গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

مجلس في فضائل أيام العشر

পৃষ্ঠা - ৩৭৪
مجلس في فضائل أيام العشر قوله -عز وجل -: {والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر * هل في ذلك قسم لذى حجر} [الفجر: 1 - 5]. {والفجر} اختلف الناس في ذلك، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما -عنى بالفجر: صلاة الصبح، {وليال عشر} هي عشر ذي الحجة {والشفع} الخلق {والوتر} هو الله {والليل إذا يسر} يعنى إذا ذهب {هل في ذلك قسم لذى حجر} أي إن ذلك قسم لذى لب وعقل، وجواب القسم قوله تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر: 14]. وقال مقاتل -رحمه الله: {والفجر} عنى به: غداة جمع يوم النحر، {وليال عشر} وهي عشر ليال قبل الأضحى، وإنما سماها -عز وجل -: ليال عشر، لأنها تسعة أيام وعشر ليال، {والشفع والوتر} أما الشفع: فآدم وحواء -عليهما السلام -، والوتر: فهو لله -عز وجل -، {والليل إذا يسر} إذا أقبل، وهي ليلة الأضحى، فأقسم -عز وجل -بيوم النحر والعشر وبآم وحواء، وأقسم بنفسه تبارك وتعالى وبليلة الأَحى، فلما فرغ منها قال: {هل في ذلك قسم لذي حجر} يعنى: هل في ذلك القسم كفاية لذي لب، يعني ذا عقل، فيعرف عظم هذا القسم {إن ربك لبالمرصاد}. وقيل: المراد بالفجر: فجر النهار، وقيل: هو النهار، فعبر عنه بالفجر، لأنه أوله. وقال مجاهد -رحمه الله -: هو فجر يوم النحر خاصة. وقال عكرمة -رحمة الله -: أقسم الله تعالى بانفجار المياه من العيون والنبات من الأرض، والثمار من الشجر. وقيل: أقسم الله بانفجار الماء من أصابع النبي -صلى الله عليه وسلم -. وقيل: أقسم الله بانفجار الصخرة وخروج الناقة لصالح. وقيل: أقسم الله تعالى بانفجار الماء من الحجر بعصا موسى -عليه السلام -. وقيل: أقسم الله بانفجار الماء من عيون العصاة. وقيل: أقسم الله تعالى بانفجار المعرفة من القلوب كما قال الله تعالى: {أومن كان
পৃষ্ঠা - ৩৭৫
ميتًا فأحييناه} [الأنعام: 122] يعنى بالإيمان والمعرفة، وأيضًا قوله تعالى: {وليال عشر}. روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: {والفجر وليال عشر}: هي عشر الأضحى" وقال ابن الزبير وابن عباس -رضي الله عنهم -: إنها عشر ذي الحجة، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما -، في رواية أخرى: إنه العشر الأواخر من شهر رمضان. وقال مجاهد -رحمه الله -: إنها عشر موسى -عليه السلام -. وقال محمد بن جرير الطبرى -رحمه الله -: إنها عشر أول المحرم. قوله تعالى: {والشفع والوتر}: قال قتادة والسدى -رحمهم الله -: الشفع: كل اثنين، والوتر. هو الله تعالى. وقيل: هما آدم وحواء، وهو قول مقاتل، وهو أن آدم كان وترًا فشفع بزوجته حواء. وقيل: الصلاة منها شفع، ومنها وتر. قال الربيع بن أنس وأبو العالية -رحمهم الله -: هي صلاة المغرب الشفع فيها ركعتان، والوتر الثالثة. وقيل: الشفع هو يوم النحر، لأنه العاشر، والوتر هو يوم عرفة لأنه التاسع. وقيل: الشفع يومان بعد النحر، والوتر اليوم الثالث. قوله تعالى: {والليل إذا يسر} يعنى إذا ذهب. وقيل: إذا أظلم. وقيل: إنه ليلة المزدلفة خاصة. وقيل: يعنى إذا سرى فيه أهله، لأن السرى: هو سرى الليل. وقوله تعالى: {هل في ذلك قسم لذى حجر} يعنى لذى عقل، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما -. وقال الحسن وأبو رجاء -رحمهما الله -: لذى علم، وقال محمد بن كعب -رحمة الله -لذى دين، معناه: إن في ذلك قسم لذى حجر، و"هل" هاهنا في موضع "إن". ومعنى قوله -عز وجل -: {والفجر * وليال عشر} وحق رب الفجر، وحق رب ليال عشر إلى آخر القسم، وكذلك فيما شاكل ذلك كقوله تعالى. {والشمس وضحاها} [الشمس: 1]، {والسماء والطارق} [الطارق: 1]، {والسماء ذات البروج} [البروج: 1] وغيرها.
পৃষ্ঠা - ৩৭৬
فصل فيما ورد في عشر ذي الحجة من كرامات الأنبياء وما نقل في ذلك من الأخبار والأنباء وفضائل الأعمال أخبرنا الشيخ أبو البركات، قال: أنبأنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن زرقونة، قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي -رحمه الله، قال: أنبأنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بحلب، قال: أنبأنا عمرو بن عثمان، قال: أنبأنا الوليد، عن ابن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، -رضي الله عنهما -أنه قال في عشر ذي الحجة: قبل الله توبة آدم، وتاب عليه بعرفة، لأنه اعترف بذنبه. وفيه وجد إبراهيم الخليل -عليه السلام -الخلة فبذل ماله للضيفان، ونفسه للنيران، وولده للقربان، وقلبه للرحمن، ولم يصح لأحد التوكل إلا لإبراهيم خليل الرحمن. وفيه بنى إبراهيم -عليه السلام -الكعبة الشريفة قال الله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} [البقرة: 127]. وفيه أكرم الله موسى -عليه السلام -بالمناجاة. وفيه نزلت على داود المغفرة وفيه كانت ليلة المباهاة. وقيل: فيه افتتاح نزول القرآن بكرة يوم الأضحى والنبي -صلى الله عليه وسلم -متوجه إلى المصلى. وفيه كانت بيعة الرضوان، فأنزل الله تعالى: {إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18] وهي شجرة سمرة كان ذلك يوم الحديبية، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ألف وأربعمائة رجل، وقيل: ألف وخمسمائة رجل، وأول من أطلق يده للمبايعة أبو سنان الأسدى، عليه وعلى جميع الصحابة -رحمة الله تعالى -وبركاته وتحياته والتابعين لهم بإحسان. وفيه يوم التروية، ويوم عرفة، ويوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، وأخبرنا الشيخ أبو البركات، عن أحمد بن علي الحافظ، بإسناده عن أبى سعيد الخدرى -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "سيد الشهود شهر رمضان، وأعظمها حرمة ذو الحجة". وأخبرنا الشيخ أبو البركات، عن الفضل بن محمد القصار الأصفهاني قال: أنبأنا أبو
পৃষ্ঠা - ৩৭৭
سعيد الحسن بن علي بن سهلان، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الوراق قال: أخبرنا أبو بكر البزار، قال: أخبرنا أبو كامل الفضل بن الحسن الجحدرى، قال: أنبأنا أبو عاصم بن هلال، عن أيوب، عن ابن الزبير، عن جابر -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "أفضل أيام الدنيا أيام عشر ذي الحجة، قيل: ولا مثلها في سبيل الله؟ قال: ولا مثلها في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه في التراب". وأخبرنا الشيخ أبو البركات عن القاضي أبى المضفر هناد بن إبراهيم البخارى النسفى بإسناده عن عطاء بن أبى رباح، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها -قالت: "كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -رجل يحب السماع يعنى الغناء، وكان إذا أهل هلال ذي الحجة أصبح صائمًا، فاتصل الحديث برسول الله -صلى الله عليه وسلم -فأحضروا الرجل وقال له: "ما حملك على صيام هذه الأيام، فقال: يا رسول الله إنها أيام مشاعر وأيام الحج، فأحببت أن يشركنى الله تعالى في دعائهم فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم -: لك بعدد كل يوم تصومه عتق مئة رقبة ومئة بدنة تهديها، ومئة فرس تحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم التروية، فلك عتق ألف رقبة وألف بدنة تهديها في سبيل الله وألف فرس تحميل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم عرفة فلك عتق ألفى رقبة وألفى بدنة تهديها وألفى فرس تحمل عليها في سبيل الله، وصيام سنة قبلها وسنة بعدها". وأخبرنا الشيخ أبو البركات بإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله -عز وجل -منه في هذه الأيام، يعنى أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". وأخبرنا الشيخ أبو البركات، عن أبى بكر بن أحمد بن علي بن ثابت الحافظ بإسناده عن هيبرة بن خالد الخزاعى، عن حفصة -رضي الله عنها -أنها قالت: "أربع لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم -يتركهن: صوم عشر ذي الحجة، وعاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة". وأخبرنا الشيخ أبو البركات، عن حمزة بن عيسى بن الحسن الوراق بإسناده عن
পৃষ্ঠা - ৩৭৮
سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "ما من أيام أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيهن من أيام عشر ذي الحجة، وإن صيام يوم يعدل صيام سنة، وقيام ليلة كقيام سنة". وأخبرنا الشيخ أبو البركات عن الحسن بن أحمد المقرئ بإسناده، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "من صام أيام العشر كتب الله له بكل يوم صوم سنة". وعن سعيد بن جبير -رحمه الله -أنه كان يقول: لا تطفئوا سرجكم ليال العشر، ويأمر بإيقاظ الخدم، وتعجبه فيه العبادة. (فصل) وأما الصلاة الواردة في أيام العشر: فما أخبرنا به الشيخ أبو البركات، عن الشريف أبى عبد الله محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن المهدي بإسناده، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنهما -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "من أحيا ليلة من ليالي عشر ذي الحجة، فكأنما عبد الله عبادة من حج واعتمر طول سنته، ومن صام سنته، ومن صام فيها يومًا فكأنما عبد الله تعالى سائر سنته". وأخبرنا الشيخ أبو البركات عن محمد بن محمد بن عبد العزيز الشاهد بإسناده عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي -رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "إذا دخل عشر ذي الحجة، فجدوا في الطاعة، فإنها أيام فضلها الله تعالى وجعل حرمة ليلها كحرمة نهارها، فمن صلى في ليلة من ليالي العشر في الثلث الأخير أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بالحمد مرة، والمعوذتين، ويكرر سورة الإخلاص ثلاثًا، ويقرأ آية الكرسي، ويكرر ذلك في كل ركعة، فإذا فرغ من صلاته رفع يديه وقال: سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان ذي القدرة والملكوت، سبحان الله الحي الذي لا يموت، لا إله إلا هو يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، سبحان الله رب العباد والبلاد، والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا على كل حال، الله أكبر كبيرًا، ربنا جل
পৃষ্ঠা - ৩৭৯
جلاله وقدرته بكل مكان -قال الشيخ: يعني علمه بكل مكان -ثم يدعو بما شاء، فإن له من الأجر بإزاء من حج إلى بيت الله الحرام وزار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم -وجاهد في سبيل الله، ولم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وإن صلاها في كل ليلة من ليالي العشر، أحله الله تعالى الفردوس الأعلى، ومحا عنه كل سيئة، وقيل له: استأنف العمل، فإذا كان يوم عرفة، وصام نهارها، وصلى ليلها، ودعا بهذا الدعاء، وأكثر التضرع بين يدي الله تعالى يقول الله: يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له وأشركته بالحجاج إلى بيتي، قال: فتستبشر الملائكة بما يعطى الله تعالى ذلك العبد بصلاته ودعائه. (فصل) والعشر لخمسة أنبياء -عليهم السلام -: الأول: عشر آدم -عليه السلام -، وهو أنه لما خلق الله حواء من ضلعه الأيسر القصير وهو نائم، فاستيقظ من سنته، فرأى حواء جالسة عنده، فقال لها: لمن أنت؟ قالت: لك، فأراد أن يمسها، فقيل له. لا تمسها حتى تعطى مهرها، قال: إلهي وما مهرها؟ قال الله تعالى: هو أن تصلى على نبي آخر الزمان عشرًا فلذلك مهرها. والثاني: عشر إبراهيم خليل الرحمن -عليه السلام -، قال الله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} [البقرة: 124] وهي عشر خصال: خمس منها في الرأس: الفرق، وقص الشارب، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وخمس منها في البدن: وهي تقليم الأظفار، ونتف الإبطين، والختان، وحلق العانة، وتخليل الأصابع. فلما أتم إبراهيم -عليه السلام -هذه الخصال العشرة أكرمه الله تعالى بالخلة، قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء: 125]. والثالث: عشر شعيب النبي -عليه السلام -، قوله -عز وجل -: {فإن أتممت عشرًا فمن عندك} [القصص: 27] وهو أنه أجره موسى -عليه السلام -نفسه عشرين سنين، فكان أجرته مهر ابنة شعيب النبي -عليه السلام -. وقيل: إن شعيبًا -عليه السلام -بكى عشرين سنة حتى ذهب بصره، فرد الله بصره عليه فأوحى الله إليه: يا شعيب إن كنت تخاف النيران فقد أمنتك، وإن كنت تريد الجنان فقد وهبت لك، وإن كنت تطلب الرضوان فقد أعطيتك، فقال: يا جبريل ليس بكائي حبًا للجانان، ولا خوفًا من النيران، ولكن شوقًا إلى لقاء الرحمن، فقال الله -عز وجل -:
পৃষ্ঠা - ৩৮০
الآن حق لك، فابك ثم ابك ثم عوض لبكائه وهو أن جعل الله نبيه موسى -عليه السلام -خادمًا له عشر سنين، جزاء لما كان من بكائه على محبته، سوى ما قد ادخر له عنده من الكرامات والمنازل العاليات والقرب منه تبارك وتعالى، والنظر إلى وجهه الكريم، وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. والرابع: عشر موسى -عليه السلام -، قوله -عز وجل -: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} [الأعراف: 142]. وذلك أن الله -عز وجل -وعد موسى -عليه السلام -المناجاة، وأعطاه التوراة، فصام موسى -عليه السلام -ثلاثين يومًا، وكان ذلك شهر ذي الحجة، وقيل: إنه شهر ذي القعدة، فلما قصد المناجاة وضع قطعة زيتون في فيه لما شاهد من تغير رائحة فمه، فقال -عز وجل -: يا موسى أما علمت أن خلوف فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك؟ ثم أمره أن يصوم عشرًا من المحرم آخرها يوم عاشوراء. وعلى قول من قال: الشهر كان ذا القعدة، فيكون عشر ذي الحجة، ثم قربه وأكرمه بالمناجاة والقربة، قوله -عز وجل -: {ولما جاء موسى لميقاتنا} [الأعراف: 143]. والخامس: عشر نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم -قوله تعالى: {والفجر * وليال عشر} [الفجر: 1 - 2] يعنى عشر ذي الحجة، وقد ذكرناه. (فصل) وقيل: من أكرم هذه الأيام العشرة أكرمه الله تعالى بعشر كرامات: البركة في عمره، والزيادة في ماله، والحفظ لعياله، والتكفير لسيئاته، والتضعيف لحسناته، والتسهيل لسكراته، والضياء لظلماته، والتثقيل لميزانه، والنجاة من دركاته، والصعود على درجاته. ومن تصدق في هذه الأيام العشر بصدقة على مسكين، فكأنما تصدق على أنبيائه ورسله، ومن عاد فيها مريضًا فكأنما عاد أولياء الله وبدلائه، ومن شيع جنازة فكأنما شيع جنائز شهدائه، ومن كسا مؤمنًا كساه الله تعالى من حلله، ومن لطف فيها بيتيم لطف الله تعالى به في القيامة تحت ظل عرشه، ومن حضر مجلسًا من مجالس العلم، فكأنما حضر مجالس أنبياء الله ورسوله. وقال وهب بن منبه -رحمه الله -: إن آدم -عليه السلام -لما أهبط إلى الأرض بكى على ذنبه ستة أيام، ثم أوحى الله إليه في اليم السابع وهو محزون كظيم منكس رأسه، يا
পৃষ্ঠা - ৩৮১
آدم ما هذا الجهد الذي بك؟ فقال: إلهي عظمت مصيبتي، وأحاطت بي خطيئتي، وصرت في دار الهوان بعد الكرامة، وفي دار الشقاوة بعد السعادة، وفي دار الموت والفناء بعد الخلد والبقاء، فكيف لا أبكي على خطيئتي؟ فأوحى الله تعالى إليه: يا آدم أما اصطنعتك لنفسي، ثم اصطفيتك على خلقي، وخصصتك بكرامتي، وألقيت عليك محبتي؟ أما خلقتك بيدي وأسجدت لك ملائكتي؟ ألم تكن في بحبوحة كرامتي ومنتهى رحمتي، فعصيت أمري، ونسيت عهدي، فكيف نسيت نعمتي؟ فوعزتي وجلالي لو ملأت الأرض رجالاً كلهم مثلك يعبدوني ويسبحوني الليل والنهار ولا يفترون ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين. قال: فبكى عند ذلك ثلاث مئة عام على جبل الهند تجري دموعه في أودية جبالها فنبتت من تلك الدموع أشجار طيبة، فقال له جبريل -عليه السلام -: اذهب إلى بيت الله الحرام، واصبر حتى تدخل أيام العشر، ثم تب إلى الله لعله يرحم ضعفك، فمضى فكان يخطو خطوة، فكان موضع قدميه عمرانًا، وما بينهما مفاوز. وقيل: كان بين قدميه ثلاثة فراسخ، حتى أتى البيت، فطاف بالبيت أسبوعًا، وبكى حتى خاض في دموعه إلى ركبتيه، وجرت على الأرض، فقال: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءًا، وظلمت نفسي فاغفر لي وأنت خير الغافرين، وارحمني إنك أرحم الراحمين، فأوحى الله إليه: يا آدم قد رحمت ضعفك، وغفرت ذنبك، وقبلت توبتك، فذلك قوله -عز وجل -: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} [البقرة: 37] فوجد آدم من بركات أيام العشر - التوبة. وكذلك المؤمن الذي عصى ربه واتبع هواه في معصية مولاه إذا تاب وأناب، وانقاد لطاعة مولاه في هذه الأيام يتفضل عليه بالرحمة والغفران، وإبدال السيئات بالحسنات برحمة منه. (فصل) وقد أقسم الله تعالى بـ {الفجر وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر ...} إلى قوله: {إن ربك لبالمرصاد} وهي ثمان قناطر على جسر جهنم، فيسئل العبد في أول موقف منها عن الإيمان بالله، فإن كان مؤمنًا نجا، وإلا تردى في النار، ثم جاز إلى الثاني فيسئل عن الوضوء والصلاة، فإن قصر فيهما تردى إلى النار، وإن أكمل ركوعها وسجودها نجا، ثم جاز إلى الثالث فيسئل عن الزكاة، فإن كان قد أداها نجا، ثم
পৃষ্ঠা - ৩৮২
جاز إلى الرابع، فيسئل عن الصيام، فإن كمل صيامه نجا، ثم جاز إلى الخامس فيسئل عن الحج والعمرة، فإذا كان أداهما نجا، ثم جاز إلى السادس فيسئل عن الأمانة، فإن لم يخن فيها نجا ثم جاز إلى السابع فيسئل عن الغيبة والنميمة والبهتان، فإن لم يكن اغتاب نجا، ثم جاز إلى الثامن فيسئل عن أكل الحرام، فإن لم يكن أكل نجا وإلا تردى في النار. * * *