আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة

পৃষ্ঠা - ৯৪৮০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عُمِلَتِ الْبِدْعَةُ الشَّنْعَاءُ عَلَى عَادَةِ الرَّوَافِضِ، وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَلِيلُ عَقَلٍ، بَعِيدٌ عَنِ السَّدَادِ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَرْكَبُوا امْرَأَةً وَسَمَّوْهَا عَائِشَةَ، وَتَسَمَّى بَعْضُهُمْ بِطَلْحَةَ، وَبَعْضُهُمْ بِالزُّبَيْرِ وَقَالُوا: نُقَاتِلُ أَصْحَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَعَاثَتِ الْعَيَّارُونَ فِي الْبَلَدِ بِالْفَسَادِ وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ وَقَتْلِ الرِّجَالِ، ثُمَّ أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فَقُتِلُوا وَصُلِبُوا، فَسَكَنَتِ النُّفُوسُ. وَفِيهَا أَخَذَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ الْمَوْصِلَ وَزَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِالْبَصْرَةِ بَيْنَ الدَّيَالِمِ وَالْأَتْرَاكِ، فَقَوِيَتِ الدَّيْلَمُ عَلَى التُّرْكِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُلْكَ فِيهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَحَبَسُوا رُءُوسَهُمْ، وَنَهَبُوا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَكَتَبَ عِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى أَهْلِهِ: إِنِّي سَأَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَنِّي قَدْ مُتُّ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ فَأَظْهِرُوا النَّوْحَ، وَاجْلِسُوا لِلْعَزَاءِ، فَإِذَا جَاءَ سُبُكْتِكِينُ لِلتَّعْزِيَةِ فَاقْبِضُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ رُكْنُ الْأَتْرَاكِ وَرَأْسُهُمْ. فَلَمَّا جَاءَ الْبَرِيدُ إِلَى بَغْدَادَ بِذَلِكَ أَظْهَرُوا النَّوْحَ وَالصُّرَاخَ، فَفَهِمَ سُبُكْتِكِينُ أَنَّ هَذِهِ مَكِيدَةٌ فَلَمْ يَقَرَبْهُمْ،
পৃষ্ঠা - ৯৪৮১
وَتَحَقَّقَ الْعَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِزِّ الدَّوْلَةِ، وَرَكِبَ مِنْ فَوْرِهِ فِي الْأَتْرَاكِ، فَحَاصَرُوا دَارَ عِزِّ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَادَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَنْزَلَ أَهْلَهُ مِنْهَا، وَنَهَبَ مَا فِيهَا وَأَحْدَرَهُمْ مِنْ دِجْلَةَ إِلَى وَاسِطٍ مَنْفِيِّينَ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى بَعْثِ الْخَلِيفَةِ إِلَيْهِ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَقَرَّهُ بِدَارِهِ وَقَوِيَتْ شَوْكَةُ سُبُكْتِكِينَ وَالْأَتْرَاكِ بِبَغْدَادَ، وَنَهَبَتِ الْأَتْرَاكُ دُورَ الدَّيْلَمِ، وَخَلَعَ سُبُكْتِكِينُ عَلَى رُؤَسَاءِ الْعَامَّةِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَهُ عَلَى الدَّيْلَمِ، وَقَوِيَتِ السُّنَّةُ عَلَى الشِّيعَةِ، وَأَحْرَقُوا الْكَرْخَ حَرِيقًا ثَانِيًا، وَظَهَرَتِ السُّنَّةُ عَلَى أَيْدِي الْأَتْرَاكِ، وَخُلِعَ الْمُطِيعُ، وَوُلِّيَ وَلَدُهُ الطَّائِعُ لِلَّهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. خِلَافَةُ الطَّائِعِ وَخَلْعُ أَبِيهِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ - وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ": كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - خُلِعَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَذَلِكَ لِفَالِجٍ أَصَابَهُ، فَثَقُلَ لِسَانُهُ، فَسَأَلَهُ سُبُكْتِكِينُ أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَيُوَلِّيَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدَهُ الطَّائِعَ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ فَعُقِدَتِ الْبَيْعَةُ لِلطَّائِعِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ عَلَى يَدَيِ الْحَاجِبِ سُبُكْتِكِينَ، وَخُلِعَ أَبُوهُ الْمُطِيعُ بَعْدَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً كَانَتْ لَهُ فِي الْخِلَافَةِ، وَلَكِنْ تَعَوَّضَ بِوِلَايَةِ وَلَدِهِ. وَاسْمُ الطَّائِعِ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْمُطِيعِ لِلَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৮২
بِاللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَمِيرِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَلَمْ يَلِ الْخِلَافَةَ مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ سِوَاهُ، وَلَا مَنْ أَبَوْهُ حَيٌّ سِوَاهُ وَسِوَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَلِ الْخِلَافَةَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ أَسَنَّ مِنْهُ حَالَ الْوِلَايَةِ، كَانَ عُمُرُهُ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَمَّ وَلَدٍ اسْمُهَا عُتْبُ، وَكَانَتْ تَعِيشُ أَيْضًا يَوْمَ بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ، وَلَمَّا بُويِعَ الطَّائِعُ رَكِبَ وَعَلَيْهِ الْبُرْدَةُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُبُكْتِكِينُ وَالْجَيْشُ، ثُمَّ خَلَعَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سُبُكْتِكِينَ خِلَعَ الْمُلُوكِ، وَلَقَّبَهُ نَصْرَ الدَّوْلَةِ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءَ الْإِمَارَةِ. وَلَمَّا حَضَرَ الْأَضْحَى رَكِبَ الطَّائِعُ وَعَلَيْهِ السَّوَادُ، فَخَطَبَ النَّاسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَةً خَفِيفَةً حَسَنَةً. وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " أَنَّ الْمُطِيعَ لِلَّهِ كَانَ يُسَمَّى بَعْدَ خَلْعِهِ بِالشَّيْخِ الْفَاضِلِ. ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْقِرْمِطِيِّ لَمَّا اسْتَقَرَّ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَابْتَنَى فِيهَا الْقَاهِرَةَ وَالْقَصْرَيْنِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৩
وَتَأَطَّدَ مُلْكُهُ، سَارَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْقِرْمِطِيُّ مِنَ الْأَحْسَاءِ فِي جَمْعٍ كَثِيفٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَالْتَفَّ مَعَهُ أَمِيرُ الْعَرَبِ بِبِلَادِ الشَّامِ وَهُوَ حَسَّانُ بْنُ الْجَرَّاحِ الطَّائِيُّ، فِي عَرَبِ الشَّامِ بِكَمَالِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمُ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ أُسْقِطَ فِي يَدِهِ لِكَثْرَتِهِمْ، وَكَتَبَ إِلَى الْقِرْمِطِيُّ يَسْتَمِيلُهُ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ دَعْوَةَ آبَائِكَ إِنَّمَا كَانَتْ إِلَى آبَائِي قَدِيمًا، فَدَعْوَتُنَا وَاحِدَةٌ. وَيَذْكُرُ فِيهِ فَضْلَهُ وَفَضْلَ آبَائِهِ، فَرَدَّ الْجَوَابَ: وَصَلَ كِتَابُكَ الَّذِي كَثُرَ تَفْضِيلُهُ، وَقَلَّ تَحْصِيلُهُ، وَنَحْنُ سَائِرُونَ إِلَيْكَ عَلَى إِثْرِهِ، وَالسَّلَامُ. فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى دِيَارِ مِصْرَ عَاثُوا فِيهَا قَتْلًا وَنَهْبًا وَإِفْسَادًا، وَحَارَ الْمُعِزُّ مَاذَا يَصْنَعُ ; لِكَثْرَةِ مَنْ مَعَ الْقِرْمِطِيِّ، وَضَعُفَ جَيْشُهُ عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ، فَعَدَلَ إِلَى الْمَكِيدَةِ وَالْخَدِيعَةِ، فَرَاسَلَ حَسَّانَ بْنَ الْجَرَّاحِ أَمِيرَ الْعَرَبِ، وَوَعَدَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ إِنْ هُوَ خَذَّلَ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِمَا الْتَزَمْتَ، وَتَعَالَ بِمَنْ مَعَكَ، فَإِذَا الْتَقَيْنَا انْهَزَمْتُ بِمَنْ مَعِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعِزُّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فِي أَكْيَاسٍ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهَا زَغَلٌ، ضَرَبَ النُّحَاسَ وَلَبَّسَهُ الذَّهَبَ، وَجَعْلَهُ فِي أَسْفَلِ الْأَكْيَاسِ، وَوَضَعَ فِي رُءُوسِ الْأَكْيَاسِ الدَّنَانِيرَ الْخَالِصَةَ، وَلَمَّا بَعَثَهَا إِلَيْهِ رَكِبَ فِي إِثْرِهَا بِجَيْشِهِ، فَالْتَقَى النَّاسُ، وَلَمَّا تَوَاجَهَ الْفَرِيقَانِ وَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، انْهَزَمَ حَسَّانُ بْنُ الْجَرَّاحِ بِالْعَرَبِ، فَضَعُفَ جَانِبُ الْقِرْمِطِيِّ، وَقَوِيَ عَلَيْهِ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ فَكَسَرَهُ، وَانْهَزَمَتِ الْقَرَامِطَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَجَعُوا إِلَى أَذْرِعَاتَ فِي أَذَلِّ حَالٍ وَأَفَلِّهِ، وَبَعَثَ الْمُعِزُّ فِي آثَارِهِمُ الْقَائِدَ أَبَا مَحْمُودٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ جَعْفَرٍ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ ; لِيَحْسِمَ مَادَّةَ الْقَرَامِطَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৪
مُلْكُ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ دِمَشْقَ، وَانْتِزَاعُهُ إِيَّاهَا مِنْ يَدِ الْقَرَامِطَةِ لَمَّا انْهَزَمَ الْقِرْمِطِيُّ وَأَصْحَابُهُ، بَعَثَ الْمُعِزُّ سَرِيَّةً، عَلَيْهِمْ ظَالِمُ بْنُ مَوْهُوبٍ الْعُقَيْلِيُّ أَمِيرًا عَلَى دِمَشْقَ فَتَسَلَّمَهَا مِنَ الْقَرَامِطَةِ بَعْدَ حِصَارٍ شَدِيدٍ، وَاعْتَقَلَ مُتَوَلِّيَهَا أَبَا الْمُنَجَّا الْقِرْمِطِيَّ وَابْنَهُ، وَاعْتَقَلَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَهْلِ نَابُلُسَ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الْفَاطِمِيِّينَ، وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ مَعِي عَشَرَةُ أَسْهُمٍ لَرَمَيْتُ الرُّومَ بِسَهْمٍ وَرَمَيْتُ الْمَغَارِبَةَ - يَعْنِي الْفَاطِمِيِّينَ - بِتِسْعَةٍ. فَسُلِخَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُعِزِّ، وَحُشِيَ جِلْدُهُ تِبْنًا، وَصُلِبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَمَّا تَفَرَّغَ أَبُو مَحْمُودٍ الْقَائِدُ مِنْ قِتَالِ الْقَرَامِطَةِ أَقْبَلَ نَحْوَ دِمَشْقَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ظَالِمُ بْنُ مَوْهُوبٍ، فَتَلَقَّاهُ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَأَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَهُ ظَاهِرَ دِمَشْقَ فَأَفْسَدَ أَصْحَابُهُ فِي الْغُوطَةِ وَالْمَرْجِ وَنَهَبُوا الْفَلَّاحِينَ، وَقَطَعُوا الطُّرُقَاتِ عَلَى النَّاسِ، وَتَحَوَّلَ أَهْلُ الْغُوطَةِ إِلَى الْبَلَدِ مِنْ كَثْرَةِ النَّهْبِ، وَجِيءَ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْقَتْلَى فَأُلْقُوا فِي الْجَامِعِ، فَكَثُرَ الضَّجِيجُ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ لِلْقِتَالِ، وَالْتَقَوْا مَعَ الْمَغَارِبَةِ، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمَاعَةٌ، وَانْهَزَمَتِ الْعَامَّةُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَحْرَقَتِ الْمَغَارِبَةُ
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৫
نَاحِيَةَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدُّورِ وَلَبِثَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَأُحْرِقَ الْبَلَدُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ عَزْلِ ظَالِمِ بْنِ مَوْهُوبٍ وَتَوْلِيَةِ جَيْشِ بْنِ صَمْصَامَةَ ابْنِ أُخْتِ أَبِي مَحْمُودٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَقُطِّعَتِ الْقَنَوَاتُ وَسَائِرُ الْمِيَاهِ عَنِ الْبَلَدِ، وَمَاتَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَلَمْ يَزَلِ الْحَالُ كَذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ عَلَيْهِمُ الطَّوَاشِيُّ رَيَّانُ الْخَادِمُ، مِنْ جِهَةِ الْمُعِزِّ، فَسَكَنَتِ الْأُمُورُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَلَمَّا قَوِيَتِ الْأَتْرَاكُ بِبَغْدَادَ تَحَيَّرَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ فِي أَمْرِهِ، وَمَا يَصْنَعُ، وَهُوَ بِالْأَهْوَازِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ يَسْتَنْجِدُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِعَسْكَرٍ مَعَ وَزِيرِهِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْعَمِيدِ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَتَبَاطَأَ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ، فَأَظْهَرَ نَصْرَهُ وَإِنَّمَا يُرِيدُ فِي الْبَاطِنِ أَخْذَ بَغْدَادَ وَخَرَجَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْ بَغْدَادَ فِي جَحْفَلٍ كَثِيرٍ، وَمَعَهُمُ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ وَأَبُوهُ الْمُطِيعُ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى وَاسِطٍ تُوُفِّيَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَبَعْدَ أَيَّامٍ تُوُفِّيَ سُبُكْتِكِينُ أَيْضًا، فَحُمِلَا إِلَى بَغْدَادَ فَالْتَفَّتِ التُّرْكُ عَلَى أَمِيرٍ يُقَالُ لَهُ: أَفْتُكِينُ، فَاجْتَمَعَ شَمْلُهُمْ، وَالْتَقَوْا مَعَ بَخْتِيَارَ فَضَعُفَ أَمْرُهُ جِدًّا، وَقَوِيَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، فَأَخَذَ مِنْهُ مُلْكَ الْعِرَاقِ، وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُ، وَتَفَرَّقَ أَمْرُهُ. وَفِيهَا خُطِبَ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِالْحَرَمَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৬
وَفِيهَا خَرَجَ جَمْعٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الْحُجَّاجِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَعَطَّلُوا عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمُ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ. وَفِيهَا انْتَهَى تَارِيخُ ثَابِتِ بْنِ سِنَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قُرَّةَ وَأَوَّلُهُ مِنْ أَوَّلِ دَوْلَةِ الْمُقْتَدِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ بِوَاسِطٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدٍ حَجٌّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سِوَى مَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى دَرْبِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ أَخَذَ بِالنَّاسِ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَتَمَّ حَجُّهُمْ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْعَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَبُو الْفَضْلِ الشِّيرَازِيُّ الْوَزِيرُ لِعِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَكَانَ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ لِلسُّنَّةِ، عَكْسَ مَخْدُومِهِ، فَعَزَلَهُ، وَوَلَّى مُحَمَّدَ بْنَ بَقِيَّةَ الْبَابَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَبَسَ هَذَا، فَقُتِلَ فِي مَحْبِسِهِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا، عَنْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ فِيهِ ظُلْمٌ وَحَيْفٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِغُلَامِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৭
الْخَلَّالِ، أَحَدُ مَشَاهِيرِ الْحَنَابِلَةِ الْأَعْيَانِ، وَمِمَّنْ صَنَّفَ وَجَمَعَ وَنَاظَرَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ فَوْقَ الثَّمَانِينَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ " الْمُقْنِعُ " فِي مِائَةِ جُزْءٍ، وَ " الشَّافِي " فِي ثَمَانِينَ جُزْءًا، وَ " زَادُ الْمُسَافِرِ "، وَ " الْخِلَافُ مَعَ الشَّافِعِيِّ " وَكِتَابُ " الْقَوْلَيْنِ " وَ " مُخْتَصَرُ السُّنَّةِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ وَالْأُصُولِ. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْفَتْحِ الْبُسْتِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، لَهُ دِيوَانٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، لَهُ فِي الْمُطَابَقَةِ وَالْمُجَانَسَةِ يَدٌ طُولَى، وَمُبْتَكَرَاتٌ أُولَى، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " مِنْ ذَلِكَ قِطْعَةً كَبِيرَةً مُرَتَّبَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِذَا قَنِعْتُ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقُوتِ ... بَقِيتُ فِي النَّاسِ حُرًّا غَيْرَ مَمْقُوتِ يَا قُوتَ يَوْمِي إِذَا مَا دَرَّ خَلْفُكَ لِي ... فَلَسْتُ آسَى عَلَى دُرٍّ وَيَاقُوتِ وَلَهُ:
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৮
يَا أَيُّهَا السَّائِلُ عَنْ مَذْهَبِي ... لِيُقْتَدَى فِيهِ بِمِنْهَاجِي مِنْهَاجِيَ الْعَدْلُ وَقَمْعُ الْهَوَى ... فَهَلْ لِمِنْهَاجِيَ مِنْ هَاجِي وَلَهُ: أَفِدْ طَبْعَكَ الْمَكْدُودَ بِالْجِدِّ رَاحَةً ... تَجُمَّ وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَزْحِ وَلَكِنْ إِذَا أَعْطَيْتَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ ... بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنَ الْمِلْحِ وَلَهُ: إِذَا خَدَمْتَ الْمُلُوكَ فَالْبَسْ ... مِنَ التَّوَقِّي أَعَزَّ مَلْبَسْ وَادْخُلْ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ أَعْمَى ... وَاخْرُجْ إِذَا مَا خَرَجْتَ أَخْرَسْ وَلَهُ: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى عَدُوَّكَ رَاغِمًا ... وَتَقْتُلَهُ هَمًّا وَتَحْرِقَهُ غَمَّا فَسَامِ الْعُلَا وَازْدَدْ مِنَ الْفَضْلِ إِنَّهُ ... مَنِ ازْدَادَ فَضْلًا زَادَ حَاسِدُهُ غَمَّا وَلَهُ: إِنَّ أَسْيَافَنَا الْعِضَابَ الدَّوَامِي ... صَيَّرَتْ مُلْكَنَا طَوِيلَ الدَّوَامِ لَمْ نَزَلْ نَحْنُ فِي سَدَادِ ثُغُورٍ ... وَاصْطِلَامِ الْأَعْدَاءِ مِنْ وَسْطِ لَامِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৮৯
وَاقْتِحَامِ الْأَهْوَالِ مِنْ وَقْتِ حَامٍ ... وَاقْتِسَامِ الْأَمْوَالِ مَنْ وَقْتِ سَامِ وَلَهُ: يَا خَادِمَ الْجِسْمِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ ... أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ مِمَّا فِيهِ خُسْرَانُ أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا ... فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لَا بِالْجِسْمِ إِنْسَانُ أَبُو فِرَاسِ بْنُ حَمْدَانَ الشَّاعِرُ لَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ، اسْتَنَابَهُ أَخُوهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ عَلَى حَرَّانَ وَمَنْبِجَ، فَقَاتَلَ مَرَّةً الرُّومَ فَأُسِرَ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ وَمَعَانٍ حَسَنَةٌ. وَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ: الْمَرْءُ نَصْبُ مَصَائِبٍ لَا تَنْقَضِي ... حَتَّى يُوَارَى جِسْمُهُ فِي رَمْسِهِ فَمُؤَجَّلٌ يَلْقَى الرَّدَى فِي غَيْرِهِ ... وَمُعَجَّلٌ يَلْقَى الرَّدَى فِي نَفْسِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৯০
وَاتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ: قُلْ فِي مَعْنَاهُمَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: مَنْ يَتَمَنَّ الْعُمُرَ فَلْيَتَّخِذْ ... صَبْرًا عَلَى فَقْدِ أَحِبَّائِهِ وَمَنْ يُعَمَّرْ يَلْقَ فِي نَفْسِهِ ... مَا يَتَمَنَّاهُ لِأَعْدَائِهِ كَذَا ذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ فِي أَخِيهِ أَبِي فِرَاسٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " مِنْ شِعْرِ أَبِي فِرَاسٍ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ أَجَازَهُمَا بِالْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَهُمَا. وَذَكَرَ مِنْ شِعْرِ أَبِي فِرَاسٍ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي قَصِيدَةٍ: سَيَفْقِدُنِي قَوْمِي إِذَا جَدَّ جَدُّهُمْ ... وَفِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْرُ وَلَوْ سَدَّ غَيْرِي مَا سَدَدْتُ اكْتَفَوْا بِهِ ... وَمَا كَانَ يَغْلُو التِّبْرُ لَوْ نَفَقَ الصُّفْرُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي قَصِيدَةٍ: إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّنَا فِي مَنَازِلٍ ... تَحَكَّمُ فِي آسَادِهِنَّ كِلَابُ فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالْحَيَاةُ مَرِيرَةٌ ... وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ غِضَابُ وَلَيْتَ الْذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ ... وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالَمِينَ خَرَابُ