ثم دخلت سنة ست وسبعين وخمسمائة
পৃষ্ঠা - ১০৪৭০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا هَادَنَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ الْفِرِنْجَ، وَسَارَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ فَأَصْلَحَ بَيْنَ مُلُوكِهَا، مِنْ بَنِي أُرْتُقَ، وَكَرَّ عَلَى بِلَادِ الْأَرْمَنِ فَأَهَانَ مَلِكَهَا، وَفَتَحَ بَعْضَ حُصُونِهَا، وَأَخَذَ مِنْهُ غَنَائِمَ كَثِيرَةً جِدًّا، مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ غَدَرَ بِقَوْمٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ أَوَوْا إِلَى بِلَادِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ يَحْمِلُهُ إِلَيْهِ وَأُسَارَى يُطْلِقُهُمْ مِنْ أَسْرِهِ، وَآخَرِينَ يَسْتَنْقِذُهُمْ مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا فَدَخَلَ حَمَاةَ فِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ عَلَى ذَلِكَ.
وَمَاتَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ سَيْفُ الدِّينِ غَازِيُّ بْنُ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ، وَكَانَ شَابًّا حَسَنًا، مَلِيحَ الشَّكْلِ، تَامَّ الْقَامَةِ، مُدَوَّرَ اللِّحْيَةِ، مَكَثَ فِي الْمُلْكِ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ عَنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ عَفِيفًا فِي نَفْسِهِ، مَهِيبًا وَقُورًا، لَا يَلْتَفِتُ إِذَا رَكِبَ وَلَا إِذَا جَلَسَ، غَيُورًا لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنَ الْخُدَّامِ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَانَ لَا يَقْدَمُ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَيُنْسَبُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْبُخْلِ، سَامَحَهُ اللَّهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ثَالِثِ صَفَرٍ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْمُلْكَ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عِزِّ الدِّينِ سَنْجَرَ شَاهْ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ الْأُمَرَاءُ خَوْفًا مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ لِصِغَرِ سِنِّهِ، فَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَخِيهِ، فَأُجْلِسَ مَكَانَهُ فِي الْمَمْلَكَةِ أَخُوهُ عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ، وَجُعِلَ مُجَاهِدُ الدِّينِ قَايْمَازُ نَائِبَهُ وَمُدَبِّرَ مَمْلَكَتِهِ، وَجَاءَتْ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ يَلْتَمِسُونَ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১০৪৭১
أَنْ يُبْقِيَ سَرُوجَ وَالرُّهَا وَالرَّقَّةَ، وَحَرَّانَ وَالْخَابُورَ وَنَصِيبِينَ فِي يَدِهِ، كَمَا كَانَتْ فِي يَدِ أَخِيهِ، فَامْتَنَعَ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذِهِ الْبِلَادُ هِيَ حِفْظُ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَرَكْتُهَا فِي يَدِهِ لِيُسَاعِدَنَا عَلَى غَزْوِ الْفِرِنْجِ، فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُعَرِّفُهُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي كَوْنِهَا بِيَدِهِ.
وَفَاةُ تُورَانْشَاهْ أَخِي السُّلْطَانِ
وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَخُو السُّلْطَانِ الْأَكْبَرِ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ شَمْسُ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ بْنُ أَيُّوبَ، الَّذِي افْتَتَحَ بِلَادَ الْيَمَنِ عَنْ أَمْرِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَمَكَثَ فِيهَا حِينًا وَاقْتَنَى مِنْهَا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، ثُمَّ اسْتَنَابَ فِيهَا، وَأَقْبَلَ نَحْوَ أَخِيهِ إِلَى الشَّامِ شَوْقًا إِلَيْهِ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ شِعْرًا عَمِلَهُ لَهُ شَاعِرُهُ ابْنُ الْمُنَجِّمِ، وَكَانُوا قَدْ وَصَلُوا إِلَى تَيْمَاءَ
فَهَلْ لِأَخِي بَلْ مَالِكِي عِلْمُ أَنَّنِي ... إِلَيْهِ وَإِنْ طَالَ التَّرَدُّدُ رَاجِعُ
وَإِنِّي بِيَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ لِقَائِهِ ... لَمُلْكِي عَلَى عُظْمِ الْمَزِيَّةِ بَائِعُ
وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دُونَ عِشْرِينَ لَيْلَةً ... وَتَجْنِي الْمُنَى أَبْصَارُنَا وَالْمَسَامِعُ
لَدَى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ إِذَا بَدَا ... وَتَخْشَعُ إِعْظَامًا لَهُ وَهْوَ خَاشِعُ
পৃষ্ঠা - ১০৪৭২
كَتَبْتُ وَأَشْوَاقِي إِلَيْكَ بِبَعْضِهَا ... تَعَلَّمَتِ النَّوْحَ الْحَمَامُ السَّوَاجِعُ
وَمَا الْمُلْكُ إِلَّا رَاحَةً أَنْتَ زَنْدُهَا ... تَضُمُّ عَلَى الدَّنْيَا وَنَحْنُ الْأَصَابِعُ
وَكَانَ قُدْومُهُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعَيْنِ، فَشَهِدَ مَعَهُ مَوَاقِفَ مَشْهُودَةً وَغَزَوَاتٍ مَحْمُودَةً، وَاسْتَنَابَهُ عَلَى دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ فَاسْتَنَابَهُ عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَمْ تُوَافِقْهُ، وَكَانَ يَعْتَرِيهِ الْقُولَنْجُ فَمَاتَ بِهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِقَصْرِ الْإِمَارَةِ فِيهَا، ثُمَّ نَقَلَتْهُ أُخْتُهُ سِتُّ الشَّامِ بِنْتُ أَيُّوبَ فَدَفَنَتْهُ بِتُرْبَتِهَا الَّتِي بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، فَقَبْرُهُ الْقِبْلِيُّ، وَالْوَسْطَانِيُّ قَبْرُ زَوْجِهَا وَابْنِ عَمِّهَا نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدِ الدَّيْنِ شِيرَكَوهْ، صَاحِبِ حِمْصَ وَالرَّحْبَةِ، وَالْمُؤَخَّرُ قَبْرُهَا، رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَأَجْزَلَ ثَوَابَهَا. وَالتُّرْبَةُ الْحُسَامِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلَى وَلَدِهَا حُسَامِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ لَاجِينَ، وَهِيَ إِلَى جَانِبِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ غَرْبِهَا، وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ تُورَانْشَاهْ كَرِيمًا جَوَادًا شُجَاعًا بَاسِلًا عَظِيمَ الْهَيْبَةِ كَبِيرَ النَّفْسِ، وَاسِعَ الصَّدْرِ، قَالَ فِيهِ ابْنُ سَعْدَانَ الْحَلَبِيُّ:
هُوَ الْمَلْكُ إِنْ تَسْمَعْ بِكِسْرَى وَقَيْصَرٍ ... فَإِنَّهُمَا فِي الْجُودِ وِالْبَأْسِ عَبْدَاهُ
وَمَا حَاتِمٌ مِمَّنْ يُقَاسُ بِمِثْلِهِ ... فَخُذْ مَا رَأَيْنَاهُ وَدَعْ مَا رَوَيْنَاهُ
وَلُذْ بِذُرَاهُ مُسْتَجِيرًا فَإِنَّهُ ... يُجِيرُكَ مِنْ جَوْرِ الزَّمَانِ وَعَدْوَاهُ
وَلَا تَتَحَمَّلْ لِلسَّحَائِبِ مِنَّةً ... إِذَا هَطَلَتْ جُودًا سَحَائِبُ جَدْوَاهُ
وَيُرْسِلُ كَفَّيْهِ بِمَا اشْتَقَّ مِنْهُمَا ... فَلِلْيُمْنِ يُمْنَاهُ وَلِلْيُسْرِ يُسْرَاهُ
وَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُ مَوْتِهِ إِلَى أَخِيهِ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ وَهُوَ مُخَيِّمٌ
পৃষ্ঠা - ১০৪৭৩
بِظَاهِرِ حِمْصَ حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يُنْشِدُ بَابَ الْمَرَاثِي مِنَ الْحَمَاسَةِ، وَكَانَتْ مَحْفُوظَةً.
وَفِي رَجَبٍ قَدِمَتْ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ وَخِلَعُهُ وَهَدَايَا إِلَى الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَلَبِسَ السُّلْطَانُ خِلْعَةَ الْخَلِيفَةِ بِدِمَشْقَ، وَزُيِّنَتْ لَهُ الْبَلَدُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِي رَجَبٍ أَيْضًا مِنْهَا سَارَ السُّلْطَانُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ; لِيَنْظُرَ فِي أَحْوَالِهَا، وَيَصُومَ بِهَا رَمَضَانَ، وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَحُجَّ عَامَهُ ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَاسْتَنَابَ عَلَى الشَّامِ ابْنَ أَخِيهِ عِزَّ الدِّينِ فَرُّوخْشَاهْ بْنَ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ الْعِمَادُ الْكَاتِبُ: وَكَانَ عَزِيزَ الْمَثَلِ غَزِيرَ الْفَضْلِ. فَكَتَبَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ عَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرٍ نَائِبِ مِصْرَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَالْبَقِيعِ وَمَكَّةَ يُعْلِمُهُمْ بِعَزْمِ السُّلْطَانِ عَلَى الْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ ; لِيَتَأَهَّبُوا لِلْمَلِكِ وَيَهْتَمُّوا بِهِ، وَاسْتَصْحَبَ السُّلْطَانُ مَعَهُ صَدْرَ الدِّينِ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الرَّحِيمِ شَيْخَ الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ، الَّذِي قَدِمَ فِي الرُّسْلِيِّةِ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ ; لِيَكُونَ فِي خِدْمَتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَفِي صُحْبَتِهِ إِلَى الْحِجَازِ الشَّرِيفِ، فَدَخَلَ السُّلْطَانُ دِيَارَ مِصْرَ، وَتَلَقَّاهُ الْجَيْشُ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَأَمَّا صَدْرُ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقِمْ بِهَا إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَوَجَّهَ إِلَى الْحِجَازِ الشَّرِيفِ فِي الْبَحْرِ، فَأَدْرَكَ الصِّيَامَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَفِيهَا سَارَ قَرَاقُوشُ التَّقَوِيُّ إِلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ فَحَاصَرَ قَابِسَ وَقِلَاعًا كَثِيرَةً حَوْلَهَا، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَكْثَرِهَا، فَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ أَسَرَ مِنْ بَعْضِ الْحُصُونِ غُلَامًا أَمَرَدَ
পৃষ্ঠা - ১০৪৭৪
فَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الْحِصْنِ: لَا تَقْتُلْهُ وَخُذْ لَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَأَبَى فَوَصَلُوهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فَأَبَى إِلَّا قَتْلَهُ، فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا قَتَلَهُ نَزَلَ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَمَعَهُ مَفَاتِيحُ ذَلِكَ الْحِصْنِ، فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِنَّمَا كُنْتُ أَحْفَظُهُ مِنْ أَجْلِ هَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلْتَهُ، وَلِي أَوْلَادُ أَخٍ أَكْرَهُ أَنْ يَمْلِكُوهُ بَعْدِي. فَأَقَرَّهُ فِيهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سِلَفَةَ، الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الْمُعَمَّرُ، أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ لِجَدِّهِ إِبْرَاهِيمَ: سِلَفَةُ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَشْقُوقَ إِحْدَى الشَّفَتَيْنِ، فَكَانَ لَهُ ثَلَاثُ شِفَاهٍ فَسَمَّتْهُ الْأَعَاجِمُ بِذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ وَكَانَ السِّلَفِيُّ يُلَقَّبُ بِصَدْرِ الدِّينِ، وَكَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، وَرَدَ بَغْدَادَ وَاشْتَغَلَ بِهَا عَلَى إِلِكْيَا الْهَرَّاسِيِّ، وَأَخَذَ اللُّغَةَ عَنِ الْخَطِيبِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ التَّبْرِيزِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ فِي طَلَبِهِ إِلَى الْآفَاقِ، ثُمَّ نَزَلَ ثَغْرَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَبَنَى لَهُ الْعَادِلُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ السَّلَّارِ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ الظَّافِرِ مَدْرَسَةً، وَفَوَّضَ أَمْرَهَا إِلَيْهِ، فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ إِلَى الْآنِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَأَمَالِيهِ وَتَعَالِيقُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِيمَا ذَكَرَ الْمِصْرِيُّونَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعَيْنِ
পৃষ্ঠা - ১০৪৭৫
وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَنَقَلَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَذْكُرُ مَقْتَلَ نِظَامِ الْمُلْكِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، وَأَنَا ابْنُ عَشَرٍ تَقْرِيبًا. وَنَقَلَ أَبُو الْحَافِظِ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفْرَاوِيُّ أَنَّهُ قَالَ: مَوْلِدِي بِالتَّخْمِينِ لَا بِالْيَقِينِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعَيْنِ، فَيَكُونُ مَبْلَغُ عُمْرِهِ ثَمَانِيًا وَتِسْعِينَ سَنَةً ; لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَدُفِنَ بِوَعْلَةَ، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّالِحِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ خَلِّكَانَ قَوْلَ الصَّفْرَاوِيِّ، قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا مِنْ نَحْوِ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ أَنَّ أَحَدًا جَاوَزَ الْمِائَةَ إِلَّا الْقَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " تَرْجَمَةً حَسَنَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ بِخَمْسِ سِنِينَ، فَذَكَرَ رِحْلَتَهُ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَدَوَرَانَهُ فِي الْأَقَالِيمِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَتَصَوَّفُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَقَامَ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ذَاتَ يَسَارٍ، فَحَسُنَتْ حَالُهُ، وَوَقَفَتْ عَلَيْهِ مَدْرَسَةً هُنَاكَ، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْ أَشْعَارِهِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَنَأْمَنُ إِلْمَامَ الْمَنِيَّةِ بَغْتَةً ... وَأَمْنُ الْفَتَى جَهْلٌ وَقَدْ خَبَرَ الدَّهْرَا
وَلَيْسَ يُحَابِي الدَّهْرُ فِي دَوَرَانِهِ ... أَرَاذِلَ أَهْلِيهِ وَلَا السَّادَةَ الزُّهْرَا
وَكَيْفَ وَقَدْ مَاتَ النَّبِيُّ وَصَحْبُهُ ... وَأَزْوَاجُهُ طُرًّا وَفَاطِمَةُ الزَّهْرَا
পৃষ্ঠা - ১০৪৭৬
وَمِنْ شِعْرِ الْحَافِظِ السِّلَفِيِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ قَوْلُهُ:
يَا قَاصِدًا عِلْمَ الْحَدِيثِ يَذُمُّهُ ... إِذْ ضَلَّ عَنْ طُرُقِ الْهِدَايَةِ وَهْمُهُ
إِنَّ الْعُلُومَ كَمَا عَلِمْتَ كَثيرَةٌ ... وَأَجَلُّهَا فِقْهُ الْحَدِيثِ وَعِلْمُهُ
مَنْ كَانَ طَالِبَهُ وَفِيهِ تَيَقُّظٌ ... فَأَتَمُّ سَهْمٍ فِي الْمَعَالِي سَهْمُهُ
لَوْلَا الْحَدِيثُ وَأَهْلُهُ لَمْ يَسْتَقِمْ ... دِينُ النَّبِيِّ وَشَذَّ عَنَّا حُكْمُهُ
وَإِذَا اسْتَرَابَ بِقَوْلِنَا مُتَحَذْلِقٌ ... فَأَكَلُّ فَهْمٍ فِي الْبَسِيطَةِ فَهْمُهُ