ثم دخلت سنة أربعين وسبعمائة
পৃষ্ঠা - ১১৮৩৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْمُسْلِمِينَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ، وَوُلَاتُهُ وَقُضَاتُهُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، إِلَّا الشَّافِعِيَّ بِالشَّامِ فَتُوُفِّيَ الْقَزْوِينِيُّ، وَتَوَلَّى الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ.
وَمِمَّا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْعَظِيمَةِ الْهَائِلَةِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِ النَّصَارَى اجْتَمَعُوا فِي كَنِيسَتِهِمْ، وَجَمَعُوا مِنْ بَيْنِهِمْ مَالًا جَزِيلًا، فَدَفَعُوهُ إِلَى رَاهِبَيْنِ قَدِمَا عَلَيْهَا مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، يُحْسِنَانِ صَنْعَةَ النِّفْطِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا مِيلَانِيُّ، وَالْآخَرُ عَازِرُ، فَعَمِلَا كَعْكًا مِنْ نِفْطٍ، وَتَلَطَّفَا حَتَّى عَمِلَاهُ لَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُهُ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَوَضَعَا فِي شُقُوقِ دَكَاكِينِ التُّجَّارِ فِي سُوقِ الرِّجَالِ عِنْدَ الدَّهْشَةِ فِي عِدَّةِ دَكَاكِينٍ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ أَحَدٌ بِهِمَا، وَهُمَا فِي زِيِّ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ لَمْ يَشْعُرِ النَّاسُ إِلَّا وَالنَّارُ قَدْ عَمِلَتْ فِي تِلْكَ الدَّكَاكِينِ حَتَّى تَعَلَّقَتْ فِي دَرَابْزِينَاتِ الْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ الْمُتَّجِهَةِ لِلسُّوقِ الْمَذْكُورِ، وَاحْتَرَقَتِ الدَّرَابْزِينَاتُ، وَجَاءَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزُ وَالْأُمَرَاءُ أُمَرَاءُ الْأُلُوفِ،
পৃষ্ঠা - ১১৮৩৬
وَصَعِدُوا الْمَنَارَةَ وَهِيَ تَشْتَعِلُ نَارًا، وَاحْتَرَسُوا عَنِ الْجَامِعِ فَلَمْ يَنَلْهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِيقِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَأَمَّا الْمِئْذَنَةُ فَإِنَّهَا تَفَجَّرَتْ أَحْجَارُهَا، وَاحْتَرَقَتِ السِّقَالَاتُ الَّتِي بَدَلُ السَّلَالِمِ، فَهُدِّمَتْ وَأُعِيدَ بِنَاؤُهَا بِحِجَارَةٍ جُدُدٍ، وَهِيَ الْمَنَارَةُ الشَّرْقِيَّةُ الَّتِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْبَلَدُ مُحَاصَرٌ بِالدَّجَّالِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّصَارَى بَعْدَ لَيَالٍ عَمَدُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْجَامِعِ مِنَ الْغَرْبِ إِلَى الْقَيْسَارِيَّةِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا سِلَاحُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَقْوَاسِ، فَأَلْقَوْا فِيهَا النِّفْطَ، فَاحْتَرَقَتِ الْقَيْسَارِيَّةُ بِكَمَالِهَا وَبِمَا فِيهَا مِنَ الْأَقْوَاسِ وَالْعُدَدِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَتَطَايَرَ شَرَرُ النَّارِ إِلَى مَا حَوْلَ الْقَيْسَارِيَّةِ مِنَ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَدَارِسِ، وَاحْتَرَقَ جَانِبٌ مِنَ الْمَدْرَسَةِ الْأَمِينِيَّةِ إِلَى جَانِبِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَا كَانَ مَقْصُودُهُمْ إِلَّا وَصُولَ النَّارِ إِلَى مَعْبَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَرُومُونَ، وَجَاءَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْأُمَرَاءُ وَحَالُوا بَيْنَ الْحَرِيقِ وَالْمَسْجِدِ، جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا.
وَلِمَا تَحَقَّقَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِهِمْ، أَمَرَ بِمَسْكِ رُءُوسِ النَّصَارَى، فَأَمْسَكَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ رَجُلًا، فَأُخَذُوا بِالْمُصَادَرَاتِ، وَالضَّرْبِ، وَالْعُقُوبَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْمَثُلَاتِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَبَ مِنْهُمْ أَزِيدَ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى الْجِمَالِ، وَطَافَ بِهِمْ فِي أَرْجَاءِ الْبِلَادِ، وَجَعَلُوا يَتَمَاوَتُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ أُحْرِقُوا بِالنَّارِ حَتَّى صَارُوا رَمَادًا، لَعَنَهُمُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৮৩৭
[سَبَبُ مَسْكِ تَنْكِزَ]
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ جَاءَ الْأَمِيرُ طَشْتَمُرَ مِنْ صَفَدَ مُسْرِعًا، وَرَكِبَ جَيْشَ دِمَشْقَ مُلَبَّسًا، وَدَخَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ مِنْ قَصْرِهِ مُسْرِعًا إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ، وَجَاءَ الْجَيْشُ فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ النَّصْرِ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يَلْبَسَ وَيُقَاتِلَ، فَعَذَلُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: الْمَصْلَحَةُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى السُّلْطَانِ سَامِعًا مُطِيعًا، فَخَرَجَ بِلَا سِلَاحٍ، فَلَمَّا بَرَزَ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، الْتَفَّ عَلَيْهِ الْفَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكُسْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ قُبَّةِ يَلْبُغَا نَزَلُوا وَقَيَّدُوهُ وَحَظَايَاهُ مِنْ قَصْرِهِ، ثُمَّ رَكِبَ الْبَرِيدَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ، وَسَارُوا بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَلَمَّا وَصَلَ أَمَرَ بِمَسِيرِهِ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَسَأَلُوا عَنْ وَدَائِعِهِ فَأَقَرَّ بِبَعْضٍ، ثُمَّ عُوقِبَ حَتَّى أَقَرَّ بِالْبَاقِي، ثُمَّ قَتَلُوهُ وَدَفَنُوهُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلُوهُ إِلَى تُرْبَتِهِ بِدِمَشْقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ، وَكَانَ عَادِلًا مَهِيبًا، عَفِيفَ الْفَرْجِ وَالْيَدِ، وَالنَّاسُ فِي أَيَّامِهِ فِي غَايَةِ الرُّخْصِ وَالْأَمْنِ وَالصِّيَانَةِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ، وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ.
وَلَهُ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ; مِنْ ذَلِكَ مَرَسْتَانُ بِصَفَدَ، وَجَامِعٌ بِنَابُلُسَ وَعَجْلُونَ، وَجَامِعٌ بِدِمَشْقَ، وَدَارُ حَدِيثٍ بِالْقُدْسِ وَدِمَشْقَ، وَمَدْرَسَةٌ وَخَانَقَاهْ بِالْقُدْسِ، وَرِبَاطٌ وَسُوقٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَفَتَحَ شُبَّاكًا فِي الْمَسْجِدِ.
পৃষ্ঠা - ১১৮৩৮
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ ابْنُ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، الْبَغْدَادِيُّ الْأَصْلِ، الْمِصْرِيُّ الْمَوْلِدِ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَرَأَ وَاشْتَغَلَ قَلِيلًا، وَعَهِدَ إِلَيْهِ أَبُوهُ بِالْأَمْرِ، وَخُطِبَ لَهُ عِنْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِمِائَةٍ، وَفَوَّضَ جَمِيعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ إِلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَسَارَ إِلَى غَزْوِ التَّتَرِ، فَشَهِدَ مَصَافَّ شَقْحَبَ، وَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَهُوَ رَاكِبٌ مَعَ السُّلْطَانِ، وَجَمِيعُ كُبَرَاءِ الْجَيْشِ مُشَاةٌ، وَلَمَّا أَعْرَضَ السُّلْطَانُ عَنِ الْأَمْرِ وَانْعَزَلَ بِالْكَرَكِ، الْتَمَسَ الْأُمَرَاءُ مِنَ الْمُسْتَكْفِي أَنْ يُسَلْطِنَ مَنْ يَنْهَضُ بِالْمُلْكِ، فَقَلَّدَ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ رُكْنَ الدِّينِ بِيبَرْسَ الْجَاشْنَكِيرَ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ، وَأَلْبَسُهُ خِلْعَةَ السَّلْطَنَةِ، ثُمَّ عَادَ النَّاصِرُ إِلَى مِصْرَ، وَعَزَّرَ الْخَلِيفَةَ فِي فِعْلِهِ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ وَسَيَّرَهُ إِلَى قُوصَ، فَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِقُوصَ فِي مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ.