ثم دخلت سنة خمس وأربعين وستمائة
পৃষ্ঠা - ১০৯৮০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِيهَا كَانَ عَوْدُ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ مِنَ الشَّامِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَزَارَ فِي طَرِيقِهِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَفَرَّقَ فِي أَهْلِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَأَمَرَ بِإِعَادَةِ سُورِهِ، كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ عَمِّ أَبِيهِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ فَاتِحِ الْقُدْسِ، وَنَزَّلَ الْجُيُوشَ لِحِصَارِ الْفِرِنْجِ، فَفُتِحَتْ طَبَرِيَّةُ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، وَفُتِحَتْ عَسْقَلَانُ فِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ.
وَفِي رَجَبٍ عُزِلَ الْخَطِيبُ عِمَادُ الدِّينِ دَاوُدُ بْنُ خَطِيبِ بَيْتِ الْآبَارِ عَنِ الْخَطَابَةِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَتَدْرِيسِ الْغَزَّالِيَّةِ، وَوَلِيَ ذَلِكَ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ بَعْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ.
وَفِيهَا أَرْسَلَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ يَطْلُبُ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الدَّمَاشِقَةِ اتُّهِمُوا بِمُمَالَأَةِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৮১
الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، مِنْهُمُ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ، وَبَنُو صَصْرَى، وَابْنُ الْعِمَادِ الْكَاتِبُ، وَالْحَكِيمِيُّ مَمْلُوكُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، وَالشِّهَابُ غَازِيٌّ وَالِي بُصْرَى، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَالْإِهَانَةِ، بَلْ خَلَعَ عَلَى بَعْضِهِمْ وَتُرِكُوا بِاخْتِيَارِهِمْ مُكَرَّمِينَ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْمَشَاهِيرِ:
الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَقْسَاسِيُّ، النَّقِيبُ قُطْبُ الدِّينِ
أَصْلُهُ مِنَ الْكُوفَةِ وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَوَلِيَ النِّقَابَةَ، ثُمَّ اعْتُقِلَ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ فَاضِلًا أَدِيبًا شَاعِرًا مُطَبِّقًا، أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي أَشْعَارًا كَثِيرَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الشَّلَوْبِينُ النَّحْوِيُّ: هُوَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ الْأَنْدَلُسِيُّ الْإِشْبِيلِيُّ
الْمَعْرُوفُ بِالشَّلَوْبِينِ، وَهُوَ بِلُغَةِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৮২
الْأَنْدَلُسِيِّينَ الْأَبْيَضُ الْأَشْقَرُ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: خُتِمَ بِهِ أَئِمَّةُ النَّحْوِ، وَكَانَ فِيهِ تَغَفُّلٌ. وَذَكَرَ لَهُ شِعْرًا وَمُصَنَّفَاتٍ، مِنْهَا " شَرْحُ الْجُزُولِيَّةِ "، وَكِتَابُ " التَّوْطِئَةِ "، وَأَرَّخَ وَفَاتَهُ بِهَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عَنْهُ.
الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمَنْصُورِ الْبُسْرِيُّ
الْمَعْرُوفُ بِالْحَرِيرِيِّ أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةِ بُسْرَ شَرْقِيَّ زُرْعَ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً يَعْمَلُ صَنْعَةَ الْحَرِيرِ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ يَعْمَلُ الْفَقِيرِيَّ عَلَى يَدِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمُغَرْبَلِ تِلْمِيذِ الشَّيْخِ رَسْلَانَ التُّرْكُمَانِيِّ الْجَعْبَرِيِّ، فَاتَّبَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ يُقَالُ لَهُمُ: الْحَرِيرِيَّةُ. وَابْتَنَى لَهُ زَاوِيَةً عَلَى الشَّرَفِ الْقِبْلِيِّ، وَبَدَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، كَالشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ، وَالشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ شَيْخِ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمَّا كَانَتِ الدَّوْلَةُ الْأَشْرَفِيَّةُ حُبِسَ فِي قَلْعَةِ عَزَّتَا مُدَّةَ سِنِينَ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقِيمَ بِدِمَشْقَ، فَلَزِمَ بَلَدَهُ بُسْرَ مُدَّةً حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ ": وَفِي رَمَضَانَ أَيْضًا تُوُفِّيَ
পৃষ্ঠা - ১০৯৮৩
الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَعْرُوفُ بِالْحَرِيرِيِّ، الْمُقِيمُ بِقَرْيَةِ بُسْرَ فِي زَاوِيَتِهِ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى دِمَشْقَ وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَهُمُ الْمَعْرُوفُونَ بِالْحَرِيرِيَّةِ أَصْحَابِ الزِّيِّ الْمُنَافِي لِلشَّرِيعَةِ، وَبَاطِنُهُمْ شَرٌّ مِنْ ظَاهِرِهِمْ، إِلَّا مَنْ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ، وَكَانَ عِنْدَ هَذَا الْحَرِيرِيِّ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ بِأُمُورِ الشَّرِيعَةِ وَالتَّهَاوُنِ بِهَا مِنْ إِظْهَارِ شَعَائِرِ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَانْفَسَدَ بِسَبَبِهِ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ أَوْلَادِ كُبَرَاءِ دِمَشْقَ، وَصَارُوا عَلَى زِيِّ أَصْحَابِهِ، وَتَبِعُوهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ خَلِيعَ الْعِذَارِ، يَجْمَعُ مَجْلِسُهُ الْغِنَاءَ الدَّائِمَ وَالرَّقْصَ وَالْمُرْدَانَ، وَتَرْكَ الْإِنْكَارِ عَلَى أَحَدٍ فِيمَا يَفْعَلُهُ، وَتَرْكَ الصَّلَوَاتِ، وَكَثْرَةَ النَّفَقَاتِ، فَأَضَلَّ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَفْسَدَ جَمًّا غَفِيرًا، وَلَقَدْ أَفْتَى فِي قَتْلِهِ مِرَارًا جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ أَرَاحَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ.
وَاقِفُ الْعِزِّيَّةِ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ
أُسْتَاذُ دَارِ الْمُعَظَّمِ، وَكَانَ مِنَ الْعُقَلَاءِ الْأَجْوَادِ الْأَمْجَادِ، اسْتَنَابَهُ الْمُعَظَّمُ عَلَى صَرْخَدَ، وَظَهَرَتْ مِنْهُ نَهْضَةٌ وَكِفَايَةٌ، وَوَقَفَ الْعِزِّيَّتَيْنِ الْجَوَّانِيَّةَ وَالْبَرَّانِيَّةَ. وَلَمَّا أَخَذَ مِنْهُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ صَرْخَدَ عَوَّضَهُ عَنْهَا، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ وُشِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُكَاتِبُ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ، فَاحْتِيطَ
পৃষ্ঠা - ১০৯৮৪
عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، فَمَرِضَ وَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ، وَقَالَ: هَذَا آخِرُ عَهْدِي. وَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى مَاتَ، وَدُفِنَ بِبَابِ النَّصْرِ بِمِصْرَ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي فَوْقَ الْوَرَّاقَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنَّمَا أَرَّخَ السِّبْطُ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشِّهَابُ غَازِيُّ بْنُ الْعَادِلِ صَاحِبُ مَيَّافَارِقِينَ وَخِلَاطَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبُلْدَانِ، كَانَ مِنْ عُقَلَاءِ بَنِي أَيُّوبَ، وَفُضَلَائِهِمْ وَأَهْلِ الدِّيَانَةِ مِنْهُمْ، وَمِمَّا أَنْشَدَ قَوْلُهُ:
وَمِنْ عَجَبِ الْأَيَّامِ أَنَّكَ جَالِسٌ ... عَلَى الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتَ تَسِيرُ
فَسَيْرُكَ يَا هَذَا كَسَيْرِ سَفِينَةٍ ... بِقَوْمٍ جُلُوسٍ وَالْقُلُوعُ تَطِيرُ