আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة أربع وأربعين وسبعمائة

পৃষ্ঠা - ১১৮৮৪
وَالْأَحْوَالِ، وَلَكِنَّ لُطْفَ اللَّهِ عَظِيمٌ، فَإِنَّ النَّاسَ مُتَرَقِّبُونَ مَغَلًّا هَائِلًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ عَدِيدَةٍ، وَقَدِ اقْتَرَبَ أَوَانُهُ، وَشَرَعَ كَثِيرٌ مِنَ الْبِلَادِ فِي حَصَادِ الشَّعِيرِ وَبَعْضِ الْقَمْحِ، مَعَ كَثْرَةِ الْفُولِ وَبَوَادِرِ التُّوتِ، فَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَطَفَ اللَّهُ بِعِبَادِهِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ الْمُتَصَرِّفُ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْمُسْلِمِينَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ عِمَادُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ سَيْفِ الدِّينِ قَلَاوُونَ الصَّالِحِيُّ، وَنَائِبُهُ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طُقُزْدَمُرُ الْحَمَوِيُّ، وَقُضَاتُهُ بِهَا هُمُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ الصَّاحِبُ، وَالْخَطِيبُ، وَنَاظِرُ الْجَامِعِ وَالْخِزَانَةِ، وَشَدُّ الْأَوْقَافِ، وَوِلَايَةُ الْمَدِينَةِ. وَاسْتَهَلَّتْ وَالْجُيُوشُ الْمِصْرِيَّةُ وَالشَّامِيَّةُ مُحِيطَةٌ بِحِصْنِ الْكَرَكِ يُحَاصِرُونَهُ، وَيُبَالِغُونَ فِي أَمْرِهِ، وَالْمَنْجَنِيقُ مَنْصُوبٌ، وَأَنْوَاعُ آلَاتِ الْحِصَارِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ رُسِمَ بِتَجْرِيدَةٍ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ أَيْضًا تَخْرُجُ إِلَيْهَا. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَاشِرِ صَفَرٍ دَخَلَتِ التَّجْرِيدَةُ مِنَ الْكَرَكِ إِلَى دِمَشْقَ، وَاسْتَمَرَّتِ التَّجْرِيدَةُ الْجَدِيدَةُ عَلَى الْكَرَكِ ; أَلْفَانِ مِنْ مِصْرَ وَأَلْفَانِ مِنَ الشَّامِ، وَالْمَنْجَنِيقُ مَنْقُوضٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ الْجَيْشِ خَارِجَ الْكَرَكِ، وَالْأُمُورُ مُتَوَقِّفَةٌ، وَبَرَدَ الْحِصَارُ بَعْدَ رُجُوعِ الْأَحْمَدِيِّ إِلَى مِصْرَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ عِمَادُ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৮৮৫
الْخَشَّابُ بِالْكُوشَكِ فِي دَرْبِ السِّيرْجِيِّ جِوَارَ الْمَدْرَسَةِ الْعِزِّيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضُحًى بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ رَجُلًا شَهْمًا، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ لِلسُّنَّةِ وَأَهْلِهَا، مِمَّنْ وَاظَبَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَانْتَفَعَ بِهِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَى صَيْدَنَايَا مَعَ بَعْضِ الْقِسِّيسِينَ، فَلَوَّثَ يَدَهُ بِالْعَذِرَةِ وَضَرَبَ اللَّحْمَةَ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا هُنَاكَ، وَأَهَانَهَا غَايَةَ الْإِهَانَةِ لِقُوَّةِ إِيمَانِهِ وَشَجَاعَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِهِ اجْتَمَعَ الصَّاحِبُ، وَمُشِدُّ الدَّوَاوِينِ، وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ، وَمُشِدُّ الْأَوْقَافِ، وَمُبَاشِرُو الْجَامِعِ، وَمَعَهُمُ الْعَمَّالُونَ بِالنَّوْلِ وَالْمَعَاوِلِ; يَحْفُرُونَ إِلَى جَانِبِ السَّارِيَةِ عِنْدَ بَابِ مَشْهَدِ عَلِيٍّ تَحْتَ تِلْكَ الصَّخْرَةِ الَّتِي كَانَتْ هُنَاكَ، وَذَلِكَ عَنْ قَوْلِ رَجُلٍ جَاهِلٍ زَعَمَ أَنَّ هُنَاكَ مَالًا مَدْفُونًا، فَشَاوَرُوا نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْحَفْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَالْعَامَّةُ، فَأَمَرَهُمْ فَأُخْرِجُوا، وَأُغْلِقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ كُلُّهَا لِيَتَمَكَّنُوا مِنَ الْحَفْرِ، ثُمَّ حَفَرُوا ثَانِيًا، وَثَالِثًا، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا إِلَّا التُّرَابَ الْمَحْضَ، وَاشْتَهَرَ هَذَا الْحَفِيرُ فِي الْبَلَدِ، وَقَصَدَهُ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَالتَّعَجُّبِ مِنْ أَمْرِهِ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى أَنْ حُبِسَ هَذَا الزَّاعِمُ لِهَذَا الْمُحَالِ، وَطُمَّ الْحَفِيرُ كَمَا كَانَ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ قَاضِي حَلَبَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْخَشَّابِ عَلَى الْبَرِيدِ مُجْتَازًا إِلَى دِمَشْقَ، فَنَزَلَ بِالْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَلَّى
পৃষ্ঠা - ১১৮৮৬
عَلَى الْمُحَدِّثِ الْبَارِعِ الْفَاضِلِ الْحَافِظِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَيْبَكَ السَّرُوجِيِّ الْمِصْرِيِّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَامِنَ هَذَا الشَّهْرِ بِحَلَبَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَكَانَ قَدْ أَتْقَنَ طَرَفًا جَيِّدًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَحَفِظَ أَسْمَاءَ الرِّجَالِ، وَجَمَعَ وَخَرَّجَ. وَفِي مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، احْتَرَقَ بِهِ سُوقُ الصَّالِحِيَّةِ الَّذِي بِالْقُرْبِ مِنْ جَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَكَانَتْ جُمْلَةُ الدَّكَاكِينِ الَّتِي احْتَرَقَتْ قَرِيبًا مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ دُكَّانًا، وَلَمْ يُرَ حَرِيقٌ مِنْ زَمَانٍ أَكْبَرُ مِنْهُ وَلَا أَعْظَمُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَادِسِهِ رُسِمَ بِأَنْ يُذَكَّرَ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي سَائِرِ مَآذِنِ الْبَلَدِ، كَمَا يُذَكَّرُ فِي مَآذِنِ الْجَامِعِ، فَفُعِلَ ذَلِكَ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرِهِ طُلِبَ مِنَ الْقَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ قَاضِي قُضَاةِ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يُقْرِضَ دِيوَانَ السُّلْطَانِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْغُيَّابِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعًا كَثِيرًا، فَجَاءَ شَادُّ الدَّوَاوِينِ وَبَعْضُ حَاشِيَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَفَتَحُوا مَخْزَنَ الْأَيْتَامِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَهْرًا، وَدَفَعُوهَا إِلَى بَعْضِ الْعَرَبِ عَمَّا كَانَ تَأَخَّرَ لَهُ فِي الدِّيوَانِ السُّلْطَانِيِّ، وَوَقَعَ أَمْرٌ كَبِيرٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ النَّاقِدُ الْبَارِعُ فِي فُنُونِ الْعُلُومِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ ابْنُ الشَّيْخِ عِمَادِ
পৃষ্ঠা - ১১৮৮৭
الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ، مَرِضَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِقُرْحَةٍ وَحُمَّى سُلٍّ، ثُمَّ تَفَاقَمَ أَمْرُهُ، وَأَفْرَطَ بِهِ إِسْهَالٌ، وَتَزَايَدَ ضَعْفُهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ أَذَانِ الْعَصْرِ، فَأَخْبَرَنِي وَالِدُهُ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ أَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ قُضَاةُ الْبَلَدِ وَأَعْيَانُ النَّاسِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأُمَرَاءِ، وَالتُّجَّارِ، وَالْعَامَّةِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً مَلِيحَةً، عَلَيْهَا ضَوْءٌ وَنُورٌ، وَدُفِنَ بِالرَّوْضَةِ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ السَّيْفِ بْنِ الْمَجْدِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَلَمْ يَبْلُغِ الْأَرْبَعِينَ، وَحَصَّلَ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَا يَبْلُغُهُ الشُّيُوخُ الْكِبَارُ، وَتَفَنَّنَ فِي الْحَدِيثِ، وَالنَّحْوِ، وَالتَّصْرِيفِ، وَالْفِقْهِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْأَصْلَيْنِ، وَالتَّارِيخِ، وَالْقِرَاءَاتِ، وَلَهُ مَجَامِيعُ وَتَعَالِيقُ مُفِيدَةٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ حَافِظًا جَيِّدًا لِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ، وَطُرُقِ الْحَدِيثِ، عَارِفًا بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، بَصِيرًا بِعِلَلِ الْحَدِيثِ، حَسَنَ الْفَهْمِ لَهُ، جَيِّدَ الْمُذَاكَرَةِ، صَحِيحَ الذِّهْنِ، مُسْتَقِيمًا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مُثَابِرًا عَلَى فِعْلِ الْخَيِّرَاتِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَلْخِهِ دَرَّسَ بِمِحْرَابِ الْحَنَابِلَةِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ
পৃষ্ঠা - ১১৮৮৮
شَرَفُ الدِّينِ ابْنُ الْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ فِي حَلْقَةِ الثُّلَاثَاءِ، عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الْحَافِظِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْفُضَلَاءُ، وَكَانَ دَرْسًا حَسَنًا، أَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] وَخَرَجَ إِلَى مَسْأَلَةِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَوْلَادِ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى خَرَجَتِ التَّجْرِيدَةُ إِلَى الْكَرَكِ، مُقَدَّمَانِ مِنَ الْأُمَرَاءِ; وَهُمَا الْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ، وَالْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَلَاوُونُ، فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَتَجَمُّلٍ، وَجُيُوشٍ، وَنَقَّارَاتٍ، وَإِزْعَاجٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ قُتِلَ بِسُوقِ الْخَيْلِ حَسَنٌ ابْنُ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ السَّكَاكِينِيِّ، عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الرَّفْضِ الدَّالِّ عَلَى الْكُفْرِ الْمَحْضِ، شُهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ الْمَالِكِيِّ بِشَهَادَاتٍ كَثِيرَةٍ تَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِ، وَأَنَّهُ رَافِضِيٌّ جَلْدٌ، فَمِنْ ذَلِكَ تَكْفِيرُ الشَّيْخَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَذْفُهُ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ; عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَزَعَمَ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فَأَوْحَى إِلَى مُحَمَّدٍ وَإِنَّمَا كَانَ مُرْسَلًا إِلَى عَلِيٍّ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ الْقَبِيحَةِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَقَدْ فَعَلَ. وَكَانَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ السَّكَاكِينِيُّ يَعْرِفُ مَذْهَبَ الرَّافِضَةِ وَالشِّيعَةِ جَيِّدًا، وَكَانَتْ لَهُ أَسْئِلَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْجَبْرِ، وَنَظَمَ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً أَجَابَهُ
পৃষ্ঠা - ১১৮৮৯
فِيهَا شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ أَنَّ السَّكَاكِينِيَّ مَا مَاتَ حَتَّى رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ وَصَارَ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأُخْبِرْتُ أَنَّ وَلَدَهُ حَسَنًا هَذَا الْقَبِيحَ - كَانَ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ أَبِيهِ لَمَّا أَظْهَرَ السُّنَّةَ. وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ خَامِسِ شَهْرِ رَجَبٍ وَصَلَ بَدَنُ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ نَائِبِ الشَّامِ، كَانَ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي إِلَى جَانِبِ جَامِعِهِ الَّذِي أَنْشَأَهُ ظَاهِرَ بَابِ النَّصْرِ بِدِمَشْقَ، نُقِلَ مِنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَنِصْفٍ أَوْ أَكْثَرَ، بِشَفَاعَةِ ابْنَتِهِ زَوْجَةِ النَّاصِرِ عِنْدَ وَلَدِهِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ، فَأُذِنَ فِي ذَلِكَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُدْفَنَ بِمَدْرَسَتِهِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَلَمْ يُمْكِنْ، فَجِيءَ بِهِ إِلَى تُرْبَتِهِ بِدِمَشْقَ، وَعُمِلَتْ لَهُ الْخِتَمُ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ - رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ حَادِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ الْمُبَارَكِ تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الْأَمِيرُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ التِّكْرِيتِيُّ ابْنُ أَخِي الصَّاحِبِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَوْبَةَ الْوَزِيرِ - بِمَنْزِلِهِ بِالْقَصَّاعِينَ - كَانَ شَابًّا مِنْ أَبْنَاءِ الْأَرْبَعِينَ، ذَا ذَكَاءٍ وَفِطْنَةٍ، وَكَلَامٍ وَبَصِيرَةٍ جَيِّدَةٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَحَبَّةِ إِلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِأَصْحَابِهِ خُصُوصًا، وَلِكُلِّ مَنْ يَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عُمُومًا، وَكَانَ فِيهِ إِيثَارٌ وَإِحْسَانٌ، وَمَحَبَّةُ الْفُقَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ السَّبْتِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ قَبْلَ الظُّهْرِ جَاءَتْ زَلْزَلَةٌ بِدِمَشْقَ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ; لِخِفَّتِهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، ثُمَّ تَوَاتَرَتِ
পৃষ্ঠা - ১১৮৯০
الْأَخْبَارُ بِأَنَّهَا شَعَّثَتْ فِي بِلَادِ حَلَبَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْعُمْرَانِ حَتَّى سَقَطَ بَعْضُ الْأَبْرَاجِ بِقَلْعَةِ حَلَبَ، وَكَثِيرٌ مِنْ دُورِهَا، وَمَسَاجِدِهَا، وَمَشَاهِدِهَا، وَجُدْرَانِهَا، وَأَمَّا فِي الْقِلَاعِ حَوْلَهَا فَكَثِيرٌ جِدًّا، وَذَكَرُوا أَنَّ مَدِينَةَ مَنْبِجَ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلُ، وَأَنَّ عَامَّةَ السَّاكِنِينَ بِهَا هَلَكُوا تَحْتَ الرَّدْمِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَفِي أَوَاخِرِ شَهْرِ شَوَّالٍ خَرَجَتِ التَّجَارِيدُ إِلَى الْكَرَكِ، وَهُمَا أَمِيرَانِ مُقَدَّمَانِ; الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ قَرَاسُنْقُرُ، وَالْأَمِيرُ الْحَاجُّ بَيْدَمُرُ، وَاشْتَهَرَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنَّ أَمْرَ الْكَرَكِ قَدْ ضَعُفَ، وَتَفَاقَمَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ، وَضَاقَتِ الْأَرْزَاقُ عِنْدَهُمْ جِدًّا، وَنَزَلَ مِنْهَا جَمَاعَاتٌ مِنْ رُؤَسَائِهَا، وَخَاصِّكِيَّةُ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ بْنِ النَّاصِرِ مُخَامِرِينَ عَلَيْهِ، فَسُيِّرَا مِنَ الصُّبْحِ، وَقَلَاوُونُ صُحْبَتَهُمْ، مُقْدِمِينَ مِنَ الْحَلْقَةِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَخْبَرُوا أَنَّ الْحَوَاصِلَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَدْ قَلَّتْ جِدًّا، فَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ. وَفِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ تُوُفِّيَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُدَّةً طَوِيلَةً - بَعْدَ ابْنِ الْحَرِيرِيِّ - ثُمَّ عُزِلَ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ، وَدَرَّسَ فِي أَيَّامِ طُقُزْدَمُرَ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ لِوَلَدِهِ الْقَاضِي أَمِينِ الدِّينِ، فَذَكَرَ بِهَا الدَّرْسَ يَوْمَ الْأَحَدِ قَبْلَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ مَوْتُ بُرْهَانِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِبُسْتَانِهِ مِنْ أَرَاضِي الْأَرْزَةِ بِطَرِيقِ الصَّالِحِيَّةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ بِمَقْبَرَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ الْقُضَاةُ، وَالْأَعْيَانُ، وَالْأَكَابِرُ. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.