গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الأول الفقه

كتاب الآداب

পৃষ্ঠা - ৩০
كتاب الآداب (فصل) الابتداء بالسلام سنة، ورده آكد من ابتدائه. وهو مخير في صفته: إما أن يدخل الألف واللام فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أو يحذفهما فيقول: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولا يزيد على ذلك. وقد روي في ذلك حديث وهو: ما روي عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنهما أنه قال: «جاء رجل أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عشرًا. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عشرون. ثم جاء آخر: فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثون»، يعني ثلاثين حسنة. والسنة أن يسلم الماشي على الجالس، والراكب على الماشي والجالس. وسلام الواحد من الجماعة على غيرهم يجزئ. وكذلك رد الواحد من الجماعة يجزئ عنهم.
পৃষ্ঠা - ৩১
ولا يجوز البداءة بالسلام على المشرك بحال، فإن بدأه مشرك رد عليه بأن يقول: وعليك. وأما رده على المسلم بأن يقول: وعليكم السلام كما قال، وإن زاد إلى قوله: وبركاته كان أولى. وإن قال مسلم لمسلم: سلام لم يجبه، ويعرفه انه ليس بتحية السلام، لأنه ليس بكلام تام. ويستحب للنساء السلام بعضهن على بعض. وأما سلام الرجل على المرأة الشابة فمكروه، وإن كانت برزة فلا حرج. وأما السلام على الصبيان فمستحب؛ لأن فيه تعليمهم الأدب، وتحبيب الخير إليهم. وكذلك يستحب لمن قام من المجلس أن سلم على أهله، وكذلك يسلم عليهم إذا عاد إليهم، وكذلك إن حال بينه وبينهم حائل مثل الباب والحائط، وكذلك إذا سلم على رجل ثم لقيه ثانيًا سلم عليه. ولا يسلم على المتلبسين بالمعاصي، كمن أجتاز على قوم يلعبون بالشطرنج والنرد، أو يشربون الخمر، أو يلعبون بالجوز والقمار، وإن سلموا عليه رد عليهم، إلا أن يغلب على ظنه انزعاجهم عن معاصيهم بتركه الرد عليهم فإنه لا يرده. ولا يهجر المسلم أخاه فوق الثلاث، إلا أن يكون من أهل البدع والضلال
পৃষ্ঠা - ৩২
والمعاصي فمستحب استدامة الهجر لهم، وبالسلام يتخلص من إثم الهجر للمسلم. ويستحب للمسلم المصافحة لأخيه، ولا ينزع يده حتى ينزع الآخر يده إن كان هو المبتدئ. وإن تعانقا وقبل أحدهما رأس الآخر ويده على وجه التبرك والتدين جاز. وأما تقبيل الفم فمكروه. (فصل: ويتسحب القيام للإمام العادل والوالدين وأهل الدين والورع وكرام الناس) وأصل ذلك ما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى سعد رضي الله عنه في شأن أهل قريظة، فجاء على حمار أقمر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قوموا إلى سيدكم». وقد روت عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل على فاطمة رضي الله تعالى عنها قامت إليه فأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها، وإذا دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قام إليها وأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في موضعه. وقد روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه». ولأن ذك يغرس المحبة والود في القلوب فاستحب لأهل الخير والصلاح كالمهاداة لهم، ويكره لأهل المعاصي والفجور. ومن الآداب: أن يخمر العاطس وجهه ويخفض صوته ويحمد الله عز وجل إلى قوله رب العالمين رافعًا صوته، لأنه روي في بعض الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن العبد إذا
পৃষ্ঠা - ৩৩
قال الحمد لله، قال الملك رب العالمين، فإذا قال رب العالمين بعد الحمد لله قال الملك يرحمك ربك». ولا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، فإذا قال ذلك استحب لمن سمعه أن يشمته بأن يقول له: يرحمك الله ويرد عليه فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وإن قال يغفر الله لكم جاز عن الأول، فإن زاد العاطس على ثلاث مرات سقط التشميت لأن ذلك ريح وزكام، كما جاء في الأثر وهو ما روي عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ويشمت العاطس ثلاثًا، فإن زاد على ذلك فهو مزكوم». وإن تثاءب غطى فمه بيده أو بكمه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك على فيه، فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، ولا يقول هاه هاه فإن ذلك من الشيطان يضحك منه». ويجوز للرجل تشميت المرأة البرزة العجوز، ويكره للشابة الخفرة، فأما الصبي فتشميه أن يقال له: بورك فيك، أو جزاك الله تعالى، أو خيرك الله تعالى. (فصل: في العشر الخصال التي في الفطرة) خمس منها في الرأس، وخمس في الجسد: فالتي في الرأس: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وإعفاء اللحية. والتي في الجسد: حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء والختان. والأصل في قص الشارب ما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه
পৃষ্ঠা - ৩৪
قال: «احفوا الشارب واعفوا اللحى» وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه «قصوا الشوارب واعفوا اللحى»، كلا اللفظين واحد، ومعناها: قصه من أصول الشعر بالمقراض واستئصاله به. وأما حلقه بالموسى فمكروه لما لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس منا من حلق»، ولأن في ذلك مثلة، وذهابًا لماء الوجه وجماله وفي بقاء أصول الشعر زينة وجمال. وقد روى عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يجزون شواربهم، وأما إعفاء اللحية فهو توفيرها وتكثيرها، ومنه قوله تعالى: {حتى عفوا} [الأعراف: 95] أي كثروا، وقد روي أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه كان يقبض على لحيته فما فضل من قبضته جزه، وكان عمر رضي الله تعالى عنه يقول: خذ ما تحت القبضة. (فصل) والأصل في حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظافر ما روي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: «وقت لنا رسول -الله صلى الله عليه وسلم- أربعين ليلة لا نتجاوزها في قص الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة». قال بعض أصحابنا: هذا في حق المسافر، وأما المقيم فلا يستحب له أن يزيد في ذلك على عشرين يومًا. واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في تصحيح هذا الحديث، فروي عنه إنكاره وروي عنه الاحتجاج به في التوقين بهذا المقدار. فإذا ثبت استحباب ذلك فهو مخير بين التنوير بالنورة وبين حلقه بالموسى، فقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان يتنور، وكذلك روي منصور بن حبيب بن أبي
পৃষ্ঠা - ৩৫
ثابت رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه طلى له أبو بكر وتولى هو عانته بيده. وروي عن أنس رضي الله تعالى عنه خلافه فقال: «لم يتنور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط، وكان إذا كثر عليه الشعر حلقه». فإذا ثبت هذا فيجوز أن يتولى ذلك غيره إذا لم يحسن هو حلقه فيما سوى العانة من الفخذ والساق، فإذا بلغ العانة تولاها هو بنفسه. والأصل في ذلك ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا بلغ عانته نورها بنفسه»، وفي بعض الألفاظ: «إذا بلغ مراقه». وأخذ أحمد بن حنبل رحمه الله بهذا. قال أبو العباس النسائي: نورنا أبا عبد الله فلما بلغ عانته نورها بنفسه. فإذا ثبت هذا وأنه يجوز إزالة هذه الشعور من العانة والفخذين والساقين بالنورة، فيجوز أيضًا بالموسى، لأنه أحد ما يزال به الشعر من المواضع المندوب إزالته، فجاز أن يزال به كالنورة. ويؤيد هذا القياس حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: «لم يتنور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط، وكان إذا كثر عليه الشعر حلقه». ولا يقال إن الحلق والتنوير إنما وردا في العانة خاصة لما تقدم من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا بلغ عانته نورها بنفسه» فدل على أنه كان يولي غير العانة في إزالة الشعر لغيره، وليس ذلك إلا الفخذ والساق، وإن ذكر في ذلك حديث في المنع من ذلك فهو محمول على من أراد بذلك التزيين لرغبة الرجال فيه من العلوق المتشبهين بالنساء من المخانيث وغيرهم والله تعالى أعلم بالصواب.
পৃষ্ঠা - ৩৬
(فصل: ويكره نتف الشيب) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنهم قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نتف الشيب، وقال: إنه نور الإسلام». وفي لفظ آخر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم ألبس شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة»، وفي حديث يحيى: «إلا كتب الله تعالى له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة». فقد روي في بعض التفاسير في قوله عز وجل: {وجاءكم النذير} [فاطر: 37] أنه هو الشيب، فكيف يجوز إزالة النذير بالموت، والمذكر به، والناهي عن الشهوات واللذات، والكاف عنها المحث على التأهب والتجهز، للآخرة، وعمارة دار البقاء؟ ومع ذلك يكون مقاومًا للقدر، كارهًا لفعل الله تعالى به، وغير راض بقضائه عز وجل، مؤثرًا للشباب والطراوة والبقاء على حداثة السن، زاهدًا في الوقار والحرمة والتقمص بنور الإسلام وخلقة إبراهيم خليل الرحمن، لأنه روي في بعض الكتب: «إن أول من شاب في الإسلام إبراهيم الخليل عليه السلام». وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله يستحي من ذي الشيبة» يعني من عذابه. (فصل: ويستحب تقليم الأظفار يوم الجمعة) ويكون مخالفًا بينها في الترتيب، لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من قص أظفاره مخالفًا لم ير في عينيه رمدًا». وفي حديث حميد بن عبد الرحمن عن أبيه «من قص أظفاره يوم الجمعة دخل فيه شفاء وخرج منه داء».
পৃষ্ঠা - ৩৭
وقد روى هذه الفضيلة والاستحباب في ذلك يوم الخميس بعد العصر ومعنى المخالفة: أن يبدأ بالخنصر من اليمنى ثم بالوسطى ثم بالإبهام ثم بالبنصر ثم بالسبابة. ومن اليسرى أن يبدأ بالإبهام ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السبابة ثم البنصر، هكذا فسره عبد الله بن بطة عن أصحابنا رحمه الله. وروى وكيع عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة إذا أنت قلمت أظافرك فابدئي بالوسطى ثم الخنصر ثم الإبهام ثم البنصر ثم السبابة، فإن ذلك يورث الغنى». وينبغي أن يكون التقليم بالمقص أو السكين، ويكره ذلك بالأسنان، وإذا قلم أظفاره يستحب له غسل البراجم ودفن الأظفار في التراب، وكذلك الشعور من الرأس والبدن، والدم من الحجامة والفصد لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بدفن الدم والشعر والظفر. (فصل) وأما حلق الرأس في غير الحج والعمرة والضرورة فمكروه في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رضي الله عنه، لما روي في حديث أبي موسى وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ليس منا من حلق». وروي الدارقطني في الأفراد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا توضع النواصي إلا في الحج أو عمرة»، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذم الخوارج وجعل سيماهم حلق الرؤوس، ولأن عمر رضي الله عنه قال لصبيغ: «لو وجدتك محلوقًا لضربت الذي فيه عيناك».
পৃষ্ঠা - ৩৮
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الذي يحلق في المصر خليق بالشيطان، ولأن في ذلك تشبهًا بالأعاجم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من تشبه بقوم فهو منهم». وإذا ثبت كراهية ما ذكرنا جعل مكانة أخذ الشعر بالجلم وهو المقص، كما كان يفعل أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وإن شاء استقص في ذلك فيقصه من أصله، وإن شاء أخذ أطراف الشعر، والرواية الأخرى، لا يكره ذلك لما روى أبو داود بإسناده عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم ثم أتاهم فقالوا: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ادعوا لي الحلاق، فأمره فحلق رؤوسنا. وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلق رأسه في آخر عمره بعد أن كان شعره يضرب منكبيه. وفي حديث علي رضي الله عنه: كان شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شحمتي أذنيه. ولأن الناس عصرًا بعد عصر يحلقون ولم يظهر عليهم نكير، ولأن في ذلك مشقة وحرجًا فعفى عنه كما عفى عن سؤر الهرة وحشرات الأرض. (فصل: ويكره القزع) وهو أن يحلق بعض الشعر ويترك بعضه، لماروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه نهى عن القزع. وأما حلق القفا فمكروه إلا في الحجامة خاصة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن حلق القفا إلا في الحجامة، لأنه من فعل المجوس، وكان أبو عبد الله أحمد يحلقه في الحجامة،
পৃষ্ঠা - ৩৯
ولأن ذلك في حال الضرورة. وأما اتخاذ الجمة وفرق الشعر فسنة مأثورة، روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق، وأمر أصحابه رضي الله عنهم بالفرق، وقد روى ذلك عن بضعة عشر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو عبيدة وعمار وابن مسعود رضي الله عنهم. (فصل: ويكره التحذيف للرجال) وهو إرسال الشعر الذي بين العذار والنزعتين الذي هو عادة العلويين، ولا يكره ذلك للنساء، لما روى أبو بكر الخلال من أصحابنا بإسناده عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه كرهه. وعن الوليد بن مسلم أنه قال: أدركت الناس وما هو من زيهم. وأما أخذ الشعر من الوجه بالمنقاش فمكروه للرجال والنساء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن المتنمصات. وهو أخذ الشعر من الوجه بالمنقاش، ذكره أبو عبيد. وأما المرأة فيكره لها حف جبينها -بالزجاج والموسى- والشعر الخارج عن وجهها لما تقدم من النهي عن ذلك. وقيل: يجوز لها ذلك لزوجها خاصة إذا طلب منها ذلك، وخافت إن لم تفعله أعرض عنها وتزوج بغيرها، فأدى إلى الفساد والمضرة بها، فيجوز لها ذلك لما فيه من المصلحة، كما جوز لها التزيين بألوان الثياب والتطيب بأنواع الطيب والتزوق له والملاعبة والممازحة معه. فعلى هذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- المتنمصات على اللواتي أردن بذلك غير أزواجهن للفجور بهن والميل إليهن وترويج أنفسهن للزنا، والله أعلم.
পৃষ্ঠা - ৪০
(فصل: ويكره الخضاب بالسواد) لما روى الحسن رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في قوم يغيرون البياض بالسواد: «يسود الله تعالى وجوههم يوم القيامة». وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيهم: «لا يريحون رائحة الجنة». وأما الاخبار التي رويت في الرخصة في الخضاب بالسواد من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «اختضبوا بالسواد فإنه آنس للزوجة ومكيدة للعدو» فمحمول لأجل الحرب، وذكر الزوجة فيه تبعًا لا قصدًا. (فصل) فإذا ثبت كراهية السواد فالمستحب أن يخضب الرأس بالحناء والكتم، وقد خضب الإمام أحمد رحمه الله رأسه وله ثلاث وثلاثون سنة، فقال له: عجلت، فقال له: هذه سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وروى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أنه قال: خير ما غير به الشيب الحناء والكتم. وأما خضاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاختلف الناس في ذلك، فروي عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن شاب إلى يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما خضبا بعده بالحناء والكتم. وروي أن أم سلمة رضي الله تعالى عنها: أخرجت للناس شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخضوبًا بالحناء والكتم، فدل حديثها على إثبات خضابه -صلى الله عليه وسلم- بذلك. وأما الخضاب بالورس والزعفران، فظاهر كلام الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه فيه
পৃষ্ঠা - ৪১
الجواز، لما روي عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: «كان خضابنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالورس والزعفران». فإذا ثبت هذا في شعر الرأس فمثله في اللحية، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود». وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر -رضي الله عنه-: «خير ما غير به الشيب الحناء والكتم». وهو عام في شعر الرأس واللحية. وأيضًا ما روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه جاء بأبيه أبي قحافة رضي الله عنه يوم فتح مكة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه تكرمة لأبي بكر، فأسلم ورأسه ولحيته كالثغامة البيضاء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «غيروهما وجنبوه عن السواد». وهذا نص في كون اللحية كالرأس وفي المنع عن السواد. وقال أبو عبيد: الثغامة نبت أبيض الزهر والثمر يشبه بياض الشيب به. وقال ابن الأعرابي: هي شجرة تبيض كأنها الثلج. (فصل: ويستحب أن يكتحل وترًا) لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنه كان يكتحل وترًا». واختلف الناس في صفة الوتر في ذلك، فروي في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكتحل ثلاثًا في اليمنى وميلين في اليسرى، وروي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: في كل عين ثلاثًا. (فصل: ويدهن غبًا) وهو أن يفعل ذلك يومًا ويترك يومًا، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي:
পৃষ্ঠা - ৪২
-صلى الله عليه وسلم- «نهى أن يترجل الرجل إلا غبًا». والفضيلة في ذلك ان يكون بدهن البنفسج على سائر الأدهان، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلي على سائر الناس». (فصل) ويستحب ألا يخلو الإنسان سفرًا وحضرًا عن سبعة أشياء بعد تقوى الله تعالى والثقة به وهي: التنظيف والتزيين، والمكحلة، والمشط، والسواك، والمقص، والمدراء: وهي خشبة مدورة الرأس أوفى من شبر يتخذها العرب والصوفية يدرؤون بها عن أنفسهم الأذى كالقمل وغيرها، ويحكون بها الجسد، ويقتلون الدبيب حتى يباشروا كل شيء بأيديهم، والسابع: قارورة الدهن، لأنه روي في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يفوته ذلك حضرًا ولا سفرًا. (فصل: فيما يكره من الخصال) يكره الصفير والتصفيق، وفرقعة الأصابع في الصلاة. ويكره تخريق الثياب في حق المتواجد عند السماع، ولا يعارض في ذلك الواجد. ويكره الأكل على الطريق. ومد الرجل بين جلسائه، والإتكاء الذي يخرج به عن مستوى الجلوس لأنه تجبر وهوان بالجلساء إلا من العذر. ويكره إطالة الثياب. ويكره مضغ العلك لأنه دناءة. ويكره التشدق بالضحك، والقهقهة ورفع الصوت في غير حاجة وينبغي أن يكون
পৃষ্ঠা - ৪৩
مشيه معتدلًا، لا يسارع إلى حد يصدم الماشي، ويتعب نفسه، ولا يخطر بحيث يورثه العجب. ويكره في البكاء النحيب والتعداد إلا أن يكون من خوف الله تعالى أو الندم على ما فات من أوقات ببطالاته، أو انكسار قلبه عند عدم بلوغه إلى درجة لحظها فيبكي حسرة عليها. ويكره إزالة درنه بحضرة الناس. ويكره الكلام في المواضع المستقذرة كالحمام والخلاء وما أشبه ذلك، وكذلك لا يسلم ولا يرد على مسلم. ويكره كشف رأسه بين الناس، وما ليس بعورة مما جرت العادة بستره. ويحرم كشف العورة. ويكره أن يقسم بأبيه أو بغير الله في الجملة، فإن حلف حلف بالله أو فليصمت، كذلك جاء في الأثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. (فصل: في الاستئذان) ينبغي له إذا قصد باب إنسان أن يسلم فيقول: السلام عليكم، أأدخل؟ لما روي «أن رجلًا من بني عامر استأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في بيت، فقال: أألج؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخادمه: أخرج إلى هذا وعلمه الاستئذان، فقال له: قل السلام عليكم، أأدخل؟ فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له فدخل». ويدير ظهره إلى الباب ولا يبعد، لأنه يمنعه من سماع الجواب، يفعل كذلك ثلاثًا، فإن أجيب فيها وإلا انصرف، إلا أن يغلب على ظنه أنه لم يسمع نداءه لما بينهما من بعد أو شغل، كان له أن يزيد على الثلاث والأصل في ذلك ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فأدخل وإلا فارجع».
পৃষ্ঠা - ৪৪
وسواء في ذلك الأجانب والأقارب المحرمات كالأم وما شاكلها لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله رجل هل علي أن أستأذن على أمي؟ قال: نعم، قال: إني معها في البيت، قال -صلى الله عليه وسلم- استأذن عليها، قال: إني خادمها، قال: استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟. فأما زوجته وأمته فالجائز له وطؤها فليس عليه الاستئذان في حقهما، لأن أكثر ما في ذلك أن تصادف منكشفة أو منبسطة، وقد أبيح له النظر إلى أبدانهن، ولكن يستحب له أن يحرك نعله أولًا إذا دخل المنزل ليعلم دخوله، نص على ذلك الإمام أحمد في رواية مهنى عنه. ثم إذا دخل يسلم على أهله ليكثر خير بيته، كما جاء في الأثر. وسنستوفي ذلك في باب دخول المنزل إن شاء الله تعالى. ولا يطرق أهله ليلًا لنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطرق الرجل أهله ليلًا، وقد فعل ذلك رجلان فوجدا عند أهلهما ما يكرهان. فإذا أذن له في دار غيره فدخل جلس حيث يأذن له صاحب الدار، وإن كان من أهل الذمة. وإن فاجأ قومًا وهم على طعامهم فلا يأكل إلا أن يكون صاحب الطعام ممن جرت عادته بالسماحة وطيب القلب بذلك. (فصل: فيما يستحب فعله بيمينه وما يستحب فعله بشماله) يستحب له تناول الأشياء بيمينه، والأكل والشرب والمصافحة والبداءة بها في الوضوء والانتعال ولبس الثياب، وكذلك يبدأ في الدخول إلى المواضع المباركة كالمساجد والمشاهد والمنازل والدور برجله اليمنى. وأما الشمال فلفعل الأشياء المستقذرة وإزالة الدرن كالاستنثار والاستنجاء وتنقية الأنف وغسل النجاسات كلها إلا أن يشق عليه ذلك أو يتعذر كالمشلول والمقطوع يساره
পৃষ্ঠা - ৪৫
فيفعلها بيمينه، ولا يمشي في نعل واحد إلا أن يكون ذلك يسيرًا بمقدار ما يصلح الأخرى إذا انقطع شسعها. وإذا أراد أن يناول إنسانًا توقيعًا أو كتابًا فليقبضه بيمينه. وإذا مشى مع من هو أعلى منه في المنزلة والفضل فليمش عن يمينه يجعله كإمامه في الصلاة، وإن كان دونه في المنزلة يجعله عن يمينه ويمشي عن يساره وقد قيل: المستحب المشي على اليمين في الجملة لتخلي اليسار للبزاق وغيره. * * * (فصل: في آداب الأكل والشرب) ويستحب للآكل أن يسمي الله تعالى عند أكله ويحمده عند فراغه، وكذلك عند الشرب، لأن ذلك أبرك لطعامه وأبعد لشيطانه، لما روي أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: «يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم، قال -صلى الله عليه وسلم-: فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله تعالى يبارك لكم فيه». وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأولاده لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء». وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعامًا لم يضع أحدنا يده حتى يبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنا حضرنا معه طعامًا فجاء أعرابي كأنما يدفع، فذهب يده في الطعام، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم جاءت جارية كأنما تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدها، وقال: إن الشيطان
পৃষ্ঠা - ৪৬
يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذا الأعرابي يستحل به فأخذت بيده، وجاء بهذه الجارية يستحل بها فأخذت بيدها، فوالذي نفسي بيده إن يده في يدي مع أيديهما». وإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى عند أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره، هكذا روي في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به. ويتناول اللقمة بيمينه ويصغرها ويجيد مضغها ويطيل بلعها. ويأكل مما يليه إذا كان نوعًا واحدًا، وإن كان أنواعًا فلا بأس أن يجيل يده في القصعة، وكذلك إذا كان ثمارًا أو فاكهة، ولا يأكل من ذروة الطعام ووسطه بل يأكل من جوانبه. وإن كان ثريدًا أكل بثلاث أصابع ولعقها. ولا ينفخ في الطعام ولا الشراب، ولا يتنفس في إنائه. وإذا ضاق نفسه نحى القدح عن فيه، فإذا تنفس أعاده إليه. ويكره الاتكاء في الأكل. ويجوز الأكل والشرب قائمًا، وقيل: يكره، والجلوس أحب. وإذا أراد دفع الإناء إلى أحد من جلسائه بدأ بمن عن يمينه. لا يجوز الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة ولا المضبب بهما إذا كان ذلك كثيرًا. وإذا قدم بين يديه في شيء من ذلك طعام رفعه من الإناء إلى الخبز أو إناء غير ذلك الجنس ثم أكله. والإنكار على من أحضره واجب. وكذلك الحكم في البخور في مداخن الذهب والفضة.
পৃষ্ঠা - ৪৭
وكذلك الحكم في ماء الورد من المراش المتخذة من ذلك، فيحرم عليه الحضور في تلك البقعة، ويتعين عليه الإنكار والقيام عن ذلك المجلس. ويكون إنكاره برفق أن يقول: تمام سروركم أن تتجملوا بما أباحته الشريعة وجعلته حلالًا، لا بما حرمته وحظرته، ولا خير في لذة تؤول إلى معصية، اذكروا رحمكم الله قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من شرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم». وإذا حصلت اللقمة في فيه فلا يخرجها منه إلا أن يضطر إلى ذلك لشرقة أو حرارة يتضرر بها. وإذا عطس على طعامه خمر وجهه واحتاط بستره لأجل الطعام. وإذا كان على رأسه إنسان قائم أذن له بالجلوس، فإن أبى عليه أو قام مملوكه أو غلامه لقضاء حاجته وسقيه الماء أخذ من أطايب الطعام فلقمه. ويستحب مسح الإناء من فضلة الطعام ولقط الفتات من جوانب الإناء والطبق. ويستحب أن يباسط الإخوان بالحديث الطيب، والحكايات التي تليق بالحال، إذا كانوا منقبضين. وينبغي أن يأكل مع أبناء الدنيا بالأدب، ومع الفقراء بالإيثار، ومع الإخوان بالانبساط، ومع العلماء بالتعلم والإتباع. وإذا أكل مع ضرير أعلمه بما بين يديه فربما فاته أطايب الطعام لعماه. ويستحب الإجابة إلى وليمة العرس، فإن أحب أن يأكل أكل وإلا دعا وانصرف، لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من دعى فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك». وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من دعى فلم يجب فقد عصا الله تعالى ورسوله، ومن دخل على غيره دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا».
পৃষ্ঠা - ৪৮
هذا الذي ذكرناه إذا كان ذلك خاليًا عن المنكر، فإن حضره منكر كالطبل والمزمار والعود والناي والشيز والشبابة والرباب والمغاني والطنابير والجعران التي يلعب بها الترك لا يجلس هناك، لأن جميع ذلك محرم. وأما الدف فيجوز استعماله في النكاح. وسماع القول بالقصب، والرقص مكروه، لما فسر بعض المفسرين قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6] فقال هو الغناء والشعر. وجاء في بعض الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت السيل البقل». وسئل الشبلي رحمه الله عن الغناء فقال: أحق هو؟ قيل: لا، قال: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} [يونس: 32]. ثم يكفى في كراهته، ما في ذلك من ثوران الطبع وهيجان الشهوة والميل إلى النساء، وأباطيل النفوس ورعوناتها والطرب والسخف والدناءة، والاشتغال بذكر الله تعالى أطيب وأسلم لمن آمن بالله واليوم الآخر. ودعوة الختان ليست مستحبة، ولا على من دعى إليها أن يجيب. ويكره التقاط النثار لأنه يشبه النهبة، وقد سخف ودناءة. ويكره حضور طعام الولائم ما عدا العرس إذا كان على الصفة التي وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمنع منه المحتاج ويحضره المستغنى عنه. ويكره لأهل الفضل والعلم في الجملة التسرع إلى إجابة الطعام والتسامح بذلك لما فيه من الذلة والدناءة والشره، لاسيما إذا كان حاكمًا، وقيل: ما وضع أحد يده في قصعة أحد إلا ذل. ويحرم التطفل على طعام الناس وهو دخوله مع المدعوين من غير أن يدعى، وهو ضرب من الوقاحة والغصب، ففيه إثمان: أحدهما: الأكل لما لم يدع إليه.
পৃষ্ঠা - ৪৯
والآخر: دخوله إلى منزل الغير بغير إذنه، والنظر إلى أسراره والتضييق على من حضره. ومن الأدب أن لا يكثر النظر في وجوه الآكلين لأنه مما يحشمهم. ولا يتكلم على الطعام بما يستقذره الناس من الكلام، ولا بما يضحكهم خوفًا عليهم من الشرق، ولا بما يحزنهم لئلا ينغص على الآكلين أكلهم. ويستحب غسل اليد قبل الطعام وبعده، وقيل: يكره قبل الطعام ويستحب بعده. ويكره أكل البقلة الخبيثة، وهي الثوم والبصل والكراث لكراهة ريحه، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مصلانا». وكثرة الأكل بحيث يخاف من التخمة مكروهة، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه». ويكره لغير صاحب الطعام من الضيف أن يلقم من حضر معه على الطبق إلا بإذن صاحب الطعام، لأنه يأكل على ملك صاحبه على وجه الإباحة، وليس ذلك بتمليك، ولهذا اختلف الناس في الوقت الذي يحصل فيه الطعام ملكًا للأكل: فقال قوم: إذا حصل في فيه واستهلك. وقال آخرون: لا يملكه بل يأكله على ملك مالكه. وإذا قدم الطعام فلا يحتاج بعد التقديم إلى إذن إذا كان قد جرت العادة في ذلك البلد للآكل كذلك، فيكون العرف إذنًا. ويكره إخراج شيء من فيه ورده إلى القصعة. ويكره التخلل على الطعام. ولا يمسح يده بالخبز ولا يستبذله. ولا يخلط طعامًا بطعام يعني ألوان الطبائخ، لأنه قد يكره ذلك طباع كثير من الناس، وإن كانت نفسه تميل إليه فيترك ذلك لأجلهم. ولا يجوز له ذم الطعام، ولا لصاحب الطعام استحسانه ومدحه ولا تقويمه لأنه
পৃষ্ঠা - ৫০
دناءة، وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما مدح طعامًا ولا ذمه. ولا يرفع يده حتى يرفعوا أيديهم، إلا أن يعلم منهم الانبساط إليه فلا يتكلف ذلك. ويستحب أن يجعل ماء الأيدي في طست واحد، لما روى في الخبر «لا تبددوا يبدد الله شملكم». وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يرفع الطست حتى يطف، يعني يمتلئ. ولا يغسل يده بما يطعم من دقيق الباقلاء والعدس والهرطمان وغير ذلك، ويجوز بالنخالة. ولا يقرن بين التمرتين لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وقيل: لا يكره ذلك إن كان وحده أو كان هو صاحب الطعام. ولا يتخير الأطعمة على صاحب الدار بل يقنع بما قدمه، لأن ذلك يحمله على التكلف، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف». فإن استدعى منه صاحب الدار التشهي عليه كان له أن يذكر شهوته. ويكره له رد الهدية وإن قلت إذا كانت حلالًا طيبة، واجتهد في المكافأة أو الدعاء له. ومن سقط في طعامه أو شرابه شيء فلا يخلو إما أن يكون له نفس سائلة ما عدا السمك فيكون الطعام نجسًا، ويحرم أكله إذا كان مائعًا، وإن كان جامدًا رفعه وما حوله. وإن كان مما لا نفس له سائلة: فإن كان من ذوات السموم لم يأكله، ويحرم الطعام لأجل الضرر به لا لعينه كالحية والعقرب، وإن كان ذبابًا غمسه في الطعام حتى يغوص جناحاه ثم أخرجه، وإن مات فإن الطعام طاهر يأكله، لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء وأنه يتقى بالذي فيه الداء».
পৃষ্ঠা - ৫১
ويستحب مص الشراب، ولا يكرعه كرعًا، ويقطعه ثلاث دفعات للنفس. ولا يتنفس في الإناء. ويسمي على أوله ويحمد الله في آخره. والاختصار لهذه الجملة أن قول هي اثتنا عشرة خصلة: أربع منها فريضة وأربع سنة وأربع آداب. فأما الفريضة: فالمعرفة بما يأكله من أين هو، والتسمية، والرضا، والشكر. وأما السنة: فالجلوس على الرجل اليسرى، والأكل بثلاث أصابع، ولعق الأصابع، والأكل مما يليه. وأما الآداب: فالمضغ الشديد وتصغير اللقم، وقلة النظر إلى وجوه القوم، وألا يفرش المائدة بالخبز ويضع فوقه الأدم، وألا يأكل متكئًا ولا مضجعًا ولا منبطحًا على بطنه. (فصل) فإذا أفطر عند غيره قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الرحمة، وصلت عليكم الملائكة، الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين، وهدانا من الضلالة وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلًا، اللهم اشبع جياع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، واكس عاريها، وعاف مرضاها، ورد غائبها، واجمع شمل أهل الدار، وأدر أرزاقهم، واجعل دخولنا بركة، وخروجنا مغفرة، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا أرحم الراحمين * * *
পৃষ্ঠা - ৫২
(فصل: في آداب الحمام) بناء الحمام وبيعه وشراؤه وكراؤه مكروه في الجملة، لما فيه من مشاهدة عورات الناس، وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: بئس البيت الحمام ينزع من أهله الحياء ولا يقرأ فيه القرآن. وأما دخوله فالأولى ألا يدخله إذا وجد من ذلك بدًا، لما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكره الحمام، ويعلل بأنه من رقيق العيش. وعن الحسن وابن سيرين أنهما كان لا يدخلان الحمام. وقال عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله: ما رأيت أبي قد دخل الحمام. وإن كان به حاجة إلى ذلك ودعته الضرورة جاز له دخوله مستترًا بمئزر غاضًا بصره عن عورات الناس. وإن أمكنه إن يخلي الحمام له فيدخله بالليل أو وقتًا يقل زبونه بالنهار فلا بأس. وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن ذلك فقال: إن كنت تعلم أن كل من في الحمام عليه إزار فادخله وإلا فلا تدخله. وقد روت عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بئس البيت الحمام بيت لا يستر وماؤه لا يطهر». وقالت عائشة رضي الله عنها أيضًا: «ما يسر عائشة أنها داخلته ولها مثل أحد ذهبًا» وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر». وأما النساء فإنما يجوز لهن دخول بالشرائط التي ذكرناها في حق الرجال، ووجود العذر والحاجة كالمرض والحيض والنفاس، لما روى ابن عمر رضي الله عنها عن النبي
পৃষ্ঠা - ৫৩
-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ستفتح عليكم أرض العجم، وستجدون بيوتًا يقال لها الحمام، فلا يدخلها الرجال إلا بإزار، وامنعوا منها النساء إلا مريضة أو نفساء». وإذا دخل الحمام فلا يسلم ولا يقرأ القرآن، لما تقدم من حديث علي رضي الله عنه. (فصل: في النهي عن التعري في الجملة وفي حال الغسل) روى أبو داود بإسناده عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض قال: إن استطعت ألا يرينها أحدٌ فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس». وروى أبو داود بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عرية المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب». وأما حالة الغسل في موضع خال لا يراه أحد، فيكره له أن يغتسل بلا مئزر، لما روى أبو داود بإسناده عن عطاء عن يعلى بن أمية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يغتسل بالبزار بلا إزار، فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: «إن الله حيي ستير يحب الستر والحياء فإذا اغتسل أحدكم فليستتر». وأما إن دخل الماء للغسل أو لغيره فيكره أيضًا بلا مئزر، لأن للماء سكانًا لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «أنه نهى أن يدخل الرجل الماء بلا مئزر».
পৃষ্ঠা - ৫৪
وعن الحسن رحمه الله أنه قال: «إن للماء سكانًا، وإن أحق من استتر من سكانه لنحن». (فصل) وقد رخص الإمام أحمد رحمه الله في ذلك في رواية أخرى وأنه لا يكره ذلك، لأنه سئل عن رجل كان عند نهر ليس يراه احد، قال: أرجو. ومعنى ذلك أنه لا يكون به بأس. والأولى والأصح: ما تقدم من النهي. * * * (فصل: في لبس الخواتم واتخاذه) عن أبي داود رحمه الله بإسناده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكتب إلى بعض الأعاجم فقيل له: إنهم لا يقرؤون كتابًا إلا بخاتم، فاتخذ خاتمًا من فضة، ونقش فيه محمد رسول الله». وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: «كان خاتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فضة كله فصه منه». وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه قال: «كان خاتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ورق فصه حبشي». وروى أبو داود بإسناده عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «اتخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا من ذهب وجعل فصه مما يلي بطن كفه، ونقش فيه: محمد رسول الله، فاتخذ الناس خواتم الذهب فلما رآهم قد اتخذوها رمي به وقال: لا ألبسه أبدًا، ثم اتخذ خاتمًا من فضة نقش فيه محمد رسول الله، ثم لبس الخاتم بعده أبو بكر، ثم لبسه بعد أبي بكر عمر، ثم لبسه عثمان حتى وقع في بئر أريس».
পৃষ্ঠা - ৫৫
(فصل) ويكره اتخاذه من الحديد والشبه، لما رواه أبو داود بإسناده عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: ((إن رجلًا جاء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه خاتم من شبه فقال له: ما لي أجد منك ريح الأصنام فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه، فقال: يا رسل الله من أي شيء أتخذه؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالًا". (فصل) ويكره التختم في الوسطى والسبابة، لما روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عليًا رضي الله عنه عن ذلك. (فصل) والاختيار التختم في اليسرى وفي الخنصر، لما روى أبو داود رحمه الله بإسناده عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يتختم في يساره، وكان فصه في باطن كفه. وروى ذلك عن أكثر السلف الصالح، ولأن خلاف ذلك عادة وشعار المبتدعة، ولأن المستحب أن يكون تناول الأشياء باليمين، لتوضع بالشمال، وفي ذلك صيانة للخاتم وصيانة للمكتوب عليه من الأسماء والحروف. وقد روى عن علي رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يتختم في يمينه فعلى هذا اليمين واليسار سواء، والاختيار الأول. * * * (فصل: في آداب الخلاء والاستنجاء) إذا أراد دخول الخلاء نحى عنه ما كان فيه ذكر الله عز وجل كالخاتم والتعويذ وغيرهما. ويقدم رجله اليسرى ويؤخر اليمنى ويقول: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم. لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن هذه الحشوش محتضرة، فاستعيذوا بالله من
পৃষ্ঠা - ৫৬
الشيطان، وليقل أحدكم أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث الشيطان الرجيم)). ويكون مغطى الرأس مستترًا، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، ويكون اعتماده على رجله اليسرى؛ لأنه أسهل لخروج الخارج، ولا يتكلم ولا يرد على من يسلم عليه، ولا يجيب متكلمًا، ويحمد الله في قلبه عند العطاس، ولا يرفع رأسه إلى السماء، ولا يضحك مما يخرج منه ولا من غيره، ويبعد عن الناس، ويهيئ موضعًا مستقلًا رخوًا لبوله لئلا يترشش عليه، ولا يرى عورته أحدًا، فإن كان الموضع صلبًا أو مهب الريح ألصق رأس ذكره بالأرض، وإن كان في الصحراء لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها بل يشرق أو يغرب كما جاء في الخبر. ولا يستقبل الشمس والقمر، ولا يبل في جحر، ولا تحت شجرة مثمرة، ولا غير مثمرة لأنه قد يستظل بها الناس فتتلوث ثيابهم، وقد يسقط من ثمرها فيتنجس، ولا في الطريق، ولا في مشرعة نهر، ولا في فناء حائط لأنه بذلك يستحق اللعنة كما ورد في الخبر. ولا يذكر الله في موضعه بالقرآن ولا بغيره تنزيهًا لاسمه عز وجل. ولا يزيد على بسم الله، والتعوذ من الشيطان على ما ذكرنا. فإذا فرغ قال: ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، غفرانك)). ثم يقوم عن موضعه إلى موضع طاهر، ولا يستنجي هناك لئلا تتلوث يده بالنجاسة، أو يرش الماء على بدنه وثيابه، ثم ينظر فإن كان الخارج لم ينتشر عن المخرج إلا بمقدار ما جرت العادة به كان مخيرًا بين الاستجمار بجامد وبين الاستنجاء بالماء! فإن اختار الجامد فالاختيار الحجر، وعدده ثلاثة أحجار إن كان لم يستجمر بهن أحد من قبل، طاهرة فيأخذ حجرًا منها بيمينه، فيبدأ بالقبل بعد أن يمسح أصل ذكره إلى رأسه، وينثره ثلاثًا بيده اليسار متنحنحًا ليتحقق استفراغ البول بذلك فهو ال استبراء. ويأخذ ذكره بشماله، ويمده على الحجر الذي في يمينه فيمسحه عليه، حتى يرى موضع المسح جافًا، يفعل كذلك بثلاثة أحجار، وإن لم يقدر على الأحجار فبثلاث
পৃষ্ঠা - ৫৭
خرق أو خزف أو مدر أو ثلاث حيثات من تراب، أو يمسحه على الأرض أو الحائط عند عدم هذه الأشياء، حتى يرى الجفافة والنشافة عن أثر كل مسحة، فإذا فعل ذلك فقد سقط عنه حكم القبل. وينبغي أن يحتزر عن مد الذكر في الاستبراء من موضع الحشفة؛ لأنه قد يبقى البول في قصبة الإحليل ثم يخرج بعد فراغه من الوضوء فيبطل وضوؤه، ولهذا شرع في حقه أن يخطو خطوات قبل الاستبراء والتنحنح خوفًا من بقاء شيء من البول في الإحليل. وأما الدبر فيأخذ الحجر بشماله ويمسحه على المسربة من مقدمها إلى أن يبلغ مؤخرها، ثم يرمى به، ثم يأخذ الحجر الثاني ويبدأ به من مؤخرها فيمسحها إلى أن يبلغ مقدمها ثم يرمى به، ثم يأخذ الحجر الثالث فيديره حول المسربة فيرمي به، وقد حصل بذلك الإجزاء. فإن لم ينق بذلك بأن رأى على الحجر الأخيرة نداوة زاد إلى خمسة، وإن لم ينق بذلك زاد إلى سبعة أو تسعة، ولا يقطعه إلا على وتر. وإن نقى بحجر واحد أو باثنين زاد إلى ثلاثة، لأن الشرع بذلك ورد. وقد ذكر للاستجمار صفة أخرى، وهو أن يأخذ الحجر بشماله فيضعه على مقدم صفحته اليمنى، ثم يمره إلى مؤخرها، ثم يديره إلى اليسرى فيمره عليها إلى مؤخرها حتى يبلغ الموضع الذي بدأ منه، ويأخذ حجرًا آخر فيمره من مقدم صفحته اليسرى كذلك، ثم يأخذ حجرًا آخر فيمسح به الوسط. الكل جائز فقد جاء في الأثر أن رجلًا قال لبعض الصحابة من الأعراب وقد خاصمه: ((لا أحسبك أنك تحسن الخراءة، فقال: بلى وأبيك إني بها لحاذق. قال: فصفها لي، قال أبعد الأثر، وأعد المدر، واستقبل الشيخ، واستدبر الريح، واقعي إقعاء الظبي، واجفل إجفال النعام)). أما الشيخ: فهو نبت طيب الريح يكون بالبادية، والإقعاء هاهنا: الاسييفاز على صدور قدميه، والإجفال: ارتفاع عجزه عن الأرض. (فصل) والاستنجاء بالماء أن يمسك قضيبه بيده اليسرى، ويطرح الماء باليمنى فيغسله سبعًا بعد الاستبراء والتنحنح وفضل إزعاج على ما ذكرناه. وقد شبه فقهاء المدينة رحمهم الله الذكر بالضرع، فلا يزال يخرج منه الشيء بعد الشيء ما دام الرجل يمده، فإذا وقع الماء على الذكر انقطع البول.
পৃষ্ঠা - ৫৮
وأما الدبر فيباشر المحل بيده اليسرى، ويصب الماء باليمنى فيتابع صبه ويسترخي قليلًا قليلًا، ويجود ذلك الموضع بيده حتى يتيقن نظافته وينقى. ولا يلزمه غسل باطن المخرجين، لأن ذلك مما عفى عنه في الشرع. وعليه الاستنجاء من الريح. والفضيلة في الجمع بين الاستجمار بالجامد وبين الاستنجاء بالماء، فإن اقتصر على الحجر أجزأه، لكن استعمال الماء أولى في الجملة، لأنه قيل: إذا لم يستنج بالماء اعتراه الوسواس، ولهذا قيل: إن قومًا من الشعراء لا يستنجون بالماء، لأن كلام الخنا والفحش يجيء بذلك، فهو سببه. نعوذ بالله من كلام يثمره القذر والنتن. (فصل) وأما إذا انتشرت النجاسة إلى معظم حشفته في القبل، والصفحتين في الدبر لم يجزه غير الماء، لأنها خرجت من محل الترخيص، فصارت النجاسة التي على بقية البدن من الفخذ والصدر وغيرهما، فلا تزول إلا بالماء. (فصل) وصفة ما يجوز به الاستجمار أن يكون جامدًا طاهرًا منقيًا غير مطعون لا حرمه له وغير متصل بحيوان. ولا يجوز بالروث والرمة، لأنهما من طعام الجن. ولا بشيء لزج يلطخ، فلا ينقى كالحمة والزجاجة والحصاء الملساء. (فصل) ويجب ما ذكرنا من الاستنجاء لجميع مع يخرج من السبيلين سوى الريح وذلك كالغائط والبول والدود والحصا والدم والمدة والشعر. وأما الذكر فالخارج منه خمسة أشياء: أحدها: البول. والثاني: المذي وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة وعند الملاعبة والتذكار، وحمه حكم البول وزيادة غسل الذكر والأنثيين، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث علي رضي الله عنه: ((ذلك ماء الفحل، ولكل فحل ماء)). فليغسل ذكره وأنثييه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
পৃষ্ঠা - ৫৯
والثالث: الودي وهو ماء أبيض خائر بأثر البول فحكمه حكم البول فقط. والرابع: المني وهو الماء الأبيض الدافق عند اللذة الكبرى بالجماع أو الاحتلام. وقد يكون أصفر عند قوة الرجل، وقد يكون أحمر عند كثرة الجماع، وقد يكون رقيقًا عند ضعف البنية والقوة. ويعلم بالرائحة كرائحة الطلع والعجين، وهو طاهر في أشهر الروايتين. وموجبه غسل جميع البدن. وماء المرأة رقيق أصفر. والخامس: الريح يخرج من القبل نادرًا كما يخرج من الدبر. (فصل: في كيفية الطهارة الكبرى) وهي على ضربين: كاملة ومجزئة. أما الكاملة فهي أن يأتي بالنية وهو اعتقاده رفع الحدث الأكبر أو الجنابة، فإن تلفظ به مع اعتقاده بقلبه كان أفضل. ويسمى عند أخذ الماء، ويغسل يديه ثلاثًا، ويغسل ما به من الأذى، ثم يتوضأ وضوءًا كاملًا. ويؤخر غسيل قدميه، ويحثى على رأسه ثلاث حثيات من الماء، يروى بها أصول شعره، ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثًا، ويدلك بدنه بيديه ويتتبع المغابن وغضون البدن، ويتحقق وصول الماء إليهما، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((خللوا الشعر، وأنقوا البشرة، فإن كل شعرة جنابة)). ويبدأ بشقه الأيمن، ثم ينتقل من موضع غسله فيغسل قدميه، فإن سلم في خلال ذلك من نواقض الطهارة الصغرى جاز له أن يصلي بهذه الطهارة، لأنا نحكم له برفع الحدثين معًا، وإلا أحدث للصلاة وضوءًا. والأصل في جميع ذلك ما روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الغسل من الجنابة يغسل يديه ثلاثًا، ثم يأخذ بيمينه فيصب على شماله، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثًا، ويغسل وجه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ثم يصب على رأسه الماء ثلاثًا، ثم يغتسل، فإذا خرج غسل قدميه)).
পৃষ্ঠা - ৬০
وأما المجزئ فهو أن يغسل فرجه، وينوي ويسمي يعم بدنه بالغسل مع المضمضة والاستنشاق، لأنهما واجبتان، وفي الصغرى روايتان أصحهما وجوبهما فيها أيضًا. ولا يجوز له أن يصلي بهذا الغسل إلا أن ينوي به الغسل والوضوء، ويتداخل بقية أفعال الوضوء في الغسل للعذر بالنية. وإذا عدمت النية لم يحصل له الوضوء، فلا تصح الصلاة، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لا وضوء له)). بخلاف الأول فإنه قد أتى فيه بالوضوء الكامل. والإسراف في استعمال الماء غير مستحب، والاقتصاد هو المحمود المندوب إليه، وقلة الماء مع أحكام الغسل والوضوء أولى من الإسراف. وقد روى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- توضأ بمد وهو رطل وثلث، واغتسل بصاع وهو أربعة أمداد. (فصل: في الأذكار المستحب ذكرها عند غسل الأعضاء) يقول إذا فرغ من الاستطابة: اللهم نق قلبي من الشك والنفاق، وحصن فرجي من الفواحش. ويقول عند التسمية: أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون. ويقول عند غسل يديه: اللهم إني أسألك اليمين والبركة، وأعوذ بك من الشؤم والهلكة. ويقول عند المضمضة: اللهم أعني على تلاوة كتابك، وكثرة الذكر لك. ويقول عند الاستنشاق: اللهم أوجدني رائحة الجنة، وأنت راض عني. ويقول عند الاستنشار: اللهم إني أعوذ بك من روائح النار ومن وسوء الدار. ويقول عند غسل وجهه: اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه أوليائك، ولا تسود وجهي يوم تسود فيه وجوه أعدائك. ويقول عند غسل ذراعه اليمنى: اللهم آتني كتابي بيميني، وحاسبني حسابًا يسيرًا. وعند غسل ذراعه اليسرى: اللهم إني أعوذ بك أن تؤتيني كتابي بشمالي، أو من وراء ظهري. ويقول عند مسح الرأس: اللهم غشني برحمتك، وأنزل علي من بركاتك، وأظلني
পৃষ্ঠা - ৬১
تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. ويقول عند مسح الأذنين: اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أسمعني منادي الجنة مع الأبرار. ثم يمسح عنقه فيقول: اللهم فك رقبتي من النار، وأعوذ بك من السلاسل والأغلال. ويقول عند غسل قدمه اليمنى: اللهم ثبت قدمي على الصراط مع أقدام المؤمنين. ويقول عند غسل قدمه اليسرى: اللهم إني أعوذ بك أن تزل قدمي عن الصراط يوم تزل فيه أقدام المنافقين. فإذا فرغ من وضوئه رفع رأسه إلى السماء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءًا وظلمت نفسي، أستغفرك وأسألك التوبة فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واجعلني صبورًا شكورًا، واجعلني أذكرك كثيرًا، وأسبحك بكرة وأصيلًا. * * * (فصل: في آداب اللباس) وهو على خمسة أضرب: محرم على كل مكلف، ومحرم على شخص دون شخص، ومكروه، ومباح، متنزه عنه. فأما المحرم على كل مكلف فالمغصوب. وأما المحرم على شخص دون شخص فالحرير مباح للنساء حرام على بالغي الذكور. وهل يباح أن يلبسوه الصغار أم لا؟ على روايتين. وكذلك في إباحة لبسه للبالغين في قتال المشركين وجهادهم روايتين، فهذا هو الضرب المباح. وأما المكروه فهو إطالة الثواب إلى حد يخرج إلى الخيلاء والكبر، وكذلك ما فيه الحرير والقطن ولا يعلم هل هما نصفان أو أحدهما أكثر.
পৃষ্ঠা - ৬২
وأما المتنزه عنه فهو كل لبسة يكون بها مشتهرًا بين الناس، كالخروج عن عادة أهل بلده وعشيرته فينبغي أن يلبس ما يلبسون ولا يباينهم فيها حتى لا يشار إليه بالأصابع ويغتاب فيكون ذلك سببًا إلى حملهم على غيبته، فيشاركهم في إثم الغيبة له. (فصل) ولنا قسمان آخران في: اللباس: أحدهما: واجب، والآخر: مندوب. فأما الواجب فعلى ضربين: أحدهما: يرجع إلى حق الله تعالى. والثاني: إلى حق الإنسان خاصة. فأما الذي لحق الله تعالى فهو سترة العورة عن أعين الناس على ما بيناه في فصل التعري. وأما الذي لحق الإنسان فهو الذي يتوقى به من الحر والبرد وأنواع المضار. فيجب عليه ذلك، ولا يجوز تركه، لأن فيه عونًا على إتلاف نفسه وذلك حرام. وأما المندوب فكذلك ينقسم إلى قسمين: أحدهما: في حق الله تعالى، وهو الرداء إذا كان في جماعة ومجمع الناس فلا يعري منكبيه من شيء من الثياب الجميلة، كالأعياد والجمع وغير ذلك. والقسم الثاني: في حق المخلوقين وهو ما يتجملون به بينهم من أنواع الثياب المباحة، ولا يزري بصاحبه، ولا ينقص مروءته بينهم. ويكره الاقتعاط وهو التعمم بغير الحنك. ويستحب التلحي وهو إذا كان بالحنك. ويكره كل ما خالف زي العرب وشابه زي الأعاجم. وتطويل الذيل مكروه، لأنه ورد في الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزره بطرًا لم ينظر الله إليه)) ذكره أبو داود بإسناد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.
পৃষ্ঠা - ৬৩
واشتمال الصماء مكروه في الصلاة وهو أن يلتحف بثوب ويجعل طرفيه على جانب فلا يكون ليه موضع تخرج منه، ولذلك سمى الصماء. وكذلك يكره السدل وهو أن يترك وسط ردائه على رأسه وباقيه مسدل على ظهره، وهي لبسة اليهود. وكذلك يكره الاحتباء وهو أن يجلس ويضم ركبتيه إلى نحو صدره ويدير ثوبه من وراء ظهره إلى أن يبلغ ركبتيه ويشده، حتى يكون كالمعتمد عليه والمستند إليه، إذا لم يكن عليه ثوب، لأنه يؤدي إلى انكشاف عورته، ولا بأس بذلك، إذا كان تحت ثوب. وكذلك يكره التلثم وتغطية الأنف في الصلاة. ويكره التشبه بزي النساء للرجال. وكذلك يكره للنساء التشبه بزي الرجال، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- لعن فاعله وتوعد عليه. ويكره الإقعاء في الصلاة، وهو أن يمد ظهر قدميه، ويجلس على عقبيه، أو يجلس على إليته وينصب قدميه، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((إقعاء كإقعاء الكلب))، فنهى عنه. ويكره لبس ما تشف منه الأبدان من الثياب، وإن شفت منه العورة كان فاسقًا كما لو كشفها إذا تعمد لبسه، ولا تصح صلاته فيها. وقد مدح الشرع السراويل بقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((السراويل نصف الكسوة)). وهي في حق الرجال أوكد. ويكره توسعة بوائكه، وتضييقها أولى وأحب، لأنه أستر للعورة، وقد روى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: (اللهم اغفر للمسرولات))، قال ذلك في حق امرأة مر بها علت بائكة فسقطت، فأدار وجهه عنها، فقيل له: إنها مسرولة. وفي بعض الأحاديث عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه كره السراويل المخرفجة، وهي الواسعة الطويلة التي تقع على ظهر القدمين، وأصله: السعة يقال: عيش مخرف إذا كان واسعًا. وأفضل اللباس ما كان ساترًا.
পৃষ্ঠা - ৬৪
وأفضل ألوان الثياب ما كان أبيض لقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((خير ثيابكم البياض))، وفي لفظ آخر: ((عليكم بالبياض يلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم)). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الأثمد يجلو البصر وينبت الشعر)). * * * (فصل: في آداب النوم) يستحب لمن أراد أن ينام أن يوكئ سقاءه، ويطفئ سراجه، ويغلق بابه، ويغسل فاه إذا كان قد أكل ما له رائحة لئلا يقصده الدبيب، ويسمي باسم الله عز وجل، ويقول: ما روى أبو داود بإسناده عن سعد بن عبيدة قال: حدثين البراء عن عازب قال: قال لي رسول الله: ((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت. قال: فإن مت مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول. قال البراء فقلت استذكرهن فقلت وبرسلوك الذي أرسلت قال: لا، وبنبيك الذي أرسلت)). ويكون نومه على ما ذكر في الخبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة كما يكون في اللحد، وإن نام على ظهره متفكرًا في ملكوت السماوات والأرض فلا بأس. ويكره نومه على وجهه. وإذا رأى في منامه ما يزعجه استعاذ بالله تعالى من شره، وتفل عن يساره ثلاثًا، وقال: اللهم ارزقني خير رؤياي، واكفني شرها. ويقرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين، إلا أن يكون جنبًا. ولا يفسر منامه إلا على من يحسن من عالم أو حكيم
পৃষ্ঠা - ৬৫
ويكون محبًا. ولا يفسر ما رآه من الأحلام لأن الشيطان يتمثل له. وقد روى عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، ثم ليتعوذ من شرها فإنها لا تضره)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ((إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ ويقول: إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)). وفي حديث عبادة بن الصامت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة)). وإذا أراد الخروج من منزلة ذكر الكلمات التي وردت في حديث الشعبي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ما خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: ((اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي)) ويقرأ: قل هو الله أحد مع المعوذتين إذا أصبح وإذا أمسى، ويدعو مع ذلك بدعاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم بك نصبح وبك نمسي، وبك نحيا وبك نموت، ويزيد في الصباح: وإليك النشور، وفي المساء: وإليك المصير)). ويقول مع ذلك: اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك نصيبًا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو ذنب تغفره أو شدة تدفعها أو فتنة تصرفها أو معاناة تمن بها برحمتك إنك على كل شيء قدير.
পৃষ্ঠা - ৬৬
وإذا أراد دخول المسجد فليقدم رجله اليمنى ويؤخر رجله اليسرى ويقول: بسم الله السلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وليسلم على من كان في المسجد. فإن لم يكن فيه أحد قال: السلام علينا من ربنا عز وجل. وإذا دخله لا يجلس حتى يأتي بركعتين، ثم إن شاء تنفل وإلا جلس مشتغلًا بذكر الله عز وجل، أو صامتًا لا يذكر شيئا من أمور الدنيا. ولا يكثر كلامه إلا ما لابد منه. فإن كان قد دخل وقت الصلاة صلى السنة والفرض في الجماعة. فإذا فرغ وأراد الخروج فليقدم رجله اليسرى ويؤخر رجله اليمنى وليقل: بسم الله السلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك. ويستحب له في دبر كل صلاة أن يسبح الله عز وجل ثلاثًا وثلاثين، ويحمده ثلاثًا وثلاثين، ويكبره ثلاثًا وثلاثين، ويختم المئة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويستحب له المداومة على الطهور، فإنه روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ((دم على الطهور تزد في عمرك، وصل بالليل والنهار ما استطعت تحبك الحفظة، وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين، وسلم على أهل بيتك إذا دخلت بيتك يكثر خير بيتك، ووقر كبير المسلمين، وارحم صغيرهم ترافقني في الجنة)). فقد جمع هذا الحديث آدابًا جمة. * * *
পৃষ্ঠা - ৬৭
(فصل: في دخول المنزل والكسب من الحلال والوحدة) وإذا أراد دخول منزله: فلا يدخل حتى يتنحنح، ويقول: السلام علينا من ربنا، فقد جاء من بعض الأخبار: أن المؤمن إذا خرج من منزله وكل الله تعالى ببابه ملكين يحفظان ماله وأهله، ويوكل إبليس سبعين شيطانًا مردة، فإذا دنا المؤمن من بابه قال الملكان: اللهم وفقه إن كان انقلب بكسب طيب، فإذا تنحنح دنا الملكان وتباعدت الشياطين، وإذا قال: السلام علينا من ربنا توارت الشياطين، وقام الملكان أحدهما عن اليمين، والآخر عن الشمال. وإذا فتح الباب فقال: بسم الله، ذهبت الشياطين ودخل معه الملكان، وحسنا له كل شيء في منزله، وأطابا له معيشة يومه وليلته، فإذا جلس المؤمن قام الملكان على رأسه فإن أكل أكل طيبًا، وإن شرب شرب طيبًا ما دام في منزله يومه وليلته، وكان طيب النفس. فإن لم يفعل من ذلك شيئًا ذهب عنه الملكان، ودخل معه الشياطين، وقبحوا كل ما في منزله في عينه، وأسمعه أهله ما يسوؤه حتى يكون بينه وبين أهله ما يفسد عليه دينه. وإن كان أعزب ألقوا عليه النعاس والكسل، وإن نام نام جيفة، وإن جلس جلس في تمنى ما لا ينفعه، خبيث النفس، ويفسدون عليه طعامه وشرابه ونومه. وأما الكسب: فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من طلب الدنيا حلالًا استعفافًا عن المسألة وسعيًا على أهله وتعطفًا على جاره بعثه الله تعالى يوم القيامة ووجهه كالقمة ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالًا مكاثرًا مفاخرًا مرائيًا لقى الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان)). وعن ثابت البناني رحمه الله أنه قال: ((بلغني أن العافية في عشرة أشياء: تسعة منها في السكوت وواحدة في الفرار من الناس، والعبادة عشرة: تسعة منها في طلب المعيشة وواحدة في العبادة)). وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا يفتح
পৃষ্ঠা - ৬৮
الرجل على نفسه بابًا من المسألة إلا فتح الله عليه بابًا من الفقر، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ولئن يأخذ أحدكم حبلًا ثم يعمد إلى هذا الوادي فيحتطب منه، ثم يأتي سوقكم فيبيعه بمد تمر خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)). وروى ((ما من رجل يفتح على نفسه بابًا من المسألة إلا فتح الله عليه سبعين بابًا من الفقر)). وروى عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن الله يحب كل مؤمن محترف أبا العيال، ولا يحب الفارغ الصحيح لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة)). وروى أن داود نبي الله عز وجل سأل الله تعالى أن يجعل كسبه من يده، فألان له الحديد، فصار في يده كالعجين والشمع، يتخذ منه الدروع فيبيعها فيعيش هو وعياله بثمنها. وقال ابنه سليمان عليهما السلام: رب قد أعطيتني من الملك ما لم تعط أحدًا من قبلي، وسألتك أن لا تعطيه أحدًا من بعدي فأعطيتنيه، فإن قصرت في شكرك فدلني على عبد هو أشكر لك مني، فأوحى الله تعالى إليه: يا سليمان: إن عبدًا يكتسب بيده يد جوعه ويستر عورته ويعبدني هو أشكر لي منك. فقال: يا رب اجعل كسبي بيدي. فأتاه جبريل عليه السلام فعلمه عمل الخوص، يتخذ منه القفاف، فأول من عمل الخوص سليمان عليه السلام. وقيل عن بعض الحكماء إنه قال: لا يقوم الدين والدنيا إلا بأربعة: العلماء والأمراء والغزاة وأهل الكسب. فالأمراء هم الرعاة يرعون الخلق. والعلماء هم ورثة الأنبياء وهم يدلون الخلق على الآخرة، والناس يقتدون بهم. والغزاة هم جند الله في الأرض، يقمع بهم الكفار. وأما أهل الكسب فهم أمناء الله تعالى، بهم مصالح الخلق وعمارة الأرض.
পৃষ্ঠা - ৬৯
فالرعاة إذا صاروا ذئابًا فمن يحفظ الغنم؟ والعلماء إذا تركوا العلم اشتغلوا بالدنيا فبمن يقتدي الخلق؟ والغزاة إذا ركبوا للفخر والخيلاء، وخرجوا للطمع فمتى يظفر بالعدو؟ وأهل الكسب إذا خانوا الناس فكيف يأمنهم الناس؟ وإذا لم يكن في التاجر ثلاث خصال افتقر في الدنيا والآخرة. أولها: لسان نقي عن ثلاث: الكذب واللغو والحلف. والثانية: قلب صاف من الغش والخيانة والحسد لجاره وقرينه. والثالثة: نفس محافظة لثلاث خصال: الجمعة والجماعات، وطلب العلم في بعض ساعات الليل والنهار، وإيثار مرضاة تعالى على غيره. وإياك والكسب الحرام فقد قيل: إذا كسب العبد خبيثًا وأراد أن يأكل منه، وقال: بسم الله، قال الشيطان: كل إني كنت معك حين كسبته فلا أفارقك، إنما أنا شريكك، فهو شريك كل كاسب حرام. قال الله عز وجل: {وشاركهم في الأموال والأولاد} [الإسراء: 64] فالأموال: الحرام، والأولاد: أولاد الزنا. كذا ذكر في التفسير. وقد روى عن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا يكتسب العبد مالًا من الحرام ويتصدق به فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار)). وبالجملة إنه لا يمتنع من الحرام إلا من هو مشفق على لحمه ودمه فدين المرء لحمه ودمه فليجتنب الحرام وأهله، ولا يجالسهم، ولا يأكل طعام من كسبه حرام، ولا يدل أحدًا على حرام، فيكون شريكه، فالورع هو ملاك الدين وقوام العبادة واستكمال أمر الآخرة. وأما الوحدة والعزلة: فقد جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((عليكم بالعزلة فإنها عبادة)). وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن جليس بيته)).
পৃষ্ঠা - ৭০
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الناس رجل اعتزل يكفي الناس شره)). وفي بعض الألفاظ عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الغريب هو الذي يفر بدينه)). وعن بعض السلف أنه قال: هذا زمان السكوت ولزوم البيوت- وهو بشر الحافي-. وقيل لسعد بن أبي وقاص لما تفرد في قصره بالعقيق: تركت أسواق الناس ومجالس الإخوان وتخليت، فقال: رأيت أسواقهم لاغية ومجالسهم لاهية، فوجدت الاعتزال فيما هناك عافية. وقال وهيب بن الورد رحمه الله: ((خالطت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلًا غفر لي زلة، ولا ستر لي عورة، ولا أمنته إذا غضب، وما وجدت منهم إلا من يركب هواه)). وعن الشعبي رحمه الله أنه قال: ((تعاشر الناس بالدين زمنًا طويلًا حتى ذهب الدين، ثم تعاشروا بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعاشروا بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم تعاشروا بالرغبة والرهبة، وأظن أنه سيجيء بعد هذا ما هو أشد منه)). وقال الحكيم: ((العبادة عشرة أجزاء تسعة في الصمت وواحدة في العزلة، فراودت نفسي على الصمت فلم أقدر عليه، فصرت إلى العزلة فجمعت لي التسعة)). وكان يقول: ((لا شيء أوعظ من القبر، ولا آنس من الكتاب، ولا أسلم من الوحدة)). وقال بشر بن الحارث رحمه الله: إنما يطلب العلم ليهرب به من الدنيا لا لتطلب به الدنيا. وروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((قيل: يا رسول الله: أي جلسائنا خير؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: من ذكرتكم الله تعالى رؤيته، وزاد في عملكم منطقه، وذكركم الآخرة عمله)). وكان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: ((يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله عز وجل ببغض أهل المعاصر، وتقربوا إلى الله تعالى بالتباعد عنهم، والتمسوا رضاه بسخطهم)).
পৃষ্ঠা - ৭১
وإن كان لابد من المخالطة فلتكن للعلماء، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((مجالسة العلماء عبادة)). وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((ألزم قلبك التفكر وجسدك التصبر وعينك البكاء، ولا تهتم لرزق غد فإن ذلك خطيئة تكتب عليك، والزم المساجد فإن عمار بيت الله تعالى هم أهل الله عز وجل)). وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((من أكثر الاختلاف إلى المساجد أصاب أخًا مستفادًا ورحمة منتظرة وكلمة تدل على هدى وأخرى تصرف عن الردى وعلمًا مستطرفًا وترك الذنوب حياء وحشية)). ولو اعتزل الإنسان الناس مهما اعتزل لم يكن له متسعًا في الشرع اعتزال الجمعة والجماعات، فلا يجوز له تركها في الجملة، لأنه يكفر بمداومته على ترك الجمعة لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من ترك الجمعة ثلاثًا من غير عذر طبع الله تعالى على قلبه)). وفي حديث جابر رضي الله عنه: ((واعلموا أن الله عز وجل قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة، من تركها وله إمام عادل أو جائر استخفافًا بها أو جحودًا لها فلا جمع الله له شمله ولا أتم له أمره ألا لا صلاة له، ألا لا زكاة له، ألا لا حج له، ألا لا صوم له، إلا أن يتوب، من تاب تبا الله عليه. ولأن في تركها استهابة بمنادي الله عز وجل وهو قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9]، ومن استهان بالله تعالى وبمناديه يكفر، فعليه التوبة وتجديد الإسلام، ويتوب الله على من تاب. ولا يجوز له تركها إلا لعذر يبيحه الشرع كما قيل: ((خذ عن الناس جانبًا غير طاعن
পৃষ্ঠা - ৭২
عليهم ولا تارك لجماعتهم)). فليجتهد المرء في الاعتزال عن الناس ما استطاع إلا ممن يكون عونًا له في أمر دينه، لأن الكذب إنما يجري بين اثنين، والفجور بين اثنين، وقتل النفس بين اثنين وقطع المال بين اثنين، والسلامة من ذلك في الاعتزال والانفراد. * * * (فصل: في آداب السفر والصحبة فيه) وإذا أراد سفرًا أو حجًا أو غزوًا أو تحولًا من دار إلى دار أو طلب حاجة فليصل ركعتين، ثم يطلب حاجته، ويتحول. وأما في السفر فليقل على إثر الركعتين: ((اللهم بلغ بلاغًا مبلغ خير ومغفرة منك ورضوانًا بيدك الخير وأنت على كل شيء قدير، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد، اللهم هو علينا السفر واطو لنا البعيد، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والولد والمال)). ويتحرى أن يكون ذلك بكرة خميس أو سبت أو اثنين. وإذا استوى على راحلته قال: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون} [الزخرف: 13 - 14]. وإذا رجع من السفر صلى ركعتين وقال: ((آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون))، لأنه روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعله. وإذا خرج فلا يكن قائدًا للناس إذا وجد من يقودهم، ولا يشير عليهم بمنازل ينزلونها إذا وجد من يكفيه ذلك. وعليه بالصمت وحسن الصحبة وكثرة المنفعة لإخوانه، وإياه والقيل والقال. ولا ينزل على الطريق ولا على ماء، فإن مأوى الحيات والسباع بل يتنحى عنه، ولا يعرس على الطريق فإنه مكروه. وينبغي أن يكون سفره على لسان المعرفة.
পৃষ্ঠা - ৭৩
ويخرج من أوصافه المذمومة إلى صفاته المحمودة، فيخرج من هواه إلى طلب رضا مولاه بتصحيح تقواه. فأول ما يجب عليه إذا أراد أن يسافر من بلده أن يرضي خصومه ويرضي والديه أو من هو في حكمهما من الأجداد والخالات. ويخلف لعياله ما يمونهم في مدة سفره، أو يستصحبهم ويحملهم معه. وينبغي أن يكون سفره لطاعة من الطاعات كالحج أو زيارة النبي- صلى الله عليه وسلم- أو زيارة شيخ أو موضع من المواضع الشريفة. أو لمباح كالتجارة والعلم بعد أحكام علوم العبادات الخمس، لأن علمها فريضة وما وراءها مباح وفيه فضل، وقيل فرض على الكفاية. وينبغي أن يعاشر أصحابه في سفره بحسن الخلق وجميل المداراة، وترك المخالفة واللجاج في جميع الأشياء. ويشتغل بخدمة أصحابه في السفر ولا يستخدم أحدًا إلا عند الضرورة، ويجتهد أبدًا أن يكون في سفره على الطهارة. ومن آداب الصحبة أن يقف مع صاحبه إذا عيي، ويسقيه الماء إذا عطش، ويرفق به إذا ضجر، ويداريه إذا غضب، ويحفظه ورحله إذا نام، ويؤثره إذا قل الزاد، ويواسيه بما يفتح له، ولا ينفرد به دونه، ولا يكتمه سرًا، ولا يفشى له سرًا، ولا يستظهره إلا بجميل، ويرد غيبته، ويحسن ذكره عند الرفقة، ولا يعيبه عندهم، ولا يشكو منه إليهم، ويتحمل أذاه، وينصحه إذا شاوره، ويسأله عن اسمه وبلده ونسبه وإن كان أرفع منه منزلة. ويظهر للرفقة أنه تابع له وإن كان هو المتبوع، وأوضح لتابعه عيوب نفسه على طريق النصح له لا على طريق التوبيخ والتعنيف. وينبغي أن يتعوذ من كل شيء يخافه عندما يحل بموضع أو ينزل بمنزل أو يجلس في مكان، أو ينام فيه بأن يقول: ((أعوذ بالله وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن
পৃষ্ঠা - ৭৪
الليل والنهار، ومن طارق الليل والنهار إلا طارقًا يطرق منك بخير، يا أرحم الراحمين، ومن كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم)). ولا يتخذ في الركاب الأجراس، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنه مع كل جرس شيطان)). وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((إن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس)). ويستحب أن يصحب في سفره عصا، ويجتهد ألا يخلو منها، لما روى ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إمساك العصا سنة الأنبياء وعلامة المؤمنين)). وقال الحسن البصري رحمه الله: ((في العكازة ست خصال: سنة الأنبياء، وزي الصالحين، وسلاح على الأعداء- يعني الحية والكلب وغير ذلك-، وعون الضعفاء، وغم المنافقين، وزيادة في الحسنات)). ويقال: إذا كان مع المؤمنين العصا هرب الشيطان منه، وخشع منه المنافق والفاجر، وتكون قبلته إذا صلى، وقوته إذا أعيي، وفيها منافع كثيرة كما قال الله في قصة موسى عليه السلام: {هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} [طه: 18]. (فصل: ولا يجوز خصاء شيء من الحيوان والعبيد) نص عليه الإمام أحمد في رواية حرب وأبي طالب. وكذلك السمة في الوجه على ما نقل أبو طالب عنه. لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى أن يخصى كل ذي نسل من البهائم، في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه - صلى الله عليه وسلم- ((نهى عن الوسم في الوجه ورخص فيه في الأذن)). وإن كان لابد من الوسم لأجل العلامة ليعرفوا البهائم حين الاختلاط جاز في غير الوجه كالأفخاذ والأسنمة.
পৃষ্ঠা - ৭৫
(فصل: ولا يجوز فعل شيء من المستقذرات في المساجد) ويكره العمل فيها كالخياطة والخرازة والبيع والشراء وما أشبه ذلك. ويكره رفع الأصوات إلا بذكر الله تعالى. والنخامة في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها. ويكره زخرفة المساجد بالتزاويق والخلوق، ولا بأس بتجصيصها وتطيينها. ويكره اتخاذها بيتًا ومقامًا إلا للغريب أو المعتكف، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنزل وفد بني عبد قيس، وروى: ثقيف في المسجد. ولا بأس بإنشاء الشعر والقصائد فيها الخالية من السخف والهجاء المسلمين، والأولى صيانتها إلا أن تكون من الزهديات المرققات المشوقات المبكيات، فيجوز الإكثار منها. والأولى من ذلك القرآن والتسبيح، لأن المساجد وضعت لذكر الله تعالى والصلاة، فينبغي أن تجل عما سوى ذلك. ويكره نقل تراب المسجد. وأما ما حصل فيه من المزابل والكناسة فيستحب إخراج ذلك وفيه فضل كثير. وقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن ذلك مهور الحور العين. ويكره تمكين الصبيان والمجانين من دخوله. ولا بأس بعبور الجنب فيه. وتمنع الحائض، لأنه لا يؤمن من تلويث المسجد. وإذا دعت الضرورة للجنب جاز له أن يتوضأ ويلبث في المسجد إلى حين يقدر على الغسل، والأولى أن يتميمم للجنابة مع ذلك أيضًا، وكذلك إذا لم يجد الماء إلا في بئر المسجد تيمم لجوازه إلى البئر، ثم يغتسل إذا وصل إليها. * * * (فصل: في الأصوات) فما كان منها من إنشاد الأشعار المتعرية من الملاهي على ضربين: مباح ومحظور. فالمباح: ما لا سخف فيه. والمحظور: ما كان فيه سخف.
পৃষ্ঠা - ৭৬
فأما ما ينضم إلى الملاهي فمحظور، سواء خلا عن السخف أو قارن السخف، إلا أنه إذا قارنه سخف حصل الحظر لعلتين. وتكره قراءة القرآن بالألحان المشبهة بأصوات الأغاني المطربة إعظامًا له وتنزيهًا. لأن الغالب من ذلك إخراج الكلام عن سننه، وإسقاط الإطالة والهمز في موضعه، وإطالة المقصور وقصر الممدود وإدغام الحروف. ولأن ثمرة القراءة خشية الله عز وجل، وتجديد التوبة عند سماع مواعظه والاعتبار ببراهينه وقصصه وأمثاله والتشوق إلى وعده، وذلك يزول بطيب سماعه، قال الله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون} [الأنفال: 2]، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن} [النساء: 82، ومحمد: 24]، وقوله جل وعلا: {ليدبروا آياته} [ص: 29]، وقوله تعالى: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} [المائدة: 83]. والألحان المطربة تحول بين ذلك، فكره لأجل ذلك. ولا يسافر بالمصحف إلى أهل الحرب، حتى لا ينالوا منه، ويستخفوا بحرمته. ولا يستمع إلى أصوات الأجنبيات من شواب النساء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ((التسبيح للرجال والتصفيق للنساء))، هذا إذا ناب المصلى نائب في صلاته فكيف بالشعر والغناء والغزل والأمور المهيجة لطباع الناس من ذكر صفات العشاق والمعشوقين ودقائق صفات المحبة والميل وصفات المشتهاة التي تتوق النفس إلى سماعها، فتهيج دواعي السامع وتثير طبعه إلى المحارم، فلا يجوز لأحد سماع ذلك. وإن قال قائل إني أسمعها على معان أسلم فيها عند الله تعالى، كذبناه؛ لأن الشرع لم يفرق بين ذلك، ولو جاز لأحد لجاز للأنبياء عليهم السلام، ولو كان ذلك عذرًا لأجزنا سماع القيان لمن يدعي أنه لا يطربه، وشرب المسكر لمن يدعي أنه لا يسكره. فلو قال: عادتي أني متى شربت الخمر انكففت عن الحرام، لم نبحه له. ولو قال: عادتي أني شهدت المردان والأجنبيات وخلوت بهن اعتبرت في حسنهم، لم نجز له ذلك.
পৃষ্ঠা - ৭৭
بل نقول: ترك ذلك واجب، والاعتبار بغير المحرمات أكثر من ذلك، وإنما هذه طريقة من أراد تناول الحرام بطريقة الله عز وجل فيركب هواه، فلا نسلم لأصحابها ولا نلتفت إليهم، قال الله عز وجل: {قل للمؤمنين يغضون من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} [النور: 30]. فمن قال: النظر أزكى، كان مكذبًا للقرآن. ويكره الندب والنياحة. فأما البكاء على الميت فغير مكروه. * * * (فصل: في الآداب في قتل الحيوان، ما يباح منه وما لا يباح) فمن رأى شيئًا من الحيات في منزله فليؤذنه ثلاثًا، فإن بدا له بعد ذلك فليقتله. وأما في الصحارى فيجوز قتله من غير إيذان وكذلك الأبتر وهو قصير الذنب وذو الطفيتين الذي في ظهره خط أسود، وقيل له شعرتان سوداوان بين عينيه فإنه يقتله بلا إيذان. وصفة الإيذان: أن يقول: امض بسلام لا تؤذنا. قد جاء في ذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- سئل عن حيات البيوت فقال: إذا رأيتم منهن شيئًا في مساكنكم فقولوا: أنشدكم العهد الذي أخذه عليكم نوح، أنشدكم العهد الذي أخذه عليكم سليمان أن لا تؤذونا، فإن عدن فاقتلوهن)). وما روى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((اقتلوا الحيات كلهن، فمن خاف ثأرهن فليس مني)). في حديث سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يكسفان البصر ويسقطان الحبل. قال: وكان عبد الله رضي الله عنه يقتل كل حية وجدها، فأبصره أبو لبابة رضي الله
পৃষ্ঠা - ৭৮
عنه وهو يطارد حية فقال: إنه قد نهى عن ذوات البيوت. والأصل في النهي عن ذوات البيوت، ما روى عن أبي السائب قال: أتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فبينا أنا جالس عنده سمعت تحت سريره تحريك شيء، فنظرت فإذا حية فقمت، قال أبو سعيد: ما لك، قلت: حية ها هنا، قال: فتريد ماذا؟ قلت: أقتلها، فأشار إلى بيت في داره تلقاء بيته، فقال: إن ابن عم لي كان في هذا البيت، فلما كان يوم الأحزاب استأذن إلى أهله، وكان حديث عهد بعرس، فأذن له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يذهب بسلاحه، فأتى داره فوجد امرأته قائمة على بيت البيت، فأشار إليها بالرمح، فقال: لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني فدخل البيت فإذا حية منكرة، فطعنها بالرمح ثم خرج بها في الرمح يرتكض، قال: فلا أدري أيهما كان أسرع موتًا الرجل أو الحية؟ فأتى قومه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ادع الله تعالى أن يرد صاحبنا فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن نفرًا من الجن أسلموا بالمدينة فإذا رأيتم أحدًا منهم فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تحذروه فاقتلوه بعد الثلاث)). وروى عن بعض الألفاظ: فليؤذنه ثلاثًا، فإن بدا له فليقتله فإنه شيطان. ويجوز قتل الأوزاغ، لما روى عامر بن سعد عن أبيه- رضي الله عنه- قال: أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقتل الوزغ، وسماه فويسقًا)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((في أول ضربة سبعين حسنة)). يعني في قتلها بأول ضربة كان له ذلك. ويكره قتل النملة إلا من أذية شديدة، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((أن نملة قرصت نبيًا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه:- أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح)). ويكره قتل الضفدع لما روى عن عبد الرحمن بن عثمان أنه سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- عن
পৃষ্ঠা - ৭৯
ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي- صلى الله عليه وسلم- عن قتلها. ويكره قتل جميع ما يباح قتله بالنار من القمل والبق والبراغيث والنمل، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((لا يعذب بالنار إلا رب النار)). ويجوز قتل كل شيء يؤذي من الحيوانات، وإن لم توجد منه الأذية بعدما كان مخلوقًا على صفة تؤذى، لأن من طبعة الأذية، وذلك كالحية التي ذكرنا صفتها. والعقرب والكلب العقور والفأرة وغير ذلك. وكذلك الكلب الأسود البهيم لأنه شيطان. وكل حيوان يجده إنسان عطشانًا أثيب على إسقائه الماء، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((في كل ذي كبد حري أجر)). هذا إذا لم يكن مؤذيًا. وأما المؤذي فلا يسقيه فإن ذلك تنمية وتكثير للأذية وذلك لا يجوز. ولا يجوز اتخاذ الكلب وتربيته في داره إلا للحرس أو الصيد أو الماشية. وإن كان عقورًا حرم تركه قولًا واحدًا، ووجب قتله ليدفع شره عن الناس، وقد ورد في بعض الأحاديث: ((من اقتنى كلبًا لغير ماشية أو صيد نقص من أجره كل يوم قيراطان)). ولا يجوز تكليف الحيوان البهيم فوق طاقته في الحمل والحرث والسير ومنعه ما يكفيه من العلف، فإن فعل ذلك أثم. ويكره له إطعامه فوق طاقته، وإكراهه على أكل ما اتخذه الناس عادة لأجل التسمين. ويكره الأكل من كسب الحجام، لأن في ذلك دناءة وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: ((كسب الحجام خبيث)). وقد حرم ذلك بعض أصحابنا لأن ذلك مروى عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
পৃষ্ঠা - ৮০
(فصل: وبر الوالدين واجب) قال الله عز وجل: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا} [الإسراء: 23]، وقال تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا} [لقمان: 15]، وقال جل وعلا: {أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير} [لقمان: 14]. وروى عن ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من أصبح مسخطًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار، ومن أمسى مسخطًا لوالديه أمسى له بابان مفتوحان إلى النار، وإن كان واحدً فواحد، وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه)). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخط الوالدين)). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أريد الجهاد، فقال: ألك أبوان؟ قال: نعم. قال- صلى الله عليه وسلم-: ففيهما فجاهد)). وصفة البر: أن تكفيهما ما يحتاجان إليه، وتكف عنهما الأذى وتداريهما مداراة الطفل الصغير، ولا تتضجر منهما ولا من حوائجهما، وتجعل خدمتهما بدلًا من كثير نوافلك من الصلاة والصيام والقراءة، وتستغفر لهما عقيب صلواتك، ولا تحوجهما إلى التعب، وتتحمل أذاهما، ولا تعل صوتك على أصواتهما، ولا تخالفهما في ما لا يكون فيه خرق للشرع، معناه لا يكون في ذلك ترك الفرائض كحجة الإسلام والصلوات الخمس والزكاة والكفارة والنذر، وألا يكون في ذلك ارتكاب المحرم من أنواع المناهي من الزنا وشرب الخمر والقتل والقذف وأخذ المال كالغصب والسرقة لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى)). وقد قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15].
পৃষ্ঠা - ৮১
فهذا الحديث والآية عام في ترك طاعة كل من أمر بمعصية الله أو ترك طاعته، ومذكور ذلك عن الإمام أحمد في رواية أبي طالب في الرجل الذي ينهاه أبواه عن الصلاة في الجماعة، فقال: ليس لهما طاعة في ترك الفرض. وأما النوافل فيجوز تركهما لطاعتهما، بل الأفضل طاعتهما. ومن البر لهما أن تصل من وصلهما، وتهجر من هجرهما، وتغضب لهما كما تغضب لنفسك في الموت والحياة. وإذا ثار طبعك في الغضب عليهما فاذكر تربيتهما وسهرهما وإشفاقهما وتعبهما، وقول الله تعالى: {وقل لهما قولًا كريمًا} [الإسراء: 23]. فإن لم تردعك عن غيظك الرحمة لهما ولا بهما فاعلم أنك محروم مسخوط عليك فتب إلى الله تعالى إذا سكن غضبك إن كنت خالفت أمره فيهما. ولا تسافر سفرًا ليس بواجب عليك إلا بإذنهما. ولا تغز إلا أن يتعين عليك إلا بإذنهما. ولا تفجعهما بنفسك، فقد نهى غيرك أن يفجعهما بك، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لعن الله المفرق بين الوالدة وولدها)). وإن ظفرت بطعام أو شراب فعليك بإيثارهما بأطيبه، فطالما آثراك وجاعا وأشبعاك وسهرا ونوماك. ترشد بذلك إن شاء الله تعالى. * * * (فصل: فيما يستحب من الكنى والأسماء وما يكره منها) يمنع الإنسان أن يسمي ولده ويكنيه باسم النبي- صلى الله عليه وسلم- وكنيته، ويجوز إفراد أحدهما عن الآخر، وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى كراهيته في الجملة، يعني الجمع والإفراد. وروى عنه الجواز في الجملة. والدليل على جواز التسمية باسم النبي- صلى الله عليه وسلم- دون كنيته ما روى أنس بن مالك وأبو هريرة رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)).
পৃষ্ঠা - ৮২
والدليل على جواز الجمع بينهما: ما روى عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت امرأة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني ولدت غلامًا فسميته محمدًا وكنيته بأبي القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك، فقال- صلى الله عليه وسلم-: ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي؟ أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي؟)). ويكره من الكنى أبو يحيى وأبو عيسى. ويكره أن يسمى عبيده بأفلح ونجاح ويسار ونافع ورباح وبركة وبرة وحزن وعاصية، لما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: لئن عشت لأنهين أن يسمى العبيد يسارًا أو بركة أو رباحًا أو نجاحًا أو أفلح. ويكره من الألقاب والأسماء ما يوازي أسماء الله تعالى كملك الملوك وشاهنشاه وما شاكل ذلك، لأن ذلك عادة الفرس. ويكره التسمي بالأسماء التي لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى كقدوس وإله وخالق ومهيمن ورحمن، قال الله تعالى: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم} [الرعد: 33]، قال بعض المفسرين: قل سموهم بأسمائي فانظروا ذلك هل تليق بهم. ويحرم على كل أحد أن يلقب أخاه أو عبده بلقب يكره لأن الله تعالى نهى عن ذلك، فقال عز وجل: {ولا تنابزوا بالألقاب} [الحجرات: 11] وسماه فسوقًا. ويستحب أن تدعو أخاك بأحب أسمائه إليه. (فصل) ويستحب لمن غضب إن كان قائمًا أن يجلس، وإن كان جالسًا أن يضطجع، وإن مس الماء البارد سكن غضبه، لما روى الحسن رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الغضب جمرة تتوقد في قلب ابن آدم فإذا وجد أحدكم ذلك فإن كان قائمًا فليقعد وإن كان قاعدًا فليتكئ)).
পৃষ্ঠা - ৮৩
ويكره أن يجلس الرجل بين قوم وهم في سر بغير إذنهم، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك. ويكره الجلوس بين الظل والشمس. ويكره الاتكاء على يده اليسرى والاضطجاع بين الجلوس. وإذا قام من مجلسه يستحب له أن يقول كفارة المجلس: ((سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)). ويكره المشي بالنعل في المقابر. ويستحب لمن دخلها أن يقول: اللهم رب هذه الأجساد البالية، والعظام الناخرة، التي خرجت من دار الدنيا وهي بك مؤمنة، صل على محمد وعلى آل محمد، وأنزل عليهم روحًا منك وسلامًا مني، ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. لأنه مروي أيضًا. وإذا زار قبرًا لا يضع يده عليه، ولا يقبله، فإنه عادة اليهود، ولا يقعد عليه، ولا يتكئ إليه، ولا يدوسه إلا أن يضطر إلى ذلك كله، بل يقف عند موضع وفوقه منه أن لو كان حيًا، ويحترمه كما لو كان حيًا، ويقرأ إحدى عشرة مرة: قل هو الله أحد وغيرها من القرآن، ويهدي ثواب ذلك لصاحب القبر وهو أن يقول: اللهم إن كنت قد أثبتني على قراءة هذه السورة، فإني قد أهديت ثوابها لصاحب هذا القبر، ثم يسأل الله حاجته. ولا يكسر عظمًا، ولا يدوسه، فإن ألجئ إلى ذلك واضطر فليستغفر الله لصاحب القبر. وتكره الطيرة، ولا بأس بالتفاؤل. ويستحب التواضع لكل واحد من المسلمين. ويستحب توقير الشيوخ ورحمة الأطفال والعفو عنهم ولا يترك تأديبهم.
পৃষ্ঠা - ৮৪
(فصل: ويجوز أن يقول الرجل لغيره: صلى الله عليك) وصلى الله على فلان ابن فلان لما روى أن عليًا رضي الله عنه قال لعمر رضي الله عنه: صلى الله عليك. والنبي- صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم صل على آل أبي أوفى. (فصل: وتكره مصافحة أهل الذمة) لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لا تصافحوا أهل الذمة. (فصل: والأدب في الدعاء) أن يمد يديه ويحمد الله تعالى ويصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم يسأل الله حاجته، ولا ينظر إلى السماء في حال دعائه، وإذا فرغ مسح يديه على وجهه، لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((سلوا الله ببطون أكفكم)). (فصل: والتعوذ بالقرآن جائز) لقوله عز وجل: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98]، وقوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: 1]، و {قل أعوذ برب الناس} [الناس: 1]. ما روى: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى شيئًا قرأ على نفسه المعوذتين ونفث. وكان- صلى الله عليه وسلم- يقول: أعوذ بوجه الله الكريم وكلماته التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها. وكذلك الرقية بالقرآن، وبأسماء الله تعالى جائزة، لقوله عز وجل: {وينزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} [الأنعام: 92]. قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((استرقوا لها فإنه لو سبق القدر شيء لسبقته العين)) ويريد به- صلى الله عليه وسلم-
পৃষ্ঠা - ৮৫
في حق الحسن والحسين رضي الله عنهما. (فصل) ويكتب للمحموم ويعلق عليه ما روى عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال: حممت فكتب لي من الحمى بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله محمد رسول الله: {يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم * وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأخسرين} [الأنبياء: 69 - 70]. اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك، يا أرحم الراحمين. (فصل) وقال بعض أصحابنا يكتب للمرأة إذا عسرت عليها الولادة في جام أو آنية نظيفة ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم)) {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2]، {وكأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46]، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35]، ثم يغسل ويسقى منه، وينضح ما بقى منه على صدرها. وكذلك تجوز الرقية من النملة وغيرها كالعقارب والحيات والبراغيث والبق لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- رخص في الرقية من كل ذي حمة. وقال- صلى الله عليه وسلم-: من قال حين يسمي ثلاث مرات: صلى الله على نوح وعلى نوح السلام، لم تلدغه عقرب تلك الليلة. وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة)). ويجوز النفخ في الرقية، ويكره التفل. (فصل) ويغسل العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره في إناء، ثم يصب الماء على المريض، لما روى أبو أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: ((رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف، وهو يغتسل فعجب منه فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخباة في خدرها، أو قال: جلد فتاة، ففلج به حتى ما كان يرفع
পৃষ্ঠা - ৮৬
رأسه، قال: فذكروا ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: هل تتهمون أحدًا؟ قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن عامر بن ربيعة قال له كذا وكذا، فدعاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ودعا عامرًا وقال: سبحان الله لم يقتل أحدكم أخاه إذا رأى شيئًا يعجبه فليدع له بالبركة، قال: ثم أمره- صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، فغسل وجهه وظهر كفيه ومرفقيه وغسل صدره وداخل إزاره وركبتيه وقدميه في الإناء ظاهرهما وباطنهما، ثم أمر به فصب على رأسه، فكفئ الإناء من خلفه حسبته قال: فأمره فحسا منه حسوات، فراح مع الركب)). وإن اغتسل غسلًا كاملًا ثم صب الماء على المعين كان أكمل. * * * (فصل: والتعالج في الأمراض جائز) بالحجامة والفصد والكي وشرب الأدوية والأشربة وقطع العروق والبط وقطع العضو عند وقوع الأكلة فيه وخوف التعدي إلى بقية البدن وقطع البواسير، وكل ما فيه صلاح للجسد، لما روى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- احتجم وشاور الطبيب فقال للطبيبين: إنما رأيكما طب، فقالوا: يا رسول الله وهل في الطب خير؟ فقال- صلى الله عليه وسلم-: إن الذي أنزل الداء أنزل الدواء. وسئل الإمام أحمد عن الكي فقال: الأعراب تفعله، وقد كوى النبي- صلى الله عليه وسلم-، وقد فعله الصحابة رضي الله عنهم. وقال في موضع آخر: قطع عمران بن حصين رضي الله عنهما عرق النساء. وعن الإمام أحد رحمه الله رواية أخرى كراهية ذلك. وأما التداوي بمحرم كالخمر والسم والميتة وشيء نجس فغير جائز، وكذلك بلبن الأتن الأهلية، لما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ما جعل شفاء أمتي في ما حرم عليها)). والحقنة مكروهة إلا عند الضرورة. ولا يجوز الفرار من الطاعون، وإن كان خارجًا من البلد لا يقدم عليه لئلا يكون عونًا على هلاك نفسه.
পৃষ্ঠা - ৮৭
(فصل: ولا يخلو بامرأة ليست منه بمحرم) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك وقال: ((إن الشيطان ثالثهما))، ولأن الشيطان يزين لهما المعصية. ولا ينظر إلى امرأة شابة إلا لعذر من شهادة أو علاج في المرض. ويجوز النظر إلى المرأة البرزة العجوز، لعدم الافتتان بها. ولا يجتمع رجلان ولا امرأتان عريانين في لحاف واحد أو إزار، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك، ولأن ذلك يؤدي إلى أن ينظر أحدهما عورة الآخر وذلك منهي عنه، ولأنه لا يؤمن من ارتكاب الفجور بتزيين الشيطان ذلك. (فصل: فإن كان له مملوك من ذكر أو أنثى وجب عليه الرفق به) ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق، ويكسوه ويطعمه ويزوجه إن شاء، ولا يكرهه على ذلك. فإن قصر في ذلك عصى وأمر ببيعه أو عتقه إن شاء، أو يكاتبه إن طلب العبد ذلك. وقد جاء في الحديث: إن آخر وصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)). (فصل) وتكره المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو لئلا تناله أيدي المشركين، إلا أن يكون للمسلمين قوة ظاهرة وشوكة وغلبة، فيجوز استصحابه ليقرأ فيه، لئلا ينسى القرآن. (فصل) ويستحب إذا نظر في المرآة أن يقول: الحمد لله الذي سوى خلقي وأحسن صورتي وزان مني ما شان من غيري. لأن ذلك مروي عن النبي- صلى الله عليه وسلم-. (فصل) وإذا طنت أذنه صلى على النبي- صلى الله عليه وسلم- وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير. لأنه مروي عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.
পৃষ্ঠা - ৮৮
(فصل) ويقول إذا اشتكى بدنه أو أعضاءه ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من اشتكى منكم شيئًا، أو اشتكى أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء والأرض، اغفل لنا حوبنا وخطايانا رب الطيبين، انزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على الوجع الذي به، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى)). (فصل) وإذا رأى شيئًا يتطير منه قال: اللهم لا يأتى بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله لأنه مروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم-. (فصل) ويستحب إذا رأى بيعة أو كنيسة أو سمع صوت ناقوس أو رأى جمعًا من المشركين واليهود والنصارى أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا واحدًا، لا نعبد إلا إياه فإن ذلك مروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، وقال: غفر الله له بعدد أهل الشرك. (فصل) ويقول إذا سمع صوت الرعد والصواعق: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك. ويقول إذا رأى الريح: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما أرسلت به. (فصل) وإذا دخل السوق قال ما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: اللهم إني أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينًا فاجرة أو صفقة خاسرة. ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
পৃষ্ঠা - ৮৯
(فصل) وإذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله عز وجل. (فصل) وإذا رأى مبتلى قال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني عليك وعلى كثير ممن خلق تفضيلًا. فإن الله عز وجل يعافيه من ذلك كائنًا ما كان أبدًا ما عاش. (فصل) يقول للحاج إذا قدم من سفره: تقبل الله نسكك، وأعظم أجرك، وأخلف نفقتك. لما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان هكذا يقول. (فصل) وإذا عاد مريضًا مسلمًا، ورآه منزولًا به موت قال ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الموت فزع، فإذا بلغ أحدكم وفاة صاحبه فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم اكتبه عندك من المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلف على عقبه في الآخرين، ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده)). ويستحب أيضًا أن يشير عليه بالتوبة من الذنوب والخروج من المظالم والوصية بثلث ماله للأقارب الفقراء منهم الذين لا يرثونه، وإن لم يكونوا فللفقراء والمساكين والمساجد والقناطر ووجوه البر والخير. (فصل) ويقول حين يضع الميت في قبره ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله. ويقول إذا حثا التراب على الميت: إيمانًا بك وتصديقًا برسولك إيمانًا ببعثك، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله. لأن ذلك مروي عن علي رضي الله عنه، وقال: من فعل ذلك كان له بكل ذرة من ترابه حسنة. * * *