আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

ثم دخلت سنة أربع وستين وخمسمائة

পৃষ্ঠা - ১০৩৫৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ فَتْحُ مِصْرَ عَلَى يَدَيِ الْأَمِيرِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرَكُوهْ وَفِيهَا طَغَتِ الْفِرِنْجُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَذَلِكَ لَمَّا جُعِلَ لَهُمْ شِحْنَةٌ بِهَا، وَتَحَكَّمُوا فِي أَبْوَابِهَا وَسَكَنَهَا أَكْثَرُ شُجْعَانِهَا، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ أَنْ يَسْتَحْوِذُوا عَلَيْهَا وَيُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَكِبَ أَمْدَادُ الْفِرِنْجِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَسَارُوا صُحْبَةَ مَرِّيٍّ مَلِكِ عَسْقَلَانَ فِي جَحَافِلَ هَائِلَةٍ، فَأَوَّلُ مَا أَخَذُوا مَدِينَةُ بِلْبِيسَ، فَقَتَلُوا مِنْهَا خَلْقًا وَأَسَرُوا آخَرِينَ، وَنَزَلُوا بِهَا وَتَرَكُوا فِيهَا أَثْقَالَهُمْ، وَجَعَلُوهَا مَوْئِلًا وَمَعْقِلًا لَهُمْ، ثُمَّ جَاءُوا فَنَزَلُوا عَلَى الْقَاهِرَةِ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْبَرْقِيَّةِ، فَأَمَرَ الْوَزِيرُ شَاوَرُ النَّاسَ أَنْ يَحْرِقُوا مِصْرَ وَأَنْ يَنْتَقِلَ النَّاسُ مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَةِ، فَنُهِبَ الْبَلَدُ وَذَهَبَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَبَقِيَتِ النَّارُ تَعْمَلُ فِي مِصْرَ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَ صَاحِبُهَا الْعَاضِدُ يَسْتَغِيثُ بِنُورِ الدِّينِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِشُعُورِ نِسَائِهِ يَقُولُ: أَدْرِكْنِي وَاسْتَنْقِذْ نِسَائِيَ مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ. وَالْتَزَمَ لَهُ بِثُلُثِ خَرَاجِ مِصْرَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ أَسَدُ الدِّينِ مُقِيمًا عِنْدَهُمْ، وَلَهُمْ إِقْطَاعَاتٌ زَائِدَةٌ عَلَى الثُّلُثِ، فَشَرَعَ نُورُ الدِّينِ فِي تَجْهِيزِ الْجُيُوشِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَلَمَّا اسْتَشْعَرَ الْوَزِيرُ شَاوَرُ بِوُصُولِ الْمُسْلِمِينَ، أَرْسَلَ إِلَى مَلِكِ الْفِرِنْجِ يَقُولُ لَهُ: قَدْ عَرَفْتَ مَحَبَّتِي وَمَوَدَّتِي وَلَكِنَّ
পৃষ্ঠা - ১০৩৫৫
الْعَاضِدَ وَالْمُسْلِمِينَ لَا يُوَافِقُونِي عَلَى تَسْلِيمِ الْبَلَدِ. وَصَالَحَهُمْ لِيَرْجِعُوا عَنِ الْبَلَدِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَعَجَّلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَخَذُوهَا وَانْشَمَرُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ ; خَوْفًا مِنْ وُصُولِ نُورِ الدِّينِ وَطَمَعًا فِي الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] . ثُمَّ شَرَعَ الْوَزِيرُ شَاوَرُ فِي مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِتَحْصِيلِ الذَّهَبِ الَّذِي صَالَحَ الْفِرِنْجَ عَلَيْهِ، وَضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ مَعَ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْحَرِيقِ وَالْخَوْفِ، فَجَبَرَ اللَّهُ مُصَابَهُمْ وَأَحْسَنَ مَآبَهُمْ، وَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ الْأَمِيرَ أَسَدَ الدِّينِ شِيرَكُوهْ مِنْ حِمْصَ إِلَى حَلَبَ فَسَاقَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ حِمْصَ فَدَخَلَ حَلَبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَسُرَّ بِذَلِكَ نُورُ الدِّينِ وَتَفَاءَلَ بِهِ فَقَدَّمَهُ عَلَى الْعَسَاكِرِ الَّتِي قَدْ جَهَّزَهَا لِلدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَعْيَانِ جَمَاعَةً، كُلٌّ مِنْهُمْ يَبْتَغِي بِمَسِيرِهِ ذَلِكَ رِضَا الرَّحْمَنِ وَكَانَ فِي جُمْلَتِهُمُ ابْنُ أَخِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ شَاذِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ مُنْشَرِحًا لِخُرُوجِهِ هَذَا بَلْ كَانَ كَارِهًا لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] وَأَضَافَ إِلَيْهِ سِتَّةَ آلَافٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ وَسَارَ هُوَ وَإِيَّاهُ مِنْ حَلَبَ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ جَهَّزَهُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِمَنْ مَعَهُ، وَلَمَّا وَصَلَتِ الْجُيُوشُ النُّورِيَّةُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَجَدُوا الْفِرِنْجَ قَدِ انْشَمَرُوا عَنِ الْقَاهِرَةِ رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ، وَكَانَ وُصُولُهُ إِلَيْهَا فِي سَابِعِ رَبِيعٍ الْآخَرِ، فَدَخَلَ الْأَمِيرُ أَسَدُ الدِّينِ عَلَى الْعَاضِدِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَنِيَّةً فَلَبِسَهَا،
পৃষ্ঠা - ১০৩৫৬
وَعَادَ إِلَى مُخَيَّمِهِ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِقُدُومِهِ، وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِمُ الْخَيْرَاتُ، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِمُ التُّحَفُ وَالْكَرَامَاتُ، وَخَرَجَ وُجُوهُ النَّاسِ إِلَى مُخَيَّمِ أَسَدِ الدِّينِ خِدْمَةً لَهُ، وَكَانَ فِيمَنْ جَاءَ إِلَيْهِ الْمُخَيَّمَ الْخَلِيفَةُ الْعَاضِدُ مُتَنَكِّرًا، فَأَسَرَّ إِلَيْهِ أُمُورًا مُهِمَّةً، مِنْهَا قَتْلُ الْوَزِيرِ شَاوَرَ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ مَعَهُ وَعَظُمَ أَمْرُ الْأَمِيرِ أَسَدِ الدِّينِ بِمِصْرَ، وَلَمْ يَقْدِرِ الْوَزِيرُ شَاوَرُ عَلَى مَنْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ; لِكَثْرَةِ الْجَيْشِ الَّذِي مَعَ أَسَدِ الدِّينِ، وَلَكِنْ شَرَعَ يُمَاطِلُ بِمَا كَانَ تَقَرَّرَ لَهُمْ وَلِلْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ مِمَّا كَانُوا الْتَزِمُوا لَهُ وَلَهُمْ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْأَمِيرِ أَسَدِ الدِّينِ وَيَرْكَبُ مَعَهُ، وَعَزَمَ عَلَى عَمَلِ ضِيَافَةٍ لَهُ، فَنَهَاهُ أَصْحَابُهُ عَنِ الْحُضُورِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ غَائِلَتِهِ وَشَاوَرُوهُ فِي قَتْلِ شَاوَرَ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُمُ الْأَمِيرُ أَسَدُ الدِّينِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ جَاءَ شَاوَرُ إِلَى مَنْزِلِ الْأَمِيرِ أَسَدِ الدِّينِ، فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ لِزِيَارَةِ قَبْرِ الشَّافِعِيِّ، وَإِذَا ابْنُ أَخِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ هُنَالِكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ صَلَاحُ الدِّينِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ قَتْلُهُ إِلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ عَمِّهِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فَأَعْلَمُوا الْعَاضِدَ لَعَلَّهُ يَبْعَثُ يُنْقِذُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَمِيرِ أَسَدِ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُ رَأْسَهُ، فَقُتِلَ شَاوَرُ وَأَرْسَلُوا بِرَأْسِهِ إِلَى الْعَاضِدِ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ أَسَدُ الدِّينِ بِنَهْبِ دَارِ شَاوَرَ، فَنُهِبَتْ، وَدَخَلَ أَسَدُ الدِّينِ عَلَى الْعَاضِدِ فَاسْتَوْزَرَهُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً عَظِيمَةً، وَلَقَّبَهُ الْمَلِكَ الْمَنْصُورَ، فَسَكَنَ دَارَ شَاوَرَ وَعَظُمَ شَأْنُهُ هُنَالِكَ، وَلَمَّا بَلَغَ نُورَ الدِّينِ خَبَرُ فَتْحِ مِصْرَ فَرِحَ بِذَلِكَ وَقَصَدَتْهُ الشُّعَرَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْشَرِحْ ; لِكَوْنِ أَسَدِ الدِّينِ صَارَ وَزِيرًا، وَكَذَلِكَ لَمَّا انْتَهَتِ الْوِزَارَةُ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১০৩৫৭
وَشَرَعَ فِي إِعْمَالِ الْحِيلَةِ فِي إِزَالَةِ ذَلِكَ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ، وَلَا قَدَرَ عَلَيْهِ ; وَلَا سِيَّمَا أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ. صَلَاحَ الدِّينِ اسْتَحْوَذَ عَلَى خَزَائِنِ الْعَاضِدِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَرْسَلَ أَسَدُ الدِّينِ إِلَى الْقَصْرِ يَطْلُبُ كَاتِبًا، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ الْقَاضِيَ الْفَاضِلَ ; رَجَاءَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ إِذَا قَالَ وَأَفَاضَ فِيمَا كَانُوا يُؤَمِّلُونَ، وَبَعَثَ أَسَدُ الدِّينِ الْعُمَّالَ فِي الْأَعْمَالِ وَأَقْطَعَ الْإِقْطَاعَاتِ وَوَلَّى الْوِلَايَاتِ، وَفَرِحَ بِنَفْسِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَأَدْرَكَهُ حِمَامُهُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَسَدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشَارَ الْأُمَرَاءُ الشَّامِيُّونَ عَلَى الْعَاضِدِ بِتَوْلِيَةِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ الْوِزَارَةَ بَعْدَ عَمِّهِ فَوَلَّاهُ الْوِزَارَةَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَنِيَّةً وَلَقَّبَهُ الْمَلِكَ النَّاصِرَ. صِفَةُ الْخِلْعَةِ الَّتِي لَبِسَهَا صَلَاحُ الدِّينِ يَوْمَئِذٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي " الرَّوْضَتَيْنِ " عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ تِنِّيسِيٌّ بِطَرَفِ ذَهَبٍ، وَثَوْبٌ دَبِيقِيٌّ بِطِرَازِ ذَهَبٍ، وَجُبَّةٌ بِطِرَازِ ذَهَبٍ، وَطَيْلَسَانُ بِطِرَازٍ مُذَهَّبَةٍ، وَعَقْدُ جَوْهَرٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَسَيْفٌ مُحَلَّى بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَحَجَرٌ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَعَلَيْهَا طَوْقُ ذَهَبٍ
পৃষ্ঠা - ১০৩৫৮
وَسَرْفَسَارُ ذَهَبٍ مُجَوْهَرٌ وَفِي رَأْسِهَا مِائَتَا حَبَّةِ جَوْهَرٍ، وَفِي قَوَائِمِهَا أَرْبَعَةُ عُقُودِ جَوْهَرٍ، وَفِي رَأْسِهَا قَصَبَةُ ذَهَبٍ وَفِي رَأْسِهَا مُشَدَّةٌ بَيْضَاءُ بِأَعْلَامٍ بِيضٍ، وَمَعَ الْخِلْعَةِ عِدَّةُ بُقَجٍ وَخَيْلٌ وَأَشْيَاءُ أُخَرُ وَمَنْشُورُ الْوِزَارَةِ مَلْفُوفٌ بِثَوْبٍ أَطْلَسَ أَبْيَضَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا وَسَارَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ فِي خِدْمَتِهِ، لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ سِوَى عَيْنِ الدَّوْلَةِ الْيَارُوقِيِّ ; قَالَ: لَا أَخْدِمُ يُوسُفَ بَعْدَ نُورِ الدِّينِ، ثُمَّ سَارَ بِجَيْشِهِ إِلَى الشَّامِ فَلَامَهُ نُورُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ بِمِصْرَ بِصِفَةِ نَائِبٍ لِلْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ ; يَخْطُبُ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَيُكَاتِبُهُ الْأَمِيرُ نُورُ الدِّينِ بِالْأَمِيرِ الْأَسْفَهْسِلَارِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَيَتَوَاضَعُ لَهُ صَلَاحُ الدِّينِ فِي الْكُتُبِ وَالْعَلَامَةِ ; لَكِنْ قَدِ الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَخَضَعَتْ لَهُ النُّفُوسُ، وَاضْطُهِدَ الْعَاضِدُ فِي أَيَّامِهِ غَايَةَ الِاضْطِهَادِ، وَارْتَفَعَ قَدْرُ صَلَاحِ الدِّينِ بَيْنَ الْعِبَادِ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَزَادَ فِي إِقْطَاعَاتِ الَّذِينَ مَعَهُ فَأَحَبُّوهُ وَاحْتَرَمُوهُ وَخَدَمُوهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ نُورُ الدِّينِ يُعَنِّفُهُ عَلَى قَبُولِ الْوِزَارَةِ بِدُونِ مَرْسُومِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَيِّمَ حِسَابَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى ذَلِكَ، وَجَعَلَ نُورُ الدِّينِ يَقُولُ فِي غُبُونِ ذَلِكَ: مَلَكَ ابْنُ أَيُّوبَ. وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَهْلَهُ وَإِخْوَتَهُ وَقَرَابَتَهُ، فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لَهُ فَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ
পৃষ্ঠা - ১০৩৫৯
هُنَالِكَ وَحَفِظَ دَوْلَتَهُ بِذَلِكَ وَكَمَلَ أَمْرُهُ وَتَمَكَّنَ سُلْطَانُهُ وَقَوِيَتْ أَرْكَانُهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي قَتْلِ صَلَاحِ الدِّينِ لَشَاوَرَ الْوَزِيرِ: هَنِيئًا لِمِصْرَ حَوْزَ يُوسُفَ مُلْكَهَا ... بِأَمْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ كَانَ مَوْقُوتَا وَمَا كَانَ فِيهَا قَتْلُ يُوسُفَ شَاوَرًا ... يُمَاثِلُ إِلَّا قَتْلَ دَاوُدَ جَالُوتَا قَالَ أَبُو شَامَةَ وَقَتَلَ الْعَاضِدُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْلَادَ شَاوَرَ وَهُمْ شُجَاعٌ الْمُلَقَّبُ بِالْكَامِلِ، وَالطَّارِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُعَظَّمِ، وَأَخُوهُمَا الْآخَرُ الْمُلَقَّبُ بِفَارِسِ الْمُسْلِمِينَ، وَطِيفَ بِرُءُوسِهِمْ بِبِلَادِ مِصْرَ ذِكْرُ قَتْلِ الطَّوَاشِيِّ مُؤْتَمَنِ الْخِلَافَةِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى يَدَيْ صَلَاحِ الدِّينِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ كَتَبَ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ بِمِصْرَ إِلَى الْفِرِنْجِ لِيَقْدَمُوا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ; لِيُخْرِجُوا مِنْهَا الْجُيُوشَ الْإِسْلَامِيَّةَ الشَّامِيَّةَ، وَالْعَسَاكِرَ النُّورِيَّةَ، وَكَانَ الَّذِي نَفَّذَ الْكِتَابَ إِلَيْهِمُ: الْخَادِمُ مُؤْتَمَنُ الْخِلَافَةِ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ بِالْقَصْرِ، وَكَانَ حَبَشِيًّا وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَهُ مَعَ إِنْسَانٍ أَمِنَ إِلَيْهِ، فَصَادَفَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ مَنْ أَنْكَرَ حَالَهُ، فَحَمَلَهُ إِلَى الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ فَقَرَّرَهُ، فَأَخْرَجَ الْكِتَابَ فَفَهِمَ صَلَاحُ الدِّينِ الْحَالَ فَكَتَمَهُ، وَاسْتَشْعَرَ مُؤْتَمَنُ الْخِلَافَةِ الْخَادِمُ أَنَّ الْمَلِكَ صَلَاحَ الدِّينِ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى الْأَمْرِ، فَلَازَمَ الْقَصْرَ مُدَّةً طَوِيلَةً ; خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَنْ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ، فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَيْهِ مَنْ قَبَضَ عَلَيْهِ وَقَتْلَهُ وَحَمَلَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ১০৩৬০
عَزَلَ جَمِيعَ الْخُدَّامِ الَّذِينَ يَلُونَ خِدْمَةَ الْقَصْرِ، وَاسْتَنَابَ عَلَى الْقَصْرِ عِوَضَهُمْ بَهَاءَ الدِّينِ قَرَاقُوشَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُطَالِعَهُ بِجَمِيعِ الْأُمُورِ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا وَقْعَةُ السُّودَانِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الطَّوَاشِيُّ مُؤْتَمَنُ الْخِلَافَةِ الْخَادِمُ الْحَبَشِيُّ وَعُزِلَ بَقِيَّةُ الْخُدَّامِ، غَضِبُوا لِذَلِكَ وَاجْتَمَعُوا قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَجَيْشُ صَلَاحِ الدِّينِ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ، فَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ الْعَاضِدُ يَنْظُرُ مِنَ الْقَصْرِ إِلَى الْمَعْرَكَةِ وَقَدْ قُذِفَ الْجَيْشُ الشَّامِيُّ مِنَ الْقَصْرِ بِحِجَارَةٍ وَجَاءَهُمْ مِنْهُ سِهَامٌ، فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ، وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَخَا النَّاصِرِ شَمْسَ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ - وَكَانَ حَاضِرًا لِلْحَرْبِ قَدْ بَعَثَهُ نُورُ الدِّينِ لِأَخِيهِ لِيَشُدَّ أَزْرَهُ - أَمَرَ بِإِحْرَاقِ مَنْظَرَةِ الْعَاضِدِ فَفُتِحَ الْبَابُ وَنُودِيَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُخْرِجُوا هَؤُلَاءِ السُّودَانَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ وَمِنْ بِلَادِكُمْ، فَقَوِيَ الشَّامِيُّونَ وَضَعُفَ جَأْشُ السُّودَانِ جِدًّا، وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ إِلَى مَحَلَّتِهِمُ الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَنْصُورَةِ الَّتِي فِيهَا دُورُهُمْ وَأَهْلُوهُمْ بِبَابِ زُوَيْلَةَ، فَأَحْرَقَهَا، فَوَلَّوْا عِنْدَ ذَلِكَ مُدْبِرِينَ، وَرَكِبَهُمُ السَّيْفُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ طَلَبُوا الْأَمَانَ مِنَ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَخْرَجَهُمْ إِلَى الْجِيزَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ شَمْسُ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ أَخُو الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ أَيْضًا
পৃষ্ঠা - ১০৩৬১
وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 52] وَفِيهَا افْتَتَحَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ قَلْعَةَ جَعْبَرَ وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا شِهَابِ الدِّينِ مَالِكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ الْعَقِيلِيِّ، وَكَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَيَّامِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَفِيهَا احْتَرَقَ جَامِعُ حَلَبَ فَجَدَّدَهُ نُورُ الدِّينِ وَفِيهَا مَاتَ يَارُوقُ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْمَحَلَّةُ بِظَاهِرِ حَلَبَ [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: سَعْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّجَاجِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاعِظُ الْحَنْبَلِيُّ، وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَوَعَظَ، وَكَانَ لَطِيفَ الْوَعْظِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ مَرَّةً عَنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ فَنَهَى عَنِ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ وَأَنْشَدَ أَبَى الْعَاتِبُ الْغَضْبَانُ يَا نَفْسُ أَنْ يَرْضَى ... وَأَنْتِ الَّذِي صَيَّرْتِ طَاعَتَهُ فَرْضَا
পৃষ্ঠা - ১০৩৬২
فَلَا تَهْجُرِي مَنْ لَا تُطِيقِينَ هَجْرَهُ وَإِنْ هَمَّ بِالْهُجْرَانِ خَدَّيْكِ وَالْأَرْضَا وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: خِفْتُ مَرَّةً مِنَ الْخَلِيفَةِ فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لِي اكْتُبْ: ادْفَعْ بِصَبْرِكَ حَادِثَ الْأَيَّامِ ... وَتَرَجَّ لُطْفَ الْوَاحِدِ الْعَلَّامِ لَا تَيْأَسَنَّ وَإِنْ تَضَايَقَ كَرْبُهَا ... وَرَمَاكَ رَيْبُ صُرُوفِهَا بِسِهَامِ فَلَهُ تَعَالَى بَيْنَ ذَلِكَ فَرْجَةٌ ... تَخْفَى عَلَى الْأَبْصَارِ وَالْأَوْهَامِ كَمْ مَنْ نَجَا مِنْ بَيْنِ أَطْرَافِ الْقَنَا ... وَفَرِيسَةٍ سَلِمَتْ مِنَ الضِّرْغَامِ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ رِبَاطِ الزُّوزَنِيِّ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ شَاوَرُ بْنُ مُجِيرِ الدِّينِ أَبُو شُجَاعٍ السَّعْدِيُّ، الْمُلَقَّبُ أَمِيرَ الْجُيُوشِ، وَزِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَيَّامَ الْعَاضِدِ، وَهُوَ الَّذِي انْتَزَعَ الْوِزَارَةَ مِنْ يَدَيْ رُزِّيكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَكْتَبَ الْقَاضِيَ الْفَاضِلَ، اسْتَدْعَى بِهِ مِنْ إِسْكَنْدَرِيَّةَ مِنْ بَابِ السِّدْرَةِ، فَحَظِيَ عِنْدَهُ وَانْحَصَرَ مِنْهُ الْكُتَّابُ بِالْقَصْرِ ; لَمَّا رَأَوْا مِنْ فَضْلِهِ وَفَضِيلَتِهِ، وَقَدِ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ مِنْهُمْ عُمَارَةُ الْيَمَنِيُّ حَيْثُ يَقُولُ:
পৃষ্ঠা - ১০৩৬৩
ضَجِرَ الْحَدِيدُ مِنَ الْحَدِيدِ وَشَاوَرٌ ... فِي نَصْرِ دِينِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَضْجَرِ حَلَفَ الزَّمَانُ لَيَأْتِيَنَّ بِمِثْلِهِ ... حَنَثَتْ يَمِينُكَ يَا زَمَانُ فَكَفِّرِ وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ قَائِمًا إِلَى أَنْ ثَارَ عَلَيْهِ الْأَمِيرُ ضِرْغَامُ بْنُ سَوَّارٍ، فَالْتَجَأَ إِلَى الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ فَأَرْسَلَ مَعَهُ الْأَمِيرَ أَسَدَ الدِّينِ شِيرَكُوهْ، فَنَصَرُوهُ عَلَى عَدُوِّهِ، فَنَكَثَ عَهْدَهُ فَلَمْ يَزَلْ أَسَدُ الدِّينِ حَنِقًا عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ قَتْلُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ ; ضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَمِيرُ جُرْدَيْكُ فِي السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَاسْتُوزِرَ بَعْدَهُ أَسَدُ الدِّينِ شِيرَكُوهْ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَعْدَهُ إِلَّا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: هُوَ أَبُو شُجَاعٍ شَاوَرُ بْنُ مُجِيرِ الدِّينِ بْنِ نِزَارِ بْنِ عَشَائِرَ بْنِ شَأْسِ بْنِ مُغِيثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ يَخْنَسَ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ وَالِدُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ، كَذَا قَالَ: وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ ; لِقِصَرِ هَذَا النَّسَبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْدَ الْمُدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ شِيرَكُوهْ بْنُ شَاذِيٍّ أَسَدُ الدَّيْنِ الْكُرْدِيُّ الرَّوَادِيُّ وَهُمْ أَشْرَفُ شُعُوبِ
পৃষ্ঠা - ১০৩৬৪
الْأَكْرَادِ وَهُوَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا دُوِينُ مِنْ أَعْمَالِ أَذْرَبِيجَانَ، خَدَمَ هُوَ وَأَخُوهُ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ - وَكَانَ الْأَكْبَرَ - الْأَمِيرَ مُجَاهِدَ الدِّينِ بِهْرُوزَ الْخَادِمَ شِحْنَةَ الْعِرَاقِ، فَاسْتَنَابَ نَجْمَ الدِّينِ أَيُّوبَ عَلَى قَلْعَةِ تَكْرِيتَ، فَاتَّفَقَ أَنْ دَخَلَهَا الْمَلِكُ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِيٌّ هَارِبًا مِنْ قَرَاجَا السَّاقِي، فَأَحْسَنَا إِلَيْهِ وَخَدَمَاهُ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْعَامَّةِ فِي تَأْدِيبٍ فَأَخْرَجَهُمَا بِهْرُوزُ مِنَ الْقَلْعَةِ فَصَارَا إِلَى زَنْكِيٍّ بِحَلَبَ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ حَظِيَا عِنْدَ وَلَدِهِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودٍ، فَاسْتَنَابَ أَيُّوبَ عَلَى بَعْلَبَكَّ وَأَقَرَّهُ وَلَدُهُ نُورُ الدِّينِ، وَصَارَ أَسَدُ الدِّينِ عِنْدَ نُورِ الدِّينِ أَكْبَرَ أُمَرَائِهِ وَأَخَصَّهُمْ عِنْدَهُ، وَأَقْطَعَهُ الرَّحْبَةَ وَحِمْصَ مَعَ مَا لَهُ عِنْدَهُ مِنَ الْإِقْطَاعَاتِ ; وَذَلِكَ لِشَهَامَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَصَرَامَتِهِ وَجِهَادِهِ فِي أَعْدَاءِ اللَّهِ الْفِرِنْجِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وَوَقَعَاتٍ مُعْتَبَرَاتٍ، وَلَاسِيَّمَا يَوْمَ فَتْحِ دِمَشْقَ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا فَعَلَهُ بِدِيَارِ مِصْرَ، بَلَّ اللَّهُ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ. كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ السَّبْتِ فَجْأَةً بِخَانُوقٍ حَصَلَ لَهُ، وَذَلِكَ فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو شَامَةَ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْخَانِقَاهُ الْأَسَدِيَّةُ دَاخِلَ بَابِ الْجَابِيَةِ بِدَرْبِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَالْمَدْرَسَةُ الْأَسَدِيَّةُ بِالشَّرَفِ الْقِبْلِيِّ ثُمَّ آلَ الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ ثُمَّ اسْتَوْسَقَ لَهُ الْمُلْكُ وَأَطَاعَتْهُ الْمَمَالِكُ هُنَالِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
পৃষ্ঠা - ১০৩৬৫
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَطِّيِّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ وَأَسْمَعَ وَرُحِلَ إِلَيْهِ وَقَارَبَ التِّسْعِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدٌ الْفَارِقِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ نَهْجَ الْبَلَاغَةِ وَيُغَيِّرُ أَلْفَاظَهُ وَكَانَ فَصِيحًا بَلِيغًا يُكْتَبُ كَلَامُهُ وَيُرْوَى عَنْهُ كِتَابٌ يُعْرَفُ بِ " الْحِكَمِ الْفَارِقِيَّةِ " مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ رَجَاءٍ أَبُو أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْوُعَّاظِ، رَوَى عَنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالْحَدِيثِ تُوُفِّيَ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى الْحَجِّ بِالْبَادِيَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.