তারিখ দামেস্ক

مستدرك تاريخ مدينة دمشق

المستدرك من حرف الجيم

[9834] جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك أبو الفضل البرمكي

[9732] إسماعيل بن أبي موسى
[9733] إسماعيل بن يسار النسائي أبو فائد
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫১
الأمان قصد حضرته فقال له: أنت القائل هذه الأبيات؟ قال: نعم. قال: أنشدنيها. فلما أنشده: ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا تمكّن من عناق المكرمات قام الصاحب فعانقه وقبل فاه، وأنفذه إلى حضرة عضد الدولة. فلما مثل بين يديه قال له: ما الذي حملك على مرثية عدوّي؟ فقال: حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي فرثيت، فقال: هل يحضرك شيء في الشموع؟ - والشموع تزهر بين يديه- فأنشأ يقول «1» : كأنّ الشموع وقد أظهرت من النّار في كلّ رأس سنانا أصابع أعدائك الخائفين تضرّع تطلب منك الأمانا فلما أنشده هذين البيتين خلع عليه، وحمله على فرس وأعطاه بدرة «2» . وكان جعفر هذا أديبا فاضلا، وصدرا كاملا، رثاه القاصّ أبو الحسن بن هندي بقصيدة غراء عدّتها ثلاثة وتسعون بيتا منها: يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره فلسانه من وصفه لا يفتر بأبي ثراك وما تضمنه الثّرى كلّ يموت وليس كلّ يذكر [9834] جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك أبو الفضل البرمكي وزير الرشيد هارون، ولاه هارون دمشق وقدمها سنة ثمانين ومئة. حدث عن أبيه يحيى بسنده إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السّين فيه» [14161] . __________ [9834] انظر ترجمته وأخباره في تاريخ الطبري (الفهارس العامة) والعقد الفريد 5/53 وتاريخ بغداد 7/152 والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) وفيات الأعيان 1/328 الوزراء والكتاب للجهشياري 204 والوافي بالوفيات 11/156 والفخري ص 205- 210 ومروج الذهب (الفهارس) المحبر ص 487 وتاريخ خليفة (الفهارس) والنجوم الزاهرة 2/123 والعبر 1/298 وسير الأعلام 9/59 وشذرات الذهب 1/311.
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫২
وقال جعفر بن يحيى البرمكي لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين، قال لي أبي يحيى «1» : إذا أقبلت الدنيا عليك فأعط، فإنها لا تفنى «2» ، وإذا أدبرت عنك فأعط، فإنها لا تبقى. قال جعفر: وأنشدنا أبي «3» : لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة فليس ينقصها التبذير والسرف فإن تولّت فأحرى أن تجود بها فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف ولما «4» ثارت العصبية بالشام في سنة ثمانين ومئة وتفاقم أمرها اغتم الرشيد فعقد لجعفر ابن يحيى على الشام، وقال له: إما أن تخرج أو أخرج أنا، فقال له جعفر: بل أقبل «5» بنفسي، فشخص في جلّة القواد والكراع والسلاح، فأتاهم فأصلح بينهم، وقتل زواقيلهم «6» والمتلصصة منهم، ولم يدع بها رمحا ولا قوسا «7» ، فعادوا إلى الأمن والطمأنينة، وأطفأ النّائرة «8» . [فقال «9» منصور النمري لما شخص جعفر: لقد أوقدت بالشام نيران فتنة فهذا أوان الشام تخمد نارها إذا جاش موج البحر من آل برمك عليها، خبت شهبانها وشرارها رماها أمير المؤمنين لجعفر وفيه تلاقى صدعها وانجبارها
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৩
رماها بميمون النقيبة ماجد تراضى به قحطانها ونزارها تدلت عليهم صخرة برمكية دموغ لهام الناكئين انحدارها غدوت تزجى غابة في رؤوسها نجوم الثريا والمنايا ثمارها إذا خفقت راياتها وتجرست بها الريح هال السامعين انبهارها فقولوا لأهل الشام: لا يسلبنكم حجاكم طويلات المنى وقصارها فإن أمير المؤمنين بنفسه أتاكم وإلا نفسه فخيارها هو الملك المأمول للبر والتقى وصولاته لا يستطاع خطارها وزير أمير المؤمنين وسيفه وصعدته والحرب تدمى شفارها ومن تطو أسرار الخليفة دونه فعندك مأواها وأنت قرارها وفيت فلم تغدر لقوم بذمة ولم تدن من حال ينالك عارها طبيب بإحياء الأمور إذا التوت من الدهر أعناق فأنت جبارها إذا ما ابن يحيى جعفر قصدت له ملمات خطب لم ترعه كبارها لقد نشأت بالشام منك غمامة يؤمل جدواها ويخشى دمارها فطوبى لأهل الشام يا ويل أمها أتاها حياها أو أتاه بوارها فإن سالموا كانت غمامة نائل وغيث، وإلا فالدماء قطارها أبوك أبو الأملاك يحيى بن خالد أخو الجود والنعمى الكبار صغارها كأين ترى في البرمكيين من ندى ومن سابقات ما يشق غبارها غدا بنجوم السعد من حل رحله إليك وعزت عصبة أنت جارها عذيري من الأقدار هل عزماتها مخلفتي عن جعفر واقتسارها فعين الأسى مطروفة لفراقه ونفسي إليه ما ينام ادّكارها] [قال أبو بكر الخطيب] «1» : وكان «2» جعفر بن يحيى من علوّ القدر، ونفاذ الأمر، وعظم المحلّ، وجلالة المنزلة عند هارون بحالة انفرد بها ولم يشارك فيها، وكان سمح الأخلاق طلق الوجه، ظاهر البشر.
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৪
وأما جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فكان أشهر من أن يذكر [وأبين من أن يظهر] «1» وكان أيضا من ذوي الفصاحة واللّسن والبلاغة. يقال: إنه وقع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ونظر في جمعيها فلم يخرج بشيء منها عن موجب الفقه. وكان أبوه يحيى بن خالد قد ضمّه إلى أبي يوسف القاضي «2» حتى علّمه وفقّهه. وغضب الرشيد عليه في آخر عمره فقتله «3» ، ونكب البرامكة لأجله. كان «4» أبو علقمة الدمشقي «5» - صاحب الغريب- عند جعفر بن يحيى في بعض لياليه التي يسمر فيها، فأقبلت خنفساءة إلى أبي علقمة فقال: أليس يقال إن الخنفساء إذا أقبلت إلى الرجل أصاب خيرا! قالوا: بلى، قال جعفر بن يحيى: يا غلام، أعطه ألف دينار، قال: فنحوها عنه فعادت إليه، فقال: يا غلام، أعطه ألف دينار، فأعطاه ألفي دينار. خرج «6» عبد الملك بن صالح مشيّعا لجعفر بن يحيى البرمكي، فعرض عليه حاجاته فقال له: قصارى كل مشيّع الرجوع، وأريد أعز الله الأمير أن تكون لي كما قال بطحاء العذري: وكوني على الواشين لدّاء شغبة فإنّي على الواشي ألدّ شغوب فقال جعفر: بل أكون لك كما قال جميل: وإذا الواشي وشى يوما بها نفع الواشي بما جاء يضرّ «7» كان «8» أحمد بن الجنيد الإسكافي أخصّ الناس بجعفر بن يحيى، فكان الناس
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৫
يقصدونه في حوائجهم إلى جعفر، فكثرت رقاع الناس في خف أحمد بن الجنيد، ولم يزل كذلك طلى أن تهيأ له الخلوة بجعفر فقال له: قد كثرت رقاع الناس معي وأشغالك كثيرة، وأنت اليوم خال، فإن رأيت أن تنظر فيها. فقال له جعفر: على أن تقيم عندي اليوم، فقال له أحمد: نعم، فصرف دوابه، فلما تغدّوا جاءه بالرقاع، فقالله جعفر: هذا وقت ذا؟! دعنا اليوم، فأمسك عنه أحمد، وانصرف في ذلك اليوم ولم ينظر في الرقاع. فلما كان بعد أيام خلا به فأذكره «1» الرقاع فقال: نعم، على أن تقيم عندي اليوم، فأقام عنده ففعل به مثل الفعل الأول، حتى فعل به ثلاثا، فلما كان في آخر يوم أذكره فقال: دعني الساعة وناما، فانتبه جعفر قبل أحمد فقال لخادم له: اذهب إلى خف أحمد بن الجنيد فجئني بكل رقعة فيه، وانظر لا تعلم أحمد، فذهب الخادم وجاء بالرقاع، فوقّع جعفر فيها عن آخرها بخطه بما أحب أصحابها ووكّد ذلك، ثم أمر الخادم أن يردّها في الخفّ فردّها، وانتبه أحمد وأخذوا في شأنهم ولم يقل له فيها شيئا، وانصرف أحمد، فركب يعلل أصحاب الرقاع بها أياما، ثم قال لكاتب له: ويلك، هذه الرقاع قد أخلقت في خفي، وهذا- يعني جعفرا- ليس ينظر، فخذها تصفّحها وجدّد ما خلق منها، فأخذها الكاتب فنظر فيها فوجد الرقاع موقعا فيها بمال سأل أهلها وأكثر، فتعجب من كرمه ونبل أخلاقه، وأنه قضى حاجته ولم يعلمه بها، لئلا يظن أنه اعتدّ بها عليه. حدث مهذب حاجب العباس بن محمد، صاحب قطيعة العباس والعباسة «2» قال: نالت العباس إضاقة، وكثر غرماؤه والمطالبون له، فأخرج سفطا فيه جوهر، شراؤه ألف ألف درهم، أعده ذخرا لبناته، فحمله إلى جعفر بن يحيى، فتلقاه جعفر وسط الصحن وجلس بين يديه، فقال له العباس: نالني ما ينال الأحرار من الإضاقة، وهذا سفط شراؤه علي ألف ألف درهم، فأمر بعض تجارك أن يقبضه ويقرضني عليه خمس مئة ألف درهم، فإذا وردت الغلة رددتها إليه، وأخذت السفط، قال: أفعل. وختم السفط ودفعه إلى غلام بين يديه، وأوعز إليه بسرار ثم قال: الحاجة توافيك العشية وتتفضل بالغداء عندي ففعل، فقال
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৬
له: ثيابي لا تصلح على الأمير، وهذه عشرة تخوت «1» ، ومهري لين الركوب، ينصرف الأمير عليه، فانصرف وذلك بين يديه، فوجد السفط في بيته ومعه ألف ألف درهم قد وصله بها جعفر. قال مهذب: فما بات وعليه درهم واحد، فقال لي: نبكّر غدا على الرجل شاكرين له، فبكّرنا فقيل لنا: هو عند أخيه الفضل، فجئنا إلى دار الفضل فقالوا: هما في دار أمير المؤمنين، فصرنا إلى دار أمير المؤمنين، فدخل مولاي فوجدهما في الصحن لم يؤذن لهما، فقال له جعفر: حدثت أخي بقصتك فأمر أن يحمل لك خازنك ألف ألف درهم، وما أشك أنها في دارك، ونحن نكلم أمير المؤمنين أعز الله نصره الساعة في أمرك، فدخلا إلى الخليفة فأمر له بثلاث مئة ألف دينار، فلم يكن في بيت المال منها حاضر إلا مئتي ألف دينار فدفعت إليه، وقيل له اختر أين نسيب لك بهذا المال؟ قال: إلى مصر، فما كانت إلا أيام حتى أنت السفائح «2» من مصر. قال إبراهيم الموصلي «3» : حج الرشيد ومعه جعفر بن يحيى البرمكي وكنت معهم، فلما صرنا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال لي جعفر: انظر لي جارية ولا تتق «4» غاية في حذاقتها بالغناء والضرب، والكمال في الظرف والأدب، وجنبني قولهم صفراء. قال: فأرشدت إلى جارية لرجل فدخلت عليه، فرأيت رسوم النعمة، وأخرجها إلي فلم أر أجمل منها ولا أصبح ولا آدب. قال: ثم تغنت لي أصواتا فأجادتها. قال: فقلت لصاحبها: قل ما شئت. قال: أقول لك قولا لا أنقص منه درهما. قلت: قل. قال: أربعين ألف دينار. قلت: قد أخذتها وأشترط عليك نظرة. قال: ذلك لك. قال: فأتيت جعفر بن يحيى فقلت: قد أصبت حاجتك، على غاية الكمال، والظرف، والأدب، والجمال، ونقاء اللون، وجودة الضرب، والغناء، وقد
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৭
اشترطت نظرة، فاحمل المال ومر بنا، فحملنا المال على حمالين، وجاء جعفر مستخفيا، فدخلنا على الرجل وأخرجها. فلما رآها جعفر أعجب بها، وعرف أن قد صدقته. ثم غنّته فازداد بها عجبا، فقال لي: اقطع أمرها، فقلت لمولاها: هذا المال قد نقدناه ووزناه، فإن قنعت وإلّا فوجّه إلى من شئت لينتقده «1» ، قال: لا بل أقنع بما قلتم، قال: فقالت الجارية: يا مولاي في أي شيء أنت! فقال: قد عرفت ما كنا فيه من النعمة، وما كنت فيه من انبساط اليد، وقد انقبضت عن ذلك لتغير الزمان علينا، فقدرت أن تصيري إلى هذا الملك فتنبسطي في شهواتك ولذاذتك «2» ، فقالت الجارية: والله يا مولاي لو ملكت منك ما ملكت مني ما بعتك بالدنيا وما فيها. وبعد، فاذكر العهد- وقد كان حلف لها أن لا يأكل لها ثمنا- قال فتغرغرت عين المولى وقال: اشهدوا أنها حرة لوجه الله، وأني قد تزوجتها وأمهرتها داري، فقال جعفر: انهض بنا، قال: فدعوت الحمالين ليحملوا المال، فقال جعفر: لا والله لا يصحبنا منه درهم، ثم أقبل على مولاها وقال: هو لك مبارك لك فيه أنفقه عليك وعليها. قال: وقمنا فخرجنا. قال الأصمعي: كنت عند جعفر بن يحيى ودخل عليه رجل فقال: أعذني أيها الأمير. قال: هو ذاك، صاحب شرطتي على الباب. فقال: أعذني أيها الأمير. قال: ويحك، ما أعذتك! قال: على الفقر. قال: نعم، يا غلام، أعطه ألف دينار. ولما «3» غضب على البرامكة وجد في خزانة لجعفر بن يحيى في جرة ألف دينار، في كل دينار مئة دينار، على جانبيها مكتوب: وأصفر من ضرب دار الملوك يلوح على وجهه جعفر يزيد على مئة واحدا متى تعطه معسرا يوسر
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৮
كان «1» جعفر بن يحيى أمر أن تضرب له دنانير، في كل دينار ثلاث مئة مثقال «2» ، وتصور عليها صورة وجهه، فضربت، وبلغ أبا العتاهية فأخذ طبقا فوضع عليه بعض الألطاف ووجّهه إلى جعفر، وكتب إليه رقعة في آخرها «3» : وأصفر من ضرب دار الملوك يلوح على وجهه جعفر ثلاث مئين يكن وزنه متى يلقه معسر ييسر فأمر بقبض ما على الطبق، وصيّر عليه دينارا من تلك الدنانير وردّه إليه. قال الأصمعي: كان رجل له انقطاع إلى جعفر بن يحيى، فعتب على جعفر لجفوة إليه منه، فلزم منزله زمانا لا يأتيه، فمرّ به يوما على ظهر الطريق، فوقف عليه واستبطأه في تأخّره عنه، فعرّفه سبب غيبته وقال له: أيها الوزير، لو أتيناك لما كان عجبا، لعلم الناس بحاجتنا إليك، ولو أتيتنا لكان تفضلا، لعلم الناس بغناك عنا. فاعتذر جعفر، وجعل على نفسه أن لا يغيب عنه أحد من أصحابه أو يتخلف عنه بسبب إلا أتاه. وأقام رجلا يتعرف أخبار المتخلفين عنه، ويعرفه السبب في ذلك، وأجرى عليه الرزق لهذا الباب فقط. حدث «4» جعفر بن يحيى أباه يحيى بن خالد، في بعض ما كان يخبره به من خلواته مع الرشيد، قال له: بأنه أخذ أمير المؤمنين بيدي، ثم أقبل في حجر يخترقها، حتى انتهى إلى حجرة مغلقة ففتحت له، ثم رجع من كان معنا من الخدم، ثم صرنا إلى حجرة مغلقة ففتحها بيده، ودخلنا معا وأغلقها من داخلها بيده، ثم صرنا إلى رواق ففتحه وفي صدره مجلس مغلق، فقعد على باب المجلس ونقر الباب نقرات، فسمعت «5» حسّا، ثم أعاد النّقر فسمعت صوت عود، ثم أعاد النّقر الثالثة فغنت جارية، ما ظننت والله أن الله خلق مثلها في حسن
পৃষ্ঠা - ৩২৫৫৯
الغناء وجودة الضرب، فقال أمير المؤمنين لها: غني صوتي فغنته: ومحبب «1» شهد الزفاف وقبله غنّى الجواري حاسرا ومنقّبا لبس الدلال وقام ينقر دفّه نقرا أقرّ به العيون فأطربا إن النساء رأينه فعشقنه وشكون شدة ما بهنّ فكذّبا «2» قال: فطربت والله طربا هممت معه أن أنطح برأسي الحائط، ثم قال لها: غني صوتي الآخر فغنت: طال تكذيبي وتصديقي لم أجد عهدا لمخلوق إنّ ناسا في الهوى حدّثوا «3» أحدثوا نقض المواثيق «4» «5» قال: فرقص الرشيد ورقصت معه، ثم قال: امض بنا، فإنني أخشى أن يبدو ما هو أكثر من هذا، فمضينا. فلما صرنا في الدهليز قال وهو قابض على يدي: أعرفت هذه المرأة؟ قلت: لا، يا أمير المؤمنين، قال: فإني أعلم أنك ستسأل عنها ولا تكتم ذلك، وأنا أخبرك بها، هي عليّة «6» ، والله إن لفظت به بين يدي أحد وبلغني لأقتلنّك، قال: فقال له أبوه قد والله لفظت به، وو الله ليقتلنك، فاصنع ما أنت صانع. قال أبو قابوس النصراني «7» : دخلت على جعفر بن يحيى البرمكي في يوم بارد، فأصابني البرد فقال: يا غلام، اطرح عليه كساء من أكسية النصارى، فطرح عليّ كساء خزّ قيمته ألف، قال: فانصرفت إلى
পৃষ্ঠা - ৩২৫৬০
منزلي، فأردت أن ألبسه في يوم عيد، فلم أصب له في منزلي ثوبا يشاكله، فقالت لي بنية لي: اكتب إلى الذي وهبه لك حتى يرسل إليك بما يشاكله من الثياب، فكتبت إليه: أبا الفضل لو أبصرتنا يوم عيدنا رأيت مباهاة لنا في الكنائس فلو كان ذلك المطرف الخزّ جبة لباهيت أصحابي بها في المجالس فلا بدّ لي من جبّة من حبابكم ومن طيلسان من جياد الطيالس ومن ثوب قوهي «1» وثوب غلالة ولا بأس إن أتبعت ذاك بخامس إذا تمّت الأثواب في العيد خمسة كفتك فلم تحتج إلى لبس سادس لعمرك ما أفرطت فيما سألته وما كنت إذ «2» أفرطت فيه بآيسوذلك «3» أن الشعر يزداد شدّة إذا ما البلى أبلى جديد الملابس فبعث إليه حين قرأ الشعر بتخوت خمسة، من كل نوع تختا. قال: فو الله ما انقضت الأيام حتى قتل جعفر بن يحيى، وصلب، وحبس الفضل «4» ، فرأينا أبا قابوس قائما تحت جذعه يزمزم، فأخذه صاحب الخبر فأدخله على الرشيد، فقال له: ما كنت قائلا تحت جذع جعفر؟ فقال: أينجيني منك الصدق؟ قال: نعم. قال: ترحمت عليه وقلت في ذلك: أمين الله هب فضل بن يحيى لنفسك أيّها الملك الهمام وما طلبي إليك العفو عنه وقد قعد الوشاة به وقاموا أرى سبب الرّضا فيه قويا على الله الزيادة والتّمام نذرت عليّ منه صيام حول فإن وجب الرّضا وجب الصّيام وهذا جعحفر بالجسر تمحو محاسن وجهه ريح قتام أقول له وقمت لديه نصّا «5» إلى أن كاد يفضحني القيام
পৃষ্ঠা - ৩২৫৬১
أما «1» والله لولا خوف واش وعين للخليفة لا تنام لطفنا حول جذعك واستلمنا كما للنّاس بالرّكن استلام فأطرق هارون مليا ثم قال: رجل أولى جميلا فقال فيه جميلا: يا غلام ناد بأمان أبي قابوس، وألّا يعرض له أحد، ثم قال لحاجبه: إياك أن تحجبه عني صر متى شئت إلينا في مهمك. وقيل: إن هذه الأبيات للرقاشي، وإنه وقف لما صلب جعفر وقال هذه الأبيات، وفي آخرها «2» : فما أبصرت قبلك «3» يابن يحيى حساما فلّه السيف الحسام على اللّذات «4» والدنيا جميعا لدولة آل برمك السلام فقيل ذلك للرشيد، فأحضره وقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: تحركت نعمته في قلبي فلم أصبر، قال: كم كان أعطاك «5» ؟ قال: كان يعطيني في كل سنة ألف دينار. فأمر له بألفي دينار. قال محمد بن عبد الرحمن الهاشمي صاحب صلاة الكوفة «6» : دخلت على أمي في يوم أضحى، وعندها امرأة برزة «7» جلدة في أثواب دنسة رثّة، فقالت لي: أتعرف هذه؟ قلت: لا. قالت: هذه عبادة أم جعفر بن يحيى؛ فسلّمت عليها ورحبت بها، وقلت لها: يا فلانة، حدثيني ببعض أمركم، قالت: أذكر لك جملة كافية فيها اعتبار لمن اعتبر، وموعظة لمن فكر، لقد هجم عليّ مثل هذا العيد وعلى رأسي أربع مئة
পৃষ্ঠা - ৩২৫৬২
[جارية و] «1» وصيفة، وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاقّ بي، وقد أتيتكم في هذا اليوم والذي يقنعني جلدا شاتين، أجعل أحدهما شعارا والآخر دثارا. قال ثمامة بن أشرس «2» : بت ليلة عند جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، فانتبهت ببكائه فقلت: ما يبكيك، لا أبكى الله عينيك؟ قال: رأيت في منامي كأن شيخا قد أتاني، فأخذ بعضادتي باب البيت الذي أنا فيه فقال: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا أنيس ولم يسمر بمكّة سامر فقلت مجيبا له: بلى نحن كنّا أهلها وأبادنا صروف اللّيالي والجدود العواثر قال: فلما رأيته على هذه الحال انصرفت إلى منزلي، فلما أصبحت غدوت إلى دار السلطان فإذا بجثته عند الجسر، وإذا خلق كثير حولها. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: وجه السلطان إلى جعفر بن يحيى في الليل من ضرب عنقه، وقد أمر بصلبه. فمضيت لحاجتي ورجعت، فإذا هو مصلوب فقلت: في آل برمك للورى عظة لو كان يعمل فيهم الفكر منحتهم الدّنيا خزائنها واختصّهم بصفائه الدّهر حتّى إذا بلغوا السّها شرفا حقّا وقصّر عنهم الفخر عزّ الزّمان بهم فجعفرهم بعد الحجاب محلّه الجسر! وتمزّقوا من بين مصطلم ومكبّل قد ضمّه الأسرقال إسحاق الموصلي «3» : قال لي الرشيد بعد قتل جعفر وصلبه: اخرج بنا لننظر إلى جعفر فلما وصل إليه جعل ينظره ويتأمله، وأنشأ يقول: تقاضاك دهرك ما أسلفا وكدّر عيشك بعد الصّفا
পৃষ্ঠা - ৩২৫৬৩
فلا تعّجبنّ فإنّ الزّمان رهين بتفريق ما ألّفا قال: فنظرت إليه ثم قلت: إن كنت يا جعفر أصبحت آية، فلقد كنت في الجود «1» غاية، قال: فنظر إليّ الرشيد كالجمل الصّؤول «2» وهو مغضب وأنشأ يقول: ما يعجب العالم من جعفر ما عاينوه فبنا كانا من جعفر أو من أبوه ومن كانت بنو برمك لولانا؟! ثم حوّل وجه فرسه وانصرف. ولما «3» بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر بن يحيى وما نزل بالبرامكة، حوّل وجهه إلى الكعبة وقال: اللهم، إنه قد كان كفاني مؤنة الدنيا، فاكفه مؤنة الآخرة. قال الأصمعي «4» : كنت أجالس الرشيد وأسامره، فوجه إليّ ليلة في ساعة يرتاب فيها البريء، فتناولت أهبة الدخول عليه فمنعت من ذلك وأعجلت، فدخلني من ذلك رعب شديد وخوف، وجعلت أتذكر ذنبا فلا أجده، وجعلت نفسي تظن الظنون. فلما دخلت عليه سلّمت ومثلت بين يديه قائما وهو مطرق، فرفع رأسه إلي، فلما رآني أمرني بالجلوس، فجلست، فقال: يا عبد الملك، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لو أنّ جعفر خاف أسباب الرّدى «5» لنجا بمهجته طمرّ «6» ملجم «7» ولكان من حذر المنون «8» بحيث لا يرجو اللحاق به الغراب «9» القشعم «10»
পৃষ্ঠা - ৩২৫৬৪
لكنّه لما تقارب «1» يومه لم يدفع الحدثان عنه منجّم وكان بين يديه طست مغطى بمنديل، فأمر بكشفه فكشف، فإذا رأس جعفر بن يحيى البرمكي، ثم قال: الحق بأهلك يابن قريب، فنهضت ولم أحر جوابا للرعب. فلما أفرخ روعي فكرت في ذلك، فوجدته أحبّ أن يعلمني مكره ونكره ودهاءه ليتحدث به عنه. قال الأصمعي: فخرجت وأنا أقول: أيّها المغرور هل لك عبرة في آل برمك عبرة لم ترها أنت ولا قبل آت لك قتل جعفر بن يحيى في صفر سنة سبع وثمانين ومئة، وهو ابن سبع وثلاثين سنة «2» . وكانت الوزارة إليهم سبع عشرة سنة «3» .