আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ستين وستمائة

পৃষ্ঠা - ১১১২৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ قُتِلَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ الَّذِي بُويِعَ لَهُ فِي رَجَبٍ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِمِصْرَ، وَكَانَ قَتْلُهُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، كَمَا ذَكَرْنَا بَعْدَ مَا هُزِمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْجُنُودِ وَالْجَيْشِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاسْتَقَلَّ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ بِجَمِيعِ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَصَفَتْ لَهُ الْأُمُورُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مُنَازِعٌ سِوَى الْبُرْلِيِّ، فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى الْبِيرَةِ وَعَصَى عَلَيْهِ هُنَالِكَ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ بِبِلَادِ مِصْرَ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ وَالْحَاشِيَةِ وَعَلَى الْوَزِيرِ وَالْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ، وَعَزَلَ عَنْهَا بُرْهَانَ الدِّينِ السِّنْجَارِيَّ. وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ أَعْرَسَ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ بِيلِيكَ الْخَزَنْدَارُ عَلَى بِنْتِ الْأَمِيرِ لُؤْلُؤٍ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَاحْتَفَلَ الظَّاهِرُ بِهَذَا الْعُرْسِ احْتِفَالًا بَالِغًا.
পৃষ্ঠা - ১১১২৪
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اصْطَادَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الظَّاهِرِ بِجَرُودِ حِمَارَ وَحْشٍ، فَطَبَخُوهُ فَلَمْ يَنْضَجْ وَلَا أَثَّرَ فِيهِ كَثْرَةُ الْوَقُودِ، ثُمَّ افْتَقَدُوا أَمْرَهُ، فَإِذَا هُوَ مَوْسُومٌ عَلَى أُذُنِهِ: بَهْرَامُ جَوْرَ. قَالَ: وَقَدْ أَحْضَرُوهُ إِلَيَّ، فَقَرَأْتُهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ لِهَذَا الْحِمَارِ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ، فَإِنَّ بَهْرَامَ جُورَ كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِمُدَّةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ تَعِيشُ دَهْرًا طَوِيلًا. قُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَهْرَامَ شَاهِ الْمَلِكَ الْأَمْجَدَ، إِذْ يَبْعُدُ بَقَاءُ مِثْلِ هَذَا بِلَا اصْطِيَادٍ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَيَكُونُ الْكَاتِبُ قَدْ أَخْطَأَ، فَأَرَادَ كِتَابَةَ: بَهْرَامَ شَاهْ. فَكَتَبَ بَهْرَامَ جُورَ، فَحَصَلَ اللَّبْسُ مِنْ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [ذِكْرُ بَيْعَةِ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ] فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ دَخَلَ الْخَلِيفَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَمِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْأَمِيرِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْإِمَامِ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ مِنْ بِلَادِ الشَّرْقِ، وَصُحْبَتُهُ
পৃষ্ঠা - ১১১২৫
جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ تِلْكَ الْبِلَادِ وَقَدْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ صُحْبَةَ الْمُسْتَنْصِرِ، وَهَرَبَ هُوَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَعْرَكَةِ فَسَلِمَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ تَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ، وَأَظْهَرَ السُّرُورَ لَهُ وَالِاحْتِفَالَ، وَأَنْزَلَهُ فِي الْبُرْجِ الْكَبِيرِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ الْأَرْزَاقَ الدَّارَّةَ وَالْإِحْسَانَ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ عَزَلَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ الْأَمِيرَ جَمَالَ الدِّينِ آقُوشَ النَّجِيبِيَّ عَنْ أُسْتَاذِدَارِيَّتِهِ، وَاسْتَبْدَلَ بِهِ غَيْرَهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَهُ نَائِبًا عَلَى الشَّامِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعِ رَجَبٍ حَضَرَ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ إِلَى دَارِ الْعَدْلِ فِي مُحَاكَمَةٍ فِي بِئْرٍ إِلَى بَيْنِ يَدَيِ الْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَّا الْقَاضِي، فَإِنَّهُ أَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقُومَ، وَتَدَاعَيَا، وَكَانَ الْحَقُّ مَعَ السُّلْطَانِ، وَلَهُ بَيِّنَهٌ عَادِلَةٌ، فَانْتُزِعَتِ الْبِئْرُ مِنْ يَدِ الْغَرِيمِ، وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ. وَفِي شَوَّالٍ اسْتَنَابَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ عَلَى حَلَبَ الْأَمِيرَ عَلَاءَ الدِّينِ أَيْدِكِينَ الشِّهَابِيَّ، وَحِينَئِذٍ انْحَازَ عَسْكَرُ سِيسَ عَلَى الْفُوعَةِ مِنْ أَرْضِ حَلَبَ، فَرَكِبَ إِلَيْهِمُ الشِّهَابِيُّ، فَكَسَرَهُمْ وَأَسَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، فَسَيَّرَهُمْ إِلَى مِصْرَ فَوُسِّطُوا.
পৃষ্ঠা - ১১১২৬
وَفِيهَا اسْتَنَابَ السُّلْطَانُ عَلَى دِمَشْقَ الْأَمِيرَ جَمَالَ الدِّينِ آقُوشَ النَّجِيبِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَعَزَلَ عَنْهَا عَلَاءَ الدِّينِ طَيْبَرْسَ الْوَزِيرِيَّ، وَحُمِلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ خَرَجَ مَرْسُومُ السُّلْطَانِ إِلَى الْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ نَائِبًا، فَاسْتَنَابَ صَدْرَ الدِّينِ سُلَيْمَانَ الْحَنَفِيَّ، وَالشَّيْخَ شَمْسَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ الشَّيْخِ الْعِمَادِ الْحَنْبَلِيَّ، وَشَرَفَ الدِّينِ عُمَرَ السُّبْكِيَّ الْمَالِكِيَّ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ قَدِمَتْ وُفُودٌ كَثِيرَةٌ مِنَ التَّتَارِ عَلَى الْمَلِكِ الظَّاهِرِ مُسْتَأْمِنِينَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَأَقْطَعَهُمْ إِقْطَاعَاتٍ حَسَنَةً، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِأَوْلَادِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَرَتَّبَ لِإِخْوَانِهِمْ رَوَاتِبَ كَافِيَةً. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ هُولَاكُو طَائِفَةً مِنْ جُنْدِهِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافٍ، فَحَاصَرُوا الْمَوْصِلَ، وَنَصَبُوا عَلَيْهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مَنْجَنِيقًا، وَضَاقَتْ بِهَا الْأَقْوَاتُ. وَفِيهَا أَرْسَلَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ لُؤْلُؤٍ إِلَى الْبُرْلِيِّ يَسْتَنْجِدُهُ، فَقَدِمَ إِلَيْهِ فَهُزِمَتِ التَّتَارُ، ثُمَّ ثَبَتُوا فَالْتَقَوْا مَعَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ مُقَاتِلٍ، فَهَزَمُوهُ وَجَرَحُوهُ، وَعَادَ إِلَى الْبِيرَةِ، وَفَارَقَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ১১১২৭
دَخَلَ هُوَ إِلَى بَيْنِ يَدَيِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، فَأَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَأَقْطَعُهُ تِسْعِينَ فَارِسًا، وَأَمَّا التَّتَارُ فَإِنَّهُمْ عَادُوا إِلَى الْمَوْصِلِ، وَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى اسْتَنْزَلُوا صَاحِبَهَا الْمَلِكَ الصَّالِحَ إِلَيْهِمْ، وَنَادَوْا فِي الْبَلَدِ بِالْأَمَانِ حَتَّى اطْمَأَنَّ النَّاسُ، ثُمَّ مَالُوا عَلَيْهِمْ، فَقَتَلُوهُمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَقَتَلُوا الْمَلِكَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ وَوَلَدَهُ عَلَاءَ الدِّينِ، وَخَرَّبُوا أَسْوَارَ الْبَلَدِ، وَتَرَكُوهَا بِلَاقِعَ، ثُمَّ كَرُّوا رَاجِعِينَ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ. وَفِيهَا وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ هُولَاكُو وَبَينَ السُّلْطَانِ بَرَكَةَ ابْنِ عَمِّهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَرَكَةُ يَطْلُبُ مِنْهُ نَصِيبًا مِمَّا فَتَحَهُ مِنَ الْبِلَادِ، عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ، فَقَتَلَ رُسُلَهُ، فَاشْتَدَّ غَضَبُ بَرَكَةَ، وَكَاتَبَ الظَّاهِرَ لِيَتَّفِقَا عَلَى هُولَاكُو. وَفِيهَا وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِالشَّامِ، فَبِيعَ الْقَمْحُ الْغِرَارَةُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَالشَّعِيرُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَاللَّحْمُ الرِّطْلُ بِسِتَّةٍ وَبِسَبْعَةٍ، فَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَحَصَلَ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنَ التَّتَارِ، فَتَجَهَّزَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأُبِيعَتِ الْغَلَّاتُ حَتَّى حَوَاصِلُ الْقَلْعَةِ وَالْأُمَرَاءِ،
পৃষ্ঠা - ১১১২৮
وَرَسَمَ وُلَاةُ الْأُمُورِ عَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ أَنْ يُسَافِرَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مِصْرَ، وَوَقَعَتِ الرَّجْفَةُ فِي الشَّامِ وَفِي بِلَادِ الرُّومِ أَيْضًا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَصَلَ لِبِلَادِ التَّتَرِ خَوْفٌ شَدِيدٌ أَيْضًا، فَسُبْحَانَ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ، الَّذِي بِيَدِهِ الْأَمْرُ. وَكَانَ الْآمِرَ لِأَهْلِ دِمَشْقَ بِالتَّحَوُّلِ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ نَائِبُهَا الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ طَيْبَرْسُ الْوَزِيرِيُّ، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَمْسَكَهُ وَعَزَلَهُ وَاسْتَنَابَ عَلَيْهَا جَمَالَ الدِّينِ آقُوشَ النَّجِيبِيَّ، وَاسْتَوْزَرَ بِدِمَشْقَ عِزَّ الدِّينِ بْنَ وَدَاعَةَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نَزَلَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ خَلِّكَانَ عَنْ تَدْرِيسِ الرُّكْنِيَّةِ لِلشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَبِي شَامَةَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ حِينَ دَرَّسَ، وَأَخَذَ فِي أَوَّلِ " مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ "، أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ بْنُ الظَّاهِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ الَّذِي بَايَعَهُ الظَّاهِرُ بِمِصْرَ فِي رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، بَطَلًا فَاتِكًا، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى أَقَامَ لَهُ جَيْشًا بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَزْيَدَ، وَسَارَ فِي خِدْمَتِهِ وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ وَأَوْلَادِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى الظَّاهِرِ، فَأَرْسَلَهُ صُحْبَةَ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا كَانَتِ
পৃষ্ঠা - ১১১২৯
الْوَقْعَةُ فُقِدَ الْمُسْتَنْصِرُ، وَرَجَعَ الصَّالِحُ إِلَى بِلَادِهِ، فَجَاءَتْهُ التَّتَارُ، فَحَاصَرُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَتَلُوهُ وَخَرَّبُوا بِلَادَهُ، وَقَتَلُوا أَهْلَهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. الْعِزُّ الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَجَا، مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، وَنَشَأَ بِإِرْبِلَ، فَاشْتَغَلَ بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ، وَكَانَ يَشْتَغِلُ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُهُمْ، وَنُسِبَ إِلَى الِانْحِلَالِ وَقِلَّةِ الدِّينِ، وَتَرْكِ الصَّلَوَاتِ، وَكَانَ ذَكِيًّا، وَلَيْسَ بِذَكِيٍّ; عَالِمَ اللِّسَانِ، جَاهِلَ الْقَلْبِ، ذَكِيَّ الْقَوْلِ، خَبِيثَ الْفِعْلِ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ رَائِقٌ أَوْرَدَ مِنْهُ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ قِطْعَةً فِي تَرْجَمَتِهِ، وَهُوَ الضَّرِيرُ شَبِيهٌ بِأَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ، قَبَّحَهُمَا اللَّهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَذِّبِ، الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ، شَيْخُ الْمَذْهَبِ وَمُفِيدُ أَهْلِهِ، وَصَاحِبُ مُصَنَّفَاتٍ حِسَانٍ; مِنْهَا التَّفْسِيرُ، وَاخْتِصَارُ النِّهَايَةِ، وَالْقَوَاعِدُ الْكُبْرَى، وَالصُّغْرَى، وَكِتَابُ الصَّلَاةِ، وَالْفَتَاوَى الْمَوْصِلِيَّةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ كَثِيرًا، وَاشْتَغَلَ عَلَى فَخْرِ الدِّينِ بْنِ عَسَاكِرَ وَغَيْرِهِ، وَبَرَعَ فِي الْمَذْهَبِ، وَعُلُومٍ كَثِيرَةٍ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ، وَدَرَّسَ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ بِدِمَشْقَ، وَوَلِيَ خَطَابَتَهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهَا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَدَرَّسَ بِهَا، وَخَطَبَ وَحَكَمَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الْمَذْهَبِ،
পৃষ্ঠা - ১১১৩০
وَقُصِدَ بِالْفَتَاوَى مِنَ الْآفَاقِ، وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا يَسْتَشْهِدُ بِالْأَشْعَارِ، وَقَدْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الشَّامِ بِسَبَبِ مَا كَانَ أَنْكَرَهُ عَلَى الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ تَسْلِيمِهِ صَفَدَ وَالشَّقِيفَ إِلَى الْفِرِنْجِ، وَوَافَقَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ الْمَالِكِيُّ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ بَلَدِهِ، فَسَارَ أَبُو عَمْرٍو إِلَى النَّاصِرِ دَاوُدَ صَاحِبِ الْكَرَكِ فَأَكْرَمهُ، وَسَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إِلَى الْمَلِكِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ صَاحِبِ مِصْرَ، فَأَكْرَمَهُ وَاحْتَرَمَهُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ مِصْرَ وَخَطَابَةَ الْجَامِعِ الْعَتِيقِ، ثُمَّ انْتَزَعَهُمَا مِنْهُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى تَدْرِيسِ الصَّالِحِيَّةِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بِهَا لِلْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ، وَتُوُفِّيَ فِي عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِسَفْحِ الْمُقَطَّمِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْعَدِيمِ الْحَنَفِيُّ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عُقَيْلٍ الْحَلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ، كَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْعَدِيمِ، الْأَمِيرُ الْوَزِيرُ الرَّئِيسُ الْكَبِيرُ، وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَحَدَّثَ وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَدَرَّسَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ إِمَامًا فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ تَرَسَّلَ إِلَى الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ مِرَارًا عَدِيدَةً، وَكَانَ يَكْتُبُ حَسَنًا طَرِيقَةً مَشْهُورَةً، وَصَنَّفَ لِحَلَبَ تَارِيخًا مُفِيدًا يَقْرُبُ
পৃষ্ঠা - ১১১৩১
مِنْ أَرْبَعِينَ مُجَلَّدًا، وَكَانَ جَيِّدَ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، حَسَنَ الظَّنِّ بِالْفُقَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ، كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ أَقَامَ بِدِمَشْقَ فِي الدَّوْلَةِ النَّاصِرِيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمِصْرَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ الْمُقَطَّمِ بَعْدَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ قُطْبُ الدِّينِ أَشْعَارًا حَسَنَةً. يُوسُفُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاقَانِيِّ الزَّيْنَبِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ، مُحْيِي الدِّينِ أَبُو الْمُعِزِّ، وَيُقَالُ: أَبُو الْمَحَاسِنِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الْمُوَصِّلِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ زَبْلَاقٍ الشَّاعِرُ، قَتَلَتْهُ التَّتَارُ لَمَّا أَخَذُوا الْمَوْصِلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: بَعَثْتَ لَنَا مِنْ سِحْرِ مُقْلَتِكَ الْوَسْنَى ... سُهَادًا يَذُودُ الْجَفْنَ أَنْ يَأْلَفَ الْجَفْنَا وَأَبْصَرَ جِسْمَيْ حَسَنَ خَصْرِكَ نَاحِلًا ... فَحَاكَاهُ لَكِنْ زَادَ فِي دِقَّةِ الْمَعْنَى وَأَبْرَزْتَ وَجْهًا أَخْجَلَ الصُّبْحَ طَالِعًا ... وَمِلْتَ بِقَدٍّ عَلَّمَ الْهَيِّفَ الْغُصْنَا حَكَيْتَ أَخَاكَ الْبَدْرَ لَيْلَةَ تِمِّهِ ... سَنًا وَسَنَاءً إِذْ تَشَابَهْتُمَا سَنَا وَقَالَ أَيْضًا، وَقَدْ دُعِيَ إِلَى مَوْضِعٍ، فَبَعَثَ يَعْتَذِرُ بِهَذَيْنَ الْبَيْتَيْنِ:
পৃষ্ঠা - ১১১৩২
أَنَا فِي مَنْزِلِي وَقَدْ وَهَبَ الْ ... لَّهُ نَدِيمًا وَقَيْنَةً وَعُقَارَا فابْسُطُوا الْعُذْرَ فِي التَّأَخُّرِ عَنْكُمْ ... شَغَلَ الْحَلْيَ أَهْلُهُ أَنْ يُعَارَا قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيهَا فِي ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ: الْبَدْرُ الْمَرَاغِيُّ الْخِلَافِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالطَّوِيلِ، وَكَانَ قَلِيلَ الدِّينِ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ، مُغْتَبِطًا بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْجَدَلِ وَالْخِلَافِ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ، رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ: مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ يَاقُوتَ الصَّارِمِيُّ الْمُحَدِّثُ، كَتَبَ كَثِيرًا; الطَّبَقَاتِ وَغَيْرَهَا، وَكَانَ دَيِّنًا خَيِّرًا، يُعِيرُ كُتُبَهُ، وَيُدَاوِمُ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.