আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة سبع وتسعين وثلاثمائة

পৃষ্ঠা - ৯৬৫০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ خُرُوجُ أَبِي رَكْوَةَ عَلَى الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ. وَمُلَخَّصُ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ سُلَالَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ، وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِأَبِي رَكْوَةَ ; لِرَكْوَةٍ كَانَ يَسْتَصْحِبُهَا فِي أَسْفَارِهِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ الْحَدِيثَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ بِالْيَمَنِ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ وَهُوَ فِي غُبُونِ هَذَا كُلِّهِ يُبَايِعُ مَنِ انْقَادَ لَهُ، مِمَّنْ يَرَى عِنْدَهُ هِمَّةً وَنَهْضَةً لِلْقَائِمِ مِنْ وَلَدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيِّ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ بِبَعْضِ بِلَادِ مِصْرَ فِي حَلَّةٍ مِنْ حِلَالِ الْعَرَبِ، يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَيُظْهِرُ النُّسُكَ وَالتَّقَشُّفَ وَالْعِبَادَةَ وَالْوَرَعَ، وَيُخْبِرُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، حَتَّى خَضَعُوا لَهُ وَعَظَّمُوهُ جِدًّا، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْأُمَوِيِّينَ، فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَخَضَعُوا، وَخَاطَبُوهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلُقِّبَ بِالثَّائِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْمُنْتَصِرِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ. وَدَخَلَ بَرْقَةَ فِي جَحْفَلٍ، فَجَمَعَ لَهُ أَهْلُهَا نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ اتُّهِمَ بِشَيْءِ مِنَ الْوَدَائِعِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ أَيْضًا، وَنَقَشُوا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِأَلْقَابِهِ، وَخَطَبَ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَعَنَ الْحَاكِمَ فِي خُطْبَتِهِ - وَنِعِمَّا فَعَلَ - فَالْتَفَّ عَلَى أَبِي رَكْوَةَ مِنَ الْجُنُودِ نَحْوٌ مَنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا،
পৃষ্ঠা - ৯৬৫১
فَلَمَّا بَلَغَ الْحَاكِمَ أَمْرُهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ، بَعَثَ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ آلَافِ ثَوْبٍ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَى مُقَدَّمِ جُيُوشِ أَبِي رَكْوَةَ - وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ وَيَثْنِيهِ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، فَحِينَ وَصَلَتْهُ الْأَمْوَالُ مِنَ الْحَاكِمِ، رَجَعَ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، وَقَالَ: إِنَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْحَاكِمِ، وَمَا دُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَحْنُ مَطْلُوبُونَ بِسَبَبِكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بَلَدًا تَكُونُ فِيهَا. فَسَأَلَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُ فَارِسَيْنِ يُوصِّلَانِهِ إِلَى النَّوْبَةِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَلِكِهَا مَوَدَّةً وَصُحْبَةً، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ بَعَثَ وَرَاءَهُ مَنْ رَدَّهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَرْكَبَهُ جَمَلًا وَأَشْهُرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، ثُمَّ أَكْرَمَ الْحَاكِمُ الْفَضْلَ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعَاتٍ كَثِيرَةً. وَاتَّفَقَ مَرَضُ الْفَضْلِ، فَعَادَهُ الْحَاكِمُ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا عُوفِيَ قَتَلَهُ، وَأَلْحَقَهُ بِصَاحِبِهِ أَيْضًا، وَكَافَأَهُ مُكَافَأَةَ التِّمْسَاحِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ قِرْوَاشٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ، وَلُقِّبَ بِسَنَدِ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا هَزَمَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ أَتْلَكَ مَلِكَ التُّرْكِ عَنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقًا كَثِيرًا. وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَطِيفَ بِهِ بِخُرَاسَانَ وَفَارِسٍ. وَفِيهَا ثَارَتْ عَلَى الْحَجِيجِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ جِدًّا، وَاعْتَرَضَهُمُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৫২
ابْنُ الْجَرَّاحِ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ فَاعْتَاقَهُمْ عَنِ الذَّهَابِ، فَفَاتَهُمُ الْحَجُّ فَرَجَعُوا إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلُوهَا فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْمِصْرِيِّينَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَبُو الْقَاسِمِ الدِّينَوَرِيُّ الْوَاعِظُ الزَّاهِدُ، قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَدَرَسَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ النَّجَّادِ، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزَجِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا، يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، وَاسْتِعْمَالِ الصِّدْقِ الْمَحْضِ، وَالتَّعَفُّفِ وَالتَّقَشُّفِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحُسْنِ وَعْظِهِ وَنَفْعِهِ فِي الْقُلُوبِ. جَاءَهُ يَوْمًا رَجُلٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا. قَالَ: خُذْهَا فَفَرِّقْهَا عَلَى أَصْحَابِكَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: ضَعْهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَوَضَعَهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حَاجَتَهُ مِنْهَا، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ بِقَدْرِ حَاجَاتِهِمْ حَتَّى أَنْفَذُوهَا، وَجَاءَ وَلَدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَشَكَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُمْ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى الْبَقَّالِ، فَخُذْ عَلَيَّ رُبُعَ رِطْلِ تَمْرٍ. وَرَآهُ رَجُلٌ، وَقَدِ اشْتَرَى دَجَاجَةً وَحَلْوَاءَ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَاتَّبَعَهُ فَانْتَهَى
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৩
إِلَى دَارٍ فِيهَا أَرَامِلُ وَأَيْتَامٌ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ يَدُقُّ السُّعْدَ لِلْعَطَّارِينَ بِالْأُجْرَةِ وَيَقْتَاتُ مِنْهُ. وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَقُولُ: سَيِّدِي، لِهَذِهِ السَّاعَةِ خَبَّأْتُكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ سِيرَافَ وَالْبَصْرَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ، كَانَ أَوَّلًا يَخْدِمُ بِالْكَرْخِ، وَكَانَ مُتَصَوَّرًا لَهُ أَنَّهُ سَيَمْلِكُ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَهْزَءُونَ بِهِ وَيَمْجُنُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِذَا مَلَكْتَ فَاسْتَخْدِمْنِي، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اخْلَعْ عَلَيَّ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: عَاقِبْنِي. فَقُدِّرَ لَهُ أَنْ تَتَقَلَّبَ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ مَلَكَ سِيرَافَ ثُمَّ الْبَصْرَةَ وَأَخَذَ بِلَادَ الْبَطِيحَةِ مِنْ مُهَذِّبِ الدَّوْلَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا طَرِيدًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ احْتَاجَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ رَكِبَ بَقَرَةً، وَاسْتَحْوَذَ ابْنُ وَاصِلٍ عَلَى مَا هُنَاكَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَوَاصِلِ، وَقَصَدَ الْأَهْوَازَ، وَهَزَمَ بِهَاءَ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، فَقَتَلَهُ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الْبِلَادِ.