আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة ست عشرة وستمائة

পৃষ্ঠা - ১০৭৬৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا أَمَرَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الْجَوْزِيِّ مُحْتَسِبُ بَغْدَادَ بِإِزَالَةِ الْمُنْكَرَاتِ وَكَسْرِ الْمَلَاهِي، فَفَعَلَ ذَلِكَ هَذِهِ السَّنَةَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. ظُهُورُ جِنْكِزْخَانَ وَجُنُودِهِ وَعُبُورُهُمْ نَهْرَ جَيْحُونَ وَفِيهَا عَبَرَتِ التَّتَارُ نَهْرَ جَيْحُونَ صُحْبَةَ مَلِكِهِمْ جِنْكِزْخَانَ مِنْ بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ جِبَالَ طَمْغَاجَ مِنْ أَرْضِ الصِّينِ، وَلُغَتُهُمْ مُخَالِفَةٌ لِلُغَةِ سَائِرِ التَّتَارِ، وَهُمْ مِنْ أَشْجَعِهِمْ وَأَصْبَرِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَسَبَبُ دُخُولِهِمْ نَهْرَ جَيْحُونَ أَنَّ جِنْكِزْخَانَ بَعَثَ تُجَّارًا لَهُ، وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ إِلَى بِلَادِ خُوَارَزْمَ شَاهْ يَتَبَضَّعُونَ لَهُ ثِيَابًا لِلْكُسْوَةِ، فَكَتَبَ نَائِبُهَا إِلَى خُوَارَزْمَ شَاهْ يَذْكُرُ لَهُ مَا مَعَهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِقَتْلِهِمْ، وَبِأَخْذِ مَا مَعَهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ جِنْكِزْخَانُ وَأَرْسَلَ يَتَهَدَّدُ خُوَارَزْمَ شَاهْ، فَأَشَارَ مَنْ أَشَارَ عَلَى خُوَارَزْمَ شَاهْ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي شُغْلٍ بِقِتَالِ كَشْلِي خَانَ، فَنَهَبَ خُوَارَزْمُ شَاهْ أَمْوَالَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيهِمْ وَأَطْفَالَهُمْ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ مَحْرُوبِينَ، فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ قِتَالًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، أُولَئِكَ يُقَاتِلُونَ عَنْ حَرِيمِهِمْ، وَالْمُسْلِمُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مَتَى وَلَّوِا اسْتَأْصَلُوهُمْ، فَقُتِلَ مِنَ
পৃষ্ঠা - ১০৭৬৮
الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، حَتَّى إِنَّ الْخُيُولَ كَانَتْ تَزْلَقُ فِي الدِّمَاءِ، وَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَمِنَ التَّتَارِ أَضْعَافُ ذَلِكَ، ثُمَّ تَحَاجَزَ الْفَرِيقَانِ، وَوَلَّى كُلٌّ مِنْهُمْ إِلَى بِلَادِهِ، وَلَجَأَ خُوَارَزْمُ شَاهْ وَأَصْحَابُهُ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، فَحَصَّنَهَا وَبَالَغَ فِي كَثْرَةِ مَنْ تَرَكَ فِيهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ لِيُجَهِّزَ الْجُيُوشَ الْكَثِيرَةَ، فَقَصَدَتِ التَّتَارُ بُخَارَى وَبِهَا عِشْرُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فَحَاصَرَهَا جِنْكِزْخَانُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَهْلُهَا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، وَدَخَلَهَا فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ فِيهِمْ مَكْرًا وَخَدِيعَةً، وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْقَلْعَةُ، فَحَاصَرَهَا وَاسْتَعْمَلَ أَهْلَ الْبَلَدِ فِي طَمِّ خَنْدَقِهَا، وَكَانَ التَّتَارُ يَأْتُونَ بِالْمَنَابِرِ وَالرَّبَعَاتِ، فَيَطْرَحُونَهَا فِي الْخَنْدَقِ يَطُمُّونَهُ بِهَا، فَفَتَحَهَا قَسْرًا فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَقَتَلَ مَنْ كَانَ بِهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْبَلَدِ فَاصْطَفَى أَمْوَالَ تُجَّارِهَا، وَأَبَاحَهَا لِجُنْدِهِ، فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَسَرُوا الذُّرِّيَّةَ وَالنِّسَاءَ، وَفَعَلُوا مَعَهُنَّ الْفَوَاحِشَ بِحَضْرَةِ أَهْلِيهِنَّ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَاتَلَ دُونَ حَرِيمِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُسِرَ فَعُذِّبَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَكَثُرَ الْبُكَاءُ وَالضَّجِيجُ بِالْبَلَدِ، ثُمَّ أَلْقَتِ التَّتَارُ النَّارَ فِي دُورِ بُخَارَى وَمَدَارِسِهَا وَمَسَاجِدِهَا، فَاحْتَرَقَتْ حَتَّى صَارَتْ بِلَاقِعَ خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، ثُمَّ كَرُّوا رَاجِعِينَ عَنْهَا قَاصِدِينَ سَمَرْقَنْدَ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ. فِيهَا مَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ. وَفِي مُسْتَهَلِّ هَذِهِ السَّنَةِ خُرِّبَ سُورُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ - عَمَّرَهُ اللَّهُ بِذِكْرِهِ -
পৃষ্ঠা - ১০৭৬৯
أَمَرَ بِذَلِكَ الْمُعَظَّمُ خَوْفًا مِنَ اسْتِيلَاءِ الْفِرِنْجِ عَلَيْهِ، بَعْدَ مَشُورَةِ مَنْ أَشَارَ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْفِرِنْجَ إِذَا تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ جَعَلُوهُ وَسِيلَةً إِلَى أَخْذِ الشَّامِ جَمِيعِهِ، فَشَرَعَ فِي تَخْرِيبِ السُّورِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ الْمُحَرَّمِ، فَهَرَبَ مِنْهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنَ الْفِرِنْجِ أَنْ يَهْجُمُوا عَلَيْهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَتَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَثَاثَهُمْ، وَتَمَزَّقُوا فِي الْبِلَادِ كُلَّ مُمَزَّقٍ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ أُبِيعَ الْقِنْطَارُ مِنَ الزَّيْتِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَرَطْلِ النُّحَاسِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَضَجَّ النَّاسُ وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَفِي الْأَقْصَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَهْجُو الْمُعَظَّمَ فِي ذَلِكَ: فِي رَجَبٍ حُلِّلَ الْمُحَرَّمْ ... وَأُخْرِبَ الْقُدْسُ فِي الْمُحَرَّمْ وَفِيهَا اسْتَحْوَذَتِ الْفِرِنْجُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، عَلَى مَدِينَةِ دِمْيَاطَ، وَدَخَلُوهَا بِالْأَمَانِ، فَغَدَرُوا بِأَهْلِهَا، وَقَتَلُوا رِجَالَهَا، وَسَبَوْا نِسَاءَهَا وَأَطْفَالَهَا، وَفَجَرُوا بِالنِّسَاءِ، وَبَعَثُوا بِمِنْبَرِ الْجَامِعِ وَالرَّبَعَاتِ وَرُءُوسِ الْقَتْلَى إِلَى الْجَزَائِرِ، وَجَعَلُوا الْجَامِعَ كَنِيسَةً {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] " الْأَنْعَامِ: 112 ". وَفِيهَا تَغَيَّظَ السُّلْطَانُ الْمُعَظَّمُ عَلَى الْقَاضِي زَكِيِّ الدِّينِ بْنِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ قَاضِي الْبَلَدِ. وَسَبَبُهُ أَنَّ عَمَّتَهُ سِتَّ الشَّامِ بِنْتَ أَيُّوبَ كَانَتْ قَدْ مَرِضَتْ فِي دَارِهَا الَّتِي جَعَلَتْهَا بَعْدَهَا مَدْرَسَةً، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْقَاضِي لِتُوصِيَ إِلَيْهِ، فَذَهَبَ إِلَيْهَا
পৃষ্ঠা - ১০৭৭০
بِشُهُودٍ مَعَهُ، فَكَتَبَ الْوَصِيَّةَ كَمَا قَالَتْ، فَقَالَ الْمُعَظَّمُ: يَذْهَبُ إِلَى عَمَّتِي بِغَيْرِ إِذْنِي، وَيَسْمَعُ هُوَ وَالشُّهُودُ كَلَامَهَا! وَاتَّفَقَ أَنَّ الْقَاضِيَ طَلَبَ مِنْ جَابِي الْعَزِيزِيَّةِ حِسَابَهَا، وَضَرَبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْمَقَارِعِ، وَكَانَ الْمُعَظَّمُ يُبْغِضُ هَذَا الْقَاضِيَ مِنْ أَيَّامِ أَبِيهِ الْعَادِلِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَ الْمُعَظَّمُ إِلَى الْقَاضِي بِبُقْجَةٍ فِيهَا قَبَاءٌ وَكَلُّوتَةٌ; الْقَبَاءُ أَبْيَضُ وَالْكَلُّوتَةُ صَفْرَاءُ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَا حَمْرَاوَيْنِ مُدَرَّنَيْنِ، وَحَلَفَ الرَّسُولُ عَنِ السُّلْطَانِ لَيَلْبَسَنَّهُمَا وَيَحْكُمُ بَيْنَ الْخُصُومِ فِيهِمَا، وَكَانَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ أَنْ جَاءَتْهُ الرِّسَالَةُ بِهَذَا، وَهُوَ فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ الَّتِي بِبَابِ الْبَرِيدِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ لِلْحُكْمِ، فَلَمْ يَقْدِرْ إِلَّا أَنْ لَبِسَهُمَا، وَحَكَمَ فِيهِمَا، ثُمَّ دَخَلَ دَارَهُ، وَاسْتَقْبَلَ مَرَضَ مَوْتِهِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا، وَكَانَ الشَّرَفُ بْنُ عُنَيْنٍ الزُّرَعِيُّ الشَّاعِرُ قَدْ أَظْهَرَ النُّسُكَ وَالتَّعَبُّدَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ اعْتَكَفَ بِالْجَامِعِ أَيْضًا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعَظَّمُ بِخَمْرٍ وَنَرْدٍ لِيَشْتَغِلَ بِهِمَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُنَيْنٍ: يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ سُنَّةً أَحْدَثْتَهَا تَبْقَى عَلَى الْآبَادِ ... تَجْرِي الْمُلُوكُ عَلَى طَرِيقِكَ بَعْدَهَا خَلْعُ الْقُضَاةِ وَتُحْفَةُ الزُّهَّادِ وَقَدْ كَانَ نُوَّابُ ابْنِ الزَّكِيِّ أَرْبَعَةً; شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ إِمَامُ مَشْهَدِ عَلَيٍّ، كَانَ يَحْكُمُ بِهِ فِي الشُّبَّاكِ، وَرُبَّمَا بَرَزَ إِلَى طَرَفِ الرِّوَاقِ تُجَاهَ الْبَلَاطَةِ السَّوْدَاءِ، وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، كَانَ يَحْكُمُ فِي الشُّبَّاكِ الَّذِي فِي
পৃষ্ঠা - ১০৭৭১
الْكَلَّاسَةِ تُجَاهَ تُرْبَةِ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ عِنْدَ بَابِ الْغَزَّالِيَّةِ، وَجَمَالُ الدِّينِ الْمِصْرِيُّ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ، كَانَ يَحْكُمُ فِي الشُّبَّاكِ الْكَمَالِيِّ بِمَشْهَدِ عُثْمَانَ، وَشَرَفُ الدِّينِ الْمَوْصِلِيُّ الْحَنَفِيُّ كَانَ يَحْكُمُ بِالْمَدْرَسَةِ الطَّرْخَانِيَّةِ بَجَيْرُونَ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: سِتُّ الشَّامِ وَاقِفَةُ الْمَدْرَسَتَيْنِ الْبَرَّانِيَّةِ وَالْجَوَّانِيَّةِ الْخَاتُونُ الْجَلِيلَةُ سِتُّ الشَّامِ بِنْتُ أَيُّوبَ بْنِ شَاذِي، أُخْتُ الْمُلُوكِ وَعَمَّةُ أَوْلَادِهِمْ، كَانَ لَهَا مِنَ الْمُلُوكِ الْمَحَارِمِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلِكًا، مِنْهُمْ شَقِيقُهَا الْمُعَظَّمُ تَوْرَانُ شَاهْ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ الْيَمَنِ، وَهُوَ مَدْفُونٌ عِنْدَهَا فِي تُرْبَتِهَا فِي الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الثَّلَاثَةِ، وَفِي الْأَوْسَطِ مِنْهَا زَوْجُهَا وَابْنُ عَمِّهَا نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ بْنِ شَاذِي صَاحِبُ حِمْصَ، وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ أَبِي ابْنِهَا حُسَامِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ لَاجِينَ، وَهِيَ وَابْنُهَا حُسَامُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي الْقَبْرِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي مَكَانَ الدَّرْسِ، وَيُقَالُ لِلتُّرْبَةِ وَالْمَدْرَسَةِ: الْحُسَامِيَّةُ، نِسْبَةً إِلَى ابْنِهَا هَذَا حُسَامِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ لَاجِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০৭৭২
وَكَانَتْ سِتُّ الشَّامِ مِنْ أَكْثَرِ النِّسَاءِ صَدَقَةً وَإِحْسَانًا إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ، وَكَانَتْ تَعْمَلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي دَارِهَا بِأُلُوفٍ مِنَ الذَّهَبِ أَشْرِبَةً وَأَدْوِيَةً وَعَقَاقِيرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَتُفَرِّقُهُ عَلَى النَّاسِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُا يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ النَّهَارِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي دَارِهَا الَّتِي جَعَلَتْهَا مَدْرَسَةً، وَهِيَ عِنْدَ الْمَارَسْتَانِ، وَهِيَ الشَّامِيَّةُ الْجَوَّانِيَّةُ، وَنُقِلَتْ مِنْهَا إِلَى تُرْبَتِهَا بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهَا عَظِيمَةً حَافِلَةً، رَحِمَهَا اللَّهُ. أَبُو الْبَقَاءِ صَاحِبُ " الْإِعْرَابِ " وَ " اللُّبَابِ " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ إِعْرَابِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَكِتَابِ " اللُّبَابِ " فِي النَّحْوِ، وَلَهُ حَوَاشٍ عَلَى " الْمَقَامَاتِ "، وَ " مُفَصَّلِ الزَّمَخْشَرِيِّ "، " وَدِيوَانِ الْمُتَنَبِّي "، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ فِي الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ صَالِحًا دَيِّنًا، مَاتَ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ وَالْحِسَابِ وَالنَّحْوِ، فَقِيهًا مُنَاظِرًا عَارِفًا بِالْأَصْلَيْنِ وَالْفِقْهِ، وَحَكَى الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ " الْمَقَامَاتِ " أَنَّ عَنْقَاءَ مُغْرِبًا كَانَتْ تَأْتِي إِلَى جَبَلٍ شَاهِقٍ عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّسِّ، فَرُبَّمَا اخْتَطَفَتْ بَعْضَ أَوْلَادِهِمْ، فَشَكَوْهَا إِلَى نَبِيِّهِمْ حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ. قَالَ: وَكَانَ وَجْهُهَا كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، وَفِيهَا شَبَهٌ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِ " رَبِيعِ الْأَبْرَارِ "
পৃষ্ঠা - ১০৭৭৩
أَنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ مُوسَى لَهَا أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَوَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، وَفِيهَا شَبَهٌ كَثِيرٌ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَأَنَّهَا تَأَخَّرَتْ إِلَى زَمَنِ خَالِدِ بْنِ سِنَانَ الْعَبْسِيِّ الَّذِي كَانَ فِي الْفَتْرَةِ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّ الْمُعِزَّ الْفَاطِمِيَّ جِيءَ إِلَيْهِ بِطَائِرٍ غَرِيبِ الشَّكْلِ مِنَ الصَّعِيدِ، يُقَالُ لَهُ: عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ. قُلْتُ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ خَالِدِ بْنِ سِنَانَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ، وَكَانَ صَالِحًا، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ، عَلِيُّ بْنُ الْحَافِظِ بَهَاءِ الدِّينِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ فَمَاتَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَمِنْ لَطِيفِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ فِي الْمِرْوَحَةِ: وَمِرْوَحَةٌ تُرَوِّحُ كُلَّ هَمٍّ ... ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَابُدَّ مِنْهَا حَزِيرَانٌ وَتَمُّوزٌ وَآبٌ ... وَفِي أَيْلُولَ يُغْنِى اللَّهُ عَنْهَا ابْنُ الدَّوَامِيِّ الشَّاعِرُ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي جُمْلَةً صَالِحَةً مِنْ شِعْرِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০৭৭৪
وَسَعِيدُ بْنُ الرَّزَّازِ، وَكَانَ أَحَدَ الْمُعَدِّلِينَ بِبَغْدَادَ، وَسَمِعَ الْبُخَارِيَّ مِنْ أَبِي الْوَقْتِ. وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ الْأَصْلِ الْهَمَذَانَيُّ الْمَوْلِدِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَنْشَأِ وَالْوَفَاةِ، كَانَ حَسَنَ الشَّكْلِ، كَامِلَ الْأَوْصَافِ، لَهُ خَطٌّ حَسَنٌ، وَيَعْرِفُ فُنُونًا كَثِيرَةً مِنَ الْعُلُومِ، شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، وَيَتَكَلَّمُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: أَرَى قِسَمَ الْأَرْزَاقِ أَعْجَبَ قِسْمَةٍ ... لِذِي دَعَةٍ مُثْرٍ وَمُكْدٍ بِهِ الْكَدُّ وَأَحْمَقُ ذُو مَالٍ وَأَحْمَقُ مُعْدِمٌ ... وَعَقْلٌ بِلَا حَظٍّ وَعَقْلٌ لَهُ جَدُّ يَعُمُّ الْغِنَى وَالْفَقْرُ ذَا الْجَهْلِ وَالْحِجَا ... وَلِلَّهِ مِنْ قَبْلُ الْأُمُورُ وَمِنْ بَعْدُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ الْمُفَرِّجِ بْنِ دِرْعِ بْنِ الْخَضِرِ الشَّافِعِيُّ، الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التِّكْرِيتِيُّ، قَاضِيهَا، ثُمَّ دَرَسَ بِنِظَامِيَّةِ بَغْدَادَ، وَكَانَ مُتْقِنًا لِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ; مِنْهَا التَّفْسِيرُ وَالْفِقْهُ وَالْأَدَبُ وَالنَّحْوُ وَاللُّغَةُ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ،
পৃষ্ঠা - ১০৭৭৫
وَجَمَعَ لِنَفْسِهِ تَارِيخًا حَسَنًا، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: لَابُدَّ لِلْمَرْءِ مِنْ ضِيقٍ وَمِنْ سَعَةٍ ... وَمِنْ سُرُورٍ يُوَافِيهِ وَمِنْ حَزَنِ وَاللَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ شُكْرَ نِعْمَتِهِ ... مَا دَامَ فِيهَا وَيَبْغِي الصَّبْرَ فِي الْمِحَنِ فَكُنْ مَعَ اللَّهِ فِي الْحَالَيْنِ مُعْتَنِقًا ... فَرْضَيْكَ هَذِينِ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنِ فَمَا عَلَى شِدَّةٍ يَبْقَى الزَّمَانُ فَكُنْ ... جَلْدًا وَلَا نِعْمَةٌ تَبْقَى عَلَى الزَّمَنِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ قَاضِي الْهَوَى عَلَيَّ وَلِي ... مَا جَارَ فِي الْحُكْمِ مَنْ عَلَيَّ وَلِي يَا يُوسُفِيَّ الْجَمَالِ عَبْدُكَ لَمْ ... تَبْقَ لَهُ حِيلَةٌ مِنَ الْحِيَلِ إِنْ كَانَ قُدَّ الْقَمِيصُ مِنْ دُبُرٍ ... فَفِيكَ قُدَّ الْفُؤَادُ مِنْ قُبُلِ صَاحِبُ " الْجَوَاهِرِ " الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ جَلَالُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَجْمِ بْنِ شَاسِ بْنِ نِزَارِ بْنِ عَشَائِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاسٍ الْجُذَامِيُّ السَّعْدِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَابِ " الْجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ فِي مَذْهَبِ عَالِمِ الْمَدِينَةِ "، وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَوَائِدَ فِي الْفُرُوعِ، رَتَّبَهُ عَلَى طَرِيقَةِ " الْوَجِيزِ " لِلْغَزَّالِيِّ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى غَزَارَةِ عِلْمِهِ وَفَضْلِهِ، وَالطَّائِفَةُ الْمَالِكِيَّةُ بِمِصْرَ عَاكِفَةٌ عَلَيْهِ لِحُسْنِهِ وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ، وَكَانَ مُدَرِّسًا بِمِصْرَ، وَتُوُفِّيَ بِدِمْيَاطَ.