ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة
পৃষ্ঠা - ১০৮১৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِيهَا وَصَلَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ جِنْكِزْخَانَ غَيْرُ الْأَوَّلَتَيْنِ إِلَى الرَّيِّ، وَكَانَتْ قَدْ عُمِّرَتْ قَلِيلًا، فَقَتَلُوا أَهْلَهَا أَيْضًا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى سَاوَهْ، ثُمَّ إِلَى قُمَّ وَقَاشَانَ، وَلَمْ تَكُونَا طُرِقَتَا إِلَّا هَذِهِ الْمَرَّةَ، فَفَعَلُوا بِهَا مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى هَمَذَانَ، فَقَتَلُوا أَيْضًا وَسَبَوْا، ثُمَّ سَارُوا خَلْفَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَكَبَسُوهُمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَهَرَبُوا مِنْهُمْ إِلَى تِبْرِيزَ، فَلَحِقُوهُمْ وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الْبَهْلَوَانِ: إِنْ كُنْتَ مُصَالِحًا لَنَا، فَابْعَثْ لَنَا بِالْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ مِثْلُهُمْ. فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَأَرْسَلَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَيْهِمْ، مَعَ تُحَفٍ وَهَدَايَا كَثِيرَةٍ، هَذَا كُلُّهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَالْخُوَارَزْمِيَّةُ وَأَصْحَابُ الْبَهْلَوَانِ أَضْعَافُ أَضْعَافِهِمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَى عَلَيْهِمُ الْخِذْلَانَ وَالْفَشَلَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِيهَا مَلَكَ غِيَاثُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمِ شَاهْ بِلَادَ فَارِسَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১০৮১৬
مَمْلَكَةِ أَصْفَهَانَ وَهَمَذَانَ.
وَفِيهَا اسْتَعَادَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مَدِينَةَ خِلَاطَ مِنْ أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ غَازِيٍّ، وَكَانَ قَدْ جَعَلَهَا إِلَيْهِ مَعَ جَمِيعِ بِلَادِ أَرْمِينِيَّةَ وَمَيَّافَارِقِينَ وَحَانِي وَجَبَلِ جُورَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَمَّا عَصَى عَلَيْهِ وَتَشَعَّبَ دِمَاغُهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْهِ الْمُعَظَّمُ مِنْ تَحْسِينِهِ لَهُ مُخَالَفَتَهُ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ وَحَاصَرَهُ بِخِلَاطَ، فَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ، وَامْتَنَعَ أَخُوهُ فِي الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَى أَخِيهِ مُعْتَذِرًا، فَقَبِلَ عُذْرَهُ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى مَيَّافَارِقِينَ وَحْدَهَا، وَكَانَ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَالْمُعَظَّمُ مُتَّفِقَيْنِ مَعَ الشِّهَابِ غَازِيٍّ عَلَى الْأَشْرَفِ، فَكَتَبَ الْكَامِلُ إِلَى الْمُعَظَّمِ يَتَهَدَّدُهُ، لَئِنْ سَاعَدَ عَلَى الْأَشْرَفِ لَيَأْخُذَنَّ بِلَادَهُ. وَكَانَ بَدْرُ الدِّينِ لُؤْلُؤٌ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ مَعَ الْأَشْرَفِ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ إِرْبِلَ، فَحَاصَرَهُ بِسَبَبِ قِلَّةِ جُنْدِهِ; لِأَنَّهُ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْأَشْرَفِ حِينَ نَازَلَ خِلَاطَ، فَلَمَّا انْفَصَلَتِ الْأُمُورُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا نَدِمَ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَالْمُعَظَّمُ بِدِمَشْقَ أَيْضًا.
وَفِيهَا أَرْسَلَ الْمُعَظَّمُ وَلَدَهُ النَّاصِرَ دَاوُدَ إِلَى صَاحِبِ إِرْبِلَ تَقْوِيَةً عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَشْرَفِ، وَأَرْسَلَ صُوفِيًّا مِنَ السُمَيْسَاطِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: الْمَلْقُ إِلَى جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ - وَكَانَ قَدْ أَخَذَ أَذْرَبِيجَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَوِيَ جَأْشُهُ - يَتَّفِقُ مَعَهُ
পৃষ্ঠা - ১০৮১৭
عَلَى أَخِيهِ الْأَشْرَفِ، فَوَعَدَهُ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ.
وَفِيهَا قَدِمَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ أَقْسِيسُ مَلِكُ الْيَمَنِ عَلَى أَبِيهِ الْكَامِلِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَعَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، مِنْ ذَلِكَ مِائَتَا خَادِمٍ وَثَلَاثَةُ أَفْيِلَةٍ هَائِلَةٍ، وَأَحْمَالُ عُودٍ وَنَدٍّ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، وَخَرَجَ أَبُوهُ الْكَامِلُ لِتَلَقِّيهِ، وَمِنْ نِيَّةِ أَقْسِيسَ أَنْ يَنْزِعَ الشَّامَ مِنْ يَدِ عَمِّهِ الْمُعَظَّمِ.
وَفِيهَا كَمَلَ عِمَارَةُ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ بِمِصْرَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَتَهَا الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيُّ، وَكَانَ مِكْثَارًا، كَثِيرَ الْفُنُونِ، وَعِنْدَهُ فَوَائِدُ وَعَجَائِبُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقَادِسِيُّ الضَّرِيرُ الْحَنْبَلِيُّ
وَالِدُ صَاحِبِ " الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ "، الْقَادِسِيُّ هَذَا يُلَازِمُ حُضُورَ مَجْلِسِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وَيُزْهِرُهُ; لِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْغَرَائِبِ، وَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ، فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ الشَّيْخُ مَرَّةً عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَلَمْ يُعْطِهِ، وَصَارَ يَحْضُرُ وَلَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَرَّةً: هَذَا الْقَادِسِيُّ لَا يُقْرِضُنَا شَيْئًا، وَلَا يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ. رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ طُلِبَ الْقَادِسِيُّ مَرَّةً إِلَى دَارِ الْمُسْتَضِيءِ لِيُصَلِّيَ بِالْخَلِيفَةِ التَّرَاوِيحَ، فَقِيلَ لَهُ وَالْخَلِيفَةُ يَسْمَعُ: مَا مَذْهَبُكَ؟ فَقَالَ: حَنْبَلِيٌّ. فَقِيلَ لَهُ: لَا تُصَلِّ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَأَنْتِ حَنْبَلِيٌّ. فَقَالَ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ، وَلَا أُصَلِّي
পৃষ্ঠা - ১০৮১৮
بِكُمْ. فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: اتْرُكُوهُ، لَا يُصَلِّي بِنَا إِلَّا هُوَ. فَصَلَّى بِهِمْ.
أَبُو الْكَرَمِ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْمُبَارَكِ، بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْبَغْدَادِيُّ الْحَنَفِيُّ، شَيْخُ مَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَلِيَ الْحِسْبَةَ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا شَاعِرًا، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
فَصُنْ بِجَمِيلِ الصَّبْرِ نَفْسَكَ وَاغْتَنِمْ ... شَرِيفَ الْمَزَايَا لَا يَفُتْكَ ثَوَابُهَا
تَعِشْ سَالِمًا وَالْقَوْلُ فِيكَ مُهَذَّبٌ ... كَرِيمًا وَقَدْ هَانَتْ عَلَيْكَ صِعَابُهَا
وَتَنْدَرِجُ الْأَيَّامُ وَالْكُلُّ ذَاهِبٌ ... يَمُرُّ وَيَفْنَي عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا مَرُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا طَيُّهَا وَذَهَابُهَا
وَمَا الْحَزْمُ إِلَّا فِي إِخَاءِ عَزِيمَةً ... فَنَيْلُ الْمَعَالِي صَفْوُهَا وَلُبَابُهَا
وَدَعْ عَنْكَ أَحْلَامَ الْأَمَانِي فَإِنَّهُ ... سَيُسْفِرُ يَوْمًا غَيُّهَا وَصَوَابُهَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ مَعَالِي بْنِ بَرَكَةَ، الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي
পৃষ্ঠা - ১০৮১৯
الْمَوْصِلِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَاشْتَغَلَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَأَعَادَ بِهَا، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْقِرَاءَاتِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَ، وَلَهُ شِعْرٌ لَطِيفٌ.
أَبُو بَكْرِ بْنُ حَلَبَةَ الْمَوَازِينِيُّ الْبَغْدَادِيُّ
كَانَ فَرْدًا فِي عِلْمِ الْهَنْدَسَةِ وَصِنَاعَةَ الْمَوَازِينِ، يَخْتَرِعُ أَشْيَاءَ عَجِيبَةً، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَقَبَ حَبَّةَ خَشْخَاشٍ سَبْعَةَ ثُقُوبٍ، وَجَعَلَ فِي كُلِّ ثَقْبٍ شَعْرَةً، وَكَانَ لَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ الدَّوْلَةِ.
أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الدُّبَيْثِيُّ الْبَيِّعُ الْوَاسِطِيُّ، شَيْخٌ أَدِيبٌ فَاضِلٌ، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ، عَارِفٌ بِالْأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ، وَعِنْدَهُ كُتُبٌ جَيِّدَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ شَرْحُ قَصِيدَةٍ لِأَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ فِي ثَلَاثَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي شِعْرًا حَسَنًا فَصِيحًا حُلْوًا، لَذِيذًا فِي السَمْعِ، لَطِيفًا فِي الْقَلْبِ.