ثم دخلت سنة خمس وعشرين وأربعمائة
পৃষ্ঠা - ৯৭৮২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا غَزَا السُّلْطَانُ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، وَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، فَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ حَاصَرَ قَلْعَةً حَصِينَةً، فَخَرَجَتْ مِنَ السُّورِ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ سَاحِرَةٌ، وَأَخَذَتْ مِكْنَسَةً فَبَلَّتْهَا وَرَشَّتْهَا عَلَى نَاحِيَةِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَرِضَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَضًا شَدِيدًا، فَارْتَحَلَ عَنْ تِلْكَ الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ ذَاهِبًا عَنْهَا عُوفِيَ عَافِيَةً كَامِلَةً، وَرَجَعَ إِلَى غَزْنَةَ سَالِمًا.
وَفِيهَا تَوَلَّى الْبَسَاسِيرِيُّ حِمَايَةَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ لَمَّا تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَثُرَ سِرُّهُمْ وَفَسَادُهُمْ.
وَفِيهَا وَلِيَ سِنَانُ بْنُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ غَرِيبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَقْنٍ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، فَقَصَدَ عَمَّهُ قِرْوَاشًا، فَأَقَرَّهُ وَسَاعَدَهُ عَلَى اسْتِقَامَةِ أُمُورِهِ.
وَفِيهَا هَلَكَ مَلِكُ الرُّومِ أَرْمَانُوسُ، فَمَلَكَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ لَيْسَ مِنْ بَيْتِ مُلْكِهِمْ، قَدْ كَانَ صَيْرَفِيًّا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ الْمَلِكِ قُسْطَنْطِينَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৩
بَانِي الْمَدِينَةِ الَّتِي لَهُمْ.
وَفِيهَا كَثُرَتِ الزَّلَازِلُ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، فَهَدَمَتْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمَاتَ تَحْتَ الرَّدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْهَدَمَ مِنَ الرَّمْلَةِ ثُلُثُهَا، وَتَقَطَّعَ جَامِعُهَا تَقْطِيعًا، وَخَرَجَ أَهْلُهَا مِنْهَا، فَأَقَامُوا ظَاهِرَهَا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَكَنَ الْحَالُ فَعَادُوا إِلَيْهَا، وَسَقَطَ بَعْضُ حَائِطِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوَقَعَ مِنْ مِحْرَابِ دَاوُدَ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ، وَمِنْ مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ قِطْعَةٌ، وَسَلَّمَتِ الْحُجْرَةُ، وَسَقَطَتْ مَنَارَةُ عَسْقَلَانَ وَرَأْسُ مَنَارَةِ غَزَّةَ وَسَقَطَ نِصْفُ بُنْيَانِ نَابُلُسَ وَخُسِفَ بِقَرْيَةٍ بِإِزَائِهَا وَبِأَهْلِهَا وَبَقَرِهَا وَغَنَمِهَا، وَسَاخَتْ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قُرًى كَثِيرَةٌ هُنَالِكَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَكَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَعَصَفَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ بِنَصِيبِينَ، فَأَلْقَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَشْجَارِ كَالتُّوتِ وَالْجَوْزِ وَالْعُنَّابِ، وَاقْتَلَعَتْ قَصْرًا مُشَيَّدًا بِحِجَارَةٍ وَآجُرٍّ وَكِلْسٍ، ثُمَّ سَقَطَ مَطَرٌ مَعَهُ بَرَدٌ أَمْثَالُ الْأَكُفِّ وَالزُّنُودِ وَالْأَصَابِعِ، وَجَزَرَ الْبَحْرُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ، فَذَهَبَ النَّاسُ خَلْفَ السَّمَكِ، فَرَجَعَ الْمَاءُ عَلَيْهِمْ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
وَفِيهَا كَثُرَ الْمَوْتُ بِالْخَوَانِيقِ، حَتَّى كَانَ يُغْلَقُ الْبَابُ عَلَى مَنْ فِي الدَّارِ، كُلُّهُمْ قَدْ مَاتَ، وَكَانَ أَكْثَرُ ذَلِكَ بِبَغْدَادَ، فَمَاتَ مِنْ أَهْلِهَا فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৪
سَبْعُونَ أَلْفًا.
وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ، حَتَّى بَيْنَ الْعَيَّارِينَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَمَنَعَ ابْنَا الْأَصْبِهَانِيِّ - وَهُمَا مُقَدَّمَا عَيَّارِي أَهْلِ السُّنَّةِ - أَهْلَ الْكَرْخِ مِنْ وُرُودِ مَاءِ دِجْلَةَ، فَضَاقَ عَلَيْهِمُ النِّطَاقُ. وَقُتِلَ ابْنُ الْبُرْجُمِيِّ وَأَخُوهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ غَالِبٍ الْحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ
الْمَعْرُوفُ بِالْبَرْقَانِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ، وَجَمَعَ كُتُبًا كَثِيرَةً جِدًّا، وَكَانَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي الْحَدِيثِ حَسَنَةٌ نَافِعَةٌ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِذَا مَاتَ الْبَرْقَانِيُّ ذَهَبَ هَذَا الشَّأْنُ، وَمَا رَأَيْتُ أَتْقَنَ مِنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ مِنْهُ فِي أَهْلِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيُّ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْجَامِعِ بِبَغْدَادَ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ شَعْرِهِ قَوْلَهُ:
أُعَلِّلُ نَفْسِي بِكَتْبِ الْحَدِيثِ ... وَأَحْمِلُ فِيهِ لَهَا الْمَوْعِدَا
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৫
وَأَشْغَلُ نَفْسِي بِتَصْنِيفِهِ ... وَتَخْرِيجِهِ دَائِمًا سَرْمَدَا
فَطَوْرًا أُصَنِّفُهُ فِي الشُّيُو ... خِ وَطَوْرًا أُصَنِّفُهُ مُسْنَدَا
وَأَقْفُو الْبُخَارِيَّ فِيمَا نَحَا ... هُ وَصَنَّفَهُ جَاهِدًا مُجْهَدَا
وَمُسْلِمَ إِذْ كَانَ زَيْنَ الْأَنَامِ ... بِتَصْنِيفِهِ مُسْلِمًا مُرْشِدَا
وَمَا لِيَ فِيهِ سِوَى أَنَّنِي ... أَرَاهُ هَوًى صَادَفَ الْمَقْصِدَا
وَأَرْجُو الثَّوَابَ بِكَتْبِ الصَّلَا ... ةِ عَلَى السَّيِّدِ الْمُصْطَفَى أَحَمَدَا
وَأَسْأَلُ رَبِّي إِلَهَ الْعِبَا ... دِ جَرْيًا عَلَى مَا بِهِ عَوَّدَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَبِيوَرْدِيُّ
أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، مِنْ تَلَامِيذِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، كَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ لَلْفُتْيَا، وَكَانَ يُدَرِّسُ فِي قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ بِبَغْدَادَ نِيَابَةً عَنِ ابْنِ الْأَكْفَانِيِّ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، جَمِيلَ الطَّرِيقَةِ، فَصِيحَ اللِّسَانِ، صَبُورًا عَلَى الْفَقْرِ، كَاتِمًا لَهُ، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ الْجَيِّدَ، وَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] . تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ.
أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ، الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ
أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَتِلْمِيذُ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ أَيْضًا، وَلَمْ
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৬
يَكُنْ فِي أَصْحَابِهِ مِثْلُهُ، دَرَّسَ وَأَفْتَى وَحَكَمَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ دَيِّنًا وَرِعًا. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا.
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو الْفَرَجِ التَّمِيمِيُّ
الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ الْوَاعِظُ، سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ أَثَرًا مُسَلْسَلًا عَنْ عَلِيٍّ: الْحَنَّانُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَالْمَنَّانُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ. تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
غَرِيبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَقْنٍ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، أَبُو سِنَانٍ
كَانَ قَدْ ضَرَبَ السِّكَّةَ بِاسْمِهِ، وَكَانَ مَلِكًا مُتَمَكِّنًا فِي الدَّوْلَةِ، وَخَلَّفَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَامَ ابْنُهُ سِنَانٌ بَعْدَهُ، وَتَقَوَّى بِعَمِّهِ قِرْوَاشٍ، وَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهُ بِهِ، تُوُفِّيَ بِكَرْخِ سَابُورَ عَنْ سَبْعِينَ سَنَةً.