القسم الأول الفقه
باب في آداب النكاح
পৃষ্ঠা - ৯০
باب في آداب النكاح
من آداب النكاح أن يكون فيه نية المتزوج امتثال أمر الله في قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} [النور: 32]، وقوله تعالى: {فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3].
وقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم ولو بالسقط)).
فيعتقد وجوب النكاح بهاتين الآيتين، والخبر عند عدم خوفه الزنا أو عند وجوده، ليخرج من الخلاف في الجملة، لأن النكاح عند أبي داود في رواية الإمام أحمد واجب على الإطلاق، فيكون له ثواب الممتثل لأمر الله عز وجل.
ويعتقد مع ذلك إحراز دينه وتكميله، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((من تزوج فقد أحرز نصف دينه))، وقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه)).
ويتخير الحسيبة الأجنبية البكر، وأن تكون من نساء يعرفن بكثرة الولادة، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما لما أخبره أنه تزوج بالثيب، فقال له: ((أفلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك)).
وإنما شرطنا كثرة الولادة، لما تقدم من قوله- صلى الله عليه وسلم-: ((تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم ولو بالسقط)).
وفي بعض الأحاديث قال- صلى الله عليه وسلم-: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم)).
وإنما شرطنا الأجنبية ولا تكون من أقاربه، لئلا يقع بينهم منافرة وعداوة فتؤدي إلى قطع الأرحام المأمور بإيصالها، ولهذا منع الشرع الجمع بين الأختين في عقد النكاح.
পৃষ্ঠা - ৯১
ولا ينبغي أن يتزوج سليطة اللسان ولا مختلعة ولا متواشمة، فإذا تزوج فليحسن خلقه معها، ولا يؤذيها ولا يكرهها على مهرها، فتختلع منه، ولا يشتم لها أبًا ولا أمًا، فإن فعل ذلك كان الله ورسوله بريئين منه، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان عندكم)) يعني إسراء.
وقد جاء في بعض الآثار: ((من تزوج امرأة بصداق، ولا يريد أن يؤديه إليها جاء يوم القيامة زانيًا)).
فإن آذته امرأة بلسانها وكان في ذلك إفساد دينه فليفتد هو نفسه منها، أو يلجأ إلى الله عز وجل، ويبتهل إليه بالدعاء، فإنه يكفي. وإن صبر على ذلك كان كالمجاهد في سبيل الله، وإن طابت هي له بشيء من مالها من غير إكراه فليأكله هيئًا مريئًا، كما قال الله عز وجل.
وينبغي أن يجتهد فينظر إلى وجهها ويديها من غير أن يخلو بها قبل العقد خوفًا إذا رآها بعد العقد لا تقع بقلبه فيكرهها، فيؤدي إلى طلاقها ومفارقتها من قريب. وفي ذلك وقوع في المكروه عند الله عز وجل لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق)).
والأصل في ذلك ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا قذف الله تعالى في قلب أحدكم خطبة امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها فإنه أحرى أن يؤدم بينهما)).
وما روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزويجها. ذكره أبو داود في سننه.
وينبغي أيضًا أن تكون من ذوات الدين والعقل، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين
পৃষ্ঠা - ৯২
تربت يداك)).
وإنما نص النبي- صلى الله عليه وسلم- على ذات الدين، لأنها تعين الزوج على معيشته وتقنع باليسير، والباقيات يوقعنه في الوزر والوبال، إلا أن يسلمه الله تعالى من ذلك.
وقد فسر أكثر المفسرين قوله عز وجل: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة: 187] المباشرة: بالجماع، والابتغاء: بابتغاء الولد، أي اطلبوا الولد بالمباشرة.
وكذلك ينبغي للمرأة أن تنوي بذلك تحصين فرجها والولد والثواب الجزيل عند الله بالصبر عند الزوج وعلى الحبل والولادة وتربية الولد، لما روى زياد بن ميمون عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: إن امرأة كان يقال لها الحولاء عطارة من أهل المدينة دخلت على عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين زوجي فلان أتزين له كل ليلة وأتطيب كأني عروس زفت إليه، فإذا آوى إلى فراشه دخلت عليه في لحافه، وألتمس بذلك رضا الله تعالى حول وجهه عني أراه قد أبغضني، فقالت: اجلسي حتى يدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت: فبينما أنا كذلك إذ دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذه الريح التي أجدها، أتتكم الحولاء؟ هل ابتعتم منها شيئًا؟ قالت عائشة رضي الله عنها: لا والله يا رسول الله، فقصت الحولاء قصتها، فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: اذهبي واسمعي وأطيعي له، قالت: أفعل يا رسول الله، فما لي من الأجر؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: ما من امرأة رفعت من بيت زوجها شيئًا ووضعته تريد به الإصلاح إلا كتب الله تعالى له حسنة ومحا عنها سيئة، ورفع لها درجة، وما من امرأة حملت من زوجها حين تحمل إلا كان لها من الأجر مثل القائم ليلة والصائم نهاره والغازي في سبيل الله، وما من امرأة يأتيها طلق إلا كان لها بكل طلقة عتق نسمة، وبكل رضعة عتق رقبة، فإذا فطمت ولدها ناداها منادٍ من السماء: أيتها المرأة قد كفيت العمل فيما مضى فاستأنفي العمل فيما بقى. قالت عائشة رضي الله عنها: قد أعطى النساء خيرًا كثيرًا، فما بالكم يا معشر الرجال فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ما من رجل أخذ بيد امرأته يراودها إلا كتب الله له حسنة، فإن عانقها فعشر حسنات، فإذا أتاها كان خيرًا من الدنيا وما فيها، فإذا قام ليغتسل، لم يمر الماء على شعرة من جسده إلا تكتب له بكل قطرة حسنة، وتمحى عنه سيئة وترفع له درجة، وما يعطى بغسله خير من الدنيا وما فيها، وأن الله عز وجل
পৃষ্ঠা - ৯৩
يباهي به الملائكة يقول: انظروا إلى عبدي قام في ليلة قرة يغتسل من الجنابة، يتيقن بأني ربه، اشهدوا بأني قد غفرت له».
وعن المبارك بن فضالة عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان عندكم- يعني مأسورات- لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنما أخذتموهن بأمانة الله تبارك وتعالى، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل)).
وعن عباد بن كثير عن عبد الله الجريري عن ميمونة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- قالت: «قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: خيار الرجال من أمتي خيارهم لنسائهم، وخير النساء من أمتي خيرهن لأزواجهن، يرفع لكل امرأة منهم كل يوم وليلة أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله صابرين محتسبين، وتفضل إحداهن على الحور العين كفضل محمد- صلى الله عليه وسلم- على أدنى رجل منكم، وخير النساء من أمتي من تأتي مسرة زوجها في كل شيء يهواه ما خلا معصية الله تعالى، وخير الرجال من أمتي من يلطف بأهله لطف الوالدة بولدها، يكتب لكل رجل منهم في كل يوم وليلة أجر مئة شهيد قتلوا في سبيل الله صابرين محتسبين، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله وكيف يكون للمرأة أجر ألف شهيد وللرجل مئة شهيد؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: أو ما عملت أن المرأة أعظم أجرًا من الرجل وأفضل ثوابًا فإن الله عز وجل ليرفع للرجل في الجنة درجات فوق درجاته برضا زوجته عنه في الدنيا ودعائها له، أو ما علمت أن أعظم وزر بعد الشرك بالله المرأة إذا عصت زوجها، ألا فاتقوا الله في الضعيفين، فإن الله سائلكم عنهما اليتيم والمرأة، فمن أحسن إليهما فقد بلغ إلى الله عز وجل رضوانه، ومن أساء إليهما فقد استوجب من الله سخطه، وحق الزوج كحقي عليكم، فمن ضيع حقي فقد ضيع حق الله، ومن ضيع حق الله فقد باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)).
وعن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((بينما نحن عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في نفر من أصحابه إذا أقبلت امرأة حتى قامت على رأسه ثم قالت: السلام عليك يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، ليست امرأة يبلغها
পৃষ্ঠা - ৯৪
مسيري إليك إلا أعجبها ذلك يا رسول الله، إن الله تعالى رب الرجال ورب النساء وآدم أبو الرجال وأبو النساء وحواء أم الرجال وأم النساء، فالرجال إذا خرجوا في سبيل الله فقتلوا فأحياء عند ربهم يرزقون، وإذا خرجوا فلهم من الأجر مثل ما علمت، ونحن نحسب عليهم، ونخدمهم فهل لنا من الأجر شيء؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: اقرئي عني النساء السلام وقولي لهن: إن طاعة الزوج والاعتراف بحقه يعدل ما هناك، وقليل منكن يفعله)).
وعن ثابت عن أنس رضي الله عنه، قال: حين بعثتني النساء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلن: ((يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل وبالجهاد في سبيل الله، فما لنا من عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله؟ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مهنة إحداهن في بيتها تدرك بها عمل المجاهدين في سبيل الله)).
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: ((سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هل على النساء جهاد؟ فقال- صلى الله عليه وسلم-: نعم جهادهن الغيرة، يجاهدن أنفسهن، فإن صبرن فهن مجاهدات، فإن رضين فهن مرابطات، ولهن أجران اثنان) (.
فينبغي للزوجين أن يعتقدا هذا الثواب المذكور في هذا الحديث وما قبله عند العقد والجماع جميعًا، وأداء الحق الواجب على كل واحد منهما للآخر بقوله عز وجل: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228] ليكونا مطيعين لله تعالى، ممتثلين أمره جل ثناؤه، وتعتقد المرأة أن ذلك خيرًا من العزوبة، لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليس شيء خيرًا لامرأة من زوج أو قبر)).
وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((مسكين مسكين مسكين رجل ليس له امرأة، قيل يا رسول الله: وإن كان غنيًا من المال؟ قال: وإن كان غنيًا من المال)).
وقال أيضًا: ((مسكينة مسكينة امرأة ليس لها زوج، قيل يا رسول الله وإن كانت غنية من المال؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: وإن كانت غنية من المال)).
পৃষ্ঠা - ৯৫
ويستحب أن يكون العقد يوم الجمعة أو الخميس والمساء أولى من التبكير، ويسن أن تكون الخطبة قبل التواجب، فإن أخرت جاز، وهو مخير بين أن يعقد بنفسه أو يوكل فيه غيره.
فإذا انعقد العقد يستحب للحاضرين أن يقولوا: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير وعافية.
ثم إن طلبت المرأة وأهلها الإمهال استحب له إجابتهم إلى ذلك قدر ما يعلم التهيؤ لأمورها فيه وقضاء حوائجها من شراء الجهاز والتزيين لها.
فإذا زفت إليه اتبع ما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وذلك أنه جاء رجل فقال: إني تزوجت بجارية بكر، وقد خشيت أن تكرهني أو تفركني فقال له: إن الألف من الله والفرك من الشيطان، وإذا دخلت إليك فمرها أن تصلي خلفك ركعتين، وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، اللهم ارزقني منهم، وارزقهم مني، اللهم اجمع بيننا إذا جمعت في خير، وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير ...)).
فإذا أراد الجماع فليقل: ((بسم الله العلي العظيم، اللهم اجعله ذرية طيبة إن قدرت أن تخرج من صلبي، اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتني)).
وإذا قضى حاجته فليقل: بسم الله الحمد لله الذي خلق من الماء بشرًا، فجعله نسبًا وصهرًا، وكان ربك قديرًا، يقول ذلك في نفسه، ولا يحرك به شفتيه.
والأصل في ذلك ما روى كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: ((بسم اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، ثم قدر أن يكون بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدًا)).
وإذا ظهرت أمارة حبل المرأة فليصف غذاءها من الحرام والشبهة، ليتخلق الولد على أساس لا يكون للشيطان عليه سبيل.
পৃষ্ঠা - ৯৬
والأولى أن يكون من حين الزفاف، ويدوم على ذلك، ليتخلص هو وأهله وولده من الشيطان في الدنيا ومن النار في العقب, قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} [التحريم: 6] ومع ذلك يخرج لولد صالحًا، بارًا بوالديه، طائعًا لربه عز وجل، كل ذلك ببركة تصفية الغذاء.
فإذا فرغ من الجماع تنحى عنها، وغسل ما به من الأذى وتوضأ إن أراد العود إليها، وإلا اغتسل.
ولا ينام جنبًا فإنه مكروه، وكذلك روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، إلا أن يشق ذلك عليه لبرد أو بعد حمام وماء أو خوف ونحو ذلك.
فينام إلى حين زوال ذلك، ولا يستقبل القبلة عند المجامعة، ويغطي رأسه ويستتر عن العيون، وإن كان عن صبي طفل؛ لأنه روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت ويحضره الشيطان، وإذا كان بينهما ولد كان الشيطان فيه شريكًا)).
وكذلك يروى عن السلف أنه إذا لم يسم عند الجماع التف الشيطان على إحليله يطأ كما يطأ.
ويستحب له الملاعبة لها قبل الجماع، والانتظار لها بعد قضاء حاجته، حتى تقضي حاجتها، فإن في ترك ذلك مضرة عليها، ربما أفضى إلى البغضاء والمفارقة.
وإن أراد العزل عنه فلا يفعل إلا بإذنها إن كانت حرة، وبإذن سيدها إن كانت أمة، وإن كانت أمته جاز بغير إذنها، لأن الحق له دونها. وقد جاء رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إن لي جارية هي خادمتنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، قال- صلى الله عليه وسلم-: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
ويجتنب وطأها في حال الحيض والنفاس، وكذلك بعد انقطاع الدم حتى تغتسل من الحيض قولًا واحدًا، وفي النفاس قبل الأربعين استحبابًا.
فإن لم تجد الماء وجب التيمم.
فإن خالف فوطئ في الحيض تصدق بدينار أو نصف دينار على إحدى الروايتين،
পৃষ্ঠা - ৯৭
والأخرى: يستغفر الله تعالى ويتوب إليه ألا يرجع إلى مثله، ولا يكفر.
ويجتنب وطأها في الموضع المكروه. قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((ملعون من أتى امرأة في دبرها)).
فإن لم تتق نفسه إلى الجماع لا يجوز له تركه، لأن لها حقًا في ذلك، وعليها مضرة في تركه، لأن شهوتها أعظم من شهوته، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((فضلت شهوة النساء على الرجال بتسعة وتسعين، إلا أن الله تعالى ألقى عليهن الحياء)).
وقيل: الشهوة عشرة أجزاء تسعة منها للنساء وواحدة للرجال.
والقدر الذي لا يجوز أن يؤخر الوطء عنه أربعة أشهر، إلا أن يكون له عذر، فإن جوز أربعة أشهر كان لها فراقه.
وإن سافر عنها مدة أكثر من ستة أشهر فطلبت منه القدوم فأبى أن يقدم مع القدرة كان للحاكم أن يفرق بينهما، إذا طلبت الزوجة ذلك، وهذا هو التوقيت الذي وقته عمر ابن الخطار رضي الله عنه للناس في مغازيهم، يسيرون شهرًا، ويقيمون أربعة أشهر، ويسيرون راجعين إلى أهلهم شهرًا.
وإذا رأى امرأة غيره فأعجبته جامع امرأته، ليسكن ما به من التوقان، لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله، فإن لم يكن له امرأة فإن الشيطان يقبل في صورة امرأة ويدبر في صورة امرأة)).
فمن لم تكن له امرأة يلتجئ إلى الله عز وجل ويسأله السلامة من معاصيه، ويستعيذ به من الشيطان الرجيم.
ولا يجوز له أن يحدث غيره بما جرى بينه وبين أهله من أمر الجماع، ولا المرأة أن تحدث بذلك النساء، لأن ذلك سخف ودناءة وقبيح في الشرع والعقل، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه في حديث فيه طول عن النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى أن قال: ثم أقبل على الرجال فقال: هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره، واستتر
পৃষ্ঠা - ৯৮
بستر الله؟ قالو: نعم، قال: ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا، قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النساء، فقال: هل منكن من تحدث؟ فسكتن، فجثت فتاة على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله، إنهم ليتحدثون وإنهن ليتحدثن، فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة، فقضى منها حاجته، والناس ينظرون إليه، ألا وإن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه، ألا أن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه.
(فصل) وإذا دعا امرأته للجماع فأبت عليه كانت عاصية لله تعالى، وعليها وزر، قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أيما امرأة منعت زوجها حاجته كان عليها قيراطان من الأصر، وأيما رجل منع امرأته حاجتها كان عليه من الأصر قيراط)). يعني الإثم.
وفي بعض الأحاديث قال- صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنورة)).
وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا دعا أحدكم امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)).
وعن قيس بن سعد رضي الله عنه قال: أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فقلت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحق أن يسجد له، قال: فأتيت النبي- صلى الله عليه وسلم- فقلت له: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله أحق أن يسجد لك، فقال- صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ قال: قلت: لا. قال- صلى الله عليه وسلم-: فلا تفعلوا ذلك، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله تعالى لهم عليهن من حق.
والمرزبان: هو ملك لهم.
পৃষ্ঠা - ৯৯
وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)).
فإن أصرت المرأة على النشوز وهو الامتناع عن الإجابة لهذا الشأن، أو تجيبه متكرهة متبرمة، فليبدأ الزوج بوعظها ويخوفها بالله عز وجل، فإن أقامت على ذلك هجرها في المضجع والكلام فيما دون ثلاثة أيام، فإن ارتدعت وإلا كان له ضربها بما لا يكون مبرحًا كالدرة أو مخراق؛ لأن المقصود ارتداعها وطاعتها له لا إهلاكها.
فإن لم ينصلح الحال بينهما بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين من أهلهما، ويوكلهما الزوجان، فينظران بينهما ما فيه من المصلحة من إصلاح أو فراق بمال وغيره، فما يفعلان يلزمهما حكمه.
(فصل) ويستحب وليمة العرس والسنة ألا ينقص فيها عن شاة، وبأي شيء أولم من الطعام جاز، وتجب إجابته إذا كان مسلمًا في اليوم الأول، ويستحب في اليوم الثاني، ويباح في اليوم الثالث، بل هي دناءة، والأصل في ذلك ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعبد الرحمن رضي الله عنه: أولم ولو بشاة.
وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((الوليمة في أول يوم حق، والثاني معروف، وبعد ذلك دناءة)).
وقال- صلى الله عليه وسلم-: في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب، فإن كان مفطرًا أكل، وإن كان صائمًا ترك وانصرف)).
وهل يكره النثار والتقاطه أم لا؟
على روايتين:
إحداهما: يكره لما فيه من السخف ودناءة النفس والنهبة والشره، فكانت الصيانة عن ذلك أولى، وتركه في باب الورع أحرى.
وعلى الرواية الثانية: لا يكره، لما روى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نحر بدنه وخلى بينها وبين
পৃষ্ঠা - ১০০
المساكين، وقال: من شاء اقتطع ولا فرق بين النثار وبين ذلك. وأولى من ذلك: القسمة بين الحاضرين فإنه أطيب وأحل وأدخل في باب الورع.
(فصل) فإذا كملت شرائط عقد النكاح وهو: حضور الولي العدل، والشهود العدول، والكفاءة، والخلو من المانع من الردة والعدة وغيرهما، استأذنها العاقد للنكاح إذا لم تكن مجبرة، وهو إذا كانت ثيبًا أو بكرًا لا أب لها، وعرفها الزوج مقدار الصداق وصفته، ثم يخطب، ويستغفر الله عز وجل، ويأمر بذلك الولي على وجه الاستحباب والأولى، ثم يستنطقه فيقول له: قد زوجتك بنتي أو أختي فلانة فيسميها على ما اتفقنا عليه من الصداق، ويقول الزواج: قد قبلت هذا النكاح.
ولا ينعقد النكاح إلا بالعربية لمن يحسنها، فإن لم يحسنها فبلسانه ولغته. وهل يلزمه تعلم العربية إذا لم يحسنها لعقد النكاح أم لا؟ على الوجهين.
ويستحب أن يخطب بخطبة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، لأنه قد روى أن الإمام أحمد بن حنبل كان إذا شهد إملاكًا ولم يسمع خطبة عبد الله بن مسعود ترك الإملاك وانصرف، وهو ما أخبرنا به الإمام هبة الله بن المبارك بن موسى السقطي ببغداد، عن القاضي أبي المظفر هناد بن إبراهيم بن محمد بن نصر النسفي، عن القاضي أبي عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي البصري، عن محمد بن إسحاق اللؤلؤي، عن أبي داود، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباي المفتي، قال: حدثنا وكيع عن إسرائيل، عن ابن إسحاق عن أبي الأخوص عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((علمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطبة النكاح:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا} [النساء: 1].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 103].
পৃষ্ঠা - ১০১
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].
ويستحب أن يضيف إليها قوله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور: 32]، {يرزق من يشاء بغير حساب} [النور: 38].
وإن قرأ غير هذه الخطبة جاز، مثل: أن يقول: الحمد لله المتفرد بآلائه، الجواد بإعطائه، الذي تجلى في سمائه المتوحد بكبريائه، لا يصفه الواصفون حق صفته، ولا ينعته الناعتون حق نعته، لأنه الله الأحد الصمد المعبود، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تبارك الله العزيز الغفار، بعث محمدًا- صلى الله عليه وسلم- بالحق نبيًا صفيًا بريًا من العاهات كلها، فبلغ ما أرسل به، سراجًا زاهرًا ونورًا ساطعًا وبرهانًا لامعًا- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله أجمعين.
ثم أن هذه الأمور كلها بيد الله يصرفها في طرائقها، ويمضيها في حقائقها، لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم، ولا يجتمع اثنان إلا بقضاء وقدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد: 39].
وكان من قضاء الله وقدره أن فلان ابن فلان يخطب كريمتكم فلانة بنت فلان، وقد أتاكم راغبًا فيكم، خاطبًا كريمتكم، وقد بذل لها من الصداق ما وقع عليه الاتفاق، فزوجوا خاطبكم، وأنكحوا راغبكم، قال الله تعالى:
{وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور: 32].
فإذا فرغ من الخطبة، عقد النكاح على ما قدمنا ذكره.
* * *