গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

مجلس: في قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}

পৃষ্ঠা - ২৬২
مجلس: في قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] اختلف العلماء رحمهم الله في معنى التقوى وحقيقة المتقى. فالمنقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "جماع التقوى في قوله عز وجل: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 90]. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: المتقى الذي يتقى الشرك والكبائر والفواحش. وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: التقوى ألا ترى نفسك خيرًا من أحد. وقال الحسن رحمه الله: المتقى هو الذي يقول لكل من رآه هذا خير مني. وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لكعب الأحبار: حدثني عن التقوى، قال: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟ قال: نعم، قال: فما عملت فيه؟ فقال: حذرت وشمرت، قال كعب: كذلك التقوى. فنظمه الشاعر: خل الذنوب صغيرها ... وكبيرها فهو التقى واصنع كماش فوق أر ... ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصى وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: ليس التقى صيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فما رزق الله بعد ذلك فهو خير إلى خير. وقيل ليطلق بن حبيب: أجمل لنا التقوى، فقال: التقوى عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء لثواب الله حياء من الله. وقيل: التقوى: ترك معصية الله على نور من الله مخافة عقاب الله. وقال بكر بن عبد الله رحمه الله: لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون نفي المطعم وتقي الغضب.
পৃষ্ঠা - ২৬৩
وقال عمر بن عبد العزيز أيضًا رحمه الله: المتقى ملجم كالمحرم في الحرم. وقال شهر بن حوشب رحمه الله: المتقي الذي يترك ما لا بأس به حذرًا من الوقوع فيما فيه بأس. وقال سفيان الثوري وفضيل رحمهما الله: هو الذي يحب للناس ما يحب لنفسه. وقال الجنيد بن محمد: ليس المتقي الذي يحب للناس ما يحب لنفسه، إنما المتقي الذي يحب للناس أكثر مما يحب لنفسه، أتدرون ما وقع لأستأذى سرى السقطى رحمه الله؟ سلم عليه ذات يوم صديق له، فرد عليه السلام وهو عابس لم يتبشش له، فقلت له في ذلك، فقال: بلغني أن المرء المسلم إذا سلم على أخيه ورد عليه أخوه قسمت بينهما مائة رحمة تسعون منها لأبشهما وعشرة للآخرة فأحببت أن يكون له التسعون. وقال محمد بن علي الترمذي رحمه الله: هو الذي لا خصم له. وقال سرى السقطي رحمه الله: هو الذي يبغض نفسه. وقال الشبلي رحمه الله: هو الذي يتقى ما دون الله. قال الناطق الصادق: إلا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل وقال محمد بن خفيف رحمه الله: التقوى مجانبة كل ما يبعدك عن الله. وقال القاسم بن القاسم رحمه الله: هو المحافظة على آداب الشريعة. وقال الثوري رحمه الله: هو الذي يتقى الدنيا وآفاتها. وقال أبو يزيد رحمه الله: هو التورع عن جميع الشبهات. وقال أيضًا: المتقى من إذا قال قال لله، وإذا سكت سكت لله، وإذا ذكر ذكر لله. وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه كما يأمنه صديقه. وقال سهل رحمه الله: المتقى من تبرأ من حوله وقوته. وقيل: التقوى ألا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك. وقيل: هو الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. وقيل: هو أن تتقى بقلبك من الغفلات، وبنفسك من الشهوات، وبحلقك من
পৃষ্ঠা - ২৬৪
اللذات، وبجوارحك من السيئات، فحينئذ يرجى لك الوصول إلى رب الأرض والسموات. وقال أبو القاسم رحمه الله: هي حسن الخلق. وقال بعضهم: يستدل على تقوى الرجل بثلاث: بحسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر على ما فات. وقيل: المتقى هو الذي يتقى متابعة هواه. وقال مالك رحمه الله: حدثني وهب بن كيسان أن بعض فقهاء أهل المدينة كتب إلى عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر عند النعماء، والتذلل لأحكام القرآن. وقال ميمون بن مهران رحمه الله: لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح والسلطان الجائر. وقال أبو تراب رحمه الله: بين يدي التقوى خمس عقبات من لا يجاوزها لا ينالها وهي: اختيار الشدة على النعمة، واختيار القوة على الفصول، واختيار الذل على العز، واختيار الجهد على الراحة، واختيار الموت على الحياة. وقال بعضهم: لا يبلغ الرجل سنام التقوى إلا إذا كان بحيث لو جعل ما في قلبه على طبق فطاف به في السوق لم يستح من شيء مما عليه. وقيل: التقوى أن تزين سرك للحق كما تزين علانيتك للخلق. وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: يريد المرء أن يعطي مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا يقول المرء فائدتي وماله ... وتقوى الله أفضل ما استفاد عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله أوصني، فقال -صلى الله عليه وسلم-: عليك بتقوى الله فإنه جامع كل خير، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله فإنه نور لك". وعن ابن هرمز نافع بن هرمز رحمه الله قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- يقول:
পৃষ্ঠা - ২৬৫
"قيل يا محمد من آل محمد؟ قال: كل تقى" فالتقوى جماع الخيرات. وحقيقة الاتقاء: التحرز بطاعة الله عز وجل عن عقوبته: يقال: اتقى فلان بترسه. وأصل التقوى: اتقاء الشرك، ثم بعده اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعده اتقاء الشبهات، ثم يدع بعده الفضلات. وجاء في تفسير قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: 102] هو أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر. وقال سهل بن عبد الله رحمه الله: لا معين إلا الله، ولا دليل إلا رسول الله، ولا زاد إلا التقوى، ولا عمل إلا الصبر عليه. وقال الكتاني رحمه الله: قسمت الدنيا على البلوى، وقسمت الجنة على التقوى، ومن لم يحكم بينه وبين الله التقوى والمراقبة لم يصل إلى الكشف والمشاهدة. وقال النصر أباذي أيضًا: من لزم التقوى اشتاق إلى مفارقة الدنيا، لأن الله تعالى يقول: {وللدار الآخرة خير للذين يتقون} [الأنعام: 32]. وقال بعضهم: من تحقق في التقوى هون الله على قلبه الإعراض عن الدنيا. وقال أبو عبد الله الروذباري: التقوى مجانية ما يبعدك عن الله تعالى. وقال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: التقى من لا يدنس ظاهره بالمعارضات، ولا باطنه بالغلالات، ويكون واقفًا مع الله تعالى موقف الاتفاق. وقال ابن عطية رحمه الله تعالى: للمتقى ظاهر وباطن، فظاهره محافظة الحدود، وباطنه النية والإخلاص. وقال أيضًا ذو النون المصري رحمه الله تعالى: لا عيش إلا مع رجال تحن قلوبهم للتقوى وترتاح بالذكر. وقال أبو حفص رحمه الله تعالى: التقوى في الحلال المحض لا غير. وقال أبو الحسين الزنجاني رحمه الله تعالى: من كان رأس ماله التقوى كلت الألسن عن وصف ربحه. وقال الواسطى رحمه الله تعالى: التقوى أن يتقى من تقواه، يعني من رؤية تقواه. وروى أن ابن سيرين رحمه الله تعالى اشترى أربعين جبًا سمنًا فأخرج غلامه فأرة
পৃষ্ঠা - ২৬৬
من جب، فسأله من أي جب من الجبات أخرجتها؟ فقال: لا أدري، فصبها كلها. وروى عن بعض الأئمة أنه كان لا يجلس في ظل شجرة غريمه ويقول: جاء في الخبر "كل قرض جر نفعًا فهو ربًا". وقيل: إن أبا يزيد رحمه الله تعالى غسل ثوبًا في الصحراء مع صاحب له، فقال لصاحبه، نعلق الثياب على جدران الكروم، فقال: لا نغرز الوتد في جدار الناس، فقال: نعلقه على الشجر، فقال: لا إنه يكسر الأغصان، فقال: تبسطه على الأذخر، فقال: لا إنه علف الدواب لا نستره عنها، قيل: فولى ظهره إلى الشمس والقميص على ظهره ووقف حتى جف جانبه، ثم قلبه حتى جف الجانب الآخر. وعن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى أنه قال: بت ليلة تحت صخرة بيت المقدس، فلما كان بعض الليل نزل ملكان، فقال أحدهما لصاحبه: من هاهنا؟ فقال الآخر: إبراهيم بن أدهم، فقال: ذاك الذي حط الله درجة من درجاته، فقال: لم ذلك؟ قال: لأنه اشترى بالبصرة التمر، فوقعت تمرة من تمر البقال على تمره، فقال إبراهيم: فمضيت إلى البصرة واشتريت التمر من ذلك الرجل وأوقعت تمرة على تمره، ورجعت إلى بيت المقدس ونمت تحت الصخرة، فلما كان بعض الليل إذا أنا بملكين نزلا من السماء، فقال أحدهما لصاحبه: من هاهنا؟ قال الآخر: إبراهيم بن أدهم، فقال: ذاك الذي رد الشيء إلى مكانه ورفعت درجته. وقيل: التقوى على وجوه: تقوى العامة: ترك الشرك بالخالق، وتقوى الخاصة: ترك الهوى بترك المعاصي ومخالفة النفس في سائر الأحوال، وتقوى خاص الخاص من الأولياء: ترك الإرادة في الأشياء والتجرد في النوافل من العبادات والتعلق بالأسباب، والركون إلى ما سوى المولى، ولزوم الحال والمقام، وامتثال الأمر في جميع ذلك مع إحكام الفرائض. وتقوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يتجاوزهم غيب في غيب، فهو من الله وإلى الله، يأمرهم وينهاهم، ويوقفهم ويؤدبهم ويهذبهم ويطيبهم ويطبهم، ويكلمهم ويحدثهم، ويرشدهم ويهديهم، ويعطيهم ويهنيهم، ويطلعهم ويبصرهم، لا مجال للعقل في ذلك، فهم في معزل عن البشر بل عن الملائكة أجمع، إلا فيما يتعلق بالحكم
পৃষ্ঠা - ২৬৭
الظاهر والأمر المبين الموضوع للأمة وعوام المؤمنين، فإنهم يشاركون الخلق في ذلك، وينفردون عنهم فيما سوى ذلك. وقد يعطى بعض ذلك الكرام من الأبدال والخلص من الأولياء، فتقصر عباراتهم عن ذكر ذلك، فلا تظهر إلى الوجود ولا تدرك بالسمع والحس إلا ما يغلب على اللسان، فتبدر من ذلك كلمة أو كلمات، ثم يتداركه الله بالسكينة والتثبيت وإسبال الستر عليه، فيستيقظ لأمره ويحفظ لسانه ويستغفر الله تعالى مما جرى، ويغير العبارة ويحسن اللفظ على وجه يعقل ويفهم، على ما هو المعهود عند الناس. (فصل) وطريق التقوى أولًا: التخلص من مظالم العباد وحقوقهم، ثم من المعاصي الكبائر منها والصغائر، ثم الاشتغال بترك ذنوب القلب التي هي أمهات الذنوب وأصولها فمنها يتفرع ذنوب الجوارح من الرياء والنفاق والعجب والكبر والحرص والطمع والخوف من الخلق والرجاء لهم وطلب الجاه والرياسة والتقدم على أبناء جنسه، وغير ذلك مما يطول شرحه. وإنما يقوى على جميع ذلك بمخالفة الهوى، ثم الاشتغال بترك الإرادة فلا يختار مع الله شيئًا، ولا يدبر مع تدبيره ولا يتخير عليه ولا ينص على وجهة وسبب في رزقه، ولا يعترض عليه عز وجل في حكمه في خلقه، بل يسلم الكل إليه، ويستسلم بين يديه، ويطرح نفسه لديه، فيصير في يد قدرته كالطفل الرضيع في يد ظئره ودايته، والميت في يد غاسله، مسلوب اختياره، منزوع إرادته، فالنجاة كل النجاة في ذلك. فإن قال قائل: كيف الطريق إلى ذلك؟ قيل له: الطريق إلى ذلك بصدق اللجأ إلى الله عز وجل، والانقطاع إليه، ولزوم طاعته بامتثال أوامره وانتهاء نواهيه، والتسليم في قدره وحفظ الحال، وصيانته حدودها أبدًا. واختلفت أقاويل الشيوخ في النجاة: فقال الجنيد رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بصدق اللجأ إلى الله عز وجل، قال الله عز وجل: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: 118]. وقال رويم رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بالصدق والتقوى، قال الله عز وجل:
পৃষ্ঠা - ২৬৮
{وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم} [الزمر: 61]. وقال الحريري رحمه الله: ما نجا من نجا إلا بمراعاة الوفاء، قال الله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق} [الرعد: 20]. وقال عطاء رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بتحقيق الحياء، قال الله تعالى: {ألم يعلم بأن الله يرى} [العلق: 14]. قال بعضهم: ما نجا من نجا إلا بالحكم والقضاء السابق في علم الله عز وجل، قال الله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101]. وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بالإعراض عن الدنيا وأهلها، قال الله تعالى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} [محمد: 36]. وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وما تقرب المتقربون إلى الله بشيء أفضل من أداء ما افترض الله عليك ... ". وقال: "منذ خلقها الله تعالى ما نظر إليها". وقال الحسن رحمه الله تعالى: معناه ما نظر إليها بعين رحمته من مقتها فهي الحجاب العظيم، وبها يتبين الخالص من المعيب، ولا يصلح لمن بقى عليه منها شيء الوصول إلى حلاوة مناجاته سبحانه لأنها ضد الله وضد ما يحب الله. (فصل) وقد دعا الله عز وجل خلقه إلى توحيده وطاعته بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب، فحذر وأنذر وخوف وزجر أعذارًا إليهم وتأكيدًا للحجة عليهم. فقال عز وجل: {رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165]. وقال عز من قائل: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولًا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} [طه: 134]. وقال تعالى في آية أخرى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} [الإسراء: 15]. وقال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: 57].
পৃষ্ঠা - ২৬৯
وقال جل وعلا في التخويف والتحذير: {ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد} [آل عمران: 30]. وقال تبارك وتعالى: {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} [البقرة: 235]. وقال جلت عظمته: {واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم} [البقرة: 231]. وقال جلت قدرته: {واتقون يا أولى الألباب} [البقرة: 197]. وقال سبحانه وتعالى: {واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه} [البقرة: 223]. وقال تعالى: {واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [البقرة: 281]. وقال تعالى: {واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} [البقرة: 123]. وقال جل جلاله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يومًا لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئًا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} [لقمان: 33]. وقال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج: 1]. وقال عز وجل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا} [النساء: 1]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا} [الأحزاب: 70]. وقال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18]. وقال تعالى: {واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [المائدة: 2]. وقال تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة} [التحريم: 6]. وقال عز وجل: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115]. وقال جل وعلا: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} [القيامة: 36]. وقال تعالى: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون * أو أمن أهل
পৃষ্ঠা - ২৭০
القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون} [الأعراف: 97 - 98]. فما جوابك يا مسكين عن هذه الآيات، وما عملك بها؟ فهل انتهيت بها عن إتباع شهواتك الخبيئة المردية لك في الدنيا والآخرة، المحلة لك في دار الشقاء والمهانة التي تحرقك نارها وتنهشك حياتها وتلسعك وتلسنك عقاربها وهوامها، وتأكلك ديدانها، وتضربك زبانيتها وخزانها، ويجدد عليك في كل يوم أنواع عذابها وأنت فيها مع فرعون وهامان ونمرود وقارون والشياطين سواء. وقال في الترغيب: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2 - 3]. وقال تعالى: {ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا} [الطلاق: 5]. وقال تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك} [الانفطار: 6 - 7]. وقال عز وجل: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16]. فقد رغبك الله فيما عنده وطلب فضله وسعة رحمته وطيب رزقه والاستراحة إليه والطمأنينة لديه، بسلوك سبيل التقوى وملازمته والمواظبة عليه، فبين بذلك الطريق وأضاء لك المحجة، وضمن لك بعد ذلك غفران الذنوب وتكفير السيئات وعظم الأجر والجزاء بقوله عز وجل: {ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا} [الطلاق: 5]. ثم نبهك عن غرتك به ورقدتك عنه، وتعاميك عن طريقه وتصامك عن سماع آياته ومواعظة وزواجره، فقال تعالى: {ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك} [الانفطار: 6 - 7]. فوصف نفسه بالكريم لئلا تزهد في معاملته وتنفر عن مقاربته وتشتغل عنه بخليقته، ثم ذكرك بأنه خلقك وأوجدك من عدمك، وأحياك بعد أن لم تكن شيئًا، وأغناك بعد فقرك، وقواك بعد ضعفك، وبصرك في مصالحك بعد عماك، وعلمك بعد جهلك، وهداك بعد ضلالتك. فما قعودك يا غافل عن طلب فضله الواسع، وما تثبيطك عن ملازمة طاعته التي تشرفك في الدنيا وتسعدك في العقبي، وترفعك في الدرجات العلى. أرضيت بالحياة الدنيا من الآخرة، واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، وآثرت
পৃষ্ঠা - ২৭১
الدنيا وأبناءها، وما ظهر لك من زينتها التي لا بقاء لها على الفردوس الأعلى، والمرافقة مع الأنبياء والصديقين والشهداء. أما سمعت قولته عز وجل: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} [التوبة: 38]. وقوله تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى} [الأعلى: 16 - 17]. وقوله تعالى: {فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى} [النازعات: 37 - 39]. * * * (فصل) واعلم أن دخول النار بالكفر وتضاعف العذاب وقسمة الدركات بالأعمال السيئة والأخلاق السيئة، ودخول الجنة بالإيمان وتضاعف النعيم وقسمة الدرجات بالأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة، وأن الله عز وجل خلق الجنة فحشاها بالنعيم ثوابًا لأهلها، وخلق النار فحشاها بالعذاب عقابًا لأهلها، وخلق الدنيا فحشاها بالآفات والنعيم محنة وابتلاء، ثم خلق الخلق والجنة والنار في غيب منهم لم يعاينوهما. فالنعيم والآفات التي في الدنيا هي أنموذج الآخرة ومذاقة ما فيها، وخلق في الأرض من عبيده ملوكًا، أعطاهم سلطانًا أرعب به القلوب وملك به النفوس، فهو أنموذج ومثال لتدبيره وملكه ونفاذ أمره ومعاملته، فجعل خبر ذلك كله تنزيلًا، ووصف الدارين ووصف ملكه وقدرته وتدبيره ومنته وصنائعه وضرب الأمثال على ذلك، ثم قال تعالى، {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: 43]. فالعلماء بالله يفهمون عن الله أمثاله، لأن المثل إنما هو صفة شيء قد شاهدته يريك صفة ما غاب عنك، ويبصرك بما تبصره بعينك لينفذ بصر قلبك إلى ما لا تبصره عينك، فيعقل قلبك ما خوطبت به من خبر الملكوت وخبر الدارين وخبر معاملة ملك الملوك، فليس في الدنيا نعمة ولا شهوة إلا وهي أنموذج الجنة وذوقها، ثم من وراء ذلك فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فلو سمى للعباد منها شيء لم ينتفعوا بتلك الأسماء، لأنهم لم يعقلوه هاهنا ولا أروه وليس له أنموذج في الدنيا.
পৃষ্ঠা - ২৭২
والجنة مائة درجة، وإنما وصف منها ثلاث درجات الذهب والفضة والنور، ثم من وراء ذلك غير معقول، ولا تحمله العقول. وكذلك ما في الدنيا من الشدة والعذاب فهو أنموذج دار العقاب، ثم من وراء ذلك ما لا تحمله العقول من ألوان العذاب، كل ذلك يخرج لهم من غضبه ولأهل الجنة من رحمته. فكل من تناول من عبيده من دنياه ما أبيح له وشكره عليها أبدل له من الجنة ما يدق هذا في جنبه، ومن تناول ما لم يبح له فقد حرم نفسه حظها من الدرجات، ومن كذب بها حرم الجنة بما فيها أجمع. فلأهل الجنة عرائس وولائم وضيافات، فالعرائس للدعوة، وذلك أن رب العزة سبحانه دعاهم إلى دار السلام ليجدد لهم أبدانًا طرية وأعمارًا أبدية، والولائم للأزواج والضيافات للزيارة، ولأهل الجنة تلاق وزيارات فيما بينهم، ومتحدث في مواطن الألفة، ومجتمع في ظل طوبي يلقون الرسل هناك ويزورونهم ومجالس الملائكة فيما بينهم سلام الله عليهم أجمعين. وأسواق يأتونها يتخيرون الصور، وهدايا من الرحمن في أوقات الصلوات، يغدى ويراح عليهم من ألوان الأطعمة والأشربة والفواكه بكرة وعشيًا، أرزاقهم دارة لا مقطوعة ولا ممنوعة، ومزيد من الله يومًا بيوم، فإذا أتاهم المزيد نسوا ما قبله، ثم لهم منتزه يخرجون إليه في رياض على شاطئ نهر الكوثر، عليه خيام الدر مضروبة، والخيمة ستون ميلًا في عرض مثله، من لؤلؤة واحدة ليس لها باب، فيها جواز عبقات، لم ينظر إليهن ملك ولا أحد من أهل الجنة من الخدام والحور، وهو قوله عز وجل: {فيهن خيرات حسان} [الرحمن: 70]. وإذا قال الله لهن {حسان} فمن يقدر أن يصف حسنهن، ثم قال الله تعالى: {حور مقصورات في الخيام} [الرحمن: 72]. فتلك خيرة الرحمن اختار صورهن الحسان من بين الصور، أبدعن من سحائب الرحمة، فإذا أمطرت أمطرت جواري حسانًا على مشيئة الكريم، نور وجوههن من نور العرش، فضربت عليهن خيام الدر فلم يرهن أحد منذ خلقن، فهن مقصورات في الخيام قد قصرن - أي حبس - على أزواجهن من جميع الخلق.
পৃষ্ঠা - ২৭৩
فأهل الجنة يتنعمون في القصور مع الأزواج، ويلبثون في النعمة ما شاء الله، حتى إذا كان اليوم الذي يريد الله عز وجل أن يجدد لهم نعمة ونزهة، نودوا في درجات الجنان: يا أهل الجنان، إن هذا يوم نزعة وسرور وتفسح وحبور، فاخرجوا إلى متنزهكم، فيخرجون على خيول الدر والياقوت من أبواب مدائنهم إلى تلك الميادين، ثم يسيرون من الميادين إلى تلك الرياض على شاطئ نهر الكوثر، فيهديهم الله إلى منازلهم، فينزل كل رجل منهم عند خيمته ولا باب لها، فتصدع الخيمة عن باب، وذلك بعين ولي الله تعالى، ليعلم أن التي فيها لم يطلع عليها أحد، وفاء لما قدم الله من الوعد في دار الدنيا حيث قال: {فيهن خيرات حسان} [الرحمن: 70]، ثم قال تعالى: {حور مقصورات في الخيام} [الرحمن: 72]، ثم قال عز وجل: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} [الرحمن: 74]. فيستوى معها على سرير النزهة في تلك الحجال، فيمال عليهم من وليمتها، فإذا طعموا الولائم سقاهم الله شرابًا طهورًا، وتفكهوا بطرف الفواكه التي جدد الله لهم من تلك الهدايا في ذلك اليوم والحلي والحلل، فخلع عليهم كسوة الرحمن، واشتغلوا بالخيرات الحسان، يقضون منهن الأوطار والنهمات، ثم يتحولون إلى مجالس العبقريات الموشاة بألوان النقوش على شواطئ الأنهار في تلك الرياض، يركبون الرفارف الخضر ويتكئون عليها وهو قوله تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} [الرحمن: 76]. وإذا قال الله لشيء {حسان}، فماذا بقى، فالرفرف، هو شيء إذا استوى عليه رفرف به وأهوى كالأرجوحة يمينًا وشمالًا ورفعًا وخفضًا يتلذذ مع أنيسه. فإذا ركبوا الرفارف أخذ إسرافيل عليه السلام في السماع، وروى في الخبر "أنه ليس أحد من خلق الله أحسن صوتًا من إسرافيل عليه السلام". فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم، فإذا ركبوا الرفارف وأخذ إسرافيل في السماع بألوان الأغاني تسبيحًا وتقديسًا للملك القدوس، فلم يبق في الجنة شجرة إلا وردت، ولم يبق ستر ولا باب إلا ارتج وانفتح، ولم يبق حلقة باب إلا طنت طنينها، ولم يبق أجمة من آجام الذهب والفضة إلا وقع هبوب الصوت في مقاصبها، فزمرت تلك المقاصب بفنون الزمر، ولم تبق جارية من جواري
পৃষ্ঠা - ২৭৪
الحور العين إلا غنت بأغانيها والطير بألحانها، فيوحي الله عز وجل إلى الملائكة أن جاوبوهم، وأسمعوا عبادي الذين نزهوا أسماعهم عن مزامير الشيطان فيجاوبون بألحان وأصوات روحانية، فتختلط هذه الأصوات فتصير رجة واحدة. ثم يقول الله تعالى: قم يا داود عن ساق عرشي فمجدني، فيندفع داود في تمجيد ربه بصوت يغمر الأصوات ويحليها، وتتضاعف اللذة وأهل الخيام على تلك الرفارف تهوى بهم، وقد حفت بهم أفانيس اللذات والأغاني، فذلك قوله عز وجل: {فهم في روضة يحبرون} [الروم: 15]- قال يحيى بن كثير رحمه الله: الروضة: اللذة والسماع -. فبينما هم على لذاتهم وسرورهم إذ يفتح لهم باب الملك القدوس من جنة عدن، فارتجت أصوات صفوف الروحانيين من باب جنة عدن بتماجيد الماجد الكريم إلى درجات الجنان، وثارت ريح عدنية بألوان الطيب والروح والنسيم وهو نسيم القربة، وسطع على أثر ذلك نور فأشرقت منه رياضهم وخيامهم وشواطئ أنهارهم، وامتلأ كل شيء منهم نورًا، ثم ناداهم الجليل جل جلاله من فوق رؤوسهم: السلام عليكم أحبائي وأوليائي وأصفيائي يا أهل الجنة كيف وجدتم منتزهكم، هذا يومكم بدل نيروز أعدائي، طلبوا يومًا من الدنيا ليجددوا على أنفسهم النعمة التي قد كدروها على أنفسهم لخبثهم وشقائهم، فلم ينالوا ما طلبوا من اللذة، وخسروا في جنب ما طلبوا في العاجل، ولم يتصبروا حتى ينالوا هذا الذي أعددت في الأجل لأهل طاعتي، فأعرضتم عما إليه أقبلوا، وأمتنعتم مما فيه تنافس أهل الدنيا، فاليوم يذوقون وبال ما تنافسوا فيه وشيكًا ما انقطع به ما طلبوا من اللذة والنهمة في دار الفناء، وصاروا إلى الذل والهوان، وجزيتم بما صبرتم جنة وحريرًا، ومنتزهًا وسلامًا، وهذا يوم نيروزكم ومنتزهكم، وهذا يوم زيارتكم في داري في جنة عدن، وطالما رأيتكم في أيام الدنيا في مثل ذلك اليوم مشتغلين بعبادتي وطاعتي، والمترفون في لهوهم ولبسهم سكارى حيارى عصاة متمردين، يتنعمون بحطام الدنيا، ويفرحون بتداولها بينهم، وأنتم تراقبون جلالي، وتحفظون حدودي وترعون عهدي وتشفقون على حقوقي. ويفتح لهم باب من أبواب النيران فيفور لهبها ودخانها وصراخ أهلها وعويلهم، لينظر أهل الجنان من هذه المجالس إلى ما من الله عليهم، فيزدادون غبطة وسرورًا. وينظر أهل النار من تلك السجون والمحابس في تلك الأغلال والقيود فيتحسرون
পৃষ্ঠা - ২৭৫
على ما فاتهم، فيستغيثون بوجوه أهل الجنان إلى الله، وينادونهم بأسمائهم، فيقول الله تبارك اسمه: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون * هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون * لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون * سلام قولًا من رب رحيم * وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وإن اعبدوني هذا صراط مستقيم} [يس: 55 - 61]. فتجيش لهم النار فتفرق جمعهم وينقطع نداؤهم، فترمى بهم إلى جزائر في النار، فإذا أخرجوا إليها دبت إليهم عقارب لها أنياب كأمثال النخل، ثم يقبل عليهم سيل من نار من تحت العرش حشوه غضب الله، فيحملهم فيفرقهم في بحار النيران، وينادي مناد من قبل الله تعالى: هذا يومكم الذي كنتم تبارزوني فيه بالعظائم، وتتمردون على بنعمتي، وتفرحون في دار الأحزان والعبودية بما تضاهون به ما أعددت لأهل طاعتي، فقد انقطعت عنكم تلك اللذات، فذوقوا وبال ما آثرتموه، فإن أهل الجنة قد شغلوا عنكم بالتنعيم بالولائم وألوان الفواكه وطرف الهدايا وافتضاض العذاري وركوب الرفارف، والتلذذ بالأغاني وألوان السماع وسلامي عليهم وإقبالي بالبر واللطف إليهم، والمزيد ما يستفرغ نعمهم ليتهنوا بنعيمهم ويزدادوا به لذة على لذتهم. فيا أهل الجنة هذا لكم بدل يوم أعدائي الذين تباشروا وأهدوا إلى ملوكهم وقبلوا هداياهم وأنتم الفائزون. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني رجل قد حبب إلى الصوت الحسن فهل في الجنة صوت حسن؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: أي والذي نفسي بيده، إن الله عز وجل ليوحي إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكرى عن عزف البرابط والمزامير، فترفع بصوت لم تسمع الخلائق بمثله من تسبيح الرب وتقديسه". وعن أبي قلابة رحمه الله قال: قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل في الجنة من ليل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: وما هيجك على هذا؟ قال: سمعت الله عز وجل يذكر في الكتاب: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا} [مريم: 62] فقلت: الليل بين البكرة والعشى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس هناك ليل إنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو،
পৃষ্ঠা - ২৭৬
ويأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلوات التي كانوا يصلونها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة". فمن أراد أن يكون له حظ في هذا العيش اللذيذ الدائم، فعليه بحفظ حدود وشروط التقوى، وهي مذكورة في قوله عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكن وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [البقرة: 177] وعليه بالإتيان بحدود الإسلام وأجزائه. وروى عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أنه قال في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} [البقرة: 208] الإسلام ثمانية أسهم: الصلاة سهم، والزكاة سهم، والصيام سهم، والحج سهم، والعمرة سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له. وعن عاصم، يعني الأحوال، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مثل الإسلام كمثل الشجرة الثابتة، الإيمان بالله أصلها، والصلوات الخمس فروعها، وصيام شهر رمضان لحاؤها، والحج والعمرة جناها، والوضوء والغسل من الجنابة شربها، وبر الوالدين وصلة الرحم غصونها، والكف عن محارم الله ورقها، والأعمال الصالحة ثمرها، وذكر الله عروقها"، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: "كما لا تحسن الشجرة ولا تصلح إلا بالورق الأخضر، كذلك لا يصلح الإسلام إلا بالكف عن المحارم، والأعمال الصالحة".
পৃষ্ঠা - ২৭৭
(فصل) في صفة النار وما أعد الله لأهلها فيها وفي صفة الجنة وما أعد الله لأهلها فيها عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم القيامة واجتمع الخلائق ليوم لا ريب فيه في صعيد واحد، غشيتهم ظلمة سوداء لا ينظر بعضهم بعضًا من شدة الظلمة، والخلائق قيام على صدور أقدامهم، وبينهم وبين ربهم عز وجل مسيرة سبعين عامًا. قال: فبينما هم كذلك إذ تجلى الخالق تبارك وتعالى للملائكة، فأشرقت الأرض بنور ربها، وانجلت الظلمة فغشي الخلائق كلهم نور ربهم، والملائكة حافون من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ويقدسون له. قال: فبينما الخلائق قيام كلهم صفوفًا، كل أمة قائمة في ناحية، إذ أتى بالصحف والميزان، ووضعت الصحف وعلق الميزان بيد ملك من الملائكة يرفعه مرة ويخفضه مرة أخرى، قال: فبينما هم كذلك إذ كشف الغطاء عن الجنة فأزلفت، فهبت منها ريح فوجد المسلمون عرفها كالمسك وبينهم وبينها مسيرة خمسمائة عام، ثم كشف الغطاء عن جهنم فهبت منها ريح مع دخان شديد، فوجد المجرمون عرفها وبينهم وبينها مسيرة خمسمائة عام. ثم جئ بها تقاد موثقة بسلسلة عظيمة عليها تسعة عشر خازنًا من الملائكة، مع كل خازن منهم سبعون ألف ملك أعوان له، فيقودها كل خازن منهم مع أعوانه، وسائر الخزان مع أعوانهم يمشون عن يمينها وشمالها وورائها، بيد كل ملك منهم مقمعة من حديد يصيحون بها، فتمشى ولها زفير وشهيق ووعث وظلمة ودخان وتقعقع ولهب عال من شدة غضبها على أهلها، فينصبونها بين الجنة والموقف، فترفع طرفها، فتنظر إلى الخلائق، ثم تجمع إليهم لتأكلهم، فيحبسونها خزنتها بسلاسلها، فلو تركت لأتت على كل مؤمن وكافر. فلما رأت أنها قد حبست عن الخلائق فارت فورًا شديدًا {تكاد تميز من الغيظ} [الملك: 8].
পৃষ্ঠা - ২৭৮
ثم شهقت الثانية فتسمع الخلائق صوت صريف أسنانها فارتعدت عند ذلك الأفئدة، وانخلعت القلوب وطارت الأفئدة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. قال قائل: يا نبي الله حلها لنا، قال -صلى الله عليه وسلم-: نعم، هي مثل هذه الأرض عظمًا سبعون جزاء من بعد، سوداء مظلمة لها سبعة رؤوس، لكل رأس منها ثلاثون بابًا، طول كل باب منها مسيرة ثلاث ليال، وشفتها العليا تضرب منخرها، والشفة السفلى تسحبها، وفي كل منخر من مناخرها وثاق وسلسلة عظيمة، يمسكها سبعون ألف ملك غلاظ شداد كالحة أنيابهم أعينهم كالجمر وألوانهم كلهب النار، يفور من مناخرهم لهب، ودخان عال، مستعدين لأمر الجبار تبارك وتعالى. قال: فحينئذ تستأذن جهنم ربها عز وجل في السجود، فيقول لها: نعم اسجدي، قال: فتسجد ما شاء الله، قال: ثم يقول لها الجبار عز وجل: ارفعي، قال: فترفع رأسها فتقول: الحمد لله الذي جعلني ينتقم بي ممن عصاه، ولم يجعل شيئًا ممن خلق ينتقم به مني، قال: ثم تقول بلسان طلق ذلق سلق: الحمد لله ما شاء الله من ذلك بصوت لها جهير، ثم تزفر زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد ممن شهد الموقف إلا جثا على ركبتيه، ثم تزفر الثانية فلا تبقى قطرة في عين أحد إلا بدرت، ثم تزفر الثالثة فلو كان لكل آدمي أو جني عمل اثنين وسبعين نبيًا لواقعوها، ثم تزفر الرابعة فلا يبقى شيء إلا انقطع كلامه، غير أن جبريل وميكائيل وإبراهيم خليل الرحمن عز وجل متعلقون بالعريش يقول كل واحد منهم: نفسي نفسي لا أسألك غيرها. قال" ثم ترمى بشرر كعدد نجوم السماء، عظم كل شرارة كالسحابة العظيمة، الطالعة من المغرب، فيقع ذلك الشرر على رؤوس الخلائق، قال: ثم ينصب الصراط عليها فهيأ له سبعمائة قنطرة، ما بين كل قنطرتين منها سبعون عامًا، وقيل: سبع قناطر، وعرض الصراط من الطبقة الأولى إلى الطبقة الثانية مسيرة خمسمائة عام، ومن الثانية إلى الثالثة مسيرة خمسمائة عام، ومن الثالثة إلى الرابعة مثلها، ومن الرابعة إلى الخامسة مثلها، ومن الخامسة إلى السادسة مثلها، ومن السادسة إلى السابعة مسيرة خمسمائة عام وهي أعرضهن وأشدهن حرًا وأبعدهن قعرًا وأكثرهن جمرًا وأكثرهن ألوانًا بسبعين جزءًا، فأما الطبقة الدنيا فقد جاز لهبها الصراط يمينًا وشمالًا في السماء مسيرة ثلاثة أميال، وكل طبقة أشد حرًا وأكبر جمرًا وأكثر في ألوان العذاب من التي فوقها بسبعين جزءًا، في
পৃষ্ঠা - ২৭৯
كل طبقة بحر وأنهار وجبال وشجر، طول كل جبل منها في السماء مسيرة سبعين عامًا، وفي كل طبقة منها سبعون جبلًا، وفي كل جبل منها سبعون ألف شعبة، في كل شعبة منها سبعون ألف شجرة ضريع، لكل شجرة منها سبعون شعبة، على كل شعبة منها سبعون حية وسبعون عقربًا، طول كل حية منها مسيرة ثلاثة أميال، فأما العقارب فكالبخاتي العظام، على كل شجرة منها سبعون ألف ثمرة، في كل ثمرة رأس شيطان، في جوف كل ثمرة منها سبعون دودة طول كل دودة منها مسيرة غلوة، ومنها ثمر ليس فيه دود وليس فيه شوك. وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن لجهنم سبعة أبواب، لكل باب منها سبعون واديًا، قعر كل واد منها مسيرة سبعين عامًا، ولكل واد منها سبعون ألف شعبة، وفي كل شعبة منها سبعون ألف مغارة، وفي كل مغارة سبعون ألف شق، كل شق منها مسيرة سبعين عامًا، في جوف كل شق منها سبعون ألف ثعبان، في شدق كل ثعبان منها سبعون ألف عقرب، لكل عقرب منها سبعون ألف فقارة، في كل فقارة قلة سم لا ينتهي الكافر ولا المنافق حتى يوافى ذلك كله". قال: فبينما الخلائق جاثون على ركبهم وجهنهم تخطر كما يخطر الجمل المغتلم، قال: فينادي مناد بصوت عال، فيقوم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، ثم عرضوا عرضة ردت فيها المظالم، ثم عرضوا الثانية فتجادلت الأرواح والأجساد وظهرت الأجساد على الأرواح، ثم عرضوا على الله الثالثة، فطارت الصحف فوقعت في أيدي الخلق، فمنهم من أوتى كتابه بيمينه، ومنهم من أوتى كتابه بشماله، ومنهم من أوتى كتابه وراء ظهره. فأما الذين أوتوا كتابهم بأيمانهم فأعطوا نورًا من نور ربهم، وهنتهم الملائكة بكرامتهم، فجازوا الصراط برحمة ربهم، ودخلوا جنانهم فلقيتهم خزانهم عند أبواب جنانهم بكسوتهم ومراكبهم وبالحلية التي تنبغي لهم، فافترقوا إلى منازلهم وانقلبوا مسرورين إلى قصورهم، فدخلوا على أزواجهم فنظروا إلى ما لا عين رأت وتصف ألسنتهم، ولم تبصر أبصارهم، ولم يخطر على قلوبهم، فأكلوا وشربوا ولبسوا حليتهم ثم اعتنقوا أزواجهم ما قدر لهم، ثم حمدوا خالقهم الذي أذهب عنهم حزنهم، وآمنهم من فزعهم، ويسر لهم حسابهم، ثم شكروا ما أعطاهم ربهم، فقالوا: {الحمد لله الذي
পৃষ্ঠা - ২৮০
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} [الأعراف: 43]. فقرت أعينهم بما تزودوا من دنياهم، كانوا موقنين مؤمنين مصدقين خائفين راجين راغبين، فعند ذلك نجا الناجون وهلك الكافرون. وأما الذين أوتوا كتابهم بشمالهم ومن وراء ظهورهم فاسودت وجوههم وانقلبت زرقًا عيونهم، ووسموا على خراطيمهم وعظمت أجسادهم، وغلظت جلودهم وهتفوا بويلهم حين نظروا إلى كتابهم، وعاينوا ذنوبهم، لم يغادروا صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوها مثبتة في كتابهم، فهم كاسف بالهم سيء ظنهم شديد رعبهم كثير همهم، منكسة رؤوسهم خاشعة أبصارهم خاضعة رقابهم، يسارقون النظر إلى نارهم، لا يرتد إليهم طرفهم، لأنهم عاينوا أمرًا عظيمًا كبيرًا مفظعًا جليلًا طامًا مكربًا مفزعًا مرعبًا محزنًا مخسئًا مهمًا للقلوب وللعيون مبكيًا، فأقروا بالعبودية لربهم واعترفوا بذنوبهم وكان اعترافهم عليهم نارًا وعارًا وتحزنًا وشقاء وإلزامًا وسخطًا. قال: فبينما القوم بين يدي ربهم عز وجل جاثون على ركبهم بذنوبهم معترفون، زرقًا أعينهم لا يبصرون، هاوية قلوبهم فلا يعقلون، مرجفة أوصالهم فلا يتكلمون، منقطعة أرحامهم فلا يتواصلون {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101]. أصيبوا في أنفسهم فلا ينجبرون، ويسألون الرجعة فلا يجابون، قد أيقنوا بما كانوا يكذبون، فهم عطاش لا يروون، وجياع لا يشبعون، وعراة لا يكتسون، مغلوبون لا ينصرون، محزنون مسلوبون، مخسورون أنفسهم وأهليهم وأموالهم ومكاسبهم. قال: فبينما القوم كذلك إذ أمر الله تعالى خزنة جهنم أن يخرجوا منها ومعهم أعوانهم، وأن يحملوا آداتهم من السلاسل والأغلال والمقامع، قال: فخرجوا منها على ناحية ينتظرون بماذا يؤمرون. قال: فلما نظر إليهم الأشقياء وعاينوا وثاقهم وثيابهم عضوا أيديهم، فأكلوا أناملهم وهتفوا بويلهم وفاضت دموعهم وزلزلت أقدامهم ويئسوا من كل خير، فيقول خذوهم فغلوهم ثم الجحيم صلوهم ثم في سلسلة فأوثقوهم. قال: فمن شاء الله أن يلقيه في تلك الأطباق دعا خزانها، فقال لهم خذوهم، فابتدر إلى كل إنسان منهم سبعون ملكًا، فشددوا وثاقهم وجعلوا الأغلال الثقال في أعناقهم والسلاسل في مناخرهم، فخنقوا وجمعوا بين نواصيهم وأقدامهم من وراء ظهورهم،
পৃষ্ঠা - ২৮১
فتكسرت أصلابهم. قال: فلما فعل ذلك بهم شخصت أبصارهم وانتفخت أوداجهم، واحترقت لحوم رقابهم وسلخت عروقهم، واشتعل حر الأغلال في رؤوسهم، فغلت منها أدمغتهم، ففاضت على جلودهم حتى وقعت على أقدامهم فتساقطت منها جلودهم واخضرت منها لحومهم، فسال منها صديدهم. قال: فلما جعلت الأغلال في أعناقهم ملأت ما بين مناكبهم إلى آذانهم، فاحترقت لحومهم وتقطعت شفاههم وبدت أنيابهم وألسنتهم بصوت وصراخ، ووهج لها لهب عال يجرى حرها مجرى الدم في عروقها مجوفة، ويجرى خلالها لهب النار فيبلغ حر تلك الأغلال قلوبهم، فتسلخت حتى بلغت حناجرهم، فاشتد خناقهم وانقطعت أصواتهم وفنيت جلودهم. قال: فبينا هم كذلك أمر الله تعالى خزنة جهنم أن يكسوهم ثيابًا، قال: فألبسوهم ثيابهم وسرابيلهم شديدًا سوادها، ومنتنًا ريحها وخشنًا مسها تلظى من شدة حرها، لو وضعت على جبال الأرض أذابتها. قال: ثم يقول الله عز وجل لخزنة جهنم: سوقوهم إلى منازلهم، قال: فيأتون بسلاسل أخر أطول وأغلظ من اللاتي أوثقوا فيها، قال: فيأخذ كل ملك سلسلة من تلك السلاسل فيقرن فيها أمة من الأمم، ثم يضع طرفها على عاتقه فيوليهم ظهره، ثم ينطلق بهم مسحوبين على وجوههم، في دبر كل أمة منهم سبعون ألف ملك، يضربونهم بمقامع حتى يأتوا بهم جهنم فيوقفونهم عليها. قال: ثم تقول لهم الملائكة: {هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * أصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون} [الطور: 14 - 16]. قال: فلما أوقفوا عليها فتحت لهم أبوابها وكشف عنها غطاؤها، فتسعرت وألهبت نارها، فخرج منها دخان شديد مع شرر كعدد نجوم السماء فطارت إلى السماء مقدار سبعين عامًا، ثم رجع ذلك فوقع على رؤوسهم، فاحترقت أشعارهم وانقلعت جماجمهم. قال: ثم صرخت جهنم بأعلى صوتها: إلى يا أهل النار إلى يا أهل النار، أما وعزة
পৃষ্ঠা - ২৮২
ربي لأنتقمن منكم. ثم قالت: الحمد لله الذي جعلني أغضب لغضبه وينتقم بي من أعدائه، رب زدني حرًا إلى حرى وقوة إلى قوتي. قال: فتخرج منها ملائكة أخر، فيستقبل كل أحد منهم أمة من الأمم، فيرفعهم براحته فيكبهم في جهنم على وجوههم، فيهوون على رؤوسهم مقدار سبعين عامًا من قبل أن يبلغوا رؤوس جبالها. قال: وإذا بلغوا رؤوس جبالها لم يتقاروا عليها حتى يبدل لكل إنسان منهم سبعون جلدًا. قال: فأول أكلة يأكلون على رؤوس تلك الجبال أكلة من الزقوم، ظاهرة حرارتها شديدة مرارتها كثير شوكها. قال: فبينما هم يمضغون أكلتهم تلك، إذ أتتهم الملائكة يضربونهم بمقامعهم فتكسرت عظامهم ثم أخذوا بأرجلهم فألقوهم في جهنم فهووا على رؤوسهم مقدار سبعين عامًا من قبل أن يتقاروا في شعابها. قال: فما تقاروا في شعابها حتى يبدل لكل إنسان منهم سبعون جلدًا. قال: وأكلتهم تلك في أفواههم لا يستطيعون أن يسيغوها، قال: فتجتمع الأكلة والقلب عند الحلق فيغص بها، فيستغيث كل إنسان منهم بالشرب فإذا في تلك الشعاب أودية تنصب إلى جهنم. قال: فينطلقون يمشون حتى يردوها، فينكبون عليها يشربون منها. قال: فتتقطع جلودهم وجوههم فتقع فيها. قال: فلا يستطيعون أن يشربوا منها. قال: فيعرضون عنها إعراضه فتدركهم الملائكة وهم منكبون على تلك العيون، فيضربونهم فتكسر عظامهم ثم يأخذون بأرجلهم فيلقونهم في جهنم، فيهوون على رؤوسهم مقدار أربعين ومائة عام في لهب ودخان شديد من قبل أن يتقاروا في أوديتها. قال: فلا يتقارون في أوديتها حتى يبدل لكل إنسان منهم سبعون جلدًا. قال: ومنتهى تلك العيون في تلك الأودية. قال: فيشربون منها فإذا هي ماء حميم، فلا يتقار في بطونهم حتى يبدل الله لكل
পৃষ্ঠা - ২৮৩
إنسان منهم سبعة جلود. قال: فإذا تقار في بطونهم قطع أمعاءهم، فخرجت من مقاعدهم وجرى باقية في عروقهم، فذابت لحومهم، وتصدعت عظامهم وأدركتهم الملائكة فضربت وجوههم وأدبارهم ورؤوسهم بمقامعهم، لكل مقمع منها ثلاثمائة وستون حرفًا، فإذا ضربت بها رؤوسهم انقعلت جماجمهم وتكسرت أصلابهم، وسحبوا في النار على وجوههم حتى توسطوا جحيمها، فاشتعلت النار في جلودهم وتشعبت في آذانهم، فخرج لهبها من مناخرهم وأضلاعهم، وتفجر الصديد من أجسادهم، وخرجت أعينهم فتعلقت على خدودهم، ثم قرنوا مع شياطينهم الذين كانوا يطيعونهم، وآلهتهم التي كانت مستغاثهم، فألقوا في أماكن ضيقة مقرنين، فهتفوا بويلهم ثم جئ بأموالهم فأحميت في نارهم، فكويت بها جباهم وجنوبهم ووضعت على ظهورهم فخرجت من بطونهم، فهم أولياء جهنم وقرناء الشياطين والحجارة، وعلقوا بخطاياهم كالجبال ليشتد عليهم العذاب فطول أحدهم مسيرة شهر وعرضه مسيرة خمسة أيام وغلظه مسيرة ثلاث ليال ورأسه مثل الأقرع وهو جبل بأقصى الشام، في فيه اثنان وثلاثون نابًا، قد خرج بعضها من رأسه وبعضها من أسفل لحيته وأنفه مثل الرابية العظيمة، طول شعر رأسه وغلظه مثل شجرة الأرز وكثرته كآجام الدنيا، وشفته العليا قالصة، والسفلى تسعون ذراعًا، وطول يده مسيرة عشرة أيام وغلظها مسيرة يوم، وفخذه مثل ورقان وغلظ جلده أربعون ذراعًا بذراعه، وطول ساقه مسيرة خمس ليال وغلظها يوم، كل حدقة له مثل حراء، وهو جبل بمكة، إذا صب فوق رأسه القطران اشتعلت فيه النار، فلم تزدد إلا التهابًا. قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: والذي نفسي بيده لو أن رجلًا خرج من النار يجر سلسلة مغلولة يداه إلى عنقه، في عنقه الأغلال وفي رجليه الكبول، ثم رآه الخلائق لانهزموا عنه وفروا منه كل مفر. قال: فمن شدة حرها وغمها وألوان عذابها وضيق منازلها، اخضرت لحومهم وتصدعت عظامهم وغلت أدمغتهم ففارت على جلودهم، واحترقت جلودهم فغضت أوصالهم، فسال منها صديدهم، فتدودت أجسامهم وسمنت ديدانهم وصارت مثل حمر الوحش، لها أظافير مثل أظافير النسور والعقبان، تشتد ما بين جلدهم ولحمهم،
পৃষ্ঠা - ২৮৪
وتنهشهم، وتزفر زفرة، وتتردد كما يتردد الوحش المذعور، يأكلن لحمه ويشربن دمه، ليس لها مأكل ولا مشرب غيرها، ثم تأخذهن الملائكة فتسحبهم على وجوههم على الجمر والحجارة كأنها أسنة، مستعدين منطلقين بهم إلى بحر جهنم، مسيرة سبعين عامًا، فلا يبلغونه حتى تنقطع أوصالهم وتبدل جلودهم كل يوم سبعين ألف مرة، فإذا انتهى إلى خزنتها أخذوا بأرجلهم فدفعوهم فيه، فلا يعلم أحد قعر ذلك البحر إلا الذي خلقه. وقد قيل: إنه مكتوب في بعض أسفار التوراة: أن بحر الدنيا عند بحر جهنم كعين صغيرة في ساحل بحر الدنيا. قال: فإذا قذفوا فيه ووجدوا مس العذاب قال بعضهم لبعض: كأنما الذي عذبنا به قبل هذا حلم. قال: فيغمسون مرة ويرتفعون ويغلى فتقذفهم سبعين باعًا، بعد كل باع كبعد المشرق من المغرب ثم تسوقهم الملائكة بمقامعهم، فيضربونهم بها ويردونهم إلى قعرها مسيرة سبعين عامًا، منها طعامهم وشرابهم فيرتفعون من قعرها مقدار أربعين ومائة عام فيريد أحدهم أن يتنفس، فتستقبله الملائكة بمقامعهم متبادرين إليه لضربه، غير أنه يذكر أنه إذا رفع رأسه وقع على رأسه سبعون ألف مقمع لا يخطئه شيء منها، فيرده سبعين عامًا في قعرها، كل باع منها كبعد المشرق من المغرب. قال: فهم فيها ما شاء الله من ذلك، حتى تأكل لحومهم وعظامهم، وتبقى رواحهم، فيضربهم موجه سبعين عامًا، ثم تنبذهم إلى ساحل من سواحله فيه سبعون ألف مغارة، في جوف كل مغارة سبعون ألف شق، كل شق منها مسيرة سبعين عامًا، في جوف كل شق منها سبعون ألف ثعبان، طول كل ثعبان منها سبعون ذراعًا، لكل ثعبان منها سبعون نابًا، في كل ناب منها قلة سم، في شدق كل ثعبان منها ألف عقرب، لكل عقرب منها سبعون فقارة، في كل فقارة منها قلة من سم. قال: فتخرج أرواحهم من ذلك البحر إلى تلك المغارة، فتجدد لهم أجساد وجلود، ويغلون في الحديد، فتخرج عليهم تلك الحيات والعقارب فتعلق في كل إنسان منهم سبعون ألف حية وسبعون ألف عقرب، فيصبرون، ثم ترتفع إلى ركبهم فيصبرون، ثم ترتفع إلى صدورهم فيصبرون، ثم ترتفع إلى تراقيهم فيصبرون، ثم ترتفع فتعلق
পৃষ্ঠা - ২৮৫
بمناخرهم وشفاههم وألسنتهم وآذانهم فيجزعون، وليس لهم مستغاث إلا أن يهربوا إلى جهنم، فيقعوا فيها. فأما الحيات فتمضغ لحومهم وتنشف دماءهم، وأما العقارب فتلدغهم فتتساقط لحومهم وتقطع أوصالهم، فإذا وقعوا في النار مكثت النار سبعين عامًا لا تحرقهم من سم الحيات والعقارب. قال: ثم تحرقهم النار سبعين عامًا، ثم تجدد لهم جلود غير جلودهم، ثم يستغيثون بالطعام، فتأتيهم الملائكة بطعام يقال له الوليمة، وهو أشد يبسًا من الحديد، فيمضغونه فلا يستطيعون أن يأكلوا منه شيئًا، فيلقونه من أفواههم ويبدأون بأيديهم من شدة الجوع، فيأكلون أناملهم ثم يأكلون أكفهم، فإذا أكلوها بدأوا بسواعدهم فأكلوها أيضًا إلى مرافقهم، ثم بدأوا بمرافقهم فأكلوها إلى مناكبهم، فتبقى رؤوس المناكب، ولو نالوا بعدها شيئًا من أجسادهم بأفواههم لأكلوه فإذا فعلوا ذلك بأجسادهم أخذوا فنوطوا بعراقيبهم بكلاليب من حديد على شجرة الزقوم. قال: فنوط منهم سبعون ألفًا في شعبة واحدة فما تنحني، مصوبين على رؤوسهم، فيوقد تحتهم الحميم، فيستقبل حر النار وجوههم مقدار سبعين عامًا حتى تذوب أجسادهم وتبقى أرواحهم، ثم تجدد لهم جلود وأجساد، ثم يناطون بأناملهم ولهب النار من تحتهم، تدخل من مقاعدهم وتأكل من أفئدتهم حتى تخرج من مناخرهم وأفواههم ومسامعهم مقدار سبعين عامًا، حتى تذوب عظامهم ولحومهم وتبقى أرواحهم، ثم يتركون ويجدد لهم جلود وأجساد، ثم يناطون بأبصارهم مثلها، فلا يزالون يعذبون كذلك حتى لا يبقى مفصل في أجسادهم إلا نوطوا به مقدار سبعين عامًا، ولا تبقى شعرة في رؤوسهم إلا نوطوا بها، فيأتيهم الموت من مكان كل مفصل منهم، وما هم بميتين ومن ورائهم عذاب غليظ، فإذا فعل ذلك بهم كله أنزلوهم فانطلقوا بكل إنسان منهم إلى منزله مغلولًا بسلسلة مسحوبًا على وجهه. قال: ولهم منازل فيها كقدر أعمالهم، فمنهم من يعطى منزلة مسيرة شهر طولها وعرضها مثل ذلك نار تتوقد لا ينزلها غيره. ومنهم من يعطى منزلة مسيرة تسع وعشرين ليلة طولًا وعرضًا مثل ذلك، ثم كذلك تنتقص منازلهم وتضيق، حتى إن أحدهم ليعطى منزلة مسيرة يوم طولًا وعرضًا، ومن
পৃষ্ঠা - ২৮৬
نحو سعة منزلهم يعذبون. فمنهم من يعذاب على القفا، ومنهم من يعذب جالسًا، ومنهم من يعذب جاثيًأ على ركبتيه، ومنهم من يعذب قائمًا على رجليه، ومنهم من يعذب منبطحًا على بطنه، فهذه المنازل كلها أضيق على أهلها من زج الرمح. ومنهم من تكون ناره إلى كعبه، ومنهم من تكون ناره إلى ركبته، ومنهم من تكون ناره إلى حقويه، ومنهم من تكون ناره إلى سرته، ومنهم من تكون ناره إلى ترقوته، ومنهم من تكون ناره غرقًا، فمرة تعلو به ومرة تديره فتبلغه مسيرة شهر في قعرها. فإذا وقعوا في منازلهم قرن كل منهم مع قرنائهم، فبكوا حتى تنزف دموعهم، ثم يبكون الدم بعدم الدموع، حتى لو أن السفن أرسلت إذا بكوا في دموعهم لجرت. قال: ولهم يوم يجتمعون فيه في أصل الجحيم، ثم لا تكون جماعة أبدًا. قال: فإذا أذن الله في ذلك اليوم نادى مناد في أصل الجحيم يسمع صوته أعلاهم وأسفلهم، وأدناهم وأقصاهم يقال له "حشر" يقول: يا أهل النار اجتمعوا، فيجتمعون أجمعون في أصل الجحيم، ومعهم الزبانية. قال: فيأتمرون بينهم فيقول الذين استضعفوا {للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعًا} [إبراهيم: 21] في الدنيا {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} [إبراهيم: 21] {قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} [غافر: 48]. وقال الذين استكبروا للذين استضعفوا {لا مرحبًا بكم} [ص: 60] بنا تستغيثون، قال الذين استضعفوا للذين استكبروا: {بل أنتم لا مرحبًا بكم أنتم قدمتوه لنا فبئس القرار} [ص: 60]. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا {ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابًا ضعفًا في النار} [ص: 61]. فقال الذين استكبروا للذين استضعفوا {لو هدانا الله لهديناكم} [إبراهيم: 21]. {وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادًا} [سبأ: 33] فنتبرأ منكم وما كنتم تدعوننا إليه في الدنيا. قال: ثم أقبلوا أجمعون على قرنائهم من الشياطين، فقالوا: أغويناكم كما غوينا، قال الشيطان عند آخر مقالتهم بصوت له عال: يا أهل النار {إن الله وعدكم وعد
পৃষ্ঠা - ২৮৭
الحق} [إبراهيم: 22] ودعاكم الله فلم تجيبوا ولم تصدقوا {و} إني {وعدتكم} وعدًا {فخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} [إبراهيم: 22] فأنا أكفر اليوم بما عبدتموني من دون الله. قال: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} [الأعراف: 44]. قال: فلعن عند ذلك الذين استضعفوا الذين استكبروا، ولعن الذين استكبروا الذين استضعفوا، ولعنوا قرناءهم من الشياطين، ولعنهم قرناؤهم، ثم قالوا لقرنائهم: يا ليت بيننا وبينكم بعد المشرقين، فبئس القرناء أنتم لنا اليوم، وبئس الوزراء كنتم لنا في الدنيا، فلما نظروا إلى جماعتهم قال بعضهم لبعض هلموا فلنطلب الخزنة، فلعلهم يشفعون لنا عند ربهم، فـ {يخفف عنا يومًا من العذاب} [غافر: 49]. قالوا: نعم فنادوا بأجمعهم الخزنة {ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [غافر: 49] قال: وهم على ذلك يعذبون. قال: وبين مراجعة الخزنة إياهم مقدار سبعين عامًا ثم يراجعونهم، فيقولون: {أولم تلك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا} بأجمعهم {بلى} [غافر: 50]. قال الخزنة: {فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [غافر: 50]. قال: فلما رأوا أن الخزنة لا ترد عليهم خيرًا استغاثوا بمالك، فقالوا: يا مالك ادع لنا ربك فليقض علينا الموت، فيمكث مالك مقدار الدنيا لا يجيبهم ولا يرد عليهم قولًا، ثم يراجعون فيقول: {إنكم ماكثون} [الزخرف: 77] أحقابًا من قبل أن يقضى عليكم بالموت، فلما رأوا مالكًا لا يرد عليهم خبرًا استغاثوا بربهم، فقالوا: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [المؤمنون: 107]. يعني نقول إن عدنا في معصيتك، قال: فمكث الجبار سبحانه وتعالى مقدار سبعين عامًا لا يراجعهم بقولهم ولا يرد عليهم خيرًا، ثم أجابهم بقوله وأنزلهم منزله الكلاب {اخسئوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108]. قال: فلما رأوا ربهم لا يرحمهم ولا يرد عليهم خيرًا، قال بعضهم لبعض: {سواء علينا أجزعنا} من العذاب {أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21]، {فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم} [الشعراء: 100 - 101]، {فلو أن لنا كرة فنكون من
পৃষ্ঠা - ২৮৮
المؤمنين} [الشعراء: 102]. قال: ثم تنصرف بهم الملائكة إلى مساكنهم، فزلت عند ذلك أقدامهم ودحضت حجتهم ونظروا ما عند ربهم عز وجل، ويئسوا من رحمة ربهم وتلقاهم الكرب الشديد ونزل بهم الخزي والهوان الطويل، فهتفوا بحسرتهم على ما فرطوا في دنياهم، وحملوا أوزارهم على رقابهم وأوزار أتباعهم، من غير أن ينقص شيء من أوزارهم وعذابهم أكثر من تراب أرضهم وقطر بحورهم مع زبانية سريع أمرهم غليظ كلامهم عظيمة أجسادهم كالبرق، وجوههم كالجمر، أعينهم كاللهب، ألوانهم كالحة، أنيابهم كصياصي البقر أظفارهم، يعنى القرون، والمقامع الطوال الثقال المحرقة بأيديهم لو ضربوا بها الجبال انصدعت، وكانت رميمًا، يضربون بها عصاه ربهم فيحق لهم أن تسيل عينهم الدم بعد الدموع، لأنهم إن دعوهم لم يجيبوهم، وإن بكوا لم يرحموهم، وإن استغاثوا بماء بارد لم يغيثوهم إلا بماء كالمهل يشوى الوجوه. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنه لتأتى أهل النار سحابة عظيمة كل يوم فتبسط عليهم لها صواعق تخطف أبصارهم، ورعد يقصف ظهورهم، وظلمة لا يبصرون معها زبانيتهم، فتنادى تلك السحابة بصوت له جهر: يا أهل النار أما تريدون أن أمطركم؟ فيقولون بأجمعهم: امطرينا الماء البارد، فتمطرهم ساعة حجارة تقع على رؤوسهم فتقطع جماجمهم، ثم تمطرهم ساعة أخرى أنهارًا من حميم وجمرًا كثيرًا وشواظًا وخطاطيف من الحديد، ثم تمطرهم ساعة أخرى حيات وعقارب ودودًا وغسلين. قال: فإذا أمطرت في جهنم سجر بحرها فماجت لججها وغضبت، فلم تترك في جهنم سهلًا ولا جبلًا إلا ارتفعت عليه، فغرقت أهل النار أجمعين من غير أن يموتوا. قال: فتزداد جهنم على من فيها من العصاة غيظًا وحرًا وزفيرًا وشهيقًا ولهبًا ودخانًا وظلمة ووعثًا وسمومًا وحميمًا وجحيمًا وسعيرًا وشدة على من فيها لنقمة ربها". فنعوذ بالله منها ومن أعمالها ومقارنة أهلها، اللهم ربنا وربها لا توردنا حياضها، ولا تجعل في أعناقها أغلالها، ولا تكسنا من ثيابها، ولا تطعمنا من زقومها، ولا تسقنا من حميمها، ولا تسلط علينا خزنتها، ولا تجعلنا مأكلة لنارهم، ولكن جوزنا برحمتك صراطها واصرف عنا شرورها ولهبها حتى تنجينا برحمتك منها ومن دخانها ومن كربها وعذابها، آمين يا رب العالمين.
পৃষ্ঠা - ২৮৯
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ولو أن أدنى باب من أبواب جهنم فتح بالمغرب لذابت منه جبال المشرق كما يذوب القطر، ولو أن شرارة من شرر جهنم طارت فوقعت بالمغرب ورجل بالمشرق لغلى دماغه حتى يفوز على جسده، وإن أدنى أهل النار عذابًا رجال تحذي لهم نعال من نار فتخرج من مسامعهم ومناخرهم وتغلي منها أدمغتهم، والذين يلونهم يلقون على صخرة من صخور جهنم فينتفضون فيها كما ينتفض الحب من المقلى الحار، وكلما سقطوا من صخرة وقعوا على أخرى ... ". فأهل النار كلهم يعذبون على قدر أعمالهم، فنعوذ بالله من أعمالهم ومصيرهم. قال -صلى الله عليه وسلم-: "وأما عذاب الذين لا يحفظون فروجهم، فيناطون بفروجهم بقدر ما كانت في الدنيا حتى تذوب أجسادهم وتبقى أرواحهم، ثم يتركون فتجدد لهم أجساد وجلود، ثم يضربون، فيجلد كل إنسان منهم سبعون ألف ملك قدر ما كانت الدنيا حتى تذوب أجسادهم وتبقى أرواحهم، فذلك عذابهم". وأما عذاب السارق، فيقطع عضوًا عضوًا ثم يجدد، فلذلك عذابه غير أنه يتبادر إلى كل إنسان منهم سبعون ألف ملك معهم الشفار. وأما عذاب الذين يشهدون الزور، فيناطون بألسنتهم، ثم يجلد كل إنسان منهم سبعون ألف ملك حتى تذوب أجسادهم وتبقى أرواحهم. وأما عذاب المشركين، فيجعلون في مغار جهنم ثم يغلق عليهم وفيها حيات وعقارب وحجر كثير ولهب ودخان شديد، يجدد لكل إنسان منهم كل ساعة سبعون ألف جلد فذلك عذابهم. وأما عذاب الجبارين المتكبرين، فيجعلون في توابيت من نار ثم يقفل عليهم فتوضع في الدرك الأسفل من النار. قال: فيعذب كل إنسان منهم كل ساعة تسعة وتسعين لونًا من العذاب، يجدد لهم في كل يوم ألف جلد، فذلك عذابهم. قال: وأما الذين يغلون فيأتون بغلولهم ثم يلقى بهم في بحر جهنم ثم يقال لهم غوصوا حتى تخرجوا غلولكم لينتهوا إلى قعره، ولا يعلم قعره إلا الذي خلقه. قال: فيغوصون ما شاء الله، ثم يخرجون رؤوسهم يتنفسون فيبتدر إلى كل إنسان منهم سبعون ألف ملك، مع كل ملك مقمع من حديد فيهوى بها إلى رأسه، فذلك
পৃষ্ঠা - ২৯০
عذابهم أبدًا. قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله قضى على أهل النار أنهم لابثون فيها أحقابًا، فلا أدرى كم من حقب، غير أن الحقب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يومًا، واليوم ألف سنة مما تعدون". فالويل لأهل النار، والويل لتلك الوجوه التي كانت لا تصبر على حر الشمس حين تلفحها النار، وويل لتلك الرؤوس التي كانت لا تصبر على الصداع حين يصب فوقها الحميم، وويل لتلك الأعين التي كانت لا تصبر على الرمد حين تزرق وتشخص في النار، وويل لتلك الآذان التي كانت تسمع الأحاديث فتلذا بها حين يفور منها لهب النار، وويل لتلك المناخر التي كانت تجزع من ريح الجيف حين تنشقت بالنار، وويل لتلك الأعناق التي كانت لا تصبر على الوجع حين يجعل فيها الأغلال، وويل لتلك الجلود التي كانت لا تصبر على اللباس الخشن حين يجعل عليها ثياب من نار خشن مسها، منتن ريحها تتلظى نارًا، وويل لتلك البطون التي كانت لا تصبر على الأذى حين يدخلها الزقوم مع ماء حميم يقطع أمعاءهم، وويل لتلك الأقدام التي كانت لا تصبر على الحفا حين تحذي لها نعال من نار، فويل لأهل النار من أصناف العذاب. (فصل) وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "إن لجسر جهنم سبع قناطر، بين كل قنطرتين سبعون عامًا، وعرض الجسر كحد السيف، فيجوز عليه أول زمرة من الناس سراعًا كطرف العين، والزمرة الثانية كالبرق الخاطف، والزمرة الثالثة كالريح، والزمرة الرابعة كالطير، والزمرة الخامسة كالخيل، والزمرة السادسة كالرجل المسرع، والزمرة السابعة يمرون عليها مشاة، ثم يبقى رجل واحد فهو آخر من يمر على ذلك الجسر، فيقال له: مر، فيضع عليه قدميه فتزل إحداهما ثم يركبه فيحبو على ركبتيه، فتصيب النار من شعره وجلده. قال: فلا يزال يترجرج على بطنه فتزل قدمه الأخرى وتثبت يده وتتعلق الأخرى، فهو على ذلك تصيبه النار، وهو يظن أنه لا ينجو منها، فلا يزال يترجرج على بطنه حتى يخرج منها، فإذا خرج منها نظر إليها فقال: تبارك الذي أنجاني منك، ما أظن أن ربي أعطى أحدًا من الأولين والآخرين مثل ما أعطاني، أنه نجاني منك، بعد إذ رأيت ولقيت.
পৃষ্ঠা - ২৯১
قال: فيأتيه ملك من الملائكة، فيأخذ بيده فينطلق به إلى غدير بين يدي باب الجنة، فيقول له الملك: اغتسل في هذا الغدير واشرب منه. قال: فيغتسل ويشرب منه، فيعود له ريح أهل الجنة وألوانهم، ثم ينطلق به فيوقفه على باب جهنم ويقول له: قف هاهنا حتى يأتيك إذنك من ربك عز وجل. قال: فينظر إلى أهل النار ويسمع عواءهم كعواء الكلاب. قال: فيبكي فيقول: يا رب اصرف وجهي عن أهل النار، لا أسألك يا رب غيره. قال: فيأتيه ذلك الملك من عند رب العالمين عز وجل، فيحول وجهه عن النار إلى الجنة. قال: وبين مقامه إلى باب الجنة خطوة، فينظر إلى باب الجنة وعرضه، وأن ما بين عضادتي باب الجنة مسيرة أربعين عامًا للطير المسرع. قال: فيسأل ذلك الرجل ربه عز وجل فيقول: يا رب إنك قد أحسنت إلى الإحسان كله، أنجيتني من النار وصرفت وجهي عن أهل النار إلى أهل الجنة، وإنما بيني وبين باب الجنة خطوة فأسألك يا رب بعزتك أن تدخلني الباب، ولا أسألك غيره، ولكن أجعل الباب بيني وبين أهل النار، فلا أسمع حسيسها، ولا أرى أهلها. قال: فيأتيه ذلك الملك من عند رب العالمين، فيقول: يا ابن آدم ما أكذبك ألست زعمت أنك لا تسأل غيره. قال عليه السلام: فيقول: ويحلف-: لا وعزة الرب لا أسألك غيره، فيأخذ بيده فيدخله الباب ثم ينطلق الملك إلى رب العالمين عز وجل. قال: فينظر ذلك الرجل في الجنة عن يمينه وشماله وبين يديه مسيرة سنة، فلا يرى أحدًا غير الشجر والثمر وبين مقامه إلى أدنى شجرة خطوة. قال: فينظر إليها فإذا أصلها ذهب وغصنها فضة بيضاء، وورقها كأحسن حلل رآها آدمي وثمارها ألين من الزبد وأحلى من العسل وأطيب ريحًا من المسك. قال: فتحير ذلك الرجل مما رأى. قال: فيقول: يا رب نجيتني من جهنم وأدخلتني باب الجنة وأحسنت إلى الإحسان كله، وإنما بيني وبين هذه الشجرة خطوة لا أسألك غيرها. قال: فيأتيه ذلك الملك فيقول: ما أكذبك يا ابن آدم ألست زعمت أنك لا تسأل
পৃষ্ঠা - ২৯২
غيرها زيادة، فما لك تسأل وأين ما أقسمت ألا تستحي؟ قال: فيأخذ بيده فينطلق به إلى أدنى منازله فإذا هو بقصر من لؤلؤ بين يديه على مسيرة سنة. قال: فإذا أتاه نظر إلى ما بين يديه فرأى منزلًا كأنما كان ذلك القصر وما وراءه معه حلمًا، فلا يملك نفسه حين ينظر إليه فيقول: يا رب أسألك هذا المنزل ولا أسألك غيره. قال: فيأتيه ملك من الملائكة فيقول: يا ابن آدم أما أقسمت بربك عليك ألا تسأل غيره، ما أكذبك يا ابن آدم هو لك فإذا أتاه نظر إلى ما هو بين يديه كأنما كان منزله معه حلمًا. قال: فيقول: يا رب أسألك هذا المنزل، قال: فيأتيه ذلك الملك فيقول له: يا ابن آدم ما لك لا توفى بالعهد، ألست زعمت أنك لا تسأل غيره؟ ولا يلومه لأنه يرى ما تكاد نفسه تخرج منه من العجائب. قال: فيقول: هو لك، قال: فإذا بين يديه منزل آخر، كأنما كانت معه تلك المنازل حلمًا، فيبقى مبهوتًا لا يستطيع أن يتكلم. قال عليه الصلاة والسلام: فيقول له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ما لك لا تسأل ربك؟ فيقول: يا سيدي صلى الله عليك، والله لقد حلفت لرب العزة حتى خشيت منه وسألته حتى استحيت. قال: فيقول له رب العزة جل جلاله: أيرضيك أن أجمع لك الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها ثم أضعفها لك عشرة أضعاف؟ قال فيقول ذلك الرجل: يا رب أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟ قال: فيقول له رب العزة جل وعلا: إني لقادر أن أفعله فاسألني ما شئت. قال: فيقول الرجل: يا رب ألحقني بالناس. قال: فيأتيه ملك فيأخذ بيده، فينطلق به يمشي في الجنة حتى يبدو له شيء كأنه لم يكن رأى معه شيئًا فيخر ساجدًا، ويقول في سجوده: إن ربي عز وجل تجلى لي، فيقول له الملك: ارفع رأسك إن هذا منزلك وهو أدنى منازلك. قال: فيقول: لولا أن الله عز وجل حبس بصري لحار من نور هذا القصر، قال:
পৃষ্ঠা - ২৯৩
فينزل في ذلك القصر فيلقاه رجل إذا رأى وجهه وثيابه يبقى مبهوتًا يظن أنه ملك، فيأتيه ذلك الرجل فيقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته؛ لقد آن لك أن تجئ، فيرد عليه السلام ثم يقول له: من أنت يا عبد الله؟ فيقول: أنا قهرمان لك وأنا على هذا المنزل ولك مثلي ألف قهرمان، كل واحد منهم على قصر من قصورك، ولك ألف قصر في كل قصر ألف خادم وزوجة من الحور العين. قال: فيدخل في قصره ذلك فإذا هو بقبة من لؤلؤة بيضاء وفي جوفها سبعون بيتًا، في كل بيت سبعون غرفة، لكل غرفة سبعون بابًا، لكل باب منها قبة من لؤلؤ فيدخل تلك القباب فيفتحتها ولم يفتحها أحد من خلق الله قبله، فإذا هو في جوف تلك القبة بقبة من جوهرة حمراء طولها سبعون ذراعًا، لها سبعون بابًا، كل باب منها يفضى إلى جوهرة حمراء على مثل طولها لها سبعون بابًا، ليس منها جوهرة على لون صاحبتها في كل جوهرة أزواج ومناص وأسرة. قال: فإذا دخلها وجد فيها زوجة من الحور العين، فتسلم عليه فيرد عليها السلام ثم يقوم مبهوتًا، فتقول له: قد آن لك أن تزورنا وأنا زوجتك. قال: فينظر في وجهها فيرى وجهه في وجهها كما يرى أحدكم وجهه في المرآة من الحسن والجمال والصفوة، فإذا عليها سبعون حلة في كل حلة سبعون لونًا ليس فيها لون على لون صاحبتها يرى مخ ساقها من ورائهن، لا يعرض عنها إعراضه إلا ازدادت حسنًا في عينه سبعين ضعفًا، فهي له مرآة وهو لها مرآة. قال: وإن لكل قصر منها ثلثمائة وستون بابًا، على كل باب ثلثمائة وستون قبة من لؤلؤة وياقوتة وجوهرة ليس منها قبة على لون صاحبتها، فإذا أشرف على ظهر القصر أشرف على ملكه مسيرة من الأرض ما ينفذ بصره فيها، إذا سار فيه سار في ملكه مائة سنة لا ينتهي إلى شيء فيه إلا نظر فيه أجمع، وإن الملائكة تدخل عليه في كل قصوره من كل باب بالسلام والهدايا من عند رب العالمين، ليس منهم ملك إلا ومعه من الهدايا ما ليس مع الآخر كل يوم في النهار تسلم عليه الملائكة معها الهدايا. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل يقول: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار} [الرعد: 23 - 24]. وقال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا} [مريم: 62].
পৃষ্ঠা - ২৯৪
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن هذا الرجل يسميه أهل الجنة المسكين لفضل منازلهم على منزله وإن لهذا المسكين ثمانين ألف خادم في طعامه إذا اشتهى الطعام نصبوا له مائدة من موائدها من ياقوتة حمراء ممنطقة من ياقوتة صفراء محفوفة بالدار والزبرجد وقوائمها من لؤلؤ حافتها عشرون ميلًا. قال: فيوضع له عليها من الطعام سبعون لونًا، ويقوم بين يديه ثمانون خادمًا مع كل خادم منهم صحفة فيها طعام وكأس فيه شراب، في كل صحفة من الطعام ما ليس في الأخرى، وفي كل كأس شربة ما ليس في الأخرى، يجد طعم أولها كطعم آخرها، ويجد لذة آخرها كلذة أولها، يشبه بعضه بعضًا، وليس منها لون إلا وهو يصيب منه، وليس خادم إلا ويعطى حظه من ذلك الطعام والشراب إذا رفع من بين يديه". وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وإن أهل الدرجة العليا يزورونه ولا يزورهم، وإن أهل الدرجة العليا ليسعى على كل رجل منهم ثمانمائة ألف خادم، وبيد كل خادم منهم صحفة فيها طعام ليس في الأخرى، وليس منها لون إلا وهو يصيب منه، وليس منهم خادم وإلا ويعطي حظه من ذلك الطعام والشراب إذا رفع من بين يديه، وما منهم من أحد إلا وله اثنتان وسبعون زوجة من الحور العين وآدميتان، لكل زوجة منهن قصر من ياقوتة خضراء ممنطقة بحمراء، فيها سبعون ألف مصراع، لكل مصراع قبة وليس منها زوجة إلا وعليها سبعون ألف حلة في كل حلة سبعون ألف لون، ليس منها حلة تشبه الأخرى، وليس منهن زوجة إلا بين يديها ألف جارية قيام لحوائجها، وسبعون ألف جارية لمجلسها، وما منهن جارية إلا وقد أشغلتها في حاجتها، إذا قرب إليها الطعام قام بين يديها سبعون ألف جارية، كل جارية منهم بيدها صحفة فيها من الطعام، وكأس فيها من الشراب ما ليس في الأخرى". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يشتاق الرجل إلى أخ له كان يحبه في الله عز وجل في الدنيا، فيقول: يا ليت شعري ما فعل أخي فلان شفقة عليه أن يكون قد هلك، فيطلع الله عز وجل على ما في قلبه، فيوحي إلى الملائكة أن سيروا بعبدي هذا إلى أخيه فتأتيه الملائكة بنجيبة عليها رحلها من مياثر النور. قال: فيسلم عليه، فيرد عليه السلام ويقول له: قم فاركب وانطلق إلى أخيك. قال: فيركب عليها، فيسير في الجنة ألف عام أسرع من أحدكم إذا ركب بنجيبته
পৃষ্ঠা - ২৯৫
فسار عليها فرسخًا. قال: فلا يكون شيء أسرع حتى يبلغ منزل أخيه. قال: فيسلم عليه، فيرد عليه السلام ويرحب به. قال: فيقول: أين كنت يا أخي لقد كنت أشفقت عليك؟. قال: فيعتنق كل واحد منهما صاحبه ثم يقولان: الحمد لله الذي جمع بيننا، فيحمدان الله عز وجل بأحسن أصوات سمعها أحد من الناس. قال: فيقول الله عز وجل لهما عند ذلك: يا عبدي ليس هذا حين عمل، ولكن هذا حين تحية ومسألة، فاسألاني أعطيكما ما شئتما. قال: فيقولان: يا رب أجمع بيننا في هذه الدرجة. قال: فيجعل الله عز وجل تلك الدرجة مجلسهما في خيمة محفوفة بالدر والياقوت، ولأزواجهما منزل سوى ذلك. قال: فيشربون ويأكلون ويتمتعون .... ". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرجل منهم ليأخذ لقمة فيجعلها في فيه، ثم يخطر بباله طعام آخر، فتتحول تلك اللقمة إلى الذي تمنى". قيل: يا رسول الله ما ارض الجنة؟ قال: أرضها رخامة من فضة مملسة، وترابها مسك، وتلالها زعفران، وحيطانها در وياقوت وذهب وفضة، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وليس في الجنة قصر إلا يرى ظاهره من باطنه، وباطنه من ظاهره، وليس في الجنة رجل إلا وهو يلبس إزارًا ورداء وحللًا غير مقطعة وغير مخيطة، وليس منهم رجل إلا وهو يلبس تاجًا من لؤلؤ مجوفًا بالدر والياقوت والزبرجد، له ضفيرتان من الذهب، في عنقه طوق من ذهب محفوف بالدر والياقوت الأخضر، وفي يد كل رجل منهم ثلاث أسورة، سوار من ذهب، وسوار من فضة، سوار من لؤلؤ، تحت تيجانهم أكاليل من در وياقوت، وعلى حللهم تلك يلبسون السندس، وعلى السندس الإستبرق والحرير الأخضر، متكئين على فرش بطائنها من إستبرق، وظواهرها العبقري الحسان، أسرتها من ياقوت أحمر، وقوائمها اللؤلؤ على كل سرير منها ألف مثال، لكل مثال سبعون لونًا، ليس منها مثال يشبه الآخر، بين يدي كل سرير منها سبعون ألف زريبة لكل زريبة سبعون لونًا، ليس منها زريبة تشبه
পৃষ্ঠা - ২৯৬
صاحبتها، عن يمين كل سرير منها سبعون ألف كرسي، وعن شمالها مثل ذلك، ليس منها كرسي يشبه الآخر. وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أهل الجنة أجمعين أعلاهم وأسفلهم على طول آدم، وطول آدم عليه السلام ستون ذراعًا، شبابًا جردًا مردًا مكحولين محممين هم ونساءهم على قدر واحد". قال: فلما فعل ذلك بهم، نادي مناد في الجنة، فيسمع صوته أدناهم وأقصاهم، فيقول: يا أهل الجنة أرضيتم منازلكم؟ فيقولون بأجمعهم: نعم والله لقد أنزلنا ربنا منزل الكرامة، لا نبغي عنها حولًا ولا بها بدلًا، رضينا بربنا جارًا، اللهم ربنا فإنا سمعنا مناديك فأجبناه القول الصادق، اللهم ربنا فإنا اشتهينا النظر إلى وجهك فأرناه، فإنه أفضل ثوابنا عندك. قال: فأمر الله عز وجل عند ذلك الجنة فيها منزله ومجلسه واسمها دار السلام، خذي زينتك، وتزيني واستعدي لزيارة عبادي فاستمعت لربها وأطاعته قبل أن تنقضي الكلمة، وأخذت زينتها واستعدت لزوار الله تعالى، فيأمر الله تعالى ملكًا من الملائكة أن أدع عبادي إلى زيارتي. قال: فيخرج ذلك الملك من عند الرحمن، فينادي بأعلى صوته، بصوت له لذيذ ممدود يقول: يا أهل الجنة، يا أولياء الله زوروا ربكم. قال: فيسمع صوته أعلاهم وأسفلهم، فيركبون على النوق والبراذين بأجمعهم، فيسيرون في ظل إلى جنب تلال من مسك أبيض وزعفران أصفر، فيسلمون عند الباب وتسليمهم أن يقولوا: السلام علينا من ربنا، فيستأذنون فيؤذن لهم، فيعمدون فيدخلون الباب، فتهب ريح من تحت العرش اسمها المثيرة، فتنسف تلال المسك والزعفران، فتغبر جيوبهم ورؤوسهم وثيابهم، فيدخلون وينظرون إلى عرش ربهم وكرسيه نورًا يتلألأ عليهم من غير أن يتجلى لهم، فيقولون: سبحانك ربنا قدوس، رب الملائكة والروح، تباركت ربنا وتعاليت، أرنا ننظر إلى وجهك. قال: فيأمر الله عز وجل الحجب التي من نور: أن اعتزلي، فلا يزال يرتفع حجاب وراء حجاب حتى يرتفع سبعون حجابًا، كل حجاب هو أشد نورًا من الذي يليه سبعين ضعفًا، فيتجلى لهم رب العزة عز وجل، فيخرون له سجدًا ما شاء الله، يقولون وهم
পৃষ্ঠা - ২৯৭
ساجدون: سبحانك لك الحمد والتسبيح أبدًا، أنجيتنا من النار وأدخلتنا الجنة، فنعم الدار رضينا عنك الرضا كله، فارض عنا، فيقول تبارك وتعالى: إني قد رضيت عنكم الرضا كله، وليس هذا أوان عمل، ولكن هذا حين نضرة ونعيم، فاسألوني أعطكم، وتمنوا على أزدكم. قال: فيتمنون من غير أن يتكلموا، فيتمنون أن يديهم لهم ما أعطاهم، فيقول تعالى: إني معطيكم الذي تمنيتم ومثل الذي أعطيتكم. قال: فيرفعون رؤوسهم بالتكبير، ولا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم إلى ربهم عز وجل من شدة نور رب العزة، وذلك المجلس يسمى شرقي قبة عرش رب العالمين، فيقول لهم رب العزة مرحبًا يا عبادي وجيراني وأصفيائي وأحبائي وأوليائي وخيرتي من خلقي وأهل طاعتي. قال: فإذا بين يدي عرش رب العزة منابر من نور، من دون تلك المنابر كراسي من نور، من دون تلك الكراسي الفرش، ودون الفرش النمارق، ودون النمارق الزرابي. قال: فيقول لهم رب العزة: هلم اجلسوا على كرامتكم، فيتقدم الرسل فيجلسون على تلك المنابر، ويتقدم الأنبياء فيجلسون على تلك الكراسي، ويتقدم الصالحون فيجلسون على تلك الزرابي. قال: فتوضع لهم موائد من نور، على كل مائدة سبعون لونًا مكللة باللؤلؤ والياقوت. قال: فيقول رب العزة لحفدته: أطعموهم، قال: فيوضع لهم على كل مائدة سبعون ألف صحفة من در وياقوت، وفي كل صحفة سبعون لونًا من الطعام. قال: فيقول عز وجل: كلوا يا عبادي، قال: فيأكلون ما شاء الله من ذلك، قال: فيقول بعضهم لبعض: إن طعامنا الذي عند أهلنا عند هذا حلم. قال: فيقول رب العزة لحفدته: اسقوا عبادي، قال: فيأتونهم بشراب فيشربون منه، فيقول بعضهم لبعض: إن شرابنا عند هذا الشراب حلم. قال: فيقول رب العزة لحفدته: أطعمتموهم وسقيتموهم ففكهوهم الآن. قال: فيأتون بفاكهة فيأكلون منها، فيقول بعضهم لبعض: إن فاكهتنا عند هذه حلم. قال: فيقول رب العزة سبحانه: أطعمتموهم وفكهتموهم وسقيتموهم، أكسوهم
পৃষ্ঠা - ২৯৮
وحلوهم: قال: فيأتونهم بكسوة وحلية فيلبسونها، فيقول بعضهم لبعض: إن كسوتنا وحليتنا عند هذه حلم. قال: فبينما هم جلوس على كراسيهم بعث الله عز وجل عليهم ريحًا من تحت العرش تسمى المثيرة، فتأتيهم بمسك وزعفران وكافور من تحت العرش أشد بياضًا من الثلج، فتغبر ثيابهم ورؤوسهم وجيوبهم فتطيبهم، ثم ترفع عنهم الموائد مع ما عليها من الطعام. قال -عليه الصلاة والسلام-: فيقول لهم رب العزة سلوني الآن أعطكم وتمنوا أزدكم، قال: فيقولون بأجمعهم: اللهم ربنا فإنا نسألك رضاك عنا، فيقول عز وجل: إني قد رضيت يا عبادي عنكم، قال: فيخرون له سجدًا بالتسبيح والتكبير، فيقول رب العزة: يا عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا حين عمل هذا حين نظرة ونعيم. قال: فيرفعون رؤوسهم ووجوههم مشرقة من نور ربهم، قال: فيقول رب العزة عز وجل: انصرفوا إلى منازلكم، قال: فيخرجون من عند ربهم، ثم تلقاهم غلمانهم بدوابهم، قال: فيركب كل واحد منهم على ناقته أو برذونه، ويركب معه سبعون ألف غلام على مثل الذي يركب، فيسير من شاء منهم بالسواء إلى داره، ثم يسير معه سائرهم حتى يقدم القصر الذي يريد. قال: فإذا جاء قصره فدخل على زوجته قامت إليه فرحبت به وقالت له، جئتني يا حبيبي، جئتني بحسن ونور وجمال وكسوة وريح وحلية لم أفارقك عليها. قال: فينادي ملك من عند الرحمن عز وجل بصوت عال فيقول: يا أهل الجنة كذلك أنتم أبدًا، يجدد لكم النعيم قال: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار} [الرعد: 23 - 24] إن ربكم يقرأ عليكم السلام ومعهم من الأطعمة والأشربة والكسوة والحلية". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين أمير يرون له الفضيلة والسؤدد، فيها جبال من مسك أبيض وزعفران أصفر، إذا أكلوا طعامهم تجشوا أطيب من المسك، فإذا شربوا شرابهم رشحت جلودهم المسك لا يتغوطون ولا يهريقون الماء ولا يبصقون ولا يمتخطون ولا يمرضون ولا يصدعون". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أهل الجنة أعلاهم وأسفلهم يتغدون متكئين ساعتين، ويتفاضلون
পৃষ্ঠা - ২৯৯
ساعتين، ويمجدون خالقهم أربع ساعات، ويتزاورون ساعتين، وفيها ليل ونهار وظلمة، ليلها أشد بياضًا من النهار، اليوم سبعين جزءًا". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أدنى أهل الجنة عطية من لو نزل عليه الإنس والجن لكان عنده من الكراسي والفرش والنمارق والزرابي ما يجلسون ويتكئون عليه، ويفضل عليهم من الموائد والصحائف والخدم والطعام والشراب إلا كقدر ما أصاب رجلًا واحدًا". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن جذوع الشجر ذهب ومنها فضة ومنها ياقوت ومنها زبرجد، وسعفها مثل ذلك، وورقها كأحسن حلل رآها أحد، وثمرها ألين من الزبد وأحلى من العسل، طول كل شجرة منها خمسمائة سنة وغلظ أصلها مسيرة سبعين عامًا، وعرض أصلها مسيرة خمسمائة عام إذا رفع الرجل منهم بصره نظر إلى أقصى فرع من الشجرة وما فيها من الثمار، وإن على بطن كل شجرة سبعين ألف لون من الثمار، وليس منها لون على طعم الآخر، إذا اشتهى شيئًا من تلك الأنواع انحنت له تلك الشعبة التي فيها تلك الثمرة التي اشتهى من مسيرة خمسمائة عام أو مسيرة خمسين عامًا أو دون ذلك، حتى يأخذها بيده إن شاء، فإن عجز أن يأخذها بيده فتح فاه فدخلت فيه، فإذا قطف منها شيئًا أحدث الله مكانها أحسن منها وأطيب، فإذا أصاب منها حاجته واكتفى رجعت الشعبة حيث كانت. ومنها شجرة لا تثمر ولكن فيها أكمام فيها حرير وحلل وسندس وزخرف وعبقري، ومنها شجرة لها أكمام فيها المسك والكافور". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أهل الجنة يرون ربهم كل يوم جمعة". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو أن إكليلًا من الجنة دلى من السماء لذهب بضوء الشمس". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الجنة قصورًا في كل قصر منها أربعة أنهار: ماء معين، ولبن معين، وخمر معين، وعسل معين، إذا شرب منه شيئًا صار ختامه مسكًا، ولا يشربون منها شيئًا حتى يمزج من عيون في الجنة اسم أحدها الزنجبيل، والأخرى تسنيم، والأخرى كافور، وإن المقربين يشربون منها صرفًا ... ". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لولا أن الله قضى بينهم أنهم يتنازعون الكأس بينهم ما رفعوها عن أفواههم أبدًا". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أهل الجنة يتزاورون على مسيرة مائة ألف عام أو فوق ذلك أو
পৃষ্ঠা - ৩০০
دون ذلك، فإذا رجعوا من عند إخوانهم فلهم أهدى إلى منازلهم من أحدكم إلى منزله". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أهل الجنة إذا رأوا ربهم عز وجل وأرادوا الانصراف، يعطي كل رجل منهم رمانة خضراء فيها سبعون حلة، لكل حلة سبعون لونًا ليس منها حلة على لون الأخرى، فإذا انصرفوا من عند ربهم عز وجل مروا في أسواق الجنة، ليس فيها بيع ولا شراء، وفيها من الحلل والسندس والإستبرق والحرير والزخرف والعبقري من در وياقوت وأكاليل معلقة، فيأخذون من تلك الأسواق من هذه الأصناف ما يطيقون حمله، ولا ينقص من أسواقها شيء، وفيها صور كصور الناس من أحسن ما يكون، مكتوب في نحر كل صورة منها: من تمني أن يكون حسنه على حسن صورتي جعل الله حسنه على صورتي، فمن تمني أن يكون حسن وجهه على تلك الصورة جعله الله على تلك الصورة. قال: ثم ينصرفون إلى منازلهم فيلقاهم غلمانهم صفوفًا قيامًا بالترحيب والتسليم، فيبشر كل واحد منهم صاحبه الذي يليه حتى تبلغ البشري زوجته، ثم يستخفها الفرح حتى تقوم إليه فتستقبله عند بابه بالترحيب والتسليم، فتعانقه ويعانقها فيدخلان جميعًا معتنقين". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو أن امرأة من نساء أهل الجنة برزت لم يرها ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا افتتن بحسنها". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن آخر شراب يشربه أهل الجنة على إثر طعامهم شراب يقال له: طهور دهاق، فإذا شرب منه شربة هضم طعامهم وشرابهم فجعله كالمسك وجشأة المسك، ولا يكون في بطونهم أذى، فإذا شربوا اشتهوا الطعام فهذا دأبهم أبدًا". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن دواب أهل الجنة خلقن من ياقوت أبيض". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "هن ثلاث جنات، الجنة، وعدن، ودار السلام، الجنة أصغر من جنة عدم بتسعمائة ألف ألف جزء، وإن قصور الجنة ظاهرها من ذهب وباطنها من زبرجد وأبرجتها من ياقوت أحمر وشرفاتها نظام اللؤلؤ".
পৃষ্ঠা - ৩০১
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرجل من أهل الجنة ليتمتع عند زوجته التكأة الواحدة مقدار سبعمائة عام ما يتحول، ثم تناديه زوجته الأخرى من القصر أحسن منها: يا أخي قد آن لك أن تكون لنا منك دولة، فيقول الرجل: من أنت؟ فتقول: أنا من التي يقول الله عز وجل: {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين} [السجدة: 17] فيتحول إليها فيمكث عندها مقدار سبعمائة عام يأكل ويشرب ويباضعها". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها سبعمائة عام ما يقطعها تجرى من تحتها الأنهار وإن على كل غصن من غصونها مدائن مبنية، طول كل مدينة منها عشرة آلاف ميل، وإن ما بين كل مدينة إلى الأخرى كما بين المشرق والمغرب، وإن عيون السلسبيل لتجرى من تلك القصور إلى تلك المدائن، وإن الورقة منها لتظل الأمة العظيمة ... ". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرجل من أهل الجنة إذا دخل على زوجته قالت: والذي هو أكرمني بك ما في الجنة شيء هو أحب إلى منك". قال: وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الجنة ما لا يصفه الواصفون، ولا يخطر على قلوب العالمين، ولا تسمع به آذان الواعين، وفيها ما لم تره عيون المخلوقين". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله عز وجل ينزل المتحابين فيه في جنة عدن على عمود من ياقوته حمراء، غلظها مسيرة سبعين ألف عام على سبعين ألف بيت، لكل أهل بيت قصر مشرفين على أهل الجنة، مكتوب على جباههم كتاب من نور: هؤلاء المتحابون في الله، إذا اطلع أحدهم من قصره إلى أهل الجنة ملأ نور وجهه قصور أهل الجنة كما تملأ الشمس بيوت أهل الأرض، فينظر أهل الجنة وجهه فيقول بعضهم لبعض: هذا من المتحابين في الله عز وجل، فإذا وجهه مثل القمر ليلة البدر". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن فضل حسن الرجل على حسن الخادم من أهل الجنة كمثل القمر ليلة البدر على النجوم". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن نساء أهل الجنة يتغنين عند آخر طعامهم بأصوات لذيذة ممدودة يقلن: نحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ونحن الآمنات فلا نخاف أبدًا، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا، ونحن الشابات فلا نهرم أبدًا، ونحن الكاسيات فلا نعري أبدًا، ونحن
পৃষ্ঠা - ৩০২
الخيرات الحسان أزاوج قوم كرام". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن طير الجنة له سبعون ألف ريشة، لكل ريشة منها لون ليس يشبه الآخر، عظم كل طير منها ميل في ميل، إذا اشتهى المؤمن شيئًا منها أتى به فوضع في جوف الصحفة، فانتقض فوقع منه سبعون لونًا من الطعام من نحو طبيخ وشواء وألوان شتى، طعمها أطيب من المن، ولينها ألين من الزبد، وبياضها أشد بياضًا من المخيض، فإذا أكل منها انتفض وطار ولم تنقص منها ريشة، فطيورهم ومراكبهم ترعى في رياض الجنة حول قصورهم". وكان -صلى الله عليه وسلم- "إن أهل الجنة يعطيهم الله تعالى خواتيم من ذهب يلبسونها وهي خواتيم الخلد، ثم يعطيهم خواتيم من در وياقوت ولؤلؤ، وذلك إذا زاروه في دار السلام". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أهل الجنة إذا زاروا ربهم أكلوا وشربوا وتمتعوا. قال: يقول رب العزة عز وجل: يا داود مجدني بصوتك الحسن، فيمجده ما شاء الله تعالى من ذلك فلا يبقى منه شيء في الجنة إلا أنصت لحسن صوته ولذاذته. قال: فيمجده ما شاء الله ثم يحبوهم رب العزة عز وجل بالكسوة والحلية، ثم ينصرفون إلى أهليهم". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن لكل رجل من أهل الجنة شجرة يقال لها طوبي، فإذا أراد أحدهم أن يلبس الكسوة المرتفعة انطلق إلى طوبي ففتحت له أكمامها، وهي ستة ألوان في كل واحد منها سبعون لونًا، ليس منها ثوب لونه على لون الآخر ولا على وشيه، فيأخذ من أي ذلك شاء، أرق من النعمان". وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أزواج أهل الجنة مكتوب في بحر كل امرأة منهن: أنت حبيبي وأنا حبيبتك، ليس عنك معدل ولاعنك مقصر، وليس لك في قلبي غل ولا غش، فينظر الرجل إلى نحر زوجته فيرى سواء كبدها من وراء عظمها ولحمها، فكبده لها مرآة وكبدها له مرآة، ولا يعيبها ذلك إلا كما يعيب السلك الياقوت، بياضهن كبياض المرجان وصفاؤهن كصفاء الياقوت، قال الله عز وجل: {كأنهن الياقوت والمرجان} [الرحمن: 58]. وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أهل الجنة على النوق والبراذين يقع خف إحداهن عند أقصى
পৃষ্ঠা - ৩০৩
طرفها، وموضع حافز ذلك البرذون عند أقصى طرفه خلقت من در وياقوت، عظم كل دابة منهن سبعون ميلًا، أزمة النوق والبراذين حلق اللؤلؤ والزبرجد". (فصل) في قوله عز وجل: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورًا ...} [الإنسان: 11] إلى آخر صفة أهل الجنة. أما قوله: {فوقاه الله شر ذلك اليوم} يعني يوم القيامة يقيهم شدة الحساب وهول جهنم، إذا جئ بها في عرصات القيامة يقودها تسعة عشر خازنًا من الملائكة، مع كل خازن منهم سبعون ألف ملك أعوان له غلاظ شداد كالحة أنيابهم، أعينهم كالجمر وألوانهم كلهب النار، يفور من مناخرهم لهب ودخان عال مستعدين لأمر الجبار تبارك وتعالى، فيقودها كل خازن وأعوانه بوثاق وسلسلة عظيمة، فتارة يمشون عن يمينها وأخرى عن شمالها، ومرة من ورائها، بيد كل ملك منهم مقمع من جديد، يصيحون بها فتمشى، ولها زفير وشهيق ووعث وظلمة ودخان وقعقعة ولهب عال من شدة غضبها على أهلها، فينصبونها بين الجنة والموقف، فترفع طرفها فتنظر إلى الخلائق، ثم تجمع إليهم لتأكلهم، فتحبسها الخزنة بسلاسلها ولو تركت لأتت على كل مؤمن وكافر، فإذا رأت أنها قد حبست عن الخلائق فارت فورة شديدة كادت تميز من الغيظ، ثم شهقت الثانية فسمعت الخلائق صوت صريف أسنانها، فارتعدت عند ذلك الأفئدة، وانخلعت القلوب، وطارت الأفئدة، وشخصت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، ثم تزفر زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد ممن شهد الموقف إلا جثا على ركبتيه. ثم تزفر أخرى فلا تبقى قطرة في عين أحد إلا بدرت، ثم تزفر الثالثة فلو كان لكل آدمي أو جني عمل اثنين وسبعين نبيًا لواقعوها وظنوا أنهم لم ينجوا منها، ثم تزفر الرابعة فلا يبقى شيء إلا انقطع كلامه، ويتعلق جبريل وميكائيل وخليل الرحمن عز وجل بالعرش يقول كل واحد منهم نفسي نفسي لا أسألك غيرها، ثم ترمى بشرر كعدد نجوم السماء، عظم كل شرارة منها كالسحابة العظيمة الطالعة من المغرب، فيقع ذلك الشرر على رؤوس الخلائق. فهذا هو الشرر الذي وعد الله المؤمنين الذين يوفون بالنذر ويخافون عذابه أن يقيهم، فالله تعالى يكفى أهل التوحيد والإيمان وأهل السنة شر ذلك اليوم، ولقاهم برحمته
পৃষ্ঠা - ৩০৪
وييسر حسابهم ويدخلهم جنته ويخلدهم فيها أبد الآباد بمنه، ويزيد الكافرين وأهل الشرك والأوثان شرًا إلى شر، وخوفًا إلى خوف، وعذابًا إلى عذاب، فيدخلهم جهنم ويخلدهم فيها أبد الآباد. ثم قال عز وجل: {ولقاهم نضرة وسرورًا} [الإنسان: 11] فالنضرة في الوجوه والسرور في القلوب، وذلك أن المؤمن إذا خرج من قبره يوم القيامة نظر أمامه، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس، وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج، فينظر إليه حتى يدنوا منه، فيقول سلام عليك يا ولي الله، فيقول: وعليك السلام من أنت يا عبد الله، أنت ملك من الملائكة؟ فيقول: لا والله، فيقول: أنت نبي من الأنبياء؟ فيقول: لا والله، فيقول: أنت من المقربين؟ فيقول: لا والله، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة والنجاة من النار، فيقول له: يا عبد الله أبعلم تبشرني؟ فيقول: نعم، فيقول: ما تريد مني؟ فيقول له: اركبني، فيقول له: سبحان الله ما ينبغي لمثلك أن يركب عليه، فيقول: بلى فإني طالما ركبتك في دار الدنيا، فإني أسألك بوجه الله إلا ما ركبتني، فيركبه، فيقول له: لا تخف أنا دليلك إلى الجنة، فيفرح فيتبين ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ، ويرى فيه النور والسرور في قلبه، فذلك قوله عز وجل: {ولقاهم نضرة وسرورًا} [الإنسان: 11]. وأما الكافر فإذا خرج من قبره نظر أمامه، فإذا هو برجل قبيح الوجه أزرق العينين أشد سوادًا من القبر في ليلة مظلمة، وثيابه سود، يجر أنيابه في الأرض بدهدهة مثل دهدهة الرعد، وريحه أنتن من الجيفة فيقول: من أنت يا عبد الله؟ ويريد أن يعرض عنه بوجهه، فيقول: يا عدو الله إلى إلى أنت لي وأنا لك اليوم، فقال: ويحك أشيطان أنت؟ فيقول: لا والله، ولكن عملك الصالح، فيقول: ويحك ما تريد مني؟ فيقول: أريد أن أركبك، فيقول له: أنشدك بالله مهلًا، فإنك تفضحني على رؤوس الخلائق، فيقول: والله ما منه بد فطالما ركبتني فأنا اليوم أركبك، قال: فيركبه، فذلك قوله عز وجل: {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون} [الأنعام: 31]. ثم ذكر عز وجل أولياءه فقال: {وجزاهم} [الإنسان: 12] بعد البشارة {بما صبروا} [الإنسان: 12] على البلاء وأداء الأوامر، وانتهاء المناهي والتسليم في القدر {جنة وحريرًا} [الإنسان: 12].
পৃষ্ঠা - ৩০৫
أما الجنة فيتنعمون فيها، وأما الحرير فيلبسون، قال: {متكئين فيها} [الإنسان: 13] يعني في الجنة {على الأرائك} [الإنسان: 13] يعني السرر عليها الحجال يعني الستر {لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا} [الإنسان: 13] يعني ولا يصيبهم حر الشمس ولا برد الزمهرير، لأنه ليس فيها شتاء ولا صيف. ثم قال عز وجل: {ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلًا} [الإنسان: 14] يعني ظلال الشجر، وذلك أن أهل الجنة يأكلون من الفواكه إن شاءوا قيامًا، وإن شاءوا قعودًا، وإن شاءوا نيامًا، وإذا أرادوها دنت منهم حتى يأخذوا منها ثم يقوم أحدهم قائمًا، وذلك قوله عز وجل: {وذللك قطونها تذليلًا} يعني أغصانها. ثم قال عز وجل: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب} [الإنسان: 15] فهي الأكواب يعني الكيزان مدورة الرؤوس التي ليست لها عرا. وقال عز وجل: {قواريرًا} [الإنسان: 15] يعني هي قوارير ولكنها من فضة، وذلك أن قوارير الدنيا من ترابها، وقوارير الجنة من فضة {قدروها تقديرًا} [الإنسان: 16] يعني قدرت الأكواب على الإناء وقدر الإناء على كف الخادم على ري القوم إذا سقوها لم يبق فيها شيء، ولم يزد عليه فكانت قدرًا على الإناء وكف الخادم وري القوم فذلك قوله تعالى: {قدروها تقديرًا}. وقال تعالى: {ويسقون فيها كأسًا} [الإنسان: 17] يعني خمرًا وكل شراب في الإناء ليس بخمر فليس هو بكأس. وقال تعالى {كان مزاجها زنجبيلًا} [الإنسان: 17] يعني كلها قد مزج فيها الزنجبيل. ثم قال عز وجل: {عينًا فيها تسمى سلسبيلًا} [الإنسان: 18] يعني نهرًا فيها تسمى سلسبيلًا يسيل عليهم من جنة عدن، فتمر على كل جنة ثم ترجع تعم الجنة كلها. قال تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} [الإنسان: 19] فالولدان: هم الغلمان الذين لا يشيبون أبدًا فهم مخلدون، يعني لا يحتلمون ولا يكبرون أبدًا، غلمان {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا} [الإنسان: 19] في الحسن والبياض {منثورًا} [الإنسان: 19] في الكثرة، يعني مثل اللؤلؤ المنثور الذي لا يدري ما عدده. ثم قال عز وجل: {وإذا رأيت ثم} [الإنسان: 20] يعني هنالك من الجنة {رأيت نعيمًا وملكًا كبيرًا} [الإنسان: 20] وذلك أن رجلًا من أهل الجنة له قصر، في ذلك القصر
পৃষ্ঠা - ৩০৬
سبعون قصرًا، في كل قصر سبعون بيتًا، كل بيت من لؤلؤة مجوفة طولها في السماء فرسخ وعرضها فرسخ في فرسخ، عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب، في ذلك البيت سرير منسوج بقضبان الدر والياقوت عن يمين السرير وعن يساره أربعة آلاف كرسي من ذهب، قوائمها من ياقوت أحمر، على ذلك السرير سبعون فراشًا، كل فراش على لون، وهو متكئ على يساره، عليه سبعون حلة من ديباج، الذي يلي جسده حريرة بيضاء، وعلى جبهته إكليل مكلل بالزبرجد والياقوت وألوان الجواهر، كل جوهرة على لون، وعلى رأسه تاج من ذهب فيه سبعون زاوية، في كل زاوية درة تساوي مال المشرق والمغرب، وفي يده ثلاثة أسورة: سوار من ذهب، وسوار من فضة، وسوار من لؤلؤ، وفي أصابع يديه ورجليه خواتيم من ذهب وفضة فيه ألوان الفصوص، وبين يديه عشرة آلاف غلام لا يكبرون ولا يشيبون أبدًا، وتوضع بين يديه مائدة من ياقوتة حمراء طولها ميل في ميل، ويوضع على المائدة سبعون ألف إناء من ذهب وفضة، وفي كل إناء سبعون لونًا من الطعام، فيأخذ اللقمة بيده، فما يخطر على باله غيرها حتى تتحول اللقمة عن حالها إلى الحالة التي يشتهيها، وبين يديه غلمان بأيديهم أكواب من فضة وأوان من فضة، ومعهم الخمر والماء، فيأكل على قدر أربعين رجلًا من الألوان كلها فإذا شبع من لون من الطعام سقوه شربة مما يشتهي من الأشربة فيتجشأ، فيفتح الله عز وجل عليه ألف باب من الشهوة، ويشرب حتى يعرق، فإذا عرق ألقى الله عليه ألف باب من الشهوة إلى الطعام والشراب، ويدخل عليه الطير من الأبواب كأمثال النجائب العظام، فيقومون بين يديه صفًا فينعت كل نفسه بصوت مطرب لذيذ ألذ من كل غناء في الدنيا، يقول: يا ولي الله كلني إني كنت أرعى في كذا وكذا في رياض الجنة، وأشرب من عين كذا وكذا فيجملون إليه أصواتهم فيرفع بصره فينظر إلى أعلاه صوتًا وأجودها نعتًا فيشتهيها، فيعلم الله عز وجل ما قد استقر في قلبه من حبه، فيجئ ذلك الطير فيقع على المائدة بعضه قديد وبعضه شوى، أشد بياضًا من الثلج وأحلى من العسل، فيأكل حتى إذا شبع منها واكتفى صار طيرًا كما كان، فيخرج من الباب الذي كان دخل منه، فهو على الأرائك وزوجته مستقبلته، يبصر وجهه في وجهها من الصفا والبياض، كلما أراد يجامعها نظر إليها فيستحى منها أن يدعوها، فتعلم ما يريد منها زوجها، فتدنوا إليه فتقول: بأبي أنت وأمي، أرفع رأسك وانظر إلي فإنك اليوم لي وأنا لك، فيجامعها على قوة مائة رجل من الأولين، وعلى شهوة أربعين رجلًا، كلما أتاها وجدها عذراء
পৃষ্ঠা - ৩০৭
لا يغفل عنها مقدار أربعين يومًا، فإذا فرغ وجد ريح المسك منها فيزداد حبًا لها، وفيها أربعة آلاف وثمانمائة زوجة مثلها، لكل زوجة سبعون خادمًا وجارية. وروى عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لو أن جارية أو خادمًا أخرجت إلى الدنيا لاقتتل عليها أهل الدنيا كلهم حتى يتفانوا، ولو أن امرأة من الحور العين أخرجت ذوائبها في الأرض لأطفال نور الشمس من نورها. قيل: يا رسول الله، وكم بين الخادم والمخدوم؟ قال: والذي نفسي بيده، إن بين الخادم والمخدوم كالكوكب المظلم إلى جنب القمر في النصف. قال: فبينما هو جالس على سريره إذ بعث الله عز وجل إليه ملكًا معه سبعون حلة، كل حلة على لون، قد غابت بين أصبعي الملك ومعه التسليم والرضا، فيجئ حتى يقوم على بابه فيقول لحاجبه، ائذن لي على ولي الله فإني رسول رب العالمين إليه، فيقول الحاجب: والله ما أملك منه المناجاة، ولكن سأذكرك إلى من يليني من الحجبة، فلا يزالون يذكرون أمره بعضهم إلى بعض حتى يأتيه الخبر بعد سبعين بابًا، فيقول: يا ولي الله إن رسول رب العزة على الباب، فيأذن له بالدخول عليه، فيدخل الملك فيقول: السلام عليك يا ولي الله إن رب العزة عز وجل يقرئك السلام وهو عنك راض فلولا أن الله عز وجل لم يقض عليه الموت لمات من الفرح، فذلك قوله عز وجل: {ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} [التوبة: 72] وذلك قوله تعالى: {وإذا رأيت} يعني يا محمد {ثم رأيت نعيمًا} يعني هنالك النعيم الذي هو فيه {وملكًا كبيرًا} حين لا يدخل عليه رسول الله رب العالمين إلا بإذن، ثم قال جل وعلا: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} [الإنسان: 21] يعني الديباج، وإنما قال عاليهم لأن الذي يلي جسده حريرة بيضاء، ثم قال: {وحلوا أساور من فضة} [الإنسان: 21] وفي آية أخرى {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤًا} [الحج: 32، وفاطر: 33] فهي ثلاث أسورة، ثم قال عز وجل: {وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا} [الإنسان: 21]. وذلك أن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان، فإذا جاز الرجل الصراط إلى العينين يدخل في عين منها فيغتسل فيها، فيخرج وريحه أطيب من المسك، طوله سبعون ذراعًا في السماء على طول آدم عليه السلام وميلاد عيسى عليه السلام أبناء ثلاث وثلاثين سنة، فأهل الجنة كلهم رجالهم ونساؤهم على قدر واحد يكبر الصغير
পৃষ্ঠা - ৩০৮
حتى يكون ابن ثلاث وثلاثين سنة وينحط الشيخ عن حاله إلى ثلاث وثلاثين سنة، كلهم رجالهم ونساؤهم على قدر واحد في حسن يوسف بن يعقوب عليهما السلام، ويشرب من العين الأخرى، فينفى ما في صدره من غل أو هم أو حسد أو حزن، فيطهر الله عز وجل قلبه بذلك الماء، فيخرج وقلبه على قلب أيوب، ولسانه على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- عربي، ثم ينطلقون حتى يأتوا الباب، فتقول لهم الخزنة، طبتم، فيقولون: نعم، فيقولون: ادخلوها خالدين، يبشرونهم بالخلود قبل الدخول بأنهم لا يخرجون أبدًا، فأول ما يدخل من باب الجنة ومعه الملكان اللذان كانا معه في دار الدنيا الكرام الكاتبين. فإذا هو بملك معه نجيبة من ياقوتة حمراء زمامها من ياقوتة خضراء فإذا كانت النجيبة من ياقوتة حمراء كان زمامها من ياقوتة خضراء، فإذا كانت النجيبة من ياقوتة خضراء كان زمامها ياقوتة حمراء عليها راحلة مقدمها ومؤخرها در وياقوت، وصفحتاها الذهب والفضة، ومعه سبعون حلة، فيلبسها ويضع على رأسه التاج، ومعه عشرة آلاف غلام كاللؤلؤ المكنون، فيقول: يا ولي الله اركب فإن هذا لك، ولك مثلها، فيركبها ولها جناحان خطوها منتهى الصبر، فيسير على نجيبة وبين يديه عشرة آلاف غلام، ومعه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا حتى يأتي إلى قصوره، فينزلها، ثم قال عز وجل: {إن هذا} الذي وضعت لكم في هذه السورة {كان لكم جزاء} لأعمالكم من حسن الثواب {وكان سعيكم} [الإنسان: 22] أي عملكم {مشكورًا} [الإنسان: 22] يعني شكر الله عز وجل أعمالكم فأثابكم الجنة". * * *