ثم دخلت سنة أربع وخمسين وخمسمائة
পৃষ্ঠা - ১০৩১৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا مَرِضَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي مَرَضًا شَدِيدًا، ثُمَّ عُوفِيَ مِنْهُ فَزُيِّنَتْ لَهُ بَغْدَادُ أَيَّامًا، وَتَصَدَّقَ بِصَدَقَاتٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ. وَفِيهَا اسْتَعَادَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ مَدِينَةَ الْمَهْدِيَّةِ مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، وَقَدْ كَانُوا أَخَذُوهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَاتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ حَتَّى صَارَتْ عِظَامُ الْقَتْلَى هُنَاكَ كَالتَّلِّ الْعَظِيمِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي صَفَرٍ سَقَطَ بَرَدٌ بِالْعِرَاقِ كِبَارٌ، زِنَةُ الْبَرَدَةِ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ أَرْطَالٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ، فَهَلَكَ بِذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْغَلَّاتِ، وَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ إِلَى وَاسِطٍ فَاجْتَازَ بِسُوقِهَا وَرَأَى جَامِعَهَا، وَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَشُجَّ جَبِينُهُ، ثُمَّ عُوفِيَ.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ زَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً عَظِيمَةً، فَغَرِقَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَحَالُّ كَثِيرَةٌ مِنْ بَغْدَادَ حَتَّى صَارَ أَكْثَرُ الدُّورِ بِهَا تُلُولًا، وَغَرِقَتْ تُرْبَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَتَخَسَّفَتْ هُنَالِكَ الْقُبُورُ، وَطَفَتِ الْمَوْتَى عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ الْمَرَضُ وَالْمَوْتُ، وَفِيهَا أَقْبَلَ مَلِكُ الرُّومِ فِي جَحَافِلَ قَاصِدًا بِلَادَ الشَّامِ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَائِبًا خَاسِرًا ; وَذَلِكَ لِضِيقِ حَالِهِمْ مِنَ الْمِيرَةِ، وَأَسَرَ
পৃষ্ঠা - ১০৩১৭
الْمُسْلِمُونَ ابْنَ أُخْتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَايْمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مَعَالِيِّ
بْنِ بَرَكَةَ الْحَرْبِيُّ، تَفَقَّهَ بِأَبِي الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيِّ، وَبَرَعَ فِي النَّظَرِ، وَدَرَسَ وَأَفْتَى، ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا، ثُمَّ عَادَ حَنْبَلِيًّا، وَوَعَظَ بِبَغْدَادَ، وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ; دَخَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ، فَدَخَلَ قَرَبُوسُ سَرْجِهِ فِي صَدْرِهِ.
السُّلْطَانُ مُحَمَّدُ شَاهْ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ، بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ
لَمَّا رَجَعَ مِنْ مُحَاصَرَةِ بَغْدَادَ إِلَى هَمَذَانَ أَصَابَهُ مَرَضُ السُّلِّ، فَلَمْ يُنْجَعْ مِنْهُ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ أَمَرَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَنْظَرَةِ، فَرَكِبَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ وَأُحْضِرَتْ أَمْوَالُهُ كُلُّهَا، وَمَمَالِيكُهُ حَتَّى جَوَارِيِهِ وَحَظَايَاهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: هَذِهِ الْعَسَاكِرُ لَا يَدْفَعُونَ عَنِّي مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَلَا يَزِيدُونَ فِي عُمْرِي لَحْظَةً، ثُمَّ تَأَسَّفَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَفِي، وَأَهْلِ بَغْدَادَ وَحِصَارِهِمْ وَأَذِيَّتِهِمْ،
পৃষ্ঠা - ১০৩১৮
ثُمَّ فَرَّقَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ الْحَوَاصِلِ وَالْأَمْوَالِ، وَتُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَسَاكِرُ وَالْأُمَرَاءُ عَلَى عَمِّهِ سُلَيْمَانَ شَاهْ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ مَسْجُونًا بِالْمَوْصِلِ فَأُفْرِجَ عَنْهُ، وَانْعَقَدَتِ السَّلْطَنَةُ لَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ، سِوَى بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ.