আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ثماني عشرة وثلاثمائة

পৃষ্ঠা - ৯১৮৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ وَزِيرَهُ أَبَا عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، فَكَانَتْ مُدَّةُ وِزَارَتِهِ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَاسْتَوْزَرَ مَكَانَهُ سُلَيْمَانَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مَخْلَدٍ، وَجَعَلَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى نَاظِرًا مَعَهُ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا أُحْرِقَتْ دَارُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَانْتَهَبَ النَّاسُ أَخْشَابَهَا وَمَا وَجَدُوا فِيهَا مِنْ حَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَصَادَرَهُ الْخَلِيفَةُ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ. وَفِيهَا طَرَدَ الْخَلِيفَةُ الرَّجَّالَةَ الَّذِينَ كَانُوا بِدَارِ الْخِلَافَةِ عَنْ بَغْدَادَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا رَدُّوا الْمُقْتَدِرَ إِلَى الْخِلَافَةِ شَرَعُوا يُنَفِّسُونَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ عَلَيْهِ ; يَقُولُونَ: مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَصْعَدَ الْحِمَارَ إِلَى السَّطْحِ يَقْدِرُ يُنْزِلُهُ. فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ عَنْ بَغْدَادَ وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عُوقِبَ، فَأُحْرِقَتْ دَوْرٌ كَثِيرَةٌ مِنْ قَرَابَاتِهِمْ، وَاحْتَرَقَ بَعْضُ نِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، فَخَرَجُوا مِنْهَا فِي غَايَةِ الْإِهَانَةِ، فَنَزَلُوا وَاسِطًا وَتَغَلَّبُوا عَلَيْهَا، وَأَخْرَجُوا عَامِلَهَا مِنْهَا، فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ فَأَوْقَعَ بِهِمْ بَأْسًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقَا كَثِيرًا، فَلَمْ تَقُمْ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ رَايَةٌ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ بْنَ حَمْدَانَ عَنِ الْمَوْصِلِ وَوَلَّى
পৃষ্ঠা - ৯১৮৬
عَلَيْهَا عَمَّيْهِ سَعِيدًا وَنَصْرًا ابْنَيْ حَمْدَانَ. وَوَلَّاهُ دِيَارَ رَبِيعَةَ نَصِيبِينَ وَسِنْجَارَ وَالْخَابُورَ وَرَأْسَ الْعَيْنِ وَمَعَهَا مَيَّافَارِقِينَ وَأَرْزَنَ، ضَمِنَ ذَلِكَ مِنَ الْخَلِيفَةِ بِمَالٍ يَحْمِلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى خَرَجَ رَجُلٌ بِبِلَادِ الْبَوَازِيجِ يُقَالُ لَهُ: صَالِحُ بْنُ مَحْمُودٍ. فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى سِنْجَارَ، فَحَاصَرَهَا، فَدَخَلَهَا، وَأَخَذَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهَا، وَخَطَبَ بِهَا خُطْبَةً، وَوَعَظَ فِيهَا وَذَكَّرَ وَحَذَّرَ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا قَالَ: نَتَوَلَّى الشَّيْخَيْنِ، وَنَتَبَرَّأُ مِنَ الْخَبِيثَيْنِ، وَلَا نَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. ثُمَّ سَارَ فَعَاثَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا. فَانْتُدِبَ لَهُ نَصْرُ بْنُ حَمْدَانَ، فَقَاتَلَهُ، فَأُسِرَ صَالِحُ بْنُ مَحْمُودٍ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ، فَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا، وَقَدِ اشْتُهِرَ شُهْرَةً فَظِيعَةً. وَخَرَجَ آخَرُ بِبِلَادِ الْمَوْصِلِ فَاتَّبَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ، فَحَاصَرَ أَهْلَ نَصِيبِينَ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِائَةً وَأَسَرَ أَلْفًا، ثُمَّ بَاعَهُمْ نُفُوسَهُمْ، وَصَادَرَ أَهْلَهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَانْتُدِبَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ، فَقَاتَلَهُ فَظَفِرَ بِهِ فَأَسَرَهُ، وَسَيَّرَهُ إِلَى بَغْدَادَ أَيْضًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِيهَا خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى ابْنِهِ هَارُونَ، وَرَكِبَ مَعَهُ الْوَزِيرُ وَالْجَيْشُ، وَأَعْطَاهُ نِيَابَةَ فَارِسَ وَكَرْمَانَ وَسِجِسْتَانَ وَمُكْرَانَ، وَخَلَعَ عَلَى ابْنِهِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرَّاضِي، وَجَعَلَهُ نَائِبَ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ، وَيَكُونُ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ يَسُدُّ عَنْهُ أُمُورَهَا.
পৃষ্ঠা - ৯১৮৭
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ السَّمِيعِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَاشِمِيُّ، وَخَرَجَ الْحَجِيجُ بِخُفَارَةٍ وَبَذْرَقَةٍ حَتَّى سَلِمُوا فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مِنَ الْقَرَامِطَةِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ أَبُو جَعْفَرَ التَّنُوخِيُّ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ، الْعَدْلُ الثِّقَةُ الرَّضِيُّ، وَكَانَ فَقِيهًا ثِقَةً نَبِيلًا، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَوَى عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّحْوِ، فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، جَيِّدَ الشِّعْرِ، مَحْمُودًا فِي الْأَحْكَامِ. اتَّفَقَ أَنَّ السَّيِّدَةَ أُمَّ الْمُقْتَدِرِ وَقَفَتْ وَقْفًا، وَجَعَلَ الْحَاكِمُ هَذَا عِنْدَهُ نُسْخَةً بِهِ فِي سَلَّةِ الْحُكْمِ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُضَ ذَلِكَ الْوَقْفَ، فَطَلَبَتِ الْحَاكِمَ وَأَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ كِتَابَ الْوَقْفِ، لِتَأْخُذَهُ مِنْهُ فَتَعْدِمَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ مِنْ وَرَاءِ السِّتَارَةِ، فَهِمَ الْمَقْصُودَ، فَقَالَ لَهَا: لَا يُمْكِنُ هَذَا ; لِأَنِّي خَازِنُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِمَّا أَنْ تَعْزِلُونِي عَنِ الْقَضَاءِ وَتُوَلُّوا عَلَى هَذَا غَيْرِي، وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوا هَذَا الَّذِي تُرِيدُونَهُ، فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَأَنَا حَاكِمٌ. فَشَكَتْهُ إِلَى وَلَدِهَا الْمُقْتَدِرِ، فَشَفَعَ عِنْدَهُ الْمُقْتَدِرُ فِي ذَلِكَ، فَذَكَرَ لَهُ صُورَةَ الْحَالِ فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى عَزْلِهِ وَلَا التَّلَاعُبِ بِهِ. فَرَضِيَتْ عَنْهُ، وَبَعَثَتْ تَشْكُرُهُ عَلَى مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ قَدَّمَ أَمْرَ اللَّهِ عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯১৮৮
أَمْرِ الْعِبَادِ كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ. وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ. يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَكَتَبَ وَسَمِعَ وَحَفِظَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحِفَّاظِ وَشُيُوخِ الرِّوَايَةِ، وَكَتَبَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكَابِرِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ تَدُلُّ عَلَى حِفْظِهِ وَفِقْهِهِ وَفَهْمِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْكُوفَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً. الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَشَّارِ بْنِ زِيَادٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَلَّافِ، الضَّرِيرُ النَّهْرَوَانِيُّ، الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، وَكَانَ أَحَدَ سُمَّارِ الْخَلِيفَةِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ، وَلَهُ مَرْثَاةٌ طَنَّانَةٌ فِي هِرٍّ لَهُ قَتَلَهُ جِيرَانُهُ ; لِأَكْلِهِ أَفْرَاخَ الْحَمَامِ مِنْ أَبْرَاجِهِمْ، وَفِيهَا آدَابٌ وَرِقَّةٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَرَادَ بِهَا رِثَاءَ ابْنِ الْمُعْتَزِّ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَجَاسَرْ أَنْ يَنْسِبَهَا إِلَيْهِ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ حِينَ قَتَلَهُ، وَأَوَّلُهَا: يَا هِرُّ فَارَقْتَنَا وَلَمْ تَعُدِ ... وَكُنْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلِ الْوَلَدِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ بَيْتًا.