গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

مجلس في فضل شهر شعبان

পৃষ্ঠা - ৩৩১
مجلس في فضل شهر شعبان وما ينزل في ليلة النصف من المغفرة والرضوان أخبرنا الشيخ أبو نصر محمد، عن والده أبي علي الحسين، أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عمر بن حفص جعفر المقري بإفتاء أبي الفتح الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، أخبرنا إسحاق بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن سلمة، أخبرنا مالك بن أنس، عن أبي النضر -مولى عمر بن عبد الله -عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنها أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته صام في شهر أكثر من صيامه في شعبان" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن مالك رحمه الله. وأخبرنا أبو نصر عن محمد عن والده بإسناده عن هشام بن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان أحب صيامه في شعبان، فقلت: يا رسول الله ما لي أرى صيامك في شعبان؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة إنه شهر ينسخ لملك الموت فيه اسم من يقبض روحه في بقية العام فأنا أحب ألا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم". وأخبرنا أبو نصر عن محمد عن والده بإسناده عن عطاء بن يسار، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم في شهر بعد رمضان أكثر من صيامه في شعبان". وذلك أن كل من يموت في تلك السنة ينسخ اسمه في شعبان من الأحياء إلى الأموات، وإن الرجل ليسافر وقد نسخ اسمه فيمن يموت.
পৃষ্ঠা - ৩৩২
وحدثنا أبو نصر عن والده بإسناده عن ثابت عن أنس -رضي الله عنه- قال: "سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الصيام قال: صيام شعبان تعظيمًا لرمضان". وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناده عن معاوية بن الصالح قال: إن عبد الله بن قيس حدثه أنه سمع عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان أحب الشهور إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شعبان يصله برمضان". وقال عبد الله -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صام آخر يوم إثنين من شعبان غفر له" يعني آخر إثنين فيه، لا آخر يوم من الشهر، لأن استقبال الشهر باليوم واليومين فيه منهى عنه. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما سمي شعبان لأنه ينشعب لرمضان فيه خير كثير، وإنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب". (فصل) قال الله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} [القصص: 68]. فالله تعالى اختار من كل شيء أربعة، ثم اختار من الأربعة واحدًا. اختار من الملائكة أربعة: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، ثم اختار منهم جبريل. واختار من الأنبياء عليهم السلام أربعة: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا -صلى الله عليه وسلم- أجمعين، ثم اختار منهم محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. واختار من الصحابة -رضي الله عنهم- أربعة: أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا -رضي الله عنهم-، ثم اختار منهم أبا بكر -رضي الله عنه-. ومن المساجد أربعة: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد المدينة المشرفة ومسجد طور سيناء، ثم اختار منها المسجد الحرام. ومن الأيام أربعة: يوم الفطر ويوم الأضحى ويوم عرفة ويوم عاشوراء، ثم اختار منها يوم عرفة. ومن الليالي أربعة: ليلة البراءة وليلة القدر وليلة الجمعة وليلة العيد، ثم اختار منها
পৃষ্ঠা - ৩৩৩
ليلة القدر. ومن البقاع أربعة: مكة، والمدينة، وبيت المقدس، ومساجد العشائر، ثم اختار منها مكة. ومن الجبال أربعة: أحدًا، وطور سيناء، ولكام، ولبنان، ثم اختار منها طور سيناء. ومن الأنهار أربعة: جيحون، وسيحون، والفرات، والنيل، ثم اختار منها فراتًا. واختار من الشهور أربعة: رجب وشعبان ورمضان والمحرم، واختار منها شعبان، وجعله شهر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأنبياء كذلك شهره أفضل الشهور. وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "شعبان شهري، ورجب شهر الله، ورمضان شهر أمتي، شعبان هو المكفر، ورمضان هو المطهر". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "شعبان شهر بين رجب ورمضان يغفل الناس عنه، وفيه ترفع أعمال العباد إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فضل رجب على سائر الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام، وفضل شعبان على سائر الشهور كفضلي على سائر الأنبياء، وفضل رمضان على سائر الشهور كفضل الله تعالى على سائر خلقه". وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: "كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم إذا نظروا إلى هلال شعبان أكبوا على المصاحف يقرؤونها، وأخرج المسلمون زكاة أموالهم ليتقوى بها الضعيف والمسكين على صيام شهر رمضان، ودعا الولاة أهل السجن، فمن كان عليه حد أقاموه عليه وإلا خلوا سبيله، وانطلق التجار فقضوا ما عليهم وقبضوا ما لهم، حتى إذا نظروا إلى هلال رمضان اغتسلوا واعتكفوا". (فصل) شعبان خمسة أحرف، شين وعين وباء وألف ونون، فالشين من الشرف، والعين من العلو، والباء من البر، والألف من الألفة، والنون من النور، فهذه العطايا
পৃষ্ঠা - ৩৩৪
من الله تعالى للعبد في هذا الشهر. وهو شهر تفتح فيه الخيرات، وتنزل فيه البركات، وتترك فيه الخطيئات، وتكفر فيه السيئات، وتكثر فيه الصلوات على محمد -صلى الله عليه وسلم- خير البريات. وهو شهر الصلاة على النبي المختار، قال الله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا} [الأحزاب: 56]. فالصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الشفاعة والاستغفار ومن المؤمنين الدعاء والثناء. وقال مجاهد رحمه الله: الصلاة من الله التوفيق والعصمة، ومن الملائكة العون والنصرة، ومن المؤمنين الاتباع والحرمة. وقال ابن عطاء: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الله تعالى الوصلة، ومن الملائكة الرقة، ومن المؤمنين المتابعة والمحبة. وقال غيره: صلاة الرب تبارك وتعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- تعظيم الحرمة، وصلاة الملائكة عليه -صلى الله عليه وسلم- إظهار الكرامة، وصلاة الأمة عليه -صلى الله عليه وسلم- طلب الشفاعة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرًا". فينبغي لكل مؤمن لبيب ألا يغفل في هذا الشهر، بل يتأهب فيه لاستقبال شهر رمضان بالتطهر من الذنوب والتوبة عما فات وسلف فيما مضى من الأيام، فيتضرع إلى الله تعالى في شهر شعبان، ويتوسل إلى الله تعالى بصاحب الشهر محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى يصلح فساد قلبه، ويداوي مرض سره، ولا يسوف ويؤخر ذلك إلى غد، لأن الأيام ثلاثة: أمس وهو أجل، واليوم وهو عمل، وغدًا وهو أمل، فلا تدري هل تبلغه أم لا، فأمس موعظة، واليوم غنيمة، وغدًا مخاطرة. وكذلك الشهور ثلاثة: رجب فقد مضى وذهب فلا يعود، ورمضان وهو منتظر لا تدري هل تعيش إلى إدراكه أم لا؟ وشعبان وهو واسطة بين شهرين فليغتنم الطاعة فيه. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه، قيل هو عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك
পৃষ্ঠা - ৩৩৫
قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". (فصل: في ليلة البراءة: وما خصت به من الكرامة والفضائل) قال الله عز وجل: {حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: 1 - 3]. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: {حم} يعني قضى الله ما هو كائن إلى يوم القيامة {والكتاب المبين} يعني القرآن {إنا أنزلناه} يعني القرآن {في ليلة مباركة} هي ليلة النصف من شعبان وهي ليلة البراءة، وقال ذلك أكثر المفسرين سوى عكرمة فإنه قال: هي ليلة القدر. وقد سمى الله تعالى أشياء في القرآن مباركًا: -منها سمى القرآن مباركًا، قال: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [الأنبياء: 50] فمن بركته أن من قرأه وآمن به اهتدى، وتخلص من النار ولظى، حتى يتعدى ذلك إلى الآباء والأبناء، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ القرآن نظرًا في المصحف خفف الله عز وجل عن أبويه العذاب وإن كانا كافرين". -ومنها أنه عز وجل سمى الماء مباركًا قال: {ونزلنا من السماء ماء مباركًا} [ق: 9] فمن بركته أن حياة الأشياء به؛ كما قال الله عز وجل: {وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء: 30]. وقيل فيه عشر لطائف: الرقة، واللين، والقوة، واللطافة، والصفاوة، والحركة، والرطوبة، والبرودة، والتواضع، والحياة، وجعل الله تعالى هذه اللطائف في المؤمن اللبيب: رقة القلب، ولين الخلق، وقوة الطاعة، ولطافة النفس، وصفاوة العمل، والحركة في الخير، والرطوبة في العين، والبرودة في المعاصي، والتواضع عند الخلق، والحياة عند استماع الحق. -ومنها أنه عز وجل سمى الزيتون مباركًا في قوله تعالى: {من شجرة مباركة زيتونة} [النور: 3]. وهي أول شجرة أكل منها آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض،
পৃষ্ঠা - ৩৩৬
وفيها طعام واستضاءة كما قال الله تعالى: {وصبغ للأكلين} [المؤمنون: 20]. وقيل الشجرة المباركة هو إبراهيم عليه السلام، وقيل هو القرآن وقيل هو الإيمان، وقيل هي نفس المؤمن المطمئنة الأمارة بالخير الممتثلة للأمر، المنتهية للنهي، المسلمة للقدر، الموافقة للرب فيما قضى وسطر. -ومنها أنه عز وجل سمي عيسى عليه السلام مباركًا قال تعالى: {وجعلني مباركًا أين ما كنت} [مريم: 31] فمن بركته عليه السلام ظهور الثمرة من النخلة اليابسة لأمه الصديقة مريم عليهما السلام، ونبع الماء من تحته، قال عز وجل: {فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريًا * وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا * فكلي وأشربي وقري عينًا} [مريم: 24 - 26] وأبرأ الأكمه والأبرص، وأحيا الموتى بدعوته وغير ذلك من الخير والمعجزات. -ومنها أنه عز وجل سمي الكعبة مباركًا قال عز وجل: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا} [آل عمران: 96]. ومن بركاتها أن من دخلها وعليه أثقال من الذنوب خرج مغفورًا له، قال الله تعالى: {ومن دخله كان آمنًا} [آل عمران: 97] فمن دخل البيت وهو مؤمن محتسب تائب أمنه الله عذابه وقبل توبته وغفر له. وقيل من دخله كان آمنًا من أن يؤذى في الحرم حتى يخرج منه، ولهذا يحرم قتل صيده وقطع شجره لحرمة الكعبة، فحرمة الكعبة لحرمة الله، وحرمة المسجد لحرمة الكعبة، وحرمة مكة لحرمة المسجد، وحرمة الحرم لحرمة مكة. كما قيل: إن الكعبة قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل مكة، ومكة قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض. وإنما سماها بكة لأن الأقدام تبك بعضها بعضًا: أي تدفع وتدرأ، وبكة ومكة واحد تبدل أحدهما بالأخرى، ككمد وكبد، ولازم ولازب. -ومنها سمي ليلة البراءة مباركة لما فيها من نزول الرحمة والبركة والخير والعفو والغفران لأهل الأرض. ومن ذلك ما أخبرنا الشيخ أبو نصر عن والده، قال: أخبرنا محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسماعيل بن عمر البجلي، أخبرنا عمر بن موسى الوجيهي،
পৃষ্ঠা - ৩৩৭
عن زيد بن علي عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ينزل الله تعالى في ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل مسلم إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم أو امرأة تبغي في فرجها". وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناده عن يحيى بن سعيد، عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لما كانت ليلة النصف من شعبان انسل النبي -صلى الله عليه وسلم- من مرطي، ثم قالت: والله ما كان مرطي من حرير ولا قز ولا كتان ولا خز ولا صوف. قال: قلت لها: سبحان الله فمن أي شيء كان؟ قالت: كان سداؤه من شعر وكانت لحمته من وبر، وأحسب نفسي أن يكون -صلى الله عليه وسلم- قد أتى بعض نسائه، فقمت فالتمسته في البيت فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد، فحفظت من دعائه -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء لك بالنعم وأعترف لك بالذنب، ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. قالت: فما زال -صلى الله عليه وسلم- قائمًا وقاعدًا حتى أصبح وقد أصعدت، يعني انتفخت قدماه وأنا أغمزها وأقول: بأبي أنت وأمي أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، أليس قد فعل الله بك، أليس أليس؟. قال -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ هل تدرين ما في هذه الليلة؟ قالت: قلت: وما فيها؟ قال: فيها يكتب كل مولود في هذه السنة، وفيها يكتب كل ميت، وفيها تنزل أرزاقهم، وفيها ترفع أعمالهم وأفعالهم. قلت: يا رسول الله ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله. قلت: ولا أنت؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته، فمسح يده على هامته وعلى وجهه". وأخبرني أبو نصر، قال: أنبأنا والدي، حدثنا محمد بن أحمد الحافظ، أنبأنا عبد الله
পৃষ্ঠা - ৩৩৮
ابن محمد، أنبأنا أبو العباس الهروي وإبراهيم بن محمد الحسن، قال: أخبرنا أبو عامر الدمشقي، أنبأنا الوليد بن مسلم، أخبرني هشام بن الغار وسليمان بن مسلم وغيره، عن مكحول، عن عائشة -رضي الله عنها-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "يا عائشة أية ليلة هي؟. قالت: الله ورسوله أعلم، فقال: ليلة النصف من شعبان، فيها ترفع أعمال الناس، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعر غنم كلب، فهل أنت أذنت لي الليلة؟ قالت: قلت: نعم، فصلى فخفف القيام وقرأ الحمد وسورة خفيفة، ثم سجد إلى شطر الليل، ثم قام في الركعة الثانية، فقرأ فيها نحوًا من قراءة الأولى، فكان سجوده إلى الفجر. قالت عائشة رضي الله عنها: أنظره حتى ظننت أن الله تعالى قد قبض روح رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلما طال علي دنوت منه حتى مسست أخمص قدميه، فتحرك فسمعته يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جل وجهك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. قلت: يا رسول الله قد سمعتك تذكر في سجودك الليلة شيئًا ما سمعتك تذكره قط، قال -صلى الله عليه وسلم-: وعلمت ذلك؟ قلت: نعم، قال -صلى الله عليه وسلم-: تعلميهن وعلميهن، فإن جبريل عليه السلام أمرني أن أذكرهن في السجود". وأخبرني أبو النصر عن والده، قال: أنبأنا عبد الله بن محمد، أنبأنا إسحاق بن أحمد الفارسي، أنبأنا أحمد بن الصباح بن أبي شريح، أنبأنا يزيد بن هارون، حدثنا الحجاج بن أرطاة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فخرجت فإذا هو بالبقيع رافعًا رأسه إلى السماء، فقال لي: أكنت تخافين أن يحيف الله ورسوله عليك؟ فقلت له: يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب". وعن عكرمة مولى ابن عباس ر حمه الله ورضي الله عنهما في قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} [الدخان: 4] قال: "هي ليلة النصف من شعبان، يدبر الله تعالى أمر السنة، وينسخ الأحياء من الأموات، ويكتب حاج بيت الله، فلا يزيد فيهم أحد ولا
পৃষ্ঠা - ৩৩৯
ينقص منهم أحد". وقال حكيم بن كيسان: يطلع الله تعالى إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان، فمن طهره في تلك الليلة زكاه إلى مثلها. وقال عطاء بن يسار: يعرض عمل السنة في ليلة النصف من شعبان، فيخرج الرجل مسافرًا وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات، ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات. وأخبرني أبو نصر عن والده بإسناده، عن مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يفتح الله الخير في أربع ليال سحًا، ليلة الأضحى، وليلة الفطر، وليلة النصف من شعبان ينسخ الله فيها الآجال والأرزاق، ويكتب فيها الحاج، وليلة عرفة إلى الأذان". قال سعيد، قال لي إبراهيم بن أبي نجيح: هي خمس ليال فيها ليلة الجمعة. وروى أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "جاءني جبريل عليه السلام ليلة النصف من شعبان وقال لي: يا محمد ارفع رأسك إلى السماء، قال: قلت له: ما هذه الليلة؟ قال: هذه الليلة يفتح الله سبحانه فيها ثلاثمائة باب من أبواب الرحمة، يغفر لجميع من لا يشرك به شيئًا، إلا أن يكون ساحرًا أو كاهنًا أو مدمن خمر أو مصرًا على الربا والزنا، فإن هؤلاء لا يغفر لهم حتى يتوبوا. فلما كان ربع الليل نزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد ارفع رأسك، فرفع رأسه فإذا أبواب الجنة مفتوحة، وعلى الباب الأول ملك ينادي: طوبي لمن ركع في هذه الليلة، وعلى الباب الثاني ملك ينادي: طوبي لمن سجد في هذه الليلة، وعلى الباب الثالث ملك ينادي: طوبي لمن دعا في هذه الليلة، وعلى الباب الرابع ملك ينادي: طوبي للذاكرين في هذه الليلة، وعلى الباب الخامس ملك ينادي: طوبي لمن بكى من خشية الله في هذه الليلة، وعلى الباب السادس ملك ينادي: طوبي للمسلمين في هذه الليلة، وعلى الباب السابع ملك ينادي: هل من سائل فيعطي سؤله؟ وعلى الباب الثامن ملك ينادي: هل من مستغفر فيغفر له؟ فقلت: يا جبريل إلى متى تكون هذه الأبواب مفتوحة؟ قال: إلى طلوع الفجر من أول الليل، ثم قال: لله تعالى فيها عتقاء من النار بعدد شعر غنم كلب".
পৃষ্ঠা - ৩৪০
(فصل) وقد سميت ليلة البراءة لأن فيها براءتين، براءة للأشقياء من الرحمن، وبراءة للأولياء من الخذلان. وقد روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا كان ليلة النصف من شعبان أطلع الله على خلقه فيغفر للمؤمنين، ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه". وقيل: إن للملائكة ليلتي عيد في السماء، كما أن للمسلمين يومي عيد في الأرض، فعيد الملائكة ليلة البراءة وليلة القدر، وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى، وعيد الملائكة بالليل لأنهم لا ينامون، وعيد المؤمنين بالنهار لأنهم ينامون. وقيل: إن الحكمة في أن الله تعالى أظهر ليلة البراءة وأخفى ليلة القدر، لأن ليلة القدر ليلة الرحمة والغفران والعتق من النيران، أخفاها الله عز وجل لئلا يتكلوا عليها، وأظهر ليلة البراءة لأنها ليلة الحكم والقضاء، وليلة السخط والرضا، ليلة القبول والرد والوصول والصد، ليلة السعادة والشقاء والكرامة والنقاء. فواحد فيها يسعد والآخر فيها يبعد، وواحد يجزى وواحد يخزى، وواحد يكرم وآخر يحرم، وواحد يؤجر وآخر يهجر، فكم من كفن مغسول وصاحبه في السوق مشغول، وكم من قبر محفور وصاحبه بالسرور مغرور، وكم من فم ضاحك وهو عن قريب هالك، وكم من منزل كمل بناؤه وصاحبه قد أرف يعني قرب فناؤه، وكم من عبد يرجو الثواب فيبدو له العقاب، وكم من عبد يرجو البشارة فتبدو له الخسارة، وكم من عبد يرجو الجنان فتبدو له النيران، وكم من عبد يرجو الوصل فيبدو له الفصل، وكم من عبد يرجو العطاء فيبدو له البلاء، وكم من عبد يرجو الملك فيبدو له الهلك. وقيل: إن الحسن البصري رحمه الله كان يخرج من داره يوم النصف من شعبان، وكأن وجهه قد قبر ودفن، ثم أخرج من قبره، فقيل له في ذلك، فقال: والله ما الذي انكسرت سفينته بأعظم مصيبة مني، قيل له: ولم ذلك؟ قال: لأني من ذنوبي على يقين، ومن حسناتي على وجل، فلا أدري اتقبل مني أم ترد علي. (فصل) فأما الصلاة الواردة في ليلة النصف من شعبان فهي: مائة ركعة بألف ركعة {قل هو الله أحد ...} في كل ركعة عشر مرات، وتسمى هذه
পৃষ্ঠা - ৩৪১
الصلاة صلاة الخير وتعرف بركتها. وكان السلف الصالح يصلونها جماعة يجتمعون لها، وفيها فضل كثير وثواب جزيل. وروى عن الحسن رحمه الله أنه قال: حدثني ثلاثون من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة، وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة، أدناها المغفرة. ويستحب أن تصلي هذه الصلاة أيضًا في الأربع عشر ليلة التي يستحب إحياؤها التي ذكرناها في فضائل رجب، ليحوز بها المصلي هذه الكرامة وهذه الفضيلة والمثوبة. * * *