ثم دخلت سنة خمس وأربعين وثلاثمائة
পৃষ্ঠা - ৯৩৬২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا عَصَى الرُّوزْبَهَانُ عَلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَانْحَازَ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَلَحِقَ بِهِ عَامَّةُ مَنْ كَانَ مَعَ الْمُهَلَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُحَارِبُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ لَمْ يُصَدِّقْ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَرَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ بَعْدَ الضَّعَةِ وَالْخُمُولِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَيْهِ لِقِتَالِهِ، فَاتَّبَعَهُ الْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ خَوْفًا مِنْ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَإِنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ قَدْ جَهَّزَ جَيْشًا مَعَ وَلَدِهِ أَبِي الْمُرَجَّى جَابِرٍ إِلَى بَغْدَادَ لِيَأْخُذَهَا حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا، فَأَرْسَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ حَاجِبَهُ سُبُكْتِكِينَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَحْفَظَهَا، وَقَصَدَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الرُّوزْبَهَانِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا، فَهَزَمَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، وَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ، وَأَخَذَهُ أَسِيرًا إِلَى بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَيْلًا وَغَرَّقَهُ ; لِأَنَّ الدَّيْلَمَ أَرَادُوا إِخْرَاجَهُ مِنَ السَّجْنِ قَهْرًا، وَانْطَوَى ذِكْرُ رُوزْبَهَانَ وَإِخْوَتِهِ، وَكَانَ قَدِ اشْتَعَلَ اشْتِعَالَ النَّارِ، وَحَظِيَتِ الْأَتْرَاكُ عِنْدَ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَانْحَطَّتِ الدَّيْلَمُ عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ خِيَانَتُهُمْ فِي أَمْرِ الرُّوزْبَهَانِ وَإِخْوَتِهِ.
وَفِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَرَجَعَ إِلَى أَذَنَةَ ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ فَحَمِيَتِ الرُّومُ، فَجَمَعُوا وَأَقْبَلُوا إِلَى مَيَّافَارِقِينَ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَحَرَقُوا وَرَجَعُوا، وَرَكِبُوا فِي الْبَحْرِ إِلَى طَرَسُوسَ فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةٍ،
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৩
وَسَبَوْا وَحَرَقُوا قُرًى كَثِيرَةً.
وَفِيهَا زُلْزِلَتْ هَمَذَانُ زِلْزَالًا شَدِيدًا، انْهَدَمَتِ الْبُيُوتُ، وَانْشَقَّ قَصْرُ شِيرِينَ بِصَاعِقَةٍ، وَمَاتَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ أَصْبَهَانَ وَأَهْلِ قُمَّ بِسَبَبِ سَبِّ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ قُمَّ فَثَارَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ أَصْبَهَانَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبُوا أَمْوَالَ التُّجَّارِ، فَغَضِبَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ لِأَهْلِ قُمَّ ; لِأَنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا، فَصَادَرَ أَهْلَ أَصْبَهَانَ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
غُلَامُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ أَبُو عُمَرَ
الزَّاهِدُ غُلَامُ ثَعْلَبٍ رَوَى عَنِ الْكُدَيْمِيِّ وَمُوسَى بْنِ سَهْلٍ الْوَشَّاءِ وَغَيْرِهِمَا، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ.
وَكَانَ كَثِيرَ الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ، حَافِظًا مُطَبِّقًا، يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ شَيْئًا كَثِيرًا، ضَابِطًا لِمَا يَحْفَظُهُ.
وَلِكَثْرَةِ إِغْرَابِهِ اتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ وَرَمَاهُ بِالْكَذِبِ، وَقَدِ اتَّفَقَ لَهُ مَعَ الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ - وَكَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ - أَنَّهُ أَمْلَى مِنْ حِفْظِهِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بِشَوَاهِدِهَا وَأَدِلَّتِهَا
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৪
مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَاسْتُشْهِدَ عَلَى بَعْضِهَا بِبَيْتَيْنِ غَرِيبَيْنِ جِدَّا، فَعَرَضَهَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ مِقْسَمٍ، فَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا مَا وَضَعَهُ أَبُو عُمَرَ مِنْ عِنْدِهِ. فَلَمَّا جَاءَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي مَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْهُ، فَطَلَبَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ لَهُ مِنْ كُتُبِهِ دَوَاوِينَ الْعَرَبِ. فَلَمْ يَزَلْ يَأْتِيهِ بِشَاهِدٍ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ شَاهِدٍ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الثَّلَاثِينَ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْبَيْتَانِ فَإِنَّ ثَعْلَبًا أَنْشَدَنَاهُمَا وَأَنْتَ حَاضِرٌ، فَكَتَبْتَهُمَا فِي دَفْتَرِكَ. فَطَلَبَ الْقَاضِي دَفْتَرَهُ، فَإِذَا هُمَا فِيهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ دُرَيْدٍ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى مَاتَ.
وَتُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ فِي الصُّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِقَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ بِبَغْدَادَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رُسْتُمَ أَبُو بَكْرٍ الْمَادَرَائِيُّ الْكَاتِبُ
كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمَدُ مَعَ أَبِيهِمَا، وَكَانَ عَلَى الْخَرَاجِ لِخُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ ثُمَّ صَارَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّاسِ وَأَكَابِرِهِمْ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَطَبَقَتِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৫
وَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِبَابَيْ شَيْخٌ كَبِيرٌ مِنَ الْكُتَّابِ قَدْ بَطَلَ عَنْ وَظِيفَتِهِ، فَرَأَيْتُ وَالِدِي فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ، أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَنْتَ مَشْغُولٌ بِلَذَّاتِكَ، وَالنَّاسُ بِبَابِكَ يَهْلَكُونَ مِنَ الْعُرْيِ وَالْجُوعِ، هَذَا فُلَانٌ قَدْ تَقَطَّعَ سَرَاوِيلُهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِبْدَالِهِ، فَلَا تُهْمِلْ أَمْرَهُ. فَاسْتَيْقَظْتُ مَذْعُورًا، وَأَنَا نَاوٍ لَهُ الْإِحْسَانَ، فَنِمْتُ ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ وَقَدْ أُنْسِيتُ الْمَنَامَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِلَى دَارِ الْمَلِكِ، إِذَا بِذَلِكَ الشَّيْخِ عَلَى دَابَّةٍ ضَعِيفَةٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَرَادَ أَنْ يَتَرَجَّلَ فَبَدَا لِي فَخِذُهُ، وَقَدْ لَبِسَ الْخُفَّ بِلَا سَرَاوِيلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الْمَنَامَ. فَاسْتَدْعَى بِهِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَثِيَابًا، وَرَتَّبَ لَهُ عَلَى وَظِيفَتِهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ، وَوَعَدَهُ بِخَيْرٍ فِي الْآجِلِ أَيْضًا.
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ طَبَاطَبَا بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
الشَّرِيفُ الْحَسَنِيُّ الرَّسِّيُّ - قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَشْرَافِ - أَبُو الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ الشَّاعِرُ، كَانَ نَقِيبَ الطَّالِبِيِّينَ بِمِصْرَ.
وَمِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ:
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِي وَمَضَى ... بِاللَّهِ صِفْهُ وَلَا تَنْقُصْ وَلَا تَزِدِ
فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأٍ ... وَقُلْتُ قِفْ لَا تَرِدْ لِلْمَاءِ لَمْ يَرِدِ
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৬
قَالَتْ صَدَقْتَ وَفَاءُ الْحُبِّ عَادَتُهُ ... يَا بَرْدَ ذَاكَ الَّذِي قَالَتْ عَلَى كَبِدِي
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.