سنة خمس وثمانين ومائتين
পৃষ্ঠা - ৮৯৬৮
[سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا خَرَجَ صَالِحُ بْنُ مُدْرِكٍ الطَّائِيُّ عَلَى الْحَاجِّ بِالْأَجْفُرِ فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَخَدَمَهُمْ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمْ مَا قِيمَتُهُ أَلْفَا أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا يَوْمَ الْأَحَدِ لِعَشَرٍ بَقِينَ مِنْهُ ارْتَفَعَتْ بِنَوَاحِي الْكُوفَةِ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ جِدًّا ثُمَّ سَقَطَتْ أَمْطَارٌ بِرُعُودٍ وَبُرُوقٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا وَسَقَطَ فِي بَعْضِ الْقُرَى مَعَ الْمَطَرِ حِجَارَةٌ بِيضٌ وَسُودٌ وَسَقَطَ بَرَدٌ كِبَارٌ وَزْنُ الْبَرَدَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَاقْتَلَعَتِ الرِّيَاحُ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ مِمَّا حَوْلَ دِجْلَةَ وَزَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً عَظِيمَةً حَتَّى خِيفَ عَلَى بَغْدَادَ مِنَ الْغَرَقِ.
وَفِيهَا غَزَا رَاغِبٌ الْخَادِمُ مَوْلَى الْمُوَفَّقِ بِلَادَ الرُّومِ فَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً وَأَسَرَ ذَرَارِيَّ كَثِيرَةً جِدًّا وَقَتَلَ مِنْ أَسَارَى الرِّجَالِ الَّذِينَ تَحَصَّلُوا مَعَهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ رَقَبَةٍ ثُمَّ عَادَ سَالِمًا مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ.
পৃষ্ঠা - ৮৯৬৯
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ:
أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ صَاحِبُ آمِدَ فَقَامَ بِأَمْرِهَا مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ فَقَصَدَهُ الْمُعْتَضِدُ وَمَعَهُ ابْنُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ فَحَاصَرَهُ بِهَا فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَامِعًا مُطِيعًا فَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَكْرَمَ أَهْلَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ الْمُكْتَفِي ثُمَّ سَارَ إِلَى قِنِّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمِ فَتَسَلَّمَهَا عَنْ كِتَابِ هَارُونَ بْنِ خُمَارَوَيْهِ وَإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمُصَالَحَتِهِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِيهَا غَزَا ابْنُ الْإِخْشِيدِ بِأَهْلِ طَرَسُوسَ بِلَادَ الرُّومِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ حُصُونًا كَثِيرَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَيْسَمٍ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا تَخَرَّجَ بِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرَوَى عَنْهُ كَثِيرًا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ إِمَامٌ مُصَنِّفٌ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ بَارِعٌ فِي كُلِّ عِلْمٍ صَدُوقٌ كَانَ يُقَاسُ بِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زُهْدِهِ وَعِلْمِهِ وَوَرَعِهِ.
পৃষ্ঠা - ৮৯৭০
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: أَجْمَعَ عُقَلَاءُ كُلِّ أُمَّةٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْرِ مَعَ الْقَدَرِ لَمْ يَتَهَنَّ بِعَيْشِهِ. وَكَانَ يَقُولُ: الرَّجُلُ الَّذِي يُدْخِلُ غَمَّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَقَدْ كَانَتْ بِي شَقِيقَةٌ مُنْذُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مَا أَخْبَرْتُ بِهَا أَحَدًا قَطُّ وَلِيَ عَشْرُ سِنِينَ أُبْصِرُ بِفَرْدِ عَيْنٍ مَا أَخْبَرْتُ بِهَا أَحَدًا قَطُّ. وَذَكَرَ أَنَّهُ مَكَثَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ مَا يَسْأَلُ أَهْلَهُ غَدَاءً وَلَا عَشَاءً بَلْ إِنْ جَاءُوهُ بِشَيْءٍ أَكْلَهُ وَإِلَّا طَوَى إِلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْفَقَ فِي بَعْضِ الرَّمَضَانَاتِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَأَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ وَنِصْفًا، وَمَا كُنَّا نَعْرِفُ مِنْ هَذِهِ الْطَّبَائِخِ شَيْئًا إِنَّمَا هُوَ بَاذِنْجَانٌ مَشْوِيٌّ أَوْ بَاقَةُ فِجْلٍ أَوْ نَحْوُ هَذَا.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَضِدُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَرَدَّهَا فَرَجَعَ الرَّسُولُ وَقَالَ: يَقُولُ لَكَ الْخَلِيفَةُ فِرِّقْهَا عَلَى مَنْ تَعْرِفُ مِنْ فُقَرَاءَ جِيرَانِكَ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ نَجْمَعْهُ وَلَا نُسْأَلُ عَنْ جَمْعِهِ فَلَا نُسْأَلُ عَنْ تَفْرِيقِهِ، قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِمَّا يَتْرُكُنَا وَإِلَّا نَتَحَوَّلُ مِنْ بَلَدِهِ.
وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَعُودُهُ فَقَامَتِ ابْنَتُهُ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ وَأَنَّهُ لَا طَعَامَ لَهُمْ إِلَّا الْخَبْزَ الْيَابِسَ بِالْمِلْحِ وَرُبَّمَا عُدِمُوا الْمِلْحَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَقَالَ لَهَا إِبْرَاهِيمُ: يَا بُنَيَّةُ تَخَافِينَ الْفَقْرَ؟ انْظُرِي
পৃষ্ঠা - ৮৯৭১
إِلَى تِلْكَ الزَّاوِيَةِ فَفِيهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ جُزْءٍ قَدْ كَتَبْتُهَا فِي الْعِلْمِ، فَفِي كُلِّ يَوْمٍ بِيعِي مِنْهَا جُزْءًا بِدِرْهَمٍ، فَمَنْ عِنْدَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ.
ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي عِنْدَ بَابِ الْأَنْبَارِ وَكَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا جِدًّا.
الْمُبَرِّدُ النَّحْوِيُّ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْأَكْبَرِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَزْدِيُّ الثُّمَالِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمِبْرِّدِ النَّحْوِيُّ الْبَصْرِيُّ إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الْمَازِنِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتَا فِيمَا يَنْقُلُهُ وَكَانَ مُنَاوِئًا لِثَعْلَبٍ وَلَهُ كِتَابُ " الْكَامِلِ " فِي الْأَدَبِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِالْمِبْرِّدِ لِأَنَّهُ اخْتَبَأَ مِنَ الْوَالِي عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ تَحْتَ الْمُزَمَّلَةِ.
قَالَ الْمُبَرِّدُ: دَخَلْنَا يَوْمًا عَلَى الْمَجَانِينِ نَزُورُهُمْ أَنَا وَأَصْحَابٌ مَعِي بِالرَّقَّةِ، فَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْمَكَانِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ نَاعِمَةٌ، فَلَمَّا أَبْصَرَ بِنَا قَالَ: حَيَّاكُمُ اللَّهُ مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ: بِأَبِي الْعِرَاقُ وَأَهْلُهَا أَنْشِدُونِي أَوْ أُنْشِدُكُمْ؟ قَالَ الْمُبَرِّدُ: فَقُلْتُ: بَلْ أَنْشِدْنَا أَنْتَ. فَقَالَ:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي كَمِدٌ ... لَا أَسْتَطِيعُ أَبُثُّ مَا أَجِدُ
পৃষ্ঠা - ৮৯৭২
رُوحَانِ لِي رُوحٌ تَضَمَّنَهَا ... بَلَدٌ وَأُخْرَى حَازَهَا بَلَدُ
وَأَرَى الْمُقِيمَةَ لَيْسَ يَنْفَعُهَا ... صَبْرٌ وَلَا يَقْوَى لَهَا جَلَدُ
وَأَظُنُّ غَائِبَتِي كَشَاهِدَتِي ... بِمَكَانِهَا تَجِدُ الَّذِي أَجِدُ
قَالَ الْمُبَرِّدُ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَظَرِيفٌ فَزِدْنَا مِنْهُ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
لَمَّا أَنَاخُوا قُبَيْلَ الصُّبْحِ عِيرَهُمُ ... وَرَحَّلُوهَا فَثَارَتْ بِالْهَوَى الْإِبِلُ
وَأَبْرَزَتْ مِنْ خِلَالِ السِّجْفِ نَاظِرَهَا ... تَرْنُو إِلَيَّ وَدَمْعُ الْعَيْنِ يَنْهَمِلُ
وَوَدَّعَتْ بِبَنَانٍ عَقْدُهُ عَنَمٌ ... نَادَيْتُ لَا حَمَلَتْ رِجْلَاكَ يَا جَمَلُ
وَيْلِي مِنَ الْبَيِنِ مَاذَا حَلَّ بِي وَبِهِمْ ... مِنْ نَازِلِ الْبَيْنِ حَانَ الْبَيْنُ وَارْتَحَلُوا
يَا رَاحِلَ الْعِيسِ عَجِّلْ كَيْ أُوَدِّعَهُمْ ... يَا رَاحِلَ الْعِيسِ فِي تَرْحَالِكَ الْأَجَلُ
إِنِّي عَلَى الْعَهْدِ لَمْ أَنْقُضْ مَوَدَّتَهُمْ ... فَلَيْتَ شِعْرِي لِطُولِ الْعَهْدِ مَا فَعَلُوا
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْبُغَضَاءِ الَّذِينَ مَعِي: مَاتُوا، فَقَالَ الشَّابُّ: إِذًا أَمُوتُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ، فَتَمَطَّى وَاسْتَنَدَ إِلَى سَارِيَةٍ عِنْدَهُ وَمَاتَ وَمَا بَرِحْنَا حَتَّى دَفَنَّاهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَمَاتَ الْمُبَرِّدُ وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ.