كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
ذكر نزول عيسى ابن مريم من السماء الدنيا إلى الأرض في آخر الزمان
পৃষ্ঠা - ১২৩৫৮
[ذِكْرُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]
قَالَ تَعَالَى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا - بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا - وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 157 - 159]
[النِّسَاءِ: 157 - 159] .
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . قَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا آمَنَ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . قَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، وَاللَّهِ إِنَّهُ الْآنَ حَيٌّ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
পৃষ্ঠা - ১২৩৫৯
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . فَقَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ عِيسَى إِلَيْهِ، وَهُوَ بَاعِثُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَقَامًا يُؤْمِنُ بِهِ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا سَيَأْتِي مَوْقُوفًا، وَفِي رِوَايَةٍ مَرْفُوعًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ السِّيَاقِ الْإِخْبَارُ بِحَيَاتِهِ الْآنَ فِي السَّمَاءِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ الْجَهَلَةُ أَنَّهُمْ صَلَبُوهُ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ كَمَا سَبَقَ فِي أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ، وَكَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، أَيْ يُؤْمِنُ بِعِيسَى قَبْلَ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَعْنَى وَالْإِسْنَادِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا " التَّفْسِيرِ " بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.