ثم دخلت سنة ست وعشرين وأربعمائة
ما وقع فيها من الأحداث
من توفي فيها من الأعيان
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ كَثُرَ تَرَدُّدُ الْأَعْرَابِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ إِلَى حَوَاشِي بَغْدَادَ وَمَا حَوْلَهَا، بِحَيْثُ كَانُوا يَسْتَلِبُونَ مَا عَلَى النِّسَاءِ، وَمَنْ أَسَرُوهُ أَخَذُوا مَا مَعَهُ وَطَالَبُوهُ بِفِدَاءِ نَفْسِهِ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَادَ، وَكَثُرَتْ شُرُورُهُمْ وَإِفْسَادُهُمْ.
وَفِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ زَادَتْ دِجْلَةُ بِحَيْثُ ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى الضَّيَاعِ ذِرَاعَيْنِ، وَسَقَطَ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ نَحْوٌ مَنْ أَلْفَيْ دَارٍ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ فَتْحًا عَظِيمًا فِي الْهِنْدِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَأَسَرَ تِسْعِينَ أَلْفًا، وَغَنِمَ شَيْئًا كَثِيرًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ أَهْلِ بَغْدَادَ وَالْعَيَّارِينَ، وَوَقَعَ حَرِيقٌ كَثِيرٌ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فِي هَذَا الْعَامِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৮
أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاعِرُ
أَحَدُ مَنْ هَلَكَ بِالْعِشْقِ، رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " بِسَنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيِّ بِسَنَدِهِ: أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ كُلَيْبٍ هَذَا الْمِسْكِينَ الْعَثَرِيَّ تَعَشَّقَ شَابًّا يُقَالُ لَهُ: أَسْلَمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، مِنْ بَنِي خَالِدٍ، وَكَانَ فِيهِمْ وِزَارَةٌ وَحِجَابَةٌ، فَأَنْشَدَ فِيهِ أَشْعَارًا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَا، وَكَانَ أَسْلَمُ هَذَا يَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي مَجَالِسِ الْمَشَايِخِ، فَاسْتَحْيَا مِنَ النَّاسِ وَانْقَطَعَ فِي دَارِهِ، فَلَا يَجْتَمِعُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَازْدَادَ غَرَامُ ابْنِ كُلَيْبٍ بِهِ حَتَّى مَرِضَ مِنْ ذَلِكَ مَرَضًا شَدِيدًا، عَادَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ عَادَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَرَضِهِ فَقَالَ: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ دَائِي وَدَوَائِي، لَوْ زَارَنِي أَسْلَمُ، وَنَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةً، وَنَظَرْتُهُ نَظْرَةً وَاحِدَةً بَرِئْتُ، وَإِلَّا فَأَنَا هَالِكٌ. فَرَأَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَزُورَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً مُخْتَفِيًا، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَا دَرْبَهُ تَغَيَّرَ الْغُلَامُ وَاسْتَحْيَا مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ جِدًّا،
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৯
وَرَجَعَ، فَحَرَصَ بِهِ الرَّجُلُ كُلَّ الْحِرْصِ لِيُدْخِلَهُ عَلَيْهِ، فَأَبَى وَانْصَرَفَ، فَدَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى ابْنِ كُلَيْبٍ، فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَقَدْ كَانَ غُلَامُهُ دَخَلَ إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ بِقُدُومِ أَسْلَمَ عَلَيْهِ، فَفَرِحَ جِدًّا، فَلَمَّا تَحَقَّقَ رُجُوعَهُ اخْتَلَطَ كَلَامُهُ وَاضْطَرَبَ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: اسْمَعْ يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ مِنِّي وَاحْفَظْ عَنِّي. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
أَسْلَمُ يَا رَاحَةَ الْعَلِيلِ ... رَفْقًا عَلَى الْهَائِمِ النَّحِيلِ
وَصْلُكَ أَشْهَى إِلَى فُؤَادِي ... مِنْ رَحْمَةِ الْخَالِقِ الْجَلِيلِ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: اتَّقِ اللَّهَ، مَا هَذِهِ الْعَظِيمَةُ؟! فَقَالَ: قَدْ كَانَ. فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ، فَمَا تَوَسَّطَ الدَّرْبَ حَتَّى سَمِعَ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَهَذِهِ زَلَّةٌ شَنْعَاءُ، وَعَظِيمَةٌ صَلْعَاءُ، وَدَاهِيَةٌ دَهْيَاءُ، وَلَوْلَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ ذَكَرُوهَا مَا ذَكَرْتُهَا، وَلَكِنَّ فِيهَا عِبْرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَتَنْبِيهٌ لِذَوِي الْعُقُولِ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَحْمَتَهُ وَلُطْفَهُ بِهِمْ أَنْ يُثَبِّتَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ عِنْدَ الْمَمَاتِ، إِنَّهُ كَرِيمٌ جَوَّادٌ.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ لِأَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ، وَقَدْ أَهْدَى إِلَى أَسْلَمَ كِتَابَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯০
" الْفَصِيحِ " لِثَعْلَبَ:
هَذَا كِتَابُ الُفَصِيحِ ... بَكُلِّ لَفْظٍ مَلِيحِ
وَهَبْتُهُ لَكَ طَوْعًا ... كَمَا وَهَبْتُكَ رُوحِي
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ مِهْرَانَ، أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ الْبَزَّازُ
أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا، جَاءَهُ يَوْمًا شَابٌّ غَرِيبٌ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ فَسَلْ عَلَيْهِ، وَأُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. ثُمَّ انْصَرَفَ الشَّابُّ، فَبَكَى الشَّيْخُ، وَقَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي عَمَلًا أَسْتَحِقُّ بِهِ هَذَا غَيْرَ صَبْرِي عَلَى إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ، وَصَلَاتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا ذُكِرَ. ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا، فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِبَابِ الدَّيْرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَوْرَةَ، أَبُو عُمَرَ الْوَاعِظُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفَلْوِ
سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ يَعِظُ، وَلَهُ بَلَاغَةٌ، وَفِيهِ كَرَمٌ، وَكَانَ ثِقَةً يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ،
পৃষ্ঠা - ৯৭৯১
وَمِنْ شَعْرِهِ:
دَخَلْتُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي دَارِ عِزِّهِ ... بِفَقْرٍ وَلَمْ أُجْلِبْ بَخِيلٍ وَلَا رَجْلِ
وَقُلْتُ انْظُرُوا مَا بَيْنَ فَقْرِي وَمُلْكِكُمْ ... بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ إِلَى جَانِبِ ابْنِ السَّمَّاكِ