حرف الميم
محمد بن محمد أبو حامد الطوسي المعروف بالغزالي الفقيه الشافعي
পৃষ্ঠা - ২৫৬৬৭
من سنة ثلاث وستين وأربعمائة بصور وكان قد أقام (1) بدمشق (2) وحدث بها عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري ولم يكن له بما رواه عن أبي عبد الرحمن كتاب صحيح (3) أنكر ذلك الإمام أبو بكر الخطيب رحمه الله 6964 - محمد بن محمد أبو حامد الطوسي المعروف بالغزالي الفقيه الشافعي (4) كان إماما في علم الفقه مذهبا وخلافا وفي أصول الديانات والفقه وسمع صحيح البخاري من أبي سهل محمد بن عبيد الله الحفصي وولي التدريس بالمدرسة النظامية (5) ببغداد ثم خرج إلى الشام زائرا لبيت المقدس فقدم دمشق سنة تسع وثمانين وأربعمائة وأقام بها مدة وبلغني أنه صنف بها بعض مصنفاته ثم رجع إلى بغداد ومضى إلى خراسان ودرس مدة بطوس ثم ترك التدريس والمناظرة واشتغل بالعبادة أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في تذييله تاريخ نيسابور قال (6) محمد بن محمد بن محمد أبو (7) حامد الغزالي الطوسي حجة الإسلام والمسلمين إمام أئمة الدين من لم تر العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء (8) وطبعا شدا طرفا في صباه بطوس من الفقه على الإمام الراذكاني ثم قدم نيسابور مختلفا إلى درس إمام الحرمين وجد واجتهد تخرج في مدة قريبة وبذ الأقران وحمل القرآن وصار أنظر أهل زمانه وواحد أقرانه في أيام إمام الحرمين وكان الطلبة يستفيدون منه ويدرس لهم ويرشدهم ويجتهد في نفسه ويبلغ الأمر به إلى أن أخذ في التصنيف وكان الإمام مع علو
_________
(1) كذا بالاصل وفي " ز ": قدم
(2) من هنا
إلى قوله: بن عثمان مكرر بالاصل
(3) وضعت فوقها إشارة تشير إلى الهامش في " ز " وكتب على هامشها: " البخاري " وكتب بعدها صح
(4) ترجمته في وفيات لااعيان 4 / 216 وتبيين كذب المفتري ص 291 والكامل لابن الاثير (الفهارس)
البداية والنهاية (الفهارس) سير أعلام النبلاء 19 / 322 والوافي بالوفيات 1 / 274 الطبقات الكبرى للسبكي 6 / 191 العبر 4 / 10 شذرات الذهب 4 / 10 والمنتظم 9 / 168
(5) تحرفت في الاصل إلى: الناظمية
(6) راجع المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور ص 73 - 74 رقم 161
(7) بالاصل: " ابن " وفي " ز ": " محمد بن محمد أبو حامد " والتصويب عن المنتخب من السياق
(8) في المنتخب من السياق: وذكرا
পৃষ্ঠা - ২৫৬৬৮
درجته لا يصفي نظره إلى الغزالي سترا (1) لإنافته عليه في سرعة (2) العبادة وقوة الطبع ولا يطيب له تصديه للتصانيف وإن كان منتسبا إليه كما لا يخفي من طباع البشر لكنه يظهر التبجح به والاعتداد بمكانه ظاهرا خلاف ما يضمره (3) ثم بقي كذلك إلى انقضاء أيام الإمام فخرج من نيسابور وصار إلى المعسكر واحتل من مجلس نظام الملك محل القبول وأقبل عليه الصاحب لعلو درجته وظهور اسمه وحسن مناظرته وجري عبارته وكانت تلك الحضرة محط (4) رحال العلماء ومقصد الأئمة والفصحاء (5) فوقعت للغزالي اتفاقات حسنة من الاحتكاك بالأئمة وملاقاة الخصوم اللد ومناظرة الفحول ومناقرة الكبار فظهر اسمه في الآفاق وارتفق بذلك أكمل الارتفاق حتى أدت الحال به إلى أن رسم للمصير إلى بغداد للقيام بالتدريس بالمدرسة الميمونية النظامية بها فصار إليها وأعجب الكل بتدريسه ومناظرته وما لقي مثل نفسه وصار بعد إمامة خراسان إمام العراق ثم نظر في علم الأصول وكان قد أحكمها فصنف فيها تصانيف وحرر (6) المذهب في الفقه فصنف فيه تصانيف وسبك الخلاف فحرر فيه أيضا تصانيف وعلت حشمته ودرجته في بغداد حتى كان يغلب حشمة الأكابر والأمراء ودار الخلافة فانقلب الأمر من وجه آخر وظهر عليه بعد مطالعة العلوم الدقيقة وممارسة الكتب المصنفة فيها طريق التزهد والتأله وترك الحشمة وطرح ما نال من الدرجة والاشتغال بأسباب التقوى وزاد الآخرة فخرج عما كان فيه وقصد بيت الله تعالى وحج ثم دخل الشام وأقام في تلك الديار قريبا من عشر سنين يطوف ويزور المشاهد المعظمة وأخذ في التصانيف المشهورة التي لم يسبق إليها مثل " إحياء علوم الدين " والكتب المختصرة مثل " الأربعين " وغيرها من التي من تأملها علم محل الرجل من فنون العلم وأخذ في مجاهدة النفس وتغيير الأخلاق وتحسين الشمائل وتهذيب المعاش فانقلب شيطان الرعونة وطلب الرياسة والجاه والتخلق بالأخلاق الذميمة (7) إلى سكون النفس وكرم الأخلاق والفراغ عن االرسوم والترغيبات والتزيي بزي الصالحين وقصر الأمل
_________
(1) تقرأ بالاصل و " ز ": " سرا " والمثبت عن المختصر
(2) بالاصل: " وسرعة العبادة " والمثبت عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل إلى: " يضره " والمثبت عن " ز "
(4) تحرفت في المختصر إلى: محل
(5) في " ز ": والعظماء
(6) من هنا إلى قوله: وسبك سقط من " ز "
(7) كذا بالاصل وفي " ز ": الاخلاق العظيمة
পৃষ্ঠা - ২৫৬৬৯
ووقف الأوقاف على هداية الخلق ودعا بهم إلى ما يعينهم من أمر الآخرة وتبغيض الدنيا والاشتغال بها على السالكين والاستعداد للرحيل في الدار الباقية والانقياد لكل من يتوسم فيه أو يشم فيه رائحة المعرفة أو التيقظ لشئ من أنوار المشاهدة حتى مرن على ذلك ولان ثم عاد إلى وطنه لازما بيته مشتغلا بالتفكر ملازما للوقت مقصودا نفيسا وذخرا (1) للقلوب ولكل من يقصده ويدخل عليه إلى أن أتى على ذلك مدة وظهرت التصانيف وفشت الكتب ولم يبد في أيامه مناقضة لما كان فيه ولا اعتراض على أحد على ما ا
(2) حتى انتهت نوبة الوزارة إلى الأجل فخر الملك جمال الشهداء تغمده الله برحمته وتزينت خراسان بحشمته ودولته وقد سمع وتحقق بمكان الغزالي ودرجته وكمال فضله وحالته وصفاء عقيدته ونقاء سريرته فتبرك به وحضره وسمع كلامه فاستدعى منه أن لا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة لا استفادة (3) منها ولا اقتباس من أنوارها وألح عليه كل الإلحاح وتشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج وحمل (4) إلى نيسابور وكان الليث غائبا عن عرينه والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه فاشتد عليه في التدريس في المدرسة الميمونة النظامية عمرها الله فلم يجد بدا من الإذعان للولاة ونوى (5) إظهار ما اشتغل به هداية الشداة (6) وإفادة القاصدين دون الرجوع إلى ما انخلع عنه وتحرز عن رقة من طلب الجاه ومماراة الأقران ومكابدة المعاندين وكم قرع عصاه بالخلاف والوقوع فيه والطعن فيما يذره ويأتيه والسعاية به والتشنيع عليه فما تأثر به ولا اشتغل بجواب الطاعنين ولا أظهر استيحاشا بغميزة المخلطين ولقد (7) زرته مرارا وما كنت أحدس (8) في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة (9) والجأش البأس والنظر إليهم بعين الازدراء والاستخفاف بهم كبرا وخيلاء واغترارا (10) بما رزق من البسطة في النطق والخاطر
_________
(1) عن " ز " وبالاصل: ودخر
(2) كذا لم يكتب من الكلمة في الاصل و " ز " إلا حرف الالف وبعده بياض فيهما
(3) بالاصل: " لاستفادة " والمثبت عن " ز "
(4) في " ز ": وعمل
(5) في " ز ": ويرى
(6) كذا بالاصل و " ز " وكتب فوقها في " ز ": ضبة
(7) من هنا الخبر في سير أعلام النبلاء 19 / 324
(8) بالاصل: " أحدث " والمثبت عن " ز " وسير الاعلام
(9) بالاصل و " ز ": " الذعارة " والمثبت عن سير أعلام النبلاء بتشديد الراء وبتخفيف الراء التراسة (القاموس)
(10) كذا بالاصل و " ز " وفي سير أعلام النبلاء: واعتزازا
পৃষ্ঠা - ২৫৬৭০
والعبارة وطلب الجاه والعلو في المنزلة أنه صار على الضد (1) وتصفى عن تلك الكدورات وكنت أظن أنه متلفع بجلباب التكلف متنمس بما صار إليه فتحققت بعد السبر والتقتير أن الأمر على خلاف المظنون وأن الرجل أفاق (2) بعد الجنون وحكى لنا في ليال له فيه أحواله من ابتداء ما ظهر له سلوكه طريق التأله وغلبة الحال عليه بعد تبحره في العلوم واستطالته على الكل بكلامه والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم وتمكنه في البحث والنظر حتى تبرم من الاشتغال بالعلوم العرية (3) عن المعاملة وتفكر في العاقبة وما يجري وينفع في الآخرة فابتدأ بصحبة الفارمذي (4) وأخذ منه استفتاح الطريقة وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات والإمعان في النوافل واستدامة الأذكار والجد والاجتهاد طلبا للنجاة إلى أن جاز تلك العقاب وتكلف تلك المشاق وما يحصل على ما كان يطلبه من مقصود ثم حكى أنه راجع العلوم وخاض في الفنون وعاود الجد والاجتهاد في كتب العلوم الدقيقة والتقى بأربابها حتى انفتح له أبوابها وبقي مدة في الوقائع وتكافؤ الأدلة وأطراف المسائل ثم حكى أنه فتح عليه باب من الخوف بحيث شغله عن كل شئ وحمله عن الإعراض عما سواه حتى سهل ذلك وهكذا هكذا إلى أن ارتاض كل الرياضة وظهرت له الحقائق وصار ما كان نظن به ناموسا وتخلقا طبعا وتحققا وإن ذلك أثر السعادة المقدرة له من الله ثم سألناه عن كيفية ترعيته والخروج من بيته والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور فقال معتذرا عنه ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة ومنفعة الطالبين بالإفادة وقد حق (5) علي أن أبوح بالحق وأنطق به وأدعو إليه وكان صادقا في ذلك ثم ترك ذلك قبل أن يترك وعاد إلى بيته واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم وخانقاه للصوفية وكان قد وزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والعقود للتدريس بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة إلى أن أصابه غير وضن الأيام به على أهل عصره فنقله الله إلى كريم جواره بعد مقاساة أنواع من القصد والمناوأة من الخصوم والسعي به إلى
_________
(1) بالاصل: " الصدق " والمثبت عن " ز " وسير أعلام النبلاء
(2) بالاصل: فاق والمثبت عن " ز " وسير أعلام النبلاء
(3) تحرفت في " ز " إلى: العربية
(4) هو أبو علي الفضل بن محمد بن علي الفارمذي لسان خراسان وشيخها وهذه النسبة إلى فارمذ قرية من قرى طوس كما في الانساب
(5) في سير أعلام النبلاء: خف