ثم دخلت سنة أربع وعشرين وسبعمائة
পৃষ্ঠা - ১১৬৫৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ النَّاصِرُ، وَنَائِبُهُ بِمِصْرَ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُوَنُ، وَوَزِيرُهُ أَمِينُ الْمُلْكِ، وَقُضَاتُهُ بِمِصْرَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَنَائِبُهُ بِالشَّامِ تَنْكِزُ، وَقُضَاةُ الشَّامِ الشَّافِعِيُّ جَمَالُ الدِّينِ الزُّرَعِيُّ، وَالْحَنَفِيُّ الصَّدْرُ عَلِيٌّ الْبُصْرَاوِيُّ، وَالْمَالِكِيُّ شَرَفُ الدِّينِ الْهَمْدَانِيُّ، وَالْحَنْبَلِيُّ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُسَلَّمٍ، وَخَطِيبُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَمُحْتَسِبُ الْبَلَدِ فَخْرُ الدِّينِ ابْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، وَنَاظِرُ الدَّوَاوِينِ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ، وَمُشِدُّ الدَّوَاوِينِ عَلَمُ الدِّينِ طُرْقُشِيُّ، وَنَاظِرُ الْجَيْشِ قُطْبُ الدِّينِ ابْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ وَمُعِينُ الدِّينِ بْنُ الْحَشِيشِ، وَكَاتِبُ السِّرِّ شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ، وَنَقِيبُ الْأَشْرَافِ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ عَدْنَانَ، وَنَاظِرُ الْجَامِعِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْحَدَّادِ، وَنَاظِرُ الْخِزَانَةِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَوَالِي الْبَرِّ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الْمَرْوَانِيِّ، وَوَالِي دِمَشْقَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ بَرْقٍ.
وَفِي خَامِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بَاشَرَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ الْحِسْبَةَ عِوَضًا
পৃষ্ঠা - ১১৬৬০
عَنْ فَخْرِ الدِّينِ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، وَبَاشَرَ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ الْحِسْبَةَ مَعَ نَظَرِ الْخِزَانَةِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ حُمِلَ كَرِيمُ الدِّينِ - وَكِيلُ السُّلْطَانِ - مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَاعْتُقِلَ، ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ أَمْوَالٌ وَذَخَائِرُ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ نُفِيَ إِلَى الصَّعِيدِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ نَفَقَاتٌ سُلْطَانِيَّةٌ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ عَيَالِهِ، وَطُلِبَ كَرِيمُ الدِّينِ الصَّغِيرُ، وَصُودِرَ بِأَمْوَالٍ جَمَّةٍ، وَحُبِسَ ثُمَّ أُطْلِقَ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ قُرِئَ كِتَابُ السُّلْطَانِ بِالْمَقْصُورَةِ مِنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِحَضْرَةِ النَّائِبِ وَالْقُضَاةِ، يَتَضَمَّنُ إِطْلَاقَ مَكْسِ الْغَلَّةِ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسِ جَمِيعِهِ، فَكَثُرَتِ الْأَدْعِيَةُ لِلسُّلْطَانِ مِنَ الْخَوَاصِّ، وَالْعَوَامِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدِمَ الْبَرِيدُ إِلَى نَائِبِ الشَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَامِسِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِعَزْلِ قَاضِي الشَّافِعِيَّةِ الزُّرَعِيِّ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَامْتَنَعَ بِنَفْسِهِ مِنَ الْحُكْمِ، وَأَقَامَ بِالْعَادِلِيَّةِ بَعْدَ الْعَزْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى الْأَتَابِكِيَّةِ، وَاسْتَمَرَّتْ بِيَدِهِ مَشْيَخَةُ الشُّيُوخِ وَتَدْرِيسِ الْأَتَابِكِيَّةِ، وَاسْتَدْعَى نَائِبُ السَّلْطَنَةِ شَيْخَنَا الْإِمَامَ الزَّاهِدَ بُرْهَانَ الدِّينِ الْفَزَارِيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَامْتَنَعَ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ فَأَبَى وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِ أَعْيَانَ النَّاسِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ بِكُلِّ حِيلَةٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ الْوِلَايَةِ، وَصَمَّمَ أَشَدَّ التَّصْمِيمِ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَنْ مُرُوءَتِهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَدِمَ الْبَرِيدُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِطَلَبِ الْخَطِيبِ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِتَوْلِيَةِ قَضَاءِ الشَّامِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ خُلِعَ عَلَى الصَّدْرِ تَقِيِّ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬১
سُلَيْمَانَ بْنِ مَرَاجِلَ بِنَظَرِ الْجَامِعِ عِوَضًا عَنْ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْحَدَّادِ، تُوُفِّيَ، وَأُخِذَ مِنِ ابْنِ مَرَاجِلَ نَظَرُ الْمَارَسْتَانِ الصَّغِيرِ لِبَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْعَطَّارِ.
وَخَسَفَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِلنِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ بَعْدَ الْعَشَاءِ، فَصَلَّى الْخَطِيبُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِأَرْبَعِ سُوَرٍ: ق، وَاقْتَرَبَتْ، وَالْوَاقِعَةِ، وَالْقِيَامَةِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَشَاءَ، ثُمَّ خَطَبَ بَعْدَهَا لِلْكُسُوفِ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى مِصْرَ، فَرُزِقَ مِنَ السُّلْطَانِ قَبُولًا، وَوَلَّاهُ بَعْدَ أَيَّامٍ الْقَضَاءَ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا إِلَى الشَّامِ فَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي خَامِسِ رَجَبٍ عَلَى الْقَضَاءِ مَعَ الْخَطَابَةِ، وَتَدْرِيسِ الْعَادِلِيَّةِ، وَالْغَزَّالِيَّةِ، فَبَاشَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْأَمِينِيَّةُ، فَدَرَّسَ فِيهَا جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ مَعَ وَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ قَضَاءُ الْعَسَاكِرِ، وَخُوطِبَ بِقَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ.
وَفِيهَا قَدِمَ مَلِكُ التَّكْرُورِ إِلَى الْقَاهِرَةِ بِسَبَبِ الْحَجِّ فِي خَامِسِ عِشْرِينَ رَجَبٍ، فَنَزَلَ بِالْقَرَافَةِ وَمَعَهُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْخَدَمِ نَحْوٌ مَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَمَعَهُمْ ذَهَبٌ كَثِيرٌ بِحَيْثُ إِنَّهُ نَزَلَ سِعْرُ الذَّهَبِ دِرْهَمَيْنِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ شَابٌّ جَمِيلُ الصُّورَةِ، لَهُ مَمْلَكَةٌ مُتَّسِعَةٌ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَيُذْكَرُ أَنَّ تَحْتَ يَدِهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مَلِكًا، كُلُّ مَلِكٍ تَحْتَ يَدِهِ خَلْقٌ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬২
وَعَسَاكِرُ، وَلَمَّا دَخَلَ إِلَى قَلْعَةِ الْجَبَلِ لِيُسَلِّمَ عَلَى السُّلْطَانِ أُمِرَ بِتَقْبِيلِ الْأَرْضِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ، وَلَمْ يُمَكَّنْ مِنَ الْجُلُوسِ أَيْضًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ السُّلْطَانِ، وَأُحْضِرَ لَهُ حِصَانٌ أَشْهَبُ بِزُنَّارِيٍّ أَطْلَسَ أَحْمَرَ، وَهُيِّئَتْ لَهُ هُجُنٌ وَآلَاتٌ كَثِيرَةٌ تَلِيقُ بِمِثْلِهِ، وَأَرْسَلَ هُوَ أَيْضًا إِلَى السُّلْطَانِ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، مِنْ جُمْلَتِهَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِلَى النَّائِبِ بِنَحْوِ عَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَتُحَفٌ كَثِيرَةٌ.
وَفِي شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ زَادَ النِّيلُ بِمِصْرَ زِيَادَةً عَظِيمَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا مِنْ نَحْوِ مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا، وَمَكَثَ عَلَى الْأَرَاضِي نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَغَرَّقَ أَقْصَابًا كَثِيرَةً، وَلَكِنْ كَانَ نَفْعُهُ أَعْظَمَ مِنْ ضَرَرِهِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ اسْتَنَابَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ نَائِبَيْنِ فِي الْحُكْمِ، وَهُمَا يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جُمْلَةَ الْمَحَجِّيُّ الصَّالِحِيُّ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ، وَحَكَمَا يَوْمَئِذٍ بِالْعَادِلِيَّةِ، وَمِنَ الْغَدِ جَاءَ الْبَرِيدُ وَمَعَهُ تَقْلِيدُ قَضَاءِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৩
حَلَبَ لِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، فَاسْتَدْعَاهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَفَاوَضَهُ فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ، فَرَاجَعَهُ النَّائِبُ ثُمَّ رَاجَعَ السُّلْطَانَ، فَجَاءَ الْبَرِيدُ فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ بِإِمْضَاءِ الْوِلَايَةِ، فَشَرَعَ لِلتَّأَهُّبِ لِبِلَادِ حَلَبَ، وَتَمَادَى فِي ذَلِكَ حَتَّى كَانَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا فِي بُكْرَةِ يَوْمِ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ، وَدَخَلَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَادِسِ عِشْرِينَ شَوَّالٍ، فَأُكْرِمَ إِكْرَامًا زَائِدًا، وَدَرَّسَ بِهَا، وَأَلْقَى عُلُومًا أَكْبَرَ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَحَصَلَ لَهُمُ الشَّرَفُ بِفُنُونِهِ وَفَوَائِدِهِ، وَحَصَلَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْأَسَفُ عَلَى دُرُوسِهِ الْأَنِيقَةِ الْفَائِقَةِ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْخَيَّاطُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ مُطَوَّلَةٍ، أَوَّلُهَا قَوْلُهُ:
أَسِفَتْ لِفَقْدِكَ جِلَّقُ الْفَيْحَاءُ ... وَتَبَاشَرَتْ بِقُدُومِكَ الشَّهْبَاءُ
وَفِي ثَامِنِ رَمَضَانَ عُزِلَ أَمِينُ الْمُلْكِ عَنْ وِزَارَةِ مِصْرَ، وَأُضِيفَتِ الْوِزَارَةُ إِلَى الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ مُغْلَطَاي الْجَمَّالِيِّ أُسْتَادَارِ السُّلْطَانِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ طُلِبَ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَتَوَلَّى بِهَا نَظَرَ الدَّوَاوِينِ عِوَضًا عَنْ كَرِيمِ الدِّينِ الصَّغِيرِ، وَقَدِمَ كَرِيمُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ إِلَى دِمَشْقَ مُبَاشِرًا بِهَا نَظَرَ الدَّوَاوِينِ، فَقَدِمَهَا فِي شَوَّالٍ، فَنَزَلَ بِدَارِ الْعَدْلِ مَنَ الْقَصَّاعِينَ.
وَوَلِيَ سَيْفُ الدِّينِ قُدَيْدَارُ وِلَايَةَ مِصْرَ، وَهُوَ شَهْمٌ سَفَّاكٌ لِلدِّمَاءِ، فَأَرَاقَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৪
الْخُمُورَ، وَأَحْرَقَ الْحَشِيشَةَ، وَأَمْسَكَ الشُّطَّارَ، وَاسْتَقَامَتْ بِهِ أَحْوَالُ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ، وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُلَازِمًا لِابْنِ تَيْمِيَّةَ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمِصْرَ.
وَفِي رَمَضَانَ قَدِمَ إِلَى مِصْرَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ الشَّحَّامِ الْمَوْصِلِيُّ مِنْ بِلَادِ السُّلْطَانِ أُزْبَكَ، وَعِنْدَهُ فُنُونٌ مِنْ عِلْمِ الطِّبِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَهُ كِتَابٌ بِالْوَصِيَّةِ بِهِ، فَأُعْطِيَ تَدْرِيسَ الظَّاهِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، فَبَاشَرَهَا فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ دَرَّسَ بِالْجَارُوخِيَّةِ.
وَخَرَجَ الرَّكْبُ فِي تَاسِعِ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ كُوكَنْجِيَارُ الْمُحَمَّدِيُّ، وَقَاضِيهِ شِهَابُ الدِّينِ الظَّاهِرِيُّ. وَمِمَّنْ خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ بُرْهَانُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ، وَشِهَابُ الدِّينِ قَرَطَاي النَّاصِرِيُّ نَائِبُ طَرَابُلُسَ، وَصَارُوجَا وَشِهْرَى وَغَيْرُهُمْ.
وَفِي نِصْفِ شَوَّالٍ زَادَ السُّلْطَانُ فِي عِدَّةِ الْفُقَهَاءِ بِمَدْرَسَتِهِ النَّاصِرِيَّةِ، كَانَ فِيهَا مَنْ كُلِّ مَذْهَبٍ ثَلَاثُونَ ثَلَاثُونَ، فَزَادَهُمْ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ، وَزَادَهُمْ فِي الْجَوَامِكِ أَيْضًا.
وَفِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ وُجِدَ كَرِيمُ الدِّينِ الْكَبِيرُ وَكِيلُ السُّلْطَانِ قَدْ شَنَقَ نَفْسَهُ دَاخِلَ خِزَانَةٍ لَهُ قَدْ أَغْلَقَهَا عَلَيْهِ مِنْ دَاخِلٍ، رَبَطَ حَلْقَهُ فِي حَبْلٍ، كَانَ تَحْتَ رِجْلَيْهِ قَفَصٌ، فَدَفَعَ الْقَفَصَ بِرِجْلَيْهِ، فَمَاتَ فِي مَدِينَةِ أُسْوَانَ، وَسَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ.
وَفِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ زُيِّنَتْ دِمَشْقُ بِسَبَبِ عَافِيَةِ السُّلْطَانِ مِنْ مَرَضٍ كَانَ قَدْ أَشْفَى مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ دَرَّسَ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৫
بِالظَّاهِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، سَافَرَ عَلَى قَضَاءِ حَلَبَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقَاضِي الْقَزْوِينِيُّ.
وَجَاءَ كِتَابٌ صَادِقٌ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَوْلَى شَمْسِ الدِّينِ بْنِ سِنَانٍ، يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْأَمِيرَ جُوبَانَ أَعْطَى الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ حُسَيْنَاهْ قَدَحًا فِيهِ خَمْرٌ لِيَشْرَبَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، وَأَقْسَمَ، فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ تَشْرَبْهَا كَلَّفْتُكَ أَنْ تَحْمِلَ ثَلَاثِينَ تُومَانًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَحْمِلُ وَلَا أَشْرَبُهَا، فَكَتَبَ عَلَيْهِ حُجَّةً بِذَلِكَ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى أَمِيرٍ آخَرَ يُقَالُ لَهُ: يَلْبَى، فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ؛ ثَلَاثِينَ تُومَانًا، فَأَبَى أَنْ يُقْرِضَهُ إِلَّا بِرِبْحِ عَشَرَةِ تَوَامِينَ، فَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، فَبَعَثَ يَلْبَى إِلَى جُوبَانَ يَقُولُ لَهُ: الْمَالُ الَّذِي طَلَبْتَهُ مِنْ حُسَيْنَاهْ عِنْدِي، فَإِنْ رَسَمْتَ حَمَلْتُهُ إِلَى الْخِزَانَةِ الشَّرِيفَةِ، وَإِنْ رَسَمْتَ تُفَرِّقُهُ عَلَى الْجَيْشِ، فَأَرْسَلَ جُوبَانُ إِلَى مُحَمَّدِ حُسَيْنَاهْ فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: تَزِنُ أَرْبَعِينَ تُومَانًا وَلَا تَشْرَبُ قَدَحًا مَنْ خَمْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَمَزَّقَ الْحُجَّةَ الْمُكْتَتَبَةَ عَلَيْهِ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ، وَحَكَّمَهُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا، وَوَلَّاهُ وِلَايَاتٍ كِبَارًا، وَحَصَلَ لِجُوبَانَ إِقْلَاعٌ وَإِنَابَةٌ، وَرُجُوعٌ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانَ يَتَعَاطَاهُ، رَحِمَ اللَّهُ حُسَيْنَاهْ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ فِتْنَةٌ بِأَصْبَهَانَ قُتِلَ بِسَبَبِهَا أُلُوفٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَاسْتَمَرَّتِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৬
الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ شُهُورًا، وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ مُفْرِطٌ بِدِمَشْقَ، بَلَغَتِ الْغِرَارَةُ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَقَلَّتِ الْأَقْوَاتُ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَقَامَ لِلنَّاسِ مَنْ يَحْمِلُ لَهُمُ الْغَلَّةَ مِنْ مِصْرَ لَاشْتَدَّ الْغَلَاءُ وَزَادَ أَضْعَافَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَاتَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ مُدَّةَ شُهُورٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِلَى أَثْنَاءِ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، حَتَّى قَدِمَتِ الْغَلَّاتُ، وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.
تُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مَمْدُودِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَفِيُّ، قَاضِي قَلْعَةِ الرُّومِ بِالْحِجَازِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، حَجَّ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً، وَرُبَّمَا أَحْرَمَ مِنْ قَلْعَةِ الرُّومِ، وَأَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ صَلَاةَ الْغَائِبِ، وَعَلَى شَرَفِ الدِّينِ بْنِ الْعِزِّ، وَعَلَى شَرَفِ الدِّينِ بْنِ نَجِيحٍ، تُوُفُّوا فِي أَقَلِّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ، كُلُّهُمْ بِطَرِيقِ الْحِجَازِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَبَطُوا ابْنَ نَجِيحٍ صَاحِبَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِتِلْكَ الْمَوْتَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَرُزِقُوهَا، فَمَاتُوا عَقِيبَ عَمَلِهِمُ الصَّالِحِ بَعْدَ الْحَجِّ.
الْجِهَةُ الْكَبِيرَةُ خَوَنْدُ بِنْتُ نُوكَايْ، زَوْجَةُ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَقَدْ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৭
كَانَتْ زَوْجَةَ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ، ثُمَّ هَجَرَهَا النَّاصِرُ وَأَخْرَجَهَا مِنَ الْقَلْعَةِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهَا حَافِلَةً، وَدُفِنَتْ بِتُرْبَتِهَا الَّتِي أَنْشَأَتْهَا.
الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَرْعُوشَ، وَيُقَالُ لَهُ: اللَّبَّادُ، وَيُعْرَفُ بِالْمُوَلَّهِ، كَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ بِالْجَامِعِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقَدْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يُعَلِّمُ الصِّغَارَ الْحُرُوفَ الْمُشِقَّةَ، كَالرَّاءِ وَنَحْوِهَا، وَكَانَ مُتَقَلِّلًا مِنَ الدُّنْيَا، لَا يَقْتَنِي شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ بَيْتٌ وَلَا خِزَانَةٌ، إِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ فِي السُّوقِ وَيَنَامُ فِي الْجَامِعِ، تُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ، وَدُفِنَ فِي بَابِ الْفَرَادِيسِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ الشَّيْخُ أَيُّوبُ السُّعُودِيُّ، وَقَدْ قَارَبَ الْمِائَةَ، أَدْرَكَ الشَّيْخَ أَبَا السُّعُودِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُودَةً، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ شَيْخِهِ بِالْقَرَافَةِ، وَكَتَبَ عَنْهُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي حَيَاتِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الرَّحْبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ مِثْلَ جِنَازَتِهِ بِالْقَاهِرَةِ مُنْذُ سَكَنَهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ نُورُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ جِبْرِيلَ الْبَكْرِيُّ الْمِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ، لَهُ تَصَانِيفُ، وَقَرَأَ " مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ " عَلَى وَزِيرَةَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৮
بِنْتِ الْمُنَجَّا، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ بِمِصْرَ، وَقَدْ كَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يُنْكِرُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَأَرَادَ بَعْضُ الدَّوْلَةِ قَتْلَهُ، فَهَرَبَ وَاخْتَفَى، كَمَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مُقِيمًا بِمِصْرَ، وَمَا مِثَالُهُ إِلَّا مِثَالُ سَاقِيَةٍ ضَعِيفَةٍ كَدِرَةٍ، لَاطَمَتْ بَحْرًا عَظِيمًا صَافِيًا، أَوْ رَمَلَةٍ أَرَادَتْ زَوَالَ جَبَلٍ، وَقَدْ أَضْحَكَ الْعُقَلَاءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَرَادَ السُّلْطَانُ قَتْلَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ أَنْكَرَ مَرَّةً شَيْئًا عَلَى الدَّوْلَةِ فَنُفِيَ مِنَ الْقَاهِرَةِ إِلَى بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا: دَهْرُوطُ، فَكَانَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُورَةً غَيْرَ مَشْهُودَةٍ، وَكَانَ شَيْخُهُ يُنْكِرُ عَلَيْهِ إِنْكَارَهُ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ لَا تُحْسِنُ أَنْ تَتَكَلَّمَ.
الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْبَاجُرْبَقِيُّ، الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْفِرْقَةُ الضَّالَّةُ الْبَاجُرْبَقِيَّةُ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ إِنْكَارُ الصَّانِعِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، وَقَدْ كَانَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عُمَرَ الْمَوْصِلِيُّ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَدَرَّسَ فِي أَمَاكِنَ بِدِمَشْقَ، وَنَشَأَ وَلَدُهُ هَذَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَاشْتَغَلَ بَعْضَ شَيْءٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى السُّلُوكِ، وَلَازَمَهُ جَمَاعَةٌ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ وَيَزُورُونَهُ مِمَّنْ هُوَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৬৯
عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَآخَرُونَ لَا يَفْهَمُونَهُ، ثُمَّ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ، فَهَرَبَ إِلَى الشَّرْقِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَثْبَتَ عَدَاوَةً بَيْنِهِ وَبَيْنَ الشُّهُودِ، فَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِحَقْنِ دَمِهِ، فَأَقَامَ بِالْقَابُونِ مُدَّةَ سِنِينَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَغَارَةِ الدَّمِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ فِي قُبَّةٍ فِي أَعْلَى ذَيْلِ الْجَبَلِ تَحْتَ الْمَغَارَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سِتُّونَ سَنَةً.
شَيْخُنَا الْقَاضِي الْمُعَمَّرُ الْفَقِيهُ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ الْفَاضِلِ جَمَالِ الدِّينِ إِسْحَاقَ بْنِ خَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الشَّيْبَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، اشْتَغَلَ عَلَى النَّوَاوِيِّ، وَلَازَمَ الْمَقْدِسِيَّ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ بِزُرَعَ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَامَ بِدِمَشْقَ يَشْتَغِلُ فِي الْجَامِعِ، وَدَرَّسَ فِي الصَّارِمِيَّةِ، وَأَعَادَ فِي مَدَارِسَ عِدَّةٍ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسَمِعَ كَثِيرًا، وَخَرَّجَ لَهُ الذَّهَبِيُّ شَيْئًا، وَسَمِعْنَا عَلَيْهِ " الدَّارَقُطْنِيَّ " وَغَيْرَهُ.
الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْخَطِيبُ بِالْجَامِعِ بَدْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ الْآمِدِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَاشْتَغَلَ، وَحَفِظَ " الْمُحَرَّرَ " فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ عَلَى ابْنِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৭০
حَمْدَانَ، وَشَرَحَهُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ سِنِينَ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ حَمْدَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ كَثِيرًا وَعَلَى ذِهْنِهِ وَذَكَائِهِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْكِتَابَةِ، وَلَزِمَ خِدْمَةَ الْأَمِيرِ قَرَاسُنْقُرَ بِحَلَبَ، فَوَلَّاهُ نَظَرَ الْأَوْقَافِ وَخَطَابَةَ حَلَبَ بِجَامِعِهَا الْأَعْظَمِ، ثُمَّ لَمَّا صَارَ إِلَى دِمَشْقَ وَلَّاهُ الْخَطَابَةَ، فَاسْتَمَرَّ خَطِيبًا فِيهَا اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أُعِيدَ إِلَيْهَا جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، ثُمَّ وَلِيَ نَظَرَ الْمَارَسْتَانِ وَوَلِيَ الْحِسْبَةَ وَنَظَرَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَعُيِّنَ لِقَضَاءِ الْحَنَابِلَةِ فِي وَقْتٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْكَاتِبُ الْمُفِيدُ قُطْبُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلِ بْنِ فَضْلِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ، أَخُو مُحْيِي الدِّينِ كَاتِبِ تَنْكِزَ، وَوَالِدُ الصَّاحِبِ عَلَمِ الدِّينِ كَانَ خَبِيرًا بِالْكِتَابَةِ، وَقَدْ وَلِيَ اسْتِيفَاءَ الْأَوْقَافِ بَعْدَ أَخِيهِ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ صِنَاعَةَ الْكِتَابَةِ وَغَيْرَهَا، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ ثَانِي رَجَبٍ، وَعُمِلَ عَزَاؤُهُ بِالسُّمَيْسَاطِيَّةِ، وَكَانَ مُبَاشِرَ أَوْقَافِهَا.
الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ مَلِكُ الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُهَنَّا، أَخُو مُهَنَّا، تُوُفِّيَ بِسَلَمْيَةَ يَوْمَ السَّبْتِ سَابِعِ رَجَبٍ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ، كَانَ مَلِيحَ الشَّكْلِ، حَسَنَ السِّيرَةِ، عَاقِلًا عَارِفًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى دِمَشْقَ بِمَوْتِ الْوَزِيرِ الْكَبِيرِ تَاجِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৭১
عَلِيِّ شَاهْ بْنِ أَبِي بَكْرٍ التِّبْرِيزِيِّ، وَزِيرِ بُو سَعِيدٍ بَعْدَ قَتْلِ سَعْدِ الدِّينِ السَّاوِيِّ، وَكَانَ شَيْخًا جَلِيلًا، فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ، وَحُمِلَ إِلَى تِبْرِيزَ فَدُفِنَ بِهَا فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ، وَالِي الْوُلَاةِ، صَاحِبُ الْأَوْقَافِ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى مِنْ ذَلِكَ مَدْرَسَةٌ بِالصَّلْتِ، وَلَهُ دَرْسٌ بِمَدْرَسَةِ أَبِي عُمَرَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، تُوُفِّيَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَهُوَ نَائِبُهَا فِي خَامِسِ رَمَضَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
شَرَفُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ زَيْنِ الدِّينِ بْنِ الْمُنَجَّا بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ الْمُنَجَّا التَّنُوخِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، أَخُو قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَاءِ الدِّينِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَصَحِبَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ، وَكَانَ فِيهِ دِينٌ، وَمَوَدَّةٌ، وَكَرَمٌ، وَقَضَاءُ حُقُوقٍ كَثِيرَةٍ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ رَابِعِ شَوَّالٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِالصَّالِحِيَّةِ.
الشَّيْخُ حَسَنٌ الْكُرْدِيُّ الْمُوَلَّهُ، كَانَ يُخَالِطُ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَيَمْشِي حَافِيًا، وَرُبَّمَا تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ الَّتِي تُشْبِهُ عِلْمَ الْمُغَيَّبَاتِ، وَلِبَعْضِ النَّاسِ فِيهِ اعْتِقَادَاتٌ، كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَهْلِ الْعَمَى
পৃষ্ঠা - ১১৬৭২
وَالضَّلَالَاتِ، مَاتَ فِي شَوَّالٍ.
كَرِيمُ الدِّينِ الَّذِي كَانَ وَكِيلَ السُّلْطَانِ، عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْعَلَمِ هِبَةِ اللَّهِ الْمُسْلِمَانِيُّ، حَصَلَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَالتَّقَدُّمِ، وَالْمَكَانَةِ الْخَطِيرَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ فِي دَوْلَةِ الْأَتْرَاكِ، وَقَدْ وَقَفَ الْجَامِعَيْنِ بِدِمَشْقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُبَيْبَاتِ وَالْحَوْضِ الْكَبِيرِ الَّذِي تُجَاهَ بَابِ الْجَامِعِ، وَاشْتَرَى لَهُ نَهْرَ مَاءٍ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَانْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ انْتِفَاعًا كَثِيرًا، وَوَجَدُوا رِفْقًا، وَالثَّانِي الَّذِي بِالْقَابُونِ، وَلَهُ صَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ وَعَفَا عَنْهُ، وَقَدْ مُسِكَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَصُودِرَ ثُمَّ نُفِيَ إِلَى الشَّوْبَكِ، ثُمَّ إِلَى الْقُدْسِ، ثُمَّ الصَّعِيدِ، فَخَنَقَ نَفْسَهُ - كَمَا قِيلَ - فِي عِمَامَتِهِ بِمَدِينَةِ أُسْوَانَ، وَذَلِكَ فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ، وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الشَّكْلِ، تَامَّ الْقَامَةِ، وَوُجِدَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ذَخَائِرُ كَثِيرَةٌ، سَامَحَهُ اللَّهُ.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْعَطَّارِ، شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَمُدَرِّسُ الْقُوصِيَّةِ بِالْجَامِعِ، وُلِدَ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَاشْتَغَلَ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَلَّامَةِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَاوِيِّ، وَلَازَمَهُ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: مُخْتَصَرُ النَّوَاوِيِّ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتُ، وَفَوَائِدُ وَمَجَامِيعُ، وَتَخَارِيجُ، وَبَاشَرَ مَشْيَخَةَ النُّورِيَّةِ مِنْ سَنَةِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৭৩
أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ، مُدَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْهَا مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ، فَوَلِيَ بَعْدَهُ النُّورِيَّةَ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ، وَتَوَلَّى الْقُوصِيَّةَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ حِرْزِ اللَّهِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.