ثم دخلت سنة خمسين وخمسمائة
পৃষ্ঠা - ১০২৯৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا خَرَجَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ إِلَى دَقُوقَا فَحَاصَرَهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرْحَلَ عَنْهُمْ ; فَإِنَّ أَهْلَهَا قَدْ هَلَكُوا بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ، فَأَجَابَهُمْ، وَرَحَلَ عَنْهُمْ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ، ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ الْحِلَّةِ وَالْكُوفَةِ، وَالْجَيْشُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ شَاهْ: أَنَا وَلِيُّ عَهْدِ سَنْجَرَ، فَإِنْ قَرَّرْتَ لِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَنَا كَأَحَدِ الْأُمَرَاءِ. فَوَعْدَهُ خَيْرًا، وَكَانَ يَحْمِلُ الْغَاشِيَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ عَلَى كَاهِلِهِ، فَمَهَّدَ الْأُمُورَ وَوَطَّدَهَا، وَسَلَّمَ عَلَى مَشْهَدِ عَلِيٍّ إِشَارَةً بِأُصْبُعَيْهِ وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى دُخُولِ الْمَشْهَدِ، فَنَهَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ كَأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ غَائِلَةِ الرَّوَافِضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهَا افْتَتَحَ نُورُ الدِّينِ بَعْلَبَكَّ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ نَجْمَ الدِّينِ كَانَ نَائِبًا عَلَى الْبَلَدِ وَالْقَلْعَةِ، فَسَلَّمَهُ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الضَّحَّاكُ الْبِقَاعِيُّ. فَكَاتَبَ نَجْمُ الدِّينِ لِنُورِ الدِّينِ، وَلَمْ يَزَلْ نُورُ الدِّينِ يَتَلَطَّفُ حَتَّى أَخَذَ الْقَلْعَةَ أَيْضًا، وَاسْتَدْعَى بِنَجْمِ الدِّينِ إِلَيْهِ إِلَى دِمَشْقَ فَأَقْطَعُهُ إِقْطَاعًا، وَأَكْرَمَهُ مِنْ أَجْلِ أَخِيهِ أَسَدِ الدِّينِ ; فَإِنَّهُ كَانَتْ لَهُ الْيَدُ الطُّولَى فِي فَتْحِ دِمَشْقَ لِلْمَلِكِ الْعَادِلِ نُورِ الدِّينِ، وَجَعَلَ الْأَمِيرَ شَمْسَ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ بْنَ نَجْمِ الدِّينِ شِحْنَةَ دِمَشْقَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ جَعَلَ أَخَاهُ صَلَاحَ الدِّينِ يُوسُفَ هُوَ الشِّحْنَةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ خَوَاصِّهِ لَا يُفَارِقُهُ حَضَرًا وَلَا سَفَرًا ; لِأَنَّهُ
পৃষ্ঠা - ১০৩০০
كَانَ حَسَنَ الشَّكْلِ، حَسَنَ اللَّعِبِ بِالْكُرَةِ، وَكَانَ نُورُ الدِّينِ يُحِبُّ لَعِبَ الْكُرَةِ ; لِتَمْرِينِ الْخَيْلِ وَتَعْلِيمِهَا الْكَرَّ وَالْفَرَّ، وَفِي شِحْنَكِيَّةِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ يَقُولُ عَرْقَلَةُ الشَّاعِرُ:
رُوَيْدَكُمْ يَا لُصُوصَ الشَّآمِ ... فَإِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ فِي مَقَالِ
فَإِيَّاكُمُ وَسَمِيَّ النَّبِ ... يِّ يُوسُفَ رَبِّ الْحِجَا وَالْجَمَالِ
فَذَاكَ مُقَطِّعُ أَيْدِي النِّسَاءِ ... وَهَذَا مُقَطِّعُ أَيْدِي الرِّجَالِ
وَقَدْ مَلَكَ أَخَاهُ تُورَانْشَاهْ هَذَا بِلَادَ الْيَمَنِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ يُلَقَّبُ شَمْسَ الدَّوْلَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرِ
ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظُ، أَبُو الْفَضْلِ الْبَغْدَادِيُّ. وُلِدَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَتَفَرَّدَ بِمَشَايِخَ، وَكَانَ حَافِظًا، ضَابِطًا، مُكْثِرًا، مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، كَثِيرَ الذِّكْرِ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ. وَقَدْ تَخْرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ ; مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، سَمِعَ بِقِرَاءَتِهِ " مُسْنَدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ "، وَغَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْكِبَارِ، وَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ كَثِيرًا، وَقَدْ رَدَّ عَلَى أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ فِي قَوْلِهِ فِي مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ: يُحِبُّ أَنْ يَقَعَ فِي النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَالْكَلَامُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَإِنَّمَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ يُحِبُّ أَنْ يَتَعَصَّبَ عَلَى أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ نَعُوذُ
পৃষ্ঠা - ১০৩০১
بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْقَصْدِ وَالتَّعَصُّبِ. وَكَانَتْ وَفَاةُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مَرَّاتٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
مُجَلِّي بْنُ جُمَيْعِ بْنِ نَجَا، أَبُو الْمَعَالِي الْمَخْزُومِيُّ الْأَرْسُوفِيُّ
ثُمَّ الْمِصْرِيُّ قَاضِيهَا، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مُصَنِّفُ " الذَّخَائِرِ " فِي الْمَذْهَبِ، وَفِيهَا غَرَائِبُ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْكُتُبِ الْمُفِيدَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.