আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وست مائة

পৃষ্ঠা - ১০৯৯৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتُّ مِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ كَانَ كَسْرُ الْمُعَظَّمِ تُورَانْشَاهْ لِلْفِرِنْجِ عَلَى ثَغْرِ دِمْيَاطَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: مِائَةَ أَلْفٍ. وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ أُسِرُوا، وَكَانَ فِيمَنْ أُسِرَ مَلِكُ الْإِفْرَنْسِيسِ وَأَخُوهُ، وَأُرْسِلَتْ غِفَارَةُ مَلِكِ الْإِفْرَنْسِيسِ إِلَى دِمَشْقَ فَلَبِسَهَا نَائِبُهَا فِي يَوْمِ الْمَوْكِبِ، وَكَانَتْ مِنْ سَقِرْلَاطِ أَحْمَرَ، تَحْتَهَا فَرْوُ سِنْجَابٍ، فَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ فَرَحًا بِمَا وَقَعَ، وَدَخَلَ الْفُقَرَاءُ كَنِيسَةَ مَرْيَمَ، فَأَقَامُوا بِهَا سَمَاعًا; فَرَحًا بِمَا نَصَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّصَارَى، وَكَادُوا أَنْ يُخَرِّبُوهَا، وَكَانَتِ النَّصَارَى بِبَعْلَبَكَّ، وَقَدْ فَرِحُوا حِينَ أَخَذَتِ النَّصَارَى دِمْيَاطَ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَسْرَةُ عَلَيْهِمْ سَخَّمُوا وُجُوهَ الصُّوَرِ، فَأَرْسَلَ نَائِبُ الْبَلَدِ فَجَنَّاهُمْ، وَأَمَرَ الْيَهُودَ فَصَفَعُوهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجُ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ حَتَّى قَتَلَ الْأُمَرَاءُ ابْنَ أُسْتَاذِهِمْ تُورَانْشَاهْ، وَدَفَنُوهُ إِلَى جَانِبِ النِّيلِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَرَحِمَ أَسْلَافَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৯৬
[تَمْلِيكُ الْمُعِزِّ عِزِّ الدِّينِ أَيْبَكَ التُّرْكُمَانِيِّ مِصْرَ] بَعْدَ بَنِي أَيُّوبَ، وَتَدَاوُلُ دَوْلَةِ الْأَتْرَاكِ لَمَّا قَتَلَ الْأُمَرَاءُ الْبَحْرِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّالِحِيَّةِ ابْنَ أُسْتَاذِهِمِ الْمُعَظَّمَ غِيَاثَ الدِّينِ تُورَانْشَاهَ بْنِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ بْنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ، وَكَانَ مُلْكُهُ بَعْدَ أَبِيهِ بِشَهْرَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ وَانْفَصَلَ أَمْرُهُ نَادَوْا فِيمَا بَيْنَهُمْ: لَا بَأْسَ لَا بَأْسَ. وَاسْتَدْعَوْا مِنْ بَيْنِهِمُ الْأَمِيرَ عِزَّ الدِّينِ أَيْبَكَ التُّرْكُمَانِيَّ، فَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ وَبَايَعُوهُ، وَلَقَّبُوهُ بِالْمَلِكِ الْمُعِزِّ، وَرَكِبُوا إِلَى الْقَاهِرَةِ ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَقَامُوا لَهُمْ صَبِيًّا مِنْ بَنِي أَيُّوبَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، وَهُوَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُظَفَّرُ الدِّينِ مُوسَى بْنُ النَّاصِرِ يُوسُفَ بْنِ الْمَسْعُودِ أَقْسِيسَ بْنِ الْكَامِلِ، وَجَعَلُوا الْمُعِزَّ أَتَابِكَهُ، فَكَانَتِ السِّكَّةُ وَالْخُطْبَةُ بِاسْمِهِمَا، وَكَاتَبُوا أُمَرَاءَ الشَّامِ بِذَلِكَ، فَمَا تَمَّ لَهُمُ الْأَمْرُ بِالشَّامِ بَلْ خَرَجَ عَنْ أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ تَسْتَقِرَّ لَهُمُ الْمَمْلَكَةُ إِلَّا عَلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ الْخَاتُونِ شَجَرِ الدُّرِّ أَمْ خَلِيلٍ حَظِيَّةِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَتَزَوَّجَتْ بِالْمُعِزِّ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ وَالسِّكَّةُ بِاسْمِهَا، يُدْعَى لَهَا عَلَى الْمَنَابِرِ أَيَّامَ الْجُمَعِ بِمِصْرَ وَأَعْمَالِهَا، وَكَذَا تُضْرَبُ السِّكَّةُ بِاسْمِهَا أُمِّ خَلِيلٍ، وَالْعَلَامَةُ عَلَى الْمَنَاشِيرِ وَالتَّوَاقِيعِ بِخَطِّهَا وَاسْمِهَا، مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْمُعِزِّ، ثُمَّ آلَ أَمْرُهَا إِلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْهَوَانِ وَالْقَتْلِ. [ذِكْرُ مُلْكِ النَّاصِرِ بْنِ الْعَزِيزِ بْنِ الظَّاهِرِ بْنِ النَّاصِرِ فَاتِحِ الْقُدْسِ] ِ، صَاحِبِ حَلَبَ، لِدِمَشْقَ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَقَعَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ قَتْلِ الْأُمَرَاءِ لِلْمُعَظَّمِ تُورَانْشَاهْ بْنِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ
পৃষ্ঠা - ১০৯৯৭
رَكِبَ الْحَلَبِيُّونَ، مَعَهُمُ ابْنُ أُسْتَاذِهِمْ النَّاصِرُ يُوسُفُ بْنُ الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ الظَّاهِرِ غَازِي بْنِ النَّاصِرِ يُوسُفَ فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُلُوكِ بَنِي أَيُّوبَ، مِنْهُمُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَادِلِ، وَكَانَ أَحَقَّ الْمَوْجُودِينَ بِالْمُلْكِ، مِنْ حَيْثُ السِّنِّ وَالْعَقْلِ وَالْحُرْمَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَمِنْهُمُ النَّاصِرُ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ بْنِ الْعَادِلِ، وَالْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْمَنْصُورِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ حِمْصَ، وَغَيْرُهُمْ، فَجَاءُوا إِلَى دِمَشْقَ، فَحَاصَرُوهَا فَمَلَكُوهَا سَرِيعًا، وَنُهِبَتْ دَارُ ابْنِ يَغْمُورٍ، وَحُبِسَ فِي الْقَلْعَةِ وَتَسَلَّمُوا مَا حَوْلَهَا، كَبَعْلَبَكَّ وَبُصْرَى وَالصَّلْتِ وَعَجْلُونَ وَصَرْخَدَ، وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِمُ الْكَرَكُ وَالشَّوْبَكُ بِالْمَلِكِ الْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ بْنِ الْكَامِلِ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ حِينَ قُتِلَ الْمُعَظَّمُ تُورَانْشَاهْ، فَطَلَبَهُ الْمِصْرِيُّونَ لِيُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ، فَخَافَ مِمَّا حَلَّ بِابْنِ عَمِّهِ، فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِمْ. وَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ يَدُ الْحَلَبِيِّينَ عَلَى دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا جَلَسَ النَّاصِرُ فِي الْقَلْعَةِ، وَطَيَّبَ قُلُوبَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكِبُوا إِلَى غَزَّةَ لِيَتَسَلَّمُوا الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، فَبَرَزَ إِلَيْهِمُ الْجَيْشُ الْمِصْرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا مَعَهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، فَكُسِرَ الْمِصْرِيُّونَ أَوَّلًا بِحَيْثُ إِنَّهُ خُطِبَ لِلنَّاصِرِ بِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ كَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَى الشَّامِيِّينَ، فَانْهَزَمُوا وَأُسِرَ مِنْ أَعْيَانِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَعُدِمَ مِنَ الْجَيْشِ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ أَنْشَدَ هُنَا الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِهِمْ:
পৃষ্ঠা - ১০৯৯৮
ضَيَّعَ إِسْمَاعِيلُ أَمْوَالَنَا ... وَخَرَّبَ الْمَغْنَى بِلَا مَعْنَى وَرَاحَ مِنْ جِلَّقَ هَذَا جَزَا ... مَنْ أَفْقَرَ النَّاسَ وَمَا اسْتَغْنَى [ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الصَّالِحِ أَبِي الْخَيْشِ إِسْمَاعِيلَ] َ وَاقِفِ تُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ وَقَدْ كَانَ الصَّالِحُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مَلِكًا عَاقِلًا حَازِمًا، تَقَلَّبَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ أَطْوَارًا كَثِيرَةً، وَقَدْ كَانَ الْأَشْرَفُ مُوسَى أَوْصَى لَهُ بِدِمَشْقَ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَلَكَهَا شُهُورًا، ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ أَخُوهُ الْكَامِلُ، ثُمَّ مَلَكَهَا مِنْ يَدِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ خَدِيعَةً وَمَكْرًا، فَاسْتَمَرَّ فِيهَا أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ اسْتَعَادَهَا مِنْهُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ عَامَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَاسْتَقَرَّتْ بِيَدِهِ بَلَدَاهُ بَعْلَبَكُّ وَبُصْرَى، ثُمَّ أُخِذَتَا مِنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إِلَيْهِ، فَلَجَأَ إِلَى الْمَمْلَكَةِ الْحَلَبِيَّةِ فِي جِوَارِ النَّاصِرِ يُوسُفَ صَاحِبِ حَلَبَ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا ذَكَرْنَا عُدِمَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَلَا يُدْرَى مَا فُعِلَ بِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَهُوَ وَاقِفُ التُّرْبَةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَدَارِ الْحَدِيثِ وَالْإِقْرَاءِ بِدِمَشْقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْمَشَاهِيرِ: الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ تُورَانْشَاهْ بْنُ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ بْنِ الْعَادِلِ كَانَ
পৃষ্ঠা - ১০৯৯৯
أَوَّلًا صَاحِبَ حِصْنِ كَيْفَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِهِ فَلَا يُجِيبُهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا اسْتَدْعَاهُ الْأُمَرَاءُ، فَأَجَابَهُمْ وَجَاءَ إِلَيْهِمْ فَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مُتَخَلِّعًا لَا يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ. وَقَدْ رُئِيَ أَبُوهُ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: قَتَلُوهُ شَرَّ قِتْلَهْ ... صَارَ لِلْعَالَمِ مُثْلَهْ لَمْ يُرَاعُوا فِيهِ إِلًّا ... لَا وَلَا مَنْ كَانَ قَبْلَهْ سَتَرَاهُمْ عَنْ قَرِيبٍ ... لِأَقَلِّ النَّاسِ أُكْلَهْ وَكَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اقْتِتَالِ الْمِصْرِيِّينَ وَالشَّامَيْنِ. وَمِمَّنْ عُدِمَ فِيمَا بَيْنُ الصَّفَّيْنِ مِنْ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَمِنْهُمُ الشَّمْسُ لُؤْلُؤٌ مُدَبِّرُ مَمَالِكِ الْحَلَبِيِّينَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَاقِفَةُ الْحَافِظِيَّةِ: وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْخَاتُّونِ أَرْغُونَ الْحَافِظِيَّةِ، سُمِّيَتِ الْحَافِظِيَّةَ لِخِدْمَتِهَا وَتَرْبِيَتِهَا الْحَافِظَ صَاحِبَ قَلْعَةِ جَعْبَرٍ، وَكَانَتِ امْرَأَةً عَاقِلَةً مُدَبِّرَةً، عُمِّرَتْ دَهْرًا، وَلَهَا أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُصْلِحُ الْأَطْعِمَةَ لِلْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَصَادَرَهَا الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، وَأَخَذَ
পৃষ্ঠা - ১১০০০
مِنْهَا أَرْبَعَ مِائَةِ صُنْدُوقٍ مِنَ الْمَالِ، وَقَدْ وَقَفَتْ دَارَهَا بِدِمَشْقَ عَلَى خُدَّامِهَا، وَاشْتَرَتْ بُسْتَانَ النَّجِيبِ يَاقُوتٍ الَّذِي كَانَ خَادِمَ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الْكِنْدِيِّ، وَجَعَلَتْ فِيهِ تُرْبَةً وَمَسْجِدًا، وَوَقَفَتْ عَلَيْهِمَا أَوْقَافًا جَيِّدَةً، رَحِمَهَا اللَّهُ. وَاقِفُ الْأَمِينِيَّةِ الَّتِي بِبَعْلَبَكَّ، أَمِينُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ غَزَّالٌ الْمُتَطَبِّبُ وَزِيرُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ أَبِي الْخِيَشِ الَّذِي كَانَ مَشْئُومًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى سُلْطَانِهِ، وَسَبَبًا فِي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْهُ وَعَنْ مَخْدُومِهِ، وَهَذَا هُوَ وَزِيرُ السَّوْءِ، وَقَدِ اتَّهَمَهُ السِّبْطُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَسَتِّرًا بِالدِّينِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ دِينٌ، فَأَرَاحَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ عَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَمَّا عُدِمَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بِدِيَارِ مِصْرَ; عَمَدَ مَنْ عَمَدَ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنِ يَغْمُورٍ نَاصِرِ الدِّينِ، فَشَنَقُوهُمَا وَصَلَبُوهُمَا عَلَى الْقَلْعَةِ بِمِصْرَ. وَقَدْ وُجِدَ لِأَمِينِ الدَّوْلَةِ غَزَّالٍ هَذَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالتُّحَفِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَثَاثِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَعَشَرَةُ آلَافِ مُجَلَّدٍ بِخَطٍّ مَنْسُوبٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخُطُوطِ النَّفِيسَةِ الْفَائِقَةِ.