ثم دخلت سنة إحدى وخمسمائة من الهجرة
পৃষ্ঠা - ১০১২৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا جَدَّدَ الْخَلِيفَةُ الْخِلَعَ عَلَى وَزِيرِهِ أَبِي الْمَعَالِي هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ إِلَى بَغْدَادَ فَتَلَقَّاهُ الْوَزِيرُ وَالْأَعْيَانُ، وَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْ جَيْشِهِ إِلَى شَيْءٍ، وَتَغَضَّبَ السُّلْطَانُ غِيَاثُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ عَلَى صَدَقَةَ بْنِ مَنْصُورٍ الْأَسَدِيِّ صَاحِبِ الْحِلَّةِ وَتَكْرِيتَ بِسَبَبٍ أَنَّهُ آوَى رَجُلًا مِنْ أَعْدَائِهِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو دُلَفَ سُرْخَابُ الدَّيْلَمِيُّ صَاحِبُ سَاوَةَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ لِيُرْسِلَهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جَيْشًا فَهَزَمُوا جَيْشَهُ، وَقَدْ كَانَ جَيْشَهُ عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ وَقُتِلَ صَدَقَةُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ، وَأَخَذُوا مِنْ زَوْجَتِهِ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَظَهَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ صَبِيَّةٌ عَمْيَاءُ تَتَكَلَّمُ عَلَى أَسْرَارِ النَّاسِ، وَبَالَغَ النَّاسُ فِي الْحِيَلِ، لِيَعْلَمُوا حَالَهَا فَلَمْ يَعْلَمُوا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَأَشْكَلَ أَمْرُهَا عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ، حَتَّى إِنَّهَا كَانَتْ تُسْأَلُ عَنْ نُقُوشِ
পৃষ্ঠা - ১০১২৮
الْخَوَاتِمِ الْمَقْلُوبَةِ الصَّعْبَةِ، وَعَنْ أَنْوَاعِ الْفُصُوصِ وَصِفَاتِ الْأَشْخَاصِ، وَمَا فِي دَاخِلِ الْبَنَادِقِ مِنَ الشَّمْعِ وَالطِّينِ وَالْحَبِّ الْمُخْتَلِفِ وَالْخَرَزِ، وَبَالَغَ أَحَدُهُمْ حَتَّى تَرَكَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِهِ فَقِيلَ لَهَا: مَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَقَالَتْ: يَحْمِلُهُ إِلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ.
وَفِيهَا قَدِمَ الْقَاضِي فَخْرُ الْمُلْكِ أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ عَمَّارٍ صَاحِبُ طَرَابُلُسَ إِلَى بَغْدَادَ يَسْتَنْفِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْفِرِنْجِ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ غِيَاثُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ إِكْرَامًا زَائِدًا، وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَبَعَثَ مَعَهُ الْجُيُوشَ الْكَثِيرَةَ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
تَمِيمُ بْنُ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَةَ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ خُلَقًا وَكَرَمًا وَإِحْسَانًا، مَلَكَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَعُمِّرَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَتَرَكَ مِنَ الْبَنِينَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، وَمِنَ الْبَنَاتِ سِتِّينَ بِنْتًا، وَمَلَكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ يَحْيَى، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا مُدِحَ بِهِ الْأَمِيرُ تَمِيمٌ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَصَحُّ وَأَعْلَى مَا سَمِعْنَاهُ فِي النَّدَى ... مِنَ الْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ مُنْذُ قَدِيمِ
أَحَادِيثُ تَرْوِيهَا السُّيُولُ عَنِ الْحَيَا ... عَنِ الْبَحْرِ عَنِ كَفِّ الْأَمِيرِ تَمِيمِ
صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ
الْأَمِيرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، صَاحِبُ الْحِلَّةِ وَتَكْرِيتَ وَوَاسِطٍ وَغَيْرِهَا كَانَ كَرِيمًا، عَفِيفًا، ذَا ذِمَامٍ، مَلْجَأً لِكُلِّ خَائِفٍ، يَأْمَنُ فِي بِلَادِهِ وَتَحْتَ جَنَابِهِ، وَكَانَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ الْكُتُبَ،
পৃষ্ঠা - ১০১২৯
وَلَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، وَقَدِ اقْتَنَى كُتُبًا كَثِيرَةً جِدًّا نَفِيسَةً، وَكَانَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى امْرَأَةٍ قَطُّ، وَلَا يَتَسَرَّى عَلَى سُرِّيَّةٍ ; حِفْظًا لِلذِّمَامِ وَلِئَلَّا يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدٍ، وَقَدْ مُدِحَ بِأَوْصَافٍ جَمِيلَةٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، قُتِلَ فِي بَعْضِ الْمَعْرَكَةِ، قَتَلَهُ غُلَامٌ اسْمُهُ بُزْغَشُ. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْعُمْرِ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَلِيَ الْإِمَارَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً؛ رَحِمَهُ اللَّهُ.