القسم الرابع في فضائل الأعمال
باب الأدعية التي يدعي بها عقيب الصلوات الفرض ودعاء الختمة وغير ذلك
পৃষ্ঠা - ৫৯২
باب الأدعية التي يدعي بها عقيب الصلوات الفرض ودعاء الختمة وغير ذلك
أما دعاء صلاة الغداة وصلاة العصر، فهو أن يقول: اللهم لك الحمد شكراً، ولك المن فضلاً، بنعمتك تتم الصالحات، نسألك اللهم فرجاً قريباً، فإنك لم تزل مجيباً، وصبراً جميلاً، وعافية من جميع البلايا، والسلامة من طريق الرزايا، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل اجتماعا اجتماعاً مرحوماً وتفرقنا تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً، ولا محروماً، ولا تردنا بالفاقة إلى غيرك، ولا تحرمنا سعة خيرك، وحقيقة التوكل عليك، وخالص الرغبة فيما لديك، واملأ قلوبنا منك الغنى، واكس وجوهنا منك الحياء، وارزقنا خير الآخرة والدنيا، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا رب.
اللهم ارزقنا خير الصباح وخير المساء، وخير القضاء وخير القدر، واصرف عنا شر الصباح وشر المساء، وشر القضاء وشر القدر ..
اللهم وما أنزلت في هذا اليوم من خير وعافية وسلامة وغنيمة وسعة رزق، فاجعل لنا فيه أوفر الحظ والنصيب، اللهم وما أنزلت من سوء وبلاء وشر وداء وفتنة، فاصرفه عنا وعن جميع المسلمين والمسلمات برحمتك يا أرحم الراحمين.
(دعاء آخر):
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، لا إله إلا هو أهل الكبرياء والعظمة، ومنتهى الجبروت والعزة، وولى الغيث والرحمة، مالك الدنيا والآخرة، عظيم الملكوت شديد الجبروت، لطيف لما يشاء فعال لما يريد، أول كل شيء، وخالق كل شيء ورازقه، سبحانه لا إله إلا هو، اللهم اجعل صباحنا صباحاً صالحاً، لا مخزياً ولا فاضحاً، اللهم اكفنا شر نوائب الزمان ومكروهه، ومصارع السوء ومصايد الشيطان، وموارد صولة السلطان، ووفقنا في يومنا هذا وفي سائر الأيام، لاستعمال الخيرات وهجران السيئات، اللهم أصلحنا وأصلح قلوبنا، وأصلح أخلاقنا وأصلح أفعالنا، وأصلح آباءنا وأبناءنا وأجدادنا وجداتنا ودنيانا وأخرانا، اللهم كما أمضيت الليلة بالسلامة والعافية فامض علينا النهار بالسلامة والعافية برحمتك يا أرحم الراحمين.
পৃষ্ঠা - ৫৯৩
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا أرحم الراحمين، آمين اللهم آمين يا الله يارب العالمين.
(دعاء آخر):
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبحانه وتعالى عما يشركون، اللهم اغفر لنا ذنوبنا ما أظهرنا وما أسررنا، وما أخفينا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، اللهم أعطنا رضاك في الدنيا والآخرة، واختم لنا بالسعادة والشهادة والمغفرة، اللهم اجعل آخر أعمارنا خيرًا، وخواتيم أعمارنا خيرًا، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن فجأة نقمتك، ومن تحويل عافيتك، اللهم إنا نعوذ بك من درك الشقاء، وجهد البلاد، وشماتة الأعداء، وتغير النعماء، وسوء القضاء، نعوذ بك من جميع المكاره والأسواء، ونسألك اللهم خير العطاء، اللهم إنا نسألك أن تكشف سقمنا، وتبرئ مرضانا، وترحم موتانا، وتصح أبداننا، ونخلص لك اللهم أدياننا، وأن تحفظ عبادتنا، وتشرح صدورنا، وتدبر أمورنا، وتجبر أولادنا، وتستر جرمنا، وترد غيابنا، وأن تثبتنا على ديننا، ونسألك خيرًا ورشدًا، اللهم ربنا إنا نسألك أن تؤتينا حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة، وأن تتوفنا مسلمين برحمتك، وقنا عذاب النار وعذاب القبر يا أرحم الراحمين يارب العالمين.
فالدعاء مأمور به، وهو عند الله بمكان، وقد بينا ذلك في أثناء الكتاب.
فلا ينبغي للإمام والمأموم أن يخرجا من المسجد من غير دعاء، قال الله تعالى: {فإذا فرغت فانصب* وإلى ربك فارغب} [الشرح: 7 - 8] أي إذا فرغت من العبادة فانصب للدعاء وارغب فيما عند الله واطلبه منه، وقد جاء في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا قام الإمام في محرابه وتواترت الصفوف، نزلت الرحمة، فأول ذلك تصيب الإمام، ثم من عن يمينه، ثم من عن يساره، ثم تتفرق الرحمة على الجماعة، ثم ينادي ملك ربح فلان وخسر فلان، فالرابح من يرفع يديه بالدعاء إلى الله تعالى إذا فرغ من صلاته المكتوبة، والخاسر هو الذي خرج من المسجد بلا دعاء، فإذا خرج بلا دعاء قالت الملائكة: يا فلان استغنيت عن الله تعالى ما لك عند الله حاجة.
পৃষ্ঠা - ৫৯৪
(فصل) فأما دعاء ختمة القرآن فهو:
صدق الله العظيم الذي خلق الخلق فأبدعه، وسن الدين وشرعه، ونور النور وشعشعه، وقدر الرزق ووسعه، وضر خلقه ونفعه، وأجرى الماء وأنبعه، وجعل السماء سقفًا محفوظًا مرفوعًا رفعه، والأرض بساطًا وضعه، وسير القمر فأطلعه، سبحانه ما أعلى مكانه وأرفعه، وأعز سلطانه وأردعه، لا راد لما صنعه، ولا مغير لما اخترعه، ولا مذل لمن رفعه، ولا معز لمن وضعه، ولا مفرق لما جمعه، ولا شريك له، ولا إله معه، صدق الله الذي دبر الدهور، وقدر المقدور، وصرف الأمور، وعلم هواجس الصدور، وتعاقب الديجور، وسهل المعسور، ويسر الميسور، وسخر البحر المسجور، وأنزل الفرقان والنور، والتوراة والإنجيل والزبور، وأقسم بالفرقان والطور، والكتاب المسطور في رق منشور، والبيت المعمور، والبعث والنشور، وجاعل الظلمات والنور، والولدان والجور، والجنان والقصور {إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور} [فاطر: 22] صدق الله العظيم، الذي عز فارتفع، وعلا فامتنع، وذل كل شيء لعظمته وخضع، وسمك السماء ورفع، وفرش الأرض وأوسع، وفجر الأنهار فأنبع، ومرج البحار وأنزع، وسخر النجوم فأطلع، وأرسل السحاب فارتفع، ونور النور فلمع، وأنزل الغيث فهمع، وكلم موسى -عليه السلام- فأسمع، وتجلى للجبل فتقطع، ووهب ونزع، وضر ونفع، وأعطى ومنع، وسن وشرع، وفرق وجمع، {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع} [الأنعام: 98].
صدق الله العظيم التواب الغفور، الوهاب، الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلك لجبروته الصعاب، ولانت له الشداد الصلاب، واستدلت بصنعته الألباب، ويسبّح بحمده الرعد والسحاب، والبرق والسراب، والشجر والدواب، رب الأرباب، ومسبب الأسباب، ومنزل الكتاب، وخالق خلقه من التراب، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب، صدق من لم يزل جليلاً دليلاً، صدق من حسبي به كفيلاً، صدق من اتخذته وكيلاً، صدق الهادي إليه سبيلاً، صدق الله ومن أصدق من الله قيلاً، صدق الله وصدق أنباؤه، وصدق الله وصدقت أنباؤه، صدق الله وجلت آلاؤه، صدق الله وصدقت أرضه وسماؤه، صدق الله الواحد القديم، الماجد الكريم، الشاهد العليم، الغفور الرحيم الشكور الحليم، {قل صدق الله فاتبعوا ملة
পৃষ্ঠা - ৫৯৫
إبراهيم} [آل عمران: 95].
صدق الله العظيم الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الحي الحليم، الحي الكريم، الحي الباقي، الحي الذي لا يموت أبدًا، ذو الجلال والجمال والإكرام، والأسماء العظام، والمنن الجسام، وبلغت الرسل الكرام بالحق صلى الله على سيدنا محمد وسلم وعليه السلام، ونحن على ما قال الله ربنا وسيدنا ومولانا من الشاهدين، وما أوجب وألزم غير جاحدين، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا وسندنا محمد خاتم النبيين، وعلى أبويه المكرمين سيدنا آدم والخليل إبراهيم، وعلى جميع إخوانه من النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وعلى أصحابه؟؟؟؟؟؟، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
صدق الله ذو الجلال والإكرام، والعظمة والسلطان، جار لا يرام، عزيز لا يصام، قيوم لا ينام، له الأفعال الكرام، والمواهب العظام، والأيادي الجسام، والأفضال والأنعام، والكمال والتمام، تسبّح له الملائكة الكرام، والبهائم والهوام، والرياح والغمام، والضياء والظلام، وهو الله الملك القدوس السلام، ونحن على ما قال الله ربنا جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وجلت آلاؤه، وشهدت أرضه وسماؤه، ونطقت به رسله وأنبياؤه شاهدون {لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم* إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 18 - 19] ونحن بما شهد الله ربنا والملائكة وأولوا العلم من خلقه من الشاهدين، شهادة شهد بها العزيز الحميد، ودان بها المؤمن الغفور الودود، وأخلص بالشهادة لذي العرش المجيد، يرفعها بالعمل الصالح الرشيد، يعطى قائلها الخلود في جنة ذات سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، يرافق فيها النبيين الشهود، والركع السجود، والباذلين في طاعته غاية المجهود.
اللهم اجعلنا بهذا التصديق صادقين، وبهذا الصدق شاهدين، وبهذه الشهادة مؤمنين، وبهذا الإيمان موحدين، وبهذا التوحيد مخلصين، وبهذا الإخلاص موقين، وبهذا الإيقان عارفين، وبهذه المعرفة معترفين، وبهذا الاعتراف منيبين، وبهذا؟؟؟؟؟؟ فائزين، وفيما لديك راغبين، ولما عندك طالبي،؟؟؟؟؟؟ بنا الملائكة الكرام الكاتبين،
পৃষ্ঠা - ৫৯৬
واحشرنا مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين، فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من النادمين، وفي الآخرة من الخاسرين، وأوجب لنا الخلود في جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد وأنت للحمد أهل، وأنت الحقيق بالمنة ثم الفضل، لك الحمد على تتابع إحسانك، ولك الحمد على تواتر إنعامك، ولك الحمد على ترادف امتنانك.
اللهم عطفت علينا قلوب الآباء والأمهات صغارًا، وضاعفت علينا نعمك كبارًا، وواليت إلينا برك مدرارًا، وجهلنا ما عاجلتنا مرارًا، فلك الحمد، اللهم فإنا نحمدك سرًا وجهارًا، ونشكرك محبة واختيارًا، فلك الحمد إذا ألهمتنا من الخطأ استغفارًا، ولك الحمد فارزقنا جنة واحجب عنا بعفوك نارًا، ولا تهلكنا يوم البعث فتجعلنا بين المعاشر عارًا، ولا تفضحنا بسوء أفعالنا يوم لقائك، فتكسنا ذلة وانكسارًا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد وأنت للحمد أهل، وأنت الحقيق بالمنة والفضل، اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام وعلمتنا الحكمة والقرآن، اللهم أنت علمتنا قبل رغبتنا في تعليمه، ومننت به علينا قبل علمنا بمعرفته، وخصصتنا به قبل معرفتنا بفضله، اللهم فإذا كان ذلك من فضلك لطفًا بنا وامتنانًا علينا من غير حيلتنا وقوتنا، فهب لنا اللهم رعاية حقه، وحفظ آياته، وعملاً بمحكمه، وإيمانًا بمتشابهه، وهدى في تدبره، وتفكرًا في أمثاله ومعجزته، وبصرة في نوره وحكمه، لا تعارضنا الشكوك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ في قصد طريقه.
اللهم انفعنا بالقرآن العظيم، وبارك لنا في الآيات والذكر الحكيم، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الوهاب الرحيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهب همومنا وغمومنا، وسائقنا وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياء، ولأبصارنا جلاء، ولأسقامنا دواء، ولذنوبنا ممحصًا، ومن النار مخلصًا، اللهم اكسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل، وأسبغ علينا به
পৃষ্ঠা - ৫৯৭
النعم، وادفع به عنا النقم، واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين، فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من الخاسرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلاً، ولا الصراط بنا زائلاً، ولا بنبينا وسيدنا وسندنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- في القيامة عنا معرضًا ولا موليًا، اجعله لنا شافعًا مشفعًا، وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه مشربًا رويًا هنيًا لا نظمأ بعده أبدًا، غير خزايا ولا ناكثين، ولا جاحدين ولا مغضوب علينا، ولا ضالين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انفعنا بالقرآن الذي رفعت مكانه وثبت أركانه، وأيدت سلطانه وبينت بركاته وجعلت اللغة العربية الفصيحة لسانه، وقلت يا عز من قائل سبحانه. {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه} [القيامة: 18 - 19]. أحسن كتبك نظامًا، وأوضحها كلامًا وأبينها حلالاً وحرامًا، محكم البيان، ظاهر البرهان محروس من الزيادة والنقصان، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت:42].
اللهم فأوجب لنا به الشرف والمزيد، وألحقنا بكل بر سعيد، واستعملنا في العمل الصالح الرشيد، إنك أنت القريب المجيب، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فكما جعلتنا به مصدقين، ولما فيه محققين، فاجعلنا بتلاوته منتفعين، وإلى لذيذ خطابه مستمعين، وبما فيه معتبرين، ولأحكامه جامعين، ولأوامره ونوهيه خاضعين، وعند ختمه من الفائزين، ولثوابه حائزين، ولك في جميع شهودنا ذاكرين، وإليك في جميع أمورنا راجعين، واغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعلنا من الذين حفظوا للقرآن حرمته لما حفظوه، وعظموا منزلته لما سمعوه، وتأدبوا بآدابه لما حضروه، والتزموا حكمه لما فارقوه، وأحسنوا جواره لما جاوروا، وأرادوا بتلاوته وجهك الكريم والدار الآخرة، فوصلوا به إلى المقامات الفاخرة، واجعلنا به ممن في درج الجنان يرتقي، وبنبيه -صلى الله عليه وسلم- يوم عرضه راض عنه يلتقي، فالمتشفع إليك بالقرآن غير شقى برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعلها ختمة مباركة على من قرأها وحضرها وسمعها وأمن على دعائها،
পৃষ্ঠা - ৫৯৮
وأنزل اللهم من بركاته على أهل الدور في دورهم، وعلى أهل القصور في قصورهم، وعلى أهل الثغور في ثغورهم، وعلى أهل الحرمين في حرميهم من المؤمنين، اللهم وأهل القبول من أهل ملتنا أنزل عليهم في قبورهم الضياء والفسحة، وجازهم بالإحسان إحسانًا، وبالسيئات غفرانًا، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا سائق القوت، ويا سامع الصوت، ويا كاسي العظام بعد الموت، صل على محمد وعلى آل محمد، ولا تدع لنا في هذه الليلة الشريفة المباركة ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا كربًا إلا نفسته، ولا غمًا إلا كشفته، ولا سوءًا إلا صرفته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا مبتليًا إلا عافيته، ولا ذا إساءة إلا أقلته، ولا حقًا إلا استخرجته، ولا غائبًا إلا رددته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا ولدًا إلا جبرته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضًا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها بيسر منك وعافية مع المغفرة برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم عافنا واعف عنا بعفوك العظيم، وسترك الجميل، وإحسانك القديم، يا دائم المعروف، يا كثير الخير، وصل على سيدنا وسندنا محمد وعلى إخوانه الأنبياء وعلى آله والملائكة وسلم تسليمًا، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، ووفقنا لعمل صالح يرضيك عنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلِّ على محمد كما هديتنا به من الضلالة، اللهم صلِّ على محمد كما استنقذتنا به من الجهالة، اللهم صلِّ على محمد كما بلَّغ الرسالة، اللهم صلِّ على محمد شمس البلاد وقمر المهاد وزين الورّاد وشفيع المذنبين يوم التناد، اللهم صلِّ على محمد وذريته وجميع صحابته، الذين قاموا بنصرته وجروا على سنته برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلِّ على محمد الذي بالحق بعثته، وبالصدق نعته، وبالحلم وسمته، وبأحمد سميته، وفي القيامة في أمته شفَّعته، اللهم صلِّ على محمد ما أزهرت النجوم، وصلِّ على محمد ما تلاحمت الغيوم، وصلِّ على محمد يا حيى يا قيوم.
اللهم صلِّ على محمد ما ذكره الأبرار، وصلِّ على محمد ما اختلف الليل والنهار، وصلِّ على محمد وعلى المهاجرين والأنصار برحمتك يا أرحم الراحمين.
পৃষ্ঠা - ৫৯৯
(الوصية)
اعلموا رحمكم الله أن ليلتكم هذه ليلة الوداع لشهركم الذي شرفه الله وعظمه، ورفع قدره وكرمه، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، ونزول الرحمة فيه عليكم من الله والرضوان، جعله الله مصباح العام وواسطة النظام، وأشرف قواعد الإسلام المشرقة بأنوار الصيام والقيام، أنزل الله تعالى فيه كتابه وفتح فيه للتأبين أبوابه، فلا دعاء فيه إلا مسموع، ولا خير إلا مجموع، ولا ضر إلا مدفوع، ولا عمل إلا مرفوع، الظافر الميمون من اغتنم أوقاته، والخاسر المغبون من أهمله ففاته، شهر جعله الله لذنوبكم تطهيرًا، ولسيئاتكم تكفيرًا، ولمن أحسن منكم صحبته ذخيرة ونورًا، ولمن وفَّى بشرطه ورعى حرمته فرحًا وسرورًا، شهر تورع فيه أهل الفسق والفساد، وزاد فيه من الرغبة إلى الله أهل الجد والاجتهاد، شهر عمارات القلوب وكفارات الذنوب واختصاص المساجد بالازدحام والتحاشد، وهبوط الأملاك بصكاك العتق والفكاك، شهر فيه المساجد تعمر، والمصابيح تزهر والآيات تذكر، والقلوب تجبر والذنوب تغفر، شهر فيه تشرق المساجد بالأنوار، وتكثر الملائكة لصوامه من الاستغفار، ويعتق فيه الجبار في كل ليلة عند الإفطار ستمائة ألف عتيق من النار، وتنزل فيه البركات، وتعظم فيه الصدقات، وتكفر فيه السيئات، وتقال فيه العثرات، وتدفع فيه النكبات، وترفع فيه الدرجات، وترحم فيه العبرات، وتنادى فيه الحوار الحسان من الجنات: هنيئًا لكم يا معشر الصائمين والصائمات، والقائمين والقائمات، بما أعد الله لكم من الخيرات، لقد غمرتكم البركات، واستبشر بكم أهل الأرض والسموات، فرحم الله امرأ مهد فيه لنفسه قبل حلول رمسه، واشتغل بيومه عن غداه وأمسسه، وتزود من تقيه زاده، ففي نفاده نفاد عمره، وأظهر لفراق شهره جزعه، وسلم على شهره وودعه، وقال: السلام عليك يا شهر رمضان، السلام عليك يا شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، السلام عليك يا شهر التجاوز والغفران، السلام عليك يا شهر البركة والإحسان، السلام عليك يا شهر التحف والرضوان، السلام عليك يا شهر النسك والتعبد، السلام عليك يا شهر الصيام والتهجد، السلام عليك يا شهر التراويح، السلام على يا شهر الأنوار والمصابيح، السلام عليك يا أنس العارفين، السلام عليك يا فخر الواصفين، السلام عليك يا نور
পৃষ্ঠা - ৬০০
الواقعين، السلام عليك يا روضة العابدين، فيا شهرنا غير مودع ودعناك، وغير مقلي فأرقناك، كان نهارك صدقة وصيامًا، وليلك قراءة وقيامًا، فعليك منا تحية وسلامًا.
أنراك تعود بعدها علينا أو تدركنا المنون فلا تؤول إلينا، مصابيحنا فيك مشهورة، ومساجدنا فيك معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح، ونرجع إلى العادة، ونفارق شهر العبادة.
فيا ليت شعرى من المقبول منا فنهنيه بحسن عمله، أم ليت شعرى، من المطرود منا فنعزيه بسوء عمله، فيا أيها المقبول هنيئًا لك بثواب الله عز وجل ورضوانه ورحمته وغفرانه وقبوله وإحسانه وعفوه وامتنانه وخلوده في دار أمانه، ويا أيها المطرود بإصراره وطغيانه وظلمه وعدوانه وخسرانه وتماديه وعصيانه، لقد عظمت مصيبتك بغضب الله وهوانه، فأين مقلتك الباكية، وأين دمعتك الجارية، وأين زفرتك الرائحة الغادية، لأي يوم أخرت توبتك، ولأي عام ادخرت عدتك، إلى عام قابل وحول حائل، كلا فما إليك مدة الأعمار، ولا معرفة المقدار، فكم من مؤمل أمل بلوغه فلم يبلغه، وكم من مدرك له ولم يختمه، وكم من أعد طيبًا لعيده جعل في تلحيده، وثيابًا لتزيينه صارت لتكفينه، ومتأهبًا لفطره صار مرتهنًا في قبره، وكم من لا يصور بعده ساء وهو يطمع في غيره أن يراه، فاحمدوا الله عباد الله على بلوغ اختتامه، وسلوه قبول صيامه وقيامه، وراقبوه بأداء حقوقه، واعتصموا بحبل الله وتوفيقه، واعلموا رحمكم الله أنكم فارقتم شهرًا عظيمًا مفضلاً كريمًا، أين الصوام القوام الموافقون لكم في سالف الأعوام، وأين من كان معكم ليالي شهر رمضان شاهدين، وفي كل حق الله معاملين من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والجيرة والقرابات، أتاهم والله هادم اللذات وقاطع الشهوات ومفرق الجماعات، فأخلى منهم المشاهد، وعطل منهم المساجد، تراهم في بطون الألحاد صرعى، لا يجدون لما هم فيه دفعًا، ولا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، ينتظرون يومًا الأمم فيه إلى ربها تدعى، والخلائق تحشر إلى الموقف وتسعى، والفرائض ترعد من هول ذلك اليوم جمعًا، والقلوب تتصدع من الحساب صدعًا {ونفخ في الصور فجمعناهم جمعًا} [الكهف: 99].
عباد الله من كان منع نفسه من الحرام في شهر رمضان فليمنعها فيما بعده من الشهور والأعوام، فإن إله لشهرين واحد، وهو على الزمانين مطلع شاهد، جزانا الله وإياكم
পৃষ্ঠা - ৬০১
على فراق شهر البركة، وأجزل أقسامنا وأقسامكم من رحمته المشتركة، وبارك لنا ولكم في بقيته، وسلك بنا ربكم طريق هدايته برحمته وفضله ومنته.
اللهم وما قسمت في هذه الليلة من عتق وغفران، ورحمة ورضوان، وعفو وامتنان، وكرم وإحسان، ونجاة من النيران، وخلود في نعيم الجنان، فاجعل لنا منه أوفر الحظ وأجزل الأقسام برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فكما بلغتنا شهر الصيام، فاجعل عامة علينا من أترك الأعوام، وأيامه من أسعد الأيام، وتقبل منا ما قدمناه فيه من الصيام والقيام، واغفر لنا ما افترقنا فيه من الآثام، وخلصنا من مظالم الأنام يوم لا يرجى فيه سواك يا علام يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا قد تولينا صيام شهرنا وقيامه على تقصير، وأدينا فيه من حقك قليلاً من كثير، وقد أنخنا ببابك سائلين، ولمعروفك طالبين، فلا تردنا خائنين، ولا من رحمتك آيسين، فنحن الفقراء إليك، الأسرى بين يديك، إليك توجهنا، ولمعروفك تعرضنا، ولبابك قرعنا، ومن فضلك سألنا، فارحم خضوعنا، واقبل خشوعنا، واجبر قلوبنا، واستر عيوبنا، واغفر ذنوبنا، وأقر برؤيتك في القيامة عيوننا، ولا تصرف وجهك الكريم عنا، واجعل عملنا مقبولاً، وسعينا مشكورًا، وحظنا في هذه الليلة موفورًا.
اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثله فبارك لنا فيه، وإن قضيت بقطع آجالنا وما يحول بيننا وبينه فأحسن الخلافة على باقينا، وأوسع الرحمة على ماضينا، وعمنا جميعًا برحمتك وغفرانك، واجعل الموعد بحبوحة جنتك ورضوانك، مع الذين أنعمت عليهم {من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا} [النساء: 69] برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وأهل القبور رهائن ذنوب لا يطلقون، وأسارى وحشة لا يفكون، وغرباء سفر لا ينتظرون، محت دراسات الثرى محاسن وجوههم، وجاورتهم الهوام في ملاحد قبورهم، فهم جمود لا يتكلمون، وجيران قرب لا يتزاورون، وسكان لحد إلى الحشر لا يظعنون، وفيهم محسنون ومسيؤون، ومقصرون ومجتهدون.
اللهم فمن كان منهم مسرورًا فزده كرامة وحبورًا، ومن كان منهم ملهوفًا فبدل حزنه فرحًا وسرورًا، اللهم وتعطف على كافة أموات المسلمين الراحلين، والمقيمين المتسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
পৃষ্ঠা - ৬০২
اللهم اجعل قبورهم مفايض صلواتك ومقار هباتك وطرق إحسانك ومجارى عفوك وغفرانك، حتى يكونوا إلى بطون الألحاد مطمئنين، وبجودك وكرمك واثقين، وإلى أعلى درجاتك سابقين، واخصص بذلك الآباء والبنين والإخوة والأقربين، قبل أن يشتمل الهدم على البناء، والكدر على الصفاء، وينقطع من الحياة حبل الرجاء، وتصير المنازل تحت أطباق الثرى، وقبل أن يصير الريح ويلاً، والقطر سيلاً، والصبح ليلاً، ويسحب الموت على أهل السموات والأرض ذيلاً، وقبل أن يقول الشيخ الكبير: وا شيبتاه، ويقول الكهل الخطير: واخجلتاه، ويقول المذنب المسيء: وا خيبتاه، ويقول الحدث النضير: وا حسرتاه، واخجلوا منه وأشفقوا وغشيتهم من الندامة، وختم على أفواههم فلم ينطقوا، ووقفوا على عمل نكس الرؤوس فأطرقوا، وعاينوا من الأهوال ما ودوا معه أنهم لم يخلقوا.
اللهم يا سائق القوت، ويا سامع الصوت، ويا كاسي العظام بعد الموت، صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ولا تدع لنا في هذه الليلة المباركة الشريفة ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا كربًا إلا كشفته، ولا مبتليًا إلا عافيته ولا ذا إساءة إلا نقلته، ولا حقًا إلا استخلصته، ولا غائبًا إلا رددته، ولا عاصيًا إلا قطعته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضًا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها بتيسير وعافية، مع المغفرة برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وذرياتنا وقراباتنا وأصدقائنا ومعلمينا، ومن قرأنا عليه وقرأ علينا، وتعلمنا منه وتعلم منا، ومن سألنا الدعاء وسألناه الدعاء ومن أحبنا فيك، ومن تولانا فيك ومن توليناه فيك، ومن كان منهم حيًا ومن كان منهم ميتًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا عالم الخفيات، ويا دافع البليات، ويا مجيب الدعوات، ويا كاشف الكربات، صلِّ على محمد أفضل البريات، وانفعنا بما صرفت في كتابك من الآيات، وكفِّر عنا بتلاوته السيئات، وارفع لنا بصيام شهر رمضان وقيامه عندك الدرجات، برحمتك يا عالم الخفيات، صلِّ على محمد وعلى آل محمد، واغفر بالقرآن خطايانا، واجز لبه عطايانا، واشف به مرضانا، وارحم به موتانا، وأصلح به أمور ديننا ودنيانا، واحطط به عنا ثقل الأوزار، وهب لنا حسن شمائل الأبرار، واغفر لنا الزلل والعثار،
পৃষ্ঠা - ৬০৩
وطهر لنا القلوب والأسرار، وطيب لنا به الأذكار، وصفِّ لنا به الأفكار، وأرخص لنا الأسعار، واصرف عنا شر الأشرار وكبد الفجار، وأحينا على حب الصحابة الأخيار، واجمع بيننا وبينهم في دار القرار، واجعلنا من عتقائك من النار، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، الحمد لله على سوابغ نعمائه وصلواته على محمد خاتم أنبيائه، وعلى آله وعلى أصحابه وأزواجه وسلم تسليمًا كثيرًا.
* * *