المجلد الأول
باب المحفوظ من مناقب بغداد وفضلها
পৃষ্ঠা - ৫৮
عدي الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعيد الحراني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن ميمون، قَالَ: سمعت أَبِي، يقول: سمعت سفيان بْن عيينة، يقول: شباب البغداديين أورع، أو خير من شباب من البصرة والكوفة.
قلت: وهذا قاله سفيان مع صحة رواية البصريين الذين ما زالوا بالتحفظ والورع معروفين.
فأما أهل الكوفة، وأهل خراسان أيضا، فلهم من الأحاديث الموضوعة والأسانيد المصنوعة نسخ كثيرة، وقل ما يوجد بحمد الله في محدثي البغداديين ما يوجد في غيرهم من الاشتهار بوضع الحديث والكذب في الرواية، اختصاصا لهم وتوفيقا من الله الكريم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
باب المحفوظ من مناقب بغداد وفضلها وذكر المأثور من محاسن أخلاق أهلها
أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ بْن سعيد الفقيه، وأبو مُحَمَّد الْحَسَن بْن عَلِيّ بن مُحَمَّد الجوهري، قالا: أخبرنا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خليفة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام، قَالَ: سمعت أبا الوليد، يقول: قَالَ لي شعبة: أدخلت بغداد؟ قلت: لا.
قَالَ: فكأنك لم تر الدنيا.
حَدَّثَنِي عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
পৃষ্ঠা - ৫৯
يعقوب الجرجرائي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن يوسف بْن موسى، يقول: سمعت يونس بْن عَبْد الأعلى، يقول: قَالَ لي مُحَمَّد بْن إدريس: يا يونس دخلت بغداد؟ قلت: لا.
قَالَ: يا يونس ما رأيت الدنيا، ولا رأيت الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن حسنويه، الكاتب بأصبهان، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بْن عُمَر الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن شبة، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بْن غياث، قَالَ: أرسل إلي سعيد بْن سلم، ببغداد، فأتيته، فقال: حَدَّثَنِي يزيد بْن مزيد، أنه كان يسامر الرشيد، فقال له: يا أعرابي، هل لك في هذه السكة دار؟ قَالَ: قلت: لا.
قَالَ: اتخذ فيها دارا فإنها سكة الدنيا بلغني عَنْ أَحْمَد بْن أَبِي طاهر، قَالَ: قيل لرجل: كيف رأيت بغداد؟ قَالَ: الأرض كلها بادية، وبغداد حاضرتها.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الوراق، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الباقي بْن قانع، قَالَ: حَدَّثَنَا خلف بْن عمرو العكبري، قَالَ: سمعت ابْن عائشة، يقول: ما رأيت أحسن من تلطف أصحاب الحديث ببغداد للحديث.
أَخْبَرَنَا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ الفقيه، والحسن بْن عَلِيّ الجوهري، قالا: أخبرنا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خليفة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام، قَالَ: سمعت ابْن علية، يقول: ما رأيت قوما أعقل في طلب الحديث من أهل بغداد.
قرأت عَلَى مُحَمَّد بْن الحسين القطان، عَنْ دعلج بْن أَحْمَد، قَالَ: حَدَّثَنَا خلف بْن عمرو العكبري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد المجيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن علية، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رضوان بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الدينوري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن مهدي بواسط، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن شوذب المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بْن مُحَمَّد بْن عامر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الحميد، قَالَ: سمعت ابن علية، يقول: ما رأيت قوما أحسن رغبة ولا أعقل لطلب الحديث
পৃষ্ঠা - ৬০
من أهل بغداد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزار، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن يوسف الصواف إملاء من لفظه من كتابه، قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بْن أَحْمَد التنيسي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن ميمون الرقي، قَالَ: سمعت أَبِي يقول، قَالَ: سمعت سفيان بْن عيينة، يقول: شباب البغداديين، أحسن رغبة من شباب البصريين والكوفيين.
أَخْبَرَنَا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ الفقيه، والحسن بْن عَلِيّ الجوهري، وعلي بْن أَبِي عَلِيّ المعدل، قالوا: أخبرنا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: حَدَّثَنَا الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ذكوان، قَالَ: حَدَّثَنِي من سمع الشافعي، يقول: ما دخلت بلدا قط إلا عددته سفرا، إلا بغداد، فإني حين دخلتها عددتها وطنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن الحسين بْن إِبْرَاهِيمَ الخفاف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد الصوفي الواسطي في مجلس ابْن مالك القطيعي، قَالَ: سمعت أبا بكر بْن مجاهد، يقول: وَأَخْبَرَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا يوسف بْن عُمَر القواس، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد الواسطي، قَالَ: سمعت ابْن مجاهد المقرئ إمام الزمان، قَالَ: رأيت أبا عمرو بْن العلاء في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك، فقال لي: دعني مما فعل الله بي، من أقام ببغداد على السنة والجماعة ومات نقل من جنة إِلَى جنة.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى البزاز فيما أذن أن نرويه عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن سلم الْقَاضِي، قَالَ: سمعت عُمَر بْن أيوب بْن مالك، يقول: سمعت أبا معمر الهذلي، يقول: قلت لرجل من أهل الكوفة: خير موضع بالكوفة أين هو؟ قَالَ: مسجد الجامع، قلت: وشر موضع عندنا دار
পৃষ্ঠা - ৬১
البطيخ، فلو قَالَ رجل في خير موضع عندكم رحم الله عثمان قتل، ولو قَالَ في شر موضع عندنا لا رحم الله معاوية قتل، فشر موضع عندنا خير من خير موضع عندكم.
حَدَّثَنَا أَبُو طالب يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن الطيب الدسكري، لفظا بحلوان، قَالَ: أَخبرنا أَبُو بكر ابن المقرئ، بأصبهان، قَالَ: أَخبرنا أَحْمَد بْن عبيد بْن الأصبغ الحراني، قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بْن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن منصور، قَالَ: سمعت ابن المبارك، يقول: من أراد الشهادة فليدخل دار البطيخ بالكوفة، وليقل رحم الله عثمان بْن عفان! أَخْبَرَنَا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ الفقيه، والحسن بْن عَلِيّ الجوهري، وعلي بْن أَبِي عَلِيّ التنوخي، قالوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس بْن حيويه، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا القاسم بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو محلم، قَالَ: سمعت أبا بكر بْن عياش، يقول: الإسلام ببغداد، وإنها لصيادة تصيد الرجال، ومن لم يرها فلم ير الدنيا.
قرأت في كتاب أَبِي الْحَسَن الدارقطني بخطه: أَخبرنا الْحَسَن بْن رشيق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سعيد بْن بشير، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان بْن أَبِي شيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بحر، قَالَ: سمعت أبا معاوية، ذكر بغداد، فقال: هي دار دنيا وآخرة.
سمعت الْقَاضِي أبا القاسم عَلِيّ بْن المحسن التنوخي، يقول: كان يقال:
পৃষ্ঠা - ৬২
من محاسن الإسلام يوم الجمعة ببغداد، وصلاة التراويح بمكة، ويوم العيد بطرسوس.
قلت: ومن حضر الجمعة بمدينة السلام عظم في قلبه محل الإسلام، لأن شيوخنا كانوا يقولون: يوم الجمعة ببغداد كيوم العيد في غيرها من البلاد.
وسمعت أبا الحسين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن بشران المعدل، يقول حَدَّثَنِي من سمع أبا بكر بْن الصلت، يقول: كنت أصلي صلاة الجمعة في جامع المدينة، فانقطعت عَنْ ذلك جمعة لعارض عرض لي، فرأيت في تلك الليلة في المنام كأن قائلا يقول لي: تركت الصلاة في جامع المدينة، وإنه ليصلي فيه كل جمعة سبعون وليا لله عَزَّ وَجَلَّ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيم بْن مخلد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الزاهد، قَالَ: أَخْبَرَنِي السعدي، يَعْنِي: عَلِيّ بْن أَحْمَد، عَنْ عَبْد الله الرملي، قَالَ: حَدَّثَنِي صديق لي، عَنْ صديق له من الصالحين، قَالَ: أردت الانتقال من بغداد إِلَى بلد آخر، فأريت في منامي: أتنتقل من بلد فيه عشرة آلاف ولي لله عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: فجلست ولم أنتقل من بغداد.
أَخْبَرَنَا أَبُو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي، قَالَ: أَخبرنا أَبُو الفضل عبيد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الزهري، قَالَ: قرأت في كتاب أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو بكر بْن حمزة، قَالَ: كتب إلي صديق لي من حلوان، إني رأيت فيما يرى النائم، كأن ملكين أتيا بغداد، فقال أحدهما للآخر: اقلبها فقد حق القول عليها.
فقال له الآخر: كيف أقلبها وقد ختم الليلة فيها خمسة آلاف ختمة.
পৃষ্ঠা - ৬৩
قلت: وعلى ذكر الجمعة ببغداد، حَدَّثَنِي أَبُو الحسين هلال بْن المحسن بْن إِبْرَاهِيمَ، بْن هلال الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي وشاح مولى الْقَاضِي أَبِي تمام الزينبي في مسجد جامع المنصور يوم جمعة، وقد تجارينا ذكر من دخل المقصورة وقلة عددهم عما عهد قديما منهم: أن الْقَاضِي أبا تمام كان يصلي في أيام الجمع على باب داره الراكبة لدجلة بباب خراسان، والصفوف مادة من المسجد إِلَى ذلك المكان، والصلاة قائمة بمكبرين ينقلون التكبير عند الركوع والسجود والنهوض والقعود.
قَالَ: وَقَالَ لي وشاح أيضا: كان على أبواب المقصورة بوابون بثياب سواد يمنعون من دخول أحد إليها إلا من كان من الخواص المتميزين بالأقبية السود، وأنه حضر في يوم جمعة بدراعة يتبع الْقَاضِي أبا تمام فرد حتى مضى ولبس القباء، فكان هذا رسما جاريا مأخوذا به في سائر مقاصير الجوامع.
وقد بطل الآن ذلك فليس يلبس السواد والقباء سوى الخطيب والمؤذنين.
قَالَ لي هلال بْن المحسن: وَحَدَّثَنِي أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن محفوظ، قَالَ: كنت أمضي مع والدي إِلَى المسجد الجامع بالمدينة لصلاة الجمعة، فربما وصلنا إِلَى باب خراسان في دجلة، وقد ضاق الوقت وقامت الصلاة، وامتدت الصفوف إِلَى الشاطئ، فنصعد ونفرش إِلَى السميرية ونصلي.
قَالَ هلال: وأذكر وأنا أحبو وذاك في أيام الملك عضد الدولة، وقد حملني خادم كان يلازمني ويحفظني في يوم جمعة لمشاهدة الناس في اجتماعهم وليصلي هو معهم، فوقف عند الباب الجديد من شارع الرصافة،
পৃষ্ঠা - ৬৪
والصفوف ممتدة من المسجد الجامع بالرصافة إِلَى هذا الموضع، ومسافة ما بينهما كمسافة ما بين المسجد الجامع بالمدينة ودجلة.
قرأت على أَبِي بكر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر اليزدي، بأصبهان، عَنْ أَبِي شيخ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن حيان، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَن البغدادي، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْدِ اللَّهِ: جئت أنا وأبي إِلَى أَبِي عثمان الجاحظ في آخر عمره، فقال: جئت إِلَى شق مائل، ولعاب سائل، الأمصار عشرة: فالصناعة بالبصرة، والفصاحة بالكوفة، والخير ببغداد، والغدر بالري، والحسد بهراة، والجفاء بنيسابور، والبخل بمرو، والطرمذة بسمرقند، والمروءة ببلخ، والتجارة بمصر.
أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو القاسم عَلِيّ بْن المحسن التنوخي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ أَبُو القاسم بزياش بْن الْحَسَن الديلمي، وهو شيخ لقيته ببغداد يتعلق بعلوم فصيح بالعربية: سافرت الآفاق، ودخلت البلدان من حد سمرقند إِلَى القيروان، ومن سرنديب إِلَى بلد الروم، فما وجدت بلدا أفضل، ولا أطيب من بغداد.
قَالَ: وكان سبكتكين حاجب معز الدولة المعروف بالحاجب الكبير آنسا بي، فقال لي يوما: قد سافرت الأسفار الطويلة، فأي بلد وجدت أطيب وأفضل؟ فقلت له: أيها الحاجب إذا خرجت من العراق، فالدنيا كلها رستاق.
حَدَّثَنِي أَبُو القاسم عبيد الله بْن عَلِيّ بن عبيد الله الرقي، وكان أحد الأدباء، قَالَ: أخذ أَبُو العلاء المعري، وهو ببغداد يوما يدي فغمزها، ثم قَالَ لي: يا أبا القاسم هذا بلد عظيم، لا يأتي عليك يوم وأنت به إلا رأيت فيه من
পৃষ্ঠা - ৬৫
أهل الفضل من لم تره فيما تقدم.
حَدَّثَنِي عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الأزجي، قَالَ: سمعت عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ الهمذاني بمكة يقول: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد الفامي الوراق، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين المالكي، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بْن مُحَمَّد التميمي، قَالَ: سمعت ذا النون، يقول بمصر: من أراد أن يتعلم المروءة والظرف، فعليه بسقاة الماء ببغداد.
قيل له: وكيف ذاك؟ فقال: لما حملت إِلَى بغداد، رمي بي على باب السلطان مقيدا، فمر بي رجل متزر بمنديل مصري، معتم بمنديل ديبقي، بيده كيزان خزف رقاق وزجاج مخروط.
فسألت: هذا ساقي السلطان؟ فقيل لي: لا، هذا ساقي العامة، فأومأت إليه ليسقيني، فتقدم وسقاني فشممت من الكوز رائحة مسك، فقلت لمن معي: ادفع إليه دينارا، فأعطاه الدينار، فأبى، وَقَالَ: ليس آخذ شيئا.
فقلت له: ولم؟ فقال: أنت أسير وليس من المروءة أن آخذ منك شيئا.
فقلت: كمل الظرف في هذا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عثمان الدمشقي في كتابه إلينا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الميمون عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر البجلي، قَالَ: حدثنا أَبُو زرعة عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عمرو البصري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن عَبْد العزيز، عَنْ سُلَيْمَان بْن موسي، قَالَ: إذا كان علم الرجل حجازيا، وخلقه عراقيا، وطاعته شامية، فقد كمل.
পৃষ্ঠা - ৬৬
أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم الأزهري، قَالَ: أنبانا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسي، وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الجوهري، قَالَ: أَخبرنا مُحَمَّد بْن العباس بْن حيويه، قالا: قَالَ أَبُو الحسين أَحْمَد بْن جعفر ابْن المنادي: ثم إن بغداد سميت حين سكنت مدينة السلام، فليس في الأرض مدينة عَلى هذا الاسم غيرها وكان بعض إخواننا إذا ذكرها يقرأ قول الله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}.
قَالَ أَبُو الحسين: هذا إلى تركنا ذكر أشياء كثيرة من مناقبها التي أفردها الله بها دون سائر الدنيا شرقا وغربا، وبين ذلك من الأخلاق الكريمة، والسجايا الرضية، والمياه العذبة الغدقة، والفواكه الكثيرة الدمثة والأحوال الجميلة، والحذق في كل صنعة، والجمع لكل حاجة، والأمن من ظهور البدع، والاغتباط بكثرة العلماء والمتعلمين، والفقهاء والمتفقهين، ورؤساء المتكلمين، وسادة الحساب والنحوية ومجيدي الشعراء، ورواة الأخبار، والأنساب وفنون الآداب، وحضور كل طرفة، واجتماع ثمار الأزمنة في زمن واحد، لا يوجد ذلك في بلد من مدن الدنيا إلا بها لا سيما زمن الخريف.
ثم إن ضاق مسكن بساكن وجد خيرا منه، وإن لاح له مكان أحب إليه من مكانه لم يتعذر عليه النقلة إليه من أي جانب من جانبيه أراده ومن أي طرف من أطرافه خف عليه.
ومتى هرب أحد من خصمه وجد من يستره في قرب أو بعد، وإن آثر أن يستبدل دارا بدار أو سكة بسكة أو شارعا بشارع أو زقاقا بزقاق فغير ذلك من التبديل، اتسع له الإمكان في ذلك حسب الحال والوقت ثم عيون التجار المجهزين والسلاطين المعظمين، وأهل البيوتات المبجلين، في ناحية ناحية، تنبعث الخيرات بهم إلى الذين هم في الحال دونهم غير منقطع ذلك ولا مفقود، فهي من خزائن الله العظام التي لا
পৃষ্ঠা - ৬৭
يقف عَلى حقيقتها إلا هو وحده.
ثم هي مع ذلك منصورة محبورة، كلما ظن عدو الإسلام أنه فائز باستئصال أهلها كبته الله وكبه لمنخريه، وأتى جلت قدرته بما ليس في تقدير الخلق أجمعين، فضلا من الله ونعمة، والله ذو الفضل العظيم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي جدي مُحَمَّد بْن عبيد الله بْن الفضل بْن قفرجل، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بْن يَحْيَى النديم، قَالَ: حَدَّثَنَا عون بْن مُحَمَّد، قَالَ: نَبَّأَنَا سعيد بْن هريم، قَالَ: قالت زبيدة لمنصور النمري: قل شعرا تحبب فيه بغداد إلى أمير المؤمنين الرشيد، فقد اختار عليها الرافقة، فقال:
ماذا ببغداد من طيب الأفانين ومن منازه للدنيا وللدين
تحيي الرياح بها المرضى إذا نسمت وجوشت بين أغصان الرياحين
قَالَ: فأعطته ألفي دينار.
أنشدنا أَبُو بكر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن غالب البرقاني، قَالَ: أنشدنا أَبُو نصر الشاشي لأبي قاسم الشاعر الوراق:
أعاينت في طول من الأرض والعرض كبغداد دارا إنها جنة الأرض
صفا العيش في بغداد واخضر عوده وعود سواه غير صاف ولا غض
تطول بها الأعمار إن غذاءها مريء وبعض الأرض أمرأ من بعض
هذا القدر أنشدنا البرقاني من هذه الأبيات، وهي أكثر من هذه وقائلها عمارة بْن عقيل، ولها خبر سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
পৃষ্ঠা - ৬৮
أنشدنا القاضي أَبُو القاسم علي بْن المحسن التنوخي، قَالَ: أنشدنا أَبُو علي الهائم، قَالَ: أنشدنا السري بْن أَحْمَد الرفاء الموصلي لنفسه من أبيات:
إذا سقى الله منزلا فسقى بغداد ما حاولت من الديم
يا حبذا صحبة العلوم بها والعيش بين اليسار والعدم
وأنشدنا التنوخي، قَالَ: أنشدنا أَبُو سعد مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن خلف الهمذاني لنفسه:
فدى لك يا بغداد كل قبيلة من الأرض حتى خطتي ودياريا
فقد طفت في شرق البلاد وغربها وسيرت رحلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلا ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلا وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا
وكم قائل لو كان ودك صادقا لبغداد لم ترحل فكان جوابيا
يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم وترمي النوى بالمقترين المراميا
قرأت في كتاب طاهر بْن المظفر بْن طاهر الخازن بخطه من شعره:
سقى الله صوب الغاديات محلة ببغداد بين الكرخ فالخلد فالجسر
هي البلدة الحسناء خصت لأهلها بأشياء لم يجمعن مذ كن في مصر
هواء رقيق في اعتدال وصحة وماء له طعم ألذ من الخمر
ودجلتها شطان قد نظما لنا بتاج إلى تاج وقصر إلى قصر
تراها كمسك والمياه كفضة وحصباؤها مثل اليواقيت والدر
حَدَّثَنَا القاضي أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حبيب الشافعي البصري،
পৃষ্ঠা - ৬৯
قَالَ: أنشد أَبُو مُحَمَّد البافي قول الشاعر:
دخلنا كارهين لها فلما ألفناها خرجنا مكرهينا
فقال: يوشك أن يكون هذا في بغداد، وأنشد لنفسه في معنى ذلك وضمنه البيت:
عَلَى بغداد معدن كل طيب ومغنى نزهة المتنزهينا
سلام كلما جرحت بلحظ عيون المشتهين المشتهينا
دخلنا كارهين لها فلما ألفناها خرجنا مكرهينا
وما حب الديار بنا ولكن أمر العيش فرقة من هوينا
وَحَدَّثَنَا على بْن مُحَمَّد بْن حبيب، قَالَ: كتب إلي أخي من بغداد، وأنا بالبصرة شعرا يتشوقني فيه، يقول من الهزج:
ولولا وجد مشتاق يقاسي فيكم جهدا
وما بالقلب من نار إذا ما ذكركم جدا
لقلنا قول مشتاق إلى البصرة قد جدا
شربنا ماء بغداد فأنساناكم جدا
وهذا البيت مضمن وهو لأبي نؤاس.
ولكن ذكركم أضحى عَلَى الأيام مشتدا
فلا ننسى لكم ذكرا ولا نطوي لكم عهدا