ثم دخلت سنة ست عشرة وأربعمائة
পৃষ্ঠা - ৯৭৪০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا قَوِيَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَادَ، وَنَهَبُوا الدُّورَ جَهْرَةً، وَاسْتَهَانُوا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا تُوُفِّيَ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ صَاحِبُ بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَثُرَتِ الشُّرُورُ بِبَغْدَادَ، وَنُهِبَتِ الْخَزَائِنُ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى تَوْلِيَةِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ أَبِي الطَّاهِرِ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَهُوَ عَلَى الْبَصْرَةِ وَخَلَعَ عَلَى شَرَفِ الْمُلْكِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ مَاكُولَا وَزِيرِهِ، وَلُقِّبَ عَلَمَ الدِّينِ، سَعْدَ الدَّوْلَةِ، أَمِينَ الْمِلَّةِ، شَرَفَ الْمُلْكِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لُقِّبَ بِالْأَلْقَابِ الْكَثِيرَةِ، ثُمَّ طَلَبَ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يُبَايِعَ لِأَبِي كَالِيجَارَ إِذْ كَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ، الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِمْ، فَتَوَقَّفَ الْجَوَابُ، ثُمَّ وَافَقَهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ، وَأُقِيمَتِ الْخُطْبَةُ لِلْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَادَ، وَكَبَسُوا الدُّورَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَضَرَبُوا أَهْلَهَا كَمَا يُضْرَبُ الْمُصَادَرُونَ، وَيَسْتَغِيثُ أَحَدُهُمْ فَلَا يُغَاثُ، وَاشْتَدَّ الْحَالُ، وَهَرَبَتِ الشُّرَطُ مِنْ بَغْدَادَ وَلَمْ تُغْنِ الْأَتْرَاكُ شَيْئًا، وَعَمِلَتِ الشَّرَايِجُ عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَلَمْ يَفِدْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَأُحْرِقَتْ دَارُ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى فَانْتَقَلَ مِنْهَا، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ جَدًّا، وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৪১
وَخُرَاسَانَ، فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
سَابُورُ بْنُ أَرْدَشِيرَ
وَزَرَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي نَصْرِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَوَزَرَ لِمُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ أَيْضًا، وَكَانَ كَاتِبًا سَدِيدًا عَفِيفًا عَنِ الْأَمْوَالِ، كَثِيرَ الْخَيْرِ، سَلِيمَ الْبَاطِنِ، وَكَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ لَا يَشْغَلُهُ شَئٌ عَنِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ وَقَفَ دَارًا لِلْعِلْمِ فِي سِنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَجَعَلِ فِيهَا كُتُبًا كَثِيرَةً جِدًّا، وَوَقَّفَ عَلَيْهَا غَلَّةً كَثِيرَةً، فَبَقِيَتْ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أُحْرِقَتْ عِنْدَ مَجِيءِ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَتْ مَحَلَّتُهَا بَيْنَ السُّورَيْنِ، وَقَدْ كَانَ جَيِّدَ الْمُعَاشَرَةِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عُمَّالَهُ سَرِيعًا، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِينَ.
عُثْمَانُ النَّيْسَابُورِيُّ الْخَرْكُوشِيُّ الْوَاعِظُ
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: صَنَّفَ كِتَابًا فِي الْوَعْظِ مِنْ أَبْرَدِ الْأَشْيَاءِ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَوْضُوعَةٌ، وَكَلِمَاتٌ مَرْذُولَةٌ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ خَيِّرًا صَالِحًا، وَكَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ، وَكَانَ الْمَلِكُ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ إِذَا رَآهُ قَامَ لَهُ، وَكَانَتْ مَحَلَّتُهُ حِمَى يَحْتَمِي بِهَا مِنَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৪২
الظَّلَمَةِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَلْدَتِهِ نَيْسَابُورَ مَوْتٌ، وَكَانَ يُغَسِّلُ الْمَوْتَى مُحْتَسِبًا، فَغَسَّلَ نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ مَيِّتٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحَانِ، أَبُو مَنْصُورٍ
الْوَزِيرُ لِمُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ وَلِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ أَيْضًا، كَانَ وَزِيرَ صِدْقٍ، جَيِّدَ الْمُبَاشَرَةِ، حَسَنَ الصَّلَاةِ، مُحَافِظًا عَلَى أَوْقَاتِهَا، وَكَانَ مُحْسِنًا إِلَى الشُّعَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
الْمَلِكُ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ، أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، أَبِي نَصْرِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيِّ
صَاحِبُ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ. أَصَابَهُ مَرَضٌ حَادٌّ فَتُوُفِّيَ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ عَنْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا.
الْتِّهَامِيُّ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّهَامِيُّ أَبُو الْحَسَنِ
لَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ، وَلَهُ مَرْثَاةٌ فِي وَلَدِهِ، وَكَانَ قَدْ مَاتَ صَغِيرًا أَوَّلُهَا:
حُكْمُ الْمَنِيَّةِ فِي الْبَرِيَّةِ جَارِي ... مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ قَرَارِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৪৩
وَمِنْهَا:
إِنِّي لَأَرْحَمُ حَاسِدِيَّ لِحَرِّ مَا ... ضَمَّتْ صُدُورُهُمُ مِنَ الْأَوْغَارِ
نَظَرُوا صَنِيعَ اللَّهِ بِي فَعُيُونُهُمْ ... فِي جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُمْ فِي نَارِ
وَمِنْهَا فِي ذَمِّ الدُّنْيَا، وَكُلُّ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ مَلِيحٌ مُخْتَارٌ:
طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا ... صَفْوًا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالْأَكْدَارِ
وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا ... مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جَذْوَةَ نَارِ
وَإِذَا رَجَوْتَ الْمُسْتَحِيلَ فَإِنَّمَا ... تَبْنِي الرَّجَاءَ عَلَى شَفِيرٍ هَارِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي وَلَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ:
جَاوَرْتُ أَعْدَائِي وَجَاوَرَ رَبَّهُ ... شَتَّانَ بَيْنَ جِوَارِهِ وَجِوَارِي
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَآهُ فِي النَّوْمِ فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ، فَقَالَ: بِمَ نِلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِهَذَا الْبَيْتِ. تُوُفِّيَ بِحَبْسِ خِزَانَةِ الْبُنُودِ مِنَ الْقَاهِرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.