفاخر
وإن تخيل أن الرجال ينتفعون بالنظر إليه ولا يحرم على الرجال الانتفاع بالنظر إلى الديباج مهما لبسه الجواري والنساء
والحيطان في معنى النساء إذ لسن موصوفات بالذكورة
وَأَمَّا إِحْضَارُ الطَّعَامِ فَلَهُ آدَابٌ خَمْسَةٌ
الْأَوَّلُ تعجيل الطعام فذلك من إكرام الضيف وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ (¬1)
وَمَهْمَا حَضَرَ الْأَكْثَرُونَ وَغَابَ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ وتأخروا عن الوقت الموعود فحق الحاضر فِي التَّعْجِيلِ أَوْلَى مِنْ حَقِّ أُولَئِكَ فِي التأخير إلا أن يكون المتأخر فقيراً أو ينكسر قلبه بذلك فلا بأس فِي التَّأْخِيرِ وَأَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} أَنَّهُمْ أُكْرِمُوا بِتَعْجِيلِ الطَّعَامِ إِلَيْهِمْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حنيذ} وَقَوْلُهُ {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} والروغان الذهاب بسرعة وقيل في خفية وقيل جاء بفخذ من لحم وإنما سمي عجلاً لأنه عجله ولم يلبث
قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْعَامِ الضَّيْفِ وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَزْوِيجِ الْبِكْرِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الذنب (¬2)
ويستحب التعجيل في الوليمة قيل الوليمة في أول يوم سنة وفي الثاني معروف وفي الثالث رياء
الثَّانِي تَرْتِيبُ الْأَطْعِمَةِ بِتَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ أَوَّلًا إِنْ كَانَتْ فَذَلِكَ أَوْفَقُ فِي الطِّبِّ فَإِنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ فِي أَسْفَلِ الْمَعِدَةِ
وَفِي الْقُرْآنِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ فِي قوله تعالى وفاكهة مما يتخيرون {ثم قال} ولحم طير مما يشتهون ثُمَّ أَفْضَلُ مَا يُقَدَّمُ بَعْدَ الْفَاكِهَةِ اللَّحْمُ والثريد فقد قال صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام فَإِنْ جَمَعَ إِلَيْهِ حَلَاوَةً بَعْدَهُ فَقَدْ جَمَعَ الطَّيِّبَاتِ
وَدَلَّ عَلَى حُصُولِ الْإِكْرَامِ بِاللَّحْمِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ أَحْضَرَ الْعِجْلَ الْحَنِيذَ أَيِ الْمَحْنُوذَ وَهُوَ الَّذِي أُجِيدَ نُضْجُهُ وهو أحد معنى الإكرام أعني تقديم اللحم
وقال تعالى في وصف الطيبات وأنزلنا عليكم المن والسلوى المن العسل والسلوى اللحم سمي سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام ولا يقوم غيره مقامه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم سيد الإدام اللحم ثم قال بعد ذكر المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم فاللحم والحلاوة من الطيبات
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ يُورِثُ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ
وَتَتِمُّ هَذِهِ الطَّيِّبَاتُ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَصَبِّ الْمَاءِ الْفَاتِرِ عَلَى الْيَدِ عِنْدَ الْغَسْلِ
قَالَ الْمَأْمُونُ شرب الماء بثلج يخلص الشكر
وقال بعض الأدباء إذا دعوت إخوانك فأطعمتهم حصرمية وبورانية وسقيتهم ماءً بارداً فقد أكملت الضيافة
وأنفق بعضهم دراهم في ضيافة فقال بعض الحكماء لم نكن نحتاج إلى هذا إذا كان خبزك جيداً وماؤك بارداً وخلك حامضاً فهو كفاية
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَلَاوَةُ بَعْدَ الطَّعَامِ خَيْرٌ مِنْ كَثْرَةِ الْأَلْوَانِ وَالتَّمَكُّنُ عَلَى الْمَائِدَةِ خَيْرٌ مِنْ زيادة لونين
¬_________
(¬1) حديث مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضيفه متفق عليه من حديث أبي سريج
(¬2) حديث حَاتِمٌ الْأَصَمُّ الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إطعام الطعام وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَزْوِيجِ الْبِكْرِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّوْبَةِ من الذنب أخرجه الترمذي من حديث سهل بن سعد الأناة من الله والعجلة من الشيطان وسنده ضعيف وأما الاستثناء فروى أبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة قال الأعمش لا أعلم إلا أنه رفعه وروى المزي في التهذيب في ترجمة محمد بن موسى بن نفيع عن مشيخة من قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأناة في كل شيء إلا في ثلاث إذا صيح في خيل الله وإذا نودي بالصلاة وإذا كانت الجنازة الحديث مرس والترمذي من حديث علي ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفؤا وسنده حسن
পৃষ্ঠা - ৩৭৭
ويقال أن الملائكة تحضر المائدة إذا كان عليها بقل فذلك أيضاً مستحب ولما فيه من التزين بالخضرة
وفي الخبر إن المائدة التي أنزلت على بني إسرائيل كان عليها من كل البقول إلا الكراث
وكان عليها سمكة عند رأسها خل وعند ذنبها ملح وسبعة أرغفة على كل رغيف زيتون وحب رمان فهذا إذا اجتمع حسن للموافقة
الثَّالِثُ أَنْ يُقَدِّمَ مِنَ الْأَلْوَانِ أَلْطَفَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَنْ يُرِيدُ وَلَا يُكْثِرَ الْأَكْلَ بَعْدَهُ وَعَادَةُ الْمُتْرَفِينَ تَقْدِيمُ الْغَلِيظِ لِيَسْتَأْنِفَ حَرَكَةَ الشَّهْوَةِ بِمُصَادَفَةِ اللَّطِيفِ بَعْدَهُ وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ فإنه حيلة في استكثار الأكل
وكان من سنة المتقدمين أن يقوموا جملة الألوان دفعة واحدة ويصففون القصاع من الطعام على المائدة ليأكل كل واحد مما يشتهي
وإن لم يكن عنده إلا لون واحد ذكره ليستوفوا منه ولا ينتظروا أطيب منه
ويحكى عن بعض أصحاب المروءات أنه كان يكتب نسخة بما يستحضر من الألوان ويعرض على الضيفان
وقال بعض الشيوخ قدم إلى بعض المشايخ لوناً بالشام فقلت عندنا بالعراق إنما يقدم هذا آخراً فقال وكذا عندنا بالشام ولم يكن له لون غيره فخجلت منه
وقال آخر كنا جماعة في ضيافة فقدم إلينا ألوان من الرءوس المشوية طبيخاً وقديداً فكنا لا نأكل ننتظر بعدها لونا أو حملا فجاءنا بالطست ولم يقدم غيرها فنظر بعضنا إلى بعض فقال بعض الشيوخ وكان مزاحاً إن الله تعالى يقدر أن يخلق رءوسا بلا أبدان قال وبتنا تلك الليلة جياعاً نطلب فتيتاً إلى السحور
فلهذا يستحب أن يقدم الجميع أَوْ يُخْبِرَ بِمَا عِنْدَهُ
الرَّابِعُ أَنْ لَا يُبَادِرَ إِلَى رَفْعِ الْأَلْوَانِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنَ الِاسْتِيفَاءِ حَتَّى يَرْفَعُوا الْأَيْدِيَ عَنْهَا فَلَعَلَّ مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ اللَّوْنِ أَشْهَى عِنْدَهُ مِمَّا اسْتَحْضَرُوهُ أَوْ بَقِيَتْ فِيهِ حَاجَةٌ إِلَى الأكل فيتنغض عليه بالمبادرة وهي من التمكن على المائدة التي يقال إنها خير من لونين فيحتمل أن يكون المراد به قطع الاستعجال ويحتمل أن يكون أراد به سعة المكان
حكى عن الستوري وكان صوفياً مزاحاً فحضر عند واحد من أبناء الدنيا على مائدة فقدم إليهم حمل وكان صاحب المائدة بخل فلما رأى القوم مزقوا الحمل كل ممزق ضاق صدره وقال يا غلام ارفع إلى الصبيان فرفع الحمل إلى داخل الدار فقام الستوري يعدو خلف الحمل فقيل له إلى أين فقال آكل مع الصبيان فاستحيا الرجل وأمر برد الحمل
ومن هذا الفن أن لا يرفع صاحب المائدة يده قبل القوم فإنهم يستحيون بل ينبغي أن يكون آخرهم أكلاً
كان بعض الكرام يخبر القوم بجميع الألوان ويتركهم يستوفون فإذا قاربوا الفراغ جثا على ركبتيه ومد يده إلى الطعام وأكل وقال
بسم الله ساعدوني بارك الله فيكم وعليكم وكان السلف يستحسنون ذلك منه
الْخَامِسُ أَنْ يُقَدِّمَ مِنَ الطَّعَامِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ فَإِنَّ التَّقْلِيلَ عَنِ الْكِفَايَةِ نَقْصٌ فِي الْمُرُوءَةِ والزيادة عليه تصنع ومراءاة لا سيما إذا كانت نفسه لا تسمح بأن يأكلوا الكل إلا أن يقدم الكثير وهو طيب النفس لو أخذوا الجميع ونوى أن يتبرك بفضلة طعامهم إذ في الحديث لا يحاسب عليه
أحضر إبراهيم بن أدهم رحمه الله طعاماً كثيراً على مائدته فقال له سفيان يا أبا إسحاق أما تخاف أن يكون هذا سرفاً فقال إبراهيم ليس في الطعام سرف
فإن لم تكن هذه النية فالتكثير تكلف
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نُهِينَا أَنْ نُجِيبَ دَعْوَةَ مَنْ يُبَاهِي بِطَعَامِهِ وَكَرِهَ جماعة من الصحابة أكل طعام المباهاة
ومن ذلك كان لا يرفع من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلة طعام قط لأنهم كانوا لا يقدمون إلا قدر الحاجة ولا يأكلون تمام الشبع
وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْزِلَ أَوَّلًا نَصِيبَ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى لَا تَكُونَ أَعْيُنُهُمْ طَامِحَةً إِلَى رُجُوعِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَعَلَّهُ لَا يَرْجِعُ فَتَضِيقُ صُدُورُهُمْ وتنطلق في الضيفان ألسنتهم ويكون قد أطعم الضيفان ما يتبعه كراهية قوم وذلك خيانة في حقهم
وما بقي من الأطعمة فليس للضيفان أخذه وهو الذي تسميه الصوفية الزلة إلا إذا صرح
পৃষ্ঠা - ৩৭৮
صاحب الطعام بالإذن فيه عن قلب راض أو علم ذلك بقرينة حاله وأنه يفرح به فإن كان يظن كراهيته
فلا ينبغي أن يؤخذ وإذا علم رضاه فينبغي مراعاة العدل والنصفة مع الرفقاء فلا ينبغي أن يأخذ الواحد إلا ما يخصه أو ما يرضى به رفيقه عن طوع لا عن حياء
فَأَمَّا الِانْصِرَافُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ آدَابٍ
الْأَوَّلُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ الضَّيْفِ إِلَى بَابِ الدَّارِ وَهُوَ سنة وذلك من إكرام الضيف وقد أمر بإكرامه قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إن من سنة الضيف أن يشيع إلى باب الدار قال أبو قتادة قدم وفد النجاشي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام يخدمهم بنفسه فقال له أصحابه نحن نكفيك يا رسول الله فقال كلا إنهم كانوا لأصحابي مكرمين وأنا أحب أن أكافئهم وَتَمَامُ الْإِكْرَامِ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ وَطَيِّبُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الدخول والخروج وعلى المائدة
قيل للأوزاعي رضي الله عنه ما كرامة الضيف قال طلاقة الوجه وطيب الحديث
وقال يزيد بن أبي زياد ما دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى إلا حدثنا حديثا حسنا وأطعمنا طعاما حسناً
الثَّانِي أَنْ يَنْصَرِفَ الضَّيْفُ طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِنْ جَرَى فِي حَقِّهِ تَقْصِيرٌ فَذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الخلق والتواضع قال صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ودعي بعض السلف برسول فلم يصادفه الرسول فلما سمع حضر وكانوا قد تفرقوا وفرغوا وخرجوا فخرج إليه صاحب المنزل وقال قد خرج القوم فقال هل بقي بقية قال لا قال فكسرة إن بقيت قال لم تبق قال فالقدر أمسحها قال قد غسلتها فانصرف يحمد الله تعالى فقيل له في ذلك فقال قد أحسن الرجل دعانا بنية وردنا بنية فهذا هو معنى التواضع وحسن الخلق
وحكى أن أستاذ أبى القاسم الجنيد دعاه صبي إلى دعوة أبيه أربع مرات فرده الأب في المرات الأربع وهو يرجع في كل مرة تطييبا لقلب الصبي بالحضور ولقلب الأب بالانصراف فهذه نفوس قد ذللت بالتواضع لله تعالى واطمأنت بالتوحيد وصارت تشاهد في كل رد وقبول عبرة فيما بينها وبين ربها فلا تنكسر بما يجري من العباد من الإذلال كما لا تستبشر بما يجري منهم من الإكرام بل يرون الكل من الواحد القهار
ولذلك قال بعضهم أنا لا أجيب الدعوة إلا لأني أتذكر بها طعام الجنة أي هو طعام طيب يحمل عنا كده ومؤنته وحسابه
الثالث أن لا يخرج إلا برضا صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَإِذْنِهِ وَيُرَاعِيَ قَلْبَهُ فِي قَدْرِ الْإِقَامَةِ وَإِذَا نَزَلَ ضَيْفًا فَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَرُبَّمَا يَتَبَرَّمُ بِهِ وَيَحْتَاجُ إِلَى إخراجه قال صلى الله عليه وسلم الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فصدفة (¬1)
نَعَمْ لَوْ أَلَحَّ رَبُّ الْبَيْتِ عَلَيْهِ عَنْ خُلُوصِ قَلْبٍ فَلَهُ الْمُقَامُ إِذْ ذَاكَ وَيُسْتَحَبُّ أن يكون عنده فراش للضيف النازل قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان (¬2)
فصل يجمع آدابا ومناهي طيبة وشرعية مُتَفَرِّقَةٌ
الْأَوَّلُ حُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قال الأكل في السوق دناءة (¬3)
وأسنده إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإسناده قريب
وقد نقل ضده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال كنا نأكل عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
¬_________
(¬1) حديث الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فصدفة متفق عليه من حديث أبي شريح الخزاعي
(¬2) حديث فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان أخرجه مسلم من حديث جابر
(¬3) حديث الأكل في السوق دناءة أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة وهو ضعيف ورواه ابن عدي في الكامل من حديثه وحديث أبي هريرة
পৃষ্ঠা - ৩৭৯
ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام (¬1)
ورؤي بعض المشايخ من المتصوفة المعروفين يأكل في السوق فقيل له في ذلك فقال ويحك أجوع في السوق وآكل في البيت فقيل تدخل المسجد قال أستحي أن أدخل بيته للأكل فيه
ووجه الجمع أن الأكل في السوق تواضع وترك تكلف من بعض الناس فهو حسن وخرق مروءة من بعضهم فهو مكروه وهو مختلف بِعَادَاتِ الْبِلَادِ وَأَحْوَالِ الْأَشْخَاصِ فَمَنْ لَا يَلِيقُ ذلك بسائر أعماله حمل ذلك على قلة المروءة وفرط الشره ويقدح ذلك في الشهادة ومن يليق ذلك بجميع أحواله وأعمالهفي ترك التكلف كان ذلك منه تواضعاً
الثاني قال علي رضي الله عنه من ابتدأ غذاءه بالملح أذهب الله عنه سبعين نوعاً من البلاء ومن أكل في يوم سبع تمرات عجوة قتلت كل دابة في بطنه ومن أكل كل يوم إحدى وعشرين زبيبة حمرا لم ير في جسده شيئاً يكرهه واللحم ينبت اللحم والثريد طعام العرب والبسقارجات تعظم البطن وترخي الأليتين ولحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها دواء والشحم يخرج مثله من الداء ولن تستشفي النفساء بشيء أفضل من الرطب والسمك يذيب الجسد وقراءة القرآن والسواك يذهبان البلغم ومن أراد البقاء ولا بقاء فليباكر بالغداء وليكرر العشاء وليلبس الحذاء ولن يتداوى الناس بشيء مثل السمن وليقل غشيان النساء وليخف الرداء وهو الدين
الثالث قال الحجاج لبعض الأطباء صف لي صفةً آخذ بها ولا أعدوها قال
لَا تَنْكِحْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا فَتَاةً وَلَا تَأْكُلْ مِنَ اللَّحْمِ إِلَّا فَتِيًّا وَلَا تَأْكُلِ الْمَطْبُوخَ حَتَّى يَتِمَّ نُضْجُهُ وَلَا تَشْرَبَنَّ دَوَاءً إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَلَا تَأْكُلْ مِنَ الْفَاكِهَةِ إِلَّا نَضِيجَهَا وَلَا تَأْكُلَنَّ طَعَامًا إِلَّا أَجَدْتَ مضغه وكل ما أحببت من الطعام ولا تشربن عليه فإذا شربت فلا تأكلن عليه شيئاً ولا تحبس الغائط والبول وَإِذَا أَكَلْتَ بِالنَّهَارِ فَنَمْ وَإِذَا أَكَلْتَ بِاللَّيْلِ فَامْشِ قَبْلَ أَنْ تَنَامَ وَلَوْ مِائَةَ خُطْوَةٍ
وفي معناه قول العرب تغد تمد تعش تمش يعني تمدد كما قال الله تعال ثم ذهب إلى أهله يتمطى أي يتمطط
ويقال إن حبس البول يفسد الجسد كما يفسد النهر ما حوله إذا سد مجراه
الرابع في الخبر قطع العروق مسقمة وترك العشاء مهرمة (¬2)
والعرب تقول ترك الغداء يذهب بشحم الكاذة يعني الآلية وقال بعض الحكماء لابنه يا بني لا تخرج من منزلك حتى تأخذ حلمك أي تتغذى إذ به يبقى الحلم ويزول الطيش وهو أيضاً أقل لشهوته لما يرى في السوق
وقال حكيم لسمين أرى عليك قطيفةً من نسج أضراسك فمم هي قال من أكل لباب البر وصغار المعز وأدهن بجام بنفسج وألبس الكتان
الخامس الحمية تضر بالصحيح كما يضر تركها بالمريض هكذا قيل
وقال بعضهم من احتمى فهو على يقين من المكروه وعلى شك من العوافي وهذا حسن في حال الصحة ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صهيباً يأكل تمراً وإحدى عينيه رمداء فقال
أتأكل التمر وأنت رمد فقال يا رسول الله إنما آكل بالشق الآخر (¬3)
يعني جانب السليمة فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
السادس أنه يستحب أن يحمل طعام إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم إِنَّ آلَ جَعْفَرٍ شُغِلُوا بِمَيِّتِهِمْ عَنْ صُنْعِ طَعَامِهِمْ فَاحْمِلُوا إِلَيْهِمْ مَا يَأْكُلُونَ (¬4)
فَذَلِكَ سُنَّةٌ
وَإِذَا قُدِّمَ ذَلِكَ إِلَى الْجَمْعِ حَلَّ الْأَكْلُ منه ما يهيأ للنوائح والمعينات عليه بالبكاء والجزع
¬_________
(¬1) حديث ابن عمر كنا نأكل عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام أخرجه الترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان
(¬2) حديث قطع العروق مسقمة وترك العشاء مهرمة أخرجه ابن عدي في الكامل من حديث عبد الله بن جراد بالشطر الأول والترمذي من حديث أنس بالشطر الثاني وكلاهما ضعيف وروى ابن ماجه الشطر الثاني من حديث جابر
(¬3) حديث رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صهيباً يأكل تمراً وإحدى عينيه رمدة فقال له أتأكل التمر وأنت رمد فقال إنما أمضغ بالشق الآخر فضحك صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن ماجه من حديث صهيب بإسناد جيد
(¬4) حديث لما جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم إن آل جعفر شغلوا بميتهم عن طعامهم فاحملوا إليهم ما يأكلون أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث عبد الله بن جعفر نحوه بسند حسن ولابن ماجه نحوه من حديث أسماء بنت عميس
পৃষ্ঠা - ৩৮০
فلا ينبغي أن يؤكل معهم
السابع لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَ طَعَامَ ظَالِمٍ فَإِنْ أكره فليقلل الأكل ولا يقصد الطعام الأطيب رد بعض المزكين شهادة من حضر طعام سلطان فقال كنت مكرهاً فقال رأيتك تقصد الأطيب وتكبر اللقمة وما كنت مكرهاً عليه وأجبر السلطان هذا المزكي على الأكل فقال إما أن آكل وأخلي التزكية أو أزكي ولا آكل فلم يجدوا بداً من تزكيته فتركوه
وحكي أن ذا النون المصري حبس ولم يأكل أياماً في السجن فكانت له أخت في الله فبعثت إليه طعاماً من مغزلها على يد السجان فامتنع فلم يأكل فعاتبته المرأة بعد ذلك فقال كان حلالا ولكن جاءني على طبق ظالم وأشار به إلى يد السجان وهذا غاية الورع
الثامن حكي عن فتح الموصلي رحمه الله أنه دخل على بشر الحافي زائراً فأخرج بشر درهماً فدفعه لأحمد الجلاء خادمه وقال اشتر به طعاماً جيداً وأدماً طيباً قال فاشتريت خبزاً نظيفاً وقلت لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لشيء اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه (¬1)
سوى اللبن فاشتريت اللبن واشتريت تمراً جيداً فقدمت إليه فأكل وأخذ الباقي
فقال بشر أتدرون لم قلت اشتر طعاما طيبا لأن الطعام الطيب يستخرج خالص الشكر أتدرون لم لم يقل لي كل لأنه ليس للضيف أن يقول لصاحب الدار كل أتدرون لم حمل ما بقي لأنه إذا صح التوكل لم يضر الحمل
وحكى أبو علي الروذباري رحمه الله تعالى أنه اتخذ ضيافة فأوقد فيها ألف سراج فقال له رجل قد أسرفت فقال له ادخل فكل ما أوقدته لغير الله فأطفئه فدخل الرجل فلم يقدر على إطفاء واحد منها فانقطع
واشترى أبو علي الروذباري أحمالاً من السكر وأمر الحلاويين حتى بنوا جداراً من السكر عليه شرف وَمحاريب على أعمدة منقوشة كلها من سكر ثم دعا الصوفية حتى هدموها وانتهبوها
التاسع قال الشافعي رضي الله عنه الأكل على أربعة أنحاء: الأكل بإصبع من المقت وبإصبعين من الكبر وبثلاث أصابع من السنة (¬2)
وبأربع وخمس من الشره وأربعة أشياء تقوي البدن: أكل اللحم وشم الطيب وكثرة الغسل من غير جماع ولبس الكتان
وأربعة توهن البدن: كثرة الجماع وكثرة الهم وكثرة شرب الماء على الريق وكثرة أكل الحموضة
وأربعة تقوي البصر: الجلوس تجاه القبلة والكحل عند النوم والنظر إلى الخضرة وتنظيف الملبس
وأربعة توهن البصر: النظر إلى القذر والنظر إلى المصلوب والنظر إلى فرج المرأة والقعود في استدبار القبلة
وأربعة تزيد في الجماع: أكل العصافير وأكل الإطريفل الأكبر وأكل الفستق وأكل الجرجير
والنوم على أربعة أنحاء
فنوم على القفا وهو نوم الأنبياء عليهم السلام يتفكرون في خلق السموات والأرض ونوم على اليمين وهو نوم العلماء والعباد ونوم على الشمال وهو نوم الملوك ليهضمهم طعامهم ونوم على الوجه وهو نوم الشياطين
وأربعة تزيد في العقل: ترك الفضول من الكلام والسواك ومجالسة الصالحين والعلماء
وأربعة هن من العبادة: لا يخطو خطوةً إلا على وضوء وكثرة السجود ولزوم المساجد وكثرة قراءة القرآن وقال أيضاً عجبت لمن يدخل الحمام على الريق ثم يؤخر الأكل بعد أن يخرج كيف لا يموت وعجبت لمن احتجم ثم يبادر الأكل كيف لا يموت وقال: لم أر شيئاانفع في الوباء من البنفسج يدهن به ويشرب
والله اعلم بالصواب
¬_________
(¬1) حديث اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه قاله عند شرب اللبن تقدم في آخر الباب الأول من آداب الأكل
(¬2) حديث الأكل بثلاث أصابع من السنة أخرجه مسلم من حديث كعب بن مالك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع وروى ابن الجوزي في العلل من حديث ابن عباس موقوفا كل بثلاث أصابع فإنه من السنة