আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وخمسمائة

ما وقع فيها من الأحداث

পৃষ্ঠা - ১০৪৮৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ مُحَرَّمِهَا تَسَلَّمَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ مَدِينَةَ آمِدَ صُلْحًا بَعْدَ حِصَارٍ طَوِيلٍ، مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا ابْنِ نِيسَانَ، بَعْدَمَا حَمَلَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ وَأَثْقَالِهِ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَمَّا تَسَلَّمَ السُّلْطَانُ الْبَلَدَ وَجَدَ فِيهِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْحَوَاصِلِ وَآلَاتِ الْحَرْبِ وَالسِّلَاحِ، حَتَّى إِنَّهُ وَجَدَ بُرْجًا مَمْلُوءًا بِنُصُولِ النُّشَّابِ، وَبُرْجًا آخَرَ فِيهِ مِائَةُ أَلْفِ شَمْعَةٍ، وَأَشْيَاءَ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَوَجَدَ فِيهَا خِزَانَةَ كُتُبٍ فِيهَا أَلْفُ أَلْفِ مُجَلَّدٍ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مُجَلَّدٍ، فَوَهَبَهَا كُلَّهَا لِلْقَاضِي الْفَاضِلِ، فَانْتَخَبَ مِنْهَا حِمْلَ سَبْعِينَ حِمَارَةٍ. ثُمَّ وَهَبَ السُّلْطَانُ الْبَلَدَ بِمَا فِيهِ لِنُورِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَا أَرْسَلَانَ - وَكَانَ قَدْ وَعَدَهُ بِهَا - فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّ الْحَوَاصِلَ لَمْ تَدْخُلْ فِي وَعْدِكَ. فَقَالَ: لَا أَبْخَلُ بِهَا عَلَيْهِ - وَكَانَ فِي خِزَانَتِهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ - وَقَدْ صَارَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَنْصَارِنَا. فَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِالثَّنَاءِ وَالْجَزَاءِ الْجَزِيلِ، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ قَصِيدَةٍ لَهُ فِي السُّلْطَانِ: قُلْ لِلْمُلُوكِ تَنَحَّوا عَنْ مَمَالِكِكُمْ ... فقَدْ أَتَى آخِذُ الدُّنْيَا وَمُعْطِيهَا
পৃষ্ঠা - ১০৪৮৯
ثُمَّ سَارَ السُّلْطَانُ فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَدِينَةِ حَلَبَ فَنَازَلَهَا وَحَاصَرَهَا، وَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا قِتَالًا جَيِّدًا، وَجُرِحَ أَخُو السُّلْطَانِ تَاجُ الْمُلُوكِ بُورِي بْنُ أَيُّوبَ جُرْحًا بَلِيغًا، فَمَاتَ مِنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَكَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِ أَيُّوبَ، لَمْ يَبْلُغْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: بَلْ جَاوَزَهَا بِسَنَتَيْنِ، وَكَانَ ذَكِيًّا فَهِمًا، لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ لَطِيفٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ أَخُوهُ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ حُزْنًا شَدِيدًا، وَدَفَنَهُ بِحَلَبَ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى دِمَشْقَ ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ بَيْنَ السُّلْطَانِ وَبَيْنَ صَاحِبِ حَلَبَ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيِّ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيِّ بْنِ آقْ سُنْقُرَ عَلَى عِوَضٍ أَطْلَقَهُ وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سِنْجَارَ وَيُسَلِّمَهُ الْبَلَدَ، فَخَرَجَ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِيٌّ، وَجَاءَ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، وَعَزَّاهُ فِي أَخِيهِ، وَنَزَلَ عِنْدَهُ فِي الْمُخَيَّمِ، وَنَقَلَ أَثْقَالَهُ إِلَى سِنْجَارَ وَزَادَهُ السُّلْطَانُ الْخَابُورَ وَالرَّقَّةَ وَنَصِيبِينَ وَسَرُوجَ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ إِرْسَالَ الْعَسْكَرِ فِي الْخِدْمَةِ لِلْغُزَاةِ، ثُمَّ سَارَ وَوَدَّعَهُ السُّلْطَانُ وَمَكَثَ السُّلْطَانُ فِي الْمُخَيَّمِ أَيَّامًا غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِحَلَبَ، وَلَا مُسْتَكْثِرٍ لَهَا وَلَا بِهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى قَلْعَتِهَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مَحْبُورًا، وَعَمِلَ لَهُ الْأَمِيرُ طَمَّانُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا فَسَمِعَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ دَاخِلٌ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] الْآيَةَ. وَلَمَّا دَخَلَ دَارَ الْمَلِكِ تَلَا: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: 27] وَلَمَّا دَخَلَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَأَطَالَ السُّجُودَ وَالدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ شَرَعَ فِي عَمَلِ وَلِيمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَقَدْ ضُرِبَتِ الْبَشَائِرُ، وَخَلَعَ السُّلْطَانُ عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَأَحْسَنَ إِلَى الرُّؤَسَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، وَأَلْقَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَقَضَتِ الْقُلُوبُ أَوْطَارَهَا. وَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ
পৃষ্ঠা - ১০৪৯০
وَقَدِ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ عِنْدَ فَتْحِ حَلَبَ بِمَدَائِحَ حِسَانٍ، وَكَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ مِنْهُ مَوْقِعًا عَظِيمًا، حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: مَا سُرِرْتُ بِفَتْحِ قَلْعَةٍ أَعْظَمَ سُرُورًا مِنْ فَتْحِ مَدِينَةِ حَلَبَ. وَأَسْقَطَ عَنْهَا وَعَنْ سَائِرِ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ الْمُكُوسَ وَالضَّرَائِبَ، وَكَذَلِكَ عَنْ بِلَادِ الشَّامِ وَمِصْرَ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. وَقَدْ كَانَتِ الْفِرِنْجُ فِي غَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَاشْتِغَالِهِ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَتِلْكَ الْأُمُورِ، قَدْ عَاثَتْ فِي الْبِلَادِ بِالْإِفْسَادِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَاغْتَنَمَتِ الثَّعَالِبُ غَيْبَةَ الْأَسَدِ فَجَالَتْ حَوْلَ الْعَرِينِ وَهِيَ تَظُنُّ ذَلِكَ خَيَالًا، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى عَسَاكِرِهِ ; لِيَجْتَمِعُوا إِلَيْهِ وَيَكُونُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ; لِيَتَصَدَّى بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ الْعَدُوِّ الْمَخْذُولِ، وَكَانَ قَدْ بُشِّرَ بِفَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ فَتَحَ حَلَبَ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَجْدَ الدِّينِ بْنَ جَهْبَلٍ الشَّافِعِيَّ رَأَى فِي تَفْسِيرِ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ بَرَّجَانَ الْمَغْرِبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1] الْآيَةَ. الْبِشَارَةَ بِفَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ، فَكَتَبَ ذَلِكَ فِي وَرَقَةٍ وَأَعْطَاهَا لِلْفَقِيهِ عِيسَى الْهَكَّارِيِّ ; لِيُبَشِّرَ بِهَا السُّلْطَانَ، فَلَمْ يَتَجَاسَرْ عَلَى ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ، فَأَعْلَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنَ الزَّكِيِّ، فَنَظَمَ مَعْنَاهَا فِي قَصِيدَةٍ يَقُولُ فِيهَا: وَفَتْحُكُمْ حَلَبَ الشَّهْبَاءِ فِي صَفَرٍ ... قَضَى لَكُمْ بِافْتِتَاحِ الْقُدْسِ فِي رَجَبِ وَقَدَّمَهَا لِلسُّلْطَانِ فَقَوِيَتْ هِمَّةُ السُّلْطَانِ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا افْتَتَحَهَا - كَمَا سَيَأْتِي - أَمَرَ الْقَاضِي فَخَطَبَ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ جَهْبَلٍ هُوَ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلًا، أَمَرَهُ فَدَرَّسَ عَلَى نَفْسِ الصَّخْرَةِ دَرْسًا عَظِيمًا،
পৃষ্ঠা - ১০৪৯১
وَأَجْزَلَ لَهُ الْعَطَاءَ وَأَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ. فَصْلٌ ثُمَّ رَحَلَ السُّلْطَانُ مِنْ حَلَبَ فِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ بِجُيُوشِهِ وَعَسَاكِرِهِ وَقَدْ جَعَلَ فِيهَا وَلَدَهُ الظَّاهِرَ غَازِيًا، وَوَلَّى قَضَاءَهَا لِمُحْيِي الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ، فَاسْتَنَابَ لَهُ فِيهَا نَائِبًا، وَرَجَعَ هُوَ مَعَ السُّلْطَانِ فِي خِدْمَتِهِ، فَاجْتَازَ بِحَمَاةَ ثُمَّ بِحِمْصَ ثُمَّ عَلَى بَعْلَبَكَّ ثُمَّ دَخَلَ دِمَشْقَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الْأُولَى مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ وَنِعْمَةٍ جَسِيمَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَمِنْ نِيَّتِهِ الْخُرُوجُ سَرِيعًا إِلَى قِتَالِ الْفِرِنْجِ، فَبَرَزَ مِنْهَا فِي أَوَّلِ جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي جَحَافِلِهِ قَاصِدًا نَحْوَ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَانْتَهَى إِلَى بَيْسَانَ فَنَهَبَهَا، وَنَزَلَ عَلَى عَيْنِ جَالُوتَ وَأَرْسَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَرِيَّةً هَائِلَةً فِيهَا جُرْدَيْكُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النُّورِيَّةِ، وَجَاوْلِي مَمْلُوكُ عَمِّهِ أَسَدِ الدِّينِ، فَوَجَدُوا جَيْشَ الْكَرَكِ مِنَ الْفِرِنْجِ قَاصِدِينَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ ; نَجْدَةً لَهُمْ، فَالْتَقَوْا مَعَهُمْ فَقَتَلُوا مِنَ الْفِرِنْجِ خَلْقًا كَثِيرًا وَأَسَرُوا مِائَةَ أَسِيرٍ، وَلَمْ يُفْقَدْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِوَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ عَادَ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ أَنَّ الْفِرِنْجَ قَدِ اجْتَمَعُوا لِقِتَالِهِ، فَقَصَدَهُمْ وَتَصَدَّى لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يُصَافُّونَهُ، فَنَكَّلُوا عَنْهُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَطْرَافِهِمْ وَجَرَحَ مِثْلَهُمْ، فَرَجَعُوا نَاكِصِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَائِفِينَ مِنْهُ غَايَةَ الْمَخَافَةِ ; لِكَثْرَةِ جَيْشِهِ، وَهُوَ خَلْفَهُمْ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ حَتَّى غَوَّرُوا فِي بِلَادِهِمْ، فَرَجَعَ عَنْهُمْ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، وَكَتَبَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُعْلِمُهُ بِمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَصْرِهِمْ عَلَى الْفِرِنْجِ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا طَالَعَ
পৃষ্ঠা - ১০৪৯২
بِذَلِكَ الْخَلِيفَةِ ; أَدَبًا وَاحْتِرَامًا وَطَاعَةً وَاحْتِشَامًا. فَصْلٌ وَفِي رَجَبٍ سَارَ السُّلْطَانُ إِلَى الْكَرَكِ فَحَاصَرَهَا وَفِي صُحْبَتِهِ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ ابْنُ أَخِيهِ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرٍ لِيَحْضُرَ إِلَيْهِ لِيُوَلِّيَهُ حَلَبَ وَأَعْمَالَهَا وَفْقَ مَا كَانَ طَلَبَ مِنْهُ، وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ عَلَى الْكَرَكِ مُدَّةَ شَهْرِ رَجَبٍ، فَلَمْ يَظْفَرْ مِنْهَا بِطَلَبٍ، وَبَلَغَهُ أَنَّ الْفِرِنْجَ قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ لِيَمْنَعُوا مِنْهُ الْكَرَكَ فَكَرَّ رَاجِعًا إِلَى دِمَشْقَ ; لِيَلْقَاهُمْ - وَذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّهِ وَأَعْظَمِ طَلَبِهِ - وَأَرْسَلَ ابْنَ أَخِيهِ تَقِيَّ الدِّينِ عُمَرَ إِلَى مِصْرَ نَائِبًا، وَفِي صُحْبَتِهِ الْقَاضِي الْفَاضِلُ، وَبَعَثَ أَخَاهُ عَلَى مَمْلَكَةِ حَلَبَ وَأَعْمَالِهَا، وَاسْتَقَدْمَ وَلَدَهُ الظَّاهِرَ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ نُوَّابَهُ وَمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَعْطَى السُّلْطَانُ أَخَاهُ الْعَادِلَ حَلَبَ لِيَكُونَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ مَشُورَتِهِ، وَاقْتَرَضَ النَّاصِرُ مِنْ أَخِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْعَادِلِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَتَأَلَّمَ الظَّاهِرُ بْنُ النَّاصِرِ عَلَى مُفَارَقَةِ حَلَبَ وَكَانَتْ إِقَامَتُهُ الْأَوْلَى بِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَلَكِنَّهُ لَا يُظْهِرُ مَا فِي نَفْسِهِ لِوَالِدِهِ، لَكِنْ يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ.