سنة تسع وسبعين ومائتين
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৩
[سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا خُلِعَ جَعْفَرٌ الْمُفَوَّضُ مِنَ الْعَهْدِ، وَاسْتَقَلَّ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ الْمُعْتَمِدُ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ الْمُوَفَّقِ، وَلُقِّبَ بِالْمُعْتَضِدِ، وَجُعِلَ إِلَيْهِ السَّلْطَنَةُ كَمَا كَانَ أَبُوهُ، وَخَطْبَ بِذَلِكَ الْمُعْتَمِدُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ يُهَنِّئُ الْمُعْتَضِدَ:
لِيَهْنِكَ عَقْدٌ أَنْتَ فِيهِ الْمُقَدَّمُ ... حَبَاكَ بِهِ رَبٌّ بِفَضْلِكَ أَعْلَمُ
فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَصْبَحَتْ وَالِيَ عَهْدِنَا ... فَأَنْتَ غَدًا فِينَا الْإِمَامُ الْمُعَظَّمُ
وَلَا زَالَ مَنْ وَالَاكَ فِينِا مُبَلَّغًا ... مُنَاهُ وَمَنْ عَادَاكَ يَشْجَى وَيَنْدَمُ
وَكَانَ عَمُودُ الدِّينِ فِيهِ تَأَوُّدٌ ... فَعَادَ بِهَذَا الْعَهْدِ وَهْوَ مُقَوَّمُ
وَأَصْبَحَ وَجْهُ الْمُلْكِ جَذْلَانَ ضَاحِكًا ... يُضِيءُ لَنَا مِنْهُ الَّذِي كَانَ يُظْلِمُ
فَدُونَكَ فَاشْدُدْ عَقْدَ مَا قَدْ حَوَيْتَهُ ... فَإِنَّكَ دُونَ النَّاسِ فِيهِ الْمُحَكَّمُ
وَفِيهَا نُودِيَ بِبَغْدَادَ أَنْ لَا يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنَ الْقُصَّاصِ وَالطُّرُقِيَّةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا فِي الطُّرُقَاتِ وَأَنْ لَا تُبَاعَ كُتُبُ الْكَلَامِ
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৪
وَالْفَلْسَفَةِ وَالْجَدَلِ بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ بِهِمَّةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُعْتَضِدِ سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتْ حُرُوبٌ بَيْنَ هَارُونَ الشَّارِي وَبَيْنَ بَنِي شَيْبَانَ فِي أَرْضِ الْمَوْصِلِ وَقَدْ بَسَطَ ذَلِكَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ.
وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْهُ وَهَذِهِ تَرْجَمَتُهُ.
هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ بْنِ الرَّشِيدِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ بْنِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ اسْتَمَرَّتْ أَيَّامُهُ فِي الْخِلَافَةِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَيَّامٍ وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ خَمْسِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَأَخَّرَ بَعْدَهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ وَلَمْ يَكُنْ إِلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمْرُ كُلُّهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَدْبِيرِ الْخِلَافَةِ إِلَى الْمُوَفَّقِ، وَقَدِ اتَّفَقَ أَنَّ الْمُعْتَمِدَ طَلَبَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
أَلَيْسَ مِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّ مِثْلِي ... يَرَى مَا قَلَّ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ
وَتُؤْخَذُ بِاسْمِهِ الدُّنْيَا جَمِيعًا ... وَمَا مِنْ ذَاكَ شَيْءٌ فِي يَدَيْهِ
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৫
إِلَيْهِ تُحْمَلُ الْأَمْوَالُ طُرًّا ... وَيُمْنَعُ بَعْضَ مَا يُجْبَى إِلَيْهِ
وَكَانَ أَوَّلَ خَلِيفَةٍ انْتَقَلَ مِنْ سَامَرَّا إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ مَا بُنِيَتْ سَامَرَّا، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ، بَلْ جَعَلُوا دَارَ إِقَامَتِهِمْ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ فِي مَا ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ، أَنَّهُ شَرِبَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَرَابًا كَثِيرًا وَتَعَشَّى عَشَاءً كَثِيرًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْقَصْرِ الْحَسَنِيِّ مِنْ بَغْدَادَ وَحِينَ مَاتَ أَحْضَرَ الْمُعْتَضِدُ الْقُضَاةَ وَالْأَعْيَانَ وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، ثُمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حُمِلَ فَدُفِنَ بِسَامَرَّا، وَفِي صَبِيحَةِ الْعَزَاءِ بُويِعَ لِلْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ.
خِلَافَةُ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ
أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَرِجَالِهِمْ، وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ لَهُ صَبِيحَةَ مَوْتِ الْمُعْتَمِدِ، وَذَلِكَ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ - وَقَدْ كَانَ أَمْرُ الْخِلَافَةِ دَاثِرًا فَأَحْيَاهُ اللَّهُ بِهِمَّتِهِ وَعَدْلِهِ وَشَهَامَتِهِ وَصَرَامَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَاسْتَوْزَرَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ وَهْبٍ وَوَلَّى مَوْلَاهُ بَدْرًا الشُّرْطَةَ فِي بَغْدَادَ وَجَاءَتْهُ هَدَايَا عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، وَسَأَلَ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَاللِّوَاءِ، فَنَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ فِي دَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرَحًا وَسُرُورًا بِذَلِكَ، وَعَزَلَ رَافِعَ بْنَ هَرْثَمَةَ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ.
وَدَخَلَهَا عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَّبِعُ رَافِعًا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى قَتَلَهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ كَمَا سَيَأْتِي وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُعْتَضِدِ وَصَفَتْ إِمْرَةُ خُرَاسَانَ لِعَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ.
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৬
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْجَصَّاصِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِهَدَايَا عَظِيمَةٍ مِنْ خُمَارَوَيْهِ صَاحِبِ مِصْرَ إِلَى الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ، فَتَزَوَّجَ الْمُعْتَضِدُ بِابْنَةِ خُمَارَوَيْهِ فَجَهَّزَهَا أَبُوهَا بِجِهَازٍ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْهَوَاوِينِ الذَّهَبِ مِائَةُ هَاوُنَ، فَحُمِلَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى بَغْدَادَ صُحْبَةَ الْعَرُوسِ وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَمَلَّكَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ قَلْعَةَ مَارْدِينَ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لِإِسْحَاقَ بْنِ كِنْدَاجَ.
وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيُّ وَهِيَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا بِالنَّاسِ، وَكَانَ يَحُجُّ بِالنَّاسِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَمِدُ، كَمَا تَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ قَرِيبًا.
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ خَيْثَمَةَ صَاحِبُ التَّارِيخِ وَغَيْرِهِ، سَمِعَ أَبَا نُعَيْمٍ وَعَفَّانَ وَأَخَذَ عِلْمَ الْحَدِيثِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعِلْمَ النَّسَبِ عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ وَأَيَّامَ النَّاسِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيِّ، وَأَخَذَ الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْجُمَحِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا ضَابِطًا مَشْهُورًا، وَفِي تَارِيخِهِ هَذَا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَفَرَائِدُ غَزِيرَةٌ.
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৭
رَوَى عَنْهُ الْبَغَوِيُّ وَابْنُ صَاعِدٍ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ وَابْنُ الْمُنَادِي، وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَخَاقَانُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ كَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ.
وَنَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ سَامَانَ، السَّامَانِيُّ أَحَدُ مُلُوكِهِمُ الْأَكَابِرِ، وَقَدْ كَانُوا مِنْ سُلَالَةِ الْأَكَاسِرَةِ كَانَ جَدُّهُمْ سَامَانُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَأَصْلُهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ بَهْرَامَ بْنِ أَزْدَشِيرَ بْنِ سَابُورَ ثُمَّ كَانَ ابْنُهُ أَسَدٌ مِنْ عُقَلَاءَ الرِّجَالِ وَخَلَّفَ نُوحًا وَأَحْمَدَ وَيَحْيَى وَإِلْيَاسَ وَقَدْ وَلِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَمْلَكَةَ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي وَهُمُ السَّامَانِيَّةُ.
الْبَلَاذُرِيُّ الْمُؤَرِّخُ.
أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَابِرِ بْنِ دَاوُدَ أَبُو الْحَسَنِ، وَيُقَالُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَيُقَالُ أَبُو بَكْرٍ - الْبَغْدَادِيُّ الْبَلَاذُرِيُّ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ. سَمِعَ هِشَامَ بْنَ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَأَبَا الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيَّ وَجَمَاعَةً وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ النَّدِيمِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ قَرْقَارَةَ الْأَزْدِيُّ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ أَدِيبًا رَاوِيَةً، لَهُ كُتُبٌ جِيَادٌ، وَمَدَحَ الْمَأْمُونَ بِمَدَائِحَ، وَجَالَسَ الْمُتَوَكِّلَ، وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ الْمُعْتَمِدِ وَوُسْوِسَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৮
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْبَلَاذُرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: قُلْ مِنَ الشِّعْرِ مَا يَبْقَى لَكَ ذِكْرُهُ، وَيَزُولُ عَنْكَ إِثْمُهُ. فَقُلْتُ:
اسْتَعْدِّي يَا نَفْسُ لِلْمَوْتِ وَاسْعَيْ ... لِنَجَاةٍ فَالْحَازِمُ الْمُسْتَعِدُّ
قَدْ تَبَيَّنْتِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَيِّ ... خُلُودٌ وَلَا مِنَ الْمَوْتِ بُدُّ
إِنَّمَا أَنْتِ مُسْتَعِيرَةٌ مَا سَوْ ... فَ تَرُدِّينَ وَالْعَوَارِي تُرَدُّ
أَنْتِ تَسْهَيْنَ وَالْحَوَادِثُ لَا تَسْ ... هُو وَتَلْهِينَ وَالْمَنَايَا تَجِدُّ
أَيُّ مُلْكٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ أَيُّ حَظٍّ ... لِامْرِئٍ حَظُّهُ مِنَ الْأَرْضِ لَحْدُ
لَا تُرَجِّي الْبَقَاءَ فِي مَعْدِنِ الْمَوُ ... تِ وَدَارٍ حُتُوفُهَا لَكِ وِرْدُ
كَيْفَ يَهْوَى امْرُؤٌ لَذَاذَةَ أَيَّا ... مٍ عَلَيْهِ الْأَنْفَاسُ فِيْهَا تُعَدُّ
التِّرْمِذِيُّ.
وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ. وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَوْرَةَ بْنِ السَّكَنِ. وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ شَدَّادٍ أَبُو عِيسَى السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ الضَّرِيرُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ أَكْمَهَ. وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْمَشْهُورَةُ، مِنْهَا " الْجَامِعُ " وَ " الشَّمَائِلُ " وَ " أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكِتَابُ " الْجَامِعِ " أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْآفَاقِ، وَجَهَالَةُ ابْنِ حَزْمٍ لِأَبِي عِيسَى
পৃষ্ঠা - ৮৯৩৯
حَيْثُ قَالَ فِي " مُحَلَّاهُ ": وَمَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ؟ - لَا تَضُرُّهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَلَا تَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ تَحُطُّ مِنْ مَنْزِلَةِ ابْنِ حَزْمٍ عِنْدَ الْحُفَّاظِ.
وَكَيْفَ يَصِحُّ فِي الْأَذْهَانِ شَيْءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَشَايِخَهُ فِي كِتَابِنَا " التَّكْمِيلِ ". وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ " الصَّحِيحِ "، وَالْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ صَاحِبُ " الْمُسْنَدِ "، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ الْمَحْبُوبِيُّ رَاوِي " الْجَامِعِ " عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شَكَّرُ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلِيلِيُّ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِهِ " عُلُومِ الْحَدِيثِ ": مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ شَدَّادٍ الْحَافِظُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَهُ كِتَابٌ فِي السُّنَنِ وَكَلَامٌ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَحْبُوبٍ وَالْأَجِلَّاءُ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْأَمَانَةِ وَالْعِلْمِ، مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ. كَذَا قَالَ فِي تَارِيخِ وَفَاتِهِ. وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْغُنْجَارُ فِي " تَارِيخِ بُخَارَى ": مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ الْحَافِظُ دَخَلَ بُخَارَى وَحَدَّثَ بِهَا وَهُوَ صَاحِبُ " الْجَامِعِ " وَ " التَّارِيخِ " تُوُفِّيَ بِالتِّرْمِذِ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمِ
পৃষ্ঠা - ৮৯৪০
بْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، فَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ وَحَفِظَ وَذَاكَرَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَتَبَ عَنِّي الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ» وَرَوَى ابْنُ نُقْطَةَ فِي تَقْيِيدِهِ عَنِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَنَّفْتُ هَذَا الْمُسْنَدَ الصَّحِيحَ فَعَرَضْتُهُ عَلَى عُلَمَاءِ الْحِجَازِ فَرَضُوا بِهِ وَعَرَضْتُهُ عَلَى عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ فَرَضُوا بِهِ وَعَرَضْتُهُ عَلَى عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ فَرَضُوا بِهِ وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ هَذَا الْكِتَابُ فَكَأَنَّمَا فِي بَيْتِهِ نَبِيٌّ يَتَكَلَّمُ. قَالُوا: وَجُمْلَةُ " الْجَامِعِ " مِائَةٌ وَإِحْدَى وَخَمْسُونَ كِتَابًا وَكِتَابُ " الْعِلَلِ " صَنَّفَهُ بِسَمَرْقَنْدَ وَكَانَ فَرَاغُهُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى مِنْ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيَّ سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: كِتَابُ التِّرْمِذِيِّ عِنْدِي أَفْيَدُ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْفَائِدَةِ مِنْهُمَا إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَهَذَا كِتَابٌ قَدْ شَرَحَ أَحَادِيثَهُ وَبَيَّنَهَا، فَيَصِلُ إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمَا، قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمَى بَعْدَ أَنْ رَحَلَ وَسَمِعَ وَكَتَبَ وَذَاكَرَ وَنَاظَرَ وَصَنَّفَ، ثُمَّ اتَّفَقَ مَوْتُهُ فِي بَلَدِهِ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.