গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

مجلس في فضائل يوم عرفة

পৃষ্ঠা - ৩৯০
مجلس في فضائل يوم عرفة قال الله -عز وجل -: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} [المائدة: 3]. هذه الآية نزلت بعرفات دون سائر آيات هذه السورة، لأنها نزلت بالمدينة وهي سورة المائدة. وقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} يعني شرائع دينكم من الحلال والحرام {وأتممت عليكم نعمتي} أي متى عليكم: أي لا يجتمع معكم بعرفات كافر ولا مشرك {ورضيت لكم الإسلام دينًا} يعنى اخترت لكم دين الإسلام. نزلت هذه الآية يوم عرفة بعرفات في حجة الوداع، ثم مكث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -بعد نزولها إحدى وثمانين يومًا، ثم قبضه الله تعالى إلى رحمته ورضوانه، مروى ذلك عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -، عنه وغيره من المفسرين. وقال محمد بن كعب القرظى -رحمه الله -: نزلت هذه الآية يوم فتح مكة. وقال جعفر الصادق -رحمه الله - {اليوم} إشارة إلى بعث النبي -صلى الله عليه وسلم -، ويوم رسالته. وقيل: اليوم إشارة إلى يوم الأزل، والإتمام: إشارة إلى الوقت، والرضا: إشارة إلى الأبد. وقيل: كما الدين في شيئين: في معرفة الله تعالى، وإتباع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. وقيل: كما الدين في الأمن والفراغ، لأنك إذا كنت آمنًا بما تكفل الله تعالى لك صرت فارغًا لعبادته. وقيل: إن كمال الدين في التبرى من الحول والقوة، والرجوع من الكل إلى من له الكل. وقيل: إن كمال الدين حيث رد الحج إلى يوم عرفة، لأنهم كانوا يحجون كل سنة، في كل شهر، فلما رد الله وقت الحج إلى الميقات وجعله فريضة، أنزل {اليوم أكملت لكم دينكم}.
পৃষ্ঠা - ৩৯১
والدين على وجوه عدة في القرآن: - منها بمعنى الدنيا، وهو قوله -عز وجل -: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} [يوسف: 76] يعني في دنياه وعادته وسيرته. - ومنها الحساب، قوله -عز وجل -: {ذلك الدين القيم} [التوبة: 36، ويوسف: 4، والروم: 30] يعني الحساب المستقيم. - ومنها الجزاء، قوله -عز وجل -: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} [النور: 25] أي الجزاء الأعدل. - ومنها بمعنى الحكم، قوله -عز وجل -: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} [النور: 2] يعني في حكم الله. - ومنها بمعنى العيد، قوله تعالى: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا} [الأنعام: 7] يعنى عيدهم. - ومنها الصلاة والزكاة، وقوله تعالى: {وذلك دين القيمة} [البينة: 5]. - ومنها القيامة: قوله تعالى: {مالك يوم الدين} [الفاتحة: 4]. - ومنها الشريعة: قوله -عز وجل -: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] يعني شرائع دينكم. (فصل) قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] وذلك أن الله تعالى أنزل الكتب جملة واحدة لكم وأنزل الفرقان متفرقًا. فقيل: أيهما أحسن نزولاً؟ قيل: القرآن أحسن لأن الله تعالى لما أنزل التوراة جملة واحدة فقبلها بنو إسرائيل، فعملوا بها قليلاً، فثقلت عليهم تلك الأوامر والنواهي التي في التوراة فـ {قالوا سمعنا وعصينا} البقرة: 93]. وأما القرآن فأنزله الله شيئًا بعد شيء على التدريج متفرقًا، فأول ما أمر الله المؤمنين بقوله: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وضمن لهم إذا قالوها الجنة، فسمعوا وأطاعوا، ثم أمرهم بإقامة صلاتين ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين بعد غروبها، ثم أمرهم بالصلوات الخمس، ثم أمرهم بالجمعة مع الجماعة بعد الهجرة، ثم أمرهم بالزكاة، ثم أمرهم بصوم عاشوراء، ثم أمرهم بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ثم أمرهم بصوم شهر
পৃষ্ঠা - ৩৯২
رمضان، ثم أمرهم بالجهاد، ثم أمرهم بالحج، ثم لما تمت الأوامر والنواهي أنزل الله على رسوله في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} وكان ذلك يوم الجمعة، ويوم عرفة، كذلك نقل عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -. قال طارق بن شهاب -رحمه الله -: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له: آية تقرؤنها لو كانت نزلت علينا وعلمنا ذلك اليوم لاتخذناه عيدًا، فقال له عمر -رضي الله عنه -: أي آية؟ فقال: {اليوم أكملت لكم دينكم}، فقال عمر -رضي الله عنه -. قد علمت في أي يوم نزلت وفي أي مكان نزلت، إنها نزلت يوم عرفة ويوم الجمعة، ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وقوف بعرفات، وكلاهما بحمد الله تعالى لنا عيد، ولا يزال هذا اليوم عيدًا للمسلمين ما بقى واحد. وقال رجل من اليهود لابن عباس -رضي الله عنهما -: لو كان هذا اليوم فينا لاتخذناه عيدًا، قال له ابن عباس -رضي الله عنهما -: وأي عيد أكمل من يوم عرفة. (فصل) واختلف العلماء في المعنى الذي لأجله قيل للموقف عرفات، وليوم الوقوف بها عرفة. فقال الضحاك: إن آدم -عليه السلام -لما أهبط إلى الأرض وقع بالهند وحواء بجدة، فجعل آدم يطلب حواء وهي تطلبه، فاجتمعا بعرفات يوم عرفة وتعرفا، فسمى هذا اليوم عرفات، والموضع عرفات. وقال السدى: إنما سمعت عرفات، لأن هاجر حملت إسماعيل -عليه السلام -فأخرجته من عند سارة، وكان إبراهيم -عليه السلام -غائبًا، فلما قدم لم ير إسماعيل -عليه السلام -وحدثته سارة بالذي صنعت هاجر، فانطلق في طلب إسماعيل فوجده مع هاجر بعرفات فعرفه، فسميت عرفات. وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "إن إبراهيم -عليه السلام -غدا من فلسطين، فحلفته سارة أن لا ينزل عن ظهر دابته حتى يرجع إليها من الغيرة، فأتى إسماعيل ثم رجع، فحبسته سارة سنة ثم استأذنها فأذنت له، فخرج حتى بلغ مكة وجبالها، فكان ليلة يسير ويسعى حتى أذن الله -عز وجل -له في الثلث الليل الأخير عند سند جبل عرفة، فلما أصبح عرف البلاد والطريق، فجعل الله -عز وجل -عرفة حيث عرف. فقال: اللهم اجعل بيتك أحب بلادك إليك حيث تهوى إليه قلوب المسلمين من كل فج عميق".
পৃষ্ঠা - ৩৯৩
وقال عطاء -رحمه الله -: إنما سميت عرفات لأن جبريل -عليه السلام -كان يرى إبراهيم -عليه السلام -المناسك، فيقول عرفت، ثم يريه فيقول عرفت فسميت عرفات. وروى سعيد بن المسيب عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -أنه قال: "بعث الله -عز وجل -جبريل إلى إبراهيم -عليهما السلام -فحج به، حتى إذا أتى عرفات قال: قد عرفت، وكان قد أتاها مرة من قبل ذلك، فسميت عرفات". وروى أبو الطفيل -رحمه الله -عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: "إنما سميت عرفة لأن جبريل -عليه السلام -أتى إبراهيم -عليه السلام -فأراه بقاع مكة ومشاهدها، فكان يقول: يا إبراهيم هذا موضع كذا وهذا موضع كذا، فيقول قد عرفت قد عرفت". وروى أسباط عن السدى -رحمهما الله -قال: لما أذن إبراهيم -عليه السلام -في الناس بالحج أجابوه بالتلبية، وأتاه من أتاه، فأمره الله -عز وجل -أن يخرج إلى عرفات ونعتها له، فخرج، فلما بلغ الشجرة استقبله الشيطان على الجمرة الثالثة التي هي جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية فرماه وكبر، فطار فوقع على الجمرة الأولى، فرماه وكبر، فلما رأى أنه لا يطيقه ذهب، فانطلق إبراهيم حتى أتى ذا المجاز، فلما نظر إليه لم يعرفه فجاز، فلذلك سمى ذا المجاز، ثم انطلق حتى وقف بعرفات، فلما نظر إليها بالنعت عرفها، فقال: عرفت، فسميت عرفات بذلك، وسمى ذلك اليوم يوم عرفة، حتى إذا أمسى اردلف إلى جميع فسميت مزدلفة. وإنما سمى جمعًا لأنه يجمع فيه بين الصلاتين بين المغرب والعشاء، وإنما سمى المشعر الحرام لأن الله أشعر الناس وأعملهم بأنه حرم كسائر بقاع الحرم كيلا يأتوا فيه بمحرم. وعن أبى صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: إنما سميت تروية وعرفة، لأن إبراهيم -عليه السلام -رأى ليلة التروية في منامه أنه يؤمر بذبح ابنه، فلما أصبح روى يومه أجمع: أي فكر، أمن الله هذا الحلم، أم من الشيطان؟ فسمى اليوم من فكرته تروية، ثم رأى ليلة عرفة ذلك ثانيًا، فلما أصبح عرف أن ذلك من الله -سبحانه وتعالى، فسمى ذلك اليوم يوم عرفة. وقال بعضهم: سميت بذلك لأن الناس يعترفون في هذا اليوم على الموقف بذنوبهم.
পৃষ্ঠা - ৩৯৪
والأصل فيه أن آدم -عليه السلام -لما أمر بالحج فوقف بعرفات يوم عرفة، فقال: {ربنا ظلمنا أنفسنا} [الأعراف: 33]. وقيل: هي مأخوذة من العرف وهو الطيب، قال الله -عز وجل -: {عرفها لهم} [محمد: 6] أي طيبها. وقيل: هي ضد منى، لأن منى موضع يمنى فيه الدم، أي يصب، ولذلك سميت منى، ففيه تكون الفروث والدماء، فهي ليست بطيبة، وعرفات ليست فيها تلك الأقذار فهي طيبة، فلذلك سميت عرفات، ويوم الوقوف بها يوم عرفة. وقيل: لأن الناس يتعارفون بها. وقيل: أصل هذين الاسمين من الصبر، يقال: رجل عارف: إذا كان صابرًا خاضعًا خاشعًا. ويقال في المثل: "النفس عروف وما حملتها تتحمل". وقال ذو الرمة: "عروف لما حطت عليه المقادير" أي صبور على قضاء الله، فسمى بهذا الاسم لخضوع الحاج وتذللهم وصبرهم على الدعاء وأنواع البلاء، واحتمال الشدائد والمشاق لإقامة هذه العبادة. (فصل: في شرف يوم عرفة وليلته) أخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أنبأنا أبو علي بن الصواف، أنبأنا عبد الله بن محمد بن ناجية، أنبأنا عمر بن حفص أبو عمرو، أنبأنا محمد بن مروان، أنبأنا هشام الدستوائى، عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "ما من يوم أفضل من يوم عرفة، يباهى الله تعالى فيه بأهل الأرض أهل السماء، يقول: انظروا إلى عبادي شعثًا غبرًا جاءوني من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، فلم ير يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة". وأخبرنا هبة الله عن أبى محمد الحسن بن محمد بن أحمد الفارسي بإسناده عن
পৃষ্ঠা - ৩৯৫
الحسن العربي، عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم -يوم عرفة فقال: "أيها الناس إنه ليس البر في إيجاف الإبل ولا في إيضاع الخيل، ولكن سيرًا جميلاً، تواصلوا ضعيفًا، ولا تؤذوا مسلمًا". عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما -قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "إن الله تعالى ينظر إلى عباده يوم عرفة، فلا يدع أحدًا في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا غفر له" فقلت لابن عمر: للناس جميعًا أم لأهل عرفة؟ فقال: بل للناس جميعًا. وأخبرنا هبة الله، قال: أنبأنا مكابر بن الجحش المازنى بالبصرة، بإسناده عن أبى الزبير عن جابر -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "إذا كان يوم عرفة ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا، فيباهى بالحاج الملائكة، فيقول لهم -عز وجل -: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي جاءوني شعثًا غبرًا يرجون رحمتي ويخافون عذابي، فحق على المزور أن يكرم زائره، وحق على المضيف أن يكرم ضيفه، اشهدوا أني قد غفرت لهم وجعلت قراهم دخول الجنة، قال: فتقول الملائكة: يا رب إن فيهم فلانًا يزهو، وفلانة تزهو، فيقول الله -عز وجل -: قد غفرت لهم، فما من يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة". وأخبرنا هبة الله بإسناده عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه -، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: "ما رأى إبليس يومًا هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحض ولا أغيظ من يوم عرفة، وذلك لما يرى من تنزيل الرحمة والعفو عن الذنوب إلا ما رأى يوم بدر، قالوا: يا رسول الله وما رأى يوم بدر؟ قال: أما إنه رأى جبريل يدعو الملائكة". وعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما -أنه كان يقول: إن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وهو يوم المباهاة، ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا فيقول لملائكته: انظروا إلى عبادي في أرضي صدقوني، فليس من يوم أكثر عتيقًا من النار من يوم عرفة. وعن أبى هريرة -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "اليوم الموعود يوم القيامة، والشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة". وعن عطاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "إن الله تعالى
পৃষ্ঠা - ৩৯৬
باهى بالناس يوم عرفة عامة، وباهى بعمر بن الخطاب خاصة". وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن أعظم الناس جرمًا من انصرف ممن عرفات ويرى أن الله -عز وجل -لم يغفر له". وعن أبى هريرة -رضي الله عنه -أنه قال: "إن الله تعالى يرحم عشية يوم عرفة لأهل الجمع جميعًا إلا أهل الكبائر، فإذا كان غداة المزدلفة غفر لأهل الكبائر والتبعات". أخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد الطبرى يعرف بالباهر، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن الرفاء السامرى، أنبأنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أنبأنا أبو مصعب عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما -، قال: "وقف بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عشية عرفة، فلما قام عند الدفعة استنصت الناس فأنصتوا، فقال: يا أيها الناس إن ربكم -عز وجل -قد تطول عليكم في يومكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأله، وغفر ذنوبكم إلا التبعات، ادفعوا بسم الله، فلما صرنا بالمزدلفة وقف بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -سحرًا، فلما كان عند الدفعة استوقف الناس فوقفوا واستنصتهم فأنصتوا، ثم قال: يا أيها الناس إن ربكم قد تطول عليكم في يومكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأله، وغفر ذنوبكم وغفر التبعات وضمن لأهلها الثواب، ادفعوا بسم الله، فقام أعرابي وأخذ بزمام الناقة، فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما بقى من عمل إلا وقد عملته، وإني لأحلف على اليمين الفاجرة، فهل دخلت فيمن وصفت؟ فقال: يا أعرابي إنك إن تحسن فيما تستأنف يغفر لك ما مضى خل زمام الناقة". وأخبرنا هبة الله عن أبى على الحسن بن الحباب المقرى، بإسناده عن عباس بن مرداس -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، فأجابه الله تعالى: إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضًا، فأما ذنوبهم فيما بينى وبينهم فقد غفرتها، فقال: أي رب إنك قادر أن تثبت هذا المظلوم خيرًا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم، قال: فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة مزدلفة أعاد الحديث، فأجابه: إني قد غفرت لهم، قال: ثم تبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها؟ فقال: تبسمت من عدو الله إبليس لأنه لما علم
পৃষ্ঠা - ৩৯৭
أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثو التراب على رأسه". وعن سعيد بن جبير -رحمه الله -قال: "بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يوم عرفة بعرفات في الموضع الذي ترفع العباد فيه أيديهم إلى الله تعالى ويعجبون بالدعاء، إذ هبط عليه جبريل -عليه السلام -، وقال: يا محمد إن العلى الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك: هؤلاء حجاج بيتي وزواري، وحق على المزور أن يكرم الزائر، أشهدك وأشهد ملائكتي أني قد غفرت لهم جميعًا وهكذا أفعل بزوار يوم الجمعة". وعن علي -رضي الله عنه -أنه لما كان عشية يوم عرفة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم -واقف، أقبل على الناس بوجهه فقال: مرحبًا بوفد الله ثلاث مرات، الذين إذا سألوا أعطوا، وتخلف عليهم نفقاتهم في الدنيا، وتجعل لهم عند الله في الآخرة مكان كل درهم ألف، ألا أبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنه إذا كان في هذه العشية ينزل الله إلى سماء الدنيا، ثم يأمر ملائكته فيهبطون إلى الأرض، فلو طرحت إبرة لم تسقط إلا على رأس ملك، فيقول الله -عز وجل -: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثًا غبرًا من أطراف الأرض، هل تسمعون ما يسألون؟ قالوا: يسألونك أي رب المغفرة، قال -سبحانه وتعالى -: أشهدكم أني قد غفرت لهم ثلاث مرات، فأفيضوا من موقفكم مغفورًا لكم". (فصل) في تفصيل صيامه وما ورد فيه من الصلوات، وما أمر به من صنوف الدعوات أخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا أحمد بن محمد، بإسناده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: "من صام يوم عرفة غفر الله له ما تقدم من ذنبه لسنة". وأخبرنا هبة الله بإسناده عن أبى قتادة -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال. "صيام يوم عرفة كفارة سنتين، سنة ماضية وسنة مستقبلة". وأما الصلاة فمما أخبرنا به هبة الله بن المبارك قال: أنبأنا الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد عبد الله المقرى، قال: أنبأنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال:
পৃষ্ঠা - ৩৯৮
أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحلواني، أنبأنا موسى بن عمران البلخى، أنبأنا يوسف ابن موسى القطان، أنبأنا عمر بن نافع، أنبأنا مسعود بن واصل، أنبأنا النهاس بن فهم، عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "من صلى يوم عرفة بين الظهر والعصر أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و {قل هو الله أحد ...} خمسين مرة، كتب له ألف ألف حسنة، ورفع له بكل حرف في القرآن درجة في الجنة ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام، ويزوجه الله بكل حرف في القرآن سبعين حوراء، مع كل حوراء سبعون ألف مائدة من الدر والياقوت، على كل مائدة سبعون ألف لون ما بين لحم طير خضر، برده برد الثلج، وحلاوته حلاوة العسل، وريحه المسك، لم تمسه نار ولا حديدة، يجد لأخره طعمًا كما يجد لأوله، ثم يأتيهم طائر جناحاه من ياقوتتين حمراوين ومنقاره من ذهب، له سبعون ألف جناح، فينادى بصوت لذيذ لم يسمع السامعون بمثله: مرحبًا بأهل عرفة. وقال: يسقط ذلك الطير في صفحة الرجل منهم، فيخرج من تحت كل جناح من أجنحته سبعون لونًا من الطعام فيأكل منها، ثم ينتفض فيطير، فإذا وضع في قبره أضاء له بكل حرف في القرآن نور حتى يرى الطائفين حول البيت، ويفتح له باب من أبواب الجنة، ثم يقول عند ذلك: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، مما يرى من الثواب والكرامة". وأخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا الحسن بإسناده عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -، قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "من صلى يوم عرفة ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب ثلاث مرات، في كل مرة يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ويختمها بأمين، ثم يقرأ {قل يا أيها الكافرون ...} ثلاث مرات، و {قل هو الله أحد ...} مائة مرة، يبدأ في كل مرة ببسم الله الرحمن الرحيم، إلا قال الله تعالى: اشهدوا أنى قد غفرت له ذنوبه". وأما الدعوات، فما أخبرنا هبة الله بن المبارك عن القاضي الشريف أبى الحسن محمد ابن علي المهتدى بالله، عن أبى الفتح يوسف بن عمر بن مسرور القواس، قال: أنبأنا
পৃষ্ঠা - ৩৯৯
عبد الله بن أحمد بن ثابت البزاز، أنبأنا أيوب، يعني: أبو الوليد الضرير، أنبأنا أبو النصر، يعني هاشم بن القاسم، عن محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمر الليثي، عن أبيه -رضي الله عنه -قال: بلغنا أن الله تعالى أهدى إلى عيسى -عليه السلام- خمس دعوات جاء بهن جبريل -عليه السلام -في أيام العشر وقال: يا عيسى ادع بهؤلاء الخمس دعوات، فإنه ليس عبادة أحب إلى الله تعالى من عبادة أيام العشر. أولهن: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. والثانية: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً. والثالثة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. والرابعة: حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى. والخامسة: اللهم لك الحمد كما تقول، وخيراً مما تقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، ولك يا رب تراثي: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن شتات الأمر، اللهم إني أسألك من خير ما تجري به الريح. فسأل الحواريون عيسى ابن مريم -عليه السلام-: ما ثواب من قال هذه الكلمات؟. فقال: أما من قال الأولى مائة مرة، فإنه لا يكون لأحد من أهل الأرض عمل مثل ذلك العمل في ذلك اليوم، وكان أكثر العباد حسنات يوم القيامة. ومن قال الثانية مائة مرة، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه مثلها سيئات، ورفع له عشرة آلاف درجة في الجنة. ومن قال الثالثة مائة مرة، نزل سبعون ألف ملكك من سماء الدنيا رافعي أيديهم يصلون على من قالها. ومن قال الرابعة مائة مرة، تلقاها ملك حتى يضعها بين يدى الرحمن -عز وجل -، فينظر إلى من قالها، ومن نظر الله تعالى إليه لم يشق. وقالوا: يا عيسى، فما ثواب من قال الخامسة؟ قال: هي دعوتي ولم يؤذن لي في تفسيرها.
পৃষ্ঠা - ৪০০
وأخبرنا هبة الله بن المبارك، عن الحسن بن أحمد بن عبد الله المقرى، بإسناده عن خليفة بن الحسين، عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -أنه قال: "أكثر ما يدعو به النبي -صلى الله عليه وسلم -عشية عرفة يقول: اللهم لك الحمد كما تقول وخيرًا مما تقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، ولك يا رب تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أسألك من خير ما تجرى به الريح". وأخبرنا هبة الله بن المبارك بإسناده عن موسى بن عبيدة، عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري، اللهم إني أعوذ بك من وساوس الصدر وفتنة القبر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، ومن شر ما يلج في النهار ومن شر ما تهب به الرياح، ومن شر بوائق الدهر". وروى الضحاك -رحمه الله -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال في حجة الوداع حين اجتمعوا بعرفة: "هذا يوم الحج الأكبر، ولا حج لمن لم يواف عرفة اليوم والليلة، فاليوم دعاء وسؤال الرب -عز وجل -، وهو يوم تهليل وتكبير وتلبية، إنه من وافى اليوم هذا المكان وحرم سؤال ربه -عز وجل -فهم المحروم، وإنكم تدعون جوادًا لا يبخل، وحليمًا لا يجهل، وعالمًا لا ينسى، إنه صام يوم عرفة مقيمًا في أهله فقد صام عامًا أمامه وعامًا خلفه". (فصل) وأما ما أختص به رسول الله -صلى الله عليه وسلم -من الدعاء في عشية عرفة، فهو ما أخبرنا به هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن العكبرى بها، قال: حدثنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن محمد بن أبى شيبة، حدثنا هلي بن مسلم، أنبأنا ابن أبى فديك، قال: حدثني إبراهيم بن فضيل المخزومي، عن سليمان بن
পৃষ্ঠা - ৪০১
زيد، عن هرم بن حيان، عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "ليس في الموقف بعرفة قول ولا عمل أفضل من هذا الدعاء، وأول من ينظر الله إليه صاحبه، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم -كان إذا وقف بعرفة استقبل البيت الحرام بوجهه، وبسط يديه كهيئة الداعي، ثم يلبي ثلاثًا ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، يقولها مائة مرة، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، يقول ذلك مائة مرة، ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول: إن الله هو السميع العليم، يقولها ثلاث مرات، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثلاث، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ويبدأ في كل مرة ببسم الله الرحمن الرحيم، ويختمها بآمين، ويقرأ {قل هو الله أحد ...} مائة مرة، ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، صل على النبي الأمي ورحمة الله وبركاته مائة مرة، ثم يدعو الله -عز وجل -بما شاء، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي توجه بيتي وكبرني ولباني وسبحني وحمدني وهللني، وقرأ بأحب السور إلي وصلى على رسولي أشهدكم أني قد قبلت عمله، وأوجبت له أجره، وغفرت له ذنوبه، وشفعته فيما سألنى". (فصل) في دعا جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر وإلياس -عليهم السلام -عشية عرفة أخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا الحسن بن أحمد بن عبد الله المقرى، قال: أخبرنا الحسين بن عمر المؤدب، قال: حدثنا أبو القاسم الفامى، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي، قال: حدثنا أحمد بن عمار، أنبأنا محمد بن مهدى، قال: حدثني ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "يجتمع البرى والبحري، يعني إلياس والخضر -عليهما السلام -كل عام بمكة". قال ابن عباس -رضي الله عنهما -: وبلغنا أنه يحلق أحدهما رأس صاحبه، فيقول أحدهما للآخر: قل بسم الله ما شاء الله، لا يأتي بالخير إلا الله، بسم الله ما شاء الله، لا يصرف السوء غير الله، بسم الله ما شاء الله، وما بكم من نعمة فمن الله، بسم الله ما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
পৃষ্ঠা - ৪০২
قال ابن عباس -رضي الله عنهما -: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "من قالها كل يوم أمن من الغرق والحرق والسرق، ومن كل شيء يكرهه حتى يمسى، ومن قالها حين يمسى كان في حرز الله حتى يصبح". وأخبرنا هبة الله بن المبارك، قال: أنبأنا الحسن بن أحمد، أنبأنا عبيد الله بن أحمد الأزهري، قال: أنبأنا أبو طالب بن حمدان السكري، قال: أنبأنا إسماعيل، قال: حدثنا عباس الدورى، قال: أنبأنا عبيد الله بن إسحاق العطار، قال: أنبأنا محمد بن المبشر القيسى، عن عبد الله الحسن، عن أبيه عن جده، عن علي -رضي الله عنه -قال: يجتمع في كل يوم عرفة بعرفات جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر -عليهم السلام -، فيقول جبريل: ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيرد عليه ميكائيل فيقول، ما شاء الله، كل العزة من الله، فيرد عليه إسرافيل فيقول، ما شاء الله الخير كله بيد الله، فيرد عليه الخضر، فيقول، ما شاء الله لا يدفع السوء إلا الله، ثم يتفرقون، ولا يجتمعون إلى قابل في ذلك اليوم" والله أعلم. (فصل) قال ابن جريج: بلغني أنه كان يؤمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الموقف {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201]. وروى مجاهد عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: عند الركن اليماني ملك قائم منذ خلق الله تعالى السموات والأرض يقول آمين، فيقولوا: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}. عن حماد بن ثابت قال: إنهم قالوا لأنس بن مالك -رضي الله عنه -، ادع لنا، فقال: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: زدنا، فأعدها، قالوا: زدنا، قال: ما تريدون قد سألت الله لكم خير الدنيا والآخرة، وقال أنس -رضي الله عنه -، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يكثر أن يدعو بها فيقول: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ". وقد ذكر الله تعالى من دعا بهذا الدعاء وجعل له نصيبًا وحظًا من فضله ورحمته، قال الله -عز وجل -: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} [البقرة: 2] أي أعطنا إبلاً
পৃষ্ঠা - ৪০৩
وغنمًا وبقرًا وعبيدًا وإماءً وذهبًا وفضة، ينوى الدنيا في كل شيء ولها ينفق ولها يعمل ولها نصيب، فهي همه وسؤله وطلبته، فقال الله -عز وجل -: {وما له في الآخرة من خلاق} [البقرة: 200] يعني حظًا ولا نصيبًا {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201] وهم النبي -صلى الله عليه وسلم -والمؤمنون -رضوان الله عليهم -. واختلف العلماء في معنى الحسنيين: فقال علي بن أبى طالب -كرم الله -وجهه قوله: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} امرأة صالحة {وفي الآخرة حسنة} الحور العين (وقنا عذاب النار} وهي المرأة السوء. وقال الحسن -رحمه الله -: {في الدنيا حسنة} الجنة. وقال السدى وبان حبان: {فى الدنيا حسنة} أي رزقاً حلالاً واسعًا وعملاً صالحًا {وفي الآخرة حسنة} هي المغفرة والثواب. وقال عطية -رحمه الله -: {في الدنيا حسنة} العلم والعمل به {وفي الآخرة حسنة} تيسير الحساب ودخول الحساب. وقيل: {في الدنيا حسنة} التوفيق والعصمة {وفي الآخرة حسنة} النجاة والرحمة. وقيل: {في الدنيا حسنة} أولادًا أبرارًا {وفي الآخرة حسنة} مرافقة الأنبياء. وقيل: {في الدنيا حسنة} المال والنعمة {وفي الآخرة حسنة} تمام النعمة، وهو الفوز من النار ودخول الجنان. وقيل: {في الدنيا حسنة} الثبات على الإيمان {وفى الآخرة حسنة} السلامة والرضوان. وقيل: {في الدنيا حسنة} الإخلاص {وفى الآخرة حسنة} الخلاص. وقيل: {في الدنيا حسنة} حلاوة الطاعة {وفي الآخرة حسنة} لذة الرؤية. وقال قتادة -رحمه الله -: في الدنيا عافية، وفي الآخرة عافية. والذي يؤيد هذا التأويل ما روى ثابت البنانى عن أنس -رضي الله عنه -: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عاد رجلاً مريضًا قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله شيئًا؟ فقال: كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبى به في الآخرة، فعجله لي في الدنيا،
পৃষ্ঠা - ৪০৪
فقال -صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله إذن لا تستطيعه أو لا تطيقه، هلا قلت: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ فدعا الله -عز وجل -بها فشفاه". وقال سهل بن عبد الله -رحمه الله -: في الدنيا: السنة، وفي الآخرة: الجنة. وعن المسيب عن عوف -رحمه الله -أنه قال: في هذه الآية من آتاه الله -عز وجل -الإسلام والقرآن وأهلاً ومالاً، فقد أوتى في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة. وعن عبد الأعلى بن وهب قال: سمعت سفيان الثورى -رحمه الله -يحدث في هذه الآية قال: {فى الدنيا حسنة} الرزق الطيب {وفى الآخرة حسنة} الجنة. * * *