গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

[مجلس] في ذكر يوم التروية

পৃষ্ঠা - ৩৮৩
[مجلس] في ذكر يوم التروية قال الله -سبحانه وتعالى -: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً} [الحج: 27] وهذه الآية في سورة الحج، وهي من أعاجيب سور القرآن العظيم، لأن فيها مكيًا ومدنيًا وحضريًا وسفريًا وليليًا ونهاريًا، وفيها ناسخ ومنسوخ. فأما المكي فمن رأس ثلاثين آية منها إلى آخرها، وأما الآيات المدنية فمن رأس خمسة عشر إلى رأس الثلاثين، وأما الليالي منها فمن أولها إلى رأس خمس آيات، وأما النهاري منها فمن رأس خمس إلى رأس تسع، وأما الحضري منها فإلى رأس العشرين، ونسب ذلك إلى المدينة لقربها منها. وأما الناسخ، فقوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون} [الحج: 39]. وأما المنسوخ فثلاث آيات: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} [الحج: 52] نسخت بقوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} [الأعلى: 6]. والثانية: قوله تعالى: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} [البقرة: 113] فنسخت بآية السيف. والثالثة: {وجاهدوا في الله حق جهاده} [الحج: 78] فنسخت بقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]. قوله تعالى: {وأذن فى الناس بالحج} [الحج: 27] أي ناد يا إبراهيم ذريتك وغيرهم من بني آدم من المؤمنين بالحج {يأتوك رجالاً} [الحج: 27] أي يجيئون إليك رجالاً على أرجلهم {وعلى كل ضامر} [الحج: 27] يعني ركبانًا على الإبل {يأتين من كل فج عميق} [الحج: 27] يعني من كل أرض بعيدة وطريق بعيد. قال الله تعالى ذلك لإبراهيم -عليه السلام -حين فرغ من بناء البيت الحرام، وقال: إلهي من يقصد هذا البيت؟ فأمره أن يؤذن في الناس بالحج، فصعد أبا قبيس وهو الجبل الذي الصفا في أصله، فنادى بأعلى صوته: يا أيها الناس أجيبوا ربكم إن الله يأمركم أن تحجوا بيته، فسمع نداء إبراهيم كل مؤمن ومؤمنة على وجه الأرض.
পৃষ্ঠা - ৩৮৪
وقيل من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فالتلبية اليوم جواب نداء إبراهيم -عليه السلام -عن أمر ربه، فأجابوا كلهم: لبيك لبيك فمن أجاب ذلك اليوم لا يخرج من الدنيا حتى يزور هذا البيت. (فصل: في فضل من أحرم بالحج ولبى وقصد البيت وإليه دنا) روى مجاهد عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إذ أقبلت طائفة من اليمن قالوا: فداك الأمهات والأباء، أخبرنا بفضائل الحج، قال: نعم، أي رجل خرج من منزله حاجًا أو معتمرًا، فكلما رفع قدمًا ووضع قدمًا تناثرت الذنوب من قدميه كما يتناثر الورق من الشجر، فإذا ورد المدينة وصافحني بالسلام صافحته الملائكة بالسلام، فإذا ورد ذا الحليفة واغتسل طهره الله من الذنوب، وإذا لبس ثوبين جديدين جدد الله له الحسنات، وإذا قال: لبيك اللهم لبيك أجابه الله تعالى بلبيك وسعديك أسمع كلامك وأنظر إليك، وإذا دخل مكة فطاف وسعى بين الصفا والمروة أوصل الله له الخيرات، وإذا وقف بعرفات وضجت له الأصوات بالحاجات، باهى الله تعالى بهم ملائكة سبع سموات فيقول: ملائكتي وسكان سمواتي، أما ترون إلى عبادي أتوني من كل فج عميق شعثًا غبرًا، قد أتفقوا الأموال وأتعبوا الأبدان، فوعزتي وجلالي وكرمي لأهبن مسيئهم لمحسنهم، ولأخرجنهم من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم؟ فإذا رموا الجمار وحلقوا الرؤوس وزاروا البيت، نادى مناد من بطنان العرش: ارجعوا مغفورًا لكم واستأنفوا واستقبلوا العمل". وروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أتاه أعرابي وقال له: يا رسول الله خرجت أريد الحج ففاتنى، وأنا رجل متزر -يعني محرمًا -فمرني بما أصنع فأبلغ به الحج أو مثل أجر الحج، قال: فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقال له: انظر إلى أبى قبيس، فنظر إلى أبى قبيس، قال له: فلو أن لك أبا قبيس ذهبًا أحمر وجعلته في سبيل الله ما بلغت ما بلغ الحاج، ثم قال -عليه السلام -: إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئًا ولا يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع البعير خفًا ولا يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، ثم قال: إذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من
পৃষ্ঠা - ৩৮৫
ذنوبه، ثم قال له: أنى لك أن تبلغ ما بلغ الحاج". وعن علي بن أبى طالب كرم الله وجهه أنه قال: "كنت طائفًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم -بالبيت الحرام، فقلت له: يا رسول الله فداك أبي وأمي، ما هذا البيت؟ فقال: يا علي، أسس الله تعالى هذا البيت في دار الدنيا كفارة لذنوب أمتي، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما هذا الحجر الأسود؟ قال -صلى الله عليه وسلم -: تلك جوهرة كانت في الجنة، فأهبط الله بها إلى دار الدنيا، لها شعاع كشعاع الشمس، فاشتد سوادها وتغير لونها منذ مستها أيدي المشركين". وعن ابن مليكة عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -أنه قال. سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: ينزل الله على هذا البيت الحرام في كل ليلة ويوم مائة وعشرون رحمة، ستون منها للطافين بالبيت الحرام، وأربعون منها للعاكفين حول البيت الحرام، وعشرون منها للناظرين إلى البيت الحرام. وعن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عمر بن سلمة -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "يقول الله تعالى: إن عبدًا صححت له في جسمه وفسحت له في عمره وتمضى عليه ثلاثة أعوام لا يغدو إلى هذا البيت إنه لمحروم إنه لمحروم}. وعن أبى سعيد الخدرى -رضي الله عنه -قال: "حججنا مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -في أول خلافته، فدخل المسجد حتى وقف عند الحجر، فقال: إنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقبلك ما قبلتك، فقال له علي -رضي الله عنه -: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فإنه يضر وينفع بإذن الله، ولو أنك قرأت القرآن وعلمت ما فيه لما أنكرت علي، فقال له عمر -رضي الله عنه -، يا أب الحسن وما تأويله في كتاب الله -عز وجل -؟ فقال: قوله تعالى: {وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم} [الأعراف: 172] فلما أقروا بالعبودية كتب إقرارهم في رق، ثم دعا الحجر فألقمه ذلك الرق، فهو أمين الله تعالى على هذا المكان ليشهد لمن وافاه يوم القيامة، فقال عمر -رضي الله عنه -: يا أبا الحسن لقد جعل الله بين ظهرانيك من العلم غير قليل. وعن أبى صالح عن أبى هريرة -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال "الحجاج
পৃষ্ঠা - ৩৮৬
والعمار وفد الله -عز وجل -إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم". وعن مجاهد -رحمه الله -أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج". وروى عن الحسن -رحمه الله -أنه قال في الخبر: "إن الملائكة يتلقون الحاج فيسلمون على صاحب الجمال وصافحون أصحاب البغال والحمير ويعانقون الرجالة". وروى عن الضحاك -رحمه الله -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -مرسلاً أنه قال: "أيما مسلم خرج من بيته قاصدًا في سبيل الله فوقصته الدابة قبل القتال أو لدغته هامة، أو مات بأي حتف مات فهو شهيد، وأيما مسلم خرج من بيته إلى بيت الله الحرام، ثم نزل به الموت قبل بلوغه إلا أوجب الله له الجنة". وعن سفيان بن عيينة -رحمه الله -عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "من حج هذا البيت ثم عاد فلم يرفث ولم يفسق ولم يجهل عاد كما ولدته أمه". وروى عن سعيد بن المسيب -رحمه الله -عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليدخل ثلاثة نفر بالحجة الواحدة الجنة: الموصى بها، والمنفذ لها، والحاج عنه، والعمرة والجهاد كذلك". وعن علي بن عبد العزيز -رحمه الله -قال: كنت عديلاً لأبى عبيد القاسم بن سلام سنة من السنين، فلما صرت إلى الموقف فصرت إلى ركن جبل الحل، فتطهرت ونسبت نفقتي عنده، فلما صرت إلى المأزمين قال لي أبو عبيد: لو اشتريت لنا زبدًا وتمرًا، فخرجت لأبتاعه فتذكرت النفقة، ورجعت عودًا على بدء إلى أن وافيت الموضع، فإذا النفقة بحالها، فأخذتها ورجعت وكنت قد صادفت الوادي مملوءًا قردة وخنازير وغير ذلك فجزعت منهم، ثم إني رجعت فإذا هم على حالهم حتى دخلت على أبى عبيد قبيل الصبح، فسألني عن أمري فأخبرته وذكرت القردة والخنازير، فقال: تلك ذنوب بني آدم تركوها وانصرفوا.
পৃষ্ঠা - ৩৮৭
(فصل) واختلفوا في تسمية يوم التروية: والتروية: اسم اليوم الثامن من شهر ذي الحجة وهو اليوم الذي يخرج الناس فيه من مكة إلى منى، فسمى يوم التروية لأن الناس يروون من ماء زمزم. والتروية: تفعلة من قولهم ارتوى يرتوى: إذا استقى الماء وسقى وشرب واغتسل، والناس يسقون من ماء زمزم في ذلك اليوم مستكثرين. وقيل: سميت التروية لأن إبراهيم -عليه السلام -رأى في المنام في ليلتها أنه يذبح ولده، فلما أصبح تروى وتفكر أنه من العدو الشيطان، أم من الحبيب الرحمن؟ فبقى ذلك اليوم متفكرًا، ذا روية فيما رآه، فلما كان يوم عرفة قيل له. افعل ما تؤمر به، فعرف أنه من الحبيب، فلهذا سمى يوم عرفة. قوله -عز وجل -: {وأذن فى الناس بالحج} [الحج: 27] أمر خليله بدعوة عباده إلى بيته. فالدعوات أربعة: دعوة الله لعبادة، قال الله -عز وجل -: {والله يدعو إلى دار السلام} [يونس: 25] دعاهم من دار التكليف إلى دار التشريف، من دار الغيبة إلى دار المشاهدة، ومن دار الروال إلى دار النوال، ومن دار البلوى إلى دار المولى، دعاهم من دار أولها بكاء ووسطها عناء وآخرها فناء إلى دار أولها عطاء ووسطها رضاء وآخرها لقاء. والثانية: دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم -دعا أمته إلى دين الإسلام، قوله -عز وجل -: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] الدعوة إليه -صلى الله عليه وسلم -والهداية ليست إليه كما قال -عليه الصلاة والسلام -: "بعثت هاديًا وليس إلى من الهداية شيء، وبعث إبليس غاويًا، وليس إليه من الضلالة شيء". قاله الله -عز وجل -: {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} [القصص: 56]. سأل النبي -صلى الله عليه وسلم -هداية عمه أبى طالب، فأبى أن يهديه، وهدى وحشيًا قاتل حمزة -رضي الله عنهما -، كأنه -عز وجل -يقول لنبيه -عليه السلام -: يا محمد عليك الدعوة كما قال -عز وجل -: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} [المائدة: 67]، وقال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا * وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا} [الأحزاب: 45 - 46]،
পৃষ্ঠা - ৩৮৮
ولك الشفاعة، وأما الإجابة والهداية فإلى، قال الله -عز وجل -: {يهدى الله لنوره من يشاء} [النور: 35]، قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [السجدة: 13]. والثالثة: المؤذن يدعو إلى الصلاة لله وأداء أمر الله تعالى، قال الله تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله} [فصلت: 33]. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما -عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "إن المؤذنين والملبين يوم القيامة يخرجون من قبورهم يؤذن ويلبى الملبى، ويستغفر للمؤذن مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس من شجر ومدر سمع صوته، ويكتب للمؤذن بكل إنسان صلى في ذلك المسجد مثل حسناته، ويعطيه الله تعالى ما بين الأذان والإقامة كل شيء سأله، إما أن يعجله في الدنيا أو يصرف عنه سوءًا، أو يدخر له في الآخرة". وروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم -جاءه رجل فقال: "يا رسول الله أخبرني بعمل واحد أدخل به الجنة، فقال: تكون مؤذن قومك، يجمعون بك صلاتهم، قال: يا رسول الله، فإن لم أطق؟ قال: تكون إمام قومك يقيمون بك صلاتهم، قال: فإن لم أطق؟ فعليك بالصف الأول". وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها -قالت: "نزلت هذه الآية في المؤذنين {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا} [فصلت: 33] يعنى دعا الخلق إلى الصلاة، وصلى بين الأذان والإقامة". وعن أبى أمامة الباهلى -رضي الله عنه -أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "يغفر للمؤذن مدى صوته، وله مثل أجر من صلى معه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا". وعن سعد بن أبى وقاص -رضي الله عنه عن خولة بنت حكيم -رضي الله عنها -قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. "المريض ضيف الله ما دام في مرضه، يرفه له كل يوم عمل سبعين شهيدًا، فإن عافاه الله من مرضه فيخرج من ذنوبه كيوم وضعته أمه، وإن قضى عليه بالموت أدخله الجنة بغير حساب". وقال بعضهم: المؤذن حاجب الله تعالى يعطى بكل أذان ثواب ألف نبي، والإمام وزير الله يعطى بكل صلاة ثواب ألف صديق، والعالم وكيل الله تعالى يعطى بكل
পৃষ্ঠা - ৩৮৯
حديث نورًا يوم القيامة، ويكتب له عبادة ألف سنة، والمتعلمون من الرجال والنساء هم خدم الله فما جزاؤهم إلا الجنة". وقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "أطول الناس أعناقًا يوم القيامة المؤذنون". وقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "من أذن سبع سنين أعتقه الله من النار بعد أن يحسن نيته". وقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "يغفر الله تعالى للمؤذن مدى صوته، ويصدقه كل ما سمعه من رطب ويابس". وأما الدعوة الرابعة: فدعوة إبراهيم الخليل -عليه السلام -، قوله -عز وجل -: {وأذن في الناس بالحج} [الحج: 27]، وقد ذكرناها في أول المجلس. * * *