ثم دخلت سنة ست وعشرين وستمائة
পৃষ্ঠা - ১০৮৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَمُلُوكُ بَنِي أَيُّوبَ مُفْتَرِقُونَ مُخْتَلِفُونَ، قَدْ صَارُوا أَحْزَابًا وَفِرَقًا، وَقَدِ اجْتَمَعَ مُلُوكُهُمْ إِلَى الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ مِصْرَ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِنَوَاحِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَقَوِيَتْ نُفُوسُ الْفِرِنْجِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - بِكَثْرَتِهِمْ بِمَنْ وَفَدَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبَحْرِ، وَبِمَوْتِ الْمُعَظَّمِ وَاخْتِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْمُلُوكِ، فَطَلَبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدُّوا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ أَخَذَهُ مِنْهُمْ، فَوَقَعَتِ الْمُصَالَحَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُلُوكِ أَنْ يَرُدُّوا لَهُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَحْدَهُ، وَتَبْقَى بِأَيْدِيهِمْ بَقِيَّةٌ، فَتَسَلَّمُوا الْقُدْسَ الشَّرِيفَ، وَكَانَ الْمُعَظَّمُ قَدْ هَدَمَ أَسْوَارَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جِدًّا، وَحَصَلَ وَهْنٌ شَدِيدٌ وَإِرْجَافٌ عَظِيمٌ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
ثُمَّ قَدِمَ الْمَلِكُ الْكَامِلُ، فَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، فَقَطَعَ الْأَنْهَارَ، وَنُهِبَتِ الْحَوَاضِرُ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ، وَلَمْ يَزَلِ الْجُنُودُ حَوْلَهَا حَتَّى أَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ الْمَلِكَ النَّاصِرَ دَاوُدَ بْنَ الْمُعَظَّمِ، عَلَى أَنْ يُقِيمَ مَلِكًا بِمَدِينَةِ الْكَرَكِ وَالشَّوْبَكِ وَنَابُلُسَ وَقَرَايَا مِنَ الْغَوْرِ وَالْبَلْقَاءِ، وَيَكُونُ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ أُسْتَاذُ دَارِ الْمُعَظَّمِ صَاحِبَ صَرْخَدَ، ثُمَّ تَقَايَضَ الْأَشْرَفُ وَأَخُوهُ الْكَامِلُ، فَأَخَذَ الْأَشْرَفُ دِمَشْقَ وَأَعْطَى أَخَاهُ حَرَّانَ وَالرُّهَا وَرَأْسَ الْعَيْنِ وَالرَّقَّةَ
পৃষ্ঠা - ১০৮৬২
وَسَرُوجَ، ثُمَّ سَارَ الْكَامِلُ فَحَاصَرَ حَمَاةَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ عَمَرَ قَدْ تُوُفِّيَ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِهِ الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ زَوْجُ بِنْتِ الْكَامِلِ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى حَمَاةَ أَخُوهُ صَلَاحُ الدِّينِ قِلِيجُ أَرْسَلَانَ، فَحَاصَرَهُ الْكَامِلُ حَتَّى أَنْزَلَهُ مِنْ قَلْعَتِهَا، وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ سَارَ فَتَسَلَّمَ الْبِلَادَ الَّتِي قَايَضَ بِهَا عَنْ دِمَشْقَ مِنْ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ النَّاسُ بِدِمَشْقَ قَدِ اشْتَغَلُوا بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ فِي أَيَّامِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ دَاوُدَ، وَكَانَ يُعَانِي ذَلِكَ، وَرُبَّمَا نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الِانْحِلَالِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَنَادَى الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ بِالْبُلْدَانِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَأَنْ يَشْتَغِلُوا بِعِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَكَانَ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ مُدَرِّسًا بِالْعَزِيزِيَّةِ، فَعَزَلَهُ عَنْهَا، وَبَقِيَ مُلَازِمًا مَنْزِلَهُ حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ كَمَا سَيَأْتِي.
وَفِيهَا كَانَ النَّاصِرُ دَاوُدُ قَدْ أَضَافَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْخُوَيِّيِّ الْقَاضِيَ مُحْيِي الدِّينِ أَبَا الْفَضَائِلِ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّكِيِّ، فَحَكَمَ أَيَّامًا بِالشُّبَّاكِ، شَرْقِيَّ بَابِ الْكَلَّاسَةِ، ثُمَّ صَارَ يَحْكُمُ بِدَارِهِ، مُشَارِكًا لِابْنِ الْخُوَيِّيِّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৩
أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ صَابِرٍ الْحَرَّانِيُّ
ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ الْمَنْجَنِيقِيُّ، كَانَ فَاضِلًا فِي فَنِّهِ، وَشَاعِرًا مُطَبِّقًا، لَطِيفَ الشِّعْرِ، حَسَنَ الْمَعَانِي، قَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً صَالِحَةً، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا أَوْرَدَ لَهُ قَصِيدَةٌ فِيهَا تَعْزِيَةٌ عَظِيمَةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَهِيَ قَوْلُهُ:
هَلْ لِمَنْ يَرْتَجِي الْبَقَاءَ خُلُودُ ... وَسِوَى اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ يَبِيدُ
وَالَّذِي كَانَ مِنْ تُرَابٍ وَإِنْ عَا ... شَ طَوِيلًا لِلتُّرَابِ يَعُودُ
فَمَصِيرُ الْأَنَامِ طُرًّا إِلَى مَا ... صَارَ فِيهِ آبَاؤُهُمْ وَالْجُدُودُ
أَيْنَ حَوَّاءُ أَيْنَ آدَمُ إِذْ فَا ... تَهُمُ الْخُلْدُ وَالثَّوَى وَالْخُلُودُ
أَيْنَ
هَابِيلُ أَيْنَ قَابِيلُ إِذْ هَ
ذَا لِهَذَا مُعَانِدٌ وَحَسُودُ ... أَيْنَ نُوحٌ وَمَنْ نَجَا مَعَهُ بِالْ
فُلْكِ وَالْعَالَمُونَ طُرًّا فَقِيدُ ... أَسْلَمَتْهُ الْأَيَّامُ كَالطِّفْلِ لِلْمَوْ
تِ وَلَمْ يُغْنِ عُمْرُهُ الْمَمْدُودُ ... أَيْنَ
عَادٌ بَلْ أَيْنَ جَنَّةُ عَادٍ
أَمْ تُرَى أَيْنَ صَالِحٌ
وَثَمُودُ
أَيْنَ إِبْرَاهِيمُ الَّذِي شَادَ بَيْتَ
اللَّهِ فَهْوُ الْمُعَظَّمُ الْمَقْصُودُ ... حَسَدُوا يُوسُفًا أَخَاهُمْ فَكَادُو
هُ وَمَاتَ الْحَسُودُ وَالْمَحْسُودُ ... وَسُلَيْمَانُ فِي النُّبُوَّةِ وَالْمُلْ
كِ قَضَى مِثْلَ مَا قَضَى دَاوُدُ ... فَغَدَوْا بَعْدَ مَا أُطِيعَ لِذَا الْخَلْ
قُ وَهَذَا لَهُ أُلِينَ الْحَدِيدُ ... وَابْنُ عِمْرَانَ بَعْدَ آيَاتِهِ التِّسْ
عِ وَشَقِّ الْخِضَمِّ فَهْوُ صَعِيدُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৪
وَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَهْوَ رُوحُ اللَّهِ ... كَادَتْ تَقْضِي عَلَيْهِ
الْيَهُودُ
وَقَضَى سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَالْهَا
دِي إِلَى الْحَقِّ أَحْمَدُ الْمَحْمُودُ ... وَبَنُوهُ وَآلُهُ الطَّاهِرُونَ الزُّ
هْرُ صَلَّى عَلَيْهِمُ الْمَعْبُودُ ... وَنُجُومُ السَّمَاءِ مُنْتَثِرَاتٌ
بَعْدَ حِينٍ وَلِلْهَوَاءِ رُكُودُ ... وَلِنَارِ الدُّنْيَا الَّتِي تُوقِدُ الصَّخْ
رَ خُمُودٌ وَلِلْمِيَاهِ جُمُودُ ... وَكَذَا لِلثَّرَى غَدَاةَ يَؤُمُّ النَّ
اسَ مِنْهَا تَزَلْزُلٌ وَهُمُودُ ... هَذِهِ الْأُمَّهَاتُ نَارٌ وَتُرْبٌ
وَهَوَاءٌ رَطْبٌ وَمَاءٌ بَرُودُ ... سَوْفَ يَفْنَى كَمَا فَنَيْنَا فَلَا يَبْ
قَى مِنَ الْخَلْقِ وَالِدٌ وَوَلِيدُ ... لَا الشَّقِيُّ الْغَوِيُّ مِنْ نُوَبِ الْأَيَّ
امِ يَنْجُو وَلَا السَّعِيدُ الرَّشِيدُ ... وَمَتَى سَلَّتِ الْمَنَايَا سُيُوفًا
فَالْمَوَالِي حَصِيدُهَا وَالْعَبِيدُ
الْمَلِكُ الْمَسْعُودُ أَقْسِيسُ بْنُ الْكَامِلِ، صَاحِبُ الْيَمَنِ، وَقَدْ مَلَكَ مَكَّةَ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَأَحْسَنَ بِهَا الْمَعْدَلَةَ، وَنَفَى الزَّيْدِيَّةَ مِنْهَا، وَأَمِنَتِ الطُّرُقَاتُ وَالْحُجَّاجُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فِيهِ عَسْفٌ وَظُلْمٌ أَيْضًا. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَكَّةَ، وَدُفِنَ بِبَابِ الْمُعَلَّى.
مُحَمَّدٌ السَّبْتِيُّ النَّجَّارُ
كَانَ يَعُدُّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْأَبْدَالِ، قَالَ أَبُو شَامَةَ:
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৫
وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ غَرْبِيَّ دَارِ الْوَكَالَةِ عَنْ يَسَارِ الْمَارِّ فِي الشَّارِعِ، مِنْ مَالِهِ، وَدُفِنَ بِالْجَبَلِ. وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ مَشْهُودَةً - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْعَبَّادِيُّ الشَّاعِرُ، أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَالِمِ بْنِ يَزْبِكَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَلَّدٍ، الْعَبَّادِيُّ الشَّاعِرُ، مِنَ الْحَدِيثَةِ، قَدِمَ بَغْدَادَ مِرَارًا، وَامْتَدَحَ الْمُسْتَنْصِرَ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ فَاضِلًا كَثِيرَ التَّغَزُّلِ.
أَبُو الْفُتُوحِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِثَعْلَبٍ، اشْتَغَلَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْخِلَافِ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
جِسْمِي مَعِي غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ عِنْدَكُمُ ... فَالْجِسْمُ فِي غُرْبَةٍ وَالرُّوحُ فِي وَطَنِ
فَلْيَعْجَبِ النَّاسُ مِنِّي أَنَّ لِي بَدَنًا ... لَا رُوحَ فِيهِ وَلِي رُوحٌ بِلَا بَدَنِ
أَبُو الْفَضْلِ جِبْرِيلُ بْنُ مَنْصُورِ، بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ جِبْرِيلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ زُطِينَا الْبَغْدَادِيُّ، كَاتِبُ الدِّيوَانِ بِهَا، أَسْلَمَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَأَبْلَغِهِمْ مَوْعِظَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: خَيْرُ أَوْقَاتِكَ سَاعَةٌ صَفَتْ لِلَّهِ، وَخَلَصَتْ مِنَ الْفِكْرَةِ لِغَيْرِهِ وَالرَّجَاءِ لِسِوَاهُ، وَمَا دُمْتَ فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِالزَّمَانِ، اكْفُفْ كَفَّكَ، وَاصْرِفْ طَرْفَكَ، وَأَكْثِرْ صَوْمَكَ، وَأَقْلِلْ نَوْمَكَ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৬
وَاشْكُرْ رَبَّكَ، يُحْمَدْ أَمْرُكَ.
وَقَالَ: زَادُ الْمُسَافِرِ مُقَدَّمٌ عَلَى رَحِيلِهِ، فَأَعِدَّ الزَّادَ تَبْلُغُ الْمُرَادَ.
وَقَالَ: إِلَى مَتَى تَتَمَادَى فِي الْغَفْلَةِ؟ كَأَنَّكَ قَدْ أَمِنْتَ عَوَاقِبَ الْمُهْلَةِ، عُمْرُ اللَّهْوِ مَضَى، وَعُمْرُ الشَّبِيبَةِ انْقَضَى، وَمَا حَصَلْتَ مِنْ رَبِّكَ عَلَى ثِقَةٍ بِالرِّضَا، وَقَدِ انْتَهَى بِكَ الْأَمْرُ إِلَى سِنِّ التَّخَاذُلِ، وَزَمَنِ التَّكَاسُلِ، وَمَا حَظِيتَ بِطَائِلٍ.
وَقَالَ: رُوحُكَ تَخْضَعُ، وَعَيْنُكَ لَا تَدْمَعُ، وَقَلْبُكَ لَا يَخْشَعُ، وَنَفْسُكَ لَا تَشْبَعُ، وَتَظْلِمُ نَفْسَكَ وَأَنْتَ لَهَا تَتَوَجَّعُ، وَتُظْهِرُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْمَالِ تَطْمَعُ، وَتَطْلُبُ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ وَمَا وَجَبَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَا تَدْفَعُ، وَتَرُومُ فَضْلَ رَبِّكَ وَلِلْمَاعُونِ تَمْنَعُ، وَتَعِيبُ نَفْسَكَ الْأَمَّارَةَ وَهِيَ عَنِ اللَّهْوِ لَا تَرْجِعُ، وَتُوقِظُ الْغَافِلِينَ بِإِنْذَارِكَ وَتَتَنَاوَمُ عَنْ سَهْمِكَ وَتَهْجَعُ، وَتَخُصُّ غَيْرَكَ بِخَيْرِكَ وَنَفْسَكَ الْفَقِيرَةَ لَا تَنْفَعُ، وَتَحُومُ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتَ بِالْبَاطِلِ مُولَعٌ، وَتَتَعَثَّرُ فِي الْمَضَايِقِ وَطَرِيقُ النَّجَاةِ مَهْيَعٌ، وَتَتَهَجَّمُ عَلَى الذُّنُوبِ وَفِي الْمُجْرِمِينَ تَشْفَعُ، وَتَرْكَنُ إِلَى دَارِ السَّلَامَةِ وَأَنْتَ بِالْعَطْبِ مُرَوَّعٌ، وَتَحْرِصُ عَلَى زِيَادَةِ الِاكْتِسَابِ وَحِسَابُكَ فِي كِفْلِ غَيْرِكَ يُوضَعُ، وَتُظْهِرُ الْقَنَاعَةَ بِالْقَلِيلِ وَبِالْكَثِيرِ لَا تَشْبَعُ، وَتُعَمِّرُ الدَّارَ الْفَانِيَةَ وَدَارُكَ الْبَاقِيَةُ خَرَابٌ بِلَقْعٌ، وَتَسْتَوْطِنُ فِي مَنْزِلِ رَحِيلٍ كَأَنَّكَ إِلَى رَبِّكَ لَا تَرْجِعُ، وَتَظُنُّ أَنَّكَ بِلَا رَقِيبٍ وَأَعْمَالُكَ إِلَى الْمُرَاقِبِ تُرْفَعُ، وَتُقْدِمُ عَلَى الْكَبَائِرِ وَعَنِ الصَّغَائِرِ تَتَوَرَّعُ، وَتُؤَمِّلُ الْغُفْرَانَ وَأَنْتَ عَنِ الذُّنُوبِ لَا تُقْلِعُ، وَتَرَى
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৭
الْأَهْوَالَ مُحِيطَةً بِكَ وَأَنْتَ فِي مَيْدَانِ اللَّهْوِ تَرْتَعُ، وَتَسْتَقْبِحُ أَفْعَالَ الْجُهَّالِ وَبَابَ الْجَهْلِ تَقْرَعُ، وَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَأْنَفَ مِنَ التَّعَسُّفِ، وَعَنِ الدَّنَايَا تَتَرَفَّعُ، وَقَدْ سَارَ الْمُخِفُّونَ وَتَخَلَّفْتَ فَمَاذَا تَتَوَقَّعُ؟
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ السَّاعِي لَهُ شِعْرًا حَسَنًا فَمِنْهُ:
إِنْ سَهِرَتْ عَيْنُكَ فِي طَاعَةٍ ... فَذَاكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ نَوْمِ
أَمْسُكَ قَدْ فَاتَ بِعِلَّاتِهِ ... فَاسْتَدْرِكِ الْفَائِتَ فِي الْيَوْمِ
وَلَهُ:
إِنَّ رَبًّا هَدَاكَ بَعْدَ ضَلَالٍ ... سُبُلَ الرُّشْدِ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَهْ
فَتَعَبَّدْ لَهُ تَجِدْ مِنْهُ عِتْقًا ... وَاسْتَدِمْ فَضْلَهُ بِطُولِ الزَّهَادَهْ
وَلَهُ:
إِذَا تَعَفَّفَتَ عَنْ حَرَامٍ ... عُوِّضْتَ بِالطَّيِّبِ الْحَلَالِ
فَاقْنَعْ تَجِدْ فِي الْحَرَامِ حِلًّا ... فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ