আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة إحدى وستين وأربعمائة

পৃষ্ঠা - ৯৯৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ حَرِيقُ جَامِعِ دِمَشْقَ وَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ غِلْمَانَ الْفَاطِمِيِّينَ وَالْعَبَّاسِيِّينَ اخْتَصَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأُلْقِيَتْ نَارٌ بِدَارِ الْمُلْكِ - وَهِيَ الْخَضْرَاءُ الْمُتَاخِمَةُ لِلْجَامِعِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ - فَاحْتَرَقَتْ، وَسَرَى حَرِيقُهَا إِلَى الْجَامِعِ فَسَقَطَتْ سُقُوفُهُ وَتَنَاثَرَتْ فُصُوصُهُ الْمُذَهَّبَةُ الَّتِي عَلَى جُدْرَانِهِ، وَتَقَلَّعَتِ الْفُسَيْفِسَاءُ الَّتِي كَانَتْ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى جُدْرَانِهِ، وَتَغَيَّرَتْ مَعَالِمُهُ وَمَحَاسِنُةُ وَتَبَدَّلَتْ بَهْجَتُهُ بِضِدِّهَا، وَقَدْ كَانَتْ سُقُوفُهُ مُذَهَّبَةً مُبَطَّنَةً كُلُّهَا وَالْجَمَلُونَاتُ مِنْ فَوْقِهَا، وَجُدْرَانُهُ بِالْفُصُوصِ الْمُذَهَّبَةِ الْمُلَوَّنَةِ، مُصَوَّرٌ فِيهَا جَمِيعُ بِلَادِ الدُّنْيَا ; الْكَعْبَةُ وَمَكَّةُ فِي الْمِحْرَابِ، وَالْبِلَادُ كُلُّهَا شَرْقًا وَغَرْبًا، كُلٌّ فِي مَكَانِهِ اللَّائِقِ بِهِ وَمُصَوَّرٌ فِيهِ كُلُّ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ وَغَيْرِ مُثْمِرَةٍ مُشَكَّلٌ مُصَوَّرٌ فِي بُلْدَانِهِ وَأَوْطَانِهِ، وَالسُّتُورُ مُرْخَاةٌ عَلَى أَبْوَابِهِ النَّافِذَةِ إِلَى الصَّحْنِ وَعَلَى أُصُولِ الْحِيطَانِ إِلَى مِقْدَارِ الثُّلُثِ مِنْهَا وَبَاقِي الْجُدْرَانِ بِالْفُصُوصِ الْمُلَوَّنَةِ، وَأَرْضُهُ كُلُّهَا بِالْفُصُوصِ ; الرُّخَامِ وَالْفُسَيْفِسَاءِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا بِنَاءٌ أَحْسَنُ مِنْهُ، لَا قُصُورُ الْمُلُوكِ وَلَا دُورُ الْخِلَافَةِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ هَذَا الْحَرِيقُ فِيهِ تَبَدَّلَ الْحَالُ الْكَامِلُ بِضِدِّهِ، وَصَارَتْ أَرْضُهُ طِينًا فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، وَغُبَارًا فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، مَحْفُورَةً
পৃষ্ঠা - ৯৯৪৫
مَهْجُورَةً، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بُلِّطَ أَرْضُهُ فِي زَمَنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، بَعْدَ السِّتِّمِائَةِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ جَمِيعُ مَا سَقَطَ مِنْهُ مِنَ الرُّخَامِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَخْشَابِ مُودَعًا فِي الْمَشَاهِدِ الْأَرْبَعَةِ، شَرْقِيَّةً وَغَرْبِيَّةً، حَتَّى فَرَّغَهَا مِنْ ذَلِكَ الْقَاضِي كَمَالُ الدِّينِ الشَّهْرُزُورِيُّ، فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي حِينَ وَلَّاهُ نَظَرَهُ مَعَ الْقَضَاءِ وَنَظَرَ الْأَوْقَافِ كُلِّهَا، وَنَظَرَ دَارِ الضَّرْبِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ تَزَلِ الْمُلُوكُ تُجَدِّدُ فِي مَحَاسِنِهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا، فَتَقَارَبَ حَالُهُ فِي زَمَنِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِرِيِّ نَائِبِ الشَّامِ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ أَرَّخَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظَمِ هَذَا الْحَرِيقَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي تَارِيخِهِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي أَيْضًا فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَشَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ فِي تَارِيخِهِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهَا نَقَمَتِ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْوَفَا بْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ مِنْ كُبَرَائِهِمْ بِتَرَدُّدِهِ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُعْتَزِلِيِّ وَاتَّهَمُوهُ بِالِاعْتِزَالِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ إِلَّا لِيُحِيطَ عِلْمًا بِمَذْهَبِهِ، وَلَكِنْ سَرَقَهُ الْهَوَى وَصَارَتْ فِيهِ نَزْعَةٌ مِنْهُ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ طَوِيلَةٌ وَتَأَذَّى بِسَبَبِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَمَا سَكَنَتِ الْفِتْنَةُ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ثُمَّ اصْطَلَحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ اخْتِصَامٍ كَثِيرٍ. وَفِيهَا زَادَتْ دِجْلَةُ عَلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا حَتَّى دَخَلَتْ مَشْهَدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَشْهَدَ النُّذُورِ. وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْأَفْشِينَ دَخَلَ بِلَادَ الرُّومِ حَتَّى
পৃষ্ঠা - ৯৯৪৬
انْتَهَى إِلَى عَمُّورِيَةَ فَقَتَلَ خَلْقًا وَغَنِمَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً. وَفِيهَا كَانَ رُخْصٌ عَظِيمٌ فِي الْكُوفَةِ حَتَّى بِيعَ السَّمَكُ كُلُّ أَرْبَعِينَ رِطْلًا بِحَبَّةٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو الْغَنَائِمِ الْعَلَوِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْفُورَانِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فُورَانَ الْفُورَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ مُصَنِّفُ " الْإِبَانَةِ "، الَّتِي فِيهَا مِنَ النُّقُولِ الْغَرِيبَةِ، وَالْأَقْوَالِ وَالْأَوْجُهِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيهَا، كَانَ بَصِيرًا بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ وَحَضَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عِنْدَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَصَارَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ فَهُوَ يُخَطِّئُهُ كَثِيرًا فِي " النِّهَايَةِ ". قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: فَمَتَى قَالَ فِي " النِّهَايَةِ " وَقَالَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ: كَذَا وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ. وَشَرَعَ فِي الْوُقُوعِ فِيهِ فَمُرَادُهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْفُورَانِيُّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِمَرْوٍ، عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَقَدْ كَتَبَ تِلْمِيذُهُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَأْمُونِ الْمَعَرِّيُّ - الْمُدَرِّسُ بِالنِّظَامِيَّةِ بَعْدَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَبْلَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا - كِتَابًا عَلَى " الْإِبَانَةِ "، فَسَمَّاهُ " تَتِمَّةَ الْإِبَانَةِ " انْتَهَى فِيهِ إِلَى كِتَابِ الْحُدُودِ، وَمَاتَ قَبْلَ إِتْمَامِهِ فَتَمَّمَهُ أَسْعَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَمْ يَلْحَقُوا شَأْوَهُ، وَسَمَّوهُ: " تَتِمَّةَ التَّتِمَّةِ " رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.