আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ثنتي عشرة وثلاثمائة

পৃষ্ঠা - ৯১৪৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا اعْتَرَضَ الْقِرْمِطِيُّ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ - لَعَنَهُ اللَّهُ، وَلَعَنَ مَعَهُ أَبَاهُ - لِلْحَجِيجِ وَهُمْ رَاجِعُونَ مِنْ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ قَدْ أَدَّوْا فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَقَطَعَ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ، فَقَاتَلُوهُ دَفْعًا عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وَأَسَرَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ مَا اخْتَارَهُ، وَاصْطَفَى مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا أَرَادَ، فَكَانَ مَبْلَغُ مَا أَخَذَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا يُقَاوِمُ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْمَتَاجِرِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَتَرَكَ بَقِيَّةَ النَّاسِ - بَعْدَمَا أَخَذَ جِمَالَهُمْ وَزَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ عَلَى بُعْدِ الدِّيَارِ فِي الْبَرِّيَّةِ - بِلَا زَادٍ وَلَا مَاءٍ وَلَا مَحْمَلٍ. وَقَدْ حَاجَفَ عَنِ النَّاسِ نَائِبُ الْكُوفَةِ أَبُو الْهَيْجَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ، فَقَهَرَهُ وَأَسَرَهُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ مَعَ الْقِرْمِطِيِّ ثَمَانِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَصَمَهُ اللَّهُ. وَلَمَّا انْتَهَى خَبَرُهُمْ إِلَى بَغْدَادَ قَامَ نِسَاؤُهُمْ وَأَهَالِيهِمْ فِي النِّيَاحَةِ، وَنَشَرْنَ شُعُورَهُنَّ وَلَطَمْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَانْضَافَ إِلَيْهِنَّ نِسَاءُ الَّذِينَ نُكِبُوا عَلَى يَدَيِ
পৃষ্ঠা - ৯১৪৯
الْوَزِيرِ ابْنِ الْفُرَاتِ، فَكَانَ بِبَغْدَادَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْفَظَاعَةِ وَالشَّنَاعَةِ، وَلَمَّا سَأَلَ الْخَلِيفَةُ عَنِ الْخَبَرِ، ذُكِرَ لَهُ أَنَّ هَذِهِ نِسْوَةُ الْحَجِيجِ، وَمَعَهُنَّ نِسَاءُ الَّذِينَ صَادَرَهُمُ ابْنُ الْفُرَاتِ، وَجَاءَتْ عَلَى يَدِ الْحَاجِبِ نَصْرٍ الْقُشُورِيِّ الْمَشُورَةُ عَلَى الْوَزِيرِ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا اسْتَوْلَى هَذَا الْقِرْمِطِيُّ بِسَبَبِ إِبْعَادِكَ الْمُظَفَّرَ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ، فَطَمِعَ هَؤُلَاءِ فِي الْأَطْرَافِ، وَمَا أَشَارَ عَلَيْكَ بِإِبْعَادِهِ إِلَّا ابْنُ الْفُرَاتِ. وَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَدِرُ إِلَى الْوَزِيرِ ابْنِ الْفُرَاتِ، يَقُولُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَتَكَلَّمُونَ فِيكَ لِنُصْحِكَ إِيَّايَ. وَأَرْسَلَ يُطَيِّبُ قَلْبَهُ، فَرَكِبَ هُوَ وَوَلَدُهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَدَخَلَا عَلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُمَا وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمَا، وَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ، فَنَالَهُ أَذًى كَثِيرٌ مِنْ نَصْرٍ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ، وَجَلَسَ الْوَزِيرُ فِي دَسْتِهِ، فَحَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى عَادَتِهِ، وَبَاتَ لَيْلَتَهُ تِلْكَ مُفَكِّرًا فِي أَمْرِهِ، وَأَصْبَحَ كَذَلِكَ وَهُوَ يَنْشُدُ: فَأَصْبَحَ لَا يَدْرِي وَإِنْ كَانَ حَازِمًا ... أَقُدَّامَهُ خَيْرٌ لَهُ أَمْ وَرَاءَهُ ثُمَّ جَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمِيرَانِ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ فَدَخَلَا عَلَيْهِ دَارَهُ إِلَى بَيْنِ حَرَمِهِ، وَأَخْرَجُوهُ مَكْشُوفًا رَأْسُهُ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْمَذَلَّةِ وَالْإِهَانَةِ، فَأَرْكَبُوهُ فِي حَرَّاقَةٍ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَفَهِمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَرَجَمُوا ابْنَ الْفُرَاتِ
পৃষ্ঠা - ৯১৫০
بِالْآجُرِّ، وَتَعَطَّلَتِ الْجَوَامِعُ، وَسَخَّمَتِ الْعَامَّةُ الْمَحَارِيبَ، وَلَمْ يُصَلِّ النَّاسُ الْجُمُعَةَ فِيهَا، وَأُخِذَ خَطُّهُ بِأَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأُخِذَ خَطُّ ابْنِهِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَسُلِّمَا إِلَى نَازُوكَ أَمِيرِ الشُّرْطَةِ، فَاعْتُقِلَا حِينًا، وَخَلَّصَ مِنْهُمَا الْأَمْوَالَ، فَلَمَّا قَدِمَ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ سُلِّمَ إِلَيْهِ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ، فَأَهَانَهُ غَايَةَ الْإِهَانَةِ بِالضَّرْبِ وَالتَّقْرِيعِ لَهُ وَلِوَلَدِهِ الْمُحَسِّنِ الْمُجْرِمِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَسِّنٍ، ثُمَّ قُتِلَا بَعْدَ ذَلِكَ. فَكَانَتْ وِزَارَتُهُ هَذِهِ الثَّالِثَةُ ; عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا. وَاسْتُوزِرَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ، وَذَلِكَ فِي تَاسِعِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَكَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ لِيَحْضُرَ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، وَسُلِّمَ إِلَيْهِ ابْنُ الْفُرَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَعَاقَبَهُ، وَشَفَعَ إِلَى الْخَاقَانِيِّ فِي أَنْ يُرْسِلَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى - وَكَانَ قَدْ صَارَ إِلَى صَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ مَطْرُودًا - فَعَادَ إِلَى مَكَّةَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ الْوَزِيرُ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ بِالْمَسِيرِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ لِأَجْلِ الْقَرَامِطَةِ، وَأَنْفَقَ عَلَى خُرُوجِهِ إِلَى هُنَالِكَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَطْلَقَ الْقِرْمِطِيُّ مَنْ كَانَ أَسَرَهُ مِنَ الْحَجِيجِ وَكَانُوا أَلْفَيْ رَجُلٍ وَخَمْسَمِائَةِ امْرَأَةٍ، وَأَطْلَقَ أَبَا الْهَيْجَاءِ نَائِبَ الْكُوفَةِ مَعَهُمْ أَيْضًا، وَكَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُ مِنْهُ الْبَصْرَةَ وَالْأَهْوَازَ، فَلَمْ يُجَبْ إِلَى ذَلِكَ، وَرَكِبَ الْمُظَفَّرُ مُؤْنِسٌ
পৃষ্ঠা - ৯১৫১
الْخَادِمُ فِي جَحَافِلَ إِلَى بِلَادِ الْكُوفَةِ فَسَكَنَ أَمْرُهَا، ثُمَّ انْحَدَرَ مِنْهَا إِلَى وَاسِطٍ ; خَوْفًا عَلَيْهَا مِنَ الْقَرَامِطَةِ، وَاسْتَنَابَ عَلَى الْكُوفَةِ يَاقُوتَ الْخَادِمَ، فَتَمَهَّدَتِ الْأُمُورُ وَانْصَلَحَتْ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ رَجُلٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَبَغْدَادَ، فَادَّعَى أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ وَالطَّغَامِ، وَالْتَفُّوا عَلَيْهِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي شَوَّالٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْوَزِيرُ جَيْشًا فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ، وَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَتَفَرَّقَ بَقِيَّتُهُمْ. وَهَذَا الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ هُوَ رَئِيسُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَأَوَّلُهُمْ. وَظَفِرَ نَازُوكُ نَائِبُ الشُّرْطَةِ بِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَلَّاجِ وَهُمْ حَيْدَرَةُ، وَالشَّعْرَانِيُّ، وَابْنُ مَنْصُورٍ، فَطَالَبَهُمْ بِالرُّجُوعِ، فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَصَلَبَهُمْ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ. وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ; لِكَثْرَةِ خَوْفِ النَّاسِ مِنَ الْقَرَامِطَةِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْشٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الْوَاعِظُ الزَّاهِدُ النَّيْسَابُورِيُّ، كَانَ يَعِظُ النَّاسَ، فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ الْحَسَنِ قَوْلُهُ: يَضْحَكُ الْقَضَاءُ مِنَ الْحَذَرِ، وَيَضْحَكُ الْأَجَلُ مِنَ الْأَمَلِ، وَيَضْحَكُ التَّقْدِيرُ مِنَ التَّدْبِيرِ، وَتَضْحَكُ الْقِسْمَةُ مِنَ الْجَهْدِ وَالْعَنَاءِ.
পৃষ্ঠা - ৯১৫২
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ، أَبُو الْحَسَنِ الْوَزِيرُ وَلَّاهُ الْمُقْتَدِرُ الْوِزَارَةَ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ وَلَّاهُ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ وَلَّاهُ، ثُمَّ عَزَلَهُ هَذِهِ السَّنَةَ وَقَتَلَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ جَزِيلٍ جِدًّا، مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَدْخُلُهُ مِنْ ضِيَاعِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَا أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ وَيُجْرِي عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ فِي كُلِّ شَهْرٍ، أَثَابَهُ اللَّهُ، وَكَانَ فِيهِ كِفَايَةٌ وَنَهْضَةٌ وَمَعْرِفَةٌ بِالْوِزَارَةِ وَالْحِسَابِ، يُقَالُ: إِنَّهُ نَظَرَ يَوْمًا فِي أَلْفِ كِتَابٍ، وَوَقَّعَ عَلَى أَلْفِ رُقْعَةٍ، فَتَعَجَّبَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَتْ فِيهِ مُرُوءَةٌ وَكَرَمٌ وَحُسْنُ سِيرَةٍ فِي وِلَايَاتِهِ، غَيْرَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ ; فَإِنَّهُ ظَلَمَ وَغَشَمَ وَصَادَرَ النَّاسَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ، فَأَخَذَهُ اللَّهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ. وَقَدْ كَانَ فِيهِ كَرَمٌ وَسَعَةٌ فِي النَّفَقَةِ، ذُكِرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةُ وَأَهْلُ الْأَدَبِ وَالشُّعَرَاءُ وَالْفُقَهَاءُ، فَأَطْلَقَ مِنْ مَالِهِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَكَتَبَ رَجُلٌ عَلَى لِسَانِهِ إِلَى نَائِبِ مِصْرَ كِتَابًا فِيهِ الْوَصِيَّةُ بِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ اسْتَرَابَ بِهِ، وَقَالَ: مَا هَذَا خَطُّهُ، وَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى الْوَزِيرِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ الْوَزِيرُ عَرَفَ أَنَّهُ كَذِبٌ وَزُورٌ، وَاسْتَشَارَ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ فِي الَّذِي زَوَّرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقْطَعُ إِبْهَامُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: يُضْرَبُ ضَرْبًا عَنِيفًا. فَقَالَ الْوَزِيرُ: أَوْ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَأَخَذَ الْكِتَابَ،
পৃষ্ঠা - ৯১৫৩
وَكَتَبَ عَلَيْهِ: نَعَمْ هَذَا خَطِّي، وَهُوَ مِنْ أَخَصِّ أَصْحَابِي، فَلَا تَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَّا وَصَلْتَهُ بِهِ. فَلَمَّا عَادَ الْكِتَابُ أَحْسَنَ نَائِبُ مِصْرَ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَوَصَلَهُ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفِ دِينَارٍ. وَاسْتَدْعَى ابْنُ الْفُرَاتِ يَوْمًا بِبَعْضِ الْكُتَّابِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! إِنَّ نِيَّتِي فِيكَ سَيِّئَةٌ، وَإِنِّي فِي كُلِّ وَقْتٍ أُرِيدُ أَنْ أَقْبِضَ عَلَيْكَ وَأُصَادِرَكَ مَالَكَ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ مِنْ لَيَالٍ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ بِالْقَبْضِ عَلَيْكَ، فَجَعَلْتَ تَمْتَنِعُ مِنِّي، فَأَمَرْتُ جُنْدِي أَنْ تُقَاتِلَ، فَجَعَلُوا كُلَّمَا ضَرَبُوكَ بِشَيْءٍ مِنْ سِهَامٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ السِّلَاحِ تَتَّقِي الضَّرْبَ بِرَغِيفٍ فِي يَدِكَ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْكَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ، فَأَعْلِمْنِي مَا قِصَّةُ هَذَا الرَّغِيفِ؟ فَقَالَ: أَيُّهَا الْوَزِيرُ، إِنَّ أُمِّي مُنْذُ كُنْتُ صَغِيرًا كَانَتْ تَضَعُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ تَحْتَ وِسَادَتِي رَغِيفًا، ثُمَّ تُصْبِحُ فَتَتَصَدَّقُ بِهِ عَنِّي، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهَا حَتَّى مَاتَتْ. فَفَعَلْتُهُ بَعْدَهَا، فَأَنَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ أُبَيِّتُ تَحْتَ وِسَادَتِي رَغِيفًا، ثُمَّ أُصْبِحُ فَأَتَصَدَّقُ بِهِ، فَعَجِبَ الْوَزِيرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَنَالُكَ مِنِّي سُوءٌ أَبَدًا، وَلَقَدْ حَسُنَتْ نِيَّتِي فِيكَ وَأَحْبَبْتُكَ. وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ تَرْجَمَتَهُ وَذَكَرَ بَعْضَ مَا أَوْرَدْنَاهُ. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو بَكْرٍ الْأَزْدِيُّ الْوَاسِطِيُّ، الْمَعْرُوفُ بَالْبَاغَنْدِيِّ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَابْنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، وَعَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، وَخَلْقًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ، وَرَحَلَ إِلَى الْأَمْصَارِ الْبَعِيدَةِ، وَعُنِيَ
পৃষ্ঠা - ৯১৫৪
بِهَذَا الشَّأْنِ، وَاشْتَغَلَ فِيهِ فَأَفْرَطَ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ رُبَّمَا سَرَدَ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ بِأَسَانِيدِهَا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَيُسَبِّحُ بِهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ. وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أُجِيبُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ. وَقَدْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُورٌ أَوِ الْأَعْمَشُ؟ فَقَالَ لَهُ: مَنْصُورٌ، مَنْصُورٌ. وَقَدْ كَانَ يُعَابُ بِالتَّدْلِيسِ، حَتَّى قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، يُحَدِّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَرُبَّمَا سَرَقَ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ.