ثم دخلت سنة اثنتين وستين وأربعمائة
পৃষ্ঠা - ৯৯৪৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَمِنَ الْحَوَادِثِ فِيهَا: أَنَّهُ كَانَ عَلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَهُوَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ آذَارَ كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِالرَّمْلَةِ وَأَعْمَالِهَا فَذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَانْهَدَمَ سُورُهَا، وَعَمَّ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَتِنِّيسَ وَانْخَسَفَتْ أَيْلَةُ وَانْجَفَلَ الْبَحْرُ حَتَّى انْكَشَفَتْ أَرْضُهُ وَمَشَى نَاسٌ فِيهِ ثُمَّ عَادَ، وَتَغَيَّرَتْ إِحْدَى زَوَايَا جَامِعِ مِصْرَ، وَتَبِعَتْ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ فِي سَاعَتِهَا زَلْزَلَتَانِ أُخْرَيَانِ.
وَفِيهَا تَوَجَّهُ مَلِكُ الرُّومِ مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى الشَّامِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ فَنَزَلَ عَلَى مَنْبِجَ، وَأَحْرَقَ الْقُرَى مَا بَيْنَ مَنْبِجَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ، وَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ بِحَلَبَ وَغَيْرِهَا مِنْهُ فَزَعًا عَظِيمًا، فَأَقَامَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْمِيرَةِ وَهَلَاكِ أَكْثَرِ جَيْشِهِ بِالْجُوعِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا ضَاقَتْ يَدُ أَمِيرِ مَكَّةَ فَأَخَذَ الذَّهَبَ مِنْ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْمِيزَابِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ، فَضَرَبَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ بِالْقَنَادِيلِ
পৃষ্ঠা - ৯৯৪৮
الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَقَحْطٌ عَظِيمٌ بِدِيَارِ مِصْرَ، بِحَيْثُ أَنَّهُمْ أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَاتِ وَالْكِلَابِ، فَكَانَ يُبَاعُ الْكَلْبُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ، وَمَاتَتِ الْفِيَلَةُ فَأُكِلَتْ، وَأُفْنِيَتِ الدَّوَابُّ فَلَمْ يَبْقَ لِصَاحِبِ مِصْرَ سِوَى ثَلَاثَةِ أَفْرَاسٍ ; بَعْدَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْهَا، وَنَزَلَ الْوَزِيرُ يَوْمًا عَنْ بَغْلَتِهِ فَغَفَلَ الْغُلَامُ عَنْهَا لِضَعْفِهِ مِنَ الْجُوعِ، فَأَخَذَهَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَذَبَحُوهَا وَأَكَلُوهَا، فَأُخِذُوا فَصُلِبُوا فَأَصْبَحُوا، فَإِذَا عِظَامُهُمْ بَادِيَةٌ ; قَدْ أَكَلَ النَّاسُ لُحُومَهُمْ. وَظُهِرَ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ وَالنِّسَاءَ وَيَدْفِنُ رُءُوسَهُمْ وَأَطْرَافَهُمْ وَيَبِيعُ لُحُومَهُمْ فَقُتِلَ. وَكَانَتِ الْأَعْرَابُ يَقْدَمُونَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُونَهُ فِي ظَاهِرِ الْبَلَدِ، لَا يَتَجَاسَرُونَ يَدْخُلُونَ ; لِئَلَّا يُخْطَفَ وَيُنْهَبَ مِنْهُمْ، وَكَانَ لَا يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْفِنَ مَيِّتَهُ نَهَارًا، وَإِنَّمَا يَدْفِنُهُ لَيْلًا خُفْيَةً ; لِئَلَّا يُنْبَشَ فَيُؤْكَلَ. وَاحْتَاجَ صَاحِبُ مِصْرَ حَتَّى بَاعَ أَشْيَاءَ مِنْ نَفَائِسِ مَا عِنْدَهُ ; مِنْ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْعٍ وَعِشْرُونَ أَلْفَ سَيْفٍ مُحَلًّى، وَثَمَانُونَ أَلْفَ قِطْعَةِ بِلَّوْرَ كِبَارٌ، وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفَ قِطْعَةٍ مِنَ الدِّيبَاجِ الْقَدِيمِ، وَبِيعَتْ ثِيَابُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَسَجْفُ الْمُهُودِ بِأَرْخَصِ الْأَثْمَانِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْلَاكُ وَغَيْرُهَا، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ هَذِهِ النَّفَائِسِ الْخَلِيفِيَّةِ مِمَّا نُهِبَ مِنْ بَغْدَادَ فِي أَيَّامِ الْبَسَاسِيرِيِّ.
وَفِيهَا وَرَدَتِ الْخَدَمُ وَالتُّحَفُ وَالْهَدَايَا مِنَ الْمَلِكِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ. وَفِيهَا ضُرِبَ اسْمُ وَلِيِّ الْعَهْدِ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَسُمِّيَ الْأَمِيرِيَّ، وَمُنِعَ التَّعَامُلُ بِغَيْرِهَا.
وَفِيهَا وَرَدَ كِتَابُ صَاحِبِ مَكَّةَ إِلَى الْمَلِكِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ وَهُوَ بِخُرَاسَانَ يُخْبِرُهُ
পৃষ্ঠা - ৯৯৪৯
بِإِقَامَةِ الْخُطْبَةِ بِمَكَّةَ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلِلسُّلْطَانِ بِمَكَّةَ، وَقَطْعِ الْخُطْبَةِ لِلْمِصْرِيِّينَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَخِلْعَةً سَنِيَّةً، وَأَجْرَى لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ.
وَفِيهَا تَزَوَّجَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ جَهِيرٍ بِابْنَةِ نِظَامِ الْمُلْكِ بِالرَّيِّ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو الْغَنَائِمِ الْعَلَوِيُّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْمَشَاهِيرِ:
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَارِّي أَبُو الْجَوَائِزِ الْوَاسِطِيُّ سَكَنَ بَغْدَادَ دَهْرًا طَوِيلًا، وَكَانَ أَدِيبًا شَاعِرًا ظَرِيفًا وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ مِائَةٍ وَعَشْرِ سِنِينَ وَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
وَا حَزَنِي مِنْ قَوْلِهَا ... خَانَ عُهُودِي وَلَهَا
وَحَقِّ مَنْ صَيَّرَنِي ... وَقْفًا عَلَيْهَا وَلَهَا
مَا خَطَرَتْ بِخَاطِرِي ... إِلَّا كَسَتْنِي وَلَهَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بِشْرَانَ النَّحْوِيُّ الْوَاسِطِيُّ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِالْأَدَبِ وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ فِي اللُّغَةِ وَلَهُ
পৃষ্ঠা - ৯৯৫০
شِعْرٌ حَسَنٌ فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَا شَائِدًا لِلْقُصُورِ مَهْلًا ... أَقْصِرْ فَقَصْرُ الْفَتَى الْمَمَاتُ
لَمْ يَجْتَمِعْ شَمْلُ أَهْلِ قَصْرٍ ... إِلَّا وَقُصْرَاهُمُ الشَّتَاتُ
وَإِنَّمَا الْعَيْشُ مِثْلُ ظِلٍّ ... مُنْتَقِلٍ مَا لَهُ ثَبَاتُ
وَقَوْلُهُ:
وَدَّعْتُهُمْ وَلِيَ الدُّنْيَا مُوَدِّعَةٌ ... وَرُحْتُ مَا لِي سِوَى ذِكْرَاهُمُ وَطَرُ
وَقُلْتُ يَا لَذَّتِي بِينِي لِبَيْنِهِمُ ... فَإِنَّ صَفْوَ حَيَاتِي بَعْدَهُمْ كَدَرُ
لَوْلَا تَعَلُّلُ قَلْبِي بِالرَّجَاءِ لَهُمْ ... أَلْفَيْتُهُ إِنْ حَدَوْا بِالْعِيسِ يَنْفَطِرُ
يَا لَيْتَ عِيسَهُمُ يَوْمَ النَّوَى نُحِرَتْ ... أَوْ لَيْتَهَا لِلضَّوَارِي بِالْفَلَا جَزَرُ
يَا سَاعَةَ الْبَيْنِ أَنْتِ السَّاعَةُ اقْتَرَبَتْ ... يَا لَوْعَةَ الْبَيْنِ أَنْتِ النَّارُ تَسْتَعِرُ
وَقَوْلُهُ:
طَلَبْتُ صَدِيقًا فِي الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا ... فَأَعْيَا طِلَابِي أَنْ أُصِيبَ صَدِيقَا
بَلَى مَنْ تَسَمَّى بِالصَّدِيقِ مَجَازَةً ... وَلَمْ يَكُ فِي مَعْنَى الْوِدَادِ صَدُوقَا
فَطَلَّقْتُ وُدَّ الْعَالَمِينَ صَرِيمَةً ... وَأَصْبَحْتُ مِنْ أَسْرِ الْحِفَاظِ طَلِيقَا