ثم دخلت سنة ست وثلاثين وستمائة
পৃষ্ঠা - ১০৯৩০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِيهَا قَبَضَ الْمَلِكُ الْجَوَادُ عَلَى الصَفِيِّ بْنِ مَرْزُوقٍ، وَصَادَرَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَحَبَسَهُ بِقَلْعَةِ حِمْصَ، فَمَكَثَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَرَى الضَّوْءَ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَبْلَ ذَلِكَ يُحْسِنُ إِلَى الْجَوَادِ إِحْسَانًا كَثِيرًا.
وَسَلَّطَ الْجَوَادُ خَادِمًا لِزَوْجَتِهِ يُقَالُ لَهُ: النَّاصِحُ، فَصَادَرَ الدَّمَاشِقَةَ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمَسَكَ الْأَمِيرَ عِمَادَ الدِّينِ بْنَ الشَّيْخِ الَّذِي كَانَ سَبَبَ تَمْلِيكِهِ دِمَشْقَ، ثُمَّ خَافَ مِنْ أَخِيهِ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ الَّذِي بِدِيَارِ مِصْرَ، وَقَلِقَ مِنْ مُلْكِ دِمَشْقَ، وَقَالَ: أَيْشِ أَعْمَلُ بِالْمُلْكِ؟ بَازٌ وَكَلْبٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ وَكَاتَبَ الصَّالِحَ نَجْمَ الدِّينِ أَيُّوبَ بْنَ الْكَامِلِ، فَتَقَايَضَا مِنْ حِصْنِ كَيْفَا وَسِنْجَارَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، فَمَلَكَ الصَّالِحُ دِمَشْقَ، وَدَخَلَهَا فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَالْجَوَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْغَاشِيَةِ، ثُمَّ حَمَلَهَا الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ حَمَاةَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، ثُمَّ نَزَلَ الْجَوَادُ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدْرِكَ الْفًائِتَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ. وَخَرَجَ مِنْ دِمَشْقَ، وَالنَّاسُ يَلْعَنُونَهُ فِي وَجْهِهِ; بِسَبَبِ مَا أَسْدَاهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُصَادَرَاتِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الصَّالِحُ أَيُّوبُ لِيَرُدَّ إِلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَسَارَ وَبَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৩১
وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الصَّالِحُ فِي مُلْكِ مِصْرَ، كَمَا سَيَأْتِي، حَبَسَ النَّاصِحَ الْخَادِمَ، فَمَاتَ فِي أَسْوَأِ حَالَةٍ، مِنَ الْقِلَّةِ وَالْقَمْلِ، جَزَاءً وِفَاقًا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] .
وَفِيهَا رَكِبَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ مِنْ دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ قَاصِدًا الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِيَأْخُذَهَا مِنْ أَخِيهِ الْعَادِلِ لِصِغَرِهِ، فَنَزَلَ بِنَابُلُسَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ النَّاصِرِ دَاوُدَ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ فِي صُحْبَتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ جَاءَ إِلَيْهِ إِلَى دِمَشْقَ لِيُبَايِعَهُ، فَجَعَلَ يُسَوِّفُ بِهِ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَيُحَالِفُ الْأُمَرَاءَ بِدِمَشْقَ لِيَكُونَ مَلِكَهُمْ، وَلَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ مِنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ لِجَبَرُوتِهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ، وَانْقَضَتِ السَّنَةُ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِنَابُلُسَ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ يُمَاطِلُهُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
جَمَالُ الدِّينِ الْحَصِيرِيُّ الْحَنَفِيُّ، مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ، الْعَلَّامَةُ جَمَالُ الدِّينِ الْحَصِيرِيُّ، شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَمُدَرِّسُ النُّورِيَّةِ، أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: حَصِيرُ، مِنْ مُعَامَلَةِ بُخَارَى. تَفَقَّهَ بِهَا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَصَارَ إِلَى دِمَشْقَ، فَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْحَنَفِيَّةِ بِهَا، لَاسِيَّمَا فِي أَيَّامِ الْمُعَظَّمِ، كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ " الْجَامِعَ الْكَبِيرَ "، وَلَهُ عَلَيْهِ شَرْحٌ، وَكَانَ يَحْتَرِمُهُ وَيُعَظِّمُهُ وَيُكْرِمُهُ، وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، عَاقِلًا نَزِهًا عَفِيفًا، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৩২
ثَامِنَ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ. تُوُفِّيَ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، وَأَوَّلُ دَرْسِهِ بِالنُّورِيَّةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَ وَسِتِّمِائَةٍ، بَعْدَ الشَّرَفِ دَاوُدَ الَّذِي تَوَلَّاهَا بَعْدَ الْبُرْهَانِ مَسْعُودٍ أَوَّلِ مُدَرِّسِيهَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْأَمِيرُ عِمَادُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ شَيْخِ الشُّيُوخِ صَدْرِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّوَيْهِ
كَانَ سَبَبًا فِي وِلَايَةِ الْجَوَادِ دِمَشْقَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ، فَلَامَهُ صَاحِبُهَا الْعَادِلُ، فَقَالَ: الْآنَ أَرْجِعُ إِلَى دِمَشْقَ، وَآمُرُ الْجَوَادَ بِالْمَسِيرِ إِلَيْكَ، عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ إِسْكَنْدَرِيَّةُ عِوَضَ دِمَشْقَ، فَإِنِ امْتَنَعَ عَزَلْتُهُ عَنْهَا، وَكُنْتُ أَنَا نَائِبَكَ فِيهَا. فَنَهَاهُ أَخُوهُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَرَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ، فَتَلَقَّاهُ الْجَوَادُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَأَنْزَلَهُ عِنْدَهُ بِالْقَلْعَةِ بِدَارِ الْمَسَرَّةِ، وَخَادَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ جَهْرَةً فِي صُورَةِ مُسْتَغِيثٍ بِهِ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ حَافِلَةٌ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ.
الْوَزِيرُ جَمَالُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ
وَزَرَ لِلْأَشْرَفِ، وَاسْتَوْزَرَهُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ، كَانَ أَصْلُهُ مِنَ الرَّقَّةِ، وَكَانَ لَهُ أَمْلَاكٌ يَسِيرَةٌ يَعِيشُ مِنْهَا، ثُمَّ آلَ أَمْرُهُ أَنْ وَزَرَ لِلْأَشْرَفِ بِدِمَشْقَ. وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُهُمْ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْخَوَانِيقِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৩৩
جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ، بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، رَاوِيَةُ السِّلَفِيِّ، قَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ صُحْبَةَ النَّاصِرِ دَاوُدَ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً.
الْحَافِظُ الْكَبِيرُ زَكِّيُّ الدِّينِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ الْبِرْزَالِيُّ الْإِشْبِيلِيُّ، أَحَدُ مَنِ اعْتَنَى بِصِنَاعَةِ الْحَدِيثِ وَبَرَزَ فِيهِ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ، وَكَانَ شَيْخَ الْحَدِيثِ بِمَشْهَدِ ابْنِ عُرْوَةَ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى حَلَبَ، فَتُوُفِّيَ بِحَمَاةَ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَهُوَ جَدُّ شَيْخِنَا الْحَافِظِ عَلَمِ الدِّينِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيِّ، مُؤَرِّخِ دِمَشْقَ الَّذِي ذَيَّلَ عَلَى الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَبِي شَامَةَ، وَقَدْ ذَيَّلْتُ أَنَا عَلَى تَارِيخِهِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ.