ثم دخلت سنة تسع وأربعين وخمسمائة
পৃষ্ঠা - ১০২৯৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا رَكِبَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى تَكْرِيتَ فَحَاصَرَ قَلْعَتَهَا، وَالْتَقَى جَمْعًا هُنَالِكَ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَالتُّرْكُمَانِ، فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَهَزَمَهُمْ لَهُ، وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا.
وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مِصْرَ قَدْ قُتِلَ خَلِيفَتُهَا الظَّافِرُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا صَبِيٌّ صَغِيرٌ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، قَدْ وَلَّوْهُ عَلَيْهِمْ وَلَقَّبُوُهُ الْفَائِزَ، فَكَتَبَ الْخَلِيفَةُ عَهْدًا لِلْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ عَلَى الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ وَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَرْسَلَهُ إِلَيْهَا.
وَفِيهَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِيهَا نَارٌ، فَخَافَ النَّاسُ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ، وَتَغَيَّرَ مَاءُ دِجْلَةَ إِلَى الْحُمْرَةِ. وَظَهَرَ بِأَرْضِ وَاسِطٍ مِنَ الْأَرْضِ دَمٌ لَا يُعْرَفُ سَبَبُهُ. وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْمَلِكَ سَنْجَرَ فِي أَسْرِ التُّرْكِ، فِي غَايَةِ الذُّلِّ وَالْإِهَانَةِ، وَأَنَّهُ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ.
وَفِيهَا انْتَزَعَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِيٍّ دِمَشْقَ مِنْ يَدِ مَلِكِهَا مُجِيرِ الدِّينِ أَبَقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُورِي بْنِ طُغْتِكِينَ، وَذَلِكَ لِسُوءِ سِيرَتِهِ وَضَعْفِ دَوْلَتِهِ، وَمُحَاصَرَةِ الْعَامَّةِ لَهُ فِي الْقَلْعَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، مَعَ الرَّئِيسِ مُؤَيَّدِ الدَّوْلَةِ الْمُسَيَّبِ
পৃষ্ঠা - ১০২৯৭
بْنِ الصُّوفِيِّ، وَتَغَلُّبِ الْخَادِمِ عَطَاءٍ عَلَى الْمَمْلَكَةِ مَعَ ظُلْمِهِ وَغَشْمِهِ، فَكَانَ النَّاسُ يَدْعُونَ اللَّهَ لَيْلًا وَنَهَارًا أَنْ يُبَدِّلَهُمْ بِالْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ، وَاتَّفَقَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرِنْجَ أَخَذُوا عَسْقَلَانَ فَتَحَرَّقَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إِلَيْهِمْ ; لِأَنَّ دِمَشْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَيَخْشَى أَنْ يُحَاصِرَ دِمَشْقَ بِعَسْفٍ ; فَيَنْبَعِثَ مَلِكُهَا إِلَى الْفِرِنْجِ فَيُنْجِدُونَهُ كَمَا جَرَى غَيْرَ مَرَّةٍ ; لِأَنَّ الْفِرِنْجَ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَمْلِكَ نُورُ الدِّينِ دِمَشْقَ ; لِأَنَّهُ يَقْوَى بِهَا عَلَيْهِمْ وَلَا يُطِيقُونَهُ، فَأَرْسَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَمِيرَ أَسَدَ الدِّينِ شِيرَكُوهْ فِي أَلْفِ فَارِسٍ فِي صِفَةِ طَلَبِ الصُّلْحِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ مُجِيرُ الدِّينِ، وَلَا خَرَجَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، فَكَتَبَ إِلَى نُورِ الدِّينِ بِذَلِكَ، فَرَكِبَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ فِي جَيْشِهِ، فَنَزَلَ عُيُونَ الْفَاسْرَيَا مِنْ أَرْضِ دِمَشْقَ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْبَابِ الشَّرْقِيِّ، فَفَتَحَهَا قَهْرًا وَدَخَلَ الْبَلَدَ بَعْدَ حِصَارِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ دُخُولُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ عَاشِرَ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَتَحَصَّنَ مُجِيرُ الدِّينِ فِي الْقَلْعَةِ فَأَنْزَلَهُ مِنْهَا، وَعَوَّضَهُ مَدِينَةَ حِمْصَ وَدَخَلَ نُورُ الدِّينِ الْقَلْعَةَ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى دِمَشْقَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَنَادَى فِي الْبَلَدِ بِالْأَمَانِ، وَأَنَّهُ يُبَشِّرُ النَّاسَ بِالْخَيْرِ، فَرُفِعَ عَنْهُمُ الْمُكُوسُ، وَقُرِئَتِ التَّوَاقِيعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ وَأَكْثَرُوا الدُّعَاءَ لَهُ، وَكَتَبَ مُلُوكُ الْفِرِنْجِ إِلَيْهِ يُهَنِّئُونَهُ وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ، وَيَخْضَعُونَ لَهُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الرَّئِيسُ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَةِ الْمُسَيَّبُ بْنُ الصُّوفِيِّ، وَزِيرُ دِمَشْقَ لِمُجِيرِ الدِّينِ
وَقَدْ ثَارَ عَلَى الْمَلِكِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيَسْتَفْحِلُ أَمْرُهُ، ثُمَّ يَقَعُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا، كَمَا تَقَدَّمَ.
পৃষ্ঠা - ১০২৯৮
عَطَاءٌ الْخَادِمُ
أَحَدُ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ وَقَدْ تَغَلَّبَ عَلَى الْأُمُورِ أَيَّامَ مُجِيرِ الدِّينِ، وَكَانَ يَنُوبُ بِبَعْلَبَكَّ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَكَانَ ظَالِمًا، غَاشِمًا وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ مَسْجِدُ عَطَاءٍ خَارِجَ بَابِ شَرْقِيٍّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.