গুনিয়াত আত-তালেবিন

القسم الثالث في المجالس

مجلس آخر: في قوله -عز وجل-: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}

পৃষ্ঠা - ২০০
مجلس آخر: في قوله -عز وجل-: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} [النمل: 3] اعلم أن هذه الآية الشريفة في سورة النمل، وهي مكية، وعدد آياتها ثلاث وتسعون آية، وكلماتها ألف ومائة وتسع وأربعون كلمة، وحروفها أربعة آلاف وسبعمائة وتسعة وتسعون حرفًا. وذلك أن سليمان بن داود النبي الملك -عليه السلام- وعلى نبينا المصطفى وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين وملائكته المقربين، لما خرج من وادي النمل في مسيره من بيت المقدس إلى اليمن، أخذ بالناس في مفازة فعطش الناس، فسألوه عن الماء، فتفقد الهدهد عند ذلك فسأل عنه، ودعا أمير الطيور، وهو الكركي، فسأل عنه، ولم يكن معه إلا هدهد واحد، فقال الكركي: لا أدري أين ذهب ولا استأمرني، وكان -عليه السلام- يريد الهدهد ليضع منقاره في الأرض فيخبره كم بعد الماء وقربه، وكم بينه وبين الماء من قامة أو فرسخ، وكان الهدهد مخصصًا بذلك من دون بقية الطيور، وكان إذا أريد منه ذلك ارتفع في طيران إلى الجو فينظر ذلك ثم ينقض إلى طين تلك البقعة التي فيها الماء فيضع منقاره فيها فيعرف ذلك، فتبادر الشياطين فتحفر تلك البقعة فيخرج الماء، وتتخذ الأحواض والبرك والركايا، وتملأ الروايا والقرب والظروف، وتشرب الدواب والناس والجان، ثم يرتحلون. فلما فقد الهدهد في تلك الساعة، غضب سليمان عند ذلك غضبًا شديدًا وأوعده فقال: {لأعذبنه عذابًا شديدًا} [النمل: 21] يعني لأنتفن ريشه فلا يطير مع الطيور حولًا كاملًا {أو لأذبحنه} [النمل: 21] ثم استثنى فقال: {أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل: 21] يقول: أو ليأتيني بعذر وحجة بينة، وكان أشد عذابه الذي يعذب به الطير لما يريد عذابه أن ينتف ريشه حتى يتركه أقرع ليس عليه ريش. قال: {فمكث غير بعيد} [النمل: 22] أي لبث غير طويل، ثم أقبل الهدهد فقيل له: إن سليمان قد أوعدك فقال: هل استثنى؟ قيل: نعم، قال: فأقبل حتى قام بين يديه وسجد، فقال: دام ملكك الدهر وعشت الأبد فجعل ينكث بمنقاره ويومئ برأسه إلى سليمان {فقال} [النمل: 22] له: {أحطت بما لم تحط به} [النمل: 22] يقول: أبلغت
পৃষ্ঠা - ২০১
وعلمت ما لم تبلغ وتعلم يقول: جئتك بأمر لم يخبرك به الجن، ولم ينصحوك فيه، ولم تعلم به الإنس {وجئتك من سبأ} [النمل: 22] يقول: من قرية سبأ {بنبأ يقين} [النمل: 22] يعني بخبر عجيب لاشك فيه، فقال له سليمان: ما هو؟ فقال: {إني وجدت امرأة تملكهم} [النمل: 23] يقال لها بلقيس بنت أبي السرح الحميرية {وأوتيت من كل شيء} [النمل: 23] يقول: وأعطيت من كل شيء في بلادها اليمن وما والاها يعني: العلم والسلطان والمال والجنود وأنواع الخيل {ولها عرش عظيم} [النمل: 23] يقول: سرير حسن، وكان طول عرشها في السماء ثلاثين ذراعًا وقيل في السماء ثمانون ذراعًا، وفي العرض ثمانون في ثمانين، مكللًا بأنواع الجواهر والدرر واللؤلؤ {وجدتها وقومها يسجدون للشمس} [النمل: 24] يقول: يصلون للشمس {من دون الله} [النمل: 24] دين المجوسية {وزين لهم الشيطان أعمالهم} [النمل: 24] يعني حسنها لهم {فصدهم عن السبيل} [النمل: 24] يعني أن الشيطان صدها وجنودها عن طريق الإسلام والهدى {فهم لا يهتدون} [النمل: 24] يقول: لا يعرفون الإسلام {ألا يسجدوا لله} [النمل: 25] يعني هلا يسجدوا لله {الذي يخرج الخبء} [النمل: 25] يعني الغيب والسر {في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} [النمل: 25] بألسنتهم {الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} [النمل: 26] يعني بالعظيم العرش فـ {قال} [النمل: 27] سليمان للهدهد: دلنا على الماء {سننظر} [النمل: 27] فيما تقول: {أصدقت} [النمل: 27] في مقالتك {أم كنت من الكاذبين} [النمل: 27] فلما دلهم على الماء وشربوا واستكفوا دعا سليمان الهدهد وكتب معه كتابًا وختمه بخاتمه ودفعه إليه، ثم قال: {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} [النمل: 28] يعني أهل سبأ {ثم تول عنهم} [النمل: 28] يعني ارجع {فانظر ماذا يرجعون} [النمل: 28] يعني ماذا يردون عليك من الجواب. والذي كتب في الكتاب {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} [النمل: 30] إنه من سليمان بن داود {ألا تعلوا علي} [النمل: 31] يعني ألا تعظموا على طاعتي {وائتوني مسلمين} [النمل: 31] يعني مصالحين: فإن كنتم من الجن فقد عبدتم لي، وإن كنتم من الإنس فعليكم السمع والطاعة، قال: فانطلق الهدهد بالكتاب حتى انتهى إليها ظهيرة وهي قائلة في قصرها قد غلقت عليها الأبواب، فلا يصل إليها شيء والحرس حول قصرها، وكان لها من قومها اثنا عشر ألف مقاتل، كل واحد منهم أمير على مائة ألف مقاتل، سوى نسائهم وذراريهم، وكانت تخرج إلى قومها تقضي بينهم في أمورهم
পৃষ্ঠা - ২০২
وحوائجهم في كل جمعة يومًا، قد جعلت على عرشها أربع أعمدة من ذهب، ثم تجلس هي فيه وهي تراهم ولا يرونها فإذا أراد الرجل منها الحاجة والأمر سألها، فقام بين يديها فينكس ولا ينظر نحوها، ثم يسجد فلا يرفع رأسه، حتى تأذن له إعظامًا لها، فإذا قضت حوائجهم وأمرت بأمرها دخلت قصرها ولم يروها إلى مثل ذلك اليوم، ملكها ملك عظيم. فلما أتى الهدهد بالكتاب وجد الأبواب قد غلقت دونها، والحرس حول القصر دائر حوله، فطلب السبيل إليها حتى وصل إليها من كوة في القصر، فدخل منها من بين إلى بيت حتى انتهى إلى أقصى سبعة أبيات علا عرشها في السماء ثلاثون ذراعًا، فرآها مستلقية على عرشها نائمة، ليس عليها إلى خرقة على عورتها، وكذلك كانت تصنع إذا نامت، قال: فوضع الكتاب إلى جنبها على السرير، ثم طار فوقف في كوة ينتظرها حتى تقرأه، فمكث طويلًا وهي لا تستيقظ، فلما أبطأ عليه ذلك انحط فنقرها فاستيقظت، فنظرت فإذا هي بالكتاب إلى جنبها على السرير، فأخذته وفركت عينيها فجعلت تنظر ما حال الكتاب وكيف وصل الكتاب إليها والأبواب مغلقة، فخرجت فإذا الحرس حول القصر، فقال: هل رأيتم أحدًا دخل علي وفتح بابًا؟ قالوا: لا، ما زالت الأبواب مغلقة كما هي ونحن حول القصر نحرس، ففتحت الكتاب وقرأته وكانت كاتبة وقارئة، فإذا فيه {بسم الله الرحمن الرحيم} فلما قرأته أرسلت إلى قومها فاجتمعوا إليها و {قالت} [النمل: 29] لهم: {يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} [النمل: 29] يعني مختومًا وحسنًا {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * ألا تعلوا علي وائتنوني مسلمين} [النمل: 30 - 31] يعني مصالحين و {قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري} [النمل: 32] يعني أخبروني بما أريد أن أصنع في أمري {ما كنت قاطعة أمرًا} [النمل: 32] يعني عاملة {حتى تشهدون} [النمل: 32] يعني تسمعون وتحضرون المشورة فـ {قالوا نحن أولوا قوة} [النمل: 33] يعني منعة {وأولوا بأس شديد} [النمل: 33] لم يغلبنا عدو قط بالقتال والمنعة والكثرة، ولم نعط أحدًا المقادة، وأنت أعلم بأمرك، فأمرينا بأمر نتبعه، فأبوا إلا تعظيمًا لحقها، فهو قوله -عز وجل-: {والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} [النمل: 33] به نتبع أمرك، فنطقت بعلم وحكم و {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} [النمل: 34] يعني خربوها {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} [النمل: 34] يعني منعة أهلها أذلة صغيرة {وكذلك يفعلون} [النمل: 34] الملوك المحاربون، يأخذون
পৃষ্ঠা - ২০৩
أموالهم ويقتلون مقاتلتهم ويسبون ذراريهم، ثم قالت: {وإني مرسلة إليهم بهدية} [النمل: 35] يعني إلى سليمان {فناظرة بم يرجع المرسلون} [النمل: 35] يعني فأنظر ماذا يردون على رسلي وماذا يخبروني عنه، قال: فأهدت إليه اثنى عشر غلامًا فيهم تأنيث، مخضبة أيديهم، قد مشطتهم وألبستهم لبس الجواري وتقدمت إليهم إذا كلموهم يردوا عليهم بكلام فيه تأنيث، وأهدت إليه اثنتي عشرة جارية فيهن غلظ، فاستأصلت رؤوسهن وأزرتهن وألبستهن النعال، وقالت لهن: إذا كلمكن سليمان فارددن له جوابًا صحيحًا، وأرسلت إليه بعود الحرج البخور وبالمسك والعنبر والحرير في الأطباق على أيدي الوصائف، وأرسلت باثنتي عشرة بختية تحلب كذا وكذا من اللبن، وأرسلت إليه بخرزتين إحداهما مثقوبة وثقبتها ملتوية، والثانية غير مثقوبة، وأرسلت بقدح ليس فيه شيء، وأرسلت إليه مع هديتها إلى سليمان امرأة، وأوصتها بأن تحفظ جميع ما يكون من أمر سليمان وكلامه حتى تخبرها به، وقالت لهم: قوموا بين يديه قيامًا ولا تجلسوا حتى يأمركم، فإنه إن كان جبارًا لم يأمركم بالجلوس فأرضيه بالمال فيسكت عنا، وإن كان حليمًا عليمًا عالمًا أمركم بالجلوس، وأمرت المرأة أن تقول له بأن يدخل في الخرزة المثقوبة خيطًا بغير علاج إنس ولا جان، وأمرتها أن تقول له أن يثقب الأخرى بغير حديد ولا علاج إنس ولا جان، وأن يميز بين الغلمان والجواري، وأمرتها أن تقول له أن يملأ القدح ماء مزيدًا رويًا، ليس من الأرض ولا من السماء، وكتبت إليه تسأله عن ألف باب من العلم. فانطلق رسلها بهديتها حتى أتوا بها إلى سليمان، فوضعوا الهدية بين يديه وقاموا على أرجلهم ولم يجلسوا، فنظر إليهم سليمان لحظًا لم يحرك يدًا ولا رجلًا ولا تهشهش لها ولم يفرح ولم يعرف الرسل ذلك فيه ولا من مقالته، ثم رفع رأسه ونظر إلى رسلها وقال: إن الله -عز وجل- رفع السماء، ووضع الأرض فمن شاء وقف ومن شاء جلس، فأذن لهم بالجلوس، قال فتقدمت المرسلة إلى سليمان وقدمت إليه الخرزتين وقالت له أن بلقيس تقول لك بأن تدخل في هذه الخرزة المثقوبة خيطًا ينفذ إلى الجانب الآخر من غير علاج إنس ولا جان وأن تثقب الخرزة الثانية ثقبًا إلى الجانب الآخر بغير حديد ولا علاج إنس ولا جان، ثم قربت إليه القدح وقالت له إنها تقول لك بأن تملأ هذا القدح ماء مزيدًا رويًا ليس من الأرض ولا من السماء، ثم قدمت الوصف والوصائف وقالت إن بلقيس تقول لك أن تميز بين الغلمان والجواري.
পৃষ্ঠা - ২০৪
فعند ذلك جمع سليمان أهل مملكته، فاجتمعوا عليه، ثم أخرج الخرزتين فقال: من لي بهذه الخرزة يدخل فيها خيطًا يخرج من الجانب الآخر، فتكلمت دودة تكون في الفصفصة يعني في الأرض الرطبة وهي دودة حمراء وقالت: أيها الملك أنا لك بها على أن تجعل رزقي في الرطبة، فقال: نعم، فعلق في رأس الدودة خيطًا فدخلت في الخرزة تحكها حتى خرجت من الجانب الآخر، فجعل رزقها في الرطبة، ثم قرب الخرزة الثانية وقال: من لي يثقف هذه الخرزة بغير حديد فتكلمت دودة أخرى بين يديه وهي الأرضة، فقالت: أيها الملك أنا لك بهذه، على أن تجعل رزقي في الخشب، فقال: ذلك لك، فوقفت على الخرزة فثقبتها إلى الجانب الآخر، فجعل رزقها في الخشب، ثم قدم القدح وأمر بإحضار الخيل العراب فحضروا، فأجريت حتى إذا جهدت وسال عرقها فحينئذ ملأ القدح من العرق، وهو الماء المزيد الروي ليس هو من الأرض ولا من السماء، ثم أمر بماء فوضع بين يديه فقال للوصفاء: توضؤوا ليتميز الغلمان من الجواري. قالت: فجعلت الجواري يصببن الماء على أكفهن فجعلت إحداهن تأخذ الماء بكفها اليسرى وتفرغه على ذراعها الأيسر، ثم تتبعها كفها اليمنى فتغسلها، فتعرف عند ذلك أنها جارية، فيعزلها حتى عزل اثنتي عشرة جارية وصيفة. وأما الغلمان فجعل الوصيف يأخذ الماء بكفه اليمنى فيغسل به ذراعه اليمنى ثم يتبع بها كفه اليسرى فيعرف أنه غلام، حتى عزل اثنى عشرة غلامًا. ثم نظر إلى المسائل فأجاب عنها بألف جواب مع رسولها، ثم رد عليها هديتها، و {قال} [النمل: 36] لمرسلتها: {أتمدونني بمال فما آتاني الله} [النمل: 36] من النبوة والملك {خير مما آتاكم} [النمل: 36] من المال {بل بهديتكم تفرحون} [النمل: 36] يعني تعجبون. ثم كتب إليها كتابًا ودفعه إلى الهدهد وقال: {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} [النمل: 37] يعني بجموع لا قبل لهم بها {ولنخرجنهم منها أذلة} [النمل: 37] يعني من قرية سبأ أذلة صغيرة {وهم صاغرون} أذلاء. فلما أتى الهدهد بالكتاب مرة أخرى فقرأته ورجعت رسلها عنده، فقصت عليها قصة سليمان وما فعل في جميع ما أرسلت به إليه وما رد إليها من الجواب، فقالت
পৃষ্ঠা - ২০৫
لقومها: هذا أمر نزل علينا من السماء، لا ينبغي منابذته ولا نطيقه، ثم عمدت إلى عرشها فجعلته في آخر سبعة أبيات، ثم أقامت عليه الحرس، ثم أقبلت إلى سليمان. قال: فرجع الهدهد إلى سليمان فأخبره أنها قد أقبلت إليه، فجمع أهل مملكته إليه ثم {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} [النمل: 38] يعني سريرها {قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: 38] يعني مصالحين، فلا يحل لنا بعد الصلح أخذه {قال} له {عفريت من الجن} [النمل: 39] يقال له عمرو وهو العفريت الشديد الغليظ من الجن {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} [النمل: 39] يعني من مجلسك للقضاء وهو إلى نصف النهار {وإني عليه لقوي} [النمل: 39] أي على حمله {أمين} [النمل: 39] على ما فيه من اللؤلؤ والجواهر والزمرد والذهب والفضة، وكانت قوة العفريت أنه يضع قدامه حيث ينال طرفه يعني ينتهي بصره، فقال لسليمان: أنا أضع قدمي حيث يبلغ بصري فآتيك به، فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك فـ {قال الذي عنده علم من الكتاب} [النمل: 40] يعني اسم الله الأعظم وهو: يا حي يا قيوم {أنا} [النمل: 40] أدعو ربي فأراجع همي وأنظر كتاب ربي و {آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} [النمل: 40] وهو آصف بن برخيا بن شعياء واسم أمه باطورا، وهو من بني إسرائيل، وكان يعلم اسم الله الأعظم: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} يعني قبل أن يجيء إليك الشيء الذي يبلغه طرفك أي نظرك، فقال له سليمان: غلبت إن فعلت، وإن لم تفعل فضحتني بين الجن وأنا سيد الإنس والجن، وقام آصف بن برخيا فتوضأ ثم سجد لله -عز وجل- يدعو الله باسمه الأعظم وهو يقول: يا حي يا قيوم. وروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: هو الاسم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، وهو: يا ذا الجلال والإكرام: قال فغاب عرشها تحت الأرض حتى نبغ عند كرسي سليمان. وقيل: إنه نبغ تحت كرسي كان يضع سليمان قدميه عليه إذا جلس على كرسيه الكبير، فلما رأى العرش قد نبغ قالت الجن لسليمان: أيقدر آصف أن يجيء بالسرير ولا يجيء ببلقيس، فقال آصف لسليمان: أنا آتيك بها، قال: فأمر سليمان فبني له صرح أملس من قوارير، ثم أجري تحته الماء وألقي فيه المسك، يرى من فوق الصرح من صفائه، ثم أمر سليمان بكرسيه فوضع في وسط الصرح، وأمر بكراسي لأصحابه،
পৃষ্ঠা - ২০৬
فوضعت فجلس عليه وجلس أصحابه، وكان الذين يلونه -عليه السلام- من أهل الكراسي الإنس ثم الجن ثم الشياطين، وكان هذا دأبه -عليه السلام- حتى إذا أراد أن يسير في البلاد يجلس هو على كرسيه وأولئك على كراسيهم، ثم يأمر الريح فتحملهم بين السماء والأرض، وإذا أراد أن يسير على الأرض أمر الريح فتسكن فيسير على وجه الأرض. وكان لسليمان -عليه السلام- مجلس كما هو للملوك اليوم، فلما استقر بهم المجلس أمر آصف فعاد وسجد ودعا الله -عز وجل- باسمه الأعظم وهو: يا حي يا قيوم، فإذا ببلقيس مستقرة عنده. وقيل: إن الذي عنده علم من الكتاب هو ضبة بن آد، وكان هو على خيل سليمان. وقيل: إن الذي عنده علم من الكتاب هو الخضر -عليه السلام-، {فلما رآه مستقرًا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني} [النمل: 40] يعني ليختبرني {أأشكر} على ما أعطيت من الملك {أم أكفر} [النمل: 40] بالنعمة إذا رأيت من هو دوني أفضل مني علمًا، فعزم لله -عز وجل- على الشكر وقال: {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر} [النمل: 40] بنعمته {فإن ربي غني كريم} [النمل: 40] لا يعجل بالعقوبة. فلما سمعت الجن بذلك وقعوا في بلقيس عند سليمان ليكرهوها إليه، خافوا أن يتزوجها فتظهره على أمورهم وكانت تعلم بذلك، لأن أمها جنية، وكان اسمها عميرة بنت عمرو، وقيل: إن اسمها رواحة بنت السكن ملك الجن، فقالوا: أصلح الله الملك إن في عقلها شيئًا ورجلاها كحافر الحمار وكانت بلقيس هلباء شعراء، فلما قيل له ذلك أراد أن يروز عقلها ويرى قدميها، فمن ثمة أجرى الماء وجعل فيه الضفادع والسمك، وأمر بعرشها أن يغير فيزاد فيه، وينقص منه ليروز عقلها فذلك قوله تعالى: {قال نكروا لها عرشها} [النمل: 41] يعني غيروا لها سريرها {ننظر أتهتدي} [النمل: 41] يعني أتعرفه {أم تكون من الذين لا يهتدون} [النمل: 41] يعني الذين لا يعرفون، فأقبلت حتى انتهت إلى الصرح فـ {قيل لها ادخلي الصرح} [النمل: 44] يعني القصر، وقيل الصرح: هو البيت بلغة حمير {فلما رأته حسبته لجة} [النمل: 44] يعني ماء غمرًا، فقالت في نفسها إنما أراد أن يغرقني كان غير هذا أحسن من ذا؟ {وكشفت عن ساقيها} [النمل: 44] فإذا ساقان شعراوان، وإنما هي من أحسن الناس وأبعد مما قيل له فيها، فقيل
পৃষ্ঠা - ২০৭
لها: {إنه صرح ممرد} [النمل: 44] يعني قصرًا أملس لا شعث فيه كالأمرد الذي لا شعر في وجهه، كان ملزق بعضه ببعض اتخذ بلاطه من القوارير، قال: فمضت نحو سليمان وقد أبصر قدميها وأبصر الشعر الذي على ساقها مهدبًا. قال فأعجبه ما رأى عجبًا شديدًا {فلما جاءت} [النمل: 42] إلى سليمان فـ {قيل} [النمل: 42] لها {أهكذا عرشك} [النمل: 42] فنظرت إليه فجعلت تعرف وتنكر فقالت في نفسها: من أين تخلص إلى ذلك السرير الذي هو داخل سبعة أبيات والحرس حوله، فلم تعرف ولم تنكر فـ {قالت كأنه هو} [النمل: 42] فقال سليمان: {وأوتينا العلم من قبلها} [النمل: 42] يعني من قبل بلقيس، وكانت مجوسية {وكنا مسلمين} [النمل: 42] من قبلها فـ {قالت} حينئذ {رب إني ظلمت نفسي} [النمل: 44] يعني في الظن الذي ظننت بسليمان أنه أراد أن يغرقني، وقيل: ظلمت نفسي يعني ضررت نفسي بعبادة الشمس {وأسلمت مع سليمان} [النمل: 44] يعني وأطعت الله مع سليمان، ويقال: أخلصت مع سليمان {لله رب العالمين} [النمل: 44] في العبادة فأسلمت {وصدها} [النمل: 43] يعني أن سليمان صدها عن {ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} [النمل: 43] فتزوج بها سليمان، فأمر بالنورة فاتخذت فتنور سليمان وبلقيس، وهو أول من اتخذ النورة، قال: فسألها سليمان عن أشياء وهي سألته، ودخل بها سليمان، فولدت له غلامًا فسماه داود، ومات في حياته، ثم مات سليمان وماتت بلقيس بعده بشهر. وقيل: إن سليمان أعطاها قرية بالشام، فكانت تأخذ خراجها حتى ماتت. وقيل: إن سليمان لما دخل بها سرحها في جنوده، وردها إلى ملكها وكان يأتيها في كل شهر مرة، فيركب من بيت المقدس إلى اليمن على ما تقدم ذكره. (فصل) وإنما استوفيت هذه القصة في هذا المجلس لما فيها من العبرة لكل مؤمن عاقل ناظر في العواقب معتبر في سير السلف الصالح والطالح، وقدرة الله -عز وجل- النافذة في الأمم الماضية الخالية، وكرامته لأهل الطاعة وتسخيره أهل معصيته لهم وإعطائه مقادتهم وإذلالهم وتمليكه الخلق لأهل ولايته ومحبته، لما أطاع سيلمان ربه -عز وجل- كيف ملكه بلقيس وملكها، وقد كان في أهل مملكتها اثنا عشر ألف مقاتل، كل واحد منهم أمير على مائة ألف منهم، وجند سليمان يحتوي على أربعمائة ألف، مائتا
পৃষ্ঠা - ২০৮
ألف من إنس ومائتا ألف من الجن، والتفاوت ما بين الجندين ظاهر. فهذا ملك لطاعته، وهذه ملكت لكفرها ومعصيتها. الإسلام يعلو ولا يعلى عليه {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا} [النساء: 141]. وكذلك أنت يا موفق إذا آمنت أمنت من أعدائك في الدنيا، ومن نار الله الموقدة التي في العقبى، تخدمك النار وتطرق بين يديك، وترشدك الطريق مكرمة لك ومعظمة وطائعة لأمر مولاها وممتثلة له، فتقول لك: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي. (عبارة لطيفة) أي أنك مكرم منور، خلعة الملك عليك، علامته الوقار عليك، فعلى الحواشي والعبيد تعظيمك وتوقيرك وخدمتك. وأما الكافر والعاصي، فتتغيظ النار عليه وتنتقم منه انتقام الجبار من عدوه عند ظفره به، كما قال -عز وجل-: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظًا وزفيرًا} [الفرقان: 12]. فإن أردت العزة في الدنيا والآخرة، فعليك بطاعة الله والصبر عن معصية الله، تجدها برحمة الله تعالى، قال الله -عز وجل-: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا} [فاطر: 10]، وقال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [المنافقون: 8]. فنفاقك يا مدعي الإيمان، وشركك يا مدعي الإخلاص حجباك عن رؤية عزة الجبار ونبيه المختار والمؤمنين الأخيار. فلو كنت عاملًا بموجب الإيمان موقنًا بشرائط الإتقان، لأمنت في الدنيا من كل مؤذ وكل شيطان من الإنس والجان، وفي الآخرة من عذاب النيران، وكانت النصرة لك ولأعدائك الهوان، قال الله -عز وجل-: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد: 7]، وقال تعالى: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم} [محمد: 35] ولكن الغفلة قد تكاثفت على قلبك وتراكم الرين عليه، وترادف السواد والظلمة لديه، فيالها من حسرة وندامة {يوم تبلى السرائر} [الطارق: 9] في يوم القيامة، يوم الحاقة، يوم الطامة الكبرى، يوم القارعة، يوم الصاخة {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} [الحاقة: 18]، {يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم * فمن يعمل
পৃষ্ঠা - ২০৯
مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [الزلزلة: 6 - 8]. قيل: إن الذرة هي قشرة الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر، وقيل: أربع ذرات مثقال خردلة، وقيل: هي النملة الحمراء الصغيرة التي لا تكاد ترى إذا دبت، وقيل: إن الذرة جزء من ألف جزء من شعيرة. وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: إذا وضعت كفك على التراب ثم رفعتها، فكل شيء يعلق بها من التراب فهو ذرة. فأين أنت من يوم توزن فيه الأعمال بهذه الزنة تثقل وتخف بهذه الخفة، ويوم يقول الله تعالى فيه: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا} [مريم: 85 - 86] أي عطاشًا. وحينئذ ينكشف الغطاء ويظهر المخبأ، ويمتاز المؤمن من الكافر، والصديق من المنافق، والموحد من المشرك، والولي من العدو، والمحق من المدعي. فاحذر يا مسكين من هول ذلك اليوم، وانظر من أي الحزبين تكون؟ فإن أنت عملت لله العظيم واتقيت في عملك الخبير وصفيته عما يسوء للناقد البصير، فأنت في حزب المتقين الوافدين على الرحمن في يوم النشور. فلك الكرامة يا كريم، ولك السلامة والبشرى يا حكيم. وإن كان غير ذلك فاعلم أنك بالحزب الآخر لاحق وهالك، مع من هو هالك في النار مع فرعون وهامان وقارون متلاحق، قال الله -عز وجل-: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف: 110] فلا ينجيك في ذلك اليوم غير العمل الصالح. (فصل) في فضل {بسم الله الرحمن الرحيم} عن عطاء بن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى الشرق، وسكنت الرياح وهاج البحر، وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله -عز وجل- بعزته لا يسمى اسمه على شيء إلا شفاه، ولا يسمى اسمه على شيء إلى بارك فيه، ومن قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} دخل الجنة».
পৃষ্ঠা - ২১০
وعن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسع عشرة فليقل: {بسم الله الرحمن الرحيم} فإنها تسعة عشر حرفًا، ليجعل الله تعالى كل حرف منها جنة من واحد منهم». وعن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- «سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن {بسم الله الرحمن الرحيم} قال: فقال: هو اسم من أسماء الله -عز وجل- وما بينه وبين اسم الله الأعظم إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب». وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من رفع قرطاسًا من الأرض فيه {بسم الله الرحمن الرحيم} إجلالًا لله أن يداس، كتب عند الله من الصديقين، وخفف عن والديه وإن كانا مشركين». يعني العذاب. وقيل: «لم يرن إبليس اللعين مثل ثلاث رنات قط: رنة حين لعن وأخرج من ملكوت السماء، ورنة حين ولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورنة حين أنزلت فاتحة الكتاب لكون {بسم الله الرحمن الرحيم} فيها». وعن سالم بن أبي الجعد أن عليًا -رضي الله عنه- قال: «لما أنزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أول ما أنزلت هذه الآية على آدم، فقال: أمن ذريتي من العذاب ما داموا على قراءتها، ثم رفعت فأنزلت على إبراهيم الخليل فتلاها وهو في كفة المنجنيق فجعل الله عليه النار بردًا وسلامًا، ثم رفعت بعده، فما أنزلت إلا على سليمان وعندها قالت له الملائكة: الآن تم والله ملكك، ثم رفعت فأنزلها الله -عز وجل- علي، ثم تأتي أمتي يوم القيامة وهم يقولون: {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا وضعت أعمالهم في الميزان رجحت حسناتهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اكتبوها في كتبكم فإذا كتبتموها فتكلموا بها». (فصل آخر): في فضل {بسم الله الرحمن الرحيم} عن عكرمة -رحمه الله- أنه قال: أول ما خلق الله اللوح والقلم، أمر الله القلم فجرى
পৃষ্ঠা - ২১১
على اللوح بما هو كائن إلى يوم القيامة، فأول ما كتب على اللوح: {بسم الله الرحمن الرحيم}، فجعل الله هذه الآية أمانًا لخلقه ما داموا على قراءتها، وهي قراءة أهل سبع سموات، وأهل الصفح الأعلى وأهل سرادقات المجد والكروبيين، والصافين، والمسبحين، فأول ما أنزلت على آدم -عليه السلام-، فقال: قد أمن ذريتي من العذاب ما داموا على قراءتها، ثم رفعت بعده فأنزلت على إبراهيم الخليل -عليه السلام- في سورة الحمد فتلاها وهو في كفة المنجنيق، فجعل الله النار عليه بردًا وسلامًا، ثم رفعت بعده فأنزلت على موسى -عليه السلام- في الصحف، فبها قهر فرعون وسحرته وهامان وجنوده وقارون وأتباعه، ثم رفعت بعده فأنزلت على سليمان بن داود عليهما السلام، فعندها قالت الملائكة: اليوم والله تم ملكك يا ابن داود، فلم يقرأها سليمان على شيء إلا خضع له، وأمره الله يوم أنزلها عليه أن ينادي في أسباط بني إسرائيل، ألا من أحب منكم أن يسمع آية أمان الله فليحضر إلى سليمان في محراب داود -عليه السلام-، فإنه يريد أن يقوم خطيبًا، فلم يبق محبوس نفسه في العبادة ولا سائح إلا هرول إليه، حتى اجتمعت الأحبار والعباد والزهاد والأسباط كلها عنده، فقام فرقى منبر الخليل إبراهيم وتلا عليهم آية الأمان: {بسم الله الرحمن الرحيم} فلم يسمعها أحد إلا امتلأ فرحًا، وقالوا: نشهد أنك لرسول الله حقًا، فبها قهر سليمان ملوك الأرض، وبها افتتح لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- مكة، ثم رفعت بعد سليمان فأنزلت على المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-، ففرح بها واستبشر بها الحواريون، فأوحى الله تعالى إليه: يا ابن العذراء البتول أتدري أي آية أنزلت عليك؟ إنها آية الأمان، قوله: {بسم الله الرحمن الرحيم} فأكثر تلاوتها في قيامك وقعودك ومضجعك ومجيئك وذهابك وصعودك وهبوطك، فإنه من وافى بها يوم القيامة وفي صحيفته {بسم الله الرحمن الرحيم} ثمانمائة مرة وكان مؤمنًا بي وبربوبيتي أعتقته من النار، وأدخلته الجنة، فتلكن افتتاح قراءتك وصلاتك، فإن من جعلها في افتتاح قراءته وصلاته إذا مات على ذلك لم يرعه منكر ونكير، وهون عليه سكرات لموت وضغطة القبر، وكانت رحمتي عليه، وأفسح له في قبره، وأنور له في قبره، وأنور له فيه مد بصره، وأخرجه من قبره أبيض الجسم وأنور الوجه، يتلألأ نوره، وأحاسبه حسابًا يسيرًا، وأثقل موازينه، وأعطيه النور التام على الصراط حتى يدخل الجنة، وآمر المنادي أن ينادي به في عرصات القيامة بالسعادة والمغفرة. قال عيسى -عليه السلام-: اللهم يارب فهذا لي خاصة؟ فقال: لك خاصة ولمن تبعك
পৃষ্ঠা - ২১২
وأخذ أخذك وقال بقولك، وهو لأحمد وأمته من بعدك. وأخبر عيسى -عليه السلام- بذلك أتباعه فقال: {ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: 6] من صفته ونعته وفضله كيت وكيت، وأخذ ميثاقهم بالإيمان به، وجدد شأنه عندما رفعه الله تعالى إلى السماء لأصحابه، فلما انقرض الحواريون ومن اتبعه وجاء الآخرون، فضلوا وأضلوا، وبدلوا واستبدلوا بالدين دنياهم، فرفعت عندها آية الأمان من صدور النصارى، وبقيت في صدور مسلمي أهل الإنجيل مثل بحيرا الراهب وأمثاله، حتى بعث الله النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزلت عليه في سورة الحمد بمكة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكتبت تلك على رؤوس السور وصدور الرسائل والدفاتر، فكان نزول هذه الآية على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتحًا مبينًا، وحلف رب العزة بعزته ألا يسمي مؤمن موقن على شيء إلا باركت لفه فيه، ولا يقرؤه مؤمن إلا قالت الجنة له: لبيك وسعديك اللهم أدخل عبدك هذا في {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا دعت الجنة لعبد فقد استوجب له دخولها. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يرد دعاء أوله {بسم الله الرحمن الرحيم}». قال: «وإن أمتي يأتون يوم القيامة وهم يقولون {بسم الله الرحمن الرحيم}، فتثقل حسناتهم في الميزان، فتقول الأمم: ما أرجح موازين أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فتقول الأنبياء لهم: لأن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- مبتدأ كلامهم ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى الكرام، لو وضعت في كفة الميزان ووضعت سيئات الخلق جميعًا في الكفة الأخرى لرجحت حسناتهم». قال: وجعل الله تعالى هذه الآية شفاء من كل داء، وعونًا لكل دواء، وغنى من كل فقر، وسترًا من النار، وأمانًا من الخسف والمسخ والقذف ما داموا على قراءتها». (فصل) في تفسير قوله: {بسم الله الرحمن الرحيم} قوله -عز وجل-: {بسم الله} روي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن عيسى -عليه السلام- أرسلته أمه -رضي الله عنها- إلى الكتاب ليتعلم، فقال له المعلم: قل {بسم الله الرحمن الرحيم} فقال عيسى -عليه السلام-: وما بسم الله؟ قال: لا أدري، قال: الباء: بهاء الله، والسين: سناء الله، والميم: مملكته}.
পৃষ্ঠা - ২১৩
وقال أبو بكر الوراق، بسم الله: روضة من رياض الجنة لكل حرف منها تفسير على حدة. فالباء على ستة أوجه: - بارئ خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {الخالق البارئ} [الحشر: 24]. - بصير بخلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {والله بصير بما تعلمون} [الحجرات: 18]. - باسط رزق خلقه من العرض إلى الثرى، بيانه {الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} [الرعد: 26]. - باق بعد فناء خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 26 - 27]. - باعث الخلق بعد الموت من العرش إلى الثرى للثواب والعقاب، بيانه {وأن الله يبعث من في القبور} [الحج: 7]. - بار بالمؤمنين من العرش إلى الثرى، بيانه {هو البر الرحيم} [الطور: 28]. والسين على خمسة أوجه: - سميع لأصوات خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم} [الزخرف: 80]. - سيد قد انتهى سؤدده من العرش إلى الثرى، بيانه {الله الصمد} [الإخلاص: 2]. - سريع الحساب مع خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {والله سريع الحساب} [النور: 39]. - سلام سلم خلقه من ظلمه من العرش إلى الثرى، بيانه {السلام المؤمن} [الحشر: 23]. - ساتر ذنوب عباده من العرش إلى الثرى، بيانه {غافر الذنب وقابل التوب} [غافر: 3]. والميم: على اثنى عشر وجهًا: - ملك الخلق من العرش إلى الثرى، بيانه {الملك القدوس} [الحشر: 23]. - مالك خلقه من العرش إلى الثرى بيانه {قل اللهم مالك الملك} [آل عمران: 26].
পৃষ্ঠা - ২১৪
- منان على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {بل الله يمن عليكم} [الحجرات: 17]. - مجيد على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {ذو العرش المجيد} [البروج: 15]. - مؤمن آمن خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {وآمنهم من خوف} [قريش: 4]. - مهيمن اطلع على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {المؤمن المهيمن} [الحشر: 23]. - مقتدر على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} [القمر: 55]. - مقيت على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {وكان الله على كل شيء مقيتًا} [النساء: 85]. - مكرم أولياءه من العرش إلى الثرى، بيانه {ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء: 70]. - منعم على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} [لقمان: 20]. - متفضل على خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {إن الله لذو فضل على الناس} [البقرة: 243]. - مصور خلقه من العرش إلى الثرى، بيانه {الخالق البارئ المصور} [الحشر: 24]. وقال أهل الحقائق: وإنما المعنى في {بسم الله الرحمن الرحيم}: التيمن والتبرك وحث الناس على الابتداء في أقوالهم وأفعالهم ببسم الله كما افتتح الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز به. (فصل) اعلم أن الناس اختلفوا في هذا الاسم: فقال الخليل بن أحمد وجماعة من أهل العربية: أنه اسم موضوع لله -عز وجل- لا يشاركه فيه أحد، قال الله تعالى: {هل تعلم له سميًا} [مريم: 65]. يعني أن كل اسم لله تعالى مشترك بينه وبين غيره، له على الحقيقة ولغيره على المجاز إلا هذا الاسم فإنه مختص به، فيه معنى الربوبية والمعاني كلها تحته، ألا ترى أنك إذا أسقطت منه الألف بقى لله، وإذا أسقطت من لله اللام الأولى بقى له، وإذا أسقطت من له اللام بقى هو. واختلفوا في اشتقاقه: فقال النضر بن شميل: هو من التأله، وهو التنسك والتعبد، يقال أله إلهة: أي
পৃষ্ঠা - ২১৫
عبد عبادة. وقال آخرون: هو من الإله، وهو الاعتماد، يقال: ألهت إلى فلان إلهًا: أي فزعت إليه واعتمدت عليه. ومعناه: أن الخلق يفزعون ويتضرعون إليه في الحوادث والحوائج، فهو يألههم: أي يجبرهم، فسمى إلهًا -كما يقال: إمام للذي يؤتم به- فالعباد يؤلهون إليه: أي مضطرون إليه في المنافع والمضار، كالواله المضطر المغلوب. وقال أبو عمرو بن العلاء: هو من ألهت في الشيء: إذا تحيرت فيه فلم تهتد إليه. ومعناه: أن العقول تتحير في كنه صنعته وعظمته والإحاطة بكيفيته، فهو إله كما يقال: للمكتوب كتاب، وللمحسوب حساب، وقال المبرد: هو من قول العرب: ألهت إلا فلان: أي سكنت إليه، فكان الخلق يسكنون ويطمئنون بذكره. قال الله -عز وجل-: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28]. وقيل: أصله من الوله، وهو ذهاب العقل لفقدان من يعز عليه، فكأنه سمي بذلك لأن القلوب توله بمحبته وتطرب وتشتاق عند ذكره. وقيل: معناه المحتجب لأن العرب إذا عرفت شيئًا ثم حجب عن أبصارها سمته لاهًا، يقال: لاهت العروس تلوه لوهًا: إذا احتجبت، فالله تعالى هو الظاهر بالربوبية بالدلائل والأعلام، والمحتجب من جهة الكيفية عن الأوهام. وقيل: معناه المتعالي، يقال لاه: أي ارتفع، ومنه قيل للشمس إلاهة. وقيل: معناه القدرة على الاختراع، وقيل: معناه السيد. {الرحمن الرحيم} قد قال قوم: هما بمعنى واحد، وهو ذو الرحمة، وهما من صفات الذات. وقيل: هما بمعنى ترك عقوبة من يستحق العقوبة، وإسداء الخير إلى من لا يستحقه، وهما من صفات الفعل. وفرق الآخرون بينهما فقالوا: الرحمن: للمبالغة، فمعناه: الذي وسعت رحمته كل شيء، والرحيم دون ذلك في الرتبة. وقال بعضهم: الرحمن: العاطف على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم بأن خلقهم ورزقهم، قال الله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف: 156]،
পৃষ্ঠা - ২১৬
والرحيم: بالمؤمنين خاصة بالهداية والتوفيق في الدنيا وبالجنة والرؤية في الآخرة، قال الله تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيمًا} [الأحزاب: 43]. فالرحمن خاص اللفظ عام المعنى، والرحيم عام اللفظ خاص المعنى، فالرحمن خاص من حيث أنه لا يجوز أن يسمى به أحد غير الله، عام من حيث أنه يشمل جميع الموجودات من طريق الخلق والرزق والنفع والدفع، والرحيم عام من حيث اشتراك المخلوقين في المسمى به خاص من طريق المعنى، لأنه يرجع إلى اللطف والتوفيق. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هما اسمان دقيقان أحدهما أدق من الآخر. وقال مجاهد -رحمه الله-: الرحمن بأهل الدنيا الرحيم بأهل الآخرة. وفي الدعاء: يا رحمن الدنيا يا رحيم الآخرة. وقال الضحاك -رحمه الله-: الرحمن بأهل السماء حيث أسكنهم السموات وطوقهم الطاعات، وجنبهم الآفات، وقطع عنهم المطامع واللذات، والرحيم بأهل الأرض حيث أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب. وقال عكرمة -رحمه الله-: الرحمن برحمة واحدة، والرحيم بمائة رحمة. وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله -عز وجل- مائة رحمة، وأنه أنزل منها رحمة واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون، وأخر تسعة وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة». وفي لفظ آخر: «وإن الله تعالى قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة ويرحم بها عباده يوم القيامة». الرحمن الذي إذا سئل أعطى، والرحيم الذي إذا لم يسأل غضب. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «من لا يسأل الله يغضب عليه». وقال الشاعر: الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسأل يغضب
পৃষ্ঠা - ২১৭
الرحمن بالنعماء وهي ما أعطى وحبا، الرحيم بالآلام، وهي ما صرف وزوى. الرحمن بالإنقاذ من النيران كما قال جل من قائل: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} [آل عمران: 103]، والرحيم بإدخال الجنان كما قال: {ادخلوها بسلام آمنين} [الحجر: 46]. الرحمن برحمة النفوس، والرحيم برحمة القلوب. الرحمن بكشف الكروب، والرحيم بغفران الذنوب. الرحمن بتبيين الطريق، والرحيم بالعصمة والتوفيق. الرحمن بغفران السيئات، وإن كن عظيمات، والرحيم بقبول الطاعات، وإن كن غير صافيات. الرحمن بمصالح معاشهم، الرحيم بمصالح معادهم. الرحمن الذي يرحم ويقدر على كشف الضر ودفع الشر، الرحيم يرزق ويطعم ولا يطعم {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58]. الرحمن بمن جحده، الرحيم بمن وحده. الرحمن بمن كفره، والرحيم بمن شكره. الرحمن بمن قال ند، والرحيم بمن قال فرد. (فصل) قل بسم الله تجد عفو الله، هذا سماعك من القارئ، فكيف سماعك من البارئ، فهذا سماعك والغم باق، فكيف سماعك والرب ساق، هذا سماعك بواسطة، فكيف سماعك بلا واسطة، هذا سماعك في دار الغرور، فكيف سماعك في دار السرور، هذا سماعك في جوار الشيطان، فكيف سماعك في جوار الرحمن، هذا سماعك من عبد ذليل، فكيف سماعك من الملك الجليل، هذه لذة الخبر، فكيف لذة النظر، هذه لذة المجاهدة، فكيف لذة المشاهدة، هذه لذة البيان، فكيف لذة العيان، هذه لذة المغايبة، فكيف لذة المعاينة. (فصل) قل بسم الله الذي تعالى عن الأضداد، بسم الله الذي تنزه عن الأنداد، بسم الله الذي تقدس عن اتخاذ الأولاد، بسم الله الذي نور الأنوار، بسم الله الذي أكرم الأبرار، بسم الله الذي قدر الأقدار، ونور القلوب والأبصار، بسم الله الذي تجلى لقلوب الأبرار في أوقات الأسحار، بسم الله الذي علم الأحباب الأسرار، فغمرها
পৃষ্ঠা - ২১৮
بالأنوار واستودعها الأسرار، وأزاح عنها الأخطار، وحفظها من رق الأغيار، وحط عنها الأثقال والأغلال والآصال والأوزار، إذ كان موصوفًا في الأزل بالإحسان والإفصال وغفران الذنوب لأهل الاستغفار. قل بسم الله، اسم الذي أجرى الأنهار وأنبت الأشجار، اسم من عمر البلاد بأهل الطاعة من العباد، فجعلهم لها أوتادًا كالجبال فصارت الأرض بهم لمن عليها كالمهاد، فهم الأربعون الأخيار من الأبدال، المنزهون الرب عن الشركاء والأنداد وملوك في الدنيا وشفعاء الأنام يوم التناد، إذ خلقهم ربي مصلحة للعالم ورحمة للعباد. (فصل) بسم الله للذاكرين ذخر وللأقوياء عز وللضعفاء حرز وللمحبين نور وللمشتاقين سرور، بسم الله راحة الأرواح، بسم الله نجاة الأشباح، بسم الله نور الصدور، بسم الله نظام الأمور، بسم الله تاج الواثقين، بسم الله سراج الواصلين، بسم الله مغني العاشقين، بسم الله اسم من أعز عبادًا وأذل عبادًا، بسم الله اسم من جعل النار لأعدائه مرصادًا، وجعل الرؤية لأحبائه ميعادًا، بسم الله اسم الواحد بلا عدد، بسم الله اسم الباقي بلا أحد، بسم الله اسم القائم بلا عمد، بسم الله افتتاح كل سورة، اسم من طابت به الخلوات، اسم من به تمت الصلوات، اسم من به حسنت الظنون، اسم من سهرت له العيون، اسم من إذا قال للشيء كن فيكون، اسم من تنزه عن المساس، اسم من استغنى عن الإيناس، اسم من جل عن القياس. قل بسم الله حرفًا حرفًا، تأخذ الأجر ألفًا ألفًا، وتحط عنك الأوزار جرفًا جرفًا، من قالها بلسانه شهد الدنيا، ومن قالها بقلبه شهد العقبى، ومن قالها بسره شهد المولى. بسم الله كلمة طاب بها الفم، بسم الله كلمة لا يبقى معها الغم، كلمة تمت بها النعمة، كلمة كشفت بها النقمة، كلمة خصت بها هذه الأمة، كلمة جمعت بين جلال وجمال، فقوله بسم الله جلال في جلال، وقوله الرحمن الرحيم جمال في جمال، فمن شهد جلاله طاش، ومن شهد جماله عاش، كلمة جمعت بين قدرة ورحمة، فالقدرة جمعت طاعات المطيعين، والرحمة محقت ذنوب المذنبين. (فصل) قل بسم الله، فكأنه يقول بي وصل من وصل إلى الطاعات، ثم بنور الطاعات وصل إلى العيان، ثم استغنى بالعيان عن البيان، فصار قلبه وعاء للأسرار وعلم الأديان، ومن وصل إلى الحبيب نجا من النحيب، ومن وصل إلى النظر استغنى
পৃষ্ঠা - ২১৯
عن الخبر، ومن وصل إلى الصمد نجا من الكمد، ومن وصل إلى الرفاق نجا من الفراق، ومن وصل إلى ذي المجد سلم من الوجد، ومن وصل إلى اللقاء أمن من الشقاء. (فصل) قل بسم الله، فالباء: بارئ البرايا، والسين: ستار الخطايا، والميم: المنان بالعطايا. وقيل: إن الباء برئ من الأولاد، والسين: سميع الأصوات، والميم، مجيب الدعوات. وقيل: اطعموا فإني مطعمكم، واسقوا فإني ساقيكم، وانظروا إلي فإني باقيكم. وقيل: الباء: بكاء التائبين، والسين: سجود العابدين، والميم: معذرة المذنبين. وقيل: الله كاشف البلايا، الرحمن معطي العطايا، الرحيم غافر الخطايا، الله للعارفين، الرحمن للعابدين، الرحيم للمذنبين، الله الذي خلقكم وهو أحسن الخالقين، الرحمن الذي رزقكم وهو خير الرازقين، الرحيم الذي يغفر لكم وهو خير الغافرين. وقيل: الله بإسباغ النعم، الرحمن الرحيم بالجود والكرم، الله بإخراجنا من البطون، الرحمن بإخراجنا من القبور، الرحيم بإخراجنا من الظلمات إلى النور. (فصل) رحم الله من خالف الشيطان، وجانب العصيان، واتقى النيران، وأكثر الإحسان، وأدام ذكر الرحمن، فقال: بسم الله. رحم الله من اعتصم بالله، وأناب إلى الله، وتوكل على الله، واشتغل بذكر الله، فقال: بسم الله. رحم الله من زهد في الدنيا، ورغب في العقبى، وصبر على العطبى وشكر على النعمى، واشتغل بذكر المولى، فقال: بسم الله. طوبي لعبد اجتنب الطاغوت، وقنع من الدنيا بالقوت، واشتغل بذكر الحي الذي لا يموت، فيقول: بسم الله. * * *