আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة

পৃষ্ঠা - ১০৮৭১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ مَشْغُولٌ فِيهَا بِإِصْلَاحِ مَا كَانَ جَلَالُ الدِّينِ الْخُوَارَزْمِيُّ قَدْ أَفْسَدَهُ مِنْ بِلَادِهِ. وَقَدْ قَدِمَتِ التَّتَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَدِيَارِ بِكْرٍ، فَعَاثُوا بِالْفَسَادِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَتَلُوا وَنَهَبُوا وَسَبَوْا عَلَى عَادَتِهِمْ - خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِيهَا رُتِّبَ إِمَامٌ بِمَشْهَدِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَصُلِّيَتْ فِيهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَفِيهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ الشَّهْرَزُورِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَدْرَسَةِ الْجَوَّانِيَّةِ جِوَارَ الْمَارَسْتَانِ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا. وَفِيهَا دَرَّسَ النَّاصِرُ ابْنُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصَّاحِبَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ الَّتِي أَنَشَأَتْهَا
পৃষ্ঠা - ১০৮৭২
الْخَاتُونُ رَبِيعَةُ بِنْتُ أَيُّوبَ أُخْتُ سِتِّ الشَّامِ. وَفِيهَا حَبَسَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْحَرِيرِيَّ بِقَلْعَةِ عَزَّتَا. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِدِيَارِ مِصْرَ وَبِلَادِ الشَّامِ وَحَلَبَ وَالْجَزِيرَةِ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمِيَاهِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ، فَكَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 155] [الْبَقَرَةِ: 155، 156] . وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ كَلَامًا طَوِيلًا مَضْمُونُهُ خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ التَّتَارِ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ سَبَبُ قُدُومِهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ كَتَبُوا إِلَيْهِمْ يُخْبِرُونَهُمْ بِضَعْفِ أَمْرِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمِ شَاهْ، وَأَنَّهُ قَدْ عَادَى جَمِيعَ الْمُلُوكِ حَوْلَهُ حَتَّى الْخَلِيفَةَ، وَأَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ الْأَشْرَفُ بْنُ الْعَادِلِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ جَلَالُ الدِّينِ قَدْ ظَهَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ نَاقِصَةٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَهُ غُلَامٌ خَصِيٌّ يُقَالُ لَهُ: قِلْجٌ. وَكَانَ يُحِبُّهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ وَجَدًّا عَظِيمًا بِحَيْثُ إِنَّهُ أَمَرَ الْأُمَرَاءَ أَنْ يَمْشُوا فِي جَنَازَتِهِ، فَمَشَوْا فَرَاسِخَ إِلَى تُرْبَتِهِ، وَأَمَرَ أَهْلَ الْبَلَدِ أَنْ يَخْرُجُوا بِحُزْنٍ وَتَعْدَادٍ عَلَيْهِ، فَتَوَانَى بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَمَّ بِقَتْلِهِمْ حَتَّى تَشَفَّعَ فِيهِمْ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ لَمْ يَسْمَحْ بِدَفْنِ قِلْجٍ، فَكَانَ يُحْمَلُ مَعَهُ فِي مِحَفَّةٍ، وَكُلَّمَا أُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ يَقُولُ: احْمِلُوا هَذَا إِلَى قِلْجٍ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَدْ مَاتَ قِلْجٌ. فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقُتِلَ، فَكَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُونَ: قَبِلَهُ وَهُوَ يُقَبِّلُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৩
الْأَرْضَ وَيَقُولُ: هُوَ الْآنَ أَصْلَحُ مِمَّا كَانَ. يَعْنِي أَنَّهُ مَرِيضٌ وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ، فَيَجِدُ الْمَلِكُ رَاحَةً بِذَلِكَ; مِنْ قِلَّةِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَمَّا جَاءَتِ التَّتَارُ اشْتَغَلَ بِهِمْ، وَأَمَرَ بِدَفْنِ قِلْجٍ، وَهَرَبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَامْتَلَأَ قَلْبُهُ خَوْفًا مِنْهُمْ، وَجَعَلَ كُلَّمَا سَارَ إِلَى قُطْرٍ لَحِقُوهُ إِلَيْهِ، وَخَرَّبُوا مَا اجْتَازُوا بِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَجَاوَزُوهَا إِلَى سِنْجَارَ وَمَارِدِينَ وَآمِدَ، يُفْسِدُونَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ قَتْلًا وَأَسْرًا وَنَهْبًا. وَتَمَزَّقَ شَمْلُ جَلَالِ الدِّينِ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ جَيْشُهُ، فَصَارُوا شَذَرَ مَذَرَ، وَبُدِّلُوا بِالْأَمْنِ خَوْفًا، وَبِالْعِزِّ ذُلًّا، وَبِالِاجْتِمَاعِ تَفْرِيقًا، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَلَكُوتُ! وَانْقَطَعَ خَبَرُ جَلَالِ الدِّينِ فَلَا يُدْرَى أَيْنَ سَلَكَ وَلَا أَيْنَ ذَهَبَ. وَتَمَكَّنَتِ التَّتَارُ مِنَ النَّاسِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لَا يَجِدُونَ مَنْ يَمْنَعُهُمْ وَلَا مَنْ يَرْدَعُهُمْ، وَأَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى الْوَهْنَ وَالضَّعْفَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ مِنْهُمْ، كَانُوا كَثِيرًا مَا يَقْتُلُونَ النَّاسَ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُ: لَا بِاللَّهِ، لَا بِاللَّهِ. فَكَانُوا يَلْعَبُونَ عَلَى الْخَيْلِ، وَيُغَنُّونَ وَيُحَاكُونَ النَّاسَ: لَا بِاللَّهِ لَا بِاللَّهِ. وَهَذِهِ طَامَّةٌ عُظْمَى وَدَاهِيَةٌ كُبْرَى، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَحَجَّ النَّاسُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الشَّامِ، وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ، ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ النَّاسُ بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا لِكَثْرَةِ الْحُرُوبِ وَالْخَوْفِ مِنَ التَّتَرِ وَالْفِرِنْجِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا تَكَامَلَ بِنَاءُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي بِسُوقِ الْعَجَمِ مِنْ بَغْدَادَ، الْمَنْسُوبَةُ إِلَى إِقْبَالٍ الشَّرَابِيِّ، وَحَضَرَ الدَّرْسَ بِهَا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَاجْتَمَعَ فِيهِ جَمِيعُ الْمُدَرِّسِينَ
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৪
وَالْمُفْتِينَ بِبَغْدَادَ، وَعَمِلَ بِصَحْنِهَا قِبَابَ الْحَلْوَى، فَحُمِلَ مِنْهَا إِلَى جَمِيعِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ، وَرَتَّبَ فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَقِيهًا لَهُمُ الْجَوَامِكُ الدَّارَّةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَالطَّعَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَالْحَلَوَاتُ فِي أَوْقَاتِ الْمَوَاسِمِ، وَالْفَوَاكِهُ فِي زَمَانِهَا، وَخَلَعَ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِينَ وَالْفُقَهَاءِ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ وَقْتًا حَسَنًا، تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ. وَفِيهَا سَارَ الْأَشْرَفُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاضِي الْفَاضِلِ فِي الرَّسْلِيَّةِ عَنِ الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ مِصْرَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ بِبَغْدَادَ، فَأُكْرِمَ وَأُعِيدَ مُعَظَّمًا. وَفِيهَا دَخَلَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُرِي بْنُ زَيْنِ الدِّينِ صَاحِبُ إِرْبِلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا قَطُّ، فَتَلَقَّاهُ الْمَوْكِبُ، وَشَافَهَهُ الْخَلِيفَةُ بِالسَّلَامِ مَرَّتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ شَرَفًا لَهُ، غَبَطَهُ بِهِ سَائِرُ مُلُوكِ الْآفَاقِ، وَسَأَلُوا أَنْ يُهَاجِرُوا لِيَحْصُلَ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ، فَلَمْ يُمَكَّنُوا لِحِفْظِ الثُّغُورِ، وَرَجَعَ إِلَى مَمْلَكَتِهِ مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: ابْنُ مُعْطِي النَّحْوِيُّ، يَحْيَى بْنُ مُعْطِي بْنُ عَبْدِ النُّورِ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৫
الْأَلْفِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ النَّحْوِيَّةِ الْمُفِيدَةِ، وَيُلَقَّبُ بِزَيْنِ الدِّينِ، أَخَذَ عَنِ الْكِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى مِصْرَ، فَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْقَاهِرَةِ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَشَهِدَ جَنَازَتَهُ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ، وَكَانَ قَدْ رَحَلَ إِلَى مِصْرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحُكِيَ أَنَّ الْمَلِكَ الْكَامِلَ شَهِدَ جَنَازَتَهُ أَيْضًا، وَأَنَّهُ دُفِنَ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ الْمُزَنِيِّ بِالْقَرَافَةِ، فِي طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ عَنْ يَسْرَةِ الْمَارِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الدَّخْوَارُ الطَّبِيبُ وَاقِفُ الدَّخْوَارِيَّةِ مُهَذَّبُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَامِدٍ، الْمَعْرُوفُ بِالدَّخْوَارِ، شَيْخُ الْأَطِبَّاءِ بِدِمَشْقَ، وَقَدْ وَقَفَ دَارَهُ بِدَرْبِ الْعَمِيدِ - بِالْقُرْبِ مِنَ الصَّاغَةِ الْعَتِيقَةِ - عَلَى الْأَطِبَّاءِ بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةً لَهُمْ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَعَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ عَلَى أَعْمِدَةٍ فِي أَصْلِ الْجَبَلِ شَرْقِيَّ الرُّكْنِيَّةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِسِتَّةِ أَمْرَاضٍ مُتَعَاكِسَةٍ، مِنْهَا
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৬
رِيحُ اللَّقْوَةِ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ: الْقَاضِي أَبُو غَانِمِ بْنُ الْعَدِيمِ، الشَّيْخُ الصَّالِحُ، وَكَانَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ وَالرِّيَاضَةِ، وَالْعَامِلِينَ بِعِلْمِهِمْ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَعْبَدُ مِنْهُ لَكَانَ صَادِقًا، فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، فَإِنَّهُ مِنْ جَمَاعَةِ شُيُوخِنَا، سَمِعْنَا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ، وَانْتَفَعْنَا بِرُؤْيَتِهِ وَكَلَامِهِ. قَالَ: وَفِيهَا أَيْضًا فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ صَدِيقُنَا: أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ الْعَجَمِيِّ الْحَلَبِيُّ وَهُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مُقَدَّمُو السُّنَّةِ بِحَلَبَ، وَكَانَ رَجُلًا ذَا مُرُوءَةٍ غَزِيرَةٍ، وَخُلُقٍ حَسَنٍ، وَحِلْمٍ وَافِرٍ وَرِيَاسَةٍ كَثِيرَةٍ، يُحِبُّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ مَنْ أَكَلَ طَعَامَهُ، وَيُقَبِّلُ يَدَهُ، وَكَانَ يَلْقَى أَضْيَافَهُ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ، وَلَا يَقْعُدُ عَنْ إِيصَالِ رَاحَةٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً. قُلْتُ: وَهَذَا آخِرُ مَا وُجِدَ مِنَ " الْكَامِلِ فِي التَّارِيخِ " لِلْحَافِظِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَثِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، بْنِ أَبِي السِّعَادَاتِ بْنِ كَرَمٍ الْمَوْصِلِيُّ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৭
أَحَدُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيِّينَ، شَرَحَ قِطْعَةً كَبِيرَةً مِنَ الْقُدُورِيِّ، وَكَتَبَ الْإِنْشَاءَ لِصَاحِبِهَا بَدْرِ الدِّينِ لُؤْلُؤٍ، ثُمَّ اسْتَقَالَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ فَاضِلًا شَاعِرًا، وَمِنْ شِعْرِهِ: دَعُوهُ كَمَا شَاءَ الْغَرَامُ يَكُونُ ... فَلَسْتُ وَإِنْ خَانَ الْعُهُودَ أَخُونُ وَلِينُوا لَهُ فِي قَوْلِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمُ ... عَسَى قَلْبُهُ الْقَاسِي عَلَيَّ يَلِينُ وَبُثُّوا صَبَابَاتِي إِلَيْهِ وَكَرِّرُوا ... حَدِيثِي عَلَيْهِ فَالْحَدِيثُ شُجُونُ بِنَفْسِي الْأُلَى بَانُوا عَنِ الْعَيْنِ خُفْيَةً ... وَحُبُّهُمُ فِي الْقَلْبِ لَيْسَ يَبِينُ وَسَلُّوا عَلَى الْعُشَّاقِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ... سُيُوفًا لَهَا وُطْفُ الْجُفُونِ جُفُونُ الْمَجْدُ الْبَهْنَسِيُّ وَزِيرُ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَصَادَرَهُ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الَّتِي أَنْشَأَهَا بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَجَعَلَ كُتُبَهُ بِهَا وَقْفًا، وَأَجْرَى عَلَيْهَا أَوْقَافًا جَيِّدَةً دَارَّةً. جَمَالُ الدَّوْلَةِ، خَلِيلُ بْنُ زُوَيْزَانَ، رَئِيسُ قَصْرِ حَجَّاجٍ، كَانَ كَيِّسًا ذَا مُرُوءَةٍ، لَهُ صَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ زِيَارَةٌ فِي مَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ، وَدُفِنَ
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৮
بِتُرْبَتِهِ عِنْدَ مَسْجِدِ فُلُوسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الْمَلِكُ الْأَمْجَدُ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ الْأَمْجَدِيَّةِ بِالشَّرَفِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْأَمْجَدِ بَهْرَامَ شَاهْ بْنِ فَرُّخْشَاهْ بْنِ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ، صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ بَعْدَهُ لَمْ يَزَلْ حَتَّى قَدِمَ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ إِلَى دِمَشْقَ، فَمَلَكَهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، فَانْتَزَعَ مِنْ يَدِهِ بَعْلَبَكَّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَسْكَنَهُ عِنْدَهُ بِدِمَشْقَ فِي دَارِ أَبِيهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَدَا عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ مِنْ مَمَالِيكِهِ تُرْكِيٌّ، فَقَتَلَهُ لَيْلًا، وَكَانَ قَدِ اتَّهَمَهُ بِحِيَاصَةٍ لَهُ وَحَبَسَهُ، فَتَغَلَّبَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ الْمَمْلُوكُ بَعْدَهُ. وَدُفِنَ الْأَمْجَدُ فِي تُرْبَتِهِ الَّتِي إِلَى جَانِبِ تُرْبَةِ أَبِيهِ فِي الشَّرَفِ الشَّمَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ كَانَ شَاعِرًا فَاضِلًا، لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً مِنْ شِعْرِهِ الرَّائِقِ الْفَائِقِ. وَتَرْجَمَتُهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ "، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ "، وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ. وَمِمَّا أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي شَابٍّ رَآهُ يَقْطَعُ قُضْبَانَ بَانٍ، فَأَنْشَأَ عَلَى الْبَدِيهَةِ يَقُولُ: مَنْ لِي بِأَهْيَفَ قَالَ حِينَ عَتَبْتُهُ ... فِي قَطْعِ كُلِّ قَضِيبِ بَانٍ رَائِقِ
পৃষ্ঠা - ১০৮৭৯
تَحْكِي شَمَائِلُهُ الرَّشَاءُ إِذَا انْثَنَى ... رَيَّانَ بَيْنَ جَدَاوِلٍ وَحَدَائِقِ سَرَقَتْ غُصُونُ الْبَانِ لِينَ شَمَائِلِي ... فَقَطَعْتُهَا وَالْقَطْعُ حَدُّ السَّارِقِ وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: يُؤَرِّقُنِي حَنِينٌ وَادِّكَارُ ... وَقَدْ خَلَتِ الْمَرَابِعُ وَالدِّيَارُ تَنَاءَى الظَّاعِنُونَ وَلِي فُؤَادٌ ... يَسِيرُ مَعَ الْهَوَادِجِ حَيْثُ سَارُوا حَنِينٌ مِثْلَمَا شَاءَ التَّنَائِي ... وَشَوْقٌ كُلَّمَا بَعُدَ الْمَزَارُ وَلَيْلِي بَعْدَ بَيْنِهِمُ طَوِيلٌ ... فَأَيْنَ مَضَتْ لَيَالِيَّ الْقِصَارُ وَقَدْ حَكَمَ السُّهَادُ عَلَى جُفُونِي ... تَسَاوَى اللَّيْلُ عِنْدِي وَالنَّهَارُ سُهَادِي بَعْدَ نَأْيِهِمُ كَثِيرٌ ... وَنَوْمِي بَعْدَ مَا رَحَلُوا غِرَارُ فَمَنْ ذَا يَسْتَعِيرُ لَنَا عُيُونًا ... تَنَامُ وَهَلْ تَرَى عَيْنًا تُعَارُ فَلَا لَيْلِي لَهُ صُبْحٌ مُنِيرٌ ... وَلَا وَجْدِي يُقَالُ لَهُ عِثَارُ وَكَمْ مِنْ قَائِلٍ وَالْحَيُّ غَادٍ ... يُحَجَّبُ ظُعْنَهُ النَّقْعُ الْمُثَارُ وُقُوفُكَ فِي الدِّيَارِ وَأَنْتَ حَيٌّ ... وَقَدْ رَحَلَ الْخَلِيطُ عَلَيْكَ عَارُ وَلَهُ: كَمْ يَذْهَبُ هَذَا الْعُمْرُ فِي الْخُسْرَانِ ... مَا أَغْفَلَنِي فِيهِ وَمَا أَنْسَانِي
পৃষ্ঠা - ১০৮৮০
ضَيَّعْتُ زَمَانِي كُلَّهُ فِي لَعِبٍ ... يَا عُمْرُ هَلْ بَعْدَكَ عُمْرٌ ثَانِي وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ مِنْ ذَنْبِي عَلَى وَجَلِ ... زَالَ عَنِّي ذَلِكَ الْوَجَلُ أَمِنَتْ نَفْسِي بَوَائِقَهَا ... عِشْتُ لَمَّا مِتُّ يَا رَجُلُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعَفَا عَنْهُ. جَلَالُ الدِّينِ تِكِشٌ وَقِيلَ: مَحْمُودُ بْنُ عَلَاءِ الدِّينِ خُوَارَزْمِ شَاهْ مُحَمَّدِ بْنِ تِكِشٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، وَهُمْ مِنْ سُلَالَةِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَتِكِشٌ جَدُّهُمْ هُوَ الَّذِي أَزَالَ دَوْلَةَ السَلْجُوقِيَّةِ. كَانَتِ التَّتَارُ قَهَرُوا أَبَاهُ حَتَّى شَرَّدُوهُ فِي الْبِلَادِ، فَمَاتَ بِبَعْضِ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، ثُمَّ سَاقُوا وَرَاءَ جَلَالِ الدِّينِ هَذَا حَتَّى مَزَّقُوا عَسَاكِرَهُ شَذَرَ مَذَرَ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ أَيْدِي سَبَا، وَانْفَرَدَ هُوَ وَحْدَهُ، فَلَقِيَهُ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ مَيَّافَارِقِينَ، فَأَنْكَرَهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَبِ، وَعَلَى فَرَسِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلِكُ الْخُوَارَزْمِيَّةِ. وَكَانُوا قَدْ قَتَلُوا لِلْفَلَّاحِ أَخًا، فَأَنْزَلَهُ وَأَظْهَرَ إِكْرَامَهُ، فَلَمَّا نَامَ قَتَلَهُ بِفَأْسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى شِهَابِ الدِّينِ غَازِيِّ بْنِ الْعَادِلِ، صَاحِبِ مَيَّافَارِقِينَ فَاسْتَدْعَى بِالْفَلَّاحِ، فَأَخَذَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْحُلِيِّ، وَأَخَذَ الْفَرَسَ أَيْضًا، وَكَانَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ يَقُولُ: هُوَ سَدٌّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ التَّتَارِ، كَمَا أَنَّ السَّدَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.